في بداية حديثي معه كان رده تنهيده (هيييه) ثم (كان زمن !!) ..
في هذه الجلسة الودية مع عم علي دسوقي، سألته مستعلماً: (إنت كنت فعلا ً شغال في المخابرات يا عم علي؟)،
و كان الرد هو نفس التنهيدة التي افتتح بها حديثه: (هيييه)،
ثم أضاف بعد ذلك: (أيوه يابني .. أنا كنت شغال زمان في المخابرات .. اشتغلت ييجي عشرين سنة .. أيام الرجالة !!).
و انتهازاً لهذه الفرصة العظيمة التي أسعدني فيها حظي بالجلوس إلى أحد هؤلاء الرجال العظام اللذين يعملون في الخفاء و يعرّضون أنفسهم لأشد مواقف الخطر، ففكرتُ في أن أحمل عم على على سرد بعض القصص التي شهدها أثناء تواجده في هذا الجهاز العظيم؛ جهاز المخابرات.
(طب ما تحكيلي كدة يا عم على اللي بيحصل هناك .. يعني حكايات و قصص البطولة اللي بتحصل في المخابرات)،
و بعد أن اتكـأ قليلا ً ثم رفع رجلا ً و وضعها فوق الأخرى كاللذي يتذكر شيئا ً في قمة الفخامة و السمو: ( أحكيلك إيه و لا إيه يابني .. إحنا كل يوم بنضحي بحياتنا عشان البلد .. بنشوف الموت بعنينا .. بنسهر و نتعب و من غير ما نكون مستنيين حاجة من حد)،
لقد أثــّـرت فيّ كلماته جداً، ثم أردف قائلا ً: (أنا هحكيلك قد إيه إحنا شقينا .. و قد إيه خدمنا البلد في أصعب الأوقات .. كان أيام حرب الإستنزاف .. كنت في مبنى المخابرات وقتها .. و في نص الليل لقيت اللوا إبراهيم داخل مكتبه بسرعة و لم شوية ورق بسرعة و خرج .. و بعد شوية لقيت شوية ظباط داخلين و مجرجرين واحد حاطين على دماغه كيس إسود .. اتضح في الآخر إنــّه مصري كان شغال جاسوس لحساب إسرائيل ..
المهم قررنا إعدام الجبان الخاين ده .. لكن محسن بيه كان عنده رأي تاني .. لاحظ شبه كبير بين الجاسوس ده اللي كان إسمه منصور و بين ظابط في المخابرات إسمه أكرم .. و فكر في إنــّـه يبعت الظابط بدل الجاسوس عشان يشتغل جاسوس لينا إحنا ..
و بعد شوية تدريب كان الظابط أكرم بقى منصور و راح اسرائيل عشان ينفذ مهمته ..)،
ثم قاطعت سرده الشيـّـق للقصة: (مش ده فيلم إعدام ميت بتاع محمود عبد العزيز و فريد شوقي برضه ؟!!)،
فأجاب في في ثقة: (و ليلي علوي و بوسي !! لا يابني دا فيلم تاني ..!! قصدي حكاية تانية من حكايات المخابرات !!).
ثم أكمل حديثه: (طب هحكيلك حكاية تانية عن حرب أكتوبر .. في مرة كنت قاعد في مبني المخابرات .. كنت قاعد حزين كدة عشان حال البلد ..
فعدي السادات عليّا و لقيني على الحال ده .. فسألني مالك يا علي ؟ ..
قولتله ما انت شايف يا ريس الحال اللي إحنا فيه ..
فميّـل عليّا و قالي أقولك على سر بس ما تقولش لحد ؟!..
قولتله قول يا ريس .. سرك في بير ..
قاللي إحنا هنعبر بكرة الساعة اتنين .. اتنين و عشرة كدة ..
أنا الفرحة ماكانتش سايعاني ..
و تاني يوم في أوضة التخطيط للمعركة مكنش حد عارف إننا هنعبر غيري أنا و الريس ..
و الريس واقف بيشرح للواءات و الظباط خطة المعركة و كلهم فاكرين إنها وقت تاني ..
و بعدين على الساعة اتنين كدة قاللهم الريس إيه رأيكم نعبر دلوقتي ؟! ..
قالوله و ماله يا ريس .. القولة قولتك و الشورة شورتك ..
قالهم على بركة الله .. قولوا لحسني يضرب ولاد الإية دول لما يعرّفهم مقامهم ..
و في ساعتها كانت الإتصالات و الضرب اشتغل و عبرنا و الحمد لله ..
و بعدين ميّـل عليا الريس و قاللي مبسوط يا علي ؟ ..
قولتله قوي يا ريس .. دا أنا هطير من الفرحة ..
قاللي أي خدمة !! .. قوم بقى إعملي كوباية شاي ..
قولتله من عينيا يا ريس)،
و قاطعت حديثه: (و هو بيقولك انت تعمل شاي ليه ؟ هو مفيش فراشين في المخابرات ؟!)،
فأجاب و بكل الثقة و الفخر: (ما أنا شغال فرّاش في المخابرات !!!!).
انتهــــــــــــــــــــى ..