أنا بنت عندي 16 سنة وداخلة على مرحلة مهمة جدا (ثانوية عامة)، وأنا والحمد لله متفوقة جدا في دراستي؛ بس اللي شاغلني بقى اليومين دول -وأنا على مشارف المذاكرة- هو الجنس، بافضل أفكر فيه طول الليل وأحيانا لما بتحصل لي إثارة بالجأ للنت.
أنا طبعا عارفة إن ده كله غلط وباتوب كتير لربنا، وباعيط وباصمم إني ما ارجعش لكده؛ بس للأسف بارجع تاني، أنا ما بعتش ليكوا غير لأني واثقة إنكم هتساعدوني ومش هتتجاهلوا رسالتي؛ لأني بجد محتاجة حد يساعدني مع إن ماما قريبة مني جدا؛ بس هي مشغولة في مشاكل كتييير قوي في عيلتنا، وما ينفعش إني أوجع دماغها بكده. أرجوكم ردوا عليّ.
صديقتي الفاضلة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكرت لي في أول رسالتك جملة هامة جداً اعتبرتها المفتاح الرئيسي للوصول إلى أسباب ما أنت فيه الآن وهي "أنا داخلة على ثانوية عامة ومتفوقة - وأنا على مشارف المذاكرة"، أي أنك تقعين الآن تحت ضغط نفسي وقلق وتوتر يقودك إلى أحد طرق الإدمان؛ ألا وهي إدمان الجنس البصري؛ بهدف حدوث متعة وقتية تؤدي إلى ارتفاع مستوى بعض المواد الكيمائية بالمخ التي ينتج عنها الشعور بالسعادة والهدوء الذي بدأت تفتقدينه بسبب التفكير في المذاكرة؛ بل وما بعد المذاكرة، وهو النتيجة يعني: يا ترى هاحافظ على تفوقي؟ يا ترى هاجيب مجموع إيه؟ يا ترى هادخل كلية إيه؟ يا ترى ويا ترى. وهكذا كمّ من الأسئلة التي لن تستطيعي الإجابة عليها الآن، ولا أحد يستطيع الإجابة عليها؛ لأنها في علم الغيب وبيد الله؛ فنحن نشغل أنفسنا عن الأخذ بالأسباب ونفكر في النتائج ونغفل قدرة المسبب سبحانه وتعالى.
لكن ما هو الإدمان البصري للجنس؟ إنه نوع من الوسواس القهري تعرفين فيه الخطأ من الصواب؛ لكنك لا تستطيعين الابتعاد عنه أو منعه؛ فهو قهري إذن؛ لأنه يقهر إرادتك. وبما أنك تعلمين أنه أمر قبيح ويغضب الله تشعرين بالذنب وتستغفرين وتحاولين التوبة وتفشلين، وهكذا يتكرر نفس السيناريو.
ومع الوقت ربما تعتادين الأمر وتبدأ متعتك في التناقص تدريجياً فتبدئين في زيادة فترات بقائك على الإنترنت، وربما دفعك ذلك لما هو أكثر كممارسة العادة السرية أو الشات مع حوارات جنسية تزيد الإثارة لديك أو أو..... إلى ما نحن في غنى عنه.
ناهيك عن إهمالك دراستك ومذاكرتك للانشغال بالخيالات الجنسية والمشاهدة والبحث، وهكذا يتدهور مستواك الدراسي وتكوني قد صنعت فشلك بنفسك؛ خاصة وأن الأمر لن يقف بعد ذلك عند مجرد الشعور بالذنب؛ بل يتخطاه إلى دوامة الاضطرابات المزاجية من القلق والاكتئاب، والآن ماذا يجب أن تفعلي؟
1- تعلمي طرقاً أكثر إيجابية للتعامل مع القلق والضغوط النفسية:
اسألي نفسك ما هو أسوأ شيء يمكن أن يحدث؟ ألا أحصل على المجموع الذي أريده، ما هي الطرق الإيجابية التي أمنع بها ذلك؟ المذاكرة والاجتهاد؛ بس ممكن أذاكر ولا أحصل على مجموع عالي. النتائج ليست بيدنا هي بيد الله؛ فمن الحكمة أن نتقي الله ونفعل كل شيء ابتغاء مرضاته حتى نقف أمامه ندعوه بلا خجل، وأتمنى أن تقرئي كتاب "دع القلق وابدأ الحياة"، ويمكنك تحميله من على الإنترنت بعمل بحث باسم الكتاب.
2- تجنبي سوابق المثيرات الجنسية: وهنا عليك بتحديد النقطة التي يبدأ فيها تفكيرك بالجنس.
دوّني الفكرة أو الموقف الذي يسبقها مباشرة: مثلاً التفكير بالمذاكرة، الشعور بالوحدة، مشاعر الغضب تجاه أحد أفراد أسرتك؛ ومن هنا يجب التعامل مع هذه الأفكار بإيجابية؛ فتبدئين في حل مشاكلك بشكل عقلاني، وعند هذه اللحظة تفتحين النت بهدف البحث عن حلول للأفكار التي تسبق التفكير في الجنس، وهذا يسمى بالحل البديل في العلاج السلوكي؛ فالوحدة مثلاً ألمحها في رسالتك لأن والدتك بعيدة عنك، وأعتقد أنها قد تكون أحد الأفكار التي تهربين منها إلى التفكير بالجنس؛ فعندئذ قومي بعمل بحث فوراً في موضوع مثل حلول لمواجهة الشعور بالوحدة.
وما رأيك أن تستغلي النت في شيء أكثر إيجابية أيضاً: مثلاً الدخول على مواقع تعليمية ومواقع تعطي بعض الكورسات المجانية في مجالات مختلفة. ماذا لو تستغلي النت في البحث عن الوصول إلى بعض الموضوعات الخاصة بعلم النفس والتي تساعدك على اكتشاف ذاتك ومقدار ثقتك بنفسك وطرق النجاح الأكاديمي والنجاح في الحياة بوجه عام.
أنت بحاجة إلى التعامل مع الضغوط بعقلك الواعي؛ فلا تسلمي نفسك لمحتويات اللاشعور من اللذات المؤقتة المهلكة. وإذا استمر معك القلق ولم تستطيعي التغلب عليه مع الأرق المستمر فلا مانع من أخذ بعض العقاقير المضادة للقلق تحت إشراف الطبيب النفسي. وفقك الله.