|
|
| ديوان أحمد زكى أبو شادى,شعر وقصائد أحمد زكى أبو شادى |
| | ® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2020-11-03, 10:11 am | | ً@hassanbalam #أحمد_زكى_أبو_شادى
أطياف الربيع ديوان أحمد زكى أبو شادى
شعر الديوانتحت الوسادة خَبَأَتْ أَغَانِي الْحُبِّ تَحْتَ وِسَادَةٍ بِسَرِيرِهَا فَكَأَنَّمَا خَبَأَتْ بِهَا رُوحًا تَحِنُّ لِنُورِهَا وَاسْتَنْشَقَتْ مِنْهَا الْعَبِيرَ وَقَبَّلَتْ مَعْنَاهَا فَرَأَتْ بِهَا نُورَ الْحَيَاةِ وَحَظَّهَا وَغِنَاهَا وَمَضَتْ تُدَاعِبُ رُوحَ هَذَا الشِّعْرِ فِي تَحْنَانِهِ وَكَأَنَّمَا هُوَ مُلْهَمٌ مِنْهَا بِسِحْرِ بَيَانِهِ وَأَطَالَتِ الْإِحْسَانَ وَالْإِلْهَامَ مِنْ […يْهَا]١ وَكَأَنَّمَا قَلْبِي الَّذِي حَمَلَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهَا وَأَحَسَّتِ اللَّهَبَ الْحَنُونَ يَفِيضُ بَيْنَ سُطُورِهِ فَإِذَا لَهِيبُ شُعُورِهَا يَلْقَى لَهِيبَ شُعُورِهِ تَتَعَارَفَ الْأَرْوَاحُ وَهْيَ عَلَى نَوًى بِجُسُومِهَا وَتَذُوقُ مِلْءَ الشِّعْرِ طَعْمَ غَرَامِهَا وَهُمُومِهَا تِلْكَ السُّطُورُ عَوَاطِفِي وَمَشَاعِرِي وَجَنَانِي فَتَرَفَّقِي بِعَزِيزِ مَا تَحْوِيهِ مِنْ خَفَقَانِ شاطئ الأحلام (خليج استانلي – رمل الإسكندرية)
خليج استانلي: هذه الكابينات الأنيقة كأنها حفلة الأولمبياد والبحر ملعبها، وهذه هي عرائس البحر وجِنِّيَّات البحر – الصاوي. رُدُّوا شُعَاعَ الشَّمْسِ حَيْثُ تُطِلُّ وَدَعُوا الْحِسَانَ مَكَانَهَا تَحْتَلُّ الْخَالِعَاتِ مِنَ الثِّيَابِ أَجَلَّهَا وَاللَّابِسَاتِ الْحُسْنَ وَهْوَ أَجَلُّ كُلُّ لَوْنٍ لِلْأَزَاهِرِ صِبْغَةٌ فِيهِ وَإِنْ مَلَكَ الْبَيَانَ الْفُلُّ مَسْرَحُ الْبَحْرِ وَثَّابٌ بِهِ مِثْلَ الْعَوَاطِفِ يَعْتَلِي وَيَزِلُّ وَيَظَلُّ يَعْبَثُ بِالصُّخُورِ كَأَنَّهَا مُهَجٌ يُحَارِبُهَا الْهَوَى فَتَذِلُّ «فينوسُ»٢ تَمْرَحُ فِيهِ بَيْنَ مَفَاتِنٍ وَيَلِي «كِيُوبِيدَ»٣ الْعَزِيزَ «أَبُولُّو»٤ وَطَنُ الْأُلُوهَةِ فِي الْحَيَاةِ بِمَا وَعَتْ فَلِكُلِّ رَمْزٍ لِلنَّعِيمِ مَحَلُّ لَا تَسْقِنِي الْخَمْرَ الْمُعَتَّقَةَ الْمُنَى حِينَ الْعُيُونُ تَشُوقُنَا وَتَدِلُّ حِينَ السَّوَاعِدُ فِي الشَّهِيِّ لِسُمْرَةٍ أَشْهَى الْكُئُوسِ نَذُوقُهَا وَنَعِلُّ الْحُسْنُ لَمْ يُعْبَدْ طَهُورًا عَارِيًا بِأَحَبَّ مِنْ هَذَا الَّذِي يَبْتَلُّ وَاللَّهْوُ لَمْ يُغْنَمْ بَرِيئًا حَالِيًا بِأَرَقَّ مِنْ صَفْوٍ عَلَيْهِ نُطِلُّ فَرِحَتْ بِهِ الْأُمُّ الطَّبِيعَةُ مِثْلَمَا لَاقَى الْوِصَالَ الْعَاشِقُ الْمُعْتَلُّ مَرْأَى حَيَاةِ الشِّعْرِ مِنْ أَوْزَانِهِ وَيَعُودُ لِلْإِكْثَارِ فِيهِ مُقِلُّ وَمُنًى مِنَ الْأَحْلَامِ تَرْقُصُ حَوْلَنَا وَمِنَ الْحَقِيقَةِ مَا حَكَاهُ الظِّلُّ كَرُمَتْ فَكُلٌّ نَاهِلٌ مِنْ طِيبِهَا وَقَسَتْ فَأَيُّ صَدًى هُنَاكَ يُبَلُّ في المعبد
في المعبد. وَقَفَتْ تُنَاجِي «الشَّمْسَ» حِينَ تَجَاهَلَتْ أَنَّ الشُّمُوسَ بِحُبِّهَا تَتَلَالَا نَطَقَتْ بِرُوحِ الشَّمْسِ وَاسْتَوْحَتْ بِهَا مَعْنًى يَبُوحُ بِهِ الْإِلَهُ تَعَالَى وَمِنَ الرُّمُوزِ حَقَائِقٌ وَدَقَائِقٌ حَتَّى نَكَادُ نَرَى الْأَصِيلَ مِثَالَا وَقَفَتْ تَحِنُّ لَهَا الضَّحَايَا مِثْلَمَا حَنَّ الْبَخُورُ تِجَاهَهَا إِقْبَالَا فِي الْهَيْكَلِ الْمُصْغِي إِلَيْهَا رَهْبَةً حَتَّى الظِّلَالُ بِهِ وَقَفْنَ ظِلَالَا وَتَرَى النُّقُوشَ تَقَمَّصَتْ أَشْكَالَهَا أُمَمٌ تُطِلُّ وَلَا تُرِيدُ زَوَالَا وَكَأَنَّمَا الْعُمُدُ الَّتِي رَفَعَتْ مَدَى هَذِي الْفُنُونِ بِزَهْوِهَا تَتَعَالَى وَإِذِ الْقُدُورُ تَضَمَّخَتْ أَنْفَاسُهَا بِالْحُبِّ مِنْ أَنْفَاسِهَا٥ يَتَوَالَى وَالشَّمْسُ تَبْسِمُ رَوْعَةً وَتَأَلُّهًا لِمَ لَا وَقَدْ عَشِقَ الْجَمَالُ جَمَالَا •••
هَذِي حَيَاةُ النِّيلِ رَبَّةُ عَرْشِهِ وَمُنَى «أَتُونَ» رَشَاقَةً وَجَلَالَا وَقَفَتْ تُصَلِّي وَالصُّفُوفُ وَرَاءَهَا كَالدَّهْرِ يَجْمَعُ نَحْوَهَا الْآمَالَا رَفَعَتْ يَدًا بِالزَّهْرِ وَهْوَ شَفِيعُهَا وَتَمُدُّ أُخْرَى فِي ابْتِهَالٍ طَالَا وَالْحُورُ وَالْوِلْدَانُ مِنْ أَتْبَاعِهَا حَتَّى الْخَيَالُ لَهُنَّ لَيْسَ خَيَالَا وَإِذَا بِأَخْنَاتُونَ يُنْصِتُ غَارِقًا فِي الْحُلْمِ يَرْقُبُ حَوْلَهُ الْأَجْيَالَا وَهَبَ السَّلَامَ إِلَى الْقُلُوبِ مُؤَاسِيًا وَرَأَى الْحُرُوبَ سَفَاهَةً وَضَلَالَا وَتَحَالَفَا٦ وَالشَّمْسُ فِيمَا أَشْرَقَتْ بِهِمَا ضِيَاءً خَالِدًا وَكَمَالَا وَكَأَنَّمَا هَذِي الْأَشِعَّةُ لَمْ تَزَلْ مِنْ ذَلِكَ الْأَمْسِ الْعَظِيمِ مَقَالَا نَطَقَتْ بِهَا الذَّرَّاتُ لَوْ يُصْغَى إِلَى مَا حُمِّلَتْهُ تَفَاؤُلًا وَسُؤَالَا وَالْفَنُّ يَنْتَظِمُ الْقُرُونَ فَإِنَّهُ رُوحُ الزَّمَانِ فَمَا يَهَابُ مُحَالَا زيوس ويوروبا (كبير الآلهة ونموذج الجمال) شَاقَهُ الْحُسْنُ وَكَمْ شَاقَ الْجَمَالْ كُلَّ مَا فِي الْكَوْنِ بَلْ مَا فِي الْخَيَالْ لَيْسَ بِدْعًا مِنْ إِلَهٍ قَادِرٍ أَنْ يَنَالَ الْحُسْنُ مِنْهُ الِابْتِهَالْ أَوْ مُحَالًا مِنْ جَمَالٍ مُعْجِزٍ أَنْ تَرَى الْمَأْلُوفَ مِنْهُ كَالْمُحَالْ •••
خَطَرَتْ بِنْتُ الْمَلِيكِ السَّافِرَهْ فِي رُبَى الشَّاطِئِ تَلْهُو سَاحِرَهْ وَالْمُرُوجُ الْخُضْرُ تَزْهُو حَوْلَهَا بَيْنَ نُورٍ وَمَعَانٍ نَاضِرَهْ وَبَدَا الشَّاطِئُ فِي رُوحِ الصِّبَا وَأَمَانِي الْحُبِّ فِيهِ طَائِرَهْ •••
وَرَآهَا دُمْيَةَ الْفَنِّ «زِيُوسْ» وَغِنَى الدُّنْيَا وَأَحْلَامَ الْكُئُوسْ فَاشْتَهَاهَا وَهْوَ أَسْمَى مَنْزِلًا وَهْيَ أَسْمَى مِنْهُ فِي حُسْنٍ يَسُوسْ وَأَبَى اسْتِهْوَاءَهَا إِلَّا عَلَى صُورَةٍ لِلْفَنِّ تَسْتَهْوِي النُّفُوسْ •••
فَتَرَاءَى فِي خَيَالِ الْحَيَوَانْ الْأَلِيفِ الطَّبْعِ وَالْجَمِّ الْحَنَانْ صُورَةَ النُّورِ الْبَهِيِّ الْمَنْظَرِ الْخَفِيفِ الظِّلِّ تَرْضَاهُ الْحِسَانْ وَاكْتَسَى مِنْ لَوْنِهِ الصَّافِي حُلًى فَإِذَا الْمَرْجُ بِمَرْآهُ يُزَانْ •••
وَدَنَا مِنْ رَبَّةِ الْحُسْنِ الَّتِي قَدْ تَجَلَّتْ فِي مَصَفِّ الْآلِهَهْ فِي دُعَابَاتٍ يُحَيِّيهَا بِهَا كَتَحِيَّاتِ الْقُلُوبِ الْوَالِهَهْ أَلْقَتِ الْخَوْفَ وَنَاجَتْهُ كَمَا دَاعَبَ الطِّفْلُ الدُّمَى الْمُسْتَأْلِهَهْ •••
وَأَتَتْ بِالزَّهْرِ إِكْلِيلًا لَهُ ثُمَّ عِقْدًا شَاقَهُ فِي جِيدِهِ فَازْدَهَى فِي نَشْوَةِ الْحُبِّ كَمَا يَزْدَهِي الْمُعْتَزُّ مِنْ تَأْيِيدِهِ وَانْثَنَتْ تَرْكَبُهُ فِي خِفَّةٍ فَأَتَمَّتْ حَظَّهُ فِي عِيدِهِ •••
وَمَضَى فِي الْيَمِّ يَجْرِي سَابِحًا غَانِمًا مُلْكًا فَرِيدًا رَاجِحَا وَجَمَالًا عَبْقَرِيًّا بَيْنَمَا كَانَ هَذَا الْكَوْنُ يَرْنُو صَادِحَا وَتَوَلَّى يَحْمِلُ الْحُسْنَ إِلَى حَيْثُ يَلْقَى الْحُسْنُ عَرْشًا صَالِحَا •••
وَتَجَلَّى بَعْدَ ذَا فِي صُورَتِهْ حِينَ «يُورُوبَّا» بَدَتْ فِي رُتْبَتِهْ وَارْتَضَتْهُ بَعْدَ لَأْيٍ زَوْجَهَا حِينَ عَدَّ الْكَوْنَ مَرْأَى زَوْجَتِهْ كَمْ كَبِيرٍ بِصَغِيرٍ يَعْتَلِي وَصَغِيرٍ بِكَبِيرٍ لَمْ يَتِهْ إيليا وصموئيل نَظَرَ الشَّيْخُ نَظْرَةً مِنْ حَنَانٍ لِلْفَتَى السَّاحِرِ النُّهَى اللَّوْذَعِيِّ نَظْرَةً أُشْبِعَتْ بِإِلْهَامِ رُوحٍ كَإِلَهٍ بِوَحْيِهِ الْأَزَلِيِّ رَبَتَ السَّاعِدَ الْقَرِيرَ قَرِيرًا فَسَرَى النُّبْلُ فِي الشُّعُورِ الْفَتِيِّ وَتَرَى زُرْقَةَ السَّمَاءِ تَرَاءَتْ فِي رِضَاءٍ مِنَ الْإِلَهِ الْعَلِيِّ نَفَذَتْ مِنْ غُصُونِ نَافِذَةِ الْبَيْـ ـتِ كَطَيْفٍ مِنَ السَّمَا قُدُسِيِّ وَتَجَلَّى الْمِصْبَاحُ بِالنُّورِ أَمْوَا جًا كَمَوْجِ الْحَيَاةِ فِي كُلِّ شَيِّ وَبَدَا فِي سُكُونِهِ الْآسِرِ اللَّيْـ ـلُ كَمَعْنًى بِمُهْجَةِ الْأَلْمَعِيِّ وَتَخَالُ الْأَصْبَاغَ فِي مَلْبَسِ الشَّيْـ ـخِ بَيَانًا مِنَ الشُّعَاعِ السَّنِيِّ لَكَأَنَّ الزَّمَانَ وَهْوَ مُسِنٌّ مُشْرِقٌ لِابْنِهِ الْمَلِيحِ الصَّبِيِّ وَكَأَنَّ الْكِتَابَ فِي يَدِهِ النَّشْـ ـرُ لِسِرِّ الْوُجُودِ مِنْ بَعْدِ طَيِّ تَلْمَحُ الْحِكْمَةَ الْعَمِيقَةَ وَالْفِكْـ ـرَ بِوَجْهٍ مُنَوَّرِ النَّفْسِ حَيِّ وَتَرَى شَعْرَهُ الْمَهِيبَ نُصُوعًا كَجَلَالِ الْحَقِيقَةِ الْأَبَدِيِّ مَشْهَدٌ صَاغَهُ الزَّمَانُ لِيَحْيَا فِي عُصُورٍ بِشَاعِرٍ وَنَجِيِّ كَانَ لَوْنًا مِنْ نَقْشِ أَحْدَاثِهِ الْكُبْـ رَى وَمَعْنًى مِنْ فَنِّهِ الْعَبْقَرِيِّ •••
هَتَفَ الْوَحْيُ فِي نُهَى الطِّفْلِ إِذْ قَا مَ لِيُصْغِي إِلَى الْوَلِيِّ الْوَفِيِّ فَتَغَذَّى مِنْ رُوحِهِ بِجَمَالٍ وَتَحَلَّى مِنْهُ بِأَبْهَى الْحُلِيِّ وَمَضَى فِي الزَّمَانِ يَغْزُو جَرِيئًا بَانِيًا مَعْقِلَ الشُّعُورِ الْأَبِيِّ أُمَمٌ أُسْعِدَتْ بِهِ فِي حَيَاةٍ وَمَمَاتٍ بِرُوحِهِ الْعُلْوِيِّ مِثْلَمَا أُسْعِدَ الْبَيَانُ بِمَرْأًى دَائِمِ النَّفْحِ بِالْجَمَالِ السَّرِيِّ •••
رُبَّ طِفْلٍ رَعَتْهُ أُمٌّ حَنُونٌ وَأَبٌ فِي كِفَاحِ عَيْشٍ شَقِيِّ وَتَوَلَّاهُ هَادِيًا مَنْ تَوَلَّى وَحَبَاهُ بِعَطْفِهِ الْأَبَوِيِّ وَأَثَارُوا فِيهِ الرُّجُولَةَ وَالنُّبْـ ـلَ وَصِدْقَ التَّجَمُّلِ الرُّوحِيِّ صَيَّرَتْهُ الْأَقْدَارُ مِنْ قَادَةِ الْفِكْـ ـرِ نَبِيًّا أَوْ فِي مَقَامِ النَّبِيِّ أفرديت وأدونيس هَلُمِّي دُمُوعَ الْجَمَالْ هَلُمِّي وَلَا تَكْتَفِي وَيَا جَذْوَةً فِي اشْتِعَالْ أَطِيلِي وَلَا تَنْطَفِي لَهِيبًا بِقَلْبِي الْوَفِي •••
جَثَتْ قُرْبَهُ «أَفْرُدِيتْ» تَنُوحُ نُوَاحَ الْمَرُوعْ بِقَلْبٍ كَسِيرٍ شَتِيتْ يَسِيلُ مَسِيلَ الدُّمُوعْ وَيُفْشِي الْأَسَى فِي الزُّرُوعْ عَلَتْ صَرْخَةٌ دَاوِيَهْ فَهَزَّتْ عَتِيَّ الصُّخُورْ كَأَنَّ الْمُنَى الْفَانِيَهْ تَطُوفُ بِأَهْلِ الْقُبُورْ وَتُحْيِي الشَّجَى وَالثُّبُورْ أَحَبَّتْهُ دُونَ الْوَرَى وَمَا الْحُبُّ إِلَّا الْخُلُودْ وَلَكِنَّهُ مَا ارْتَضَى حَيَاةَ الْغَرَامِ السَّعِيدْ شَغُوفًا بِوَحْشٍ يَصِيدْ فَجُنَّتْ جُنُونَ الْغَرَامْ إِذَا الْقَدَرُ اسْتَنْزَفَهْ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا ضِرَامْ تُخَادِعُهُ مُتْلِفَهْ وَتَمْنَحُهُ مُخْلِفَهْ جَثَتْ قُرْبَهُ عَارِيَهْ وَقَدْ غَرِقَتْ طَيَّ يَأْسِ سِوَى فَضْلَةٍ بَالِيَهْ مِنَ الْيَأْسِ فَالْيَأْسُ يُمْسِي فَنَاءً لِجِسْمٍ وَنَفْسِ وَأَسْنَدَتِ الرَّأْسَ وَلْهَى وَصَاحَتْ بِسُخْطِ الْغَرَامْ فَأَصْغَى «أَبُولُّو» إِلَيْهَا وَأَقْسَمَ أَنْ لَا يُضَامْ إِلَهٌ يَسُوسُ الْأَنَامْ وَبَيْنَا «أَدُونِيسَ» تَدْعُو وَقَدْ أَطْبَقَتْ نَاظِرَيْهَا بِصَوْتٍ مِنَ الرُّوحِ يَحْدُو وَيَدْعُو الْبَرَايَا لَدَيْهَا وَيُزْجِي الضَّحَايَا إِلَيْهَا إِذَا الْكَوْنُ سَاجٍ سَقِيمْ فَنَالَ «الْأُلِمْبَ» الصَّمَمْ سِوَى مِنْ «أَبُولُّو» الرَّحِيمْ وَقَدْ نَالَ مِنْهُ الْأَلَمْ فَكَمْ خَصَّهَا بِالنَّغَمْ فَأَنْبَتَهُ زَهْرَةً هِيَ الْأَنِمُونُ الْجَمِيلْ نُشَاهِدُهَا حَسْرَةً عَلَى أَلَمٍ يَسْتَحِيلْ بِهِ الْحُبُّ مَوْتَ الْعَلِيلْ فَفَارَقَهَا فِي الْمَسَاءْ مُصِرًّا عَلَى صَيْدِهِ وَمَا هَابَ مَوْتَ الضِّيَاءْ وَكَمْ مَاتَ فِي مَجْدِهِ وَلَا خَافَ مِنْ لَحْدِهِ وَغَادَرَهَا وَهْيَ فِي تَلَهُّفِهَا ظَامِئَهْ وَفِيهَا شُعُورٌ خَفِي بِنَشْوَتِهَا الْخَاطِئَهْ وَحَسْرَتِهَا النَّاشِئَهْ وَمَا كَادَ أَنْ يَتَوَارَى وَأَنْ يَتَحَدَّى الظَّلَامْ كَمَنْ وَدَّ يَغْزُو النَّهَارَا — وَإِنْ فَاتَهُ — فِي اقْتِحَامْ وَلَوْ غَابَ بَيْنَ الْغَمَامْ إِذَا بِالْجَوَادِ الْعَزِيزْ مِنَ الْجَهْدِ يَلْقَى الْعِثَارْ وَبِالْمَوْتِ طَفْرًا يُجِيزْ — لِرَتٍّ٧ بَدَا — أَخْذَ ثَارْ مِنَ الْفَارِسِ الْمُسْتَثَارْ فَلَاقَى «أَدُونِيسُ» حَتْفَهْ عَلَى الْأَرْضِ بَيْنَ الدِّمَاءْ وَلَمْ يَعْرِفِ الْمَوْتُ رَأْفَهْ لِحُسْنِ رَبِيبِ السَّمَاءْ لَهُ فِي الْأُلِمْبِ الرَّجَاءْ وَرَنَّتْ لَهُ صَيْحَةٌ فَنَاحَ الْفَضَاءُ الرَّحِيبْ وَثَارَتْ لَهُ ثَوْرَةٌ وَأَنَّ الْوُجُودُ السَّلِيبْ وَقَدْ شَامَ فَقْدَ الْحَبِيبْ وَطَارَتْ لَهُ «أَفْرُدِيتْ» بِلَوْعَتِهَا وَالْهَوَى فَأَلْفَتْهُ مَيْتًا يَبِيتْ مَبِيتَ الْمُنَى فِي الثَّرَى وَقَدْ كَانَ زَيْنَ الْوَرَى وَلَكِنَّهَا فِي ذُهُولْ عَدَاهَا الدَّمُ الْمُزْهِرُ عَذَابٌ وَيَأْسٌ يَطُولْ وَمَوْتٌ لَهُ آخَرُ كَذَاكَ الْهَوَى الْمُقْفِرُ فَيَا لَوْعَةً لِلطَّبِيعَهْ بِغُصْنٍ وَمَاءٍ وَصَخْرِ تَرَاءَتْ مَعَانِي الْفَجِيعَهْ بِهَا فِي سُكُونٍ وَذُعْرِ وَنَاحَتْ بِشِعْرٍ وَشِعْرِ هَلُمِّي دُمُوعَ الْجَمَالْ هَلُمِّي وَلَا تَكْتَفِي وَيَا جَذْوَةً فِي اشْتِعَالْ أَطِيلِي وَلَا تَنْطَفِي لَهِيبًا بِقَلْبِي الْوَفِي ميلاد الربيع (أبيات مرتجلة في مناسبة.)
أَمِنَ الْعَوَاصِفِ وَالدُّمُوعْ هَذِي الْمَلَاحَةُ لِلرَّبِيعْ بَدَتِ الْأَشِعَّةُ فِي الظِّلَا لِ كَمَا تَأَلَّقَتِ الدُّمُوعْ وَلَدَتْهُ أَيَّامُ التَّقَشُّـ ـفِ وَالتَّبَتُّلِ وَالْخُشُوعْ وَأَتَتْ بِهِ الْأَيَّامُ كَالْـ أَطْيَافِ مِنْ حِصْنٍ مَنِيعْ فَإِذَا الصَّبَاحُ بِآيَةٍ سِحْرِيَّةٍ عَنْهُ يَضُوعْ هَذِي الْأَشِعَّةُ جُسِّدَتْ فِي كُلِّ حُسْنٍ تَسْتَطِيعْ مَا بَيْنَ زَهْرٍ خَاشِعٍ وَسِوَاهُ مُعْتَكِفٍ وَدِيعْ هَذَا بِحَالٍ لِلصَّلَا ةِ وَذَاكَ مُلْتَفِتٌ سَمِيعْ يَا عَيْنُ مَا النَّبْعُ الَّذِي غَمَرَ الْجَمَالُ بِهِ الرَّبِيعْ جَاءَتْ بِهِ حُورُ الْجِنَانِ وَحَاذَرَتْ أَنْ لَا يَضِيعْ وَضَعَتْهُ فِي الرَّوْضِ الْوَضِيـ ـعِ فَشُرِّفَ الرَّوْضُ الْوَضِيعْ فَإِذَا بِهِ الْكَوْنُ الرَّفِيـ ـعُ لِصَاحِبِ اللُّبِّ الرَّفِيعْ وَتَلُوحُ مِنْ خَلْفِ الْـ أَزَاهِرِ وَالْمَدَامِعِ لِلْجَمِيعْ رُوحُ الْمَحَبَّةِ وَالدُّ عَابَةِ وَالتَّجَاوُبِ وَالشَّفِيعْ هِيَ لَمْحَةٌ خُطِفَتْ مِنَ الْـ خُلْدِ الْعَصِيِّ أَوِ الْمُطِيعْ نَحْيَا بِهَا فَوْقَ الْحَيَا ةِ عَلَى تَنَسُّكِهَا الْخَلِيعْ وَنَرَى الْإِلَهَ حِيَالَنَا فِي كُلِّ إِعْجَازٍ بَدِيعْ •••
أَحْلَى التَّحَايَا لِلرَّبِيـ ـعِ حَيَاةُ مَا يُوحِي الرَّبِيعْ رسالة الربيع بَسَمَ الرَّبِيعُ بِزَنْبَقٍ وَبِوَرْدَةٍ وَأَطَلَّ يَهْتِفُ مِنْ ثُغُورِ لَلَيْكِ٨ فَأَجَبْتُهُ بِتَحِيَّةٍ عُلْوِيَّةٍ وَعَشِقْتُ فِيهِ النُّورَ مِنْ خَدَّيْكِ وَلَمَحْتُهُ مُتَهَلِّلًا مُتَوَثِّبًا فَرَأَيْتُهُ عَرَفَ الْجَمَالَ لَدَيْكِ هَتَفَ الرَّبِيعُ فَمَنْ لِمُهْجَةِ شَاعِرٍ بِمُنَى الرَّبِيعِ تُصَاغُ مِنْ شَفَتَيْكِ وَحُلًى مِنَ النُّوَّارِ أَلْثُمُهَا كَمَا لَثَمَ الصَّبَاحُ النُّورَ مِنْ عَيْنَيْكِ الشَّاعِرُ الْفَنَّانُ تَرْقُبُ رُوحُهُ نَجْوَاكِ شِعْرًا يَسْتَحِيلُ إِلَيْكِ فَإِذَا نَفَحْتِ فَكُلُّ أَلْوَانِ الصِّبَا وَالْحُبِّ رَاقِصَةٌ تُطِلُّ عَلَيْكِ وَتَصُونُ حُسْنَكِ لِلْفُنُونِ مُتَوَّجًا بِحُلًى تَفُوقُ حُلًى عَلَى نَهْدَيْكِ وَإِذَا بَخِلْتِ فَيَا أَسَى حِرْمَانِهِ بَلْ يَا أَسًى لِلْفَنِّ بَيْنَ يَدَيْكِ عند الجبل الراصد سَاءَلْتِ عَنْ أَلَمِي وَعَنْ آهَاتِي أَوَمَا لَحَظْتِ بِهَا رِثَاءَ حَيَاتِي وَنَظَرْتِ مِنْ عَيْنَيَّ وَحْيَ عَوَاطِفِي فِي عَالَمِ الْأَحْلَامِ لَا الْغَايَاتِ حِينَ السُّكُوتُ يُظِلُّنَا بِجَمَالِهِ وَمِنَ السُّكُوتِ سَوَاحِرُ الْكَلِمَاتِ حَيْثُ الْتَقَيْنَا دُونَ وَعْدٍ سَابِقٍ فِي جِيرَةِ الْجَبَلِ الرَّفِيقِ الْعَاتِي فَوْقَ انْبِسَاطِ الْعُشْبِ وَهْوَ كَجَنَّةٍ صِيغَتْ مِنَ الْأَشْوَاقِ وَالْأَنَّاتِ فَرَأَيْتِنِي أُغْضِي وَأَنْبِسُ بِالْهَوَى وَالْحُزْنِ فِي لُغَةٍ بِغَيْرِ أَدَاةِ فَوَعَيْتِ مِنْهَا مَا وَعَيْتِ وَإِنَّمَا غَابَتْ مَعَانِيهَا غِيَابَ رُوَاتِي مَاذَا عَلَى الظَّمْآنِ إِنْ هُوَ لَمْ يَبِنْ حَتَّى بِبَعْضِ إِشَارَةٍ وَسِمَاتِ إِنْ شِئْتِ أَدْرَكْتِ الظِّمَاءَ بِرُوحِهِ فَأَغَثْتِهِ كَالطَّلِّ لِلزَّهْرَاتِ أَوْ شِئْتِ سَاءَلْتِ الْمُعَذَّبَ هَكَذَا فِي رُوحِ فَلْسَفَةٍ كَرُوحِ أَذَاةِ •••
أَخْفَقْتُ فِي حُبِّي لِأَنِّيَ حَالِمٌ أَتَمَلَّكُ الْأَكْوَانَ فِي كَلِمَاتِي تَجْرِي الْعَوَالِمُ فِي مَجَالِ عَوَاطِفِي جَرْيَ الْحَيَاةِ بِمُفْعَمٍ بِحَيَاةِ فَوَهَبْتُ حُبِّي لِلْجَمَالِ جَمِيعِهِ وَوَهَبْتُ مَنْ تَهَبُ الْجَمَالَ صَلَاتِي وَجَعَلْتُ شِعْرِيَ نَفْحَةً عُلْوِيَّةً لِإِلَهَةٍ تَرْعَاهُ بِالنَّفَحَاتِ فَإِذَا الْوُجُودُ بِأَسْرِهِ فِي مَأْتَمٍ خَالٍ مِنَ الْأَرْبَابِ وَالرَّبَّاتِ حَتَّى سَمِعْتُكِ فَاتَّهَمْتُ عَقِيدَتِي وَحَلِمْتِ بَعْدُ فَرُدِّدَتْ نَغَمَاتِي فَسَأَلْتُ قَلْبِي عَنْكِ وَهْوَ بِفَرْحَةٍ مَا بَيْنَ أَحْزَانٍ وَبَيْنَ شَكَاةِ فَإِذَاهُ مُضْطَرِبٌ بِلَوْعَةِ حَائِرٍ فَصَبَبْتُ حَيْرَتَهُ عَلَى خَفَقَاتِي •••
وَأَخَذْتُ صُورَتَكِ الْعَزِيزَةَ مِثْلَمَا أَخَذَ النَّبِيُّ هُدَاهُ مِنْ عَرَفَاتِ تَثِبُ الْعَوَاطِفُ مِنْ جَمَالِ خُطُوطِهَا وَثْبَ الْعُطُورِ مِنَ ازْدِهَارِ نَبَاتِ فَلَثَمْتُ أَلْوَانَ الْعَزَاءِ بِوَحْيِهَا لَثْمَ الضَّرِيرِ الطَّيْفَ فِي الظُّلُمَاتِ وَبَكَيْتُ لَكِنْ بِالْأَسَى فِي نَشْوَةٍ فَتَلَاقَتِ الْبَسَمَاتُ بِالْعَبَرَاتِ •••
لَا تَسْأَلِينِي عَنْ سَلَامٍ يُرْتَجَى أَوْ عَنْ نَعِيمٍ تَشْتَهِينَ لِذَاتِي طُوِيَ الْكِتَابُ سِوَى الْبَقِيَّةِ مِنْ هَوًى كَبَقِيَّةِ الْأَسْحَارِ فِي الْفَلَوَاتِ لِلْحُسْنِ مِنْهَا مَا يَشَاءُ فَإِنَّمَا لِلْحُسْنِ مَا اسْتَبْقَيْتُ مِنْ صَفَحَاتِ فَإِذَا عُنِيتِ بِهَا خَلَقْتِ بِلَيْلِهَا قَبَسًا فَصَارَ النُّورُ مِنْ آيَاتِي عذارى الخيال أَمْتِعِي الشِّعْرَ يَا عَذَارَى الْخَيَالِ يُنْجِبِ الشِّعْرُ كُلَّ غَالٍ وَحَالِ أَيُّ دُنْيَا هَذِي الَّتِي تَتَعَالَى فَوْقَ فَنِّ الصَّدَّاحِ وَالْمَثَّالِ أَيُّ دُنْيَا هَذِي، وَأَهْوَنُ دُنْيَا صَاغَهَا الشِّعْرُ رَوْعَةً لِلْمُحَالِ كَيْفَ يَحْيَا عَلَى ظِمَاءٍ وَيَفْنَى أَهْلُهُ حَوْلَ مَنْبَعٍ لِلْجَمَالِ يَا عَذَارَى الْخَيَالِ أَنْتُنَّ أَرْبَابٌ وَلَيْسَ الْأَرْبَابُ أَهْلَ الدَّلَالِ لَيْسَ يَهْوَى الْغُرُورَ إِلَّا صَغِيرٌ يَتَعَالَى فِي غَيْرِ مَعْنَى التَّعَالِي كُنَّ أَنْتُنَّ لِلْفُنُونِ عَزَاءً فِي وُجُودٍ يَسِيرُ سَيْرَ الْخَبَالِ خُلِقَ الْحُسْنُ لِلْفُنُونِ قَرَابِيـ ـنَ وَلَكِنَّهَا لِغَيْرِ الزَّوَالِ كُلَّمَا زَوَّدَتْ أُولِي الْفَنِّ مِنْهَا بِجَلَالٍ جَادُوا لَهَا بِجَلَالِ حِينَمَا الْحُسْنُ لَا يَزَالُ أَسِيرًا حِينَمَا الْوَهْمُ سَيِّدٌ لَا يُبَالِي فَإِذَا الْحُسْنُ ضَائِعٌ لَمْ يُبَلَّغْ غَايَةَ الْحُسْنِ وَالْفُنُونِ الْعَوَالِي •••
يَا عَذَارَى الْخَيَالِ أَمْتِعْنَ وِجْدَا نِي فَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ هَذَا الْخَيَالِ زهر الليمون خَلَقَتْهُ أَنْفَاسُ الطَّبِيعَةِ نَفْحَةً لِلْحُبِّ وَاسْتَوْحَتْ بِهِ رُوحَيْنَا وَكَأَنَّهُ لَمْ يَزْدَهِرْ بِبَيَاضِهِ إِلَّا لِيُومِئَ بِالصَّفَاءِ إِلَيْنَا وَالْعِطْرُ يَعْبَقُ مِنْهُ مِثْلَ عَوَاطِفِي هَيْهَاتَ تَعْرِفُ فِي التَّخَيُّلِ مَيْنَا يَا لَلشَّذَى الْقُدْسِيِّ مِنْهُ وَهَلْ شَذًى إِلَّا الَّذِي أَعْطَاهُ عَطْفُكِ دَيْنَا أَبْدَعْتِ بِالْوَصْفِ الْجَمِيلِ لِزَهْرِهِ فَإِذَا سُطُورُكِ كَالْبَرَاعِمِ زَيْنَا أَشْبَعْتُ رُوحِي مِنْ شَمِيمِ عَبِيرِهَا وَسَلَبْتُ أَسْطُرَهَا الَّذِي اسْتَوْحَيْنَ حُمِّلْنَ أَشْبَاهَ الْغُصُونِ قَصَائِدًا لِلزَّهْرِ فَابْتَسَمَ الَّذِي حُمِّلْنَ فَإِذَا فُؤَادِي فِي رَبِيعٍ نَاضِرٍ مِنْهَا وَمِنْكِ وَقَدْ بَكَى وَتَغَنَّى كَمْ مِنْ صَغِيرٍ لِلْجَمَالِ رَآهُ مَنْ فَهِمَ الْجَمَالَ مَدًى لَهُ فَتَمَنَّى قلب الشاعر سَاءَلْتِ عَنْ حِسِّي أَمَامَ الشَّمْسِ فِي إِشْرَاقِهَا الْمُتَدَلِّلِ الْمُتَهَادِي وَعَنِ الَّذِي حَجَبَتْهُ عَنْ دُنْيَا الْوَرَى مِنْ عَالَمِ الْأَرْوَاحِ وَالْآبَادِ وَذَكَرْتِ حُبَّكِ لِلْهِلَالِ لِأَنَّهُ رَمْزُ الطَّهَارَةِ وَالْجَمَالِ الْهَادِي تَتَأَمَّلِينَ سَنَاهُ مِثْلَ إِلَهَةٍ تَتَأَمَّلُ الْمَحْظُوظَ فِي الْعُبَّادِ تَتَأَمَّلِينَ وَتَسْأَلِينَ فَهَلْ دَرَتْ ذِكْرَاكِ أَنَّ الْكَوْنَ مِلْءُ فُؤَادِي مَا الشَّمْسُ مَا الْقَمَرُ الْمُطِلُّ وَمَا الْوَرَى وَالْخَلْقُ جَنْبَ تَحَرُّقِي وَوِدَادِي خَلِّي النَّسِيمَ وَزَهْرَهُ وَطُيُورَهُ وَهَوَاجِسَ الْأَسْحَارِ وَالْآرَادِ وَتَلَفَّتِي لِفُؤَادِيَ الْمَغْمُورِ فِي سِحْرٍ يَهِيمُ بِهِ الزَّمَانُ الْحَادِي تُصْغِي إِلَى هَمَسَاتِهِ وَحَنِينِهِ حِقَبٌ تَعُودُ مِنَ الْقَدِيمِ الْعَادِي وَخَوَاطِرُ الْآتِي الْبَعِيدِ تَرَاجَعَتْ لِتَنَالَ أَغْلَى الْوَحْيِ مِنْ إِنْشَادِي إِنَّ الْعَبَاقِرَةَ الَّذِينَ اسْتَأْثَرُوا بِالْخُلْدِ وَحْيُ الشَّاعِرِ الْوَقَّادِ •••
وَلَقَدْ أَطِيرُ مَعَ الْخَيَالِ فَلَا أَرَى غَيْرَ الْجَمَالِ هُوَ الْخَيَالُ الْبَادِي تَتَصَادَمُ الْأَحْدَاثُ وَالْأَرْوَاحُ وَالْـ آمَالُ كَالْأَطْفَالِ بَيْنَ تَنَادِ هَذِي تَصِيحُ وَهَذِهِ تَجْرِي عَلَى لَهْوٍ بَوَادِيَ ثُمَّ غَيْرَ بَوَادِ صُوَرٌ بِلَا عَدٍّ تَمُوجُ عَوَاطِفٌ مِنْهَا وَتُغْرِقُ حَسْرَتِي وَحِدَادِي فَأَرَى الْمَلَاحَةَ وَحْدَهَا بَسَّامَةً فَوْقَ الْعُبَابِ عَلَى ظِلَالِ الْوَادِي وَأُطِلُّ فِي قَلْبِي فَأُبْصِرُهَا كَمَا لَبَّيْتِ أَنْتِ الْبَدْرَ وَهْوَ يُنَادِي
| |
| | | | ® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2020-11-03, 10:14 am | | الأحلام أَسْكَرْتِ بِالْأَحْلَامِ هَوَاهْ وَالْحُلْمُ يُسْكِرُ مِنْ رُوحِكْ فَإِنْ يُغَنِّ الشِّعْرُ مُنَاهْ فَمِنْ جُرُوحٍ كَجُرُوحِكْ شِعْرُ الْحَنِينِ لِمَنْ يَهْوَاهْ فِي نَشْوَةِ الْبَدْرِ الزَّاهِي وَالْبَدْرُ يَسْكُبُ أَضْوَاءَهْ رَأَيْتُهُ مِثْلَ إِلَهِ يَبُثُّ فِي الْحُسْنِ رَجَاءَهْ وَالْحُسْنُ سَاهٍ أَوْ لَاهِ وَالطَّيْرُ فِي صَمْتٍ كَعَلِيلْ وَالدَّوْحُ فِي لَهَفٍ مَكْبُوتْ وَالْبَحْرُ — مَرْأَى كُلِّ جَمِيلْ — أَمْسَى كَتِيهٍ فِيهِ يَمُوتْ هَذَا الضِّيَاءُ لِفَقْدِ خَلِيلْ وَكَانَ يَعْزِفُ أَلْحَانَهْ وَدَمْعُهُ يُفْشِي نَجْوَاهْ وَالْحُزْنُ يَقْطَعُ أَوْزَانَهْ وَكَمْ يَعُدُّ الْحُزْنُ غِنَاهْ قَلْبًا تَشَرَّبَ أَلْوَانَهْ فَلُحْتِ أَنْتِ بِإِشْفَاقِ فَكَادَ يُسْقِطُ قِيثَارَهْ وَقُلْتِ دَعْ حُبِّي الْبَاقِي يُزِيلُ دَمْعَكَ أَوْ نَارَهْ وَإِنْ يَكُنْ لِلْخَلَّاقِ فَجَاءَ يَبْسِمُ فِي عَطْفِ وَقَالَ أَنْتِ تُوَاسِينَ أَنْتِ الصَّغِيرَةُ هَلْ يَكْفِي عَطْفٌ لَدَيْكِ فَتُحْيِينَ مَنْ بِالتَّعَذُّبِ يَسْتَشْفِي فَقُلْتِ حِينَ مَدَدْتِ يَدًا تُجَفِّفُ الدَّمْعَ الْحَيَّا يَدِي الصَّغِيرَةُ لِي أَجْدَى بِعَطْفِهَا مِمَّنْ يَحْيَا جُحُودُهَا بَأْسًا وَمَدًى وَجِئْتِ بِالزَّهْرِ الْحَالِي لِرَأْسِهِ وَالْغُصْنُ يُطِل قَطَفْتِهِ كَالْآمَالِ تُظِلُّهُ أَوْ لَسْنَ تُظِل إِلَّا خَيَالًا لِخَيَالِ وَقُلْتِ هَذَا مِنْ نَفْحِكْ هَذَا الْعَبِيرُ شَذَى لُبِّكْ إِنْ كَانَ جُرْحِي مِنْ جُرْحِكْ فَمَا عَرَفْتَ أَسَى قَلْبِكْ وَقَدْ عَرَفْتُ مَدَى نَوْحِكْ وَهَمْتَ أَنْتَ بِعِرْفَانِي وَمَا وَهَمْتُ بِعِرْفَانِكْ لَئِنْ غُرِرْتَ بِمِيزَانِي فَمَا غُرِرْتُ بِمِيزَانِكْ وَقَدْ فَطِنْتُ لِأَحْزَانِكْ هَذَا الْفَضَاءُ بَدَا مُلْكَكْ هَذِي الطَّبِيعَةُ مِنْ جُنْدِكْ فَاطْرَحْ هُمُومَكَ أَوْ شَكَّكْ فَالْكَوْنُ يُفْتَنُ مِنْ شَدْوِكْ وَكَمْ يَئِنُّ لَدَى أَنِّكْ إِنِّي أَعِيشُ بِهَذَا الْكَوْنْ لَكِنْ بِأَحْلَامِ الشِّعْرِ لَا عِيشَةً لِأَسًى وَلِمَيْنْ فِي النَّاسِ فِي وِزْرٍ يُزْري بِكُلِّ إِجْلَالٍ لِلْحُسْنْ فَلْتَطَّرِحْ دُنْيَا النَّاسِ وَلْتَحْيَ مِثْلِيَ فِي الْأَحْلَامْ مَا أَجْمَلَ الْحُلْمَ الْآسِي مُتَقَدِّسًا فَوْقَ الْآلَامْ وَثَوْرَةِ الدَّهْرِ الْقَاسِي لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ مَا حُبِّي وَقَدْ تَجَرَّدَ مِنْ جِسْمِي لَطِرْتَ مُصْطَحِبًا قَلْبِي فِي عَالَمِ الصَّفْوِ الْمُسْمِي إِلَى رَوَائِعَ لِلْحُبِّ لَسْتُ الَّذِي يَرْضَى الْأَسْرَا وَفِي فَضَاءِ الْفَنِّ أَطِيرْ مَنْ لَمْ يَعِشْ رُوحًا حُرًّا وَإِنْ تَحَرَّرَ فَهْوَ أَسِيرْ مَا الْحُبُّ حُبٌّ لِلْأَسْرَى •••
أَسْكَرْتِ بِالْأَحْلَامِ هَوَاهْ وَالْحُلْمُ يُسْكِرُ مِنْ رُوحِكْ فَإِنْ يُغَنِّ الشِّعْرُ مُنَاهْ فَمِنْ جُرُوحٍ كَجُرُوحِكْ شِعْرُ الْحَنِينِ لِمَنْ يَهْوَاهْ عبادة إِنِّي لَأُخْلِصُ لِلْحَيَاةِ عِبَادَتِي وَأَرَى الْعِبَادَةَ نَشْوَتِي وَسَعَادَتِي هَلْ غَيْرُ مِحْرَابِ الْجَمَالِ أَخُصُّهُ بِدَمِي وَأَنْشَقُ مِنْ شَذَاهُ هِدَايَتِي فَاحَ الْبَخُورُ فَلُحْتِ أَنْتِ زَكِيَّةً بِالْحُسْنِ حَتَّى خِلْتُ أَنَّكِ غَايَتِي لِمَ لَا إِخَالُ وَفِي الْأُنُوثَةِ بَهْجَتِي وَهْيَ الْحَيَاةُ وَفِي الْحَيَاةِ صَبَابَتِي قَدْ طِرْتِ فِي دُنْيَا الْحَيَاةِ وَمَا أَرَى هَذَا الْخَيَالَ سِوَى مَسَالِكِ مُهْجَتِي وَسَخِرْتِ مِنْ دُنْيَا الْحَيَاةِ وَلَا أَرَى دُنْيَا الْحَيَاةِ سِوَى بَيَانِ مَحَبَّتِي لَا تَسْتَقِرُّ بِغَيْرِهَا نَفْسٌ وَإِنْ عَلِقَتْ بِأَقْدَسِ عَالِمٍ أَوْ رَبَّةِ لَا تَدَّعِي أَنِّي الَّذِي لِفُؤَادِهِ شَغَفٌ بِغَيْرِ الْمُسْتَعِزِّ لِغَادَتِي لَوْلَا شُعُورِي بِالْجَمَالِ مُنَزَّهًا مَا صُغْتُ مِنْ غَزَلِي الْمُنَزَّهِ آيَتِي وَأَرَى التَّنَزُّهَ لِلْجَمَالِ وَلَاءَهُ لِلْفَنِّ حَتَّى يُعْرَفَا بِجَلَالَةِ وَأَرَاكِ فَاتِنَةَ الْمَشَاعِرِ فِي حُلًى مِنْ عَبْقَرِيِّ حَنَانِكِ الْمُتَهَافِتِ فَلِمَنْ تَكُونُ عِبَادَتِي إِنْ لَمْ تَكُنْ لِسَنَاءِ «أَفْرُودِيتَ» آيُ عِبَادَتِي بِالرُّوحِ وَالْجِسْمِ الطَّهُورِ وَكُلِّ مَا أَعْنِي جَعَلْتُ عِبَادَتِي وَسَعَادَتِي زهرة الحب تناول الشاعر بطاقة معايدة مزهرة من آنسة أديبة فبعث إليها بهذه الأبيات:
سَلَامًا زَهْرَةَ الْحُبِّ سَلَامًا نَضْرَةَ الْوَادِي نَشَرْتِ هَوَايَ فِي عِيدٍ وَفِي نَجْوَاكِ أَعْيَادِي وَفُحْتِ شَذًى فَأَلْهَمَنِي حَنِينَ الْبُلْبُلِ الشَّادِي شَذًى وَصَدًى لِفَاتِنَةٍ تُرَوِّي الشَّاعِرَ الصَّادِي بَعَثْتُ لَهَا تَحِيَّاتِي فُؤَادِي بَيْنَ إِنْشَادِي تَخَفَّى فِي بُيُوتِ الشِّعْـ ـرِ وَهْوَ الْمُخْتَفِي الْبَادِي فَلَمَّا جَاءَ جَنَّتَهَا تَجَلَّى الْعَابِدُ الْفَادِي فَأَلْقَاهَا مُقَدَّسَةً بِأَطْيَافٍ وَعُبَّادِ وَلَكِنْ بَجَّلَتْ مِنْهُ أَغَانِي السَّاحِرِ الْحَادِي فَخَصَّتْهُ بِمُهْجَتِهَا وَطَوَّقَ سِحْرُهُ الْوَادِي عودة الطائر٩ (نُظِمَت في حفلة عرس راقصة.)
ارْقُصْ وَعَرْبِدْ يَا فُؤَادِي حَتَّى وَلَوْ أَفْنَيْتَنِي السِّجْنُ لَا يَرْضَاهُ شَادِي غَنَّى كَمَا غَنَّيْتَنِي ارْقُصْ فَهَذِي لَيْلَةٌ لَمْ تَحْلُمِ الدُّنْيَا بِهَا الْحُبُّ فِيهَا دَوْلَةٌ وَالْخُلْدُ مِنْ أَرْبَابِهَا مَنْ عَلَّمَ الطَّيْرَ الرُّجُوعْ إِلَّا حَنِينٌ أَسْكَرَكْ مَنْ بَلَّغَ الطَّيْرَ الدُّمُوعْ هَلْ كَانَ مِنْ دَمْعِي الشَّرَكْ النُّورُ مَسْكُوبٌ رَشِيقْ كَالصَّفْوِ فِي دُنْيَا الْهُمُومْ خَمْرٌ مِنَ الظَّرْفِ الرَّقِيقْ قَدْ هُيِّئَتْ خَلْفَ الْغُيُومْ مَنْ صَاغَهَا أَوْ صَبَّهَا إِلَّا إِلَهُ الْعَاشِقِينْ الْجَوُّ مَسْحُورٌ بِهَا وَالنَّاسُ شِبْهُ الْحَالِمِينْ وَاللَّحْنُ، يَا لَلَّحْنِ فِي هَذَا النَّسِيمِ الْمُضْطَرِبْ كَرِسَالَةِ الْقَلْبِ الْوَفِي فِيهَا التَّأَلُّمُ وَالطَّرَبْ قَدْ مَازَجَتْ ضَوْءَ الْقَمَرْ فَالضَّوْءُ وَاللَّحْنُ سَوَاءْ فَإِذَا الْمَحَبَّةُ وَالسَّمَرْ فِي كُلِّ أَنْفَاسِ الْهَوَاءْ وَالرَّقْصُ لَمْ أَشْعُرْ بِهِ إِلَّا مَعَانِيَ لِلْحَيَاهْ وَالْحُسْنُ فِي تَحْبِيبِهِ لِلرَّقْصِ عَلَّمَهُ لُغَاهْ فِي أَيِّ دُنْيَا تَنْتَهِي هَذِي الْأَغَانِي السَّابِحَاتْ طُرَفٌ مِنَ الْفَنِّ الشَّهِي هَيْهَاتَ يُدْرِكُهَا الْمَمَاتْ تَتَلَقَّفُ الْأَجْرَامُ مِنْـ ـهَا كُلَّ مَعْنًى طَائِرِ فِي كُلِّ نَجْمٍ يَفْتَتَنْ قَلْبٌ كَقَلْبِ الشَّاعِرِ أَرْسَلْتُ رُوحِي حُرَّةً بَيْنَ الْأَغَانِي وَالضِّيَاءْ حَتَّى أَرَاهَا مَرَّةً تَحْيَا حَيَاةَ الْأَنْبِيَاءْ فَتَعَبَّدَتْ هَذَا الْجَمَالْ شَوْقًا إِلَى مَعْبُودِهَا حَتَّى إِذَا تَمَّ الْمُحَالْ وَهَبَتْهُ كُلَّ وُجُودِهَا أَهْلًا وَأَهْلًا يَا حَبِيبِي هَذَا فُؤَادِي يَنْتَظِرْ أُسِرَ الْعِتَابُ مَعَ الرَّقِيبِ وَهَزَمْتُ حُرَّاسَ الْقَدَرْ خُذْ قُبْلَتِي أَخْذَ الْمُنَى مِنْ كُلِّ أَطْيَافِ الرَّبِيعْ فِيهَا الْحَرَارَةُ وَالسَّنَا فِيهَا الْبَشَاشَةُ وَالدُّمُوعْ جَمَعَتْ صَلَاتِي وَابْتِهَالِي وَصَفَتْ بِتَعْبِيرِ الْفُؤَادْ وَتَضُمُّ أَلْوَانَ الْخَيَالِ وَتُجَاوُبَ الشَّوْقِ الْمُعَادْ وَالْآنَ أَنْتَ الْآسِرِي صِرْتَ الْأَسِيرَ لِشَاعِرِ يَلْقَاكَ لُقْيَا السَّاحِرِ هَيْهَاتَ تَخْدَعُ نَاظِرِي يَا لَيْلَتِي طُرِدَ السَّحَرْ وَسَبَتْكِ أَحْلَامِي وَحُبِّي فَخُطِفْتِ مِنْ أَيْدِي الْقَدَرْ فَإِذَا جَمَالُكِ رَهْنُ قَلْبِي طُولِي إِلَى الْأَبَدِ الْقَصِي فِي رَوْعَةٍ لَا تَنْتَهِي قَدْ أَسْلَسَ الْحُسْنُ الْعَصِي فَأَخَذْتُ مِنْهُ تَأَلُّهِي الأغاني الصامتة يَا مَنْ تُسَائِلُ عَنْ شِعْرِي وَالشِّعْرُ فِي صَمْتِي نَاطِقْ الشَّمْسُ مِنْ قَبْلِ الْفَجْرِ تُوحِي بِنُورٍ لِلْعَاشِقْ وَالنُّورُ يُلْمَحُ فِي السِّرِّ كَمْ فِي الْأَثِيرِ تَحِيَّاتٌ تَشْدُو بِأَنْغَامِ الْحُبِّ كَمْ فِي الْهَوَاءِ صَبَابَاتٌ بَيْنَ الْقُلُوبِ وَمِنْ قَلْبِي مِلْءَ الْوُجُودِ عِبَادَاتٌ لَا تَسْأَلِينِي عَنْ حُبِّي بَلْ سَائِلِي الْقَلْبَ الْخَافِقْ قَلْبٌ كَقَلْبِكِ لَا يُنْبِي إِلَّا بِإِحْسَاسِي الدَّافِقْ مِنَ الْمَشَاعِرِ وَاللُّبِّ لَا تَحْرِمِينِي أَيَّ مُنَى قَدْ تَشْتَهِيهَا لِي رُوحِي لَيْسَ الْوِدَادُ يُعَدُّ غِنَى أَمَامَ حُبٍّ مَكْبُوحِ وَنَحْوَ جُرْحٍ كَجُرُوحِي بَلْ سَامِحِي قَلْبِي الظَّامِي إِنْ بَاتَ يَرْشُفُ مِنْ قَلْبِكْ وَإِنْ أَتَيْتُ بِآلَامِي إِلَى التَّعِلَّةِ مِنْ حُبِّكْ فَصُنْتِ لِي رُوحِي الدَّامِي مَنْ ذَا يَرُدُّ هَوَايَ الْحُر مَتَى رَآكِ وَنَاجَاكِ وَمَنْ يَصُدُّ عُبَابَ الْبَحْرْ عِنْدَ الْعِنَاقِ بِلُقْيَاكِ وَالشَّطُّ جَذْلَانٌ يَفْتَر ليلة في المعبد عَرَفْنَاهَا عَلَى خَطَرٍ وَهَلْ حُبٌّ بِلَا خَطَرِ كَأَنَّ غَرَامَنَا فِيهَا هَوَى رُوحَيْنِ فِي شَرَرِ أَبَيْنَا كُلَّ وَهَّابٍ وَجِئْنَا نَحْنُ بِالْأُنْسِ خَلَقْنَاهُ بِأَنْفُسِنَا وَجُزْنَا ظُلْمَةَ الْيَأْسِ طَعَنَّا الدَّهْرَ وَالدَّهْرُ مِنَ اسْتِهْزَائِنَا حَائِرْ أَلَيْسَ الْحُبُّ مَهْمَا لَا نَ يَبْقَى الْجَامِحَ الثَّائِرْ تَلَاقَيْنَا بِمَعْبَدِنَا وَلَمْ نَحْذَرْ مِنَ الْقَدَرِ كَأَنَّا قَدْ ضَمِنَّا الصَّفْـ ـوَ طَوْعَ جَمَالِهَا السِّحْرِي فَلَمَّا ضَمَّنَا الْحُبُّ وَكَمْ لِلْحُبِّ إِعْجَازُ طَرَحْنَا الْعَقْلَ حِينَ الْقَلْـ ـبُ وَثَّابٌ وَنَهَّازُ فَفَاضَ الشِّعْرُ مِنْ لَحْظِي وَمِنْ قَلْبِي وَأَنْفَاسِي وَكِدْتُ أَذُوبُ فِي قُبُلَا تِ أَشْوَاقِي وَإِينَاسِي أَبَيْنَا النُّورَ فَالْقُبُلَا تُ شُعْلَةُ مُهْجَتِي الْحَرَّى وَلَمْ أَحْفِلْ بِصَوْتِ الْوَقْـ ـتِ أَوْ بِهَوَاجِسِي الْحَيْرَى فَمِنْ ثَغْرٍ إِلَى نَهْدٍ وَمِنْ نَهْدٍ إِلَى ثَغْرِ مَنَاهِلُ لِلْحَيَاةِ وَعَتْ أَحَبَّ مَنَاهِلِ الشِّعْرِ نَعِمْنَا بِاحْتِضَانِ الْحُبِّ نِعْمَةَ مَنْ تَبَنَّاهُ فَلَا هُوَ مُفْلِتٌ مِنَّا وَلَا نَحْنُ زَجَرْنَاهُ وَيَعْبَثُ ضَاحِكًا أَبَدًا كَمَا شَاءَتْ أَمَانِيهِ فَضَجْعَتُنَا مَبَانِيهِ وَوَثْبَتُنَا مَعَانِيهِ يُنَاوِلُنِي تَفَنُّنَهَا وَطَعْمَ الشَّوْقِ مِنْ فَمِهَا فَأُسْحَرُ مِنْ تَحَايُلِهَا وَأَسْكَرُ مِنْ تَأَلُّمِهَا وَأَعْشَقُ كُلَّ مَا يَبْدُو عَلَيْهَا مِنْ مَعَانِيهَا مَعَانٍ كُلُّهَا فِتَنٌ وَلَكِنْ لَسْتُ أَدْرِيهَا فَأَنْشَقُهَا وَأَلْثِمُهَا وَأَرْشُفُهَا وَأَطْوِيهَا وَأَلْبَثُ حَائِرًا أَبَدًا عَلَى شَغَفٍ أُنَاجِيهَا فَمَرَّتْ لَيْلَتِي صُوَرًا مِنَ الْإِعْجَازِ لَا تُنْسَى فَجَدَّدَ سِحْرُهَا نَفْسِي وَكُنْتُ الْفَاقِدَ النَّفْسَا الطائر الحائر (تصدير كتاب قصصيّ ٍللآنسة جميلة محمد العلايلي.)
أَهْلًا «جَمِيلَةُ» بِالْحَيَاةِ كَمَا رَأَتْ عَيْنَاكِ فِيهَا مَعَانٍ تُسْتَطَابُ فَأَيُّهَا مَعْنَاكِ حَلَّلْتِ أَلْوَانَ الْمَحَبَّةِ وَالْجَمَالِ الْآسِرِ وَشَرَحْتِ قِصَّةَ طَائِرٍ بَيْنَ الْمَفَاتِنِ حَائِرِ وَوَصَفْتِ أَطْيَافَ التَّنَاجِي وَالْعَذَابِ الْقَاسِي وَمَظَاهِرَ الْحِرْمَانِ وَالْآلَامِ بَيْنَ النَّاسِ هَذِي هِيَ الدُّنْيَا كَمَا صَوَّرْتِهَا لِلْغَافِلِ لَهَفِي عَلَى الزَّهْرِ الْجَمِيلِ مِنَ الْهَجِيرِ الْقَاتِلِ لَا يُسْأَلُ الْفَنَّانُ عَنْ آرَائِهِ وَرَجَائِهِ بَلْ يُسْأَلُ الْفَنَّانُ عَنْ إِعْجَازِهِ بِأَدَائِهِ وَأَرَاكِ فَاتِنَةَ الْعَوَاطِفِ بِالْخَيَالِ السَّاحِرِ أَنْفَاسُ شَاعِرَةٍ لَهَا أَنْفَاسُ وَحْيِ الشَّاعِرِ الزهر الناعس يَا زَهْرُ مَا لَكَ لَا تُجِيبْ بِالْعِطْرِ رُوحًا مَا ابْتَعَدْ قَدْ نِمْتَ عَنْ رُوحِي الْحَبِيبْ مَا النَّوْمُ عَنْ حُبِّي رَشَدْ يَا زَهْرُ هَلْ يُغْنِي الْخَيَالْ عَنْ نَفْحِ عِطْرٍ سَاحِرِ يَا زَهْرُ هَلْ يَدْرِي الْجَمَالْ إِلَّا فُؤَادُ الشَّاعِرِ فِيمَ النُّعَاسُ أَيَا حَبِيبِي وَالْقَلْبُ يَرْقُبُ يَقْظَتَكْ هَلْ صِرْتُ عِنْدَكَ كَالْغَرِيبِ أَمْ شَاقَ غَيْرِي مُهْجَتَكْ غَيْرِي يَشُمُّكَ ثُمْ يُلْقِي بِكَ نَاسِيًا حَتَّى الْجَمِيلْ أَمَّا أَنَا فَيَصُونُ شَوْقِي لَكَ كُلَّ مَعْنَاكَ الْجَمِيلْ مَا لِي ظَمِئْتُ وَقَدْ سُقِيتْ مَا لِي اكْتَأَبْتُ بِنَشْوَتِي مَا لِي فَنِيتُ وَقَدْ حَيِيتْ مَا لِي أُخَاصِمُ نِعْمَتِي أَوَكُلُّ هَذَا مِنْ سُلُوِّكْ يَا نَائِمًا عَنِّي هَنِيَّا عِطْرٌ وَلَوْنٌ مِنْ حُنُوِّكْ لَوْلَاهُمَا مَا كُنْتُ شَيَّا الجمال العربيد الْآنَ يَا قَلْبَ الْخَلِيِّ الْآنَ تَلْقَى الْمُعْجِزَهْ الْحُبُّ يَقْتَحِمُ الْحُصُو نَ بِرُوحِهِ الْمُتَحَفِّزَهْ حَاكَى الْخَلِيُّ بِهَا الشَّجِيَّ كِلَاهُمَا مُسْتَسْلِمُ فِي مَعْبَدٍ الْحَرْبُ فِي أَجْوَائِهِ لَا تَرْحَمُ حَرْبُ الْغَرَامِ وَفِي الْهَوَا ءِ عَوَاصِفٌ كَتَرَقُّبِي ثَارَتْ وَقَدْ أَخْفَى السُّكُو نُ هُبُوبَهَا وَتَهَيُّبِي لَمْ أَدْرِ كَيْفَ دَخَلْتُ هَذَا الْـ مَعْبَدَ الْحُرَّ الْكَرِيمْ فَكَأَنَّنِي طِفْلٌ شَرِيـ ـدٌ أَرْشَدَتْهُ يَدُ النَّعِيمْ حَتَّى إِذَا عَايَنْتُهُ كُنْتُ الشَّهِيدَ بِسَاحِهِ يَلْقَى السَّلَامَ مَعَ الْقِتَا لِ وَيَشْتَفِي بِجِرَاحِهِ •••
قَالَتْ حَبِيبِي مَرْحَبًا أَهْلًا وَأَهْلًا يَا حَبِيبِي مَا لِي سِوَى هَذِي التَّحِيَّـ ـةِ مِنْ حَبِيبٍ لِلْحَبِيبِ فَلَثَمْتُهَا وَلَثَمْتُهَا وَضَمَمْتُهَا ضَمَّ الْمَرُوعِ وَجَعَلْتُ لِلْقُبُلَاتِ أَصْـ ـدَاءَ التَّحِيَّةِ وَالْوُلُوعِ وَكَذَلِكَ الْأَرْوَاحُ كَالْـ أَجْسَامِ تَظْمَأُ أَوْ تَجُوعْ وَكَذَلِكَ الْأَنْفَاسُ كَالْـ أَلْحَاظِ تَنْطِقُ بِالدُّمُوعْ قَبَّلْتُهَا مِنْ كُلِّ قَلْـ ـبِي فِي ابْتِسَامِ الْمُضْطَرِبْ فَإِذَا التَّلَهُّفُ فِي السَّكِيـ ـنَةِ وَالتَّحَسُّرُ فِي الطَّرَبْ هَذَا النَّعِيمُ أَرَاهُ رَأْ يَ الْعَيْنِ لَكِنِّي أَخَافْ فِيمَ التَّخَوُّفُ وَالْحَيَا ةُ جَمِيعُهَا رَوْعٌ أَطَافْ خُذْ يَا فُؤَادِي — لَا تَخَفْ — مَا شِئْتَ مِنْ هَذِي الْحَيَاهْ عُمْرٌ جَدِيدٌ يَا فُؤَا دِي مَا تَجُودُ بِهِ الشِّفَاهْ قَبَّلْتُهَا فَلَثَمْتُ أَحْـ ـلَامِي وَأَطْيَافَ الرَّبِيعْ وَضَمَمْتُهَا فَضَمَمْتُ أَغْـ ـلَى النُّورِ مِنْ رَبٍّ وَدِيعْ لَا الرُّوحُ تَشْبَعُ لَا وَلَا قَلْبِي بِخَفْقٍ يَتَّئِدْ نَهَمٌ عَلَى نَهَمٍ وَجُو دٌ لَا يُمَلُّ وَلَا يُحَد حَتَّى إِذَا سَقَطَ الرِّدَا ءُ وَقَدْ يُرَادُ سُقُوطُهُ هُرِعَ الْهَوَى لِلْحُسْنِ يَحْـ ـمِي مُلْكَهُ وَيَحُوطُهُ •••
مَا هَذِهِ الْأَضْوَاءُ وَالْـ أَلْوَانُ مِنْ رَبِّي الْكَرِيمْ أَكَذَا الْمُصَوِّرُ مِنْ سَمَا ءِ الْفَنِّ يَبْتَدِعُ النَّعِيمْ مَا لِلتَّهَيُّبِ مَالِئًا لُبِّي وَقَلْبِي لَا يَهَابْ شَأْنُ الْمَعَابِدِ تَجْمَعُ الشَّيْـ ـخَ الرَّزِينَ إِلَى الشَّبَابْ فَتَبَسَّمَتْ وَتَنَهَّدَتْ بِالنُّورِ وَالنَّارِ مَعَا وَاسْتَسْلَمَتْ وَتَمَنَّعَتْ حَتَّى دَنَا مَا امْتَنَعَا فَرَكَعْتُ عَنْ بُعْدٍ أُحَيِّي «أَفْرُدِيتَ» السَّاحِرَهْ مِنْ كُلِّ إِحْسَاسٍ تَفِيـ ـضُ بِهِ عُيُونِي الشَّاعِرَهْ وَنَظَرْتُ ثُمَّ نَظَرْتُ لِلْـ ـجِسْمِ الْبَدِيعِ الْمُسْتَحِي فَرَأَيْتُ مَا مَعْنَى الْحَيَا ةِ فَمَا الْحَيَاةُ بِكُلِّ حَي وَرَكَعْتُ عَنْ قُرْبٍ لِأَسْـ ـتَوْحِي الْعُيُونَ النَّاعِسَاتْ فَرَأَيْتُهَا مُلِئَتْ بِأَحْـ ـلَامِ الْغَرَامِ التَّائِهَاتْ أَرْنُو إِلَيْهَا ثُمَّ أَرْ نُو خَاطِفًا أَسْرَارَهَا وَتَنَالُ جِسْمِيَ رِعْشَةٌ وَكَأَنَّ جِسْمِي اشْتَارَهَا رُوحَانِ قَدْ خُلِقَا كَمَا خُلِقَ الضِّيَاءُ مَعَ الْحَرَارَهْ يَتَمَازَجَانِ تَهَافُتًا وَكِلَاهُمَا قَدْ نَالَ ثَارَهْ فِي كُلِّ حَالٍ كَيْفَمَا اعْـ ـتَنَقَا يَنَالَانِ الْخُلُودْ فَإِذَا هُمَا افْتَرَقَا فَمَا هَذَا الْوُجُودُ مِنَ الْوُجُودْ •••
خُذْ يَا فُؤَادِي مَا اشْتَهَيْـ ـتَ مِنَ الْجَمَالِ الشَّارِدِ الْآنَ فِي قَفَصِ الْغَرَا مِ بَدَا خَيَالُ الصَّائِدِ هُوَ مَعْبَدٌ لَمْ يَدْرِهِ إِلَّا الْهُوَاةُ الْمُلْهَمُونْ فِيهِ الْفُتُونُ مَعَ الْفُنُو نِ حَبَّذَا هَذِي الْفُنُونْ دُنْيَا مِنَ الشَّغَفِ الطَّلِيـ ـقِ وَمِنْ جُنُونِ الْعَابِدِينْ قَدْ بَاتَ يَحْرُسُهَا الزَّمَا نُ وَقَدْ وَفَى لِلْعَاشِقِينْ لَمْ أَرْضَ مَرْحَمَةً لَهَا أَبَدًا فَفِي الْعُنْفِ الْحَنَانْ وَعُصَارَةُ الرُّوحِ الْحَبِيـ ـبِ يُجِلُّهَا هَذَا الْهَوَانْ أَنْهَكْتُهَا إِنْهَاكَ صُو فِيٍّ تَبَتَّلَ فِي الصَّلَاهْ هَذِي مُنَاجَاةُ الْجُسُو مِ حَكَتْ مُنَاجَاةَ الْإِلَهْ فَإِذَا الْجَمَالُ مُعَرْبِدٌ وَأَنَا الْمُحِبُّ الْجَانِي وَإِذَاهُ مُبْتَسِمٌ لِمَا لَاقَاهُ مِنْ إِيمَانِي وَالنُّورُ تَضْطَرِبُ الظِّلَا لُ بِهِ اضْطِرَابَ الْعَاشِقِ كَقَوَامِهَا السَّاجِي عَلَى هَذَا الْفَرَاشِ الْخَافِقِ فَسَأَلْتُهَا الْغُفْرَانَ وَالْـ أَضْوَاءُ تَضْحَكُ مِنْ سُؤَالِي لَكِنَّهَا كَانَتْ بِدُنْـ ـيَا لِلْوِصَالِ وَلِلْخَيَالْ فَتَنَهَّدَتْ وَاللَّيْلُ يَدْ نُو كَالْغَرِيبِ الزَّائِرِ وَلِحَاظُهَا كَالنَّجْمِ تَنْـ ـظُرُ فِي شُعُورِ الْحَائِرِ فَإِذَا الْغَرِيبُ١٠ يَنَالُ مَلْـ عَبَنَا وَمَعْبَدَنَا مَعَا وَإِذَا الْقَرِيبُ١١ غَدَا الْغَرِيـ ـبَ وَمَا وَعَى مَا قَدْ وَعَى وَإِذَا الْمَلَاحَةُ وَالْغَرَا مُ خَيَالُ قَلْبِي الشَّاعِرِ وَإِذَا الْوُجُودُ بِأَسْرِهِ عَبَثُ الْإِلَهِ السَّاحِرِ
| |
| | | | ® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2020-11-03, 10:15 am | | خلف الطبيعة يَا مَنْ تُفَتِّشُ عَنْ جَمَالِ وُجُودِهَا خَلْفَ الْغُرُوبِ وَفِي الْجَدِيدِ الْمُشْرِقِ فِي وَحْيِ عَيْنَيْكِ الْجَمَالُ لِشَاعِرٍ قَلِقٍ وَفِي تَفْكِيرِكِ الْمُتَأَلِّقِ حَدَّثْتِ عَنْ قَلْبِي حَدِيثَ غَرَامِهِ فِي شِبْهِ أَحْلَامٍ وَشِبْهِ أَمَانِ مَنْ ذَا أَبَاحَ لَكِ الْوُصُولَ لِسِرِّهِ فَعَلِمْتِ مَا يَحْوِيهِ مِنْ خَفَقَانِ النَّشْوَةُ الْكُبْرَى عَرَفْتِ نَعِيمَهَا فِي كُلِّ مَحْسُوسٍ وَكُلِّ خَيَالِ فَدَعِي التَّأَمُّلَ فِي هَوَايَ وَحَسْرَتِي فَمَدَاهُمَا أَنْأَى مِنَ الْأَجْيَالِ لَكَأَنَّنِي اسْتُودِعْتُ حَسْرَةَ خَالِقِي وَهَوَاهُ حِينَ بَنَى الْوُجُودَ فَقَدَّرَا فَلَوَاعِجُ الْقَلَقِ الدَّفِينِ تَحُفُّنِي فَأَرَى الْحَيَاةَ تَسَامِيًا وَتَعَثُّرَا وَأُطَارِحُ الْخَلَّاقَ شِعْرَ عَوَاطِفِي فَيَبُثُّنِي أَشْعَارَهُ وَخَيَالَهُ صُوَرَ الْوُجُودِ الْبَاسِمَاتِ قَصَائِدًا وَالْبَاكِيَاتِ مَآلَنَا وَمَآلَهُ فَرِحَتْ١٢ كَفَرْحَةِ طِفْلَتِي بِأُبُوَّتِي وَبَكَتْ كَمَا بَكَتِ الطُّفُولَةُ لِلْهَوَى مَنْ ذَا الَّذِي يَدْرِي فَلَوْ فَقَدَ الْوَرَى هَذَا الْوُجُودَ فَقَدْ هَوَى رَبُّ الْوَرَى مَا ذَلِكَ الْقَلَقُ الْمُسَاوِرُ مُهْجَتِي أَتُرَاهُ إِلَّا لَوْعَةً لِلْخَالِقِ هُوَ فِي صَمِيمِ مَشَاعِرِي مُتَغَلْغِلٌ وَبِرُوحِهِ أَحْيَا بِقَلْبِي الْخَافِقِ إِنْ تَبْحَثِي خَلْفَ الْغُرُوبِ فَخَلْفَهُ مَا خَلْفَ نَفْسِي مِنْ جَوًى وَحَنَانِ دُنْيَا احْتَوَتْهَا مُهْجَتِي وَلَرُبَّمَا نَمَّتْ عَنِ الْأَرْبَابِ وَالْأَكْوَانِ دُنْيَا تَمَلَّكَهَا الْجَمَالُ بِكُلِّ مَا يَعْنِي الْجَمَالُ وَأَنْتِ مِنْ مَعْنَاهُ فِيهَا الْعَوَاصِفُ وَالْعَوَاصِفُ مَا لَهَا أَمْنٌ وَقَدْ يُبْكِيهِ مَا أَرْضَاهُ حارسة الفن (مُهدَاة إلى السيدة المُهذَّبة زينات إمام فهمي زوجة الصديق العزيز حسن الجداوي.)
مَنَابِعَ الْفَنِّ كَمْ نَاجَاكِ فَنَّانُ وَكَمْ بَخِلْتِ وَكَمْ أَفْنَاهُ حِرْمَانُ وُزِّعْتِ لَمْ يَحْظَ مَفْتُونٌ وَلَوْ أَمَلًا فِي الْحُلْمِ مِنْكِ بِحَظٍّ فِيهِ غُنْيَانُ حَتَّى امْتَثَلْتِ لِمَنْ رَاعَتْكِ حَارِسَةً لِلْفَنِّ فَابْتَعَثَ الْفَنَّانَ إِحْسَانُ جُمِعَتْ فِي ظِلِّهَا الْمَمْدُودِ حَالِيَةً وَقَلَّمَا جَمَعَتْ نَجْوَاكِ أَزْمَانُ قَدْ كِدْتُ أَفْقِدُ إِيمَانِي فَأَرْجَعَنِي مِنْهَا إِلَى الرُّشْدِ إِحْسَانٌ وَإِيمَانُ •••
أَهْلًا بِجَنَّةِ دُنْيَا أَنْتِ «زِينَتُهَا» وَصَاحِبٍ هُوَ فِيهَا الْآنَ جَنَّانُ مَحَضْتُهُ الْوُدَّ عُمْرًا وَهْوَ يُكْسِبُنِي بِوُدِّهِ مَا اشْتَهَى فَنٌّ وَفَنَّانُ أَرْخَصْتُ كُلَّ عَزِيزٍ فِي مَحَبَّتِهِ فَمِثْلُهُ بِعَزِيزِ النَّفْسِ يَزْدَانُ مَا خِفْتُ يَوْمًا عَلَى نَجْوَاهُ مِنْ زَمَنِي فَأَنْتِ دُنْيَا لَهُ بَلْ أَنْتِ أَكْوَانُ •••
لَمَّا رَأَيْتُكِ فِي الْآمَالِ حَاكِمَةً وَحَوْلَكِ الْحُبُّ أَلْحَانٌ وَأَلْوَانُ وَأَنْتِ فِي حُسْنِكِ الْعُلْوِيِّ ظَافِرَةٌ بِكُلِّ مَا يَشْتَهِي فِي الْخُلْدِ إِنْسَانُ زَوْجٌ وَفِيٌّ وَمُلْكٌ مِنْ مَحَبَّتِهِ وَمَرْبَأٌ بِجَمَالِ الصَّفْوِ فَتَّانُ وَطِفْلَةٌ كَرَبِيعِ الْحُبِّ فِي مَرَحٍ وَوَجْهُهَا بِمَعَانِي النُّورِ ضَحْيَانُ عَرَفْتُ كَيْفَ تَصُونُ الْفَنَّ حَارِسَةٌ وَأَيْنَ يَرْوِي حَنِينَ الرُّوحِ ظَمْآنُ معابد الحب مَعَابِدَ الْحُبِّ إِنِّي الْهَائِمُ الصَّادِي أَهِيمُ مَا بَيْنَ آبَادٍ وَآبَادِ لَمْ تَلْقَ رُوحِي صَفِيًّا تَسْتَضِيءُ بِهِ إِلَّا صَفِيَّةَ أَحْلَامِي وَإِنْشَادِي لَقِيتُهَا وَكَأَنِّي مَا لَقِيتُ سِوَى حُلْمٍ مِنَ الْوَهْمِ لَا خَافٍ وَلَا بَادِ جَعَلْتُ كُلَّ صَلَاتِي فِي عِبَادَتِهَا وَإِنْ تَنَهَتْ صَلَاتِي بَيْنَ عُبَّادِ •••
مَعَابِدَ الْحُبِّ رُوحِي لَا حُدُودَ لَهَا فِي كُلِّ رُكْنٍ عَزِيزٍ مِنْكِ إِيمَانِي وَحَّدْتُ كُلَّ مُنَاجَاتِي وَإِنْ نُشِرَتْ عَلَى الْجَمَالِ بِأَزْمَانٍ وَأَزْمَانِ فَسَامِحِينِي عَلَى دِينٍ أَهِيمُ بِهِ وَهَيِّئِي لِي رَجَاءً عِنْدَ دَيَّانِي وَمَا ضَحِيَّةُ رُوحِي عِنْدَ سَاحَتِهِ إِلَّا تَبَارِيحُ وِجْدَانِي وَأَلْحَانِي •••
مَعَابِدَ الْحُبِّ مَا لِلْحُبِّ مُضْطَهَدًا وَمَا لِأَرْبَابِهِ لَيْسُوا بِأَرْبَابِ تَحَجَّبُوا وَهُمُ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا وَحَاذَرُوا مِنْ زَمَانٍ جِدِّ هَيَّابِ عُلْوِيَّةٌ أَنْتِ كَالْجَنَّاتِ قَدْ خُبِئَتْ لَكِنَّهَا بَيْنَ نِيرَانٍ وَإِرْهَابِ نَمْشِي إِلَيْهَا عَلَى الْأَسْيَافِ قَاطِعَةً وَنَشْتَفِي بِمَزِيجِ الشَّهْدِ وَالصَّابِ •••
مَعَابِدَ الْحُبِّ مَا لِي كُلَّمَا ظَفِرَتْ رُوحِي بِحَظٍّ أَرَى صُبْحِي مِنَ الظُّلَمِ مَا لِي أَرَى الْحُلْمَ يُوحَى يَقْظَتِي فَإِذَا بِيَقْظَتِي مِنْ مَعَانِي الْيَأْسِ فِي الْحُلُمِ مَا لِي أُبَشَّرُ بِالْحُبِّ الَّذِي خُلِقَتْ لَهُ الْحَيَاةُ فَلَا أَجْنِي سِوَى أَلَمِي مَا لِلْمَعَابِدِ تَأْبَانِي فَهَلْ حُسِبَتْ رُوحِي لَدَيْكِ كَمَنْبُوذٍ وَمُتَّهَمِ الفنان أَمَانًا أَيُّهَا الْحُبُّ سَلَامًا أَيُّهَا الْآسِي أَتَيْتُ إِلَيْكَ مُشْتَفِيًا فِرَارًا مِنْ أَذَى النَّاسِ أَتَيْتُ وَحَوْلِيَ الدُّنْيَا تَصِيحُ بِلَفْظِهَا النَّارِي بِيَوْمٍ كُلُّهُ لَهَبٌ كَأَنِّي مَطْمَحُ الثَّارِ حَنَانَكَ أَيُّهَا الدَّاعِي فَأَنْتَ مَلِيكُ أَنْفَاسِي فَرَرْتُ وَحَوْلِيَ الدُّنْيَا تُحَارِبُ كُلَّ إِحْسَاسِي فَرَرْتُ إِلَيْكَ مِنْ سِجْنِي فِرَارَ الْمُذْنِبِ الثَّائِرْ وَهَذَا الدَّهْرُ يَتْبَعُنِي بِجَيْشٍ حَانِقٍ زَاخِرْ أَذَنْبِي أَنَّنِي تَبَعٌ وَأَنْتَ السَّيِّدُ النَّاهِي وَأَنَّ الْخَلْقَ مُذْ جَحَدُو كَ فَاتُوا رَحْمَةَ اللهِ أَمَانًا أَيُّهَا الثَّاوِي بِهَيْكَلِكَ الْمُنَادِينِي فَمَا لِلنَّاسِ مِنْ دِينٍ وَإِنْ عَادَوْكَ لِلدِّينِ خَلَتْ وَنَأَتْ عَنِ الرُّقَبَا ءِ بَلْ عَنْ رُوحِهَا الطُّرُقُ وَلَكِنْ مِلْؤُهَا قَلَقٌ وَرُوحِي مِلْؤُهَا الْقَلَقُ فَمَا لِخَوَاطِرِي الْحَيْرَى تَرُومُ الْيَوْمَ تَعْذِيبِي وَمَا لِي أَشْهَدُ الْأَحْلَا مَ كَالْأَيَّامِ تُغْرِي بِي أَمَانًا هَذِهِ رُوحِي وَجِسْمِي طَوْعُ مَا تَرْضَى خَلَقْتَ مُنَى سَمَاوَاتٍ فَجُزْتُ بِمُهْجَتِي الْأَرْضَا •••
دَلَفْتُ إِلَى سَمَاءِ الْحُبِّ فَهْيَ بِمَعْبَدِي الضَّاحِي وَقَدْ صَارَ الْهَجِيرُ بِهِ نَسِيمَ الرُّوحِ وَالرَّاحِ دَلَفْتُ إِلَى مَفَاتِنِهَا وَكَمْ عُدَّتْ مُحَرَّمَةً وَهَلْ يَعْصِي أَسِيرُ الْفَنِّ لَحْظًا بَاحَ أَوْ شَفَةً وَمَا كَادَتْ مُنَايَ تَرَى رِحَابَ الْحُسْنِ تَرْمُقُنِي إِذَا بِمُنًى وَأَيِّ مُنًى تُوَاتِينِي وَتَعْشَقُنِي يَمُوجُ الْجَوُّ بِالْأَلْحَا نِ وَهْوَ الصَّامِتُ النَّاطِقْ وَيَعْبَقُ مِنْ شَذَى «نِيسَا نَ» مِثْلَ الطَّائِشِ الْعَاشِقْ فَمَا لِلْجَوِّ مِثْلُ النَّفْـ ـسِ إِيمَانٌ وَأَحْلَامُ وَمَا لِلْحُبِّ ذَابَتْ فِيـ ـهِ آلَامٌ وَآلَامُ وَمَا لِي قَدْ طَرَحْتُ الْهَمَّ وَالْهَمُّ يُنَادِينِي تُذِيبُ حَرَارَةُ الْحُبِّ ثُلُوجَ الْهَمِّ فِي لِينِ •••
تَأَمَّلْ أَيُّهَا الْقَلْبُ تَأَمَّلْ هَذِهِ الدُّنْيَا مَفَاتِنُهَا قَدِ اجْتَمَعَتْ وَكَادَتْ تَخْدَعُ الْأُخْرَى صَلَاتُكَ مَا لَهَا حَدٌّ فَصَلِّ وَنَاجِ مَنْ تَهْوَى تَسَاوَى الْحُرُّ وَالْعَبْدُ إِذَا عَبَدَا الْهَوَى مَعْنَى تَأَمَّلْ أَيُّهَا الطَّائِشْ تَأَمَّلْ لَا تَخَفْ غَبْنَا لِمَاذَا أَنْتَ تَضْرِبُنِي وَقَدْ أَعْطَيْتُكَ الدُّنْيَا •••
وَلَمَّا أَقْبَلَتْ وَثَبَتْ مَعَانِي الْحُبِّ مِنْ نَفْسِي بِأَيِّ لُغًى أُحَيِّيهَا مِنَ الْأَحْلَامِ وَالْحِسِّ تَصَادَمَتِ الْعَوَاطِفُ وَالْـ مَعَانِي مِنْ مَشَاعِرِهَا فَطَوَّقَ حُسْنُهَا الْغَالِي عَزِيزًا شَوْقَ شَاعِرِهَا أَهَذَا الْحُسْنُ فِي كَنَفِي وَكُلِّي عَبْدُهُ الطَّائِعْ مُنِحْتَ الْآنَ يَا شَغَفِي فُتُونَ الْخَالِقِ الرَّائِعْ كَأَنِّي حِينَمَا عَانَقْـ ـتُهَا بِغَرَامِيَ الدَّافِقْ تَرَكْتُ مَعَالِمَ الدُّنْيَا وَنَالَ مَشَاعِرِي الْخَالِقْ وَقَدْ أَدْرَى وَلَا أَدْرَى سَنَاهَا فِي ذِرَاعَيَّ سَنَاهَا نِعْمَةُ الدُّنْيَا هَوَاهَا يُبْدِعُ الْحَيَّا أَحَقًّا نِلْتُ مَا فِي الْخُلْـ ـدِ مِنْ مَعْنًى وَإِحْسَاسِ فَيَا لَنَعِيمِيَ الْوَافِي وَإِنْ شُرِّدْتُ فِي النَّاسِ يَدَيَّ يَدَيَّ لَا تَدَعَا خُلُودَ سَعَادَتِي يَمْضِي سَمَاءُ الْحُبِّ صَافِيَةٌ وَنَائِيَةٌ عَنِ الْأَرْضِ وَمَنْ عَرَفَ «الْأُلِمْبَ» كَمَا عَرَفْتُ وَذَاقَ نُعْمَاهُ أَبَى كُلَّ الْإِبَاءِ فِرَا قَ رَبٍّ قَدْ تَوَلَّاهُ •••
تَرَفَّقْ أَيُّهَا الطَّائِعْ لَقَدْ أَخْضَعْتَنِي عَطْفَا نَأَيْتَ فَلَمْ أَكُنْ أُشْفَى وَعُدْتَ فَلَمْ أَعُدْ أُشْفَى أَهَذِي غَايَةُ الْحُبِّ فَفِي الْحِرْمَانِ تَعْذِيبُ وَفِي الْإِحْسَانِ تَطْبِيبٌ فَتَعْذِيبٌ فَتَطْبِيبُ نَعِيمِي كُلُّهُ حَرَقٌ وَنَارِي كُلُّهَا نُعْمَى فَسِلْمِي يُضْمِرُ الْحَرْبَا وَحَرْبِي تُضْمِرُ السِّلْمَا فَمَا لِي لَمْ أَعِشْ غِرًّا غَبِيًّا أَقْتُلُ الْفِكْرَا فَأَلْقَى الْحُبَّ مُبْتَسِمًا وَأَدْفِنُ مُهْجَتِي الْحَيْرَى •••
رَأَتْ حُزْنِي وَأَحْلَامِي وَهَذَا الصَّفْوُ يَشْمَلُنِي فَرَدَّتْ كُلَّ آلَامِي بِبَسْمَةِ رُوحِهَا الْفَنِّي وَكُنَّا قَدْ هَزَمْنَا الْحَرَّ وَالْحَرُّ يُعَادِينَا فَلَمْ نَلْبَسْ سِوَى الْأَشْوَا قِ فَالْأَشْوَاقُ تُغْنِينَا وَنِمْنَا نَوْمَةَ الْحُبِّ وَعِطْرُ الْحُبِّ فَيَّاحُ بِجِسْمٍ كُلُّهُ عَبَقٌ وَرُوحُ دُونَهَا الرَّاحُ أَشُمُّ عَبِيرَهَا الْفَنَّا نَ فِي سُكْرٍ يُحَيِّرُنِي وَأَشْرَبُ هَذِهِ الْأَلْوَا نَ مِنْ نُورٍ يُدَاعِبُنِي وَأَصْفَحُ عَنْ أَسَى الْمَاضِي وَإِنْ ضَحَّى مَسَرَّاتِي فَهَذِي نِعْمَةُ الْمَاضِي أَتَتْ فِي نِعْمَةِ الْآتِي أَطِلِّي يَا حَيَاةَ الرُّو حِ فِي عَيْنَيَّ تُحْيِيِنيِ شَرَابِي مِنْكِ أَضْوَاءٌ وَقُوتِي أَنْ تُنَاجِينِي أَطِلِّي وَانْظُرِي شَغَفِي تَرَيْ مَعْنَى عِبَادَاتِي عِبَادَاتٌ خُصِصْتُ بِهَا وَفِي عَيْنَيَّ مِرْآتِي وَلَكِنْ أَيْنَ نَظْرَتُهَا وَقَدْ هَامَتْ بِأَحْلَامِ يُظَلِّلُهَا حَنَانُ الْحُبِّ مِنْ مَلَكُوتِهِ السَّامِي وَغَابَتْ هَذِهِ النَّظَرَا تُ خَلْفَ الْغَيْبِ فِي الرَّبِّ وَأَسْتَوْحِي مَعَانِيَهَا كَأَنِّي نَاظِرٌ رَبِّي وَأَسْمَعُ دَقَّةَ الْقَلْبِ لِأَعْرِفَ سِرَّهُ بِدَمِي فَيُدْرِكُ نَهْدُهَا طَرَبِي وَيَخْفِقُ سَاكِرًا بِفَمِي فَلَمَّا نِلْتُ مَعْنَاهَا وَنَالَتْ كُلَّ مَا أَعْنِي جَعَلْتُ الشِّعْرَ مَبْنَاهَا وَعَانَقَ فَنَّهَا فَنِّي السكوت مَا لِلسُّكُوتِ يَطِيبُ عِنْـ ـدَكِ هَلْ سُكُوتُكِ مِنْ صَلَاتِكْ كَالْفَجْرِ لِلنَّهْرِ الْجَمِيـ ـلِ إِذَا تَبَسَّمَ عَنْ صِفَاتِكْ مَا بَالُ ثَوْرَةِ نَفْسِكِ الظَّمْـ ـأَى بِصَمْتِكِ لَمْ تُوَاتِكْ أَتْعَبْتُ رَاحَتَكِ الْعَزِيـ ـزَةَ بِالتَّحَدُّثِ عَنْ حَيَاتِكْ وَأَظَلُّ أَعْشَقُ شِعْرَكِ الْـ ـغِرِّيدَ عِشْقِي لُطْفَ ذَاتِكْ وَبَنَاتُ وَحْيِكِ لَنْ أَمَلَّ حَدِيثَهُنَّ بِمُعْجِزَاتِكْ شِعْرٌ تُغَنِّيهُ الْحُرُو فُ فَكُنَّ بَيْنَ مُغَنِّيَاتِكْ وَتُرَدِّدُ الْمُهَجُ الرَّقِيـ ـقَةُ لَحْنَهُنَّ بِمُسْكِرَاتِكْ فَعَلَامَ حِرْمَانِي وَفِي الْـ ـحِرْمَانِ قَسْوَةُ كُلِّ فَاتِكْ رُوحٌ كَرُوحِكِ لَنْ تَجِفَّ لَهَا مَنَاهِلُ أُغْنِيَاتِكْ وَالْفَنُّ خَصْمٌ لِلْقَنَا عَةِ وَالسَّمَاحَةُ مِنْ لِدَاتِكْ ارْحَلْ وَدَعْنَا يَا سُكُو تُ فَلَيْسَ فَنِّي مِنْ هُوَاتِكْ الأحدب (مشهد من الأسطورة المكسيكية «الحنطة الثائرة».)
الأحدب. فِي قَدِيمِ الْآبَادِ غَرَّدَتِ الْأَرْضُ بِلَحْنِ الْمَحَبَّةِ الْقُدْسِي لَمْ يَكُنْ أَهْلُهَا سِوَى كُلِّ مَحْبُوبٍ سَعِيدٍ وَكُلِّ قَلْبٍ وَفِي فَاسْتَوَى الْأَحْدَبُ الْخَبِيثُ عَلَى الْعَرْشِ كَئِيبًا بِمُلْكِهِ السُّفْلِي حَائِرًا لَا يَرَى سَبِيلًا إِلَى الثَّأْرِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْوُجُودِ الْهَنِي •••
اسْتَوَى الْأَحْدَبُ الْمُرَوَّعُ كَالْقِرْدِ وَأَوْفَى بِرُوحِهِ إِبْلِيسُ فَوْقَ صَخْرٍ كَقَلْبِهِ اخْضَرَّ كَالْمَاءِ إِذَا نَالَهُ النَّبَاتُ الْحَبِيسُ مَشْهَدٌ لِلتَّنَاقُضِ الْجَمِّ مِنْ فَنٍّ عَجِيبٍ فِيهِ النَّفِيسُ الْخَسِيسُ وَتَرَاءَى الْأَصْبَاغُ فِي جَوِّهِ الْقَاسِي كَمَا يُجْتَلَى النُّحَاسُ الرَّسِيسُ١٣ •••
أَيُّ دُنْيَا هَذِي مِنَ الصَّخْرِ وَالْمَعْدَنِ وَالطُّحْلُبِ الَّذِي سَاءَ لَوْنَا أَيُّ مَرْأًى هَذَا الَّذِي يَجْعَلُ الْفَنَّانَ يَهْوَى وَيَكْرَهُ الْفَنَّ عَيْنَا أَيُّ سُوءٍ يُطِلُّ مِنْ هَذِهِ اللَّوْحَةِ لِلْفَنِّ إِنْ تَمَثَّلَ مَعْنَى أَيُّ رَمْزٍ وَأَيُّ نُطْقٍ وَإِفْصَاحٍ وَهَوْلٍ وَوَحْشَةٍ تَتَجَنَّى •••
جَلَسَ الْأَحْدَبُ الْمُرَوَّعُ حَيْرَانَ وَمِنْ حَوْلِهِ الطُّيُورُ الْكَوَاسِرْ فِي نِظَامِ الْحُرَّاسِ حَوْلَ زَعِيمٍ وَجْهُهُ صُورَةُ الرَّدَى وَالْمَخَاطِرْ وَتَرَاءَى الطُّيُورُ أَنْفُسُهَا لَوْنًا مِنَ الشَّرِّ سَاكِنًا وَهْوَ طَائِرْ فِي سَوَادِ الْجِلْبَابِ وَالْمِعْطَفِ الْأَبْيَضِ كَاللَّيْلِ مُقْحِمًا نُورَ ثَائِرْ •••
مَشْهَدٌ دَاعَبَتْهُ رُوحٌ مِنَ السِّحْرِ فَأَوْحَى بِرُوحِهِ الْأَثَرِيِّ وَتَجَلَّى الْبَخُورُ فِيهِ ضَحَايَا فِي دُخَانٍ يُصَاغُ مِنْ كُلِّ حَيِّ وَعَجِيبُ النُّقُوشِ وَالنَّحْتِ فِي الصَّخْرِ تَهَاوِيلُ لِلزَّمَانِ الْعَتِيِّ هُوَ مَرْأًى أَحَارُ مِنْ نَظْرَتِي فِيهِ أَفِيهِ غَبَاوَةُ الْعَبْقَرِيِّ •••
صَاحَ: «يَا عَبْدُ خُذْ إِلَى ظَاهِرِ الْأَرْضِ حَرِيصًا رُسْلًا لَنَا أَوْفِيَاءَ» خُذْ لَهَا ذَلِكَ «التَّحَاسُدَ» وَ«الْأَثَرَةَ» وَ«الْمَكْرَ» وَ«الدَّنَا» وَ«الرِّيَاءَ» قَالَ هَذَا لَهُ وَقَدْ رَكَعَ الْعَبْدُ وَلَاءً وَالطَّيْرُ أَصْغَى وَلَاءَ وَهْوَ فِي فَرْحَةٍ بِمَا بَثَّ فِي الْأَرْضِ مِنَ الرُّسْلِ كَيْ تُعَانِي الشَّقَاءَ بين المروج (عبادة الحزن) جَلَسَتْ تُفَكِّرُ فِي خَيَالِ غَرَامِي وَتُطِلُّ فِي غَيْبِي وَفِي أَحْلَامِي وَتَعُبُّ مِنْ شِعْرِي وَوَحْيِ صَبَابَتِي خَمْرًا مِنَ الْأَنْغَامِ وَالْآلَامِ فَتَهُزُّهَا مِثْلِي وَتُسْكِرُهَا كَمَا بِالْفَنِّ تُسْكِرُ رِيشَةُ الرَّسَّامِ تَاهَتْ بِدُنْيَا الْحُبِّ فَهْيَ غَنِيَّةٌ بِالْحُبِّ حِينَ سِقَامُهَا كَسِقَامِي وَتَخَيَّلَتْنِي عَاطِفًا وَمُوَاسِيًا أَحْنُو بِكَأْسِ هَوًى وَكَأْسِ مُدَامِ حَتَّى إِذَا مَا قَدْ ذَكَرْتُ شَقَاوَتِي وَمَنَاحَةَ الْمَفْقُودِ مِنْ أَيَّامِي وَغَرَامِيَ الْمَاضِي الَّذِي كَفَّنْتُهُ بِدَمِي وَأُودِعَ فِي فُؤَادِي الدَّامِي غَلَبَتْ عَلَيَّ مِنَ الشُّجُونِ عَوَاصِفٌ فَسَقَطْتُ فِي كَنَفِ الْمُرُوجِ أَمَامِي وَالْتَعْتُ حَتَّى لَمْ أَرُدَّ تَحِيَّةً مِنْهَا وَكَانَ سَلَامُهَا لِسَلَامِي فَتَوَهَّمَتْ أَنِّي نَسِيتُ وِدَادَهَا أَوْ أَنَّ شِعْرِي غَيْرُ رُوحِ هُيَامِي وَالْحُبُّ يَعْلَمُ أَنَّنِي فِي غَمْرَةٍ وَعَوَاصِفٍ مِنْ قَسْوَةِ الْأَيَّامِ أَحْيَا بِأَشْجَانٍ تُمِيدُ رَوَاسِيًا وَتُمِيتُ كُلَّ رَجَائِيَ الْبَسَّامِ فَإِذَا فَرَرْتُ إِلَى الضِّيَاءِ هُنَيْهَةً أَجْفَلْتُ ثُمَّ قَصَدْتُ كَهْفَ ظَلَامِي وَعَرَفْتُ عَنْ طِيبِ الْمُرُوجِ وَإِنْ تَكُنْ فَنًّا مِنَ الْإِبْدَاعِ وَالْإِلْهَامِ وَسَكَنْتُ لِلنَّفْسِ الْحَزِينَةِ جَاثِيًا قَلِقًا أُفَتِّشُ عَالَمِي الْمُتَرَامِي فَأَعُبُّ كَأْسَ الْحُزْنِ وَحْدِي صَامِتًا وَالصَّمْتُ بَعْضُ عِبَادَةِ الْمُتَسَامِي وَأَصُونُ عَنْهَا الْحُزْنَ إِنَّ شُبُوبَهُ حَرَقِي وَإِنَّ رُكُودَهُ لَحُطَامِي
| |
| | | | ® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2020-11-03, 10:17 am | | مدام بترفلاي (نظمها الشاعر ارتجالًا على أثر إحدى مشاهداته لهذه الأوبرا المشجية.)
دَمْعِي «مَدَامُ بَتَرْفِلَايَ» دَمِي «مَدَامُ بَتَرْفِلَايْ» خُلِقَا لِمِثْلِ عَذَابِكِ الْقَاسِي وَمَا لَهُمَا سِوَايْ أَبْصَرْتُ مَصْرَعَكِ الْمُكَرَّرَ كَالْمَآسِي فِي نُهَايْ حِينًا تُصَوَّرُ فِي الْحُبُورِ وَكُلُّ مَا فِيهِ أَسَايْ وَتُشَامُ فِي السَّقَمِ الْمُبَرِّحِ مُسْتَسِرًّا فِي حَشَايْ يَا حُلْوَةَ الرُّوحِ الْحَبِيبِ شَجِيُّ ذِكْرَاكِ غِنَايْ مَا لِي أَرُومُكِ فِي الْمَشَاهِدِ وَالْعَوَاطِفُ مُقْلَتَايْ وَتَعُبُّ رُوحِي مِنْ عَذَابِكِ مَا يَنُوءُ بِهِ حِجَايْ أَكَذَا الْغِنَى لِلنَّفْسِ آلَامِي أَهَذَا مُبْتَغَايْ أَعَذَابُ رُوحِي طُهْرُهَا الْمُبْقِي عَلَيْهَا أَمْ فَنَايْ أَفْدِيكِ لِلذِّكْرَى فَهَذَا شِعْرُ تَقْطِيعِي فِدَايْ يَا لَلسَّذَاجَةِ وَالْحَنَانِ تَبَدَّدَا كَشَذَى هَوَايْ يَا لَلضَّحِيَّةِ لِلْحَيَاةِ نِدَاؤُهَا أَبَدًا نِدَايْ خَدَعَتْكِ أَطْيَافُ الرَّبِيعِ وَكَمْ حَسِبْتُ بِهَا نَدَايْ وَالْحُبُّ يَلْعَبُ مَارِحًا مَرَحَ الصَّبَابَةِ فِي بُكَايْ وَالطَّيْرُ يَبْنِي عُشَّهُ كَبِنَاءِ وَهْمِي فِي صِبَايْ وَالْغَيْبُ يُخْفِي سِرَّهُ كَالْبِشْرِ إِنْ أَخْفَى عِدَايْ خَدَعَتْكِ فِي شَتَّى مَرَائِيهَا وَكَمْ خَدَعَتْ رَجَايْ فَفَقَدْتِ كُلَّ مُؤَمَّلٍ وَلَفِظْتِ رُوحَكِ فِي مُنَايْ فَإِذَا الضَّحِيَّةُ مُنْتَهَاكِ وَلِلضَّحِيَّةِ مُنْتَهَايْ البأس الساحر أَنَا لَا أُخَادِعُ أُمَّتِي بِنَصِيحَتِي مَا كُنْتُ مَأْجُورًا وَلَسْتُ بِآجِرِ مَنْ ذَا يُسَخِّرُ مُهْجَتِي وَعَوَاطِفِي لِهَوَاهُ أَوْ يَلْهُو بِرُوحِ الشَّاعِرِ وَطَنِي الْعَزِيزَ بَكَيْتُ حَظَّكَ حِينَمَا خَذَلَ الْبَنُونَ مُنَاكَ خَذْلَ الْفَاجِرِ تَخِذُوا التَّنَابُذَ دَيْدَنًا وَتَفَرَّقُوا جَرْحَى التَّخَاذُلِ تَحْتَ جَيْشٍ ظَافِرِ وَتَقَاذَفُوا تُهَمَ الْهَوَانِ كَأَنَّمَا غَنِمُوا إِذَا اقْتَسَمُوا هَوَانَ الْخَاسِرِ مَنْ مُبْلِغٌ أَحْدَاثَهُمْ وَشُيُوخَهُمْ أَنَّ التَّنَاحُرَ مَأْرَبٌ لِلنَّاحِرِ تَمْضُونَ أَنْتُمْ كَالضَّحَايَا بَيْنَمَا هُوَ سَاخِرٌ مِنْكُمْ وَأَعْجَبُ سَاخِرِ لَوْلَا تَنَابُذُكُمْ لَأَذْعَنَ بَأْسُهُ لَكُمُو فَإِنَّ الْحَزْمَ أَبْلَغُ سَاحِرِ وَالْآنَ يَا وَطَنِي الذَّلِيلَ أَلَا فَتًى جَمُّ الْبُطُولَةِ مُسْتَقِلُّ الْخَاطِرِ يَقْضِي عَلَى هَذَا التَّنَابُذِ ضَارِبًا بِعَوَامِلِ التَّفْرِيقِ ضَرْبَةَ قَادِرِ فَيُعِيدُ مَجْدَكَ وَهْوَ مَجْدُهُمُو فَمَا غَيْرُ الْقَوِيِّ يُعِيدُ حَظَّ الْعَاثِرِ إِنَّا بِعَصْرٍ لِلتَّعَاوُنِ وَحْدَهُ حِينَ التَّعَاوُنُ قَاهِرٌ لِلْقَاهِرِ سماسرة الهوان مَا لِي وَأَطْيَافُ الرَّبِيعِ تَشُوقُنِي أَشْجَى كَمَا يُشْجَى الْغَمَامُ بِمَوْطِنِي فَيَجِيءُ حَتَّى فِي الرَّبِيعِ كَأَنَّهُ صُوَرُ الْحِدَادِ لِمَحْزَنٍ وَلِمُحْزِنِ وَطَنِي نُكِبْتَ بِكُلِّ غِرٍّ نَافِخٍ فِي شُعْلَةِ الْحِقْدِ الْمُدَمِّرِ لَا يَنِي يَتَظَاهَرُونَ وَأَنْتَ وَحْدَكَ غَارِمٌ وَهُمُ الْجُنَاةُ وَإِنْ عُدِدْتَ الْمُجْتَنِي كُلٌّ يُحَقِّرُ نِدَّهُ وَكَأَنَّمَا الْمَجْدُ أَنْ يُؤْذِي أَخَاهُ بِمَطْعَنِ فَإِذَا التَّعَاوُنُ سُبَّةٌ وَجَرِيرَةٌ وَإِذَا التَّنَابُذُ مِثْلُ دَاءٍ مُزْمِنِ لَوْلَا سَمَاسِرَةُ الْهَوَانِ لَمَا غَدَا هَذَا الْهَوَانُ يَنَالُ عِزَّةَ مَوْطِنِي هدأة الصيف مَا بَالُ هَذَا الصَّيْفِ يَهْدَأُ عِنْدَهُ قَلَقُ الْعَوَاطِفِ بَلْ تَنَامُ هَنِيئَا وَأَنَا الَّذِي إِحْسَاسُهُ مُتَوَثِّبٌ فَإِذَا تَبَاطَأَ لَا تَرَاهُ بَطِيئَا أَيْنَ الْهُدُوءُ لِشَاعِرٍ أَحْلَامُهُ قَدْ طَوَّقَتْ هَذَا الْوُجُودَ مِرَارَا فَيُتَابِعَ الْأَجْرَامَ فِي حَرَكَاتِهَا وَيُصَاحِبَ الْأَنْدَاءَ وَالْأَزْهَارَا عَرَفَ الْجَلِيلَ مَعَ الْحَقِيرِ فَلَمْ يَزَلْ يَسْتَوْعِبُ الدُّنْيَا الْمُنَوَّعَةَ الصُّوَرْ فَتَرَاهُ يَلْقَى الصَّيْفَ مِثْلَ رَبِيعِهِ فَفُؤَادُهُ لَحَظَ الْجَمَالَ وَإِنْ سُتِرْ يَا نَبْعَ وَحْيٍ كُلُّهُ طُرَفُ الْهَوَى هَلْ جَفَّ هَذَا النَّبْعُ إِثْرَ الصَّيْفِ حَاشَاهُ هَذَا النَّبْعُ إِيمَانٌ بِلَا حَدٍّ وَصَمْتُكِ فِيهِ مَعْنَى الْعَطْفِ الدنيا المريضة يَا لَيْتَ طَوْعَ يَدِي الشِّفَاءَ فَإِنَّمَا أَوْلَى بِإِسْعَادِ الْجَمَالِ الطِّبُّ أَلَمِي لِهَمٍّ فِي فُؤَادِكِ ثَائِرٍ أَلَمُ الضَّعِيفِ سَلَا دُعَاهُ الرَّبُّ أَتَنَاوَلُ الْحَسَرَاتِ كَأْسَ مُدَامَتِي وَالْحَظُّ يَخْطُو عَاثِرًا وَيَدِبُّ وَأَوَدُّ لَوْ أَنِّي أَصُونُكِ عَنْ أَسَى دُنْيَايَ فَهْيَ دُنَى أَبَاهَا الْحُبُّ لَوْ أَنَّهَا قَدَرَتْ شُعُورَكِ هَيَّأَتْ لَكِ فِي السَّعَادَةِ مَا تَخَيَّلَ صَبُّ رُوحٌ كَرُوحِكِ كُلُّهُ لُطْفُ النُّهَى أَوْلَى بِهِ مَا يَشْتَهِيهِ مُحِبُّ لَا أَنْ يُعَذَّبَ فِي عَوَاطِفِهِ بِمَا يَلْقَاهُ مِنْ دُنْيَا جَفَاهَا الطِّبُّ الناسي نَسِيتَ وَجْدِي وَكَمْ أُنْسِيتَ يَا قَاسِي أَنَا الْعَلِيلُ وَلَكِنْ قَلْبُكَ النَّاسِي يَا رَاحِلًا عَائِدًا مَرْضَاهُ كَالْآسِي وَكُلُّهُ رَحْمَةٌ يُشْفَى الْعَلِيلُ بِهَا مَا بَالُ قَلْبِي هُوَ الْمَنْسِيُّ فِي النَّاسِ زَعَمْتَ أَنِّي الَّذِي يَسْلُوكَ فِي بُعْدِكْ فَهَلْ جَهِلْتَ فُؤَادًا عَاشَ مِنْ وُدِّكْ كَيْفَ السُّلُوُّ وَرُوحِي مِنْ جَنَى شَهْدِكْ وَعَهْدُهَا لِلْهَوَى أَنْتَ الْعَلِيمُ بِهِ فَقَدْ شَرَحْتَ مَعَانِي الْحُبِّ فِي عَهْدِكْ يَنْسَاكَ مَنْ كَانَ يَنْسَى حُسْنَكَ الْآسِرْ يَا مَنْ غَدَا حُسْنُهُ لِلشِّعْرِ وَالشَّاعِرْ حُسْنٌ مِنَ النُّورِ يَغْزُو فَنُّهُ الزَّاخِرْ أَهْلَ الْحَيَاةِ فَيُحْيِيهِمْ لِأَجْيَالِ فَإِنَّ رُوحَكَ كَالْإِلْهَامِ لِلسَّاحِرْ الإعصار العاتية بعث الشاعر اللبناني المجدد إلياس قنصل بمخطوط شِعره إلى صاحب هذا الديوان لكتابة مقدمة له؛ فأرسل إليه التحية الآتية بعد اطلاعه على ذلك الشِّعر:
أَلِلْخُلْدِ يَا ابْنَ عَزِيزِ الْخَيَالِ تَطُوفُ عَلَى الْقِمَمِ الْعَالِيَهْ جَدِيرٌ بِشِعْرِكَ وَحْيُ الْجَمَالِ بِأَوْصَافِكَ الْحُرَّةِ الْآبِيَهْ وَمَا فِيهِ مِنْ ثَوْرَةٍ لِلْمُحَالِ وَمِنْ وَثْبِ إِعْصَارِكَ الْعَاتِيَهْ لَئِنْ جَمَحَتْ فَجُمُوحُ الْمَعَالِي وَإِنْ هَدَأَتْ فَالْمُنَى الرَّاضِيَهْ غِنَاءٌ يَفِيضُ بِسِحْرِ اللَّيَالِي وَفَلْسَفَةُ الْأَنْجُمِ الرَّانِيَهْ فَمَنْ كَانَ يُنْشِدُهُ لَا يُبَالِي بِدُنْيَا الْوَرَى وَالْمُنَى الْفَانِيَهْ وَمَا الشِّعْرُ إِلَّا عَزِيزُ ابْتِهَالٍ وَرُوحًا مِنَ الشُّعْلَةِ الْبَاقِيَهْ المعبد المعتزل (جلسة مسائية في متحف فني للتصوير وقد اجتمعت فيه أضواء فنية ساحرة.)
وَمَعْبَدٌ مِنْ مَغَانِي الْخُلْدِ مُعْتَزِلٍ قَدْ أَطْلَعَ الْفَنُّ فِيهِ كُلَّ إِعْجَازِ الضَّوْءُ فِيهِ أَمَانِيٌّ مُنَوَّعَةٌ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ خَفِيِّ الرُّوحِ نَهَّازِ جَلَسْتُ فِيهِ وَحَوْلِي مِنْ نَمَاذِجِهِ رُوحُ الطَّبِيعَةِ فِي تَعْبِيرِهَا الْغَالِي تَمَثَّلَتْ صُوَرًا هَيْهَاتَ يَجْحَدُهَا حَتَّى الْخَلِيُّ فَمَا فِي الْفَنِّ مِنْ خَالِي سِحْرٌ مِنَ الْقَبَسِ الْعَالِي تَطُوفُ بِهِ مِنْ مُهْجَةِ الْخَالِقِ الْوَهَّابِ أَشْعَارُ كَأَنَّهُ جَالِسٌ يُصْغِي وَيَرْسُمُ مَا فِيهِ الْحَيَاةُ وَفِيهِ الْمَوْتُ وَالنَّارُ هَلْ هَذِهِ صِبْغَةُ الرَّحْمَنِ خَالِقِنَا جَادَتْ لَنَا بِجَمَالِ الْكَوْنِ شَفَّافَا هَذِي الطَّبِيعَةُ جَاءَتْنَا مُجَمَّعَةً وَجَاذَبَتْنَا تَهَاوِيلًا وَأَطْيَافَا وَحِينَمَا قَدَّسَتْ أَرْوَاحُنَا مُثُلًا مِنْهَا عَبَدْنَا الَّذِي نَاجَى أَمَانِيَنَا وَقَدْ لَثَمْنَا يَدَ الرَّحْمَنِ نَاقِشَةً هَذِي الْحَيَاةَ خُلُودًا شَاقَ أَوْ دِينَا قصيدتي الكبرى أَنَا لَا أَلُومُ الْغَافِلِينَ إِذَا أَبَوْا شِعْرِي وَعَابُوا رَوْعَتِي وَرُوَاتِي هَلْ يُدْرِكُونَ قَصِيدَةً لِعَوَاطِفِي وَهُمُ الَّذِينَ أَبَوْا قَصِيدَ حَيَاتِي أَحْيَا لِغَيْرِي وَالدَّقَائِقُ مِلْؤُهَا نَغَمِي وَمِلْءُ دُمُوعِهَا أَبْيَاتِي فَقَصِيدَتِي الْكُبْرَى حَيَاتِي كُلُّهَا وَأَقَلُّهَا شِعْرِي وَوَهْمُ عُدَاتِي سَتَعِيشُ رُوحِي فِي جَدِيدٍ دَائِمٍ لِلشِّعْرِ ثُمَّ تَعِيشُ بَعْدَ مَمَاتِي وَمَنِ اسْتَطَابَ لَهُ الْوُجُودُ بَقَاءَهُ صُوَرًا مِنَ الشِّعْرِ الْأَبِيِّ الْعَاتِي هَيْهَاتَ يَأْبَهُ لِلصَّغِيرِ إِذَا أَبَى جَدْوَاهُ فِي الْمَاضِي وَوَحْيِ الْآتِي إِنْ يَأْنَفِ الْعُبَّادُ حَنَّ لِمُهْجَتِي — لِخُلُوصِهَا — الْمَعْبُودُ فِي صَلَوَاتِي أَوْ لَمْ يُصِبْ نَغَمَ الصُّخُورِ فَحَسْبُهُ سَمْعٌ مِنَ الْأَرْبَابِ وَالرَّبَّاتِ أُمُّنا الأرض أُمَّاهُ إِنَّ لَدَيْكِ صَفْوَ حَنِينِي وَإِلَيْكِ مَرْجِعُ فَرْحَتِي وَأَنِينِي أَلْقَاكِ فِي كَنَفِ السُّكُونِ عِبَادَةً وَأُقَبِّلُ التُّرْبَ الَّذِي يُحْيِينِي وَأَرُوحُ أَعْشَقُ كُلَّ مَا أَنْجَبْتُهُ فَجَمِيعُهُ شِعْرٌ إِزَاءَ حَنِينِي مَا النَّحْلُ مَا هَذِي الدَّوَاجِنُ كُلُّهَا وَالْغَرْسُ إِلَّا الشِّعْرُ مِلْءَ رَنِينِي شِعْرٌ تُجَاوِبُهُ عَوَاطِفُ مُهْجَتِي وَأَنَا الْمَدِينُ لَهُ بِأَجْمَلِ دَيْنِ وَأَرَى الْأُلُوهَةَ فِيهِ بَيْنَ تَوَثُّبٍ وَتَطَايُرٍ وَوَدَاعَةٍ وَسُكُونِ وَالنَّاسُ تَعْجَبُ مِنْ تَوَزُّعِ خَاطِرِي وَهُوَ الْمُوَحَّدُ فِيكِ غَيْرَ غَبِينِ أُمَّاهُ مَوْئِلُ كُلِّ لُبٍّ شَاعِرٍ نَجْوَاكِ فَهْيَ مَفَاتِنِي وَفُنُونِي اليد البخيلة لَمَسْتُ كَأْسَ الْهَوَى لَكِنْ وَقَدْ لَمَسَتْ يَدِي الْهَوَى غَابَ عَنْ نَجْوَايَ مَذْعُورَا يَا حُبُّ أَيُّ نَشِيدٍ أَنْتَ تَطْلُبُهُ وَأَنْتَ تَبْخَلُ بِالْإِيحَاءِ مَسْرُورَا هَاتِ الرَّحِيقَ وَخُذْ مِنِّي مُرَنَّحَةً مِنَ الْخُلُودِ تَبُثُّ اللَّحْنَ وَالنُّورَا لَا أَكْذِبُ اللهَ إِنِّي لَنْ أَعِيشَ سُدًى حَتَّى أَرَى فِي الْجِنَانِ الْخَمْرَ وَالْحُورَا بَلْ أُوثِرُ الْعَيْشَ فِي دُنْيَايَ مُحْتَمِلًا أَذًى لَهَا إِنْ غَنِمْتُ الْحُبَّ مَوْفُورَا أَيْنَ الْمَلَاحَةُ تُرْضِينِي مَنَاهِلُهَا فَتَغْنَمُ الْفَنَّ إِلْهَامًا وَتَصْوِيرَا أَيْنَ الْجَمَالُ بِلَا صَدٍّ وَلَا كَلَفٍ يُبَادِلُ الْفَنَّ تَحْرِيرًا وَتَصْوِيرَا هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ مَا لِلْفَنِّ مُنْتَصَفٌ وَكَمْ يَعِيشُ جَلِيلُ الْفَنِّ مَقْبُورَا الدموع يَا لَلدُّمُوعِ تَرِفُّ مِنْ عَيْنَيْكِ وَتُثِيرُ قَلْبًا كَمْ يَحِنُّ إِلَيْكِ فِيمَ الْبُكَاءُ وَفِي الْحَيَاةِ جَمِيعِهَا تَجْرِي الدُّمُوعُ نَدًى بِدَمْعِ رَبِيعِهَا أَحَنَنْتِ لِلدَّمْعِ الَّذِي هُوَ سَاجِ فِي الْكَوْنِ فِي الْأَجْوَاءِ وَالْأَمْوَاجِ أَمْ قَدْ عَطَفْتِ عَلَى فُؤَادِي الثَّائِرِ — وَهْوَ الْوَدِيعُ — عَلَى الْوُجُودِ الْجَائِرِ قَلْبٌ يَلُوحُ كَأَنَّهُ فِي أُنْسِهِ وَهْوَ الْمُحَجَّبُ مَأْتَمًا فِي عُرْسِهِ وَيَرَى الْجَمَالَ مُرَتِّلًا وَمُغَرِّدًا مُتَعَبِّدًا وَمُنَاهُ أَنْ يَتَعَبَّدَا وَهْوَ الَّذِي حَرَمُوهُ حَظَّ عِبَادَةٍ وَتَوَهَّمُوهُ بِنِعْمَةٍ وَسَعَادَةِ فَإِذَا نَأَيْتِ فَإِنَّ رُوحَ وَدَاعِي خَافٍ عَنِ الْأَبْصَارِ وَالْأَسْمَاعِ وَيَرِفُّ حَوْلَكِ مِنْ فُؤَادِي الْبَاكِي كَالْعِطْرِ بَعْدَ الزَّهْرِ وَالْأَشْوَاكِ الطبيب وَدَّعْتِ عَاصِمَةَ الْمُعِزِّ فَهَلْ تُرَى وَدَّعْتِ غَيْرَ تَلَهُّفِي وَوَجِيبِي وَحَسِبْتِ أَنَّ لِيَ الْعَزَاءَ بِمَا أَرَى حَوْلِي مِنَ التَّشْوِيقِ وَالتَّعْحِيِب وَكَأَنَّ بَدْرَ التَّمِّ آمَنَ وَحْدَهُ بِأَسَايَ أَوْ بِهَوَايَ أَوْ بِنَحِيبِي فَرَأَيْتُهُ فِي حَالِ مُمْتَقِعٍ لَهُ مِنْ صُفْرَةِ الْإِشْفَاقِ وَالتَّعْذِيبِ لَوْنِي وَقَدْ شَاهَدْتُ مَصْرَعَ نِعْمَتِي عُمْرًا مِنَ التَّشْرِيدِ وَالتَّغْرِيبِ وَالْجَوُّ فِي قَيْظٍ تَأَجَّجَ مِثْلَمَا تَتَأَجَّجُ الْآلَامُ مِلْءَ غَرِيبِ وَتَكَادُ أَنْفَاسِي تُرَدُّ وَإِنْ يَكُنْ جِسْمِي بِنَبْضٍ لِلْحَيَاةِ عَجِيبِ وَأَرَى الطَّبِيعَةَ كُلَّهَا فِي حَسْرَةٍ وَكَأَنَّمَا رِيعَتْ لِنَأْيِ حَبِيبِي أَوَّاهُ مِنْ ظَمَأٍ عَلَى ظَمَأٍ وَكَمْ يُلْقَى قَرِيبَ الرِّيِّ غَيْرَ قَرِيبِ أَشْبَعْتُ سُخْرِيَةَ الْحَيَاةِ وَكَيْدَهَا وَجَزَيْتُهَا بِنَشِيدِ كُلِّ أَدِيبِ فَعُدِدْتُ شَاعِرَهَا الطَّبِيبَ وَإِنْ أَكُنْ بِأَسَايَ مَحْرُومًا عَزَاءَ طَبِيبِ الغروب الثائر مَا لِلْغُرُوبِ يَثُورُ بِالْأَنْوَاءِ مِنْ قَلْبِي الْحَزِينْ مَا لِلدِّمَاءِ تَكَاثَفَتْ كَالْمَوْجِ وَالْغَيْبُ السَّفِينْ أَيْنَ الضَّحَايَا قَدْ تَرَاءَى الْأُفْقُ يَعْكِسُ رُوحَهَا هَيْهَاتَ قَدْ ذَهَبَتْ وَإِنْ أَبْقَى الزَّمَانُ جُرُوحَهَا يَا ثَوْرَةً عِنْدَ الْغُرُوبِ لَمَحْتُ فِيكِ فُؤَادِي هَذِي دِمَائِي اسْتُنْزِفَتْ وَعَلَى السَّمَاءِ حِدَادِي كَمْ فِي السَّمَاءِ شُعُورُ هَذِي الْأَرْضِ فِي مَاضِي الْقُرُونِ كَمْ تَعْكِسُ الْأَقْدَارُ فِي صَفَحَاتِهَا صُوَرَ الْجُنُونْ صُوَرَ الْعَوَاطِفِ وَهْيَ قَتْلَى مِنْ جُنُونِ الْحَادِثَاتْ وَيَكَادُ هَذَا الْأُفْقُ يَصْرُخُ مِنْ تَصَارِيفِ الْمَمَاتْ هَذِي رُؤَى الْأَصْبَاغِ كَالصَّيْحَاتِ لِلْقَتْلَى تَرُوعْ مَا الْحَشْرُ يَوْمَ الْحَشْرِ أَرْوَعَ مِنْ شَجَاهَا لِلْمَرُوعْ صُوَرٌ تُعَذِّبُ خَاطِرِي وَالْأَمْسَ كَانَتْ نِعْمَتَهْ أَلِأَنَّ بُعْدَكِ قَهْرُ نَفْسِي صَارَ صَفْوِي ثَوْرَتَهْ يَا خَاطِرِي ثُرْ دَائِمًا أَوْ لَا تَثُرْ فَالْحُبُّ فَاتْ بَعْدَ الْوَدَاعِ لِأَيِّ حُلْمٍ أَنْتَ تُنْشِدُ لِلْحَيَاةْ لَيْسَتْ ثُمَالَةُ كَأْسِيَ الْحَسْرَى كَخَمْرِ الْعَاشِقِينْ جَمَعَتْ مَرَارَاتٍ مِنَ الذِّكْرَى وَمِنْ نَبْعِ الْأَنِينْ مَنْ ظَنَّ أَنِّي مُسْعَدٌ فِي نَشْوَتِي فَهْوَ الضَّرِيرْ ضَحِكِي كَقَهْقَهَةِ الْقَنَانِي وَهْيَ تُذْبَحُ لِلْخُمُورْ وَأُغَالِطُ الْأَيَّامَ فِي وَهْمِي بِأَنِّي مُنْعَمُ فَإِذَا مَنَاهِلُ خَاطِرِي يَا خَاطِرِي تَتَضَرَّمُ وَالْآنَ فَاشْرَبْ مِنْ رُؤَى هَذَا الْغُرُوبِ الثَّائِرِ اشْرَبْ دِمَاءَكَ فِي السَّمَاءِ بِنَظْرَةٍ لِلشَّاعِرِ اشْرَبْ دِمَاءَكَ أَوْ رِثَاءَكَ فِي مَمَاتٍ لَنْ يَهُونْ مَوْتُ التَّوَزُّعِ وَالتَّأَلُّمِ فِي الْعَوَاصِفِ وَالْجُنُونْ ساعة التوديع وَأَتَى الْوَدَاعُ فَمَا بَخِلْتُ بِمَدْمَعِي لَكِنْ بَخِلْتُ بِأَنْ يُرَاقَ شُعُورِي فَحَبَسْتُ كُلَّ عَوَاطِفِي إِلَّا الَّتِي هَرَبَتْ هُرُوبَ الْعَاشِقِ الْمَقْهُورِ وَأَخَذْتُ أَنْظُرُ ثُمَّ أَنْظُرُ وَاعِيًا مَا افْتَرَّ عَنْكِ مِنَ الْمُنَى وَالنُّورِ رُوحٌ كَرُوحِكِ أُشْبِعَتْ رُوحَ الْعُلَا وَالْبَعْثِ لِلْمَحْرُومِ وَالْمَقْبُورِ أَتَأَمَّلُ اللَّحَظَاتِ فِي أَسْرَارِهَا وَكَأَنَّنِي أَرْنُو بِلَمْحِ دُهُورِ كَمْ فِيكِ مِنْ سِرٍّ عَصِيٍّ ثَائِرٍ يَخْفَى وَيَبْدُو مِنْ خِلَالِ سُطُورِ أَلْقَاهُ بِالْإِمْعَانِ وَهْوَ يَجُودُ لِي بِالْفَنِّ ثُمَّ يَجُودُ فِي تَعْبِيرِي أَلْقَاهُ لُقْيَا طَالِبٍ إِحْسَانَهُ فَأَنَا إِلَى الْإِحْسَانِ جِدُّ فَقِيرِ وَأُطِلُّ مِنْ عَيْنَيْكِ فِي حِقَبٍ بِلَا عَدٍّ وَقَدْ فَلَتَتْ مِنَ التَّصْوِيرِ مَا هَذِهِ الْأَحْلَامُ مَا هَذِي الْمُنَى مَا ذَلِكَ الْإِلْهَامُ لِلْمَسْحُورِ هَذَا جَمَالُ النَّفْسِ فِي اسْتِعْلَائِهَا مُتَمَلِّكًا لُبِّي وَوَحْيَ ضَمِيرِي فَأَظَلُّ أَرْنُو ثُمَّ أَرْنُو حَائِرًا مَا بَيْنَ آلَامٍ وَبَيْنَ سُرُورِ وَكَأَنَّنِي أَلْقَى الْأُلُوهَةَ سَمْحَةً فَتُنِيرُ نَهْجًا كَانَ غَيْرَ مُنِيرِ وَكَأَنَّنِي وَأَنَا أُطِيلُ تَأَمُّلِي أَتَنَاوَلُ الْإِبْدَاعَ مِنْ تَفْكِيرِي وَأَصُونُ كَنْزًا مِنْ حَنَانِكِ نَادِرًا لَيَرُدَّ فَقْرَ الْبَائِسِ الْمَهْجُورِ وَكَأَنَّ مُدَّخَرَ الْعَوَاطِفِ ثَرْوَتِي لِلشِّعْرِ لَا لِنُهَايَ بَلْ لِعُصُورِ وَكَأَنَّمَا الْقَمَرُ الْمُطِلُّ مُسَجِّلٌ غُنْمِي وَخُسْرِي فِي رِضًا وَفُتُورِ فَالْتَاعَ مِنْ قَلَقِي الدَّفِينِ وَحَسْرَتِي وَافْتَرَّ عَنْ نُورٍ لِبَعْضِ حُبُورِي فَبَدَا مَزِيجًا مِنْ ضِيَاءٍ مُحْزِنٍ كَفُؤَادِيَ الْمُتَوَثِّبِ الْمَغْمُورِ •••
مَا سَاعَةُ التَّوْدِيعِ إِلَّا سَاعَةٌ لِلْمَوْتِ مَهْمَا أُعْقِبَتْ بِنُشُورِ نور ولهب يَا مَعْبَدًا لِلْحُبِّ لَا أَلْقَاكَا إِلَّا كَمَا يَلْقَى الشُّعَاعُ حِمَاكَ إِنَّا كِلَانَا لِلْفَنَاءِ وَمَا لَنَا مَثْوًى نَغِيبُ بِظِلِّهِ إِلَّاكَ هَذَا فَنَاءُ الْخُلْدِ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يُسْتَطَابُ تَحَرُّرًا وَشِرَاكَا فَإِذَا مَنَحْتَ فَأَنْتَ خَلَّاقُ الْهَوَى وَإِذَا حَرَمْتَ فَمَا قَتَلْتَ هَوَاكَا •••
يَمَّمْتُ رُكْنَكَ فِي تَلَهُّفِ بَائِسٍ قَلِقٍ وَمَا أَوْلَاهُ بِالْإِسْعَادِ خُلِقَتْ لِمَرْآكَ الشَّهِيِّ حَيَاتُهُ فَإِذَا بِهِ الْمَحْرُومُ كُلَّ وِدَادِ إِنْ كَانَ يَطْمَعُ فِيكَ فَهْوَ كَخُلْسَةٍ لِلْحَظِّ بَيْنَ مَصَائِبٍ وَحِدَادِ لَيْسَتْ نَعِيمًا رَغْمَ كُلِّ تَنَعُّمٍ فِيهَا وَلَيْسَتْ غَيْرَ طَعْنِ فُؤَادِي •••
إِنِّي خُلِقْتُ لِكَيْ أَعِيشَ كَخَالِقِي لِلْفَنِّ فِي عَيْشٍ حَلِيفِ نَقَاءِ عَيْشٌ أُوَحِّدُ فِيهِ كُلَّ صَبَابَتِي وَعِبَادَتِي وَتَعَشُّقِي وَرَجَائِي فَفَقَدْتُ مَنْ أَهْوَى وَإِنْ أَدْرَكْتُهَا وَلَرُبَّ وَصْلٍ فِيهِ رُوحُ جَفَاءِ وَحَيِيتُ أَلْتَمِسُ النَّعِيمَ حِيَالَهَا فَأَرَى النَّعِيمَ مُصَوِّرًا لِشَقَائِي •••
وَلَّى زَمَانُكَ يَا فُؤَادُ فَلَا تُطِلْ هَذَا الْحَنِينَ إِلَى خَيَالِ شَبَابِي تَرْنُو إِلَى صُوَرِ الْجَمَالِ لَعَلَّهَا تَشْفِيكَ مِنْ حَرَقٍ وَمِنْ أَوْصَابِ وَتُحِيلُ كُلَّ تَنَعُّمٍ تَحْظَى بِهِ صُوَرًا مِنَ الْفَنِّ الْعَزِيزِ الْآبِي وَتُطِلُّ أَنْتَ بِحَسْرَةٍ لَا تَنْتَهِي ظَمَأٌ عَلَى ظَمَأٍ وَطُولُ عَذَابِ •••
وَلَّى زَمَانُكَ يَا فُؤَادُ وَمَا أَرَى فِي هَذِهِ الدُّنْيَا عَزَاءً يُشْتَرَى مَهْمَا مَرِحْتَ فَمَا كُفِيتَ سَعَادَةً وَهَوَاكَ يَسْمُو فَوْقَ أَحْلَامِ الْوَرَى أَيْنَ الَّتِي هِيَ غُنْيَةٌ لِمَحَبَّتِي رُوحًا وَجِسْمًا فِي السَّمَاءِ وَفِي الثَّرَى هَيْهَاتَ حُبِّي لَا يُحَدُّ وَمَا أَرَى كُفْؤًا لَهُ مَهْمَا سَعَيْتُ لِأَنْ أَرَى •••
تَشْكُو عِتَابِي كَيْفَ تَشْكُو حِينَمَا الْأَرْضُ ضَاقَتْ عَنْ هَوَاكَ بَلِ السَّمَا أَيْنَ الْأَلِيفُ وَنَفْسُهُ لَكَ شُعْلَةٌ وَكِيَانُهُ لَكَ جَنَّةٌ تَرْوِي الظَّمَا أَيْنَ الَّتِي تَلْقَاكَ لُقْيَا سَاحِرٍ مُسْتَوْعِبٍ لِهَوَاكَ كَيْفَ تَجَسَّمَا أَيْنَ التَّجَاوُبُ فِي الْحَيَاةِ فَمَا أَرَى إِلَّا الْغَرَامَ مُضَرَّجًا وَمُضَرَّمَا امرأة الأبد (وامرأة الحياة) هَيْهَاتَ أَنْ أَنْسَى الْحَيَاةَ وَسِرَّهَا وَأَنَا أَسِيحُ بِعَالَمِ الْوِجْدَانِ إِنِّي انْدَمَجْتُ بِكُلِّ مَا تُوحِي بِهِ وَمَزَجْتُ مِنْ أَلْوَانِهَا أَلْوَانِي وَجَعَلْتُ شِعْرِيَ مَسْبَحًا لِخَيَالِهَا وَتَخِذْتُهَا أَلَقًا وَكَنْزَ مَعَانِي فَرَسَمْتُهَا صُوَرًا تَكَادُ بِرُوحِهَا تَحْيَا وَأَعْطَيْتُ الَّذِي أَعْطَانِي مُتَبَادِلَيْنِ مَبَاهِجًا وَنَفَائِسًا وَالْفَنُّ مِلْءُ تَبَادُلِ الْفَنَّانِ •••
أَعَزِيزَةَ الْأَحْلَامِ لَا تَتَخَيَّلِي لِلْمَرْأَةِ الضِّدَّيْنِ فِي الْإِحْسَانِ الْمَرْأَةُ الدُّنْيَا بِحَالٍ وَاحِدِ فِي صُورَةِ الْإِحْسَانِ وَالْحِرْمَانِ أَخَذَتْ عَنِ الْأَبَدِ الْقَصِيِّ أُلُوهَةً وَتَعِيشُ مُفْصِحَةً عَنِ الدَّيَّانِ بِنْتُ الْحَيَاةِ وَأُمُّهَا فَكِيَانُهَا وَشُعُورُهَا قَبَسٌ مِنَ الرَّحْمَنِ هَيْهَاتَ تَحْيَا لِلتَّبَتُّلِ حِينَمَا دُنْيَا التَّجَاوُبِ عِزَّةُ الْإِنْسَانِ إِلَّا التَّبَتُّلَ لِلْفُنُونِ وَأَهْلِهَا حِينَ الْفُنُونُ تَخُصُّهَا بِحَنَانِ •••
لَا تَحْسَبِينِي فِي التَّعَبُّدِ مُسْرِفًا بِمَعَابِدِ الْحُبِّ الَّذِي وَاسَانِي أَوْ أَنَّ فِي هَذِي الْعِبَادَةِ ضِلَّةً وَأَنَا أَعُبُّ بِصَفْوِهَا أَحْزَانِي إِنِّي أُعَذِّبُ مُهْجَتِي بِنَعِيمِهَا وَأَصُوغُ مِنْ آلَامِهَا أَلْحَانِي وَأَرَى الْحَيَاةَ بِهَا كَمَا أَلْقَى الرَّدَى وَنَقَائِضَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرَانِ وَإِذَا بِهَا طُهْرُ الْحَيَاةِ وَإِثْمُهَا وَجَنَى الْخُلُودِ وَعَثْرَةُ الْفُقْدَانِ ••• مدام بترفلاي (نظمها الشاعر ارتجالًا على أثر إحدى مشاهداته لهذه الأوبرا المشجية.)
دَمْعِي «مَدَامُ بَتَرْفِلَايَ» دَمِي «مَدَامُ بَتَرْفِلَايْ» خُلِقَا لِمِثْلِ عَذَابِكِ الْقَاسِي وَمَا لَهُمَا سِوَايْ أَبْصَرْتُ مَصْرَعَكِ الْمُكَرَّرَ كَالْمَآسِي فِي نُهَايْ حِينًا تُصَوَّرُ فِي الْحُبُورِ وَكُلُّ مَا فِيهِ أَسَايْ وَتُشَامُ فِي السَّقَمِ الْمُبَرِّحِ مُسْتَسِرًّا فِي حَشَايْ يَا حُلْوَةَ الرُّوحِ الْحَبِيبِ شَجِيُّ ذِكْرَاكِ غِنَايْ مَا لِي أَرُومُكِ فِي الْمَشَاهِدِ وَالْعَوَاطِفُ مُقْلَتَايْ وَتَعُبُّ رُوحِي مِنْ عَذَابِكِ مَا يَنُوءُ بِهِ حِجَايْ أَكَذَا الْغِنَى لِلنَّفْسِ آلَامِي أَهَذَا مُبْتَغَايْ أَعَذَابُ رُوحِي طُهْرُهَا الْمُبْقِي عَلَيْهَا أَمْ فَنَايْ أَفْدِيكِ لِلذِّكْرَى فَهَذَا شِعْرُ تَقْطِيعِي فِدَايْ يَا لَلسَّذَاجَةِ وَالْحَنَانِ تَبَدَّدَا كَشَذَى هَوَايْ يَا لَلضَّحِيَّةِ لِلْحَيَاةِ نِدَاؤُهَا أَبَدًا نِدَايْ خَدَعَتْكِ أَطْيَافُ الرَّبِيعِ وَكَمْ حَسِبْتُ بِهَا نَدَايْ وَالْحُبُّ يَلْعَبُ مَارِحًا مَرَحَ الصَّبَابَةِ فِي بُكَايْ وَالطَّيْرُ يَبْنِي عُشَّهُ كَبِنَاءِ وَهْمِي فِي صِبَايْ وَالْغَيْبُ يُخْفِي سِرَّهُ كَالْبِشْرِ إِنْ أَخْفَى عِدَايْ خَدَعَتْكِ فِي شَتَّى مَرَائِيهَا وَكَمْ خَدَعَتْ رَجَايْ فَفَقَدْتِ كُلَّ مُؤَمَّلٍ وَلَفِظْتِ رُوحَكِ فِي مُنَايْ فَإِذَا الضَّحِيَّةُ مُنْتَهَاكِ وَلِلضَّحِيَّةِ مُنْتَهَايْ البأس الساحر أَنَا لَا أُخَادِعُ أُمَّتِي بِنَصِيحَتِي مَا كُنْتُ مَأْجُورًا وَلَسْتُ بِآجِرِ مَنْ ذَا يُسَخِّرُ مُهْجَتِي وَعَوَاطِفِي لِهَوَاهُ أَوْ يَلْهُو بِرُوحِ الشَّاعِرِ وَطَنِي الْعَزِيزَ بَكَيْتُ حَظَّكَ حِينَمَا خَذَلَ الْبَنُونَ مُنَاكَ خَذْلَ الْفَاجِرِ تَخِذُوا التَّنَابُذَ دَيْدَنًا وَتَفَرَّقُوا جَرْحَى التَّخَاذُلِ تَحْتَ جَيْشٍ ظَافِرِ وَتَقَاذَفُوا تُهَمَ الْهَوَانِ كَأَنَّمَا غَنِمُوا إِذَا اقْتَسَمُوا هَوَانَ الْخَاسِرِ مَنْ مُبْلِغٌ أَحْدَاثَهُمْ وَشُيُوخَهُمْ أَنَّ التَّنَاحُرَ مَأْرَبٌ لِلنَّاحِرِ تَمْضُونَ أَنْتُمْ كَالضَّحَايَا بَيْنَمَا هُوَ سَاخِرٌ مِنْكُمْ وَأَعْجَبُ سَاخِرِ لَوْلَا تَنَابُذُكُمْ لَأَذْعَنَ بَأْسُهُ لَكُمُو فَإِنَّ الْحَزْمَ أَبْلَغُ سَاحِرِ وَالْآنَ يَا وَطَنِي الذَّلِيلَ أَلَا فَتًى جَمُّ الْبُطُولَةِ مُسْتَقِلُّ الْخَاطِرِ يَقْضِي عَلَى هَذَا التَّنَابُذِ ضَارِبًا بِعَوَامِلِ التَّفْرِيقِ ضَرْبَةَ قَادِرِ فَيُعِيدُ مَجْدَكَ وَهْوَ مَجْدُهُمُو فَمَا غَيْرُ الْقَوِيِّ يُعِيدُ حَظَّ الْعَاثِرِ إِنَّا بِعَصْرٍ لِلتَّعَاوُنِ وَحْدَهُ حِينَ التَّعَاوُنُ قَاهِرٌ لِلْقَاهِرِ سماسرة الهوان مَا لِي وَأَطْيَافُ الرَّبِيعِ تَشُوقُنِي أَشْجَى كَمَا يُشْجَى الْغَمَامُ بِمَوْطِنِي فَيَجِيءُ حَتَّى فِي الرَّبِيعِ كَأَنَّهُ صُوَرُ الْحِدَادِ لِمَحْزَنٍ وَلِمُحْزِنِ وَطَنِي نُكِبْتَ بِكُلِّ غِرٍّ نَافِخٍ فِي شُعْلَةِ الْحِقْدِ الْمُدَمِّرِ لَا يَنِي يَتَظَاهَرُونَ وَأَنْتَ وَحْدَكَ غَارِمٌ وَهُمُ الْجُنَاةُ وَإِنْ عُدِدْتَ الْمُجْتَنِي كُلٌّ يُحَقِّرُ نِدَّهُ وَكَأَنَّمَا الْمَجْدُ أَنْ يُؤْذِي أَخَاهُ بِمَطْعَنِ فَإِذَا التَّعَاوُنُ سُبَّةٌ وَجَرِيرَةٌ وَإِذَا التَّنَابُذُ مِثْلُ دَاءٍ مُزْمِنِ لَوْلَا سَمَاسِرَةُ الْهَوَانِ لَمَا غَدَا هَذَا الْهَوَانُ يَنَالُ عِزَّةَ مَوْطِنِي هدأة الصيف مَا بَالُ هَذَا الصَّيْفِ يَهْدَأُ عِنْدَهُ قَلَقُ الْعَوَاطِفِ بَلْ تَنَامُ هَنِيئَا وَأَنَا الَّذِي إِحْسَاسُهُ مُتَوَثِّبٌ فَإِذَا تَبَاطَأَ لَا تَرَاهُ بَطِيئَا أَيْنَ الْهُدُوءُ لِشَاعِرٍ أَحْلَامُهُ قَدْ طَوَّقَتْ هَذَا الْوُجُودَ مِرَارَا فَيُتَابِعَ الْأَجْرَامَ فِي حَرَكَاتِهَا وَيُصَاحِبَ الْأَنْدَاءَ وَالْأَزْهَارَا عَرَفَ الْجَلِيلَ مَعَ الْحَقِيرِ فَلَمْ يَزَلْ يَسْتَوْعِبُ الدُّنْيَا الْمُنَوَّعَةَ الصُّوَرْ فَتَرَاهُ يَلْقَى الصَّيْفَ مِثْلَ رَبِيعِهِ فَفُؤَادُهُ لَحَظَ الْجَمَالَ وَإِنْ سُتِرْ يَا نَبْعَ وَحْيٍ كُلُّهُ طُرَفُ الْهَوَى هَلْ جَفَّ هَذَا النَّبْعُ إِثْرَ الصَّيْفِ حَاشَاهُ هَذَا النَّبْعُ إِيمَانٌ بِلَا حَدٍّ وَصَمْتُكِ فِيهِ مَعْنَى الْعَطْفِ الدنيا المريضة يَا لَيْتَ طَوْعَ يَدِي الشِّفَاءَ فَإِنَّمَا أَوْلَى بِإِسْعَادِ الْجَمَالِ الطِّبُّ أَلَمِي لِهَمٍّ فِي فُؤَادِكِ ثَائِرٍ أَلَمُ الضَّعِيفِ سَلَا دُعَاهُ الرَّبُّ أَتَنَاوَلُ الْحَسَرَاتِ كَأْسَ مُدَامَتِي وَالْحَظُّ يَخْطُو عَاثِرًا وَيَدِبُّ وَأَوَدُّ لَوْ أَنِّي أَصُونُكِ عَنْ أَسَى دُنْيَايَ فَهْيَ دُنَى أَبَاهَا الْحُبُّ لَوْ أَنَّهَا قَدَرَتْ شُعُورَكِ هَيَّأَتْ لَكِ فِي السَّعَادَةِ مَا تَخَيَّلَ صَبُّ رُوحٌ كَرُوحِكِ كُلُّهُ لُطْفُ النُّهَى أَوْلَى بِهِ مَا يَشْتَهِيهِ مُحِبُّ لَا أَنْ يُعَذَّبَ فِي عَوَاطِفِهِ بِمَا يَلْقَاهُ مِنْ دُنْيَا جَفَاهَا الطِّبُّ الناسي نَسِيتَ وَجْدِي وَكَمْ أُنْسِيتَ يَا قَاسِي أَنَا الْعَلِيلُ وَلَكِنْ قَلْبُكَ النَّاسِي يَا رَاحِلًا عَائِدًا مَرْضَاهُ كَالْآسِي وَكُلُّهُ رَحْمَةٌ يُشْفَى الْعَلِيلُ بِهَا مَا بَالُ قَلْبِي هُوَ الْمَنْسِيُّ فِي النَّاسِ زَعَمْتَ أَنِّي الَّذِي يَسْلُوكَ فِي بُعْدِكْ فَهَلْ جَهِلْتَ فُؤَادًا عَاشَ مِنْ وُدِّكْ كَيْفَ السُّلُوُّ وَرُوحِي مِنْ جَنَى شَهْدِكْ وَعَهْدُهَا لِلْهَوَى أَنْتَ الْعَلِيمُ بِهِ فَقَدْ شَرَحْتَ مَعَانِي الْحُبِّ فِي عَهْدِكْ يَنْسَاكَ مَنْ كَانَ يَنْسَى حُسْنَكَ الْآسِرْ يَا مَنْ غَدَا حُسْنُهُ لِلشِّعْرِ وَالشَّاعِرْ حُسْنٌ مِنَ النُّورِ يَغْزُو فَنُّهُ الزَّاخِرْ أَهْلَ الْحَيَاةِ فَيُحْيِيهِمْ لِأَجْيَالِ فَإِنَّ رُوحَكَ كَالْإِلْهَامِ لِلسَّاحِرْ الإعصار العاتية بعث الشاعر اللبناني المجدد إلياس قنصل بمخطوط شِعره إلى صاحب هذا الديوان لكتابة مقدمة له؛ فأرسل إليه التحية الآتية بعد اطلاعه على ذلك الشِّعر:
أَلِلْخُلْدِ يَا ابْنَ عَزِيزِ الْخَيَالِ تَطُوفُ عَلَى الْقِمَمِ الْعَالِيَهْ جَدِيرٌ بِشِعْرِكَ وَحْيُ الْجَمَالِ بِأَوْصَافِكَ الْحُرَّةِ الْآبِيَهْ وَمَا فِيهِ مِنْ ثَوْرَةٍ لِلْمُحَالِ وَمِنْ وَثْبِ إِعْصَارِكَ الْعَاتِيَهْ لَئِنْ جَمَحَتْ فَجُمُوحُ الْمَعَالِي وَإِنْ هَدَأَتْ فَالْمُنَى الرَّاضِيَهْ غِنَاءٌ يَفِيضُ بِسِحْرِ اللَّيَالِي وَفَلْسَفَةُ الْأَنْجُمِ الرَّانِيَهْ فَمَنْ كَانَ يُنْشِدُهُ لَا يُبَالِي بِدُنْيَا الْوَرَى وَالْمُنَى الْفَانِيَهْ وَمَا الشِّعْرُ إِلَّا عَزِيزُ ابْتِهَالٍ وَرُوحًا مِنَ الشُّعْلَةِ الْبَاقِيَهْ المعبد المعتزل (جلسة مسائية في متحف فني للتصوير وقد اجتمعت فيه أضواء فنية ساحرة.)
وَمَعْبَدٌ مِنْ مَغَانِي الْخُلْدِ مُعْتَزِلٍ قَدْ أَطْلَعَ الْفَنُّ فِيهِ كُلَّ إِعْجَازِ الضَّوْءُ فِيهِ أَمَانِيٌّ مُنَوَّعَةٌ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ خَفِيِّ الرُّوحِ نَهَّازِ جَلَسْتُ فِيهِ وَحَوْلِي مِنْ نَمَاذِجِهِ رُوحُ الطَّبِيعَةِ فِي تَعْبِيرِهَا الْغَالِي تَمَثَّلَتْ صُوَرًا هَيْهَاتَ يَجْحَدُهَا حَتَّى الْخَلِيُّ فَمَا فِي الْفَنِّ مِنْ خَالِي سِحْرٌ مِنَ الْقَبَسِ الْعَالِي تَطُوفُ بِهِ مِنْ مُهْجَةِ الْخَالِقِ الْوَهَّابِ أَشْعَارُ كَأَنَّهُ جَالِسٌ يُصْغِي وَيَرْسُمُ مَا فِيهِ الْحَيَاةُ وَفِيهِ الْمَوْتُ وَالنَّارُ هَلْ هَذِهِ صِبْغَةُ الرَّحْمَنِ خَالِقِنَا جَادَتْ لَنَا بِجَمَالِ الْكَوْنِ شَفَّافَا هَذِي الطَّبِيعَةُ جَاءَتْنَا مُجَمَّعَةً وَجَاذَبَتْنَا تَهَاوِيلًا وَأَطْيَافَا وَحِينَمَا قَدَّسَتْ أَرْوَاحُنَا مُثُلًا مِنْهَا عَبَدْنَا الَّذِي نَاجَى أَمَانِيَنَا وَقَدْ لَثَمْنَا يَدَ الرَّحْمَنِ نَاقِشَةً هَذِي الْحَيَاةَ خُلُودًا شَاقَ أَوْ دِينَا قصيدتي الكبرى أَنَا لَا أَلُومُ الْغَافِلِينَ إِذَا أَبَوْا شِعْرِي وَعَابُوا رَوْعَتِي وَرُوَاتِي هَلْ يُدْرِكُونَ قَصِيدَةً لِعَوَاطِفِي وَهُمُ الَّذِينَ أَبَوْا قَصِيدَ حَيَاتِي أَحْيَا لِغَيْرِي وَالدَّقَائِقُ مِلْؤُهَا نَغَمِي وَمِلْءُ دُمُوعِهَا أَبْيَاتِي فَقَصِيدَتِي الْكُبْرَى حَيَاتِي كُلُّهَا وَأَقَلُّهَا شِعْرِي وَوَهْمُ عُدَاتِي سَتَعِيشُ رُوحِي فِي جَدِيدٍ دَائِمٍ لِلشِّعْرِ ثُمَّ تَعِيشُ بَعْدَ مَمَاتِي وَمَنِ اسْتَطَابَ لَهُ الْوُجُودُ بَقَاءَهُ صُوَرًا مِنَ الشِّعْرِ الْأَبِيِّ الْعَاتِي هَيْهَاتَ يَأْبَهُ لِلصَّغِيرِ إِذَا أَبَى جَدْوَاهُ فِي الْمَاضِي وَوَحْيِ الْآتِي إِنْ يَأْنَفِ الْعُبَّادُ حَنَّ لِمُهْجَتِي — لِخُلُوصِهَا — الْمَعْبُودُ فِي صَلَوَاتِي أَوْ لَمْ يُصِبْ نَغَمَ الصُّخُورِ فَحَسْبُهُ سَمْعٌ مِنَ الْأَرْبَابِ وَالرَّبَّاتِ أُمُّنا الأرض أُمَّاهُ إِنَّ لَدَيْكِ صَفْوَ حَنِينِي وَإِلَيْكِ مَرْجِعُ فَرْحَتِي وَأَنِينِي أَلْقَاكِ فِي كَنَفِ السُّكُونِ عِبَادَةً وَأُقَبِّلُ التُّرْبَ الَّذِي يُحْيِينِي وَأَرُوحُ أَعْشَقُ كُلَّ مَا أَنْجَبْتُهُ فَجَمِيعُهُ شِعْرٌ إِزَاءَ حَنِينِي مَا النَّحْلُ مَا هَذِي الدَّوَاجِنُ كُلُّهَا وَالْغَرْسُ إِلَّا الشِّعْرُ مِلْءَ رَنِينِي شِعْرٌ تُجَاوِبُهُ عَوَاطِفُ مُهْجَتِي وَأَنَا الْمَدِينُ لَهُ بِأَجْمَلِ دَيْنِ وَأَرَى الْأُلُوهَةَ فِيهِ بَيْنَ تَوَثُّبٍ وَتَطَايُرٍ وَوَدَاعَةٍ وَسُكُونِ وَالنَّاسُ تَعْجَبُ مِنْ تَوَزُّعِ خَاطِرِي وَهُوَ الْمُوَحَّدُ فِيكِ غَيْرَ غَبِينِ أُمَّاهُ مَوْئِلُ كُلِّ لُبٍّ شَاعِرٍ نَجْوَاكِ فَهْيَ مَفَاتِنِي وَفُنُونِي اليد البخيلة لَمَسْتُ كَأْسَ الْهَوَى لَكِنْ وَقَدْ لَمَسَتْ يَدِي الْهَوَى غَابَ عَنْ نَجْوَايَ مَذْعُورَا يَا حُبُّ أَيُّ نَشِيدٍ أَنْتَ تَطْلُبُهُ وَأَنْتَ تَبْخَلُ بِالْإِيحَاءِ مَسْرُورَا هَاتِ الرَّحِيقَ وَخُذْ مِنِّي مُرَنَّحَةً مِنَ الْخُلُودِ تَبُثُّ اللَّحْنَ وَالنُّورَا لَا أَكْذِبُ اللهَ إِنِّي لَنْ أَعِيشَ سُدًى حَتَّى أَرَى فِي الْجِنَانِ الْخَمْرَ وَالْحُورَا بَلْ أُوثِرُ الْعَيْشَ فِي دُنْيَايَ مُحْتَمِلًا أَذًى لَهَا إِنْ غَنِمْتُ الْحُبَّ مَوْفُورَا أَيْنَ الْمَلَاحَةُ تُرْضِينِي مَنَاهِلُهَا فَتَغْنَمُ الْفَنَّ إِلْهَامًا وَتَصْوِيرَا أَيْنَ الْجَمَالُ بِلَا صَدٍّ وَلَا كَلَفٍ يُبَادِلُ الْفَنَّ تَحْرِيرًا وَتَصْوِيرَا هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ مَا لِلْفَنِّ مُنْتَصَفٌ وَكَمْ يَعِيشُ جَلِيلُ الْفَنِّ مَقْبُورَا الدموع يَا لَلدُّمُوعِ تَرِفُّ مِنْ عَيْنَيْكِ وَتُثِيرُ قَلْبًا كَمْ يَحِنُّ إِلَيْكِ فِيمَ الْبُكَاءُ وَفِي الْحَيَاةِ جَمِيعِهَا تَجْرِي الدُّمُوعُ نَدًى بِدَمْعِ رَبِيعِهَا أَحَنَنْتِ لِلدَّمْعِ الَّذِي هُوَ سَاجِ فِي الْكَوْنِ فِي الْأَجْوَاءِ وَالْأَمْوَاجِ أَمْ قَدْ عَطَفْتِ عَلَى فُؤَادِي الثَّائِرِ — وَهْوَ الْوَدِيعُ — عَلَى الْوُجُودِ الْجَائِرِ قَلْبٌ يَلُوحُ كَأَنَّهُ فِي أُنْسِهِ وَهْوَ الْمُحَجَّبُ مَأْتَمًا فِي عُرْسِهِ وَيَرَى الْجَمَالَ مُرَتِّلًا وَمُغَرِّدًا مُتَعَبِّدًا وَمُنَاهُ أَنْ يَتَعَبَّدَا وَهْوَ الَّذِي حَرَمُوهُ حَظَّ عِبَادَةٍ وَتَوَهَّمُوهُ بِنِعْمَةٍ وَسَعَادَةِ فَإِذَا نَأَيْتِ فَإِنَّ رُوحَ وَدَاعِي خَافٍ عَنِ الْأَبْصَارِ وَالْأَسْمَاعِ وَيَرِفُّ حَوْلَكِ مِنْ فُؤَادِي الْبَاكِي كَالْعِطْرِ بَعْدَ الزَّهْرِ وَالْأَشْوَاكِ الطبيب وَدَّعْتِ عَاصِمَةَ الْمُعِزِّ فَهَلْ تُرَى وَدَّعْتِ غَيْرَ تَلَهُّفِي وَوَجِيبِي وَحَسِبْتِ أَنَّ لِيَ الْعَزَاءَ بِمَا أَرَى حَوْلِي مِنَ التَّشْوِيقِ وَالتَّعْحِيِب وَكَأَنَّ بَدْرَ التَّمِّ آمَنَ وَحْدَهُ بِأَسَايَ أَوْ بِهَوَايَ أَوْ بِنَحِيبِي فَرَأَيْتُهُ فِي حَالِ مُمْتَقِعٍ لَهُ مِنْ صُفْرَةِ الْإِشْفَاقِ وَالتَّعْذِيبِ لَوْنِي وَقَدْ شَاهَدْتُ مَصْرَعَ نِعْمَتِي عُمْرًا مِنَ التَّشْرِيدِ وَالتَّغْرِيبِ وَالْجَوُّ فِي قَيْظٍ تَأَجَّجَ مِثْلَمَا تَتَأَجَّجُ الْآلَامُ مِلْءَ غَرِيبِ وَتَكَادُ أَنْفَاسِي تُرَدُّ وَإِنْ يَكُنْ جِسْمِي بِنَبْضٍ لِلْحَيَاةِ عَجِيبِ وَأَرَى الطَّبِيعَةَ كُلَّهَا فِي حَسْرَةٍ وَكَأَنَّمَا رِيعَتْ لِنَأْيِ حَبِيبِي أَوَّاهُ مِنْ ظَمَأٍ عَلَى ظَمَأٍ وَكَمْ يُلْقَى قَرِيبَ الرِّيِّ غَيْرَ قَرِيبِ أَشْبَعْتُ سُخْرِيَةَ الْحَيَاةِ وَكَيْدَهَا وَجَزَيْتُهَا بِنَشِيدِ كُلِّ أَدِيبِ فَعُدِدْتُ شَاعِرَهَا الطَّبِيبَ وَإِنْ أَكُنْ بِأَسَايَ مَحْرُومًا عَزَاءَ طَبِيبِ الغروب الثائر مَا لِلْغُرُوبِ يَثُورُ بِالْأَنْوَاءِ مِنْ قَلْبِي الْحَزِينْ مَا لِلدِّمَاءِ تَكَاثَفَتْ كَالْمَوْجِ وَالْغَيْبُ السَّفِينْ أَيْنَ الضَّحَايَا قَدْ تَرَاءَى الْأُفْقُ يَعْكِسُ رُوحَهَا هَيْهَاتَ قَدْ ذَهَبَتْ وَإِنْ أَبْقَى الزَّمَانُ جُرُوحَهَا يَا ثَوْرَةً عِنْدَ الْغُرُوبِ لَمَحْتُ فِيكِ فُؤَادِي هَذِي دِمَائِي اسْتُنْزِفَتْ وَعَلَى السَّمَاءِ حِدَادِي كَمْ فِي السَّمَاءِ شُعُورُ هَذِي الْأَرْضِ فِي مَاضِي الْقُرُونِ كَمْ تَعْكِسُ الْأَقْدَارُ فِي صَفَحَاتِهَا صُوَرَ الْجُنُونْ صُوَرَ الْعَوَاطِفِ وَهْيَ قَتْلَى مِنْ جُنُونِ الْحَادِثَاتْ وَيَكَادُ هَذَا الْأُفْقُ يَصْرُخُ مِنْ تَصَارِيفِ الْمَمَاتْ هَذِي رُؤَى الْأَصْبَاغِ كَالصَّيْحَاتِ لِلْقَتْلَى تَرُوعْ مَا الْحَشْرُ يَوْمَ الْحَشْرِ أَرْوَعَ مِنْ شَجَاهَا لِلْمَرُوعْ صُوَرٌ تُعَذِّبُ خَاطِرِي وَالْأَمْسَ كَانَتْ نِعْمَتَهْ أَلِأَنَّ بُعْدَكِ قَهْرُ نَفْسِي صَارَ صَفْوِي ثَوْرَتَهْ يَا خَاطِرِي ثُرْ دَائِمًا أَوْ لَا تَثُرْ فَالْحُبُّ فَاتْ بَعْدَ الْوَدَاعِ لِأَيِّ حُلْمٍ أَنْتَ تُنْشِدُ لِلْحَيَاةْ لَيْسَتْ ثُمَالَةُ كَأْسِيَ الْحَسْرَى كَخَمْرِ الْعَاشِقِينْ جَمَعَتْ مَرَارَاتٍ مِنَ الذِّكْرَى وَمِنْ نَبْعِ الْأَنِينْ مَنْ ظَنَّ أَنِّي مُسْعَدٌ فِي نَشْوَتِي فَهْوَ الضَّرِيرْ ضَحِكِي كَقَهْقَهَةِ الْقَنَانِي وَهْيَ تُذْبَحُ لِلْخُمُورْ وَأُغَالِطُ الْأَيَّامَ فِي وَهْمِي بِأَنِّي مُنْعَمُ فَإِذَا مَنَاهِلُ خَاطِرِي يَا خَاطِرِي تَتَضَرَّمُ وَالْآنَ فَاشْرَبْ مِنْ رُؤَى هَذَا الْغُرُوبِ الثَّائِرِ اشْرَبْ دِمَاءَكَ فِي السَّمَاءِ بِنَظْرَةٍ لِلشَّاعِرِ اشْرَبْ دِمَاءَكَ أَوْ رِثَاءَكَ فِي مَمَاتٍ لَنْ يَهُونْ مَوْتُ التَّوَزُّعِ وَالتَّأَلُّمِ فِي الْعَوَاصِفِ وَالْجُنُونْ ساعة التوديع وَأَتَى الْوَدَاعُ فَمَا بَخِلْتُ بِمَدْمَعِي لَكِنْ بَخِلْتُ بِأَنْ يُرَاقَ شُعُورِي فَحَبَسْتُ كُلَّ عَوَاطِفِي إِلَّا الَّتِي هَرَبَتْ هُرُوبَ الْعَاشِقِ الْمَقْهُورِ وَأَخَذْتُ أَنْظُرُ ثُمَّ أَنْظُرُ وَاعِيًا مَا افْتَرَّ عَنْكِ مِنَ الْمُنَى وَالنُّورِ رُوحٌ كَرُوحِكِ أُشْبِعَتْ رُوحَ الْعُلَا وَالْبَعْثِ لِلْمَحْرُومِ وَالْمَقْبُورِ أَتَأَمَّلُ اللَّحَظَاتِ فِي أَسْرَارِهَا وَكَأَنَّنِي أَرْنُو بِلَمْحِ دُهُورِ كَمْ فِيكِ مِنْ سِرٍّ عَصِيٍّ ثَائِرٍ يَخْفَى وَيَبْدُو مِنْ خِلَالِ سُطُورِ أَلْقَاهُ بِالْإِمْعَانِ وَهْوَ يَجُودُ لِي بِالْفَنِّ ثُمَّ يَجُودُ فِي تَعْبِيرِي أَلْقَاهُ لُقْيَا طَالِبٍ إِحْسَانَهُ فَأَنَا إِلَى الْإِحْسَانِ جِدُّ فَقِيرِ وَأُطِلُّ مِنْ عَيْنَيْكِ فِي حِقَبٍ بِلَا عَدٍّ وَقَدْ فَلَتَتْ مِنَ التَّصْوِيرِ مَا هَذِهِ الْأَحْلَامُ مَا هَذِي الْمُنَى مَا ذَلِكَ الْإِلْهَامُ لِلْمَسْحُورِ هَذَا جَمَالُ النَّفْسِ فِي اسْتِعْلَائِهَا مُتَمَلِّكًا لُبِّي وَوَحْيَ ضَمِيرِي فَأَظَلُّ أَرْنُو ثُمَّ أَرْنُو حَائِرًا مَا بَيْنَ آلَامٍ وَبَيْنَ سُرُورِ وَكَأَنَّنِي أَلْقَى الْأُلُوهَةَ سَمْحَةً فَتُنِيرُ نَهْجًا كَانَ غَيْرَ مُنِيرِ وَكَأَنَّنِي وَأَنَا أُطِيلُ تَأَمُّلِي أَتَنَاوَلُ الْإِبْدَاعَ مِنْ تَفْكِيرِي وَأَصُونُ كَنْزًا مِنْ حَنَانِكِ نَادِرًا لَيَرُدَّ فَقْرَ الْبَائِسِ الْمَهْجُورِ وَكَأَنَّ مُدَّخَرَ الْعَوَاطِفِ ثَرْوَتِي لِلشِّعْرِ لَا لِنُهَايَ بَلْ لِعُصُورِ وَكَأَنَّمَا الْقَمَرُ الْمُطِلُّ مُسَجِّلٌ غُنْمِي وَخُسْرِي فِي رِضًا وَفُتُورِ فَالْتَاعَ مِنْ قَلَقِي الدَّفِينِ وَحَسْرَتِي وَافْتَرَّ عَنْ نُورٍ لِبَعْضِ حُبُورِي فَبَدَا مَزِيجًا مِنْ ضِيَاءٍ مُحْزِنٍ كَفُؤَادِيَ الْمُتَوَثِّبِ الْمَغْمُورِ •••
مَا سَاعَةُ التَّوْدِيعِ إِلَّا سَاعَةٌ لِلْمَوْتِ مَهْمَا أُعْقِبَتْ بِنُشُورِ
| |
| | | | ® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2020-11-03, 10:18 am | | نور ولهب يَا مَعْبَدًا لِلْحُبِّ لَا أَلْقَاكَا إِلَّا كَمَا يَلْقَى الشُّعَاعُ حِمَاكَ إِنَّا كِلَانَا لِلْفَنَاءِ وَمَا لَنَا مَثْوًى نَغِيبُ بِظِلِّهِ إِلَّاكَ هَذَا فَنَاءُ الْخُلْدِ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يُسْتَطَابُ تَحَرُّرًا وَشِرَاكَا فَإِذَا مَنَحْتَ فَأَنْتَ خَلَّاقُ الْهَوَى وَإِذَا حَرَمْتَ فَمَا قَتَلْتَ هَوَاكَا •••
يَمَّمْتُ رُكْنَكَ فِي تَلَهُّفِ بَائِسٍ قَلِقٍ وَمَا أَوْلَاهُ بِالْإِسْعَادِ خُلِقَتْ لِمَرْآكَ الشَّهِيِّ حَيَاتُهُ فَإِذَا بِهِ الْمَحْرُومُ كُلَّ وِدَادِ إِنْ كَانَ يَطْمَعُ فِيكَ فَهْوَ كَخُلْسَةٍ لِلْحَظِّ بَيْنَ مَصَائِبٍ وَحِدَادِ لَيْسَتْ نَعِيمًا رَغْمَ كُلِّ تَنَعُّمٍ فِيهَا وَلَيْسَتْ غَيْرَ طَعْنِ فُؤَادِي •••
إِنِّي خُلِقْتُ لِكَيْ أَعِيشَ كَخَالِقِي لِلْفَنِّ فِي عَيْشٍ حَلِيفِ نَقَاءِ عَيْشٌ أُوَحِّدُ فِيهِ كُلَّ صَبَابَتِي وَعِبَادَتِي وَتَعَشُّقِي وَرَجَائِي فَفَقَدْتُ مَنْ أَهْوَى وَإِنْ أَدْرَكْتُهَا وَلَرُبَّ وَصْلٍ فِيهِ رُوحُ جَفَاءِ وَحَيِيتُ أَلْتَمِسُ النَّعِيمَ حِيَالَهَا فَأَرَى النَّعِيمَ مُصَوِّرًا لِشَقَائِي •••
وَلَّى زَمَانُكَ يَا فُؤَادُ فَلَا تُطِلْ هَذَا الْحَنِينَ إِلَى خَيَالِ شَبَابِي تَرْنُو إِلَى صُوَرِ الْجَمَالِ لَعَلَّهَا تَشْفِيكَ مِنْ حَرَقٍ وَمِنْ أَوْصَابِ وَتُحِيلُ كُلَّ تَنَعُّمٍ تَحْظَى بِهِ صُوَرًا مِنَ الْفَنِّ الْعَزِيزِ الْآبِي وَتُطِلُّ أَنْتَ بِحَسْرَةٍ لَا تَنْتَهِي ظَمَأٌ عَلَى ظَمَأٍ وَطُولُ عَذَابِ •••
وَلَّى زَمَانُكَ يَا فُؤَادُ وَمَا أَرَى فِي هَذِهِ الدُّنْيَا عَزَاءً يُشْتَرَى مَهْمَا مَرِحْتَ فَمَا كُفِيتَ سَعَادَةً وَهَوَاكَ يَسْمُو فَوْقَ أَحْلَامِ الْوَرَى أَيْنَ الَّتِي هِيَ غُنْيَةٌ لِمَحَبَّتِي رُوحًا وَجِسْمًا فِي السَّمَاءِ وَفِي الثَّرَى هَيْهَاتَ حُبِّي لَا يُحَدُّ وَمَا أَرَى كُفْؤًا لَهُ مَهْمَا سَعَيْتُ لِأَنْ أَرَى •••
تَشْكُو عِتَابِي كَيْفَ تَشْكُو حِينَمَا الْأَرْضُ ضَاقَتْ عَنْ هَوَاكَ بَلِ السَّمَا أَيْنَ الْأَلِيفُ وَنَفْسُهُ لَكَ شُعْلَةٌ وَكِيَانُهُ لَكَ جَنَّةٌ تَرْوِي الظَّمَا أَيْنَ الَّتِي تَلْقَاكَ لُقْيَا سَاحِرٍ مُسْتَوْعِبٍ لِهَوَاكَ كَيْفَ تَجَسَّمَا أَيْنَ التَّجَاوُبُ فِي الْحَيَاةِ فَمَا أَرَى إِلَّا الْغَرَامَ مُضَرَّجًا وَمُضَرَّمَا امرأة الأبد (وامرأة الحياة) هَيْهَاتَ أَنْ أَنْسَى الْحَيَاةَ وَسِرَّهَا وَأَنَا أَسِيحُ بِعَالَمِ الْوِجْدَانِ إِنِّي انْدَمَجْتُ بِكُلِّ مَا تُوحِي بِهِ وَمَزَجْتُ مِنْ أَلْوَانِهَا أَلْوَانِي وَجَعَلْتُ شِعْرِيَ مَسْبَحًا لِخَيَالِهَا وَتَخِذْتُهَا أَلَقًا وَكَنْزَ مَعَانِي فَرَسَمْتُهَا صُوَرًا تَكَادُ بِرُوحِهَا تَحْيَا وَأَعْطَيْتُ الَّذِي أَعْطَانِي مُتَبَادِلَيْنِ مَبَاهِجًا وَنَفَائِسًا وَالْفَنُّ مِلْءُ تَبَادُلِ الْفَنَّانِ •••
أَعَزِيزَةَ الْأَحْلَامِ لَا تَتَخَيَّلِي لِلْمَرْأَةِ الضِّدَّيْنِ فِي الْإِحْسَانِ الْمَرْأَةُ الدُّنْيَا بِحَالٍ وَاحِدِ فِي صُورَةِ الْإِحْسَانِ وَالْحِرْمَانِ أَخَذَتْ عَنِ الْأَبَدِ الْقَصِيِّ أُلُوهَةً وَتَعِيشُ مُفْصِحَةً عَنِ الدَّيَّانِ بِنْتُ الْحَيَاةِ وَأُمُّهَا فَكِيَانُهَا وَشُعُورُهَا قَبَسٌ مِنَ الرَّحْمَنِ هَيْهَاتَ تَحْيَا لِلتَّبَتُّلِ حِينَمَا دُنْيَا التَّجَاوُبِ عِزَّةُ الْإِنْسَانِ إِلَّا التَّبَتُّلَ لِلْفُنُونِ وَأَهْلِهَا حِينَ الْفُنُونُ تَخُصُّهَا بِحَنَانِ •••
لَا تَحْسَبِينِي فِي التَّعَبُّدِ مُسْرِفًا بِمَعَابِدِ الْحُبِّ الَّذِي وَاسَانِي أَوْ أَنَّ فِي هَذِي الْعِبَادَةِ ضِلَّةً وَأَنَا أَعُبُّ بِصَفْوِهَا أَحْزَانِي إِنِّي أُعَذِّبُ مُهْجَتِي بِنَعِيمِهَا وَأَصُوغُ مِنْ آلَامِهَا أَلْحَانِي وَأَرَى الْحَيَاةَ بِهَا كَمَا أَلْقَى الرَّدَى وَنَقَائِضَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرَانِ وَإِذَا بِهَا طُهْرُ الْحَيَاةِ وَإِثْمُهَا وَجَنَى الْخُلُودِ وَعَثْرَةُ الْفُقْدَانِ •••
يَا مَنْهَلًا لِلرُّوحِ لَا تَتَطَلَّعِي لِلْخُلْدِ مُصْغِرَةً هَوَى الْأَبْدَانِ هَيْهَاتَ تَحْيَا الرُّوحُ دُونَ كِيَانِهَا أَوْ يَسْتَقِلُّ النُّورُ دُونَ كِيَانِ هَذَا الْوُجُودُ بِأَسْرِهِ مُتَجَاوِبٌ كَتَمَازُجِ الْمَحْسُوسِ بِالرُّوحَانِي مَا كَانَ لِامْرَأَةِ الْخُلُودِ خُلُودُهَا إِلَّا كَمَا عَرَفَ الْخُلُودَ الْفَانِي أَوْ كَانَ لِامْرَأَةِ الْحَيَاةِ فَنَاؤُهَا مَا دَامَ فِي الْإِنْسَانِ رُوحٌ بَانِ مَنْ فَاتَهَا هَيْهَاتَ يَخْلُدُ دُونَهَا إِنَّ الْحَيَاةَ وَضِدَّهَا سِيَّانِ كأس الشاعر يَا مَنْهَلًا لِلرُّوحِ لَا تَتَطَلَّعِي لِلْخُلْدِ مُصْغِرَةً هَوَى الْأَبْدَانِ هَيْهَاتَ تَحْيَا الرُّوحُ دُونَ كِيَانِهَا أَوْ يَسْتَقِلُّ النُّورُ دُونَ كِيَانِ هَذَا الْوُجُودُ بِأَسْرِهِ مُتَجَاوِبٌ كَتَمَازُجِ الْمَحْسُوسِ بِالرُّوحَانِي مَا كَانَ لِامْرَأَةِ الْخُلُودِ خُلُودُهَا إِلَّا كَمَا عَرَفَ الْخُلُودَ الْفَانِي أَوْ كَانَ لِامْرَأَةِ الْحَيَاةِ فَنَاؤُهَا مَا دَامَ فِي الْإِنْسَانِ رُوحٌ بَانِ مَنْ فَاتَهَا هَيْهَاتَ يَخْلُدُ دُونَهَا إِنَّ الْحَيَاةَ وَضِدَّهَا سِيَّانِ | |
| | | | ® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2020-11-03, 10:20 am | | الغبن وَطَنِي أَهُونُ عَلَيْكَ حِينَ دَقَائِقِي وَقْفٌ عَلَيْكَ أَلِلْوَفَاءِ أَهُونُ جَاوَزْتُ هَذِي الْأَرْبَعِينَ كَأَنَّنِي مُنْذُ انْتَبَهْتُ مُسَخَّرٌ مَغْبُونُ خَاصَمْتُ نَوْمِي وَاسْتَبَحْتُ مَوَاهِبِي لِعُلَاكَ فِي زَمَنٍ يَسُودُ الدُّونُ وَطَنِي أَمِثْلِي لَيْسَ يُنْصَفُ مَرَّةً أَمْ أَنَّ إِنْصَافَ الْأَبِيِّ جُنُونُ أَأَظَلُّ أَشْقَى هَكَذَا فِي مِحْنَتِي حِينَ الْجُحُودُ بِشِقْوَتِي مَفْتُونُ مَنْ يُبْلِغُ الْأَحْرَارَ أَنِّي عَبْدُهُمْ لَكِنَّ قَلْبِي طَيِّعٌ وَمَصُونُ هَيْهَاتَ لِي مَجْدٌ سِوَى مَجْدٍ لَهُمْ فَإِذَا حِجَايَ مُحَارِبٌ مَدْفُونُ الجمال الإنساني يَنْبِضُ الْكَوْنُ بِالْجَمَالِ وَلَكِنْ كَمْ جَمَالٍ حِيَالَنَا لَا نَرَاهُ فِي جَمَالِ الْإِنْسَانِ لِلشَّاعِرِ الْـ ـفَنَّانِ مَعْنًى يُطِلُّ مِنْهُ الْإِلَهُ كَيْفَ أُغْضِي عَنْ وَصْفِهِ وَهْوَ كُلٌّ حِينَمَا الْجُزْءُ كُلُّ حُسْنٍ سِوَاهُ لعبة ابنتي (أبيات ارتجالية.)
أَنْتِ يَا لُعْبَةَ ابْنَتِي ذَاتُ رُوحٍ وَخِفَّةِ أَنْتِ عِنْدِي عَزِيزَةٌ وَهْيَ عِنْدِي عَزِيزَتِي أَنْتِ مَثَّلْتِ طَبْعَهَا فِي صَفَاءِ الْمَحَبَّةِ هِرَّةٌ أَنْتِ إِنَّمَا أَنْتِ لِي غَيْرُ هِرَّةِ إِنَّ عَيْنَيْكِ فِيهِمَا سِرُّ لُبٍّ وَفِطْنَةِ أَتُرَى حُزْتِ سِحْرَهَا كَمْ لَدَى الْحُبِّ آيَةِ كَمْ تَوَسَّدْتِ جَنْبَهَا فِي فَرَاشٍ بِنِعْمَةِ كَمْ تَمَلَّيْتِ رُوحَهَا فِي حَنَانٍ وَرَحْمَةِ كَمْ تَشَاكَيْتُمَا عَلَى نَظْرَةٍ بَعْدَ نَظْرَةِ كَمْ تَصَاحَبْتُمَا عَلَى كُلِّ يُسْرٍ وَشِدَّةِ فَإِذَا أَنْتِ رَمْزُهَا رُبَّ رَمْزٍ بِدُمْيَةِ سكَّان الهواء أَنَأْبَى الْأَرْضَ وَهْيَ أَبٌ وَأُمُّ فَنَغْبِطُ كُلَّ سُكَّانِ الْهَوَاءِ وَنَعْشَقُ أَنْ نَطِيرَ بِهَا كَأَنَّا دَنَوْنَا مِنْ عُلا رَبِّ السَّمَاءِ تَنَفَّسْنَا الْهَوَاءَ بِهَا شَهِيًّا نَقِيًّا لَمْ يُلَوَّثْ بِالرِّيَاءِ وَنَكْتَسِحُ الْفَضَاءَ بِلَا سُدُودٍ وَكَمْ فِي الْأَرْضِ سَدٍّ لِلْغَبَاءِ وَنَعْرِضُ تَحْتَنَا الدُّنْيَا كَأَنَّا خَلَقْنَاهَا لِسِجْنِ الْأَدْنِيَاءِ مَشَاهِدُ كُلُّهَا لَعِبٌ تَرَاءَتْ تَطِيرُ وَكُلُّهَا وَهْمٌ لِرَائِي وَبَعْضُ الْوَهْمِ إِنْقَاذٌ لِرُوحٍ تَفِرُّ مِنَ الشَّقَاءِ إِلَى الشَّقَاءِ البقية أَرْعَى بَقِيَّةَ أَعْوَامِي كَأَنَّ بِهَا بَقِيَّةً مِنْ جَرِيحِ الْحَرْبِ تُحْيِيهِ قَدْ شَوَّهَتْنِي صُرُوفُ الدَّهْرِ جَانِيَةً فَمَا بَقَايَايَ إِلَّا مِنْ عَوَادِيهِ وَمَزَّقَتْنِي الْمَآسِي فِي مَعَارِكِهَا فَمَا رَثَيْتُ لِعُمْرِي حِينَ أَبْكِيهِ لَكِنْ بَكَيْتُ عَلَى قَوْمٍ وَفَيْتُ لَهُمْ فَكَافَئُونِي بِتَعْذِيبٍ وَتَسْفِيهِ مَا أَصْغَرَ الشَّعْبَ إِنْ هَانَ الصَّدِيقُ بِهِ وَسَادَ فِيهِ لَئِيمٌ مِنْ أَعَادِيهِ وَأَحْقَرَ النَّاسَ فِي خِزْيٍ وَمَا شَعَرُوا كَأَنَّمَا الْخِزْيُ مِنْ أَوْهَامِ مَعْتُوهِ السفهاء وَلَوْ حَرَصَ السُّوَّاسُ لِلنَّاسِ دَائِمًا عَلَى نَسْلِهِمْ وَاسْتَبْعَدُوا كُلَّ جَارِمِ لَمَا نَدِمَتْ هَذِي الْبَسِيطَةُ مَرَّةً عَلَى كَرَمٍ بَلْ أَشْرَقَتْ بِالْمَكَارِمِ وَكُنَّا نَرَى الْإِنْسَانَ أَشْرَفَ عَامِلٍ وَأَصْلَحَ مَخْلُوقٍ وَأَنْبَلَ رَاحِمِ تَأَلَّقَ مِنْ عَيْنَيْهِ وَحْيُ أُلُوهَةٍ وَمَا وَحْيُهَا إِلَّا رَدَى كُلِّ ظَالِمِ وَمَا قَالَ يَوْمًا مُحْسِنٌ عُدَّ مُجْرِمًا عَلَى فَضْلِهِ بَيْنَ الْأَذَى وَالْمَغَارِمِ:٣٢ وَمَنْ عَرَفَ الْأَيَّامَ مَعْرِفَتِي بِهَا وَبِالنَّاسِ رَوَّى رُمْحَهُ غَيْرَ نَادِمِ حنين الشجرة تَهْتَزُّ أَفْرُعُهَا وَيُنْثَرُ زَهْرُهَا وَكَأَنَّمَا حَمَلَ النَّسِيمُ حَبِيبَا فَيُرَى التَّهَافُتُ ثَمَّ فِي أَوْرَاقِهَا وَغُصُونِهَا مُتَتَابِعًا وَعَجِيبَا وَالزَّهْرُ تَنْثُرُهُ تَحِيَّةُ قَلْبِهَا فَالزَّهْرُ أَصْدَقُ مَنْ يَسُوسُ قُلُوبَا وَكَذَاكَ حَالِي فِي إِسَارٍ دَائِمٍ فَأَزُفُّ شِعْرِي زَهْرَةً وَنَسِيبَا وَتَعِيشُ فِي خِصْبٍ وَلَكِنِّي أَنَا فِي الْجَدْبِ أَلْقَى الْأَسْرَ وَالتَّعْذِيبَا المَطيَّة يُرِيدُونَ مِنَّا أَنْ نَكُونَ مَطِيَّةً تُسَاقُ وَإِلَّا أَنْ نُسَاوَمَ فِي الْحَقِّ فَيَا هَوْلَ يَوْمٍ يَغْتَدِي فِيهِ مُذْعِنًا إِلَى الرِّقِّ مَنْ قَدْ ثَارَ قَبْلًا عَلَى الرِّقِّ عَلَى أَيِّ وَهْمٍ ذَلِكَ الْخُلْفُ دَائِمًا وَهَلْ يَعْرِفُ الْخَصْمُ الْحُقُوقَ لِمُنْشَقِّ سَبِيلُكُمُو تَدْوِيخُهُمْ بِصَلَابَةٍ بَنَاهَا التَّآخِي لَا الْعِنَادُ مَعَ الْحُمْقِ سَبِيلُكُمُو أَنْ يَيْأَسُوا مِنْ خُصُومَةٍ وَأَنْ تَهْزِمُوهُمْ بِالْمَتَانَةِ فِي الْخُلْقِ دَعُونَا مِنَ النُّصْحِ السَّخِيفِ لِخَصْمِكُمْ فَكَمْ هُوَ أَدْرَى بِالْقَسَاوَةِ وَالرِّفْقِ لَقَدْ حَكَمَ الدُّنْيَا الْعَرِيضَةَ حِذْقُهُ فَهَلْ مِثْلُهُ يَحْتَاجُ مِنْكُمْ إِلَى الْحِذْقِ وَهَلْ مِنْ سِلَاحٍ فِي صَرَامَةِ قَطْعِهِ أَحَدُّ مِنَ الْإِيمَانِ بِالْحَقِّ وَالصِّدْقِ إِذَا جَهِلُوا رُوحَ التَّآخِي مُنَزَّهًا عَنِ الْيَأْسِ كَانَ الرِّقُّ أَجْدَى مِنَ الْعِتْقِ الفدائية لِمَنِ الْفِدَاءُ لِمِصْرَ وَهْيَ هِيَ الَّتِي لَطَمَتْ وَسَاءَتْ هِمَّتِي وَكِفَاحِي لِأَعَزِّ أَهْلِي حِينَ طَابَ لِجَمْعِهِمْ لَوْمِي كَأَنِّي مِنْ ضَحَايَا الرَّاحِ لِأَحَبِّ صَحْبِي حِينَ أَكْثَرُهُمْ أَبَى إِلَّا التَّفَلْسُفَ فِي أَذًى وَمُزَاحِ ضَيَّعْتُ عُمْرِي فَادِيًا أَوْ رَائِدًا فَرَجَعْتُ فَوْقَ مُحَطَّمِ الْأَلْوَاحِ وَمِنَ الْعَجَائِبِ لَا أَزَالُ أَحِنُّ فِي غَرَقِي حَنِينَ الرَّائِدِ الْمَلَّاحِ •••
دُنْيَا الْإِسَاءَةِ لَيْسَ تَعْرِفُ مَرَّةً أَنْ تَسْتَغِلَّ مَوَاهِبَ الْمَنَّاحِ تُشْقِيهِ وَهْوَ كَأَنَّهُ عَبْدٌ لَهَا وَتَرُدُّهُ بِسَلَاسِلِ الْأَتْرَاحِ فَيَظَلُّ فِي أَبَدِيَّةٍ مِنْ سِجْنِهِ رَغْمَ الْفِدَاءِ لِمُجْرِمٍ وَوَقَاحِ •••
لَا تُضْحِكُونِي بِالْمَدِيحِ فَإِنَّنِي مُتَعَثِّرٌ خَجَلًا عَلَى أَمْدَاحِي بَلْ فَانْعَتُونِي بِالْجُنُونِ لِأَنَّنِي آمَنْتُ بِالْأَخْلَاقِ وَالْأَرْوَاحِ وَنَسِيتُ أَنِّي سَابِقٌ زَمَنِي وَمَا زَمَنِي بِدُنْيَا اللُّؤْمِ وَالْأَشْبَاحِ لاعبات التنس يَا جَارِيَاتٍ فِي الْهَوَاءِ وَطَائِرَاتٍ فِي الْهَوَاءْ وَالضَّارِبَاتِ اللَّاعِبَاتِ لَنَا عَلَى أُكَرِ الضِّيَاءْ وَكَأَنَّهَا بَعْضُ النُّجُومِ الْوَاثِبَاتِ مِنَ السَّمَاءْ أَنْتُنَّ مَا تَهَبُ الرَّشَاقَةُ وَالْمَلَاحَةُ وَالرَّجَاءْ لِأُولِي الرَّجَاءِ مِنَ الْمَعَانِي الْمَانِحَاتِ لَنَا الْبَقَاءْ فَالْفَنُّ يَنْبِضُ بِالْعَوَاطِفِ وَالتَّحَرُّرِ فِي الْعَطَاءْ نَحْيَا بِأَلْوَانٍ نُنَاجِيهَا لَدَيْهِ بِلَا انْتِهَاءْ بَيْنَ التَّوَثُّبِ وَالتَّحَفُّظِ وَالشَّجَاعَةِ وَالْوَفَاءْ أَنْتُنَّ ثَوْرَةُ حُسْنِكُنَّ عَلَى تَقَالِيدِ الرِّيَاءْ فِيكُنَّ مِنْ رُوحِ «الْأُلِمْبِ» حَرَارَةٌ لِلْأَوْفِيَاءْ تُوحِي لَنَا مَعْنَى النَّضَارَةِ وَالتَّحَرُّرِ وَالْإِبَاءْ •••
فَتَيَاتِ مِصْرَ لِمَ الْخُمُولُ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الْمَسَاءْ مِثْلَ الرَّوَابِي النَّائِمَاتِ عَلَى الْحُقُولِ بِلَا ارْتِوَاءْ لَا خَيْرَ فِي مَوْتِ الْحَيَاةِ يُصَاغُ فِي رَسْمِ الْحَيَاءْ قطِّي مشمش رَأَيْتُهُ يَبْكِي وَكَمْ مِنْ أَنِينْ لَهُ ثُمَّ كَمْ مِنْ مُوَاءٍ حَزِينْ فَقُلْتُ يَا «مِشْمِشُ» فِيمَ الْبُكَاءُ وَقَدْ كُنْتَ بِالْأَمْسِ ذَاكَ اللَّعِينْ فَأَذْهَلَهُ مِثْلُ هَذَا السُّؤَالِ لَدُنْ ثَكَلَ الْقِطَّةَ الْغَالِيَهْ أَلَيْسَتْ «مِثَالًا» لَهُ فِي الْجَمَالْ وَزَوْجَتَهُ الْحُلْوَةَ الْغَانِيَهْ وَلَكِنَّهُ قَدْ أَبَى أَنْ يُجِيبَ سُؤَالِي بِغَيْرِ سُكُوتِ الْأَسَى وَأَيُّ أَسًى بَعْدَ رَوْعِ الْأَسَى إِذَا قَيَّدَ اللُّسْنَ وَالْأَنْفُسَا فَأُشْعِرْتُ مِنْهُ بِأَنَّ الْجَمَالَ لَنَا رُبَّمَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَمَا هَانَ فِي قَدْرِهِ عِنْدَنَا تَمَثَّلَهُ فِي الْمُنَى حَدَّهُ يَكَادُ يَعِيشُ الْوَرَى لِلْخَيَالِ إِذَا عَاشَ غَيْرُ الْوَرَى لِلْحَقِيقَهْ وَمَا نِسَبُ النَّاسِ غَيْرَ الضَّلَالِ وَلَكِنَّهُمْ قَدْ أَحَبُّوا بَرِيقَهْ مأتم الدنيا عَيِيتُ بِمَأْتَمِ الدُّنْيَا فَإِنِّي لَقِيتُ بِهَا الْمَمَاتَ عَلَى التَّوَالِي أَتَيْنَاهَا ضُيُوفًا ثُمَّ جَادَتْ لَنَا بِالْمَوْتِ مِنْ دُونِ السُّؤَالِ فَإِنَّ الْمَوْتَ غَايَتُهَا وَعُقْبَى هَدَايَاهَا إِلَى ضَيْفٍ وَآلِ فَدَعْنِي مُنْصِفًا دَعْنِي أُنَاجِي مَفَاتِنَهَا إِذَنْ قَبْلَ ارْتِحَالِي لِأَقْطِفَ مِنْ أَزَاهِرِهَا شَمِيمِي فَتِلْكَ أَحَبُّ مِنْ زَهْرِ الْخَيَالِ أَأَشْهَدُ هَذِهِ الْجَنَّاتِ حَوْلِي وَأَحْلُمُ بِالْخَيَالِ وَبِالْمُحَالِ وَأَخْتَرِعُ الْجَمَالَ نَعِيمَ نَفْسِي غَدًا وَأَنَا الْمُوَطَّنُ فِي الْجَمَالِ لِمَنْ هَذِي «النَّمَاذِجُ» فِي سُفُورٍ بِقُرْبِي وَالْجَنَى الْغَالِي حِيَالِي أَلَيْسَتْ لِلْفُنُونِ خُلِقْنَ حَتَّى تُخَلَّدَ فِي الضِّيَاءِ وَفِي الظِّلَالِ فَكَيْفَ أَفُوتُهَا تَفْنَى فَنَائِي وَأَحْرِمُهَا دُعَائِي وَابْتِهَالِي وَكَيْفَ أَعِيشُ مُرْتَقِبًا مَمَاتِي كَأَنَّ الْحُبَّ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِي إِذَا نَالَ الْجَمَالَ الصَّفْوَ قَلْبِي فَحَتَّى الْمَوْتُ يَرْضَاهُ احْتِمَالِي في بورسعيد أَهْلًا عَرُوسَ الْبَحْرِ لَمْ يَظْفَرْ بِهَا بَحْرٌ وَلَا أَرْضٌ وَلَا أَجْوَاءُ تَتَلَفَّتُ الدُّنْيَا إِلَيْكِ بِمَوْضِعٍ فَذٍّ كَمَا تَتَلَفَّتُ الْجَوْزَاءُ إِنِّي رَسُولُ الشِّعْرِ جِئْتُ مُمَثِّلًا لِبَنِيهِ مُذْ غَنَّى بِكِ الشُّعَرَاءُ تَحْيَينَ أَنْتِ نَقِيَّةً وَعَزِيزَةً وَالسُّفْنُ شَتَّى فِي حِمَاكِ إِمَاءُ فِي الْبَحْرِ أَمْ فِي الْبَرِّ أَمْ فِي الْجَوِّ قَدْ رَاعَتْكِ أَحْلَامٌ لَهَا وَرَجَاءُ •••
الصَّيْفُ جَاءَ فَكُنْتُ مِنْ أَطْيَارِهِ وَأَتَيْتُ يُزْجِينِي إِلَيْكِ حَنِينُ هَذِي الشِّرَاكُ لِمُهْجَتِي مَنْصُوبَةٌ وَأَنَا قَرِيرٌ عِنْدَهَا وَغَبِينُ أَهْلًا شِرَاكَ الْحُبِّ كُلُّ مَلِيحَةٍ أَهْفُو إِلَى نَظَرَاتِهَا وَأَدِينُ مَثَّلْنَ فِتْنَةَ «أَفْرُدِيتَ» وَهَكَذَا يُهْدِي الْجَمَالَ عَنِ الْجَمَالِ أَمِينُ مَنْ نَالَ هَذَا الْأَسْرَ مِنْ شُهَدَائِهِ فَلَهُ الْحَيَاةُ وَمَنْ عَدَاهُ دَفِينُ •••
يَا سَاعَةً عِنْدَ الْغُرُوبِ كَأَنَّهَا خُطِفَتْ مِنَ الْأَحْلَامِ وَالْأَجْيَالِ مَا بَالُ هَذِي الشَّمْسِ تُرْسِلُ وَجْدَهَا فَوْقَ اللَّهِيبِ عَلَى الْمِيَاهِ حِيَالِي مَا بَالُ هَذَا الْمَوْجِ يَخْفِقُ هَكَذَا خَفْقَ الْحَيَاةِ تَوَثَّبَتْ لِزَوَالِ مَا بَالُ هَذَا الْحُسْنِ يَبْعَثُ شَوْقَهُ فَوْقَ الرِّمَالِ إِلَى نُهًى وَرِمَالِ مَا بَالُ هَذَا الْجَوِّ أُشْبِعَ رُوحُهُ بِالْخَوْفِ وَالْآلَامِ وَالْآمَالِ •••
السُّفْنُ تَبْدُو مِنْ قَنَاتِكِ مِثْلَمَا تَبْدُو الرَّجَاءُ لِتَائِهِ الصَّحْرَاءِ حُمِّلْنَ بِالْأَرْزَاقِ مِثْلَ مَدَائِنٍ وَبَسَمْنَ بِالْأَحْلَامِ وَالْأَضْوَاءِ وَكَأَنَّهَا لُعَبُ الزَّمَانِ يَسُوقُهَا وَيُشَاقُ مِنْ جَوَلَاتِهَا بِالْمَاءِ شَابَ الزَّمَانُ وَلَمْ يَزَلْ بِطُفُولَةٍ وَيَظَلُّ طِفْلَ الْوَهْمِ وَالْأَهْوَاءِ والناسُ إن خُدِعوا بِه فلأنَّه قدْ يَمْزِجُ السَّرَّاءَ بِالضَّرَّاءِ •••
هَذَا الْمَسَاءُ يُظِلُّنَا بِوَلَائِهِ وَالْجَوُّ فِيهِ مِنَ الْوَلَاءِ صَلَاةُ لِلْفَيْلَسُوفِ بِهِ مَجَالُ رَوَائِعٍ فَلِكُلِّ شَيْءٍ حِكْمَةٌ وَحَيَاةُ وَالنَّاحِتُ الرَّسَّامُ يَقْبِسُ فَنُّهُ مَا تُضْمِرُ الْخَطَرَاتُ وَالنَّظَرَاتُ وَالشَّاعِرُ الْمَوْهُوبُ يَسْأَلُ غَامِضًا فَتُجِيبُهُ الْأَسْرَارُ وَالْآيَاتُ وَالنَّاقِشُ الْوَاعِي بِرُوحِ مُلَحِّنٍ يَرْنُو فَيُوحِي النُّورُ وَالْأَصْوَاتُ •••
هَذَا كِتَابٌ لِلطَّبِيعَةِ مَا لَهُ عُمْرٌ سِوَى مَا شَاءَهُ الْفَنَّانُ كُلُّ امْرِئٍ يَلْقَى بِهِ إِلْهَامَهُ وَلَكَمْ تَنَوَّعَ عِنْدَهُ الْإِيمَانُ شَتَّى الْعَوَاطِفِ وَالشُّعُورِ حِيَالَهُ وَكَذَلِكَ الْأَثْوَابُ وَالْأَلْوَانُ إِنْ شِئْتَ كُنْتَ أَمَامَهُ فِي غَفْلَةٍ لَا أَنْتَ مَوْهُوبٌ وَلَا إِنْسَانُ أَوْ شِئْتَ صَافَحْتَ الْإِلَهَ مُحَدِّثًا وَقَرَأْتَ مَا أَوْحَى بِهِ الدَّيَّانُ هدأة الثائر مَا بَالُ سُخْطِي يَسْتَحِيلُ مَحَبَّةً كَالنَّارِ سَاعَةَ تَسْتَحِيلُ ضِيَاءَ مَا بَالُ أَطْيَافِ الرَّبِيعِ تَحَوَّلَتْ شَجَنًا وَعَادَتْ نَشْوَةً وَصَفَاءَ مَا بَالُ عُمْرِي لَوْعَةً لَا تَنْتَهِي فَأُجَامِلُ الْأَيَّامَ وَالْأَرْزَاءَ وَأَعِيشُ فِي دُنْيَا التَّفَاؤُلِ نَاسِيًا دُنْيَا تَفِيضُ قَسَاوَةً وَعَدَاءَ أَكَذَا يَعِيشُ الْمُلْهَمُونَ وَهَكَذَا يُحْيِي الزَّمَانُ الْمَجْدَ وَالشُّهَدَاءَ عيد الوطن الاقتصادي ضُمُّوا الصُّفُوفَ مَوَاكِبًا وَنَشِيدَا وَدَعُوا الشَّبَابَ يَزِينُ هَذَا الْعِيدَا النَّابِضِينَ بِحُبِّهِمْ لِبِلَادِهِمْ وَالرَّافِعِينَ لِوَاءَهَا الْمَعْقُودَا وَالثَّائِرِينَ عَلَى مَهَانَةِ قَوْمِهِمْ الْوَارِثِينَ عَنِ الْجُدُودِ خُلُودَا نَفَضُوا السُّبَاتَ وَأَشْعَلُوا إِقْدَامَهُمْ وَأَتَوْا كَمَا يَأْتِي الصَّبَاحُ جَدِيدَا يَتَدَفَّقُونَ حَمَاسَةً عُلْوِيَّةً وَمِنَ الْحَمَاسَةِ مَا يَكُونُ سَدِيدَا مِصْرُ الْقَدِيمَةُ بَارَكَتْ أَحْلَامَهُمْ وَاسْتَعْذَبَتْهُمْ نَشْوَةً وَقَصِيدَا يَمْشُونَ فِي مِثْلِ الْأَشِعَّةِ حِلْيَةً وَنَفَاسَةً وَصَرَاحَةً وَوُجُودَا يَمْشُونَ مِنْ جَوْفِ الظَّلَامِ هِدَايَةً وَيُهَيِّئُونَ لَنَا الْغَدَ الْمَنْشُودَا وَيُجَدِّدُونَ لَنَا مَوَاثِيقَ الْعُلَا مِنْ بَعْدِ أَنْ صَارَتْ هَوًى مَفْقُودَا عَرَفُوا جَلَالَةَ عَصْرِهِمْ فَتَشَبَّثُوا بِأُصُولِهَا وَتَسَابَقُوا تَشْيِيدَا عَرَفُوا الصِّنَاعَةَ لِلسِّيَادَةِ مَنْعَةً فَأَبَوْا لِمِصْرَ الذُّلَّ وَالتَّقْيِيدَا فِرْعَوْنُ فِي هَذِي الْمَوَاكِبِ مَاثِلٌ فَرِحٌ وَلَكِنْ لَا يَسُوقُ عَبِيدَا جَذَبَتْهُ أَطْيَافُ الْبُطُولَةِ حِينَمَا أَقْصَاهُ جُبْنُ السَّابِقِينَ مَدِيدَا إِنَّ الْبُطُولَةَ فِي شَجَاعَةِ مُصْلِحٍ فَذٍّ وَلَيْسَتْ غَضْبَةً وَوَعِيدَا هَذَا جَلَالُ الْمِهْرَجَانِ بِنَايَةٌ جَمَعَتْ طَرِيفًا لِلْعُلَا وَتَلِيدَا يَحْيَا الزَّمَانُ عَلَى تُرَاثِ بُنَاتِهِ فَإِذَا مَضَى الْبَانُونَ عَاشَ فَقِيدَا مَا قَامَتِ الدُّولَاتُ بِاسْمِ مُفَاخِرٍ دَرَسَتْ إِذَا لَمْ تَصْحَبِ التَّجْدِيدَا مَا أَكْثَرَ الْهُدَّامَ مِلْءَ رُبُوعِنَا وَأَقَلَّ فِينَا النَّفْعَ وَالتَّأْيِيدَا مَا أَعْظَمَ الْعِبْءَ الَّذِي فِي حَمْلِهِ يَعْيَا الْبَنُونَ الْحَامِلُونَ قُيُودَا فَتَقَدَّمُوا زَيْنَ الشَّبَابِ تَقَدَّمُوا لَكُمُ الزَّعَامَةُ فِي الصَّلَاحِ رَشِيدَا وَزِنُوا الْكَرَامَةَ بِالْوَفَاءِ لِأَهْلِنَا الصَّانِعِينَ الْبَاذِلِينَ جُهُودَا لَيْسَ ابْنُ مِصْرَ وَلَيْسَ رَافِعُ مَجْدِهَا إِلَّا الْمُمَجِّدَ إِرْثَهَا الْمَعْبُودَا النسيم المأسور أَغَضِبْتَ يَا هَذَا النَّسِيمُ أَصِحْتَ مِنْ أَلَمٍ وَقَدْ حُوصِرْتَ فِي الْأَشْجَارِ أَتُرَى جُرِحْتَ مِنَ الْكِفَاحِ خِلَالَهَا أَنْتَ الطَّلِيقُ أَصِرْتَ رَهْنَ إِسَارِ لَهَفِي عَلَيْكَ تَئِنُّ أَنَّةَ مُوجَعٍ يَا مُؤْنِسَ الْعُشَّاقِ وَالسُّمَّارِ إِنَّ الْجَمِيلَ عَلَيْهِ غُرْمُ جَمَالِهِ حَتَّى الْغَرَامُ يَنَالُهُ بِالنَّارِ كلبي الرقيب «بِنْجُو» أَطَلْتَ تَأَمُّلَاتِكَ رَاصِدًا مِنْ شُرْفَةٍ حَرَكَاتِ هَذِي النَّاسِ أَتُرَاكَ كَالْفَلَكِيِّ يَرْصُدُ عَالَمًا أَمْ أَنْتَ بَيْنَ مَخَاوِفٍ لِلْيَاسِ ذَهَبَ الْوَفَاءُ فَكُلُّ مَا تُعْنَى بِهِ عَبَثٌ وَإِحْسَاسٌ بِلَا إِحْسَاسِ لَمْ يَبْقَ مِنْ قِيَمِ الْحَيَاةِ وَأَهْلِهَا شَيْءٌ لِذِهْنِ الْكَاشِفِ الْحَسَّاسِ لَا تَرْصُدَنَّ كَبِيرَهَا وَصَغِيرَهَا فَالْكُلُّ أَوْهَامٌ بِغَيْرِ أَسَاسِ قَدْ لَوَّثُوا دُنْيَا الْجَمَالِ وَأَفْسَدَتْ أَنْفَاسُهُمْ مَا شَاقَ مِنْ أَنْفَاسِ زهر الشتاء (الود المكذوب) لَيْسَتْ تَحِيَّاتُكَ الْحَسْنَاءُ مُنْبِئَةً عَمَّا تُكِنُّ لِنَفْسِي مِنْ تَحِيَّاتِ كَالزَّهْرِ فَوْقَ أَدِيمِ الْأَرْضِ مُنْبَسِطًا لَكِنَّهُ فِي ثُلُوجٍ لَا حَرَارَاتِ وحي البحر عَنْ أَيِّ مَعْنًى مِنْ مَبَاهِجِ نَفْسِهِ رَمَزَ الْإِلَهُ لَنَا بِهَذَا الْبَحْرِ نَرْنُو إِلَيْهِ بِلَهْفَةٍ وَبِنَشْوَةٍ ظَمْأَى كَنُورِ النَّجْمِ قُرْبَ الْفَجْرِ أَتُرَى نَحِنُّ إِلَى أَوَائِلِ عَيْشِنَا بِالْبَحْرِ فِي أَقْصَى عُصُورِ الدَّهْرِ أَمْ أَنَّهُ سِفْرُ الْحَيَاةِ وَمَوْجُهُ إِيحَاؤُهَا بِالنَّظْمِ أَوْ بِالنَّثْرِ كَتَبَ الْإِلَهُ عَلَيْهِ مِنْ آيَاتِهِ سُوَرًا وَنَحْنُ بِجُلِّهَا لَا نَدْرِي الخليج عَبَثًا تُحَاوِلُ لِلتَّفَاهُمِ مَسْلَكًا هَذَا الْخَلِيجُ مُبَاعِدٌ مَا بَيْنَنَا سَنَعِيشُ أَبْعَدَ مَا نَكُونُ لِأَنَّنَا فِي الرُّوحِ أَبْعَدُ مَا نَكُونُ وَفِي الْمُنَى مَا دُمْتَ لَا تَجِدُ الْمَشَاعِرَ تَلْتَقِي فَمِنَ التَّوَهُّمِ أَنْ يَرَى الْفَقْرُ الْغِنَى أَسَفِي عَلَى هَذَا الْفَقِيرِ بِرُوحِهِ يَأْبَى الْغِنَى وَيَذُمُّ رُوحَ مَنِ اغْتَنَى أَتَخَالُ أَنِّي بَعْدَ هَذَا أَرْتَجِي حُبَّ الَّذِي يَجِدُ التَّسَامِي مَطْعَنَا شِعْرِي لِنَفْسِي ثُمَّ بَعْدُ لِمَنْ لَهُ نَفْسِي وَلَيْسَ بِمَا يُبَاعُ وَيُقْتَنَى الأصداء أَرَى كُلَّ شَيْءٍ حِيَالِي مِثَالَا فَأَيْنَ الْأَصِيلُ لِهَذَا الْمِثَالْ وَهَلْ هَذِهِ غَيْرُ أَصْدَاءِ كَوْنٍ خَفِيٍّ أَرَاهُ بِعَيْنِ الْخَيَالْ وَقَدْ يَتَجَسَّمُ هَذَا الصَّدَى كَمَا يَتَلَاشَى بِبَحْرِ الْمُحَالْ وَكَمْ فِي الْأَثِيرِ حَدِيثِ الزَّمَانِ وَأَصْدَائِهِ فِي مَدِيدِ انْتِقَالْ نُحَاذِرُهَا عِنْدَ صَيْدِ الْغِنَاءِ٣٣ وَنَحْسَبُهَا دُونَهُ فِي الْجَمَالْ وَيَا رُبَّمَا مِلْؤُهَا فِي اصْطِدَامٍ جَلَالُ الْخُلُودِ وَوَهْنُ الزَّوَالْ نِدَاءُ الْأُلُوهَةِ وَالْمُرْسَلِينَ تَمُوجُ بِهَا وَنِدَاءُ الضَّلَالْ وَأَنْظُرُ حَوْلِي وُجُودًا عَجِيبًا وَلَكِنَّهُ الْوَهْمُ فِي كُلِّ حَالْ فَمَا لِي أُحَمِّلُ نَفْسِي الْأَسَى وَأَعْبَاءَ جِيلٍ يَعَافُ الْجَلَالْ إِذَا لَمْ أَكُنْ غَيْرَ صَوْتِ الْخَيَالِ وَرَجْعِ الصَّدَى مِنْ قَدِيمِ اللَّيَالْ وَفِيمَ الْبُكَاءُ عَلَى عَالَمِي إِذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرَ بَعْضِ الظِّلَالْ طلاقة الفن إِنْ شِئْتَ خُذْ مَا أَبَاحَ الْفَنُّ مِنْ صُوَرِي أَوْ لَا فَدَعْهَا فَإِنِّي النَّاقِشُ الدَّارِي هَيْهَاتَ لِي أَنْ أَصُوغَ الْفَنَّ زَخْرَفَةً فَإِنَّ هَذَا غُرُورُ الْوَاهِمِ الزَّارِي هَيْهَاتَ أَتْرُكُ وَقْعَ الْفَنِّ فِي خَلَدِي وَأَسْتَعِيضُ بِأَنْغَامٍ وَأَزْهَارِ إِنِّي أَصُبُّ شُعُورِي كَيْفَ أَعْرِفُهُ مِثْلِي الْأَتِيِّ وَمِثْلَ الْجَدْوَلِ الْجَارِي مَا كَانَ لِي نَقْضُ شَيْءٍ مِنْ طَبِيعَتِهِ مَا فِي الطَّبِيعَةِ لَوْ أَنْصَفْتَ مِنْ عَارِ شِعْرِي أَغَارِيدُ نَفْسِي كَيْفَ أَعْرِفُهَا أَوْ لَا فَلَيْسَتْ أَغَارِيدِي وَأَشْعَارِي الإله المتنكر هَذِي الْأُلُوهَةُ أَشْرَقَتْ وَتَنَكَّرَتْ فَبَدَتْ لَنَا صُورَةُ (الْحَسْنَاءِ) فَإِذَا عَبَدْنَاهَا فَلَمْ نَعْبُدْ سِوَى رَبِّ الْحَيَاةِ بِرَمْزِهِ الْمُتَرَائِي مَا لِي وَأَوْهَامِ الشُّرُوحِ وَعِنْدَهَا قَلْبِي يُحِسُّ بِجَاذِبِيَّةِ رَبِّهِ وَالْمَرْءُ يَعْرِفُ عَيْشَهُ مِنْ لُبِّهِ فِي حِينِ يَعْرِفُ أَصْلَهُ مِنْ قَلْبِهِ حَتَّى الْإِلَهُ يَرَى التَّنَكُّرَ وَاجِبًا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا أَمَامَ النَّاسِ عَافُوا الصَّرَاحَةَ وَاسْتَبَاحُوا قَدْرَهَا فَكَأَنَّمَا عَاشُوا بِلَا إِحْسَاسِ العطر المستتر لَمْ يَكْفِنِي نَظَرِي إِلَيْكِ وَلَا مَدَى لَمْسِي جَمَالَكِ فِي فُتُونِ غَرَامِي بَلْ طَابَ لِي أَنَّي أَشُمُّكِ مِثْلَمَا يَقْضِي تَلَهُّفُ نَشْوَتِي وَهُيَامِي تَتَعَجَّبِينَ وَتَضْحَكِينَ وَإِنَّمَا قَلْبِي الْعَلِيمُ بِعِطْرِكِ النَّمَّامِ أَهْوَاهُ مِنْ إِشْرَاقِ جِسْمِكِ سَاحِرًا لُبِّي وَسُلْطَانًا عَلَى أَحْلَامِي جِسْمٌ كَأَنَّ عَلَيْهِ مِنْ لُطْفِ النَّدَى أَلَقًا وَمِنْ نَبْضِ الصِّبَا إِلْهَامِي وَيَبُثُّ مِنْ أَثْنَائِهِ عَبَقَ الْهَوَى لِلْمُلْهَمِينَ بِنُورِهِ الْبَسَّامِ قَالُوا جُنُونُ الْحُبِّ أَتْلَفَ لُبَّهُ إِنَّ الْجُنُونَ تَغُافُلُ الْمُتَعَامِي ذَمُّوا عِبَادِاتِ الْجُسُومِ وَمَا دَرَوْا أَنَّ الْجُسُومَ مَنَازِلُ الْإِلْهَامِ دُنْيَا تُنَادِي أَهْلَهَا أَنْ يَنْعَمُوا فَيَقُولُ غُافِلُهُمْ نَعِيمُ حَرَامِ وَيُؤَمِّلُونَ مِنَ الْجِنَانِ نَعِيمَهُمْ فَإِذَا الْجِنَانُ مَسَارِحُ الْأَوْهَامِ الشعاع الخافي آمَنْتِ أَمْ لَمْ تُؤْمِنِي بِوَفَائِي لِي مِنْ حَنَانِكِ أَنْتِ نُورُ رَجَائِي أَهْوَاكِ قُرْبِي فِي الظَّلَامِ أَنِيسَةً كَالْفَجْرِ بَيْنَ الصُّبْحِ وَالظَّلْمَاءِ لَمْ يَدْرِهِ أَهْلُ الظَّلَامِ وَإِنْ يَكُنْ مُتَأَلِّقًا لِلشِّعْرِ وَالشُّعَرَاءِ خَافِي شُعَاعِكِ لَيْسَ يَخْفَى وَحْيُهُ عَنْ نَظْرَتِي وَتَلَهُّفِي وَدُعَائِي جَعَلُوا الْأَشِعَّةَ فِي الظُّهُورِ مَرَاتِبًا إِلَّا لَدَيْكِ فَكُلُّهَا مُتَرَائِي إِنْ كَانَ مِنْهَا ظَاهِرٌ وَمُحَجَّبٌ لِلنَّاسِ فَهْيَ عَلَى السَّوَاءِ إِزَائِي إِنِّي رَسُولُ الْعَاشِقِينَ فَكَيْفَ لَا أُخْتَصُّ بِالتَّمْيِيزِ وَالْإِيحَاءِ وَأَنَا الَّذِي عَرَفَ الْجَمَالَ حَلَاوَةً وَرُؤًى وَأَلْوَانًا مِنَ الْأَضْوَاءِ فَدَعِي تَهَافُتَ نَاظِرَيَّ بِنَشْوَةٍ مِنْ حُسْنِكَ الْمُتَسَتِّرِ الْوَضَّاءِ عَلِّي أَنَالُ ذَخِيرَةً أَحْيَا بِهَا مِنْ هَذِهِ النَّفَحَاتِ لِلْأَحْيَاءِ
| |
| | | | ® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2020-11-03, 10:21 am | | منازل النيل مَنَازِلَ النِّيلِ مَنْ أَعْطَى الْغَرِيبَ مَدَى هَذِي الْعُهُودِ فَأَحْيَاهُ وَأَفْنَانِي أَنَا ابْنُ مِصْرَ أَنَا الْبَاكِي لِلَوْعَتِهَا أَنَا الْمُخَلِّدُ نَجْوَاهَا بِأَلْحَانِي أَنَا الَّذِي أَتَنَاسَى مَا أَنُوءُ بِهِ لِكَيْ أُعَبِّرَ عَنْهَا مِلْءَ أَحْزَانِي فَإِنَّ أَفْرَاحَهَا لَيْسَتْ سِوَى فَرَحِي وَإِنَّ أَشْجَانَهَا هَمِّي وَأَشْجَانِي •••
مَنَازِلَ النِّيلِ هَذَا حَالُنَا عَجَبٌ فَكُلُّنَا قَائِدٌ فِي قَيْدِهِ عَانِ كَأَنَّمَا عِظَةُ التَّارِيخِ مَا عَرَفَتْ أَوْ أَنَّ أَحْدَاثَهُ أَحْدَاثُ بُهْتَانِ فِيمَ الْجُنُودُ وَفِيمَ الْقَائِدُونَ لَهُمْ وَهُمْ بِلَا خُطَّةٍ تُرْجَى وَمَيْدَانِ نَسْتَعْرِضُ الْجَيْشَ وَالنِّيرَانُ صَارِخَةٌ وَنَحْنُ نُشْعِلُ نِيرَانًا بِنِيرَانِ •••
مَنَازِلَ النِّيلِ مَا لِي حَائِرًا وَجِلًا أَنَا الشُّجَاعُ وَمَا لِي طَيَّ أَكْفَانِ هَذَا الشُّرُوقُ يُحَيِّينِي فَأَهْجُرُهُ وَذَا الْغُرُوبُ غَرِيبٌ حِينَ نَادَانِي وَهَذِهِ نُخَبُ الْأَزْهَارِ بَاسِمَةٌ كَمَا عَهِدْتُ وَلَكِنْ دُونَ إِيمَانِ وَالنِّيلُ، وَالنِّيلُ يَجْرِي كُلُّهُ تَرَحٌ كَأَنَّ أَتْرَاحَهُ مِنْ نَبْعِ وِجْدَانِي •••
مَنَازِلَ النِّيلِ هَذِي جَنَّةٌ أُنُفٌ فَكَيْفَ تُتْرَكُ خِلْوًا دُونَ جَنَّانِ كَيْفَ الْعَبِيدُ لِسُكْنَاهَا وَمَا خُلِقَتْ يَوْمًا لِمَسْكَنِ أَنْجَاسٍ وَعُبْدَانِ أَيْنَ الْبُطُولَةُ غَنَّيْنَا بِهَا زَمَنًا وَلَا نَزَالُ نُغَنِّي مِلْءَ أَزْمَانِ حَتَّى تُعِيدَ جَلَالًا بَاتَ مُنْصَرِمًا فَلَنْ يَقُومَ جَلَالٌ بَعْدَهُ ثَانِ •••
مَنَازِلَ النِّيلِ كَمْ أُنْسٍ وَكَمْ غَزَلٍ نَظَمْتُ فِيكِ وَكَمْ رَاحٍ وَرَيْحَانِ مَا بَالُهَا الْيَوْمَ وَالْأَحْدَاثُ صَاخِبَةٌ أَعَافُهَا وَأَعَافُ الْآنَ دِيوَانِي أَكَادُ أَحْرِقُ يَأْسًا كُلَّ مَا جَمَعَتْ صَحَائِفُ الشِّعْرِ مِنْ شَدْوِي وَأَوْزَانِي كَأَنَّ صَحْرَاءَ عَيْشِي أَشْعَلَتْ أَسَفِي فَصِرْتُ أُبْغِضُ أَطْيَارِي وَبُسْتَانِي •••
مَنَازِلَ النِّيلِ مَا غَنَّيْتُ فِي طَرَبِي إِلَّا وَحُسْنُكِ صَدَّاحٌ لِآذَانِي كُلِّي عُيُونٌ وَآذَانٌ وَعَيْتُ بِهَا جَمَالَكِ الصَّفْوَ فِي عَزْفٍ وَأَلْوَانِ وَمَا رَسَمْتُ جَمَالًا كُنْتِ صَادِفَةً عَنْهُ وَلَا خُنْتُ يَوْمًا عَهْدَ أَوْطَانِي فَمَا لِأَرْوَعِ شِعْرِي بَاتَ يُؤْلِمُنِي كَأَنَّمَا هُوَ مِنْ إِيحَاءِ شَيْطَانِ •••
مَنَازِلَ النِّيلِ كَمْ فِي النَّاسِ ذِي ظَمَأٍ يَكْفِيهِ رِيٌّ فَيُمْسِي غَيْرَ ظَمْآنِ وَكَمْ شَكَاةٍ عَلَى طِرْسٍ وَفِي صُحُفٍ تُتْلَى وَتُنْسَى كَمَا يُنْسَى الْجَدِيدَانِ وَكَمْ حَوَادِثَ يَمْضِي الْخَائِضُونَ بِهَا كَأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ يَوْمًا بِأَذْهَانِ أَمَّا أَنَا فَحَيَاتِي كُلُّهَا ظَمَأٌ وَإِنْ نَسِيتُ فَمَا أَحْيَا لِنِسْيَانِ •••
مَنَازِلَ النِّيلِ يَجْرِي النِّيلُ مُتَّجِهًا إِلَى الْخِضَمِّ وَيَجْرِي الْعَالَمُ الْفَانِي إِلَّا هَوَايَ لِأَرْضٍ رُوحُهَا بِدَمِي وَجَوُّهَا بِمَعَانِي الْحُبِّ أَحْيَانِي رَثَيْتُهَا وَكَأَنِّي قَدْ رَثَيْتُ بِهَا نَفْسِي وَأَهْلِي وَأَحْبَابِي وَخِلَّانِي لَوْ أَنَّنَا أُمَّةُ الْأَحْرَارِ مَا خُذِلَتْ رُوحٌ تَثُورُ عَلَى ظُلْمٍ وَأَوْثَانِ ذكرى شوقي عَادَ الْخَرِيفُ فَلُحْ وَأَنْتَ بَعِيدُ فِي الذِّكْرِ فَالذِّكْرُ الْمُؤَثَّلُ عِيدُ لَيْسَ الرَّبِيعُ وَإِنْ نَأَى بِمُغَيَّبٍ إِنَّ الْخَرِيفَ يُبِيدُهُ وَيُعِيدُ أَمُعَلِّمَ الْأَطْيَارِ مِنْ إِنْشَادِهِ لِلطَّيْرِ بِاسْمِكَ فِي الْحَيَاةِ نَشِيدُ وَمُجَدِّدَ الْأَعْمَارِ فِي أَلْحَانِهِ فَنٌّ كَفَنِّكَ طَبْعُهُ التَّخْلِيدُ إِنْ كَانَ غَيَّبَهُ الْمُحِيطُ فَمَاؤُهُ هَذَا الْغَمَامُ يَزِيدُهُ التَّجْدِيدُ •••
يَا شَاعِرَ التَّصْوِيرِ يَا لَحْنَ الْأَسَى وَالْحَظِّ عُمْرُكَ نَشْوَةٌ وَقَصِيدُ أَبْكَيْتَ فِي الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ رَاثِيًا مَنْ ذَا الَّذِي يَرْثِيكَ حِينَ يُجِيدُ إِنْ كَانَ يُعْجِزُنِي الرِّثَاءُ فَهَا أَنَا بِهَوَى الْبُنُوَّةِ لَا أَزَالُ أُجِيدُ بِالْأَمْسِ شِعْرُكَ رَنَّ يَرْثِي حَافِظًا وَالدَّهْرُ مُسْتَمِعٌ إِلَيْكَ شَهِيدُ فَإِذَا بِحَفْلِ الْأَمْسِ٣١ يَرْجِعُ بَاكِيًا وَإِذَا بُكَاءُ الْيَوْمِ فِيكَ فَرِيدُ •••
شَوْقِي سَأَلْتُ الدَّهْرَ عَنْكَ فَلَمْ يُجِبْ مَا كَانَ مِثْلَكَ لَوْ يَغِيبُ يَبِيدُ أَتُرَاكَ مِلْءَ عَوَالِمٍ مَحْجُوبَةٍ عَنْهُ وَعَنَّا أَمْ عُلَاكَ وَحِيدُ هَيْهَاتَ يَدْرِي لِلْخُلُودِ حَقِيقَةً فَانٍ وَمَا يَدْرِي السُّمُوَّ عَبِيدُ شَابَهْتَ صَاحِبَكَ الزَّمَانَ تَعَمُّقًا وَمَدًى فَوَحْيُكَ رَائِعٌ وَمَدِيدُ •••
غِرِّيدَ هَذَا الْعَصْرِ كَمْ بِوُجُودِهِ مُصْغٍ فَأَيْنَ الْبُلْبُلُ الْغِرِّيدُ هَذِي الْمَمَالِكُ فِي التُّرَابِ سَمِيعَةٌ وَالنِّيلُ سَيْرُ الْوَحْيِ فِيهِ وَئِيدُ وَرُؤَى الطَّبِيعَةِ لَا تَهَشُّ لِحَالِمٍ أَوْ لَا تَبِينُ وَفَاتَهَا التَّمْجِيدُ وَتِلَالُ «طَيْبَةَ» فِي الرَّدَى مَشْبُوبَةٌ فَكَأَنَّ فَنَّكَ فَاقِدٌ وَفَقِيدُ مَنْ ذَا الَّذِي عِنْدَ ادِّكَارِكَ لَا يُرَى وَجِلًا وَهَذَا الْخَطْبُ فِيكَ شَدِيدُ لَمْ يَذْهَبِ الْعَامُ الْحَزِينُ بِبَعْضِهِ لَوْ كَانَ فِي الذِّكْرِ الْحَزِينِ سَعِيدُ مَا كُلَّ يَوْمٍ شَاعِرُ الدُّنْيَا الَّتِي تَفْدِيهِ لَوْ يَرْضَى الْفِدَاءَ وُجُودُ إِنْ مَاتَ مَاتَ بِكُلِّ لُبٍّ شَاعِرٍ أَمَلٌ أَحَقُّ بِمِثْلِهِ التَّرْدِيدُ وَإِذَا سَلَاكَ النَّاسُ لَمْ تَسْلُ الْعُلَا مَنْ كَانَ يُنْشِدُ بِاسْمِهَا وَيُشِيدُ •••
دُنْيَا الْحَقِيقَةِ قَدْ بَكَتْ دُنْيَا الْهَوَى وَالْحُسْنِ وَانْصَرَمَتْ مُنًى وَعُهُودُ كِلْتَاهُمَا فِي الرُّزْءِ بَعْدَكَ شَاعِرًا بِهِمَا يُفِيءُ عَلَيْهِمَا وَيَجُودُ وَأَجَلُّ رُزْءٍ لِلْجَمَالِ فَرُوحُهُ بِجَمَالِ شِعْرِكَ خَافِقٌ مَشْهُودُ الْحُبُّ فِيهِ مَوَائِدٌ لَا تَنْتَهِي وَالْحُسْنُ فِيهِ مُؤَلَّهٌ مَعْبُودُ وَكَأَنَّ مُوسِيقَى الْحَيَاةِ جَمِيعَهَا مَا يُبْدِعُ التَّصْوِيرُ وَالتَّوْلِيدُ لَفْظٌ يَسِيلُ وَفِي جَنَاهُ حَلَاوَةٌ حِينًا وَحِينًا ثَوْرَةٌ وَوَعِيدُ كَالْجَدْوَلِ الْجَارِي أَوِ الْبَحْرِ الَّذِي يَدْوِي وَآنًا شُعْلَةٌ وَرُعُودُ وَجَمِيعُهُ صُوَرُ الْجَمَالِ فَلَيْسَ فِي صُوَرِ الْجَمَالِ مُقَيَّدٌ مَحْدُودُ •••
فِي ذِمَّةِ التَّارِيخِ رَقْدَتُكَ الَّتِي هِيَ يَقْظَةٌ حِينَ الْأَنَامُ رُقُودُ مَا مَاتَ مَنْ وَهَبَ الْجَمَالَ حَيَاتَهُ إِنَّ الْجَمَالَ أُلُوهَةٌ وَخُلُودُ التنابُذ أَبْنَاءَ مَوْطِنِيَ الذَّلِيلِ بِخُلْفِكُمْ إِنَّ التَّنَابُذَ خَلْفَهُ اسْتِسْلَامُ بَكَّرْتُ فِي أَقْوَالِنَا وَجِهَادِنَا فَإِذَا جُهُودُ الْقَائِلِينَ كَلَامُحمَّام الشمس وَقَفَتْ أَمَامَ الشَّمْسِ لَكِنْ لَمْ تَدَعْ لِلشَّمْسِ إِلَّا لَمْحَةَ الْمَحْرُومِ سَقَطَتْ أَشِعَّتُهَا عَلَيْهَا مِثْلَمَا سَقَطَتْ خَوَاطِرُ عَاشِقٍ مَحْمُومِ نَفَذَتْ إِلَيْهَا مِنْ تَسَامُحِ كُوَّةٍ فِي الْغُرْفَةِ الظَّلْمَاءِ كَالْأَحْزَانِ النُّورُ يَنْهَلُهُ السَّوَادُ بِلَهْفَةٍ كَالْمَاءِ يَنْهَلُهُ فَمُ الظَّمْآنِ وَقَفَتْ تُنَاوِبُ حُسْنَهَا مَا أَحْسَنَتْ هَذِي الْأَشِعَّةُ وَهْيَ تَرْشُفُ حُسْنَهَا فَيَنَالُ نُورُ الشَّمْسِ رَوْعَةَ فَنِّهِ وَيَنَالُ هَذَا الْجِسْمُ ثَمَّةَ فَنَّهَا مَنْ ذَا الَّذِي يَدْرِي فَكَمْ مِنْ ذَرَّةٍ فِيهَا تَدِينُ بِرُوحِهَا لِلشَّمْسِ وَالشَّمْسُ كَمْ فِيهَا عَوَاطِفُ أَنْفُسٍ إِنَّ الْعَوَاطِفَ مِنْ شُعَاعِ النَّفْسِ الظمأ فِي كُلِّ رَوْضٍ لِلْجَمَالِ مُؤَمَّلِ رُوحِي تُرَفْرِفُ لِلْمُحِبِّ وَلِلْخَلِي تَسْتَنْشِقُ الْحُلْوَ الْعَبِيرَ كَأَنَّهَا تَسْتَنْشِقُ الْعُمْرَ الْجَدِيدَ لِمُجْتَلِي فَتَعُودُ أَظْمَأَ مَا تَكُونُ وَإِنْ جَنَتْ نِعَمًا مِنَ الْإِحْسَانِ وَالتَّجْدِيدِ لِي فَكَأَنَّهَا — أَنَّى اسْتَطَابَ حَنِينُهَا صُوَرَ الْعَزَاءِ — تَشِيمُ أَوَّلَ مَنْزِلِ فَتَسِيرُ فِي هَدْيٍ وَدُونَ هِدَايَةٍ تَشْدُو بِشِعْرِ «حَبِيبَ» شَدْوَ تَجَمُّلِ:٢٩ نَقِّلْ فُؤَادَكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ الْهَوَى مَا الْحُبُّ إِلَّا لِلْحَبِيبِ الْأَوَّلِ التصوُّف أَهْوَاكِ أَنْتِ رَفِيقَةً لِوُجُودِي كَتَبَتُّلِ الصُّوفِيِّ فِي الْمَعْبُودِ مَا كَانَ غَيْرُكِ غُنْيَةً لِمَحَبَّتِي فِي الْحُلْمِ أَوْ فِي الْعَالَمِ الْمَشْهُودِ حَتَّى حُرِمْتُكِ فَاسْتَبَحْتُ تَنَقُّلِي بَيْنَ الْجَمَالِ تَنَقُّلَ الْمَفْقُودِ فِي كُلِّ رُكْنٍ لِي صَلَاةُ تَعَبُّدٍ وَإِلَيْكِ أَنْتِ تَعَبُّدِي وَسُجُودِي وَأَنَا الْمُوَحِّدُ فِيكِ دِينَ صَبَابَتِي فَشَقِيتُ فِي الْحَالَيْنِ بِالتَّوْحِيدِ •••
أَوَّاهُ مِنْ ظَمَئِي وَهَلْ مِنْ ظَامِئٍ مِثْلِي وَهَلْ ظَمَأٌ بِغَيْرِ حُدُودِ لَوْ كُنْتِ لِي لَعَرَفْتُ عَيْشِي نَاضِرًا خَضِلًا كَعَيْشِ الْبُلْبُلِ الْغِرِّيدِ وَلَكُنْتُ أَرْتَشِفُ السَّعَادَةَ حُلْوَةً وَأُنِيلُهَا غَيْرِي بِحُلْوِ قَصِيدِي لَكِنْ أَبَى الْقَدَرُ الْعَتِيُّ لِمُهْجَتِي إِلَّا حَيَاةَ مُعَذَّبٍ وَشَرِيدِ يَلْقَاكِ مَحْسُودًا وَفِي لُقْيَاكِ كَمْ يَشْقَى وَيَنْأَى عَنْكِ كَالْمَحْسُودِ وَيُلَامُ وَهْوَ بِوَصْلِهِ وَبِهَجْرِهِ عَانٍ وَكَمْ عَانٍ بِغَيْرِ وُجُودِ الطائر الميت يَا لَوْعَةَ الْوَجْهِ الصَّبِيحِ الْوَسِيمْ لِلطَّائِرِ الْمُلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ جَاءَتْهُ كَالْأُمِّ الْحَنُونِ الرَّءُومْ لَكِنَّهَا جَاءَتْ إِلَى قَبْرِهِ فِي لَهْفَةٍ يَا طِفْلَتِي عَاتِيَهْ وَقَفْتِ فِي حَيْرَةٍ أَوْ ذُهُولْ لَمَسْتِهِ خَائِفَةً عَانِيَهْ رَاجِيَةً لَكِنْ مِنَ الْمُسْتَحِيلْ أَيْنَ الْحَبِيبُ الشَّدْوُ مِنْ رُوحِهِ وَصَدْحَةٌ مِنْهُ تُنَاجِي الْحَيَاهْ فَيَذْهَبُ الْحُزْنُ لَدَى وَقْعِهِ كَأَنَّمَا الطَّيْرُ رَسُولُ الْإِلَهْ إِنْ تَحْزَنِي يَا طِفْلَتِي فَالْأَسَى لَا شَيْءَ فِي جَنْبِ الْخَسَارِ الْأَلِيمْ لَمْ يُفْقَدِ الطَّيْرُ وَلَكِنْ مَضَى فِي فَقْدِهِ رُوحٌ لِفَنٍّ عَظِيمْ لَا تَحْزَنِي أَوْ فَاحْزَنِي بَعْدَمَا قَدْ خَانَكِ الدَّهْرُ بِمَوْتِ الصَّدِيقْ فَالْمَوْتُ كَالْعَيْشِ إِذَا مَا انْتَمَى لِلْفَنِّ فَالْفَنُّ عَزِيزٌ طَلِيقْ لو كنت لي لَوْ كُنْتِ لِي لَرَفَعْتُ كُلَّ نَظِيمِي لَكِ وَاتَّخَذْتُكِ نَشْوَتِي وَنَدِيمِي وَجَعَلْتُ مَجْلِسَكِ الشَّهِيَّ عِبَادَةً تُخْتَصُّ بِالْقُرْبَانِ وَالتَّكْرِيمِ أَمَّا وَحَظِّي مِنْكِ خَطْفُ أَشِعَّةٍ أَمَّا وَقُرْبِي مِنْكِ قُرْبُ غَرِيمِ فَدَعِي فُؤَادِي يَسْتَطِبُّ بِوَهْمِهِ بَيْنَ الْمُنَوَّعِ مِنْ خَيَالِ نَعِيمِ فَيَزِيدُ إِيمَانًا بِنِعْمَتِكِ الَّتِي وَلَّتْ وَأَعْقَبَهَا شُبُوبُ جَحِيمِي •••
لَوْ تُدْرِكِينَ تَلَهُّفِي كَتَفَجُّعِي أُخْفِيهِ فِي صَمْتٍ عَرَفْتِ أَلِيمِ لَرَثَيْتِ لِي وَرَأَيْتِ حَالَ مُوَدِّعٍ خَدَعُوهُ قَبْلَ الْمَوْتِ بِالتَّنْعِيمِ في الحمَّام سَارَتْ تِجَاهَ الْمَاءِ وَهْوَ كَأَنَّهُ دُنْيَا تَحِنُّ إِلَى الضِّيَاءِ حَنِينَا غَلَبَتْهُ ظُلْمَةُ حَظِّهِ حَتَّى تُرَى فِيهِ فَيَغْمُرَ بِالضِّيَاءِ فُنُونَا سَارَتْ عَلَى مَهَلٍ وَمِلْءَ رَشَاقَةٍ وَلِكُلِّ جُزْءٍ لَهْجَةٌ وَشُعُورُ سَارَتْ وَكُلُّ تَخَطُّرٍ مِنْهَا حَوَى شِعْرًا يُعَبِّرُ عَنْهُ هَذَا النُّورُ لِمَ لَا تُحَجَّبُ وَهْيَ سِحْرُ أُلُوهَةٍ لِمَ لَا تَبِينُ وَكُلُّهَا إِلْهَامُ مَرْأًى عَلَيْهِ مِنَ الطَّهَارَةِ هَالَةٌ وَمُنًى تُرَاقُ حِيَالَهَا الْأَحْلَامُ سُبْحَانَ رَبِّي شَاعِرًا وَمُصِوِّرًا مَا حَازَ رِيشَتَهُ الْبَدِيعَةَ حَاكِي قَدْ صَوَّرَ الْإِنْسَانَ مِنْ نَفَحَاتِهِ صُوَرًا مِنَ الْأَرْبَابِ وَالْأَمْلَاكِ مَنْ كَانَ يَشْهَدُ ذَلِكَ الْحُسْنَ الَّذِي يَخْتَالُ فِي مَلَكُوتِهِ الْفَنَّانِ فِي غَيْرِ رَوْعَةِ مَنْ يَدِينُ لِحُسْنِهِ بِالرُّوحِ مِنْهُ فَلَيْسَ بِالْإِنْسَانِ الأصفار نَأْبَى مِنَ الْحَيَوَانِ رَمْزَ هَوَانِهِ وَنُطِيقُ رَمْزَ الذُّلِّ فِي الْإِنْسَانِ مَا هَذِهِ الْأَصْفَارُ أَوْ مَا شَأْنُهَا مَا ذَلِكَ الْإِصْغَارُ لِلْأَدْيَانِ أَنَّى اتَّجَهْنَا لَا نَرَى إِلَّا أَذًى بِتَبَذُّلِ الْأَرْوَاحِ وَالْأَبْدَانِ صُوَرُ الشُّرُورِ تَحَجَّبَتْ بِتَسَوُّلٍ وَتَنَاسُلُ الْإِجْرَامِ شَرُّ هَوَانِ لِمَ لَا يُحَرَّمُ بَلْ لِمَاذَا لَا نَرَى لِلْعَبْقَرِيَّةِ صَوْلَةَ الدَّيَّانِ لِمَ لَا يُخَصُّ الْعَجْزُ بِالْحِرْمَانِ وَيُبَاحُ لِلْمَوْهُوبِ وَالْفَنَّانِ حَتَّى نَرَى الْإِنْسَانَ فِي عَلْيَائِهِ رَبًّا مِنَ الْأَرْبَابِ لَيْسَ بِفَانِ عَجَبًا أَنَنْسَى جِنْسَنَا وَحُقُوقَهُ وَنَسُوقُ فَضْلَ الْعِلْمِ لِلْحَيَوَانِ٣٠ الْأَرْضُ قَدْ مُلِئَتْ أَحَبُّ شِعَابِهَا بِمَسَاوِئِ الْحَشَرَاتِ وَالدِّيدَانِ حَتَّى أَكَادُ أُحِسُّ أَنَّ فِجَاجَهَا فَقَدَتْ بَشَاشَةَ حُسْنِهَا الْفَتَّانِ وَغَدَتْ حَرَامًا لِلنُّبُوغِ وَمَرْتَعًا لِلْعَاجِزِينَ وَوَصْمَةَ الْإِنْسَانِ سُبْحة الفقيه وَمُسَبِّحٌ لِلَّهِ يَأْبَى رَبُّهُ هَذَا التَّقَرُّبَ مِنْهُ فِي تَسْبِيحِهِ فِي كُلِّ لَفْظٍ يُسْتَعَادُ شَوَاهِدٌ عَنْ إِثْمِهِ وَالصَّوْتُ صَوْتُ جَرِيحِهِ كَمْ مِنْ فَقِيهٍ فِي ثِيَابِ مُنَزَّهٍ وَيُطِلُّ مِنْ عَيْنَيْهِ رُوحُ أَثِيمِ تَجْرِي أَنَامِلُهُ عَلَى خَرَزَاتِهِ جَرْيَ اللِّئَامِ عَلَى حِسَابِ كَرِيمِ وَتَلُوحُ سُبْحَتُهُ كَثُعْبَانٍ بِلَا رُوحٍ سِوَى رُوحِ الْفَقِيهِ الْعَاتِي مَنْ ذَا رَأَى الثُّعْبَانَ سُبْحَةَ عَابِدٍ وَرَأَى الصَّلَاةَ مُصَابَ كُلِّ صَلَاةِ الحياة هَذِي الْحَيَاةُ عَلَى الْحَيَاةِ تُطِلُّ وَتُشَاقُ مِنْ أَضْوَائِهَا فَتَعِلُّ تَرْنُو إِلَى إِيحَائِهَا بِتَبَسُّمٍ وَمِنَ التَّبَسُّمِ نُورُهَا وَالظِّلُّ عَرَضَتْ مَحَاسِنَهَا عَلَى أَلْحَاظِهَا فَتَصُدُّ مَا تُوحِي بِهِ وَتَزِلُّ وَأَبَى وَفَاءُ الْفَنِّ إِلَّا قَبْسَةً مِنْهَا فَيُعْرَفُ فَنُّهَا وَيُجَلُّ أَلَقٌ عَلَى الْأَسْحَارِ عُدَّ مُجَسَّدًا فِي كُلِّ جُزْءٍ مَا حَكَاهُ الْكُلُّ تَجِدُ الْحَيَاةَ تَحِنُّ مِنْ أَثْنَائِهِ شَطْرَ الْحَيَاةِ وَمَا تَقُولُ أَجَلُّ جُبِلَتْ بِرَاحَةِ عَبْقَرِيٍّ مُفْرَدٍ وَكَأَنَّمَا هُوَ مُكْثِرٌ وَمُقِلُّ وَكَأَنَّمَا هِيَ فِتْنَةٌ لَا تَنْتَهِي حِينَ الْمَفَاتِنُ تَنْتَهِي وَتُمَلُّ هَذِي الْحَيَاةُ لِمَنْ يَرُومُ بَيَانَهَا فَإِذَا عَبَثْتَ بِهِ فَسَوْفَ تَضِلُّ وَإِذَا عَرَفْتَ غِنَاهُ كَانَ لَكَ الْغِنَى أَوْ لَا فَفَقْرُكَ أَنْتَ حِينَ تَذِلُّ صوم غاندي تَصُومُ مُكَفِّرًا عَنْ إِثْمِ دُنْيَا يَسِيرُ بِهَا الْقَوِيُّ عَلَى الضَّعِيفِ أَبَتْ إِلَّا الْجُنُونَ بِكُلِّ عَصْرٍ فَمَا أَدْنَى السَّخِيفَ إِلَى الْحَصِيفِ تَسِيرُ عَلَى هُدًى وَبِغَيْرِ هَدْيٍ كَمَا سَرَتِ الْعَوَاطِفُ فِي الْخَرِيفِ وَمَا بَرِحَتْ تُقَسِّمُ سَاكِنِيهَا صُفُوفًا لِلْخَصِيمِ وَلِلْأَلِيفِ لَدُنْ عَاشَ الْجَمِيعُ ضُيُوفَ مَوْتٍ وَبِئْسَ الْجُودُ مِنْ هَذَا الْمُضِيفِ •••
أَرَاكَ أُلُوهَةَ الْإِنْسَانِ لَاحَتْ وَقَدْ سَحَقَ الْغُرُورُ هُدَى الْأُلُوفِ وَقَفْتَ مُجَرَّدًا عَنْ كُلِّ مَجْدٍ سِوَى مَجْدِ الْإِبَاءِ عَلَى الْحُتُوفِ وَكَانَ النَّاسُ عُبْدَانًا لِحَرْبٍ فَحَقَّرْتَ الْعَتِيَّ مِنَ السُّيُوفِ وَعَلَّمْتَ الْأَنَامَ وَأَنْتَ تَشْقَى مَعَانِي الْحُبِّ وَالْبَأْسِ الشَّرِيفِ وَأَحْيَيْتَ الضَّمَائِرَ وَهْيَ قَتْلَى فَأُسْعِدَ كُلُّ مَنْبُوذٍ أَسِيفِ •••
مَسِيحَ الْعَصْرِ رُوحُكَ رُوحُ رَبٍّ كَرِيمٍ أَوْ أَبٍ حَانٍ عَفِيفِ تَذُوقُ الْمَوْتَ أَلْوَانًا وَتَحْيَا لِيَرْضَى النَّاسُ بِالْأَلَمِ الْمُخِيفِ وَلَوْ عَقَلُوا لَعَاشُوا فِي إِخَاءٍ وَهَامُوا بِالتَّسَامِي لَا الْوُقُوفِ إِذَنْ لَغَدَتْ فُتُوحُهُمُو لِنُبْلٍ وَعَاشُوا فِي جَنَى الْخُلْدِ الْوَرِيفِ •••
أَتَيْتَ إِلَى الْوَرَى مِنْ قَبْلِ يَوْمٍ يُقَدِّسُ كُلَّ مَا تَعْنِي وَيُوفِي وَذَنْبُ الْمُصْلِحِينَ إِذَا عَدَدْنَا لَهُمْ ذَنْبًا مُنَاصَرَةُ الضَّعِيفِ النظر الجريء لَا تَرْهَبِي نَظَرِي الْجَرِيءْ هُوَ لَنْ يُسِيءَ وَلَوْ أُسِيءْ هُوَ نَشْوَةُ الْحُبِّ الطَّهُو رِ وَوَثْبَةُ الرُّوحِ الْمُضِيءْ رُوحِي تُطِلُّ عَلَيْكِ مِنْـ ـهُ وَتَجْتَلِي الْقُدْسَ الْوَضِيءْ وَتَعُبُّ مِنْ هَذَا الْحَنَانِ شَرَابَ كَوْثَرِهَا الْهَنِيءْ هُوَ خِلْسَةٌ مِنْ نِعْمَةٍ عُلْوِيَّةٍ لَيْسَتْ تَفِيءْ خُطِفَتْ مِنَ الْقَدَرِ الْعَتِيِّ لَدَى ظِلَالٍ مِنْ هُدُوءْ فَعَلَامَ نَخْشَاهَا وَمَا فِيهَا سِوَى الشُّكْرِ الْبَرِيءْ الناس أَسِيرُ فَلَا أَرَى فِي النَّاسِ نَاسًا وَلَكِنِّي أَرَى صُوَرًا أَمَامِي إِذَا كَثُرَ الزِّحَامُ وَخِفْتَ مِنْهَا فَأَقْوَاهَا ضَعِيفٌ فِي الزِّحَامِ شُخُوصٌ لَا يُصَانِعُهَا سِوَى مَنْ يَذِلُّ عَنِ الشُّخُوصِ مِنَ الْأَنَامِ وَمَا يُجْدِي لَهَا أَبَدًا مَلَامٌ فَمَا هِيَ فِي الْيَقِينِ وَلَا الْمَلَامِ لَقَدْ سَادَ الطَّغَامُ الدَّهْرَ حَتَّى حَسِبْنَا الْمَجْدَ مِنْ فَضْلِ الطَّغَامِ فَدَعْنِي لَا أُحَاذِرُ أَوْ أُبَالِي بِأَوْشَابِ الْمَنَاكِيدِ اللِّئَامِ لَقَدْ قَتَلُوا كِرَامَ النَّاسِ قَتْلًا فَحَسْبِي إِنْ أَمُتْ مَوْتُ الْكِرَامِ وَدَعْنِي فِي إِبَائِي فَهْوَ عِنْدِي أَجَلُّ مِنَ انْتِقَامِكَ وَانْتِقَامِي التحرُّر حَيَاتِي لَمْ تَكُنْ يَوْمًا بِعُمْرِي وَلَكِنْ بِالتَّصَوُّفِ وَالْمَعَانِي أَنَا ابْنُ هَوَايَ ثُمَّ أَنَا ابْنُ فِكْرِي وَلَسْتُ أَعِيشُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَعِيشُ بِكُلِّ عَصْرٍ عَبْقَرِيٍّ تَأَلَّقَ فِي الشُّعُورِ وَفِي الْبَيَانِ وَفِي نَفْسِي حُرُوبٌ لَيْسَ تَفْنَى حُرُوبٌ لِلسُّمُوِّ وَلِلْهَوَانِ كَأَنِّي لَسْتُ فَرْدًا فِي صِفَاتِي وَلَكِنِّي جُمُوعٌ فِي كِيَانِي لَئِنْ حُرِّرْتُ مِنْ إِرْهَاقِ نَفْسِي لِنَفْسِي هَانَ عِنْدِي مَا أُعَانِي الرموز دَعَوْهَا الْغَانِيَاتِ ذَوَاتِ دَلٍّ كَمَا نُعِتَتْ بِآيَاتِ الْحِسَانِ وَقَلْبِي لَا يَرَى إِلَّا رُمُوزًا حَجَبْنَ فُنُونَ أَلْوَانِ الْمَعَانِي فَلَسْتُ بِمَنْ يَرَى جِسْمًا وَنَفْسًا وَلَكِنِّي أَرَى صُوَرَ الْبَيَانِ فَأُجْهِدُ خَاطِرِي فِيمَا أَرَاهُ وَلَكِنْ كَيْفَ تُسْعِفُ مُقْلَتَانِ وَلَوْ أَنِّي وُهِبْتُ عُيُونَ دُنْيَا وَجُزْتُ مَدَى التَّوَثُّبِ وَالْحَنَانِ لَمَا بُلِّغْتُ مَعْنَى كُلِّ حَيٍّ وَلَمْ يَعْدُ الرُّمُوزَ بِهَا افْتِتَانِي البسمة الحزينة لَمَّا رَأَيْتُكِ وَالْمَآسِي ظَلَّلَتْ عَيْنَيْكِ وَالْوَجْدُ الْعَمِيقُ يَبُوحُ أَرْسَلْتُ رُوحِي فِي قَرَارِكِ نَاظِرًا لَحْظَيْكِ فَاعْتُقِلَتْ لَدَيْكِ الرُّوحُ حَتَّى ابْتَسَمْتِ فَمَا عَجِبْتُ لِبَسْمَةٍ تَسْبِي كَمَا قَدْ حَرَّرَتْ وِجْدَانِي إِلَّا لِبَسْمَتِكِ الْحَزِينَةِ إِنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الْأَفْرَاحِ وَالْأَحْزَانِ مِثْلَ الْأَشِعَّةِ أُرْسِلَتْ أَمْوَاجُهَا بَيْنَ الْغُيُومِ فَكُنَّ رُسْلَ رَجَاءِ هَلْ عِنْدَ بَسْمَتِكِ الْحَزِينَةِ مِنْ مُنًى إِلَّا مُنَى الْإِصْبَاحِ وَالْأَنْدَاءِ لَهَفِي عَلَيْهَا لَا تَعِيشُ فَإِنَّمَا لِلصُّبْحِ عُمْرٌ مِنْ خَيَالِ الْفَجْرِ يَمْضِي إِلَى الْبَحْرِ الْخِضَمِّ فَلَا يُرَى مِنْهُ سِوَى دَمْعٍ بِعَيْنِ الزَّهْرِ أَإِذَا سَأَلْتُكِ تَبْسِمِينَ هُنَيْهَةً أُخْرَى فَأَسْتَجْلِي بِهَا مَعْنَاكِ مَعْنَاكِ مِنْ لُبِّ الْحَيَاةِ وَإِنَّمَا مَعْنَاكِ أَبْعَدُ مِنْ مَدَى إِدْرَاكِي لَا تَضْحَكِي ضَحِكَ الْمُدَامَةِ إِنْ رَأَتْ لَهَفَ الَّذِينَ يُحَطِّمُونَ إِسَارَهَا بَلْ فَابْسِمِي بِهَوَاكِ أَنْتِ حَزِينَةً لِنَرَى ضِيَاءَ النَّفْسِ يَصْحَبُ نَارَهَا هَذِي نَمَاذِجُ كُلِّ حُسْنٍ سَاحِرٍ يَخْطُرْنَ بَيْنَ رَوَائِعِ الْأَلْوَانِ مِنْ كُلِّ قَاهِرَةِ الْجَمَالِ كَأَنَّهَا أَبَدًا تَحَدَّتْ قُدْرَةَ الْفَنَّانِ يَخْطُرْنَ وَالشَّمْسُ الْمُطِلَّةُ تَنْتَشِي بِمَوَاكِبِ الْأَشْوَاقِ وَالْإِغْرَاءِ وَلِكُلِّ فَاتِنَةٍ شَوَاهِدُ فِتْنَةٍ جَلَّتْ عَنِ التَّكْرَارِ عِنْدَ الرَّائِي أَرْنُو إِلَيْهَا بَيْنَ لُبٍّ حَائِرٍ نَهِمٍ وَبَيْنَ تَعَطُّشٍ لِفُؤَادِي وَأَرَاكِ أَنْتِ بِبَسْمَةِ الْحُزْنِ الَّتِي نُشْجِي فَأُوثِرُ أَنْ أَفِيكِ وِدَادِي منازل النيل مَنَازِلَ النِّيلِ مَنْ أَعْطَى الْغَرِيبَ مَدَى هَذِي الْعُهُودِ فَأَحْيَاهُ وَأَفْنَانِي أَنَا ابْنُ مِصْرَ أَنَا الْبَاكِي لِلَوْعَتِهَا أَنَا الْمُخَلِّدُ نَجْوَاهَا بِأَلْحَانِي أَنَا الَّذِي أَتَنَاسَى مَا أَنُوءُ بِهِ لِكَيْ أُعَبِّرَ عَنْهَا مِلْءَ أَحْزَانِي فَإِنَّ أَفْرَاحَهَا لَيْسَتْ سِوَى فَرَحِي وَإِنَّ أَشْجَانَهَا هَمِّي وَأَشْجَانِي •••
مَنَازِلَ النِّيلِ هَذَا حَالُنَا عَجَبٌ فَكُلُّنَا قَائِدٌ فِي قَيْدِهِ عَانِ كَأَنَّمَا عِظَةُ التَّارِيخِ مَا عَرَفَتْ أَوْ أَنَّ أَحْدَاثَهُ أَحْدَاثُ بُهْتَانِ فِيمَ الْجُنُودُ وَفِيمَ الْقَائِدُونَ لَهُمْ وَهُمْ بِلَا خُطَّةٍ تُرْجَى وَمَيْدَانِ نَسْتَعْرِضُ الْجَيْشَ وَالنِّيرَانُ صَارِخَةٌ وَنَحْنُ نُشْعِلُ نِيرَانًا بِنِيرَانِ •••
مَنَازِلَ النِّيلِ مَا لِي حَائِرًا وَجِلًا أَنَا الشُّجَاعُ وَمَا لِي طَيَّ أَكْفَانِ هَذَا الشُّرُوقُ يُحَيِّينِي فَأَهْجُرُهُ وَذَا الْغُرُوبُ غَرِيبٌ حِينَ نَادَانِي وَهَذِهِ نُخَبُ الْأَزْهَارِ بَاسِمَةٌ كَمَا عَهِدْتُ وَلَكِنْ دُونَ إِيمَانِ وَالنِّيلُ، وَالنِّيلُ يَجْرِي كُلُّهُ تَرَحٌ كَأَنَّ أَتْرَاحَهُ مِنْ نَبْعِ وِجْدَانِي •••
مَنَازِلَ النِّيلِ هَذِي جَنَّةٌ أُنُفٌ فَكَيْفَ تُتْرَكُ خِلْوًا دُونَ جَنَّانِ كَيْفَ الْعَبِيدُ لِسُكْنَاهَا وَمَا خُلِقَتْ يَوْمًا لِمَسْكَنِ أَنْجَاسٍ وَعُبْدَانِ أَيْنَ الْبُطُولَةُ غَنَّيْنَا بِهَا زَمَنًا وَلَا نَزَالُ نُغَنِّي مِلْءَ أَزْمَانِ حَتَّى تُعِيدَ جَلَالًا بَاتَ مُنْصَرِمًا فَلَنْ يَقُومَ جَلَالٌ بَعْدَهُ ثَانِ •••
مَنَازِلَ النِّيلِ كَمْ أُنْسٍ وَكَمْ غَزَلٍ نَظَمْتُ فِيكِ وَكَمْ رَاحٍ وَرَيْحَانِ مَا بَالُهَا الْيَوْمَ وَالْأَحْدَاثُ صَاخِبَةٌ أَعَافُهَا وَأَعَافُ الْآنَ دِيوَانِي أَكَادُ أَحْرِقُ يَأْسًا كُلَّ مَا جَمَعَتْ صَحَائِفُ الشِّعْرِ مِنْ شَدْوِي وَأَوْزَانِي كَأَنَّ صَحْرَاءَ عَيْشِي أَشْعَلَتْ أَسَفِي فَصِرْتُ أُبْغِضُ أَطْيَارِي وَبُسْتَانِي •••
مَنَازِلَ النِّيلِ مَا غَنَّيْتُ فِي طَرَبِي إِلَّا وَحُسْنُكِ صَدَّاحٌ لِآذَانِي كُلِّي عُيُونٌ وَآذَانٌ وَعَيْتُ بِهَا جَمَالَكِ الصَّفْوَ فِي عَزْفٍ وَأَلْوَانِ وَمَا رَسَمْتُ جَمَالًا كُنْتِ صَادِفَةً عَنْهُ وَلَا خُنْتُ يَوْمًا عَهْدَ أَوْطَانِي فَمَا لِأَرْوَعِ شِعْرِي بَاتَ يُؤْلِمُنِي كَأَنَّمَا هُوَ مِنْ إِيحَاءِ شَيْطَانِ •••
مَنَازِلَ النِّيلِ كَمْ فِي النَّاسِ ذِي ظَمَأٍ يَكْفِيهِ رِيٌّ فَيُمْسِي غَيْرَ ظَمْآنِ وَكَمْ شَكَاةٍ عَلَى طِرْسٍ وَفِي صُحُفٍ تُتْلَى وَتُنْسَى كَمَا يُنْسَى الْجَدِيدَانِ وَكَمْ حَوَادِثَ يَمْضِي الْخَائِضُونَ بِهَا كَأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ يَوْمًا بِأَذْهَانِ أَمَّا أَنَا فَحَيَاتِي كُلُّهَا ظَمَأٌ وَإِنْ نَسِيتُ فَمَا أَحْيَا لِنِسْيَانِ •••
مَنَازِلَ النِّيلِ يَجْرِي النِّيلُ مُتَّجِهًا إِلَى الْخِضَمِّ وَيَجْرِي الْعَالَمُ الْفَانِي إِلَّا هَوَايَ لِأَرْضٍ رُوحُهَا بِدَمِي وَجَوُّهَا بِمَعَانِي الْحُبِّ أَحْيَانِي رَثَيْتُهَا وَكَأَنِّي قَدْ رَثَيْتُ بِهَا نَفْسِي وَأَهْلِي وَأَحْبَابِي وَخِلَّانِي لَوْ أَنَّنَا أُمَّةُ الْأَحْرَارِ مَا خُذِلَتْ رُوحٌ تَثُورُ عَلَى ظُلْمٍ وَأَوْثَانِ ذكرى شوقي عَادَ الْخَرِيفُ فَلُحْ وَأَنْتَ بَعِيدُ فِي الذِّكْرِ فَالذِّكْرُ الْمُؤَثَّلُ عِيدُ لَيْسَ الرَّبِيعُ وَإِنْ نَأَى بِمُغَيَّبٍ إِنَّ الْخَرِيفَ يُبِيدُهُ وَيُعِيدُ أَمُعَلِّمَ الْأَطْيَارِ مِنْ إِنْشَادِهِ لِلطَّيْرِ بِاسْمِكَ فِي الْحَيَاةِ نَشِيدُ وَمُجَدِّدَ الْأَعْمَارِ فِي أَلْحَانِهِ فَنٌّ كَفَنِّكَ طَبْعُهُ التَّخْلِيدُ إِنْ كَانَ غَيَّبَهُ الْمُحِيطُ فَمَاؤُهُ هَذَا الْغَمَامُ يَزِيدُهُ التَّجْدِيدُ •••
يَا شَاعِرَ التَّصْوِيرِ يَا لَحْنَ الْأَسَى وَالْحَظِّ عُمْرُكَ نَشْوَةٌ وَقَصِيدُ أَبْكَيْتَ فِي الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ رَاثِيًا مَنْ ذَا الَّذِي يَرْثِيكَ حِينَ يُجِيدُ إِنْ كَانَ يُعْجِزُنِي الرِّثَاءُ فَهَا أَنَا بِهَوَى الْبُنُوَّةِ لَا أَزَالُ أُجِيدُ بِالْأَمْسِ شِعْرُكَ رَنَّ يَرْثِي حَافِظًا وَالدَّهْرُ مُسْتَمِعٌ إِلَيْكَ شَهِيدُ فَإِذَا بِحَفْلِ الْأَمْسِ٣١ يَرْجِعُ بَاكِيًا وَإِذَا بُكَاءُ الْيَوْمِ فِيكَ فَرِيدُ •••
شَوْقِي سَأَلْتُ الدَّهْرَ عَنْكَ فَلَمْ يُجِبْ مَا كَانَ مِثْلَكَ لَوْ يَغِيبُ يَبِيدُ أَتُرَاكَ مِلْءَ عَوَالِمٍ مَحْجُوبَةٍ عَنْهُ وَعَنَّا أَمْ عُلَاكَ وَحِيدُ هَيْهَاتَ يَدْرِي لِلْخُلُودِ حَقِيقَةً فَانٍ وَمَا يَدْرِي السُّمُوَّ عَبِيدُ شَابَهْتَ صَاحِبَكَ الزَّمَانَ تَعَمُّقًا وَمَدًى فَوَحْيُكَ رَائِعٌ وَمَدِيدُ •••
غِرِّيدَ هَذَا الْعَصْرِ كَمْ بِوُجُودِهِ مُصْغٍ فَأَيْنَ الْبُلْبُلُ الْغِرِّيدُ هَذِي الْمَمَالِكُ فِي التُّرَابِ سَمِيعَةٌ وَالنِّيلُ سَيْرُ الْوَحْيِ فِيهِ وَئِيدُ وَرُؤَى الطَّبِيعَةِ لَا تَهَشُّ لِحَالِمٍ أَوْ لَا تَبِينُ وَفَاتَهَا التَّمْجِيدُ وَتِلَالُ «طَيْبَةَ» فِي الرَّدَى مَشْبُوبَةٌ فَكَأَنَّ فَنَّكَ فَاقِدٌ وَفَقِيدُ مَنْ ذَا الَّذِي عِنْدَ ادِّكَارِكَ لَا يُرَى وَجِلًا وَهَذَا الْخَطْبُ فِيكَ شَدِيدُ لَمْ يَذْهَبِ الْعَامُ الْحَزِينُ بِبَعْضِهِ لَوْ كَانَ فِي الذِّكْرِ الْحَزِينِ سَعِيدُ مَا كُلَّ يَوْمٍ شَاعِرُ الدُّنْيَا الَّتِي تَفْدِيهِ لَوْ يَرْضَى الْفِدَاءَ وُجُودُ إِنْ مَاتَ مَاتَ بِكُلِّ لُبٍّ شَاعِرٍ أَمَلٌ أَحَقُّ بِمِثْلِهِ التَّرْدِيدُ وَإِذَا سَلَاكَ النَّاسُ لَمْ تَسْلُ الْعُلَا مَنْ كَانَ يُنْشِدُ بِاسْمِهَا وَيُشِيدُ •••
دُنْيَا الْحَقِيقَةِ قَدْ بَكَتْ دُنْيَا الْهَوَى وَالْحُسْنِ وَانْصَرَمَتْ مُنًى وَعُهُودُ كِلْتَاهُمَا فِي الرُّزْءِ بَعْدَكَ شَاعِرًا بِهِمَا يُفِيءُ عَلَيْهِمَا وَيَجُودُ وَأَجَلُّ رُزْءٍ لِلْجَمَالِ فَرُوحُهُ بِجَمَالِ شِعْرِكَ خَافِقٌ مَشْهُودُ الْحُبُّ فِيهِ مَوَائِدٌ لَا تَنْتَهِي وَالْحُسْنُ فِيهِ مُؤَلَّهٌ مَعْبُودُ وَكَأَنَّ مُوسِيقَى الْحَيَاةِ جَمِيعَهَا مَا يُبْدِعُ التَّصْوِيرُ وَالتَّوْلِيدُ لَفْظٌ يَسِيلُ وَفِي جَنَاهُ حَلَاوَةٌ حِينًا وَحِينًا ثَوْرَةٌ وَوَعِيدُ كَالْجَدْوَلِ الْجَارِي أَوِ الْبَحْرِ الَّذِي يَدْوِي وَآنًا شُعْلَةٌ وَرُعُودُ وَجَمِيعُهُ صُوَرُ الْجَمَالِ فَلَيْسَ فِي صُوَرِ الْجَمَالِ مُقَيَّدٌ مَحْدُودُ •••
فِي ذِمَّةِ التَّارِيخِ رَقْدَتُكَ الَّتِي هِيَ يَقْظَةٌ حِينَ الْأَنَامُ رُقُودُ مَا مَاتَ مَنْ وَهَبَ الْجَمَالَ حَيَاتَهُ إِنَّ الْجَمَالَ أُلُوهَةٌ وَخُلُودُ التنابُذ أَبْنَاءَ مَوْطِنِيَ الذَّلِيلِ بِخُلْفِكُمْ إِنَّ التَّنَابُذَ خَلْفَهُ اسْتِسْلَامُ بَكَّرْتُ فِي أَقْوَالِنَا وَجِهَادِنَا فَإِذَا جُهُودُ الْقَائِلِينَ كَلَامُ وَلَّى الشَّبَابُ وَكَمْ طَفَرْتُ بِرُوحِهِ وَأَتَى الْمَشِيبُ وَكُلُّهُ آلَامُ اللهُ يَصْفَحُ عَنْ حَمَاسَةِ مُهْجَتِي إِنَّ الْحَمَاسَةَ كُلَّهَا أَوْهَامُ إِنَّ الشَّجَاعَةَ لِلْحَقِيقَةِ وَحْدَهَا غَيْرُ الْحَمَاسَةِ خَلْفَهَا الْأَحْلَامُ ذَهَبَ التَّحَزُّبُ بِالْبِلَادِ وَأَهْلِهَا إِنَّ التَّحَزُّبَ غَالِبًا هَدَّامُ وَبَدَا التَّضَامُنُ بَاسِطًا يَدَهُ لَنَا وَالرُّشْدُ يَصْحَبُهُ فَكَيْفَ نُضَامُ وَلَّى الشَّبَابُ وَكَمْ طَفَرْتُ بِرُوحِهِ وَأَتَى الْمَشِيبُ وَكُلُّهُ آلَامُ اللهُ يَصْفَحُ عَنْ حَمَاسَةِ مُهْجَتِي إِنَّ الْحَمَاسَةَ كُلَّهَا أَوْهَامُ إِنَّ الشَّجَاعَةَ لِلْحَقِيقَةِ وَحْدَهَا غَيْرُ الْحَمَاسَةِ خَلْفَهَا الْأَحْلَامُ ذَهَبَ التَّحَزُّبُ بِالْبِلَادِ وَأَهْلِهَا إِنَّ التَّحَزُّبَ غَالِبًا هَدَّامُ وَبَدَا التَّضَامُنُ بَاسِطًا يَدَهُ لَنَا وَالرُّشْدُ يَصْحَبُهُ فَكَيْفَ نُضَامُ
| |
| | | | ® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2020-11-03, 10:22 am | | حمَّام الشمس وَقَفَتْ أَمَامَ الشَّمْسِ لَكِنْ لَمْ تَدَعْ لِلشَّمْسِ إِلَّا لَمْحَةَ الْمَحْرُومِ سَقَطَتْ أَشِعَّتُهَا عَلَيْهَا مِثْلَمَا سَقَطَتْ خَوَاطِرُ عَاشِقٍ مَحْمُومِ نَفَذَتْ إِلَيْهَا مِنْ تَسَامُحِ كُوَّةٍ فِي الْغُرْفَةِ الظَّلْمَاءِ كَالْأَحْزَانِ النُّورُ يَنْهَلُهُ السَّوَادُ بِلَهْفَةٍ كَالْمَاءِ يَنْهَلُهُ فَمُ الظَّمْآنِ وَقَفَتْ تُنَاوِبُ حُسْنَهَا مَا أَحْسَنَتْ هَذِي الْأَشِعَّةُ وَهْيَ تَرْشُفُ حُسْنَهَا فَيَنَالُ نُورُ الشَّمْسِ رَوْعَةَ فَنِّهِ وَيَنَالُ هَذَا الْجِسْمُ ثَمَّةَ فَنَّهَا مَنْ ذَا الَّذِي يَدْرِي فَكَمْ مِنْ ذَرَّةٍ فِيهَا تَدِينُ بِرُوحِهَا لِلشَّمْسِ وَالشَّمْسُ كَمْ فِيهَا عَوَاطِفُ أَنْفُسٍ إِنَّ الْعَوَاطِفَ مِنْ شُعَاعِ النَّفْسِ الظمأ فِي كُلِّ رَوْضٍ لِلْجَمَالِ مُؤَمَّلِ رُوحِي تُرَفْرِفُ لِلْمُحِبِّ وَلِلْخَلِي تَسْتَنْشِقُ الْحُلْوَ الْعَبِيرَ كَأَنَّهَا تَسْتَنْشِقُ الْعُمْرَ الْجَدِيدَ لِمُجْتَلِي فَتَعُودُ أَظْمَأَ مَا تَكُونُ وَإِنْ جَنَتْ نِعَمًا مِنَ الْإِحْسَانِ وَالتَّجْدِيدِ لِي فَكَأَنَّهَا — أَنَّى اسْتَطَابَ حَنِينُهَا صُوَرَ الْعَزَاءِ — تَشِيمُ أَوَّلَ مَنْزِلِ فَتَسِيرُ فِي هَدْيٍ وَدُونَ هِدَايَةٍ تَشْدُو بِشِعْرِ «حَبِيبَ» شَدْوَ تَجَمُّلِ:٢٩ نَقِّلْ فُؤَادَكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ الْهَوَى مَا الْحُبُّ إِلَّا لِلْحَبِيبِ الْأَوَّلِ التصوُّف أَهْوَاكِ أَنْتِ رَفِيقَةً لِوُجُودِي كَتَبَتُّلِ الصُّوفِيِّ فِي الْمَعْبُودِ مَا كَانَ غَيْرُكِ غُنْيَةً لِمَحَبَّتِي فِي الْحُلْمِ أَوْ فِي الْعَالَمِ الْمَشْهُودِ حَتَّى حُرِمْتُكِ فَاسْتَبَحْتُ تَنَقُّلِي بَيْنَ الْجَمَالِ تَنَقُّلَ الْمَفْقُودِ فِي كُلِّ رُكْنٍ لِي صَلَاةُ تَعَبُّدٍ وَإِلَيْكِ أَنْتِ تَعَبُّدِي وَسُجُودِي وَأَنَا الْمُوَحِّدُ فِيكِ دِينَ صَبَابَتِي فَشَقِيتُ فِي الْحَالَيْنِ بِالتَّوْحِيدِ •••
أَوَّاهُ مِنْ ظَمَئِي وَهَلْ مِنْ ظَامِئٍ مِثْلِي وَهَلْ ظَمَأٌ بِغَيْرِ حُدُودِ لَوْ كُنْتِ لِي لَعَرَفْتُ عَيْشِي نَاضِرًا خَضِلًا كَعَيْشِ الْبُلْبُلِ الْغِرِّيدِ وَلَكُنْتُ أَرْتَشِفُ السَّعَادَةَ حُلْوَةً وَأُنِيلُهَا غَيْرِي بِحُلْوِ قَصِيدِي لَكِنْ أَبَى الْقَدَرُ الْعَتِيُّ لِمُهْجَتِي إِلَّا حَيَاةَ مُعَذَّبٍ وَشَرِيدِ يَلْقَاكِ مَحْسُودًا وَفِي لُقْيَاكِ كَمْ يَشْقَى وَيَنْأَى عَنْكِ كَالْمَحْسُودِ وَيُلَامُ وَهْوَ بِوَصْلِهِ وَبِهَجْرِهِ عَانٍ وَكَمْ عَانٍ بِغَيْرِ وُجُودِ الطائر الميت يَا لَوْعَةَ الْوَجْهِ الصَّبِيحِ الْوَسِيمْ لِلطَّائِرِ الْمُلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ جَاءَتْهُ كَالْأُمِّ الْحَنُونِ الرَّءُومْ لَكِنَّهَا جَاءَتْ إِلَى قَبْرِهِ فِي لَهْفَةٍ يَا طِفْلَتِي عَاتِيَهْ وَقَفْتِ فِي حَيْرَةٍ أَوْ ذُهُولْ لَمَسْتِهِ خَائِفَةً عَانِيَهْ رَاجِيَةً لَكِنْ مِنَ الْمُسْتَحِيلْ أَيْنَ الْحَبِيبُ الشَّدْوُ مِنْ رُوحِهِ وَصَدْحَةٌ مِنْهُ تُنَاجِي الْحَيَاهْ فَيَذْهَبُ الْحُزْنُ لَدَى وَقْعِهِ كَأَنَّمَا الطَّيْرُ رَسُولُ الْإِلَهْ إِنْ تَحْزَنِي يَا طِفْلَتِي فَالْأَسَى لَا شَيْءَ فِي جَنْبِ الْخَسَارِ الْأَلِيمْ لَمْ يُفْقَدِ الطَّيْرُ وَلَكِنْ مَضَى فِي فَقْدِهِ رُوحٌ لِفَنٍّ عَظِيمْ لَا تَحْزَنِي أَوْ فَاحْزَنِي بَعْدَمَا قَدْ خَانَكِ الدَّهْرُ بِمَوْتِ الصَّدِيقْ فَالْمَوْتُ كَالْعَيْشِ إِذَا مَا انْتَمَى لِلْفَنِّ فَالْفَنُّ عَزِيزٌ طَلِيقْ لو كنت لي لَوْ كُنْتِ لِي لَرَفَعْتُ كُلَّ نَظِيمِي لَكِ وَاتَّخَذْتُكِ نَشْوَتِي وَنَدِيمِي وَجَعَلْتُ مَجْلِسَكِ الشَّهِيَّ عِبَادَةً تُخْتَصُّ بِالْقُرْبَانِ وَالتَّكْرِيمِ أَمَّا وَحَظِّي مِنْكِ خَطْفُ أَشِعَّةٍ أَمَّا وَقُرْبِي مِنْكِ قُرْبُ غَرِيمِ فَدَعِي فُؤَادِي يَسْتَطِبُّ بِوَهْمِهِ بَيْنَ الْمُنَوَّعِ مِنْ خَيَالِ نَعِيمِ فَيَزِيدُ إِيمَانًا بِنِعْمَتِكِ الَّتِي وَلَّتْ وَأَعْقَبَهَا شُبُوبُ جَحِيمِي •••
لَوْ تُدْرِكِينَ تَلَهُّفِي كَتَفَجُّعِي أُخْفِيهِ فِي صَمْتٍ عَرَفْتِ أَلِيمِ لَرَثَيْتِ لِي وَرَأَيْتِ حَالَ مُوَدِّعٍ خَدَعُوهُ قَبْلَ الْمَوْتِ بِالتَّنْعِيمِ في الحمَّام سَارَتْ تِجَاهَ الْمَاءِ وَهْوَ كَأَنَّهُ دُنْيَا تَحِنُّ إِلَى الضِّيَاءِ حَنِينَا غَلَبَتْهُ ظُلْمَةُ حَظِّهِ حَتَّى تُرَى فِيهِ فَيَغْمُرَ بِالضِّيَاءِ فُنُونَا سَارَتْ عَلَى مَهَلٍ وَمِلْءَ رَشَاقَةٍ وَلِكُلِّ جُزْءٍ لَهْجَةٌ وَشُعُورُ سَارَتْ وَكُلُّ تَخَطُّرٍ مِنْهَا حَوَى شِعْرًا يُعَبِّرُ عَنْهُ هَذَا النُّورُ لِمَ لَا تُحَجَّبُ وَهْيَ سِحْرُ أُلُوهَةٍ لِمَ لَا تَبِينُ وَكُلُّهَا إِلْهَامُ مَرْأًى عَلَيْهِ مِنَ الطَّهَارَةِ هَالَةٌ وَمُنًى تُرَاقُ حِيَالَهَا الْأَحْلَامُ سُبْحَانَ رَبِّي شَاعِرًا وَمُصِوِّرًا مَا حَازَ رِيشَتَهُ الْبَدِيعَةَ حَاكِي قَدْ صَوَّرَ الْإِنْسَانَ مِنْ نَفَحَاتِهِ صُوَرًا مِنَ الْأَرْبَابِ وَالْأَمْلَاكِ مَنْ كَانَ يَشْهَدُ ذَلِكَ الْحُسْنَ الَّذِي يَخْتَالُ فِي مَلَكُوتِهِ الْفَنَّانِ فِي غَيْرِ رَوْعَةِ مَنْ يَدِينُ لِحُسْنِهِ بِالرُّوحِ مِنْهُ فَلَيْسَ بِالْإِنْسَانِ الأصفار نَأْبَى مِنَ الْحَيَوَانِ رَمْزَ هَوَانِهِ وَنُطِيقُ رَمْزَ الذُّلِّ فِي الْإِنْسَانِ مَا هَذِهِ الْأَصْفَارُ أَوْ مَا شَأْنُهَا مَا ذَلِكَ الْإِصْغَارُ لِلْأَدْيَانِ أَنَّى اتَّجَهْنَا لَا نَرَى إِلَّا أَذًى بِتَبَذُّلِ الْأَرْوَاحِ وَالْأَبْدَانِ صُوَرُ الشُّرُورِ تَحَجَّبَتْ بِتَسَوُّلٍ وَتَنَاسُلُ الْإِجْرَامِ شَرُّ هَوَانِ لِمَ لَا يُحَرَّمُ بَلْ لِمَاذَا لَا نَرَى لِلْعَبْقَرِيَّةِ صَوْلَةَ الدَّيَّانِ لِمَ لَا يُخَصُّ الْعَجْزُ بِالْحِرْمَانِ وَيُبَاحُ لِلْمَوْهُوبِ وَالْفَنَّانِ حَتَّى نَرَى الْإِنْسَانَ فِي عَلْيَائِهِ رَبًّا مِنَ الْأَرْبَابِ لَيْسَ بِفَانِ عَجَبًا أَنَنْسَى جِنْسَنَا وَحُقُوقَهُ وَنَسُوقُ فَضْلَ الْعِلْمِ لِلْحَيَوَانِ٣٠ الْأَرْضُ قَدْ مُلِئَتْ أَحَبُّ شِعَابِهَا بِمَسَاوِئِ الْحَشَرَاتِ وَالدِّيدَانِ حَتَّى أَكَادُ أُحِسُّ أَنَّ فِجَاجَهَا فَقَدَتْ بَشَاشَةَ حُسْنِهَا الْفَتَّانِ وَغَدَتْ حَرَامًا لِلنُّبُوغِ وَمَرْتَعًا لِلْعَاجِزِينَ وَوَصْمَةَ الْإِنْسَانِ سُبْحة الفقيه وَمُسَبِّحٌ لِلَّهِ يَأْبَى رَبُّهُ هَذَا التَّقَرُّبَ مِنْهُ فِي تَسْبِيحِهِ فِي كُلِّ لَفْظٍ يُسْتَعَادُ شَوَاهِدٌ عَنْ إِثْمِهِ وَالصَّوْتُ صَوْتُ جَرِيحِهِ كَمْ مِنْ فَقِيهٍ فِي ثِيَابِ مُنَزَّهٍ وَيُطِلُّ مِنْ عَيْنَيْهِ رُوحُ أَثِيمِ تَجْرِي أَنَامِلُهُ عَلَى خَرَزَاتِهِ جَرْيَ اللِّئَامِ عَلَى حِسَابِ كَرِيمِ وَتَلُوحُ سُبْحَتُهُ كَثُعْبَانٍ بِلَا رُوحٍ سِوَى رُوحِ الْفَقِيهِ الْعَاتِي مَنْ ذَا رَأَى الثُّعْبَانَ سُبْحَةَ عَابِدٍ وَرَأَى الصَّلَاةَ مُصَابَ كُلِّ صَلَاةِ الحياة هَذِي الْحَيَاةُ عَلَى الْحَيَاةِ تُطِلُّ وَتُشَاقُ مِنْ أَضْوَائِهَا فَتَعِلُّ تَرْنُو إِلَى إِيحَائِهَا بِتَبَسُّمٍ وَمِنَ التَّبَسُّمِ نُورُهَا وَالظِّلُّ عَرَضَتْ مَحَاسِنَهَا عَلَى أَلْحَاظِهَا فَتَصُدُّ مَا تُوحِي بِهِ وَتَزِلُّ وَأَبَى وَفَاءُ الْفَنِّ إِلَّا قَبْسَةً مِنْهَا فَيُعْرَفُ فَنُّهَا وَيُجَلُّ أَلَقٌ عَلَى الْأَسْحَارِ عُدَّ مُجَسَّدًا فِي كُلِّ جُزْءٍ مَا حَكَاهُ الْكُلُّ تَجِدُ الْحَيَاةَ تَحِنُّ مِنْ أَثْنَائِهِ شَطْرَ الْحَيَاةِ وَمَا تَقُولُ أَجَلُّ جُبِلَتْ بِرَاحَةِ عَبْقَرِيٍّ مُفْرَدٍ وَكَأَنَّمَا هُوَ مُكْثِرٌ وَمُقِلُّ وَكَأَنَّمَا هِيَ فِتْنَةٌ لَا تَنْتَهِي حِينَ الْمَفَاتِنُ تَنْتَهِي وَتُمَلُّ هَذِي الْحَيَاةُ لِمَنْ يَرُومُ بَيَانَهَا فَإِذَا عَبَثْتَ بِهِ فَسَوْفَ تَضِلُّ وَإِذَا عَرَفْتَ غِنَاهُ كَانَ لَكَ الْغِنَى أَوْ لَا فَفَقْرُكَ أَنْتَ حِينَ تَذِلُّ صوم غاندي تَصُومُ مُكَفِّرًا عَنْ إِثْمِ دُنْيَا يَسِيرُ بِهَا الْقَوِيُّ عَلَى الضَّعِيفِ أَبَتْ إِلَّا الْجُنُونَ بِكُلِّ عَصْرٍ فَمَا أَدْنَى السَّخِيفَ إِلَى الْحَصِيفِ تَسِيرُ عَلَى هُدًى وَبِغَيْرِ هَدْيٍ كَمَا سَرَتِ الْعَوَاطِفُ فِي الْخَرِيفِ وَمَا بَرِحَتْ تُقَسِّمُ سَاكِنِيهَا صُفُوفًا لِلْخَصِيمِ وَلِلْأَلِيفِ لَدُنْ عَاشَ الْجَمِيعُ ضُيُوفَ مَوْتٍ وَبِئْسَ الْجُودُ مِنْ هَذَا الْمُضِيفِ •••
أَرَاكَ أُلُوهَةَ الْإِنْسَانِ لَاحَتْ وَقَدْ سَحَقَ الْغُرُورُ هُدَى الْأُلُوفِ وَقَفْتَ مُجَرَّدًا عَنْ كُلِّ مَجْدٍ سِوَى مَجْدِ الْإِبَاءِ عَلَى الْحُتُوفِ وَكَانَ النَّاسُ عُبْدَانًا لِحَرْبٍ فَحَقَّرْتَ الْعَتِيَّ مِنَ السُّيُوفِ وَعَلَّمْتَ الْأَنَامَ وَأَنْتَ تَشْقَى مَعَانِي الْحُبِّ وَالْبَأْسِ الشَّرِيفِ وَأَحْيَيْتَ الضَّمَائِرَ وَهْيَ قَتْلَى فَأُسْعِدَ كُلُّ مَنْبُوذٍ أَسِيفِ •••
مَسِيحَ الْعَصْرِ رُوحُكَ رُوحُ رَبٍّ كَرِيمٍ أَوْ أَبٍ حَانٍ عَفِيفِ تَذُوقُ الْمَوْتَ أَلْوَانًا وَتَحْيَا لِيَرْضَى النَّاسُ بِالْأَلَمِ الْمُخِيفِ وَلَوْ عَقَلُوا لَعَاشُوا فِي إِخَاءٍ وَهَامُوا بِالتَّسَامِي لَا الْوُقُوفِ إِذَنْ لَغَدَتْ فُتُوحُهُمُو لِنُبْلٍ وَعَاشُوا فِي جَنَى الْخُلْدِ الْوَرِيفِ •••
أَتَيْتَ إِلَى الْوَرَى مِنْ قَبْلِ يَوْمٍ يُقَدِّسُ كُلَّ مَا تَعْنِي وَيُوفِي وَذَنْبُ الْمُصْلِحِينَ إِذَا عَدَدْنَا لَهُمْ ذَنْبًا مُنَاصَرَةُ الضَّعِيفِ النظر الجريء لَا تَرْهَبِي نَظَرِي الْجَرِيءْ هُوَ لَنْ يُسِيءَ وَلَوْ أُسِيءْ هُوَ نَشْوَةُ الْحُبِّ الطَّهُو رِ وَوَثْبَةُ الرُّوحِ الْمُضِيءْ رُوحِي تُطِلُّ عَلَيْكِ مِنْـ ـهُ وَتَجْتَلِي الْقُدْسَ الْوَضِيءْ وَتَعُبُّ مِنْ هَذَا الْحَنَانِ شَرَابَ كَوْثَرِهَا الْهَنِيءْ هُوَ خِلْسَةٌ مِنْ نِعْمَةٍ عُلْوِيَّةٍ لَيْسَتْ تَفِيءْ خُطِفَتْ مِنَ الْقَدَرِ الْعَتِيِّ لَدَى ظِلَالٍ مِنْ هُدُوءْ فَعَلَامَ نَخْشَاهَا وَمَا فِيهَا سِوَى الشُّكْرِ الْبَرِيءْ الناس أَسِيرُ فَلَا أَرَى فِي النَّاسِ نَاسًا وَلَكِنِّي أَرَى صُوَرًا أَمَامِي إِذَا كَثُرَ الزِّحَامُ وَخِفْتَ مِنْهَا فَأَقْوَاهَا ضَعِيفٌ فِي الزِّحَامِ شُخُوصٌ لَا يُصَانِعُهَا سِوَى مَنْ يَذِلُّ عَنِ الشُّخُوصِ مِنَ الْأَنَامِ وَمَا يُجْدِي لَهَا أَبَدًا مَلَامٌ فَمَا هِيَ فِي الْيَقِينِ وَلَا الْمَلَامِ لَقَدْ سَادَ الطَّغَامُ الدَّهْرَ حَتَّى حَسِبْنَا الْمَجْدَ مِنْ فَضْلِ الطَّغَامِ فَدَعْنِي لَا أُحَاذِرُ أَوْ أُبَالِي بِأَوْشَابِ الْمَنَاكِيدِ اللِّئَامِ لَقَدْ قَتَلُوا كِرَامَ النَّاسِ قَتْلًا فَحَسْبِي إِنْ أَمُتْ مَوْتُ الْكِرَامِ وَدَعْنِي فِي إِبَائِي فَهْوَ عِنْدِي أَجَلُّ مِنَ انْتِقَامِكَ وَانْتِقَامِي التحرُّر حَيَاتِي لَمْ تَكُنْ يَوْمًا بِعُمْرِي وَلَكِنْ بِالتَّصَوُّفِ وَالْمَعَانِي أَنَا ابْنُ هَوَايَ ثُمَّ أَنَا ابْنُ فِكْرِي وَلَسْتُ أَعِيشُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَعِيشُ بِكُلِّ عَصْرٍ عَبْقَرِيٍّ تَأَلَّقَ فِي الشُّعُورِ وَفِي الْبَيَانِ وَفِي نَفْسِي حُرُوبٌ لَيْسَ تَفْنَى حُرُوبٌ لِلسُّمُوِّ وَلِلْهَوَانِ كَأَنِّي لَسْتُ فَرْدًا فِي صِفَاتِي وَلَكِنِّي جُمُوعٌ فِي كِيَانِي لَئِنْ حُرِّرْتُ مِنْ إِرْهَاقِ نَفْسِي لِنَفْسِي هَانَ عِنْدِي مَا أُعَانِي الرموز دَعَوْهَا الْغَانِيَاتِ ذَوَاتِ دَلٍّ كَمَا نُعِتَتْ بِآيَاتِ الْحِسَانِ وَقَلْبِي لَا يَرَى إِلَّا رُمُوزًا حَجَبْنَ فُنُونَ أَلْوَانِ الْمَعَانِي فَلَسْتُ بِمَنْ يَرَى جِسْمًا وَنَفْسًا وَلَكِنِّي أَرَى صُوَرَ الْبَيَانِ فَأُجْهِدُ خَاطِرِي فِيمَا أَرَاهُ وَلَكِنْ كَيْفَ تُسْعِفُ مُقْلَتَانِ وَلَوْ أَنِّي وُهِبْتُ عُيُونَ دُنْيَا وَجُزْتُ مَدَى التَّوَثُّبِ وَالْحَنَانِ لَمَا بُلِّغْتُ مَعْنَى كُلِّ حَيٍّ وَلَمْ يَعْدُ الرُّمُوزَ بِهَا افْتِتَانِي البسمة الحزينة لَمَّا رَأَيْتُكِ وَالْمَآسِي ظَلَّلَتْ عَيْنَيْكِ وَالْوَجْدُ الْعَمِيقُ يَبُوحُ أَرْسَلْتُ رُوحِي فِي قَرَارِكِ نَاظِرًا لَحْظَيْكِ فَاعْتُقِلَتْ لَدَيْكِ الرُّوحُ حَتَّى ابْتَسَمْتِ فَمَا عَجِبْتُ لِبَسْمَةٍ تَسْبِي كَمَا قَدْ حَرَّرَتْ وِجْدَانِي إِلَّا لِبَسْمَتِكِ الْحَزِينَةِ إِنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الْأَفْرَاحِ وَالْأَحْزَانِ مِثْلَ الْأَشِعَّةِ أُرْسِلَتْ أَمْوَاجُهَا بَيْنَ الْغُيُومِ فَكُنَّ رُسْلَ رَجَاءِ هَلْ عِنْدَ بَسْمَتِكِ الْحَزِينَةِ مِنْ مُنًى إِلَّا مُنَى الْإِصْبَاحِ وَالْأَنْدَاءِ لَهَفِي عَلَيْهَا لَا تَعِيشُ فَإِنَّمَا لِلصُّبْحِ عُمْرٌ مِنْ خَيَالِ الْفَجْرِ يَمْضِي إِلَى الْبَحْرِ الْخِضَمِّ فَلَا يُرَى مِنْهُ سِوَى دَمْعٍ بِعَيْنِ الزَّهْرِ أَإِذَا سَأَلْتُكِ تَبْسِمِينَ هُنَيْهَةً أُخْرَى فَأَسْتَجْلِي بِهَا مَعْنَاكِ مَعْنَاكِ مِنْ لُبِّ الْحَيَاةِ وَإِنَّمَا مَعْنَاكِ أَبْعَدُ مِنْ مَدَى إِدْرَاكِي لَا تَضْحَكِي ضَحِكَ الْمُدَامَةِ إِنْ رَأَتْ لَهَفَ الَّذِينَ يُحَطِّمُونَ إِسَارَهَا بَلْ فَابْسِمِي بِهَوَاكِ أَنْتِ حَزِينَةً لِنَرَى ضِيَاءَ النَّفْسِ يَصْحَبُ نَارَهَا هَذِي نَمَاذِجُ كُلِّ حُسْنٍ سَاحِرٍ يَخْطُرْنَ بَيْنَ رَوَائِعِ الْأَلْوَانِ مِنْ كُلِّ قَاهِرَةِ الْجَمَالِ كَأَنَّهَا أَبَدًا تَحَدَّتْ قُدْرَةَ الْفَنَّانِ يَخْطُرْنَ وَالشَّمْسُ الْمُطِلَّةُ تَنْتَشِي بِمَوَاكِبِ الْأَشْوَاقِ وَالْإِغْرَاءِ وَلِكُلِّ فَاتِنَةٍ شَوَاهِدُ فِتْنَةٍ جَلَّتْ عَنِ التَّكْرَارِ عِنْدَ الرَّائِي أَرْنُو إِلَيْهَا بَيْنَ لُبٍّ حَائِرٍ نَهِمٍ وَبَيْنَ تَعَطُّشٍ لِفُؤَادِي وَأَرَاكِ أَنْتِ بِبَسْمَةِ الْحُزْنِ الَّتِي نُشْجِي فَأُوثِرُ أَنْ أَفِيكِ وِدَادِي | |
| | | | | ديوان أحمد زكى أبو شادى,شعر وقصائد أحمد زكى أبو شادى | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
|
|