هكذا استيقظت من أعماق النوم لأفتح الباب لطارقٍ جاء ضحى!
كان أحدَ جيرانى القاطنين فى نهاية الشارع المتضررين دوما من انسداد المجارى وطفح البيارة
قال إنّهم استدعوا أحد عمال الصرف لتسليكها ثمّ طالبنى كما طالب كل سكّان الشارع بجنيهين
أعطيته الجنيهين ونظرت إلى عامل الصرف الذى فتح كل البيارات وتركها محاطة بالقاذورات
كان العامل غاضبا حنقا يأمرنا بعدم غلقها و ينظر إلينا بتجهّم كأنّه يُعيّرنا بِبشريّتنا ويحمّلنا أوزار الخطيئة الأولى التى أخرجت آدم من الجنّة وجعلته يهبط إلى الأرض حيث قضى حاجته وأنشأت ذريّته فيما بعد شبكات الصرف الصحّىّ!
كان الوقت ضحى والرائحة العطنة تغمر الهواء المحمّل بالضغائن والهراء
أفرغت عقلى من تأمّلاته الوحشية ودخلت وأغلقت الباب ورائى وقلت سأنام ساعتين قبل الذهاب الى العمل
وما إن عدت إلى النوم وألقى النعاس حمولته فوق جفنى حتّى رنّ جرس الباب ثانية
تجاهلت الجرس مرة
مرتين
وفى الثالثة نهضت متثاقلا لأفتح الباب وإذا بمحصل المياه واقف
أخرج الفاتورة الخاصة بنا من دفتر الفواتير الذى بيده وناولنى إياها مطالبا بالسداد
نظرت إلى الفاتورة بعين نصف مغمضة و تأمّلت جيّدا قيمة خدمات الصرف الصحّىّ بها فإذا هى أكبر من قيمة الاستهلاك الفعلىّ للمياه!!!!
فلماذا حينما نستدعى أحدهم ليقوم بدوره فى تسليك البيارة تنفجر بلّاعة روحه فى وجهنا ويسب ويلعن ؟!!
تساءلت فى نفسى أين يذهب فائض هذه المبالغ بعد صرف رواتب العاملين بهذا القطاع!
وإنّه لرقمٌ ضخمٌ حقا حين يتم ضربُه فى عدد بيوت القرية و تحصيله منها كلّ شهر !!!
أعطيته المبلغ وخرجت من البيت متجها إلى وسط البلد لأشترى بما تبقّى طعاما
تعاقبت على قدمى شوارعُ القرية المتضررة بفعل تطوير شبكات الصرف
لعنت فى سرّى خطة التطوير التى تسير ببطئ سلحفاة تحمل على ظهرها كلّ أوزار تلك المنظومة الفاسدة!!
طافت بعقلى الأسئلة!!
أتساءل لماذا نحن لا نسأل
فيرتدّ الصدى حسيرا!!
ومتى كنّا أصلا نسأل؟؟
وكأنّ عدوى الطفح قد انتقلت من المجارى إلى العقول !
سمعت أنّهم يطالبون بعض أعيان القرية بالتبرّع للصالح العام
التبرع لشراء قطعة أرض بهدف إنشاء محطة رفع صرف صحىّ جديدة
تستوعب الكثافة السكّانية الحالية للقرية وتلائم معدّل النمو لأعوام مقبلة
فأين كانت تذهب الأموال التى كنّا ندفعها كل شهر بزعم الخدمات والصيانة ؟!!
وكيف يُترك واجب الدولة لاقتراحات المواطنين وتبرّعات أهل الخير!!!
نحن حقا يتم استحمارنا كل يوم
وهذا ليس عجيبا ولا مستغربا
لأنّنا نعيش فى العصر الحميرىّ و محكومون بعقليّة سيسى!
2022-11-28, 9:46 pm من طرف hassanbalam