كيف سيرد الفلسطينيون على تشكل محور عربي ـ إسرائيلي؟
بدأت «فتح» و«حماس» الحركتان الكبريان الفلسطينيتان، جلسات للمصالحة وإنهاء الانقسام، وتطبيق توصيات لقاء الأمناء العامين الذي انعقد مؤخرا في بيروت، وتفعيل «القيادة المشتركة» الناشئة، ودعم التوجه الفلسطيني نحو إجراء انتخابات تفرز شرعيّة جديدة قادرة على بلورة برنامج فلسطيني جديد. هذه الاجتماعات هي رد سياسي طبيعي على التحدّيات التي تواجه الشعب الفلسطيني بعد الاندفاعة الأمريكية ـ الإسرائيلية التي أسفرت عن إعلان اتفاقيتي تطبيع مع الإمارات والبحرين، لكن اللافت فيها انعقادها برعاية تركية في إسطنبول، فيما كان «ملف المصالحة» سابقا، تحت الإشراف المباشر لأجهزة الأمن المصرية، فهل يمكن اعتبار هذه الاجتماعات نقلة جيوبوليتيكية باتجاه إعادة موضعة المسألة الفلسطينية ضمن محور يجابه، أو يوازن، الانبطاحة الإماراتية ـ البحرينية، أم أن الخطوة هي حركة تكتيكية فحسب؟ قامت القيادة الفلسطينية أول أمس بإعلان تخلّيها عن رئاسة الجامعة العربية تعبيرا عن استيائها من رفض «الجامعة العربية» إدانة عملية التطبيع العربية الجارية، لكنها حافظت على مقعدها في الجامعة العربية، ويعبّر هذا القرار الأخير عن إدراك الفلسطينيين لضرورة التأكيد على مواقفهم المبدئية ولكن من دون التخلّي عما هو حقّ مكتسب لهم ضمن الجامعة العربية أو في المؤسسات الإقليمية والدولية. يلقي الإجراء الأخير ضوءا على وعي النخب الفلسطينية أنها غير قادرة على التخلّي عن المنظومة العربية برمّتها، أو الانفكاك عنها، لكنّها، في الوقت نفسه، لا يمكن أن تقبل بخسارة ما راكمته نضالات الفلسطينيين عبر عشرات السنوات، لأن بعض السلطات العربية قرّرت الحصول على طائرات إف 35 أو استقبال سيّاح إسرائيليين، أو مساعدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الفوز في الانتخابات المقبلة. لا يمكن، ضمن هذا السياق، اعتبار الاجتماعات التي ترعاها تركيا تخلّيا عن الدور المصريّ، فالأتراك أنفسهم، يبادرون أحيانا لمحاولة كسر حدة العداوة مع القاهرة (كما حصل في تصريحات ياسين أقطاي مؤخرا) رغم الخصومة العالية التي زرعها انقلاب عبد الفتاح السيسي على الرئيس محمد مرسي والمذابح التي جرت لمناصري جماعة «الإخوان المسلمين» في ميداني رابعة و«النهضة» (والانقلابات العسكرية هي جرح تركيّ مفتوح). وإذا كان لا يمكن اعتبار هذه الاجتماعات انخراطا فلسطينيا في المحور التركيّ ـ القطريّ، فإن دلالاتها، مع ذلك، لا يجب أن تخفى على الرؤوس الحامية العاملة على تشكيل محور عربي ـ إسرائيلي تحت دعاوى التصدّي لتركيا وإيران، لأن هذه المزاعم تتجاهل أن هذا المحور البائس يتمّ توجيهه بضراوة ضد الفلسطينيين بالدرجة الأولى، فنتائج هذا التطبيع لم تنعكس على طهران وأنقرة بقدر ما انعكست بسرعة على انفلات الهمجية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، في الوقت الذي تتحدث سلطات أبو ظبي والمنامة عن التسامح والسلام!
hassanbalam يعجبه هذا الموضوع
كيف سيرد الفلسطينيون على تشكل محور عربي ـ إسرائيلي؟