''الولد الهربان ده الي سامعني دلوقتي مش هرحمه''.. كلمات قائلها الرئيس الراحل محمد انور السادات قبل أيام قيلة من رحيله، وكان يقصد بهذا ''الولد'' عبود الزمر الذي كان احد اشهر الهاربين والمطلوب القبض عليهم وقتها.. ولكن القدر لم يمهل السادات لكى يرى عبود وهو مسجوناً بتهمة المشاركة في اغتياله .. وهى التهمة التي حكم عليه فيها ب 25 عاماً بالإضافة الي 15 عاماً اخري لضلوعه في تنظيم الجهاد.
ولد عبود الزمر عام 1947 بقرية ناهية، بمحافظة السادس من اكتوبر، وتخرج في كلية الحربية وتدرج في المناصب العسكرية حتي تقلد رتبت مقدماً بالاستخبارات العسكرية، وانضم في نهاية السبعينات لحركة الجهاد، وكان يؤمن بضرورة الخروج علي الحاكم اذا حكم بغير ما أنزل الله، وحكم عليه عام 1981 في قضية اغتيال السادات حيث وجهت له تهمت الاشتراك في القتل بالتوجيه والارشاد بمختلف الوسائل الوصول للرئيس الراحل السادات.. والي نص حوار مصراوي معه، بعد يومين من خروج من السجن.
كيف تم التعامل معكم خلال فترة محبسكم التي استمرت اكثر من 30 عام ؟
بعد تحقيقات 1981 والتي تعرضنا فيها جميعا للتعذيب، استقر بنا المقام في السجون، وكان هناك قدر من الاحترام، ولكن كانت هناك انواع من الضغوط الأخرى علينا، مثل الترحيل من السجن إلي اخر، وبعضها كانت بلا دورات للمياه، حتي ننكسر امام الرؤية الامنية التي دائما تطالبنا بان نستبعد قضية العمل السياسي من تفكيرنا.
ذا بجانب المنع من الزيارات لفترات طويلة، والتغريب في سجون بعيده جداً عن الاسرة، والمنع من التقدم لشهادات عليا كما حدث مع طارق الزمر، والذى حصل علي عدد من الاحكام حتي يستطيع تسجيل الدكتوراه، ومناقشتها ولكنه لم يسمحوا له اصلا بالدخول للتعليم.. هذا إلي جانب منع وسائل الإعلام من التعامل معنا اطلاقا .
ويضيف قائلاً ..تحت وطئت هذه الظروف القاسية مات العديد من الزملاء داخل السجون والمعتقلات من حجم الضغط الشديد الذي كان يمارس ضدهم، وهناك مئات من الشباب ماتوا ولم يسمح لهم بدخول المستشفى او حتى باي اسعافات دخول السجون.
هل كانت هناك اي عروض من النظام السابق للإفراج، خاصة بعد انهاء فترة العقوبة ؟
حدث هذا أكثر من مرة.. ولكنهم كانوا يربطون ذلك بالتوقف عن ممارسة العمل السياسي، وقصر نشاطنا علي الدعوة، ودعونا لمهاجم تيارات اخري، مثل الاخوان المسلمون، وذات مرة عرض علينا الانضمام للحزب الوطني.. وقالوا لنا ان هذا سيضمن لنا الخروج، ولكننا رفضنا لاننا نختلف مع الحزب الوطني اختلاف جذرياً، ولا يمكن ان نجتمع مع في مكان واحد.
كيف تابعتم الثورة من داخل اسوار السجن ؟
كنا في البداية نعتقد انها حركة احتجاجات محدودة، مثل تلك الحركات التي سمعنا عنها في السنوات الماضية، ولكننا وجدناها ثورة حقيقة، وقف خلفها التيارات الإسلامية والقبطية وجميع القوى السياسية الأخرى المعارضة، ليعبر الشعب المصري عن نفسه بثورة ستكون فاتحة لتحول جديد، سيكون له اثر لمستقبل افضل وتاريخ جديد لمصر.
من وجهة نظرك اي النظامين اسوء المباركي ام الساداتي ؟
الاثنين احلاهما مر وكلاهما سيئين.. ولكن حسني مبارك كان اشد سوء لان السادات كان قلبة رحيم.. وكان سهل، كان يمكن ان تتوقع منه في اي مرحلة من المراحل ان يعفوا عن الناس.. اما حسني مبارك فلم يعفوا عن احد سوي ''عزام عزام '' الجاسوس الإسرائيلي، والجاسوس الاخر '' مصراتي '' ، فأخرجهم بعد نصف المدة حتي يجامل اسرائيل والولايات المتحدة، اما باقي المعتقلين فطبق عليهم الاحكام كاملة.
وكان دائما نظام مبارك يأتي بالأسوأ.. فمع مطالب الناس باستبعاد حبيب العدلي لكراهية الشعب له.. اصر علي استمراره، حتي ينشغل الشعب بمن يكره، ففكرة نظام مبارك تقوم علي تجويع الشعب حتي لا يتفرغ للعمل السياسي ويبدي رأيه بالحرية المطلوبة.
اعلنت عن نية الاستمرار في ممارسة العمل السياسي.. هل هذا يعني ان حزب جديد في الطريق ؟
الجماعة الإسلامية الآن ترتب افكارها، والحزب السياسي مقترح يدرس حالياً ولكن يلم يتخذ قررا نهائي بعد، وذلك نتيجة التحولات الجذرية التي ستفرضها الرؤية السياسية في المرحلة المقبلة.. ولكن هناك توجهات حول التحضير لائتلاف مستقبلي للجماعة الإسلامية، قد يكون في النهاية مجسد في حزب.. وعلي التوازي التيار الإسلامي الذي يضم السلفية والجهاد يستعدون لأنشاء حزب سياسي اخر، تتدرب فيه الكوادر السياسية علي العمل في نظام الدولة الحديثة.
هل سيتم التنسيق بين التيارات الاسلامية المختلفة الموجودة علي الساحة، سواء السلفيين او الجهاد او الاخوان ؟
وارد جدا ان يكون هناك تنسيق بين الجماعة الإسلامية والاخوان في الفترة القادمة بعد وضع كل اتجاه لتصوره وتأسيس حزبه السياسي، وإن كانت مرحلة التنسيق متقدمة جدا حالياً في ظل الانشغال بالتعديلات الدستورية.. ولكن بالتأكيد لحركة الإسلامية بشكل عام لديها استعداد للتعاون وقيادات الجماعة لديها استعداد للتنسيق ليس فقط مع الاخوان ولكن مع اي قوي سياسية اخرى، لاننا لا نسعي لاحتكار الساحة، فهذا ليس وراد ، فالمطلوب ان تشارك كافة القوى السياسية في الساحة .
لماذا قدمت علي خطوة الترشيح للرئاسة عام 2005 من محبسك ؟
كان الهدف من تلك الخطوة في تلك المرحلة هو طرح الرؤية السياسية للتيار الإسلامي وبرنامجه حتي يتضح للناس حقيقة الإدعائات حول عدم وجود برنامج للتيار، وانه يتحدث في العموم، فطرحنا البرنامج الذي يتكون من 50 نقطة، حتي نثبت للشعب ان معنا برامج معتدلة تصلح لقيادة الدولة وإدارتها.
اما الهدف الثاني انني كنت اريد ان اواجه النظام من خلال فضح الممارسات امام الإعلام حيث سأكون منافساً لمبارك، وسأخذ مساحة إعلامية اواجه بها النظام في العديد من القضايا علي مستوي السياسية الخارجية والداخلية، وعلي مستوي القضايا الاخري المتعلقة بحقوق الانسان والاقتصاد والوضع الاجتماعي، مما كان سيترتب عليه، فضح النظام السابق وقد طلبت مناظرة الرئيس حتي ابرز الاخطاء .
وهل سترشح نفسك للمرحلة القادمة ؟
لن ارشح نفسي للرئاسة، وارى ان هناك الكثير من المؤهلين لقيادة مصر، في تلك الفترة وعلينا ان نعطي الفرصة للجميع، لطرح نفسه ثم نقوم باختيار الافضل، ولكن الآن ارفض الحديث حول من سيكون الخيار الافضل حتي يتم طرح باقي المرشحين .
ومن ستدعم في الانتخابات القادمة موسى ام البرادعي ؟
لن اعلن عن موقفي من دعم ايهما حتي يكشف كل المرشحين عن انفسهم، وحتي نختار الافضل لصالح الوطن والمسلمين، وسنقوم بدعهم، فلا يجوز دعم شخص من الآن، ثم اغير رأي، فنحن ننتظر ان يترشح جميع المتقدمين ثم نختار.
وهل مازالت عقيدة العنف ضمن الحلول التي قد تستعين بها الجماعة الاسلامية، كما حدث في السابق؟
الصورة قد تغيرت الآن، فالنظام السابق كان ينقل عنا صورة بشعة، ترسخت في اذهان البعض، ولكن الحقيقة ان من يحتك بالتيار يحبه.. وسأعطيكم مثال بسيط فكان هناك مأمور سجن جديد وجلس معي جلستين، وبعدها قال لي '' يا اخ عبود انا سعيد جدا اني شوفتك علي هذا النحو، فالمعلومات التي لدي تقول انك تتعشي يومياً بعساكر الامن المركزي بعد شويهم '' ... فهل من المعقول ان اقوم بذلك، اقصد بذلك المثال، ان النظام السابق كان يقدمنا في صورة بشعة، ومع سقوطه ظهر حقيقة التيار لدي الشعب.
واما الامر الثاني أن التيار اصبح يملك قدرة التعبير السلمي عن حقه، وهو ما لم يكن متاح في السابق، فأصبحت هناك اصبح حرية، واصبح لنا مساحة في الإعلام الخاص منه والحكومي.
واضاف:'' اعتقد أن التيار الإسلامي، يمثل صمام الأمان، ولقوة الحقيقية داخل المجتمع بجوار الشباب والاحزاب السياسية الشريفة، وجميعنا سنتكاتف لبناء مصر الحديثة، وكفي 30 عاما دمرنا خلالها الرئيس السابق حسني مبارك، وكان الله في عون رئيس الحكومة ورئيس المجلس العسكري والرئيس القادم لمصر فالبلاد في حالة خراب، ولا احد يمكن ان يطمع في سلطة، تمثل '' وهم سيوضع علي الاكتاف''، ويجب ان يتعاون الشعب مع المسئولين لاخراج البلد وانقاذها من ازمتها، وستحل جميع المشكلات بعودة جميع الثروات والمليارات المنهوبة التي نهبها حسني مبارك، الذي مص دمائنا، وكان ينوي تنصيب ليس ابنه فقط، ولكن كان يخطط لتمكين حفيده من الحكم.
وهل ترى تعارض بين الدولة المدنية والإسلامية في الفترة القادمة ؟
الدولة المدنية بالمعني الحالي، تقوم بأدوارها من خلال المرجعية الإسلامية، ولها اصول ثابته ووفق هذا المفهوم، نحن نقول نعم للدولة المدنية، ولكن بمرجعية اسلامية وتحت مظلة الاصول الإسلامية، التي تحمي الجميع، ولكن تطبيقتها في الواقع مختلف، نظرنا لوجود اكثر من توجه إسلامي.
وكيف ترى عن قضية الفتنة الطائفية ؟
اعتقد انها فتنه من صنع فلول النظام السابق، الذين يحاول الإلتفاف حول مطالب الشعب ويحاولون اشاعة الفتنة بالبلاد، لاثبات ان عصر مبارك هو عصر الامن والامان، وان بعده ستصبح البلاد في حالة فوضي، وكل هذا ينصب في مصلحة مبارك اولاً.
_________________
حسن بلم