«أدخلني معه مدخلاً أراني الخلق كلهم بين إصبعي» أبو يزيد البسطامي دهاليزي هذه السماءُ للفحيح الغامضِ في قلبي، لكِسر الحزنِ التي تنغلُ في رئتي، لي. لي: البالونةُ الخضراء ولأعضائي نشوةُ الفداحة. قابلِوا صفصافي عند مهابطِ الوديان ومصاعدِ الجبال، قابلوا نسائي عند الأساطيرِ وغرائبِ الأجساد. وانتظروني عند اللغة: سأجيء دلالةً بعد دلالة. إنني أبداًً في: يكون حيث الرمالُ عضويةٌ والكائناتُ كليمةٌ، حيث كهوفُ الجنسِ والذاتيةُ الصانعة وحيث كل ناي: مراوَدة. قابلوني هناك في: داخلياً - داخلياً. سلامآً أيتها القرنفلةُ التي فاضت علي جثتي سلاماً. أدخلتْني إلي سُرَّة الدجي ندّابةً، للفولكلوري في نحيبها تَسمَّيتُ اسماً وكنتُ لا أُسَمَّي في الفرنقلة. كانت تغني غناءً. وكنت أغني غناءً. ماسكاً جميزةً ثقيلةً دلفتُ في عتمةٍ أليقةٍ، وفي كل تينةٍ قنديلٌ. سَمَّيتُها سِرَّاً: جميزةً للقناديل الحالكة. علي كل باب أطرق طَرْقاً حانياً، وإذ أطرقُ طرقاً ثقيلاً تُفتح الأبوابُ فوّهةً وغموضاً فأعطي لكل كائنٍ حزمةً من الضوء المعتم. قالت: لا تُسَمّني عند الجنائن. فعرّيتُها وصرتُ أرشقُ القناديل في لحمها الوطني، حتى صارت جميزةً للقناديل الحالكة فأبدلتُ التسميةَ بكيسٍ من الملح المنقوع زيتاً، وسمّيتُها عند الوجيعة. أرقدتْني تحت تينةِ: ريمٌ علي القاعِ. ورقصتْ علي. قلتُ: في كل سِكَّةٍ وجيعةٌ وضوءٌ. فرقصتْ علي ماءٍ ورقصتْ علي. أيقنتُ ما يلي يقيناً: أن المَدَى ليونةٌ وأسماء. أن النهرَ ضمَّامٌ. وأن الغناءَ آهتان: آهةٌ في الشرق البرتقالي، وآهةٌ في الغصون. وكنتُ أجري رائقاً - وصحتُ: الينبوعةَ الينبوعةَ. فأرقدتْني تحت سكّة: لما رنا حدثتْني. وقطفتْ في صحوةٍ عنباً فقطفتُ في غيبوبةٍ عنباً. وجاءني غُلامُ الشفافةِ راكباً سُفناً ويراعاً طازجاً، صحتُ: في الشجري كمين للاغتباط. فأرقدتني تحت خيمة: 25 مارس 1973. أيقنتُ أن المدى تميمةٌ والجسمَ نِبْلةٌ، وصحتُ: أنا شُطرتُ في الأسماء. فلما شَقّقتْ كبدي تحت جميزة: لا أُسمّي في القرنفلة، شهقتُ: سلاماً أيتها. مئذنةٌ لشفيقة - ومئذنةٌ لي. كنتُ أنشرُ علي حقلٍ أعضائي وسروالي والوشم. كنتُ أنشر علي حقلٍ أعضاء. جسمُكِ بحجم الأرغول تكونين في الرّي والذهول. شجرةٌ تقول للبطن الجميل: كنتِ تجرحين الفيزيقَّي وتفتحين شَقَّاً في الدموي وفوق كل قنطرةٍ نزفٌ وخرافة. في فجيعتي قيل: وهوهةٌ تجرفُ الجنوبي جسمٌ بحجم الأرغول يقطع الجغرافيا الواطئة ويخترمُ الإيقاعَ والعويل. قلت: ابركي علي جثةِ السكونِ واعبثي بي. تساءلتُ في غنائي: ماذا تقول الأشجارُ للبطن الجميل؟ ردّ الجنوبي: شعبٌ من الأوجاع والسيولة. تساءلتُ: هل أتاكم سلسبيل الوهوهات الذي فتّحه المغني في أول الطبول؟ قيلَ: جسم بحجم الأرغول. الغصنُ لي، وللوجيعة. ذلك الميالُ علي السطوح الحاضنة. صراخ. قابلُتها وهي تخبئُّ في ثيابها تفاحةً طائبةً وتغادر مستقرَّها نحو شقهة الحلول. قلتُ: أنتِ في النتوء لا في القبول. نخلةً تخرقين السقيفة وتقضمين تفاحةَ التراجيدي. مئذنةٌ للأزرق - ومئذنةٌ لي. لا لُصقتُ في حلمةِ: رحلَ رحيلاً. وجهي للأبيض غير المتوسط، وساقاي لقوس الانفلات. أدخلتْني تحت عريشةِ: صَبَابةٌ صَبَابةٌ. وصَبَّتْ علي لحمي الريفي أباريق دكناءَ سَيالةً، وقالت: أنا بكيتكَ في أول البكاء وفي آخر البكاء. ثم دهنتْ حقوي وقالت: صبابتان: صبابةٌ للحزن وصبابةٌ للفرحة. فلما اخترتُ كالطفل صبابةَ الفرحة، تلاشتْ علي نهرٍ وهي تبكي وتقول: أفسدتَ ياقوتتي أفسدتَ ياقوتتي. وكنتُ كاتباً ما يلي: قَشّري برتقالةَ الجسم برتقالةً. أنا علّمتُهم وراءَ كل قشرةٍ فاتحةً: عناقيدَ مساءٍ، وشرفةَ ليمونٍ، عرائشَ بحجم المسافة بين المناديل والبكاء وقلتُ: غائبٌ في الأمواج غياباً، وحاضرٌ في العريشةِ التي شهدتْ موتي ومولدي فكانوا يرهصونَ بي: وَلَداً للترعةِ الكامنة. أخُبُّ في النداء: كانت وردةٌ لا سلكيةٌ وصلتْني بذاكرتي، وحطّتْني علي الصوتِ الذي كان قال لي: عليكَ الرمادي المليحُ. فشبّهتُها في كتابتي بالبري وشججتُها في صحن المسافرخانة: قبيلةً وشهيقاً. أنتِ تعلَّمتِ أن تتقافزي علي كفوف القابلة وأنا سوف أكتب: انهضي في المادة نهوضاً. أو انهضي في الفضائي حَدَّاً. ثم سوف أكتب: العشبُ يفضي إلي الخلاء الذي يضاجع فيه الرجالُ الغزالَ الجميلَ وكنتُ قلتُ زمنا: ارتُقي ذاكرتي. ووقعّي ببابي: مستفعلن. ثم لُصقتُ في حلمةِ: يجئ مجيئاً. يا: للنداء. سَبَرتُ حَرْفاً: أمسكتُه في غابة الذهول ولم أطلقْه في غابة الصحوة. وسبرتُ حرفاً ثانياً: خبأُته في ياقوتة الشهقة، ولم أخبّئه في ياقوتة الهدوء. وسبرتُ حرفاً ثالثاً: حبستُه في الرئتين حبساً. صنعتُ بالحروف الثلاثة مثلثاً بين الكتلة والحياة وطفقتُ اسكبُ فيه دما من ينبوعٍ وبخوراً. وغِبتُ في تميمة: مزروعةٌ خُطاي في تهدُّج الرثاء. طلع جسمٌ نحيل، وصار يكبر يكبر حتى استوي في سماء: لا يفهم الملوكُ والأباطرة. ماسكاً جَرَّةً مثقوبةً تنزُّ حليباً مخضَّراً جاءني وقال: كل رملةٍ محاولة. فأخرجتُ حرفاً من الشهقة وحرفاً من الذهول رميتُ واحداً بين الصخور الحية، وواحداً في فم القطة البيضاء. قال لي: نسختَني في الذَّرات والحِسّي. فأطعمتُه حرفاً أخرجتهُ من رئتي، فقام راقصاً عند غار: صُبَّتْ كؤوس الكون. وقذفَ علي جَرَّةً مثقوبةً قائلا: في كل جَرَّةٍ خيالاتٌ ولهجةٌ. دهنتُ بالحليب جلبابي وجسمي، وسرتُ حتى آخر الرملة والارتعاش، ثم التفتُّ: كان ما يزال راقصاً عند: صُبَّتْ. فقلتُ بغتةً: أنتَ علي قنديل. وحدّقتُ فيه كان ينتفي بطيئاً بطيئا في الارتعاش والرمال. وعند الجّرة المثقوبة كانت هناك قطةٌ بيضاء. فأدخلتُ حروفي وتمتمتُ: صاحياً صاحياً. حاورتُ شبابي حواراً: أنت أثقلتَ غصني وغبتَ في الرحيل أنت أفلتَّني من الفانتاريا ومن الرعب الصافي ولم تَهِبْ فؤادي نقاوةَ الخطيئة. وحاورتُ شبابي: الفتاةُ في الجنينة المظلمة. والفتي في الجنينة المظلمة. يقضمان ثمراً غامضاً. قالت له: أجيئك في الخَضَار الليلي. قال لها: أفرشُ لكِ في كل جنينةٍ سروالاً حّياً قال لها: يعلقُ عشبٌ بثوبي. وينصرفان. قلتُ لشبابي: بهما مَسٌ منكَ وزعفرانةٌ. وقلتُ: ما يزالان كلَّ إعتامةٍ يجيئان، يقضمان ثمرةَ الغموض والتكليم، حتى يحترق الليلُ عليهما وهما يتقاضمان، وبثوبهما شيءٌ من العشب البليل. نطق شبابي: كلُّ ليلٍ نَفَسٌ وملاءةٌ. وأنا أغيبُ في الرحيل. أغنيةٌ لها - وحزنٌ لي. يا حبيبي الخاسرَ الجميلَ كلُّ قنطرةٍ خديعةٌ، يا حبيبي الخاسرَ الجميلَ قفْ قبالةَ جسدي، واشهقْ علي: قومٌ، ومملكةٌ، وبيتٌ سابحٌ في الماءِ. يا حبيبي الخاسرَ الجميلَ لا تصبَّ الدمَّ إلا في مناديلي فلم أصبَّ الدمَّ إلاَّ. فقالت: يا حبيبي الخاسرَ الجميلَ خذني علي الحلفاء. وهمهمتْ: في القنطرة القادمة سأشقُّ جيبي علي وَجَعَيْن: في كل وجعٍ حلمةٌ وعليل. طلعَ علي الطالعُ لي. ومدّدني في سقيفةِ: مُفْردٌ. وكنتُ آتياً من شرخة الجسد البحري راقصاً فزعق علي عند قنطرة: في الإمكانِ الأبدعُ مما كان. فتمتمتُ: أنينٌ لي. يكون أنثوياً ومائساً يريني في غَيابتي: عقوداً طويلةً من مصابيحَ لينةٍ تنثال علي مشارف المدينة انثيالاً ويريني في صحاوتي: فضاءً ممتلئاً ماء خَفُوقاً. ثم يضطجع عابثاً في الحشائش عند ساقية: تدخل الدوائرَ الخطوطُ. فشقّتْ تحت شجرةٍ قميصها لي. أحدوثةٌ للمرأة التي تحلم: كنتَ - في غابةٍ - تحتضر علي جذعي وجذعِ نخلةٍ وكنتُ أسقيكَ من ريقي والطفولة. وأحكي لكَ حكايةَ البرتقالِ الجميلِ والبالونةِ الجميلة والأرجوحةِ وأنتَ في احتضاركَ الجميلِ جميلٌ. ولكنني كنتُ أبكي وأداويكَ بكَبدِ اليمامة. أحدوثةٌ ثانيةٌ للمرأة التي تحلم: كنتَ في صحراءٍ حفنةً من ترابٍ صغيرةً. وكان سيلٌ من الماء يهبط من هضبةٍ عالية نحو الصحراءِ الصغيرةِ وحفنةِ التراب الصغيرة وأنا مرتاعةٌ أصرخ أصرخ، وأحمل ترابكَ بين قبضتي بعيداً عن مجري السيل الذي يقترب جارفاً أصرخ أصرخ حتى دهمكَ السيلُ وقبضتاي صغيرتان. وصرتَ في الماء ماءً وقبضتاي صغيرتان فرحتُ بجوار النهر أبكي أبكي بدمعٍ واقعي. أحدوثة ثالثة للمرأة التي تحلم: جاءت المزدانةُ بالهودج والطلاوةِ، باسمةً وبطيئةً. فرأتكَ عيناي الدامعتان راقداً تحت هضبة: قتلننا ثم لم يحيين. أكتبُ علي ظهرها الذي عندي: تشبهين يناير 77. وأدخلُ في المرارة والصولجان. كانت تضاجعني علي فسقيةِ: كلُّ السيوفِ قواطعٌ. فسرتُ بين أقوامٍ كثيرين رافعاً بدنها الذي أتاني رحيماً وكانوا ينشدون: في كلّ فسقيةٍ بطنٌ للأنوثة. فألصقتُ علي بطنها الذي عندي رسوماً نفخها الفارعُ السريالي في أثيري. ودلقتُ عند السيقان زيتاً وقماشةً خفيفةً. قالت: أنا جمعتُكَ عند حدودِ: لا تَلْتَمَّ. ونثرتُكَ عند حدودِ: اليمامة. شاربٌ إبريقَها في الهديل والصولجان وكانت تفرط شبيهها في ترابٍ وتخلطني بالشبيه. رَوَتْ ما يلي علي القبيلة: علّمتُه كيف ينمحي في مواقيت الإبانة، وعلّمتُه كيف تقول الأعضاءُ قولاً، ثم أريتُه في كلّ فسقيةٍ:0بطوناً. تثنّيتُ تحت بخار: بطوناً وصنعتُ من شبيه جسمها وتراً وعضواً، ثم غادرتُ مستقرّي، وصنعتُ من شبيه جسمها خليقةً وركضاً وقلتُ: يا يناير 77 ضاجعْ عشيقتي في الصولجان. فضاجعَها في المرارة والصولجان. قلتُ: كن كراسةً وبدناً فجائياَ. فكان. كتبتُ علي ظَهرها الذي عندي: كلُّ قومٍ فسقيةٌ وكلُّ فسقيةٍ حُمُولةٌ. ثم ضاجعتُها تحت ملاءةِ. ألقتْ إلي الليلِ جِيداً. كانوا أمام أفقٍ يقفون: جاءت بناتٌ قرمزياتٌ عارياتٌ يتقاذفن أثداءَهن المضاءةَ ضوءاً: تحت كلّ بنتٍ غَجَرٌ سودٌ ضاحكون يخبُّون في أحواضٍ من النعناع المطبوخ. وفوق كل بنت كُتَلٌ من الكون الملون وخرزٌ ضخم ساطع، وأمام كل بنت مآذنُ مبلولةٌ ومناديل مخلوطة بسائلٍ يشبه زيت القناديل التي تكون في الأضرحة. ووراء كل بنتٍ مرجُ حناءٍ يترجرجُ ضارباً أدبارهن، فيضحكن مائساتٍ والغجرُ السودُ يضحكون مائسين. ثم كن جميعاً يعجنّ شيئاً مشابهاً لوادي النيل ويصنعن من العجين شيئاً لدناً يمضغنه مضغةً واحدةً ثم يقذفن علي كل رابيةٍ قطعةً مربوبة بريقهن مربوبةً. وكانوا أمام أفقٍ ثانٍ يقفون: جئتُ أنا - وكنت ملفوفاً في قماشة وسيعةٍ - أعطيتُ كلَّ واحدٍ ناقوساً في حجم خاتمي، وتلوتُ عليهم كتابَ امرأتي الذي تركتْه علي ظهري، وأطلعتُهم علي ما كان مني يومَ قُضمتْ كعكةُ الطلوع والبدن. ثم مسّكتُ كلَّ واحدا خرقةً من قميص امرأتي، وأمرتُهم بأن يضعوا كلَّ خرقةٍ في ناقوس. ولما فعلوا أمرتُهم بأن يضعوا النواقيسَ في سرواليهم. فلما فعلوا صَرَفتُهم قائلاً: موعدُنا الغسقُ القادم. فانصرفوا، وجاءوا في الغسق، فعرَّيتُهم جميعاً وأطلقتُهم في الصحراء. ومازلتُ أصنعُ بهم مثلَ صُنعي كلَّ غسق، حتى امتلأ الإقليم بأطفالهم من نسائهم، وانتصبتْ علي الصحراء سارية. فأحكمتُ قماشتي علي عائداً إلي كوخي، أتلو كتابَ امرأتي الذي تركتْه علي ظهري وغابت منذ عشرين خيمة. 2 ثم كانوا أمام أفقٍ أخيرٍ يقفون: فجأةً أنشدوا: لم يكن وصلُكَ إلاّ. وبكوا بكاءً عزيزاً. يأتي علي صيغةِ: نزيفاً. عندما داهمه الغناء خلع جلبابَه الحريري نازلاً في الماء، صارخاً عند ساقيةٍ علي نهرٍ وحقلين. وكان غناءٌ في الليالي يقول: أيها المضرَّجُ في الأرغولِ والجلباب الحريري. قالوا: طعنتْه غانيةٌ كان يضاجعهاَ عند ساقيةٍ علي نهرٍ وحقلين في السَّحَرِ السحيق. وقالوا: جنيّةٌ راودتْه عن عمره الجميل. يكون يكتبُ في الخفاء مكتوباً: فرحٌ آخرُ ينتظرني توتٌ أجملُ من توت شرفتي ونباحٌ أكثر دفئاً. أجئ في المضارَعَة ،مهرولاً في ثيابِ: يركض مبتلاً وحلواً حلاوةً. تجئ في المضارعة، مهرولةً في ثياب: تركض حلوةً ومبتلةً بَلَلاّ. فيكتب مكتوبه الذي في الخفاء: دَحْرجي فؤادي إلي القناطرِ الحليلة، واصبغي المدى تشكيلياً. أنا الذي قلتُ: يا غابةُ كوني حليلي. فجاء لي بطيئاً وكاتباً، يصفّر صفيرَه المياسَ فوق الجثة المعتوقة صرختُ: عريانةٌ - عريانة. قال: كلُّ غابةٍ سجادةٌ وحالةٌ. ففكَّتْ شَعَرَها إلي - وكتبتْ: قناطري مُتَّكأٌ. فصرتُ في غناءٍ يجيئني كلَّ عراءٍ أعلّمُ ذاتي: المسافةُ بين ميدان الدقّي وبين الجبالِ السبعة نَصْلٌ نابضٌ وسيولٌ من القطط الخضراء. وأعلّمُ ذاتي: بين الجرحِ والجرحِ تشكيلٌ. فقفزتْ علي ضوءٍ إلي، ثم مدَّدتْ شَعرَها صوبي ولفَّتْني في الذي مدَّدتْ لَفَّاً. أكون عند اللهجة نازفاً. مغمغماً: كُّل عشبٍ حساسيةٌ. سِينٌ: سِكّين. له ما لي من الأعشاب والبراءة وما جمعتُ من ثمالةِ الفرحِ الوهمي وأكياسِ الحسرة. أدعوه إلي وليمة قلبي، وأمنحُه الفطيرةَ التي بصحني، وأُرقِدُه علي الوسادة التي كانت لأختي النائمة. يجئ خافتاً وحليما وكنتُ أريده يجئ خافتاً وحليماً أفتحُ له طريقاً بين الدمِ وثيابي وأجعله يلاعبُ ملائكةً حقيقيةً تتقافز علي رُكبتي ثم يلاعبُ قططاً بيضاءَ تدخل من أبوابي وشبابيكي، تتكوّم علي شَعرِه الطويلِ فيرقد بين الدم والثياب سكراناً. فأدعوه عندئذٍ إلي وليمةِ: جئْ غُنْجاً وبصيصاً. كنتُ أستبطنُ غَوْري متمتماً: قميصٌ في زماني وقميصٌ ليس في زماني. فخرج علي أبيضَ أبيضَ: رمي عند قدمي مفتاحين طازجَين مصنوعَين من خشبٍ عتيقٍ. وقال: انشرْ ثيابَكَ علي المنازل القريبةِ. فنشرتُ ثيابي علي المنازل، فإذا كلُّ منزلٍ قطةٌ رمزيةٌ وامرأةٌ دائرية وكلُّ أفقٍ مُواءٌ وهَسَّةٌ. صرختُ: اخرجْ إلي في الفحيحِ والترعةِ المعتمة. خرج لي خروجاً جميلاً: إنسياً ومخاتلاً كالجرحِ الأصيلِ، يفتح النوافذَ المفتوحةَ، ويلصق في جبهتي ورقاً ملوّناً، ثم يمرقُ بين ساقي كالكُراتِ الأسفنجية الخضراء. 2 أدعوه إلي وليمةِ: هذه الكُوَى دلالةٌ، فيقبل عابثاً في الطواحين، يمرق بين ساقي كالكرات الأسفنجية الخضراء ماسكا فتاةً كانت بين عباءته ولحمِه الفسفوري، يطلقها إلي مدينةٍ ذات جبالٍ سبعةٍ، كلُّ جبلٍ كالجرح الأصيل، فتضع علي كل جبلٍ جزءاً من قميصٍ لي، وتمرقُ بين ساقَّي مَرْقاً، وأنا أفتح لها طريقاً بين الدم وثيابي. وعندئذٍ، كنا نقعد جميعاً علي سلالم الأفق ضاحكين وأقول له : لكَ الوجهُ الذي لي. فيقوم قيامَه الجميل لينصبَ إلينا مائدةَ: ثاقبٌ معماري ثقوباً. كان صاحبي غَنَّاء: نَزَّ لي: الولدُ الراقصُ فوق قُبَّة الخليج. وجاءني في الليالي مثقلاً وشفيفاً، ألبستُه ردائي وشكوتُ لقلبه قلبي فرمي إلي الليل والفضاء: الولدُ المزيج. صرختُ: حاءٌ - حُمَّي، فرمي: حاءٌ - حُبٌّ. قابليني في الجبال السبعةِ النافرة حيث الراقدون البدو يرقدون يطحنون أجسادهم ويذرونها مع كل ناي وحيث البلحُ الغامضُ غامضٌ وضخمٌ يترجرج بين أفخاذِ البدوياتِ البِكْرِ. أيتها النادهةُ لحالي: عندكِ النهرُ والليلُ البليغُ، وعندك المِلحُ الممنوعُ، والفطيرةُ المُحَرَّمةُ في بلادي. سأكون في القميص المُنَقَّطِ بالقرنفلةِ الزرقاء. أنا عَرَّاني البدوُ العُراةُ وصرخوا في: دموعاً للمسافرين دموعا للمُلوحة. صرختُ: دموعاً للمسافرين. قالوا: هنا يتقلّبُ الأزرقُ انقلاباً فانقلبتُ، قالوا: هنا بلحٌ للإثم الجميل. قضمتُ بلحاً للإثم الجميل. قالوا: الآن تأتيكَ القرنفلةُ الزرقاء. خَرَجت المرأةُ اللونية من خيمةٍ وطيئةٍ علي جبلٍ وطيءٍ، في بدنها ناي من البُوص الثقيل، وقالت: ألقاكَ علي كل جبلٍ خلاصاً. فكنتُ والبدو في ثيابي أترجرج في سائلٍ يصبونه من قدورهم مخلوطاً في البلح المعجون بالأعضاء. أنا الجبال أمامي - وورائي الجبال. زعق علي الصوتُ : انطرحْ انطراحا. وجاءت التي عندها الفطيرةُ خالعةً جلدها الأولاني وأَرَتْني قباباً قباباً، فخلعتُ جلدي الأَوَّلاني وانتفيتُ تحت قبْة: يا نادهاً - يا. وكان صاحبي بَكَّاءً: أرقدتُُه، وكنا علي صحراء، بين غصنَين ناتَحين وغنيتُ عند قدميه أغنيتين: أغنيةَ الحاء والباء وأغنيةَ : طِيري يا طيارةُ. جاءني يخبُّ في دموعٍ شاخصاً إلي الفضاء محاوراً فضاءً: قال: يا طيارةُ خذي الخيطَ وغادري المرئي قال: ثَبّتي جسدَكِ في: دو - ري- مي. قال: نعم سنروح. ولما انتهي من حواره مع الذي ليس حسّياً طفق يعانق الهواءَ عناقاً عصيباً ويلوّح بقميصه الفضفاض وقد استضاءَ جسمُه بالغبطة والنشيج. ولما فردتُ له العباءةَ صاح بغتةً: شَقَّتْ غلافَها شقاً. أشار في السهل الخفيض إلي وعلٍ عفوي بين شجرتين ثقيلتين، وقال مأخوذاً: دمٌ يجري علي قدمين. ففردتُ العباءةَ قائلاً: لكلّ شيءٍ شجرةٌ وشجرةُ العشقِ البكاء. كان إلي نبعٍ يرشُّ بأصابعه ماءً علي أطراف الجبال العالية، ويبخُّ من فمه ماءً علي الطيور التي تحطُّ بين ساقيه الغليظتين. خلعَ الثوبَ وقال لي: لُفَّني في عباءةِ: أن أكونَ بين الأرحام. ففعلتُ. تمتمَ للمؤنث الذي له يتمتمُ: شُقّي موسيقياً. ثم كان إلي عشبةٍ جافةٍ من صنوبرةٍ جافةٍ قام يرسم بها في الهواء دوائرَ غامقةً غامضة، فلم أفهم. سألتُه، قال: أنا أحاور كائناً. وانبطحَ علي البطحاء. فلم أفهم. قال: أنا أحفرُ علي بدنِ شفيقةَ ناري. ثم كالملدوغ راح يصرخ متمرّغاً: كُلي يا شفيقةُ كبدي. كُلي يا شفيقةُ كبدي. وظل يردد قولَه حتى ارتخي هامداً ففردتُ عليه العباءةَ المخزونةَ، وغنيتُ عند قدميه الغناء. وكان في الإغماءِ يتمتمُ: اذبحوا لي حمامةً في: خَلّ عينيكَ تدمعا. للصحراءِ في الزهر الجنوبي فحةٌ ورئةٌ. صرختُ في نومي: أيتها الموسيقي المكتومةُ اذهبي بي حيث الجسدُ الذي يجرف الأشكالَ. وأكملتُ في صحوي: خذوني خذوني إلي الكمين. أيها الإنْسي الدفينُ هيتَ لكَ أيها الإنسي الدفين. خُضَّني وأخبرني: هل وراءَ كلّ صخرةٍ إيقاعٌ؟ كان يقبعُ لي في الهشيم فاتناً وفردياً. جاءتْني التي جمعتني عند: لا تَلْتَمَّ. فأعلمتُها أنني سأكتب: فحيحُ المدى فِخَاخٌ وهذه الرمالُ أفئدةٌ. قلتُ: اصرخي ورائي: أيها المجهولُ الجميلُ. صرختْ ورائي: أيها المجهولُ الجميلُ يا آتياً من عُشَّةِ: فاعلن. شددتُها من ردائها وصحتُ: انظري يا شفيقةُ هذه أحجارٌ تجري إلي الفضاء فاخرجي من الأغاني إلي المفتوح. وقلتُ: ها هنا الكثبانُ أجسامٌ ونَبْرَةٌ. أرقدتْني في الكمين فأمسكتُها في الصلاة. وقلتُ: يا شفيقةُ أوصيني بما شربتِ من جَرَّةِ اللبن. فقالت: اصنعْ علي كلّ عُرسٍ مزماراً، وضَعْ ردائي علي الزهر الجنوبي. ثم قالت: اركضْ مني إلي: فاعلاتن. فصحتُ: أيها الإنسي الدفينُ هيتَ لكَ في الفخاخ الجميلة. كان حقلٌ يجري علي طُرُقاتها الضيقة يجرّه حصانان ملتاثان يطرق الأبوابَ التي أغلقها المساء القاتم، طرقَ بابي خرجتُ إليه خروجي وكان ماسكاً فرشاةً غريبةًَ قلتُ: جئتَ بالزعفرانِ وأكياسِ المرارة؟ قال: جئتُ بالفتاةِ التي ترتدي القطيفةَ السوداء. ورسمَ بوابةً قرويةً علي وجهي. دخلتُ إلي الفسقّية والحرارة، إلي البخارِ الذي يسلخ أبدانَ القبيلة. خلق فتاةً تلقائيةً لي ألبسها خَرَزاً مزركشاً بدمائي الخضراء. ثم دحَرَجَها إلي عتبةِ: كلُّ الوجوهِ ابتهالةٌ. فكانت تنبشُ علي صَدْغي وردةَ فان جوخ الطائرةَ وتربط وجهَها بوجهي. يجري علي الطرقات اللينّة يجرّه حصانان ملتاثان. فأيقظْتني من سماءِ: كأن القلبَ ليلةَ قِيلَ. ووضعتْني في سماءِ: تستسلمين كالشجرة. فصحتُ: انفتحتْ الكوّةُ انفتاحا. الأبوابُ التي أغلقها المساءُ القاتمُ. طَلَبَها في الصاد - وكانت غائبةً. طلبَها في الباء - وكانت غائبةً. بخارُ الفساقي يسلخُ أبدانَ الداخلين فهرولتُ إلي بوابة الوجه البحري ودحرجتُها إلي أريكة : لي - لي. انفتحت كوّتان: طلَبها في الدّال - أومأتْ. طلبَها في الميم - بدأتْ. وكان الحقلُ يجري علي الطرقات الطائعة يحفر علي وجوه الأهالي غزلاناً ووردةً طائرة ويحرسني حيث كنت أعبث تارةً في ترابِ: جثثٌ علَي الفنارة. وتارةً في تراب: غنائياً - غنائياً. أقحوان - أقحوان أقبلي علي الندي والأوان: مراكبُ ورقيةٌ كثيرةٌ تسيل علي نهري الداخلي تفرُّ من بوغازٍ إلي بوغازٍ وبين كلّ مركبين امرأةٌ كانت تقول لي: خلّ عينيكَ صوبي. وعلي كل مركبٍ جرارٌ من الياسمينِ المطحوِن وتفعيلةٌ. دخولها دخولي: شقَّتْ قميصَها لي، ودحرجتني إلي التلوين الرمادي، فانجررتُ سامقاً إلي التلوينِ الرمادي، ثم كتبتُ: مجروحٌ علي سَجَّيتي مجروحْ ومُغْلَقي مفتوحْ. فأَجْرَتْ في شَعرها نهراً وسَيرَتْ به مراكبَ ورقيةَ كثيرةَ داخلي، ومَدَّدَتْني علي شِراع: مُنتهي الجموع. وكانت تقول: خلّ عينيكَ صوبي. فخلَّيتُ. ضحكتْ علي مركبٍ ورقي بي وراودْتني، وكنتُ آتياً من 18و19 راقصاً وضاحكاً قبالةَ التلوين الرمادي. قالت: لاقني عند الجذوع والخلاء. فلاقيتها عند الذي قالت، ثم خاصرتُها في: يؤَدُّون دورَ المحبّينَ والأنبياء. انبلاجها انبلاجي: عَوَّمَتْني علي مركبٍ بي فقلتُ: صِفيني صِفَتين: صِفةً بها تركضين إلي تلول الماء، وصفةً أغفو بها علي نُطَفي المُقبلة. فوصفتْني بمثل الذي قلتُ، ثم سَرَّبَتْني إلي الكائن الذي سألني مباغتاً: بأي عَرَقٍ كنتَ ترقص ليلةَ الشهيق والطلوع؟ فصحتُ عائماً: ببَهْكَنَةٍ تحت الخِباء. قال: جوّانيةٌ هي السُّفُن. آلافٌ من العششِ الخفيفةِ تجئ. صاح الجسدُ الذي يجرف الشكلَ لي: انثر البّللورةَ انثر البّللورةَ، واخرجْ من جهةَ الجَميزي إلي الكمائن الناعمة للفخاخِ الجميلةٍ أكتبُ: حُطُّوا علي السنبلةَ، بدلاً من الغابة البطيئة. سَمُّوا إلي الرذاذَ، بدلاً من الهُطُول وسَمّني يا فضاءُ. للفخاخ الجميلةِ سَفَرٌ يخلعني من شجري ويرشقني علي ساريةِ الجبل الغريب. حيث العششُ الخفيفةُ ومروحةُ الهواء وحيث الصبايا يغنين لي: مُنداَحاً- منداحآً. انفضحتْ رموزي وأُفرغَتْ خزانتي المكنوزةُ. وهاَ أنا أختفي في: لَكُم. (إبريل 1977) التضمينات: من الشعر العربي القديم، وأغاني فيروز، وأشعار شوقي وأدونيس وحسن طلب وعلي قنديل. الصيفُ ذو الوطء هُنَا حَبْلٌ طويلٌ مُلَّونٌ بألوانٍ تطيب لي، وممشاةٌ تلتوي في اتجاهٍ أمامي، وتنثالُ. تعالوا يا جذوعي ، قفوا تحت أقدامي: أفسدتموني، وأقعدتم عصافيري عن فُجرها الأصيل. أيها المفسدون اهجروني دعوا بهائي وخيبتي يذهبان بي إلي الجرائم المبتكرة والإثم. سَمّيتُموني باسمكم وسمَّيتُكم باسمي، وهبتُكم شكلي ووهبتموني شكلكم بليلٍ، ولكنني غيرُ لابثٍ في شكلٍ، وغيرُ منسوبٍ إلي مُسَمَّي. أنا ما خنتُ ، أنتِ يا جذوعي التي تخونين تطمعين أن أصير تابوتاً، وأنا العشَّاقُ للمنحدرات فلا صفاتي تدوم لي، ولا المنازلُ قابضةٌ علي جسمي. لكم كمائني، ولي المُحالُ. (اشتبكتْ موسيقي الجرحِ بموسيقي الكونِ، وحطَّ الطائرُ رحلته في عنقي، استيقظَ عمرٌ يمتدُّ من الصرخةِ للخطواتْ الطفلُ الشيخُ اختلطتْ في قدميه الطرقاتْ فابتسمَ، وراحَ يرتّبُ في سقطته سلسلةَ الآهاتْ) هم فاجعون. يرقبون العطنَ القديمَ يعابث بحري فينتشون باقتناص الغزالات من مرعاي، هم لا طالعون. قال لي: الكلامُ حقلٌ وحقلان وحقول فهاكَ محراثاً وترعةًَ صغيرةًَ وأفقاً. وَعيتُ بعد احتراق نخلتي أنني لم أعجن الحقولَ بالحقول. هل يندم السفهاءُ؟ استيقظوا يا عيالي، ضَيقوا الخِناقَ حول عمري وافرحوا بجهلي. أي شجرٍ في الكراريسِ ترسمون؟ أي شجنٍ علي الوسادات سَكَبتم عندما دقّ الجرس؟ وَيحي من الإفصاح عما لا يبينُ لي. (يلعب بالحَرْبِة والياقوتْ من ثقب الكون يفوتْ يلعب بالملكوتْ ويموتْ) أنتَ ترسمني ولا تَعرفُ ناري، وقعتَ في السفائن التي أبحرتْ بالقلوبِ، فازحف علي البطن حتى تبلغَ الفاتحين، إنني في ناظريكَ فانظرني لتلتئم. عليمٌ أنت أن للأشجار قدرةً علي الصعود ولكنكَ لا تعانق الخلاءَ الذي مُنح لأصابعكَ منذ عشرين عاماً. لستَ جذراً، ولستَ خَيلاً، ولستَ طائرةً ورقْيةً. جئني لكي أعلمَكَ الرمايةَ في الشّغافِ، واسمعْ صراخ المدى: قفوا في الحَلْقِ يا واقفين في الانسجام. هم يمسكون الخريطةَ ويقطّعون كروكّياَ يشبه البلاد هل الجبل يعلم؟ وأنتَ ضحكةٌ شاذةٌ علي سياقٍ مأساوي، فاصررْ ثيابكَ في صُرّةٍ، وعندما يتأهب الخَلْقُ للدموعِ أطلقِ الزعقةَ التي شرَحْتُها لكَ في مساء الويلِ: هذه المرآةُ ناقصةٌ. (كان الطريقُ طريقَةُ فمضي يحاول أن يرجرجَ كأسَه في عمرِهِ ويريقَةُ. أقعى يفتّشُ في المياهِ عن الصّبا. كان الغريقُ غريقَةُ) هل شَرَّدَتْني الفيافي؟ مرحي إذن بالخلاءِ السليبِ. اقتسموا عند سجادتي الأغنية وشاهدوا رؤياي: الحريقُ في ثيابي وسنبلةُ العشيرةِ ما تزال في عشائي. أودعتُكم حزناً وجهلاً، فاذهبوا الآن: زُمُرآَ وفرادى. وَي، أيها الفؤادُ خَبّرْني: هل هذه الطريق صالحةٌ للخُطي المُخَفّفَةِ كاللمسة؟ هذه الخيالاتُ التي تهجم علي، البوارجُ التي تمخرُ العظام، الولائمُ في فناء أبي، السواداتُ الهائمةُ: كأن كلَّ هذا الطقس لي. أمشي فألمحُ الدارَ المثقوبةَ بالجرح المسقوفةَ بالطيوب، وألمح الفمَ والحوتَ وكائناً يقول لي: كُنْ مرةً منقذي، أنت من ضِلع النجوم، والقوافي قواقعُ، فخُذ عَوْرَتي وامرُقْ بها أيها المشاكسُ الخَذُولُ. أسلمتُ عندها قمحي وقلتُ: فاخبزي رغيفاً للخُلصاء. إن ذلكَ الراقصَ الوحيدَ سيرقصُ عندما تسكنين منوالي. (نَحُطُّ مطرْحَ الكَمَانْ ملاءةً، ومطرحَ البلادِ بلدَةْ نحطُْ في النوافذِ القميصَ فوقَه يدانْ وتحته الجموعُ يمسكون شمعدانْ والفتي علي النسيج مثخنٌ بطعنةِ المَوَدَّةْ. تقول وردةٌ لوردةْ: نحطُّ مطرحَ الزمانْ قصيدةً، ومطرحَ المكانْ مخدَّةْ) هذه طيورٌ تلعبُ في ركن غرفتي يفوح من ريشها أرقٌ حديثٌ، وهي تغيبُ عني. يا تيجاني، يا ملبوسةً غصْباً، سأعطيكِ محبرةً لترسمي وجهي وترسمي دمامةً تفيض علي الجدْبِ في نصاعة الحروب. يا تيجاني يا مخلوعةُ. الختامُ موشكٌ، فاعلموا أن وجودي مُعَلَّقٌ علي نخلةٍ ليستْ قُرْبَ جسري. هل فزعتِ يا صغيرةُ؟ هذا البيان كاذبٌ إنني أُخفي بكذبتي سِرقتي للكلأ، فأجيروني إن هزائمي تتراكب حوالي فأحاول الغناء ليس يسعفُ الغناءُ مثواي لأن هذه الطيورَ تورث الشجون. وهو موغِلٌ: يهزمني ويمضي صموتاً كملاكٍ مشغولٍ بخليقةٍ وأنا واقعٌ في أموري. النابيةُ عن موسيقاي خطفَتْني من سمائي إلي الملاءة، صنعنا شيئاً يخصُّ البدنَ البشري، وأفلتنا هادئَينْ. بذا يصير الضوءُ بيتاً خشبياً، ويقبل علي خَصاصنا سربٌ. فأهتف: أسرابَ الخَبَلِ المُفَضَّض لك المرحي. (كان علي قلبي أن يتبدَّدَ في الأرغولْ وينامَ علي الشطّ وحيداً يتأملَ في سكتتهِ دمَهُ المنغولْ) جمعُكُمُ الجليلُ في داري وأنا أقذفُ في صدوركم مساميرَ غامضةً، وأُطلقُكم في الفيافي مشرذَمين. أُنثاي لي، وقد وهبتُكم قلق الجنازاتِ، فاقلقوا تتكوَّمْ في فخذكم أرضٌ بها أهلون. حنانيك يا جٌموحُ، أريتني ما لم تَر العيونُ وأسلمتَ رأسي للشطوط، مهلاً علي عَظْمي يا فاجرُ ارحمْ، هنا الشُّطُوطُ والشَّطَطُ. سأكون مذعناً وخارجاً عن النسيجِ، وساقاي سوف تصبحان إبرتين ترتقانِ رقعةَ الأقاليمِ. طفولاتٌ مخبوءاتٌ تحت الرمادِ، محاريثُ تحرثُ الأحداقَ، طوابيرُ، نواقيسُ، أزياءٌ، جَمْرةٌ. حنانَيكَ فليكن لي رقمٌ في طوابير الضحايا قبل أن أذهبَ إلي ندّاهةٍ. حانَ وقتُ الدَّقِ علي دورنا، ووقتُ صدورِ الموسيقي عني. واها لدواليب الخلاءِ التي باعت ثيابي إلي المجهول، ومازلتُ لا أُتِقنُ مقارعةَ القرين. (طَعَنَ الفتي نَفْسَهْ مسَّتْهُ عابرةُ الليالي بالمحبَّةِ، أثقلتْهُ مَسَّةٌ ورَمَتْ خُطاه إلي الدجى مَسَّةْ فاختار مصرعَه النقي يجسُّه في كلّ وقتٍ من مواقيت البُكا جَسَّةْ خَلَقَ الفتي نَفْسَهْ) هذه الدواليبُ قَسَّمَتْني بسيفٍ شعبي، فقولي لمن يطرقُ نافذَتي: عند التلولِ المصرعُ المأمولُ وفوقَ الشواهدِ الخنجرُ. وقولي لأمي: أرداه كعبُه المفضوحُ. لماذا ينساق قلبٌ وراء بُطَينِهِ؟ سيروا نحو الجنازاتِ واستيقظوا يا عيالي من شجرة الغِناء. كأنني ظلُّه، يطارد خطوتي حلمٌ بطئ. افتحْ لي كهفَكَ الآن يا حلمُ ودُلّني علي معني الرسوم التي تربّصتْ بي في كُوي الجدران. سَدَّتْ علي لؤمي صيحةُ الغريب، ومَشَّتْني إلي الحافة الأخيرةِ. الهاجسُ الذي اعتراني وعَرَّاني جري بي إلي السفوح: كانت الماعزُ تركضُ قلتُ: فلأتحدْ بماعزي وأدرّبْ جريها علي حنكةِ القفز فوق المسافات. أعلاني أزرقٌ فتي علي الرمادِ فاختبأتُ في قناعي، تكاثرتُ أولاداً يضربون في البيداءِ، يثقبون خرقةَ السيدِ الصوفي. كانوا يدبُّون في سراويلَ بيضاءَ ويشهرون متراساً في وجه صخرةٍ مَيتَةٍ. أدركتُ أن فنائي ورجائي متقاطعان. الماعزُ اشتعلت في قراريط القمح، فمن يمَيزُ لي موقعي بين الحقولِ والحريقِ؟ جريتُ صارخاً: يا رائينَ رؤيةَ الغياهبِ هل أتاكم نبأ بي؟ نحن لن نبوحْ فالماعزُ التي في السفوحْ محروقةٌ. (الوردةُ حَمّالةُ أَوْجُهْ. لمستْ عاشقتي البحرَ بكفين مدرَّبتَينِ علي اللمسِ الصافي، وأنا أغرقني مَوْجُهْ. قلتُ لصاحبتي: ما تختارينَ؟ أجابت: لكَ صحراءُ الوردِ، ولي مَرْجُهْ. الوردةُ حَّمالةُ أوجُهْ: فهي أجيجُ الكونِ وغُنْحُهْ) لمحناه في البراري مجزَّءاً إلي بحيراتٍ، وكنا علي البراري صفوفاً نشعِلُ الذرةَ والفولَ ونرسمُ: كوني أيتها البراري حليمةً. راوغوني يا خيالةَ المدى حَيروا بصائري يا خلصاءُ هنا شموسٌ ندّابةٌ ومحبرةٌ وبقولٌ وبناةٌ يبنون دكاكينَ قيامتي. إن هذه المرأةَ لها مقامٌ بجلدي غير أنني مازلتُ في حُمَّاي وحدي، وفي نهرٍ. لماذا تدلق المرأةُ هذه الأسماكَ اللَّماحةَ بين جِلدي وبيني؟ تقولين: أنا فاتحةٌ قوسي فادلفْ خلفَ رتاجي. وبيني وبين جلدي خصومةٌ دفينةٌ وقوسٌ يغني فريداً: واهاً لأعوامي. اندهي الشهودَ كي يشهدوا زاري ويرفعوا عني غلالةً. (نبتتْ في بئر القلبِ المتقيحِ وردةْ ماتتْ في بئر القلبِ المتقيح وردةْ وأنا بين النبت وبين الموتِ بقايا لحظاتٍ مُنْهدَّةْ) نحن لن نبوحْ فالجروحْ تفوح في البراري والختامُ موشكٌ أن يخرطني، وأنا ما خُنتُ، أنت يا جذوعي التي تخونين، تطمعين أن أصيرَ تابوتاً، أنا العَشَّاقُ للمنحدراتِ، فلا صفاتي تدوم لي ولا المنازلُ قابضةٌ علي جسمي. الوداعَ يا جذوعي أنا أخلع اللحاءَ عن فؤادي، فلا تحزنوا علي إن نزعتُ قمصاني بليلٍ. وزُلتُ. (مايو 1978) (طبعة محدودة بمصر 1977 طبعة رياض الريّس 1990 )