آخر المساهمات
2024-10-12, 12:21 am
2024-10-12, 12:19 am
2024-10-12, 12:14 am
2024-10-12, 12:14 am
2024-10-12, 12:13 am
2024-09-21, 5:25 pm
2024-07-21, 2:12 am
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

كقطيع كباشٍ بيضاء فاجأها الهياج نص سيف الرحبى

hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11575
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : كقطيع كباشٍ بيضاء فاجأها الهياج نص سيف الرحبى 15781612
كقطيع كباشٍ بيضاء فاجأها الهياج نص سيف الرحبى Icon_minitime 2020-10-20, 3:40 pm
@hassanbalam
#سيف_الرحبى

كقطيع كباشٍ بيضاء فاجأها الهياج




مرحى يا شجرة (الغاف) ذات البأس التليد اضحكي عالياً وأنت تحدّقين في نجوم الظهيرة المشرقة بذلك الخواء الشاسعِ بالأسرار البهيّةِ التي لا يدرك مداها غير طيور تعبر باستمرار غدرانَك الوارفة..

* * *

الموج يتدافع أمامي بغيوبه وزَبَده كقطيع كباشٍ بيضاء فاجأها الهياج

* * *

القمرُ، سرَّة امرأة يضيءُ سفوحاً وودياناً، غائرةً في الذاكرة

* * *

ذلك الصبيّ الذي راودته الجنيّة عن نفسه ومضى معها في المفازات والسهوب لم يعدْ بعدُ من رحلته الطويلة التي أخذت أحداثها تتسع وتكبر في الخيال (كما في الواقع) الذي يسردها كل صباحٍ كما تسرد الجداول رحلتها الجبليّة في أعماق الظلام

* * *

ثمة روح تدفعكَ للخروج إلى العالم وسط جَلَبة هذه الحروب والضغائن ثمة روح خبيئة تبزغ من رهافة الأثير تحلّق مع عصافير الشجرةِ التي تحدّق في انكساراتها كل صباح

(١)

نعم هذه هي البلاد هذا هو الوطن العربي التائه بين خرائط ومسافات. أي لعنةٍ مخبّأةٍ بين ضلوعنا أيُّ صرخةٍ يتسلّقها جوعى ومقاتلون في حروب عبثيّة؟ أيّ كوكب يتداعى في الرأس بمثل هذا العتوّ والانهيار؟ أيّ قطارٍ مندفع في براكين الدم تشيّعه النظرات الوجِلةُ ليتلاشى في هباءِ الدخان أي قارب يضمحل في هيجان الغروب؟ إن هذه الحمرةَ التي تصبغ أفقَ العالم هي دمي إن هذا الغبارَ الذي يسدّ منافذَ الكون، ليس ذاك القادم من المرّيخ إنه رفاتُ موتاي وأحلامُ أجيالٍ مزّقها الثُكْلُ ودمّرها الطوفان. وهذا الصراخ المتفجّر من فوّهاتٍ غامضةٍ هو صراخ أطفالٍ يولدون. ماذا تبقّى في زوّادة الراعي يهشُّ الغَنَم في السفوح ماذا تبقى من ضوءٍ لنجمةٍ تستهلّ نشيدها بالبكاء؟ أم تُرى أن الدمعَ تحَجَّر في المآقي كعجوزٍ نسيتها الأزمان؟ أي طريق أكثر رأفةً لهذا الحتف المحيق أي طريق أكثر اختصاراً للإبادة والامحاء؟ لقد أنجز الجلاّدون الطريقَ والخارطة، أولئك القادمون من عصور الفظاظة والظلام وتركوك في قلب المذبحة جريحاً ، ترفسُ تحت هول الانتظار.. شاخصين الأبصار نحو غيمة جفَّ ضرعها تدير الرأس عن أي استغاثةِ أو أنين . (أنتم أبناء الأرض رتّبوا أموركم على هواكم ، حلوا عن سمائي لم أعدْ أحتمل فظاعاتكم وغباءكم) تقول السماء وهي تظللُّ المذبحة بظِلال قليلةٍ شاحبة ، تعبر حدَبَة الأرض المتقيئة كدبْرة حمار تحتله الأشباح والذباب.

(٢)

حسناً: ها أنت في البلاد التي لا تزال تحلم بالعودة إليها وما زال الحنين يأخذك نحو وجوهها الألف والحدائق المعلّقة في الغبار من طريق المطار شعرتَ بالحمّى تعصف بعظامك المتعَبَة من طول الرحلة، وعلى باب العمارة التي نشأتَ في ظلّ أشجارها، يقف (السيكلوب) ذو العين الجهنميّة ملوّحاً بالترحيب والسلامة. تمضي في الشارع لا تحس إلا بروائح موت قادم قَتَلة وشحاذون يجوبون الساحات عربات معبّأة بالجثث والحيوانات . تذهب للسهر في المطعم الذي تبدّى كجُحْر حّياتٍ نافقةٍ .. تتلوى تحت وقع النميمة والقُتام ولا عزاء ينقذك من هذه الأشداق المفتوحة على الحطام. في الصباح التالي تستيقظ مع رأسٍ يتطوّح بعيداً عن جثته الهامدة.

(٣)

هذه الأسطر التي كتبتُها ذات دهرٍ، ربما ثلاثين سنة أو أربعين أو مائة... تحت شجرةٍ تهزها ريح الغربي، أو صخرة جاثمة في الوادي.. وربما في ذلك (المجلس) الذي يستظل به رجال القوافل، هرباً من ظهيرة قاهرة. هذه الأسطر، الأوراق القليلة التي تشكلَّ سؤالاً فقهياً حول الحمل والولادة، البكر والثيّب...الخ تنتصب أمامي صلْبةً، حالمةً، كأنما الزمن لم يأت عليها، الزمن المتسلل كثعبانٍ خبيء يزحف بتؤدة بين أشجار الموز في ضاحية النخيل النائمة.

(٤)

عصافير كثيرة بستان عصافير يحطُّ على أركان الشجر الباسق وعلى مقربة يبني النحل مملكته البهيّة، تتطاير العصافير في الحلم، يسقط عصفورٌ شبه ميّت أكاد أتلقّفه بيدي،ـ وأصرخ في الصِبية الحُفاة ألا يقذفوا الحجر نحوها، ويتركوها تنام وتمرح في رحاب الله الخضراء الشاسعة.

(٥)

هذه هي المدينة الثانية أو الثالثة أو... التي تسكعت بين بواباتها الكثيرة، وأزقتها المفعمة بالقِدم والثورات، تحت وابل أمطار الفجر والنسيم الطلق، مع أصدقاء لم يعودوا أحياء ربما... بحثت في الأنقاض والوحول التي تغطسُ فيها أقدام العساكر والنساء الجميلات، عن التفاتة أو فكرة هاربة من خيالٍ محاصرٍ، تعينك على صوغ الألم والقصيدة... هذه المدينة التي سبقتك إليها الأحلام والأمنيات، تمضي في موكب جنازات لا حصر لها، وجوهٌ أطفأها الذعر والترقب عبر السنين العجاف.. الأنهار جفّت كما تجفّ الدماءُ على أرض الرسالات، وفي العروق المثْخنة بغياباتها وجراحاتها.. ووسط هذه الخرائب والأشلاء لا تستطيع استعادة ذكرى تسعفك على قضاء الليل بأقل كلفةٍ من الكوابيس والدمار. المقاهي هجرها روادها الأوائل واستحالت مرتعاً للسماسرة والشرطة السريّة، وثمة همهمة ضباع تلعب مع فرائسها العاجزة الجريحة، تنحدر من جهة الجبل، لتذكرك بأن الأمور، أُنجزت بضراوة قلّ نظيرها، وأن لا مجال لاستحلاب أمل ما، إلا بما يشبه استحلاب الحنجرة الميتة، ريقاً يبعث فيها دورة الحياة والكلام. لقد أنجزت الأمور بضراوةٍ وقرع السُقوط الكبير طبولَ الهاوية.

(٦)

أنتم يا من تحتلّون كل شيء على هذه الأرض المحتشدة بالذهب والرغبات نصبتم أعلامَكم الحمقاءَ على كل تلّة ومدينة فوق كل بحرٍ أو صحراء وبلغتم الكواكبَ البعيدة جيوشكم البليدة سيّرتموها في كل الاتجاهات. لكنكم لا تستطيعون حتى الاقتراب من تلك الجنان الخضراء الوارفةُ لروحٍ حرّة وقلبٍ طليق.

(٧)

ماذا تعني هذه الوجوه المتقاطرة في نومك منذ بدء الخليقة حتى آخر ميّت شُيّع في تخوم الأمس ألا تكل من الترحال في ذاكرة الآماد؟ وتلك الزيارات المفاجئة في جوِّ يعبق ببخور المآتم وولائم الغبار وجوه مقبلة وأفواج يطويها صلفُ الغياب وجوه صافية أموميّة حنونة وأخرى قادمة من أقصى كهوف الخسّة والجحيم.. إلهي خفّف هذا المدَّ الهادرَ لبحور الموتى يتدفّق في ليل رجلٍ وحيد.

(٨)

النجمة المحمولة على كتف سماءٍ شعثاء تضيء دروب رحّالةٍ يقطعون الآماد السرمديّة بحثا عن حقيقة الوجود.

(9)

ترمقني الغيمة العابرة أمام النافذة بعزيمة الذاهب إلى حقول النسيان.

(10)

الشاعر المحكوم عليه بالنفي والإعدام والمرأة المحكومة بالعطاء والحب كلاهما قطرةُ مطرٍ في ربيع الخراب

(11)

النظرةُ التي تشيّع الميّت المحمولَ على آلته الحدْباء والراحل في راحلته وهي تندفع نحو المجهول، لا تشبه النظرات جميعها، تاريخ النظرات منذ أول عين انفتحتْ على هذا الخلاء الكونيّ: إنها الانفصال القاسي عن هذا التاريخ، التفاتة مذعورة قذفتها الأعماق السحيقة لأحزان الكائن في مختلف عصوره، دمعةً الطفل المقذوف في وهادٍ موحشة.. خلاصة الألم وعجز الأبجديّة.

(12)

لا شيء يعوضني عن غيابكِ في هذه اللحظة، التي تنتشر فيها كتائب الفجر، حزينةً، مكسورةً تتقدم نحو مدينة مهجورة. لا شيء يعوضني، لا سهرة البارحة الحميمة مع الرفقة التي تقاطعت بهم المصائر: كنا نرى أرواحنا ترتجف في مرآة ذلك الليل الذي تنسجه جَلَبة الشاحنات والهزائم، وذلك العواء الفاجع لكلاب متوحشة تحتل المزابل والثكنات.. لا شيء يعوِّض عن غيابك المصنوع من ذهب التذكرّ وأغصان شجر السدر الضارب في صحرائه العاتية.

(13)

مرتجفاً شجر الحور، طوال الوقت، يهتز، حتى حين لا يكون هناك هبوب ريح، دعك من العواصف والأعاصير التي كانت بالأمس تقتلع الجذورَ والحياة في شواطئ آسيا.. مرتجفاً شجر الحور بفعل عاصفةٍ خفيّة تجتاح كيانه الضارب في الغياب، فلا يعرف هدأةً ولا سكينةً، كأنما القدر قذفه في بركان قلق دائم الاشتعال.. وربما بفعل نبوءة متواترة في تلك السلالة الشجريّة التي تسكن البحر والعاصفة.

(14)

يعود المسافر إلى موطن طفولته ليشاهد عن قربٍ نعاجَ روحه تثغو في بساتين الدِمن والخراب

(15)

محمولة على الأكتاف والقلوب أيتها الثورات والانتصاراتُ التي أحرزتها بسالةُ رجالٍ خارقين.. لكن بعد قليلٍ ستنزلين من عليائك إلى الطبيعة النافذة التي نُحت من ترابها الكائنُ وهو يغطسُ في مستنقع أوهامه الأزليّة

(16)

المجد لك أيها السديم المجد لك أيها التيس الجبليُّ للشَبَق الصافر على هضاب الغِبطة والهياج لعصا الراعي يطلع من عروتها شفقُ الصباح المجد لك أيها السقوط المقدّسُ لنيزكٍ يضيء في طريقه ظُلمات الهاويّة المجد لكِ أيتها الأجنحة تحملين زهرة المسافة من أكمةٍ إلى غابة ومن بحرٍ إلى محيط.

(17)

بدأ الشتاء الشتاءُ يبدأ متأخراً هذا العام شتاء القاهرة شتاء بيروت التي فاجأتها الحربُ ومضتْ تعانق قدَرَها بجَمال من أدمنَ الفجيعة والحياة.. المطرُ يهطل من النوافذ الطيور تحلِّق، حاملة في مناقيرها خريفَ القادمين من القرى المجاورة. حبال الغسيل تتأرجح في فضاءٍ جَهْمٍ من الذكريات وعلى مسافة هذا الطمي المائيّ تطفو أصواتُ الباعة والمؤذنين كطيور كسلى تستيقظ من سُباتها الثقيل: ويمكن رؤية المشهد على شكل أحذيةٍ وعرباتِ تتعثّر في البرك والمستنقعاتِ. التي خلفتها سيول اليقظة الأخيرة للفصول.

(18)

أنت الآن بين سماوات تتفتّح زهوراً وينابيع تتطلع من النافذة ويراودك حلم المدينة التي تُولد من خيالات رحّالة يجوبون الآفاق من غير هدف مدينة فائقة الجمال تولد هكذا بحدائقها، بساتينها ومقاهيها بعيداً عن الرقابة وأحلام الجلاّدين... رغم السُحب السوداء والاهتزازات العنيفة أحياناً ورائحةٍ بشريّة منتنة تتطلّع من النافذة وتسرح في حدائق السماء الزرقاء حيث مسكن الآلهة محاطةً بنسورها الفارهة

(19)

سلاماً أيها النسر نَبْلةَ القدر قبطانَ الفضاء تترحل فوق الأرض المقصوفة بالحروب والطاعون وعلى طرف منقارك الغاضب غالباً شبح ابتسامةٍ ساخرة

(20)

بين حدِّ الليل والمطلق واحتدام بروق مدلهمة تقطع طيور الروح رحلتها السرمديّة

(21)

يتطاير غبار طَلْع السماء كشظايا روحٍ أنهكها حلم الحلول بمركب معشوقها المستحيل

(22)

وسط أجواء المجازفة والخطر حيث الذئاب تعوي جائعةً إلى افتراس أثداء الأمهات... والبروق ترسل صواعقَها الغاضبةَ في المنحدرات الأكثر رعباً لسقوط الكائن ويكون الموت قابَ قوسين أو أدنى، تشرق الروح بسناء سعادةٍ ممكنة.

(23)

ها أنت تعود إلى الديار التي هجرت تمنيت وأنت تسمع نداء المذيع باقتراب نهاية الرحلة، أن تعود القهقرى من حيث أتيت أو إلى رحمِ أمك أو تختفي البلاد من الخارطة ويسود الهدوء بمحوٍ صاعق كما مُحقتْ أقوام عادٍ وثمود.

(24)

الغريب يعود الى قريته عاريا كما ولدته أمه لأنه ميّت وقتيل حنين العوْد إلى البدء جرفّه سابحاً في مياه الأحشاء الزرقاء ميمماً شطر حارة الوادي حيث ترقد رفاتُ الأسلاف

(25)

يعود من سهر اليومين الفائتين مثْخناً بجراح الصداقة والنبيذ ينتحي جانباً ويغرق في شميم الذكريات التي هي ليست إلا جماجم وعظام ورأس سمكة يهذي في الغروب

(26)

محمولاً على براثنك أيتها الحياة على أناملك الرشيقة تجوس جسد العاشق كمنجل يستأثر بالحديقة أدافع عنك دائماً باليد العزلاء الوحيدة ضد الأقوام التي تحيلك إلى أنقاضٍ وحُطام

(27)

آبار الذاكرة تتموّج مياهها الغزيرةُ بدويّ الصواعق وزَبد الرعود ولا تتركني أنام... منبلجاً يا فجر حياتي الأخير

(28)

نَفَر من الجنِّ وآخر من الإنس يرتدون ملابس معتمة وقبّعات على حوافها تلمح خيوط شمسٍ حارقة، في حانة مقذوفة مثل كهف بين الجبال العالية والوهاد يجلسون في الجو دخان سجائر أحاديث غامضة عن اقتراب الحشْر والبشر الذين يتحولون إلى ماعز يباع في الأسواق عن حروب البترول واغتصاب الأمّهات في حانة بين الجبال الشاهدةِ على المصائر والأهوال.

(29)

مع أول رشفة شاي وانبلاج عبارة... أتذكرها الآن في ليلٍ فاضتْ أنقاضُه وتوحّشت أحلامُه (وما الإصباح منه بأمثلِ) أصباحٌ أضحت مستوطنة للأحقاد والسرطان

(30)

يا رياح السموم الذريّة ويا عواصف الجليد الكاسحة اقتلعي هذه الأقوام من أمام كوخي ذررّيهم في المسافات والآفاق لا تبقي لهم حرثاً ولا نسلاً ليكونوا عبرةً للأقوام اللاحقة

(31)

أيها المتوحّد كم ضياء عزلتك مبهج وفريد وسط هذا العالم المتفسّخ كعجلات عربة هرِمة تحترق

(32)

طائرة ترتطم ببرج تتبعها أخرى وفي ركن قصيّ من العالم قنابل تنفجر وشموس تستعر من وقعها ترتجف السماوات السبع وعصور الجليد وفي الركن نفسه رجل يقبض بأسنانه على جروح الوحدة والانكسار

(33)

أين ذاك الحمار الذي كنتَ تقوده مهللاً شاحجاً مع طلعة كل صباح، يبعثر الحصى في سيره كمفردات رهيفة، ويُغرق جسدّه في الماء حتى المنتصف، فارداً أذنيْه، محدّقاً في الأفق، وعقاعق خضراء تملأ المكان. وكان في الظهيرة يسترخي واقفاً تحت شجرة السدر بعضوه المتدلّي وعينيه المغمضتين، حالماً بأنثى وحشيّة تركض في السهوب بحثاً عن ظل شجرة.. في المساء حين يعود من تجواله الشبقيّ الصاخب، يتكوم هادئاً، ودموع صافية، دموع النبع الجبليّ تنسكب من عينيه الناعستين، تتجمدّ في المآقي وتفيض على عظام الخدّين، متسلّقةً الجسدَ خيطاً لألاء، حتى تلامس الأرض

(34)

ساجية هي المقبرة هدوء مشوب بأمل الانفجار انفجار بركانيّ يدفع بصبر الأشلاء إلى السطوح. مناديل ورقيّة تتطاير في الفضاء مناديل الموتى الذاهبين في نزهة موتهم المنسحبين أفواجاً من الحياة بأقدام غارقة في الوحل ووجوه عفّرها غبار الأزمان لا أثر يدل على هذا الانسحاب عدا النجمة المنطفئة، نجمة الرماد أمام البوابات السبع لعالمٍ قضى نحبَه قبل أن يولد.

(35)

المريض يهذي إنه يهذي أكثر من أمس هذياناته ترتفع سحائبَ سوداء لجيش مهزوم يسوقه المنتصرون إلى اسطبلات الأسْر: إنه يرى نفسه من غير أن يرى شيئاً ربما رأى نجوماً ومجرّات تتوارى كالدخان خلف هذيانه المريض وكأنها على مقربة من الثقوب السوداء وحيوانات جريحة تحملها الوديان نحو البحر ورأى جنازته تخترق الأزقة تلك التي شيّع فيها جنازة أبيه وأمه قبل سنين ورأى المشيعين يتناوبون الحمل والأدعية وأحياناً ضاحكين كأنما في حفلة عرس، عرس الواويّات التي وُلدت قبل التاريخ نائحةً على ذرى التلال المحيطة.

(36)

ها أنت أيها الغريبُ قد عدتَ إلى مرابع الطفولة بعد أن وصلتَ أطراف النهار بآناء الليل حالماً بالعودة بعناق النجم المضيء على شرفة الطين والنخلة التي زرعْتها اليد المباركة للملاك ها قد عدتَ: تجمّع الأهل والأقارب من كل فجّ وحارة تجمعوا سفحوا دم الذبائح، أكلوا تبادلوا أحاديث كثيرة، وذكريات لكنك بقيتَ شاخصاً بصرك نحو النجومِ التي يسّاقط نورها الميّت فوق الهضاب كالضحكة التي انطفأتْ قبل أن تطلقها مجلجلةً في الفضاء.. لقد جفّت مياهُك أيها الغريب وروح الملاك غادرت الأحبّة والمكان

(37)

تلك الطُرق الملتوية بين جبال وشعابٍ تتناسل أطيافها في الخيال الطِفلِ، لتفضي إلى قرى معلّقة في فراغ الأطواد الباهضة، أو إلى صحراء تبتلع النسرَ والزمانَ كما يبتلع القرشُ صغارَ الأسماك في طريقه إلى مأدبة في أعماق الأوقيانوس... تلك الطُرق الأولى، هي التي أفضت إليك بأسرار الوجود المقذوف في سحيق العَدَم الأزلي.

(38)

النخلة الوحيدة أمام البيت تحيط بها غابة أشجار غريبة جُلبتْ من خارج المكان، تحلم بعائلة النخل والجذور بالأطفال والخِراف السارحة بين الجداول والنجوم.. ما الذي رماها في هذا البلقع الخاوي بين أكوام الخراسانات والنحيب من شنّ عليها هذه الإبادة الأكثر فتكاً من جميع الحروب؟.. نخلة نجران التي بجّلها العربُ القدماء نخلة مسجد الوادي وقد سُفحت حولها الهدايا والنذور.. النخلة تحلم بالرحيل بالإعصار الذي سينتزعها من الموت المتْرَف ويصحبها إلى حيث تريد

(39)

قاتلوا كثيراً ناموا على الأرصفة وتحت ضجيج البراكين القطارات مرّت على الأجساد النازفة وألقتْ بها في مهبّ الفيضان النساء لوّحن من البعيد... ولأنهم في وطيس المعركة لم يستطيعوا اختلاس نظرة إليهن حتى أشرفت نجمة المتحاربين على الغياب.

(40)

النيازك تمخر عُباب السماء تتبعها مذنّبات صغيرةٌ كديناصورات تتمرّن على الركض التماسيح في هدأة الظهيرة تزحف تحت ركام النهر والحمام الزاجل يحمل البريدَ السريعَ إلى مخلوقات الكهوف النخيل الهائم في الفضاء يتحدّث بلسان الغيب: تلك واحدة من العلامات الكثيرة لانبلاج العصور السعيدة في التاريخ.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11575
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : كقطيع كباشٍ بيضاء فاجأها الهياج نص سيف الرحبى 15781612
كقطيع كباشٍ بيضاء فاجأها الهياج نص سيف الرحبى Icon_minitime 2020-10-20, 3:41 pm

قراءة في شعر سيف الرحبي


- 1 -
(يا وجه أمي :
ابنك القابع في غرفته الرطبة
وسط تلال الكتب والرسوم المرعبة
تتحول في رأسه أفواج من شرطة
العرب وأكشاك الشعارات
والمذيعين
طلقاء مثل وحوش في غابة
وهو وحيد.. وحيد لا يملك حتى
صديقاً يقتله !
وداعاً يا أمي).
* نورسة الجنون
من عمان هذا الصوت المكتظ بالعذاب، سيف الرحبي يطرح علنيا الصوت المرتجف رعباً والممعن في الهجوم والمباغتات، منذ أن بدأ مشاغبته مع الكتابة كان متوزعاً في الخرائط.
أصدر كتابه الأول (نورسة الجنون) في دمشق، والثاني أيضاً (الجبل الأخضر) وكتابة الثالث (أجراس القطيعة) في باريس، وأصدر عذابه الرابع (رأس المسافر) من المغرب. منحته مضارب العرب وجعاً يليق به، ولم تبخل عليه مدن الآخرين بالخذلان والمطاردات، طبيعة هذا الرحيل، هذا السفر الغزير، صاغت لتجربته الرؤى المفاجئات، مبكراً كان يعرف : (رأسي المشطور في صليل الجهات) (أجراس القطيعة) - ولذلك لم يكن أكثر صدقاً لكتابه الأخير من عنوان : (رأس المسافر).
لكن عنصر المفاجأة ليس في هذا فقط، بل أيضاً في طلوع تجربة سيف الرحبي الشعرية من حيث لا يتوقع سدنة (الأدب الخليجي) فعهدنا الشعر فيعمان (حديثاً) يتصل بالمرحوم عبدالله الطائي، الذي كان آخر العمانيين المقتحمين لحدود الخريطة : (حياة وكتابة) وفيما عدا ذلك فقد ظل الشعر هناك أسير (حداثة) تعتبر أحمد شوقي متطرفاً في تجديده للقصيدة (؟!) وأخيراً تحضر الكوكبة الجديدة من الشباب المسكون بشهوة التغيير، يخرجوننا من موقد (التجربة) لهباً يتأجج بما لا يقاس من الاتصال بأفق العالم، ليشكلوا انعطافة رؤيوية تعلن بشكل جيد عن طموحها قد تتفاوت في الوعي الفني لكنها مأخوذة بالاحتمالات التي تتفجر في مناطق عديدة من خريطة النص الشعري.
سيف الرحبي ليس وحده، ربما كان الأبرز من بينهم لكن هناك أصوات جديدة ينبغي أن تفاجئ الكتابة العربية قريباً وسوف تفعل ذلك حقاً. وسوف يتاح لنا أن نحاورها في حميمية العناق والرفقة، فنحن نشعر أنها إحدى الهجومات الإبداعية الواثقة التي سوف ترافقنا للتنكيل بمسلمات الواقع الأدبي ومنظوراته ورموزه الراجعة فالتجربة الجديدة للكتاب الشباب العمانيين تبدو (في أفضل نصوصها) مثقلة بالقول وشكله بالجرح ونزيفه، بالحياة وأعبائها.. وهذا ما يرشحها لقدر كبير من المحتملات.
- 2 -
مع (رأس المسافر) الصادر عن دار توبقال المغربية - يدخل سيف الرحبي مرحلة جديدة في النص الشعري، ويقيناً أن تجربة هذا الشاعر ستظل بحاجة لتأمل نقدي يتيح لنا أن نكتشف حركة القصيدة عنده، منذ الكتاب الأول حتى (رأس المسافر).
عند سيف ليست الكتابة نزهة، إنها (الطرق التي لا ينام فيها المسافر إلا ورأسه مسنودة إلى معضلة) الكتابة هنا هي الحلم الذي يوازي الحياة، يضاهيها ولا يقلدها أبداً.
منذ كتابه الأول فتح سيف الرحبي لنصوصه أفقاً لم تكتشفه تجارب من سبقوه، ليس في عمان فحسب، ولكن في مناطق كثيرة من هذه المنطقة.
إنه أفق الحلم. الحلم الذي كانت جلافة الواقعية تحاصره وتحرم من طاقاته التجارب المتراكمة، ومن ركام يشبه اليأس تيسر لسيف الرحبي أن يخترق السائد، ولنقل هنا أن للخروجيات التي لم يتوقف عنها سيف طوال حياته (بعد خروجه من قريته) دور كبير في الاستعداد الذاتي لممارسة الحلم بحرياته، فمن (لا يمكنه النوم لا يمكنه الكتابة، لا يمكنه اليقظة) صارت للكتابة مشاغل أكثر عمقاً وجمالاً، من مشاغل النص السابق عند سيف ليس أن يرمم حياة الآخرين، ولكن أن يسأل حياته تماماً (كما يضيء السجين في زنزانته) تبادلته الكهوف والأرصفة، القيود والحريات، (ثلاثون عاماً هذا العمر الذي حوشته من دهاليز الأجداد) كل هذا العذاب، هذه التجربة التي تسورها الكوابيس وعلينا بعد ذلك أن نفهم مفارقة أن يكون الشاعر قد ولد في قرية عمانية تدعى ( سرور ).
سرور !!، وبعد ذلك أوشك - لفرط الوجع - على نسيان المعنى الأصلي للكلمة..
(لم ترضعني أم
لم تأويني بلاد
استيقظت فرأيت القطارات
تنهب عمري بخجل المسافات).
لكنه عرف (معترك الحضارات)، وان الكتابة ليست تلك التي كتبها السابقون.
وتعلم أن (لا يلتفت كثيراً إلى الخلف). وهذا ما أوقع الآخرين في مأزق البغتة، وهم يطالعون النصوص التي يبعثها سيف الرحبي من مدن كثيرة إلى أصدقاء يتكوكبون في مناخ يتصاعد مثل بخار الجحيم.
* انفجار صوري
تأخذ الأحلام في نصوص الرحبي شكل الانفجار الصوري، متجهة نحو خلق حالة الحياة، حيناً بتفاصيل صغيرة لحركة الإنسان. تتحول إلى واقع هائل الرعب يكاد يشبه الكابوس :
في الصباح عندما أستيقظ
يستيقظ العالم في رأسي
بكائناته وزعيقه الذي يهرس العظام
أغادر غرفتي التي تشبه كهفاً مليئاً بالقتلى
وأدلف المقهى
أحدق ملياً في الفنجان الشبيه بأفعى
تسترخي في ظهيرة صيفية )
وحيناً تصير أشياء الطبيعة والعالم
عناصر تنهض مع (ينهض بها)
الشعر :
(حيثما تقع عينك على حديقة
أو مبنى أو إنسان
يشتعل فيه شبق الحريق
حيثما تهيم على وجهك صانعاً
في الدروب والأزقة
تستحيل إلى طفل يقذف أمعاءه في الرصيف).
في (رأس المسافر) تشتعل الأحلام التي أرحم منها الكوابيس، (فعما قليل يأخذ المدعوون طريقهم إلى الموت). الحلم يحمل عبء المهمات الجديدة. إنه لا يصوغ (لا يبني) عالماً في الاحتمال، هذه مهمة أوشكت على الإحباط، الحلم هنا يندفع بأدواته لتدمير يقين الصورة في النص. الهدم هنا يأخذ قداسته بجدارة، فالهدم شكل من الإبداع، يتطلب موهبة، والذي لا يحسن الهدم لا يحسن البناء.
* (ليس ما يجعل الصباح ندياً هذا اليوم
غير ذلك الانبجاس الخفي لهياج الروح)
* (أيها الدم الأول
أعرف أنك دمي قبل أن يتشكل
هذا المسخ)
هاهو يحلم انه (قائد أوركسترا في جزر تشتعل فيها النيران) وأدوات التدمير التي يتسلح بها الحلم ليس لها إلا أن تكون غربية ومفاجئة. فالصورة لا تمتثل لمنطق الصورة الشعرية التي يتداولها الشعر العربي الحديث. وليس في برنامج النص الجديد احتفاء بمنجزات القصيدة العربية الحديثة. لحظة الهذيان هي التي تبتكر النص، التمرغ في حريات المخيلة وجمالاتها هو الفعل الفني الذي يسعف النص ويمنحه (لؤلؤة أو امرأة أو فكرة). وما على (العقل) إلا أن يسمع الكلام.
النص الشعري غالباً ما يتجسد لنا ونحن نحاوره كما لو أنه سفر دائم بين الحلم والكابوس. وربما كان هذا الشكل من السفر اختزال رمزي لتجربة واقعية لم يزل الشاعر بين براثنها، حيث (الراحل في خريطة الوجع والرأس).
- 3 -
ومقاربة مع الكتب السابقة، يستطيع (رأس المسافر) أن ينقلنا بلغته الزاخرة إلى السيطرة التي استطاع سيف الرحبي أن يحققها على أدواته، وربما جاز لنا أن نكتشف الوشائج المتبلورة التي تشد تجربة اللغة الشعرية في هذه المجموعة. بلغة (نورسة الجنون) دون أن يكون (لأجراس القطيعة) سطوة على هذا التطور، أو هكذا شعرت وأنا أعيد قراءة المجموعات أكثر من مرة، مقارناً بين بناء الصورة، واللغة وطاقاتها. هنا وهناك، يبدو لي أن (أجراس القطيعة) سوف يظل مناخاً لغوياً محدوداً، لم يتصل باحتمالات التطور في (نورسة الجنون) ولم يؤسس برزخاً لتجربة (رأس السافر) ولعل تأملاً نقدياً متخصصاً سوف يسعف هذا الانطباع ويكشف لنا مقاربات جديدة.
* سلطة التقليد الحديث:
في سياق التجربة الشعرية التي برزت في حداثة السنوات العشرين الأخيرة، سوف يبدو سيف الرحبي صوتاً حمل قدراً منسجماً من الجرأة مع جرأته الفكرية تلك الجرأة مع جرأته الفكرية تلك الجرأة التي رشحته للاتصال المباشر بعناصر اللغة الشعرية الجديدة. وربما يمكن القول أنه الوحيد - من بيننا - الذي نجا بتجربته من سلطة التقليد الحديث، التي تمثلت في الوزن، التفعيلة، والتي عرضت بعض التجارب لمعاناة التأرجح بين الوزن والنثر في النص الواحد، حبنا بوعي. رغبة في استغلال أقصى طاقات التفعيلة في تجارب جديدة، وحيناً آخر بغير إدراك ظناً أن هذا الشرط هو الذي يرشح القصيدة لأن تكون الأساسية الأخرى.
ملغياً (أو دون اكتشاف) الشروط الشعرية الأساسية الأخرى.
سيف الرحبي بدأ منذ الوهلة الأولى يكتب القصيدة الجديدة. جديدة، ليس زمنياً، لكن رؤيوياً، هذا هو ما يناسبها، حيث استمرار الجدة تنبع من النص وليس من الرزنامة. ينبغي أن نسمي الأشياء بأسمائها. لم يعد إطلاق (قصيدة النثر) مناسباً فهذا الالتباس يحمل خللا لا يجوز السكوت عليه. الشعر فقط. هذا ما يجب الاحتفاء به. وعن (قصيدة النثر) وملابساتها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كقطيع كباشٍ بيضاء فاجأها الهياج نص سيف الرحبى

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» يتيمة الدهر,قصائد وشعر سيف الرحبى,ديوان سيف الرحبى pdf
» شعر وقصائد سيف الرحبى ,ديوان سيف الرحبى dvd
» اجعل حياتك وردة بيضاء ....
» تحميل مسلسل الدنيا وردة بيضاء كامل
» ليل المقاهى والجرائم والقطارات نص جديد لسيف الرحبى

صفحة 1 من اصل 1
نوسا البحر :: فوضى الحواس(منتديات ثقافيه) :: مرتفعات أو سوناتا الكلام

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا