يَرى الشعبُ ذلك غير حسن
بقلم عزت القمحاوى ٣/ ٩/ ٢٠١٣
لم يعد يكفى أن تتسلق شجرة لتنجو من الدهس فى وحل بِركة تزداد تلوثًا يومًا بعد يوم. كل من يرفع صوته فوق صوت المعركة مع الإخوان تنفجر فى وجهه قنابل غاز الفضائيات!
هذه ليست الدولة التى يريدها قطاع مهم من المصريين، لم يعد مسموع الكلمة الآن، وأظن أنه القطاع الذى لم ينصرف من الميادين طوال ثلاث سنوات، هاتفًا: «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، هو القطاع الذى غضب أولاً وغضب ثانيًا وسيظل يغضب إذا استمر هذا الدفع باتجاه ترسيمة الفسطاطين المتناحرين.
جماعة الإخوان تعبر عن فكر منغلق، وهو فى الحقيقة فكر وسلوك كل من يحكم على الدنيا بموجب الدين أو بزعم ما يرى أنه الدين، وهذا يفسر سبابهم ضد من يقول لهم تغولتم وفشلتم فاستحوا وشاركوا فى العمل طبقًا لقواعد عادلة. لكن غير المفهوم أن يلجأ بعض من يحسبون أنفسهم على الدولة المدنية إلى الأسلوب ذاته، ليصفوا كل صوت مختلف بالعمالة والكفر بالأوطان، مقابل العمالة والكفر بالله لدى الفئة المتأسلمة.
فاشية الجماعة ليست فى خطابها وأسلوب تفكيرها فحسب، لكنها ظهرت فى سنة من الممارسة السياسية، أنهتها بكارثة. مرسوم واحد من مراسيم مرسى لو أصدره أوباما لألقى له الأمريكيون ملابسه من نوافذ البيت الأبيض عزلاً ومحاكمة.
وأى سلطة تؤمن بالتداول تدعو لانتخابات مبكرة عندما تتزايد المعارضة، حتى لو كانت متأكدة أنها على حق والمعارضة على باطل. قبول انتخابات مبكرة كان من شأنه إما أن يُعيد مرسى قويًا ويُخرس معارضيه أو ينتقل مع الجماعة التى رشحته إلى صفوف المعارضة انتظارًا لفرصة جديدة.
لكن الجماعة تصرفت مثل كل فاشيات النصف الأول من القرن العشرين، ولم نكن ننتظر على يديها مصيرًا أفضل مما أهداه هتلر لألمانيا بعد أن خطف الحكم بصندوق الانتخابات الشرعى! لا يمكن إقناع الجماعة بقواعد العمل السياسى مادامت مقتنعة بأن الله معها، وفكرها عبارة عن قليل من التلفيقات لا تستحق كل هذا الضجيج للمناقشة وإعادة المناقشة.
كل من ليس منهم بات يعرف هذه الحقائق البسيطة، فلماذا ينشغل بها الإعلام بعد؟ هل يمكن هدايتها إلى الإيمان بالديمقراطية؟!
القواعد فاقدة ملكة التفكير، والقيادات تضع أصابعها فى آذانها مستدفئة بدعم من هنا ودعم من هناك وقناطير مقنطرة من الأموال السائلة فى أيديها. أموال صرخنا مرارًا ضد تداخلها واختلاط الملكيات الفردية بملكية الجماعة وتنظيمها الدولى. وهذا لم يكن بدعة تخص الإخوان، بل هو إجراء فرضته الظروف حتى على تنظيمات وطنية المقصد، مثل الفصائل الفلسطينية قبل أوسلو وغيرها من حركات التحرر، مادامت الحركة ممنوعة فمن الطبيعى أن يتلقى تمويلها أفراد ويقيم شركاتها أفراد.
استفاد الإخوان من هذا الوضع عبر تاريخ الجماعة، وزادت تشبيكاتها الخارجية. وهم الآن يحركون الشارع بكثير من المال وانعدام كامل للعقل، والدليل تصلب مطالبهم عند شعار إعادة مرسى.
وفى مواجهة هذا الوضع، يجب على الدولة أن تتعامل بحكمة تصون بها الأرواح، ويد من حديد تضرب بها المسلحين. ومن حق الدولة العاقلة الحازمة أن تراجع أموال قيادات ورجال أعمال الجماعة، وتتحقق من مصادرها ومصارفها. وقد قاتلت الجماعة وقاتل حلفاؤها من أجل إبقائها فوق القانون وخارجه، رغم أن موجبات سريتها زالت عندما وصلت إلى الحكم. وهذا لا يجوز فى دولة تحترم القانون. يجب ألا ننسى الآن هدف إقامة دولة القانون تحت سواتر دخان والتراشق الإعلامى الذى يفيد الجماعة أكثر مما يضرها، والأخطر أن يشمل القصف كل من يريد الحديث فى الأهم، لأن ذلك سوف يضر بمصر مرتين؛ مرة عندما يجبر أصحاب الرأى على تسلق شجرة الصمت، ومرة عندما يفرخ هذا العنف جيلاً من الفاشية والفاشية المضادة.
وقد خرجت أغلبية المصريين من أجل دولة القانون فى ٢٥ يناير ثم عادت وخرجت فى ٣٠ يونيو مجددًا لتزيل وجه فاشية كاذبة سدت طريق العدالة، وعندما يرى الشعب أنه لم يتخلص من الفاشية بل كسب واحدة جديدة، فسيرى ذلك أمرًا غير حسن.
_________________
حسن بلم
2013-10-08, 10:36 am من طرف hassanbalam