آخر المساهمات
2024-11-06, 9:59 pm
2024-10-12, 12:21 am
2024-10-12, 12:19 am
2024-10-12, 12:14 am
2024-10-12, 12:14 am
2024-10-12, 12:13 am
2024-09-21, 5:25 pm
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

شرح كامل لكان وأخواتها وظنّ وأخواتها

hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11575
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : شرح كامل لكان وأخواتها وظنّ وأخواتها 15781612
شرح كامل لكان وأخواتها وظنّ وأخواتها Icon_minitime 2020-08-14, 2:13 pm
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

شرح كان وأخواتها [1]


المبحث الأول: عمَل (كان) وأخواتها:

سبَق لنا أن ذكرنا أن كلًّا من المبتدأ والخبر من مرفوعات الأسماء، ولكن قد تدخل (كان) أو إحدى أخواتها على جملة المبتدأ والخبر، فترفع المبتدأ تشبيهًا له بالفاعل ويسمى: اسمها، وتنصب الخبر تشبيهًا له بالمفعول به ويسمى: خبرها[2].



فإذا قلت على سبيل المثال: زيد قائم، فكلٌّ مِن المبتدأ (زيد)، والخبر (قائم) مرفوع؛ لأنه لم يدخل عليهما عامل لفظي، فإذا أدخلت العامل اللفظي (كان) تقول: كان زيدٌ قائمًا، فتنصب الخبر (قائمًا)، وتُبقِي المبتدأ (زيد) على رفعه[3].



وعند إعراب هذه الجملة تقول:

كان: فعل ماضٍ ناسخ[4]، يرفع المبتدأ، ويسمى اسمه، وينصب الخبر، ويسمى خبره، وهو مبني على الفتح؛ لعدم اتصاله بضمير رفع متحرك[5]، ولا واو جماعة.



زيد: اسم (كان) مرفوع بها[6]، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة في آخره.

قائمًا: خبر (كان) منصوب بها، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره.



ولو قال قائل: كان زيدًا قائم، أو قال: كان زيدًا قائمًا، أو قال: كان زيدٌ قائمٌ؛ لكان مخطئًا؛ لأن (كان) - كما تقدم - ترفع المبتدأ وتنصب الخبر[7].



وفي عمل (كان) الرفع في المبتدأ، والنصب في الخبر، يقول ابن مالك رحمه الله في ألفيته:

تَرْفَعُ (كان) المُبْتَدَا اسْمًا والخبَرْ ♦♦♦ تَنْصِبُهُ ككانَ سيِّدًا عُمَرْ



فـ(كان): فعلٌ ماضٍ، و(سيدًا): خبرها مقدَّم، و(عمر): اسمها مؤخر، وسُكِّن لأجل الوزن والقافية.



ومما ذُكر مِن عمل (كان) وأخواتها، تعلم لماذا سُميت أفعالًا ناسخة[8]، فهي قد غَيَّرَتْ ونَسَخَتْ اسم كل من المبتدأ والخبر، فبعد أن كان المبتدأ يُسمى مبتدأ، أصبح اسمه اسم (كان)، وبعد أن كان الخبر يُسمى خبر المبتدأ تغيَّر اسمه إلى خبر (كان).



كما أنها قد غيَّرت أيضًا إعرابهما، فبعد أن كان المبتدأ مرفوعًا بالابتداء - وهو عامل معنوي - أصبح مرفوعًا بـ(كان) أو إحدى أخوتها، وهي عامل لفظي، وبعد أن كان الخبر مرفوعًا بالمبتدأ أصبح منصوبًا بـ(كان)، أو إحدى أخواتها.



المبحث الثاني: ذكر (كان) وأخواتها، مع ضرب الأمثلة على رفعها المبتدأ ونصبها الخبر:

ذكر ابن آجروم رحمه الله في آجروميته أن (كان) وأخواتها ثلاثة عشر فعلًا؛ هي:

1- كان.

2- أمسى.

3- أصبح.

4- أضحى.

5- ظل.

6- بات.

7- صار.

8- ليس.

9- ما زال.

10- ما انفك.

11- ما برح.

12- ما فتئ.

13- ما دام.



فهذه ثلاثة عشر فعلًا، كلها يعمل عملًا واحدًا، هو رفعُ المبتدأ، ويسمى اسمًا لها، ونصب الخبر ويسمى خبرًا لها، وذاك أمثلة على عمل هذه الأفعال هذا العمل:

1- مثال الفعل (كان) قوله تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ * كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ ﴾ [البقرة: 212، 213][9].



2- ومثال الفعل (أمسى): أمسى الجو باردًا[10].



3- ومثال الفعل (أصبح) قوله تعالى: ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا ﴾ [القصص: 10][11].



4- ومثال الفعل (أضحى): قول الشاعر:

أضحى التنائي بديلًا عن تدانينا ♦♦♦ وناب عن طيبِ لقيانا تجافينا[12]



5- ومثال الفعل (ظل) قوله تعالى: ﴿ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا ﴾ [النحل: 58][13].



6- ومثال الفعل (بات) قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾ [الفرقان: 64][14].



7- ومثال الفعل (صار): قولُ النبي صلى الله عليه وسلم في أهل النار: ((حتى إذا صاروا فحمًا))[15].



8- ومثال الفعل (ليس) قوله تعالى: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ﴾ [الرعد: 43][16].



وأمَّا الأفعال الأربعة: (زال، وانفك، وفتئ، وبرح)، فإن النُّحاة يسمونها أفعال الاستمرار؛ لأنها تدل على دوام اتصاف اسمها بمعنى خبرها؛ إما:

اتصافًا مستمرًّا لا ينقطع؛ نحو: ما زال الله غفورًا رحيمًا، وما برحت قوته باهرة، وما فتئ حلمُه سابقًا غضبه، وما انفك قرآنه معجزًا.



أو مستمرًّا إلى وقت الكلام[17]، ثم ينقطع بعده بوقت طويل أو قصير، بحسب المعنى؛ نحو: ما زال المجاهد واقفًا، وما برحت عينُه يقِظةً، وما فتئ سلاحُه مشرعًا، وما انفك استعداده تامًّا لمواجهة الكفار[18].



وأما الفعل الثالث عشر من أخوات (كان)، فهو الفعل: ما دام، وهو يفيد دوام توقيت ثبوت الخبر للمبتدأ بمدة[19]؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾ [مريم: 31]؛ أي: مدة دوامي حيًّا.



فائدة: تقدم بنا أن ذَكَرْنا أن (كان) وأخواتها كلها أفعال اتفاقًا إلا (ليس)، فهي على الخلاف بين النحاة:

فذهب جمهور النحاة إلى أنها فعل ماضٍ.

بينما ذهب جماعة آخرون من النحاة - منهم ابن السراج، وأبو علي الفارسي - إلى أنها حرف.



والراجح من هذين القولين هو - بلا شك - مذهب الجمهور، أن (ليس) فعل ماضٍ؛ وذلك لقَبولها:

1- تاء التأنيث الساكنة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ ﴾ [البقرة: 113]، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما بالُ أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؟!)).



2- وتاء الفاعل؛ كما في قوله تعالى: ﴿ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ﴾ [الأنعام: 66]، وقوله عز وجل: ﴿ لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 159]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ﴾ [الأحزاب: 32]، وقوله سبحانه: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ ﴾ [المائدة: 68][20].



المبحث الثالث: شروط عمل (كان) وأخواتها الرفع في المبتدأ، والنصب في الخبر:

تنقسم (كان) وأخواتها بحسب شروط عملها الرفع في المبتدأ، والنصب في الخبر، إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ما يرفع المبتدأ، وينصب الخبر، بلا شرط، وهو الأفعال الثمانية الأولى، وهي:

1- كان.

2- أمسى.

3- ظل.

4- أصبح.

5- أضحى.

6- بات.

7- صار.

8- ليس.

وقد تقدَّمت الأمثلة على هذه الأفعال الثمانية، وعلى عملها في المبتدأ الرفع، وفي الخبر النصب.



القسم الثاني: ما يرفع المبتدأ، وينصب الخبر، بشرط أن يتقدم عليه نفي، أو شبه نفي[21]، وهو الأفعال: برح، فتئ، زال، انفك.

القسم الثالث: ما يرفع المبتدأ، وينصب الخبر، بشرط أن يتقدم عليه (ما) المصدرية الظرفية أو الوقتية، وهو الفعل (دام).



أولًا: ما يرفع المبتدأ وينصب الخبر، بشرط أن يتقدم عليه: نفي، أو شبه نفي، وهو يشمل النهي والدعاء([22])، وهو - كما تقدم - الأفعال الأربعة: برح، فتئ، زال، انفك([23]).



وذاكم أمثلة على شرطية تقدم النفي وشبهه على هذه الأفعال الأربعة، لعمَلها الرفع في المبتدأ، والنصف في الخبر:

مثال تقدم النفي عليها قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ [هود: 118]، وقوله سبحانه: ﴿ قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ ﴾ [طه: 91][24].



ومثال تقدم شبه النفي: شبه النفي - كما أشرنا - إما أن يكون:

نهيًا، ومثال تقدمه على الفعل (يزال) قول الشاعر:

صاح شمِّر ولا تزل ذاكر المو ♦♦♦ تِ فنسيانه ضلال مبينُ[25]

أو دعاء، ومثال تقدم الدعاء على فعل من هذه الأفعال الأربعة: لا انفكَّ بيتكم عامرًا بطاعة الله - وما زلت بخير - لا يبرح الله محسنًا إليك[26].



ثانيًا: مما يُشترط فيه شروط حتى يرفع المبتدأ، وينصب الخبر: الفعل (دام):

ذكر النُّحاة أن الفعل (دام) حتى يرفع المبتدأ اسمًا له، وينصب الخبر خبرًا له - لا بد أن يتقدم عليه (ما) المصدرية الظرفية([27])، والمقصود بـ(ما) المصدرية الظرفية؛ أي: التي تؤول وتسبك مع الفعل بعدها بمصدر وظرف معًا[28].



فعلى سبيل المثال: قول الله تعالى: ﴿ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾ [مريم: 31]، نقول: إن (ما) في هذه الآية مصدرية ظرفية؛ لأنها تؤول مع الفعل (دام) بمصدر وظرف معًا؛ إذ التقدير: مدة دوامي حيًّا، فالمصدر هو (دوامي)، والظرف هو (مدة).



المبحث الرابع: أقسام (كان) وأخواتها من جهة التصرُّف وعدمه[29]:

اعلم - رحمك الله - أن (كان) وأخواتها تنقسِمُ من جهة التصرف وعدمه إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ما يتصرف في الفعلية تصرفًا مطلقًا؛ بمعنى: أنه يأتي منه: الماضي، والمضارع، والأمر، وهو سبعة أفعال؛ هي: (كان، ظل، أمسى، بات، أصبح، صار، أضحى).



ومن أمثلة عمل الفعل (كان):

ماضيًا قول الله تعالى: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 96].

ومضارعًا قول الله عز وجل: ﴿ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 193].

وأمرًا قول الله سبحانه: ﴿ قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا ﴾ [الإسراء: 50].



والقسم الثاني: ما يتصرف في الفعلية تصرفًا ناقصًا؛ بمعنى: أنه يأتي منه الماضي والمضارع، ليس غير[30]، وهو أربعة أفعال؛ هي: (زال، فتئ، انفكَّ، برح).

ومِن أمثلة عمل الفعل (زال):

ماضيًا قول الله تعالى: ﴿ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ ﴾ [الأنبياء: 15].

ومضارعًا قول الله عز وجل: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ [هود: 118].



والقسم الثالث: ما لا يتصرف أصلًا بحال، وإنما يأتي ماضيًا فقط[31]، وهو يشمل الفعلين:

1- (ليس)، وهذا بالاتفاق، فـ(ليس) فعل ماضٍ، ولا يأتي منه مضارع ولا أمر، ومثال عمله عمل (كان) قوله سبحانه: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ﴾ [الرعد: 43][32].



2- (دام) على الأصح، وهو قول الجمهور، فـ(دام) فعل ماضٍ، ولا يأتي منه مضارع ولا أمر، ومثال عمله عمل (كان) قوله سبحانه: ﴿ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾ [مريم: 31].



المبحث الخامس: أنواع اسم (كان) وأخواتها:

اعلم - رحمك الله - أن كل ما تقدم من أحكام الفاعل وأقسامه يعطى لاسم (كان) وأخواتها؛ لأن له حكمَه[33].



وبِناءً على ذلك نقول: إن اسم (كان) وأخواتها قد يكون:

اسمًا ظاهرًا: سواء كان مفردًا، أم مثنى، أم جمعًا، وسواء كان مذكرًا، أم مؤنثًا.

ومن أمثلة وقوع اسم (كان) اسمًا ظاهرًا من كتاب الله تعالى قوله سبحانه: ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ [البقرة: 213]، وقوله عز وجل: ﴿ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا ﴾ [مريم: 5]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الأنبياء: 99].



وقد يكون مضمرًا[34]، واسم (كان) وأخواتها المضمر إما أن يكون:

ضميرًا مستترًا[35]، ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ﴾ [الإسراء: 3]، وقوله عز وجل: ﴿ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ﴾ [النساء: 11]، وقوله سبحانه: ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ﴾ [يوسف: 85]، وقوله تبارك وتعالى: {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} [القصص: 17]، وقوله عز وجل: ﴿ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ﴾ [طه: 65][36].



وإما أن يكون ضميرًا متصلًا من الضمائر الستة التي تكون في محل رفع[37]؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ [هود: 118]، وقوله عز وجل: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ﴾ [المائدة: 68]، وقوله عز وجل: ﴿ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ ﴾ [النساء: 176][38].



فائدة: يستفاد مِن ذكر أقسام كلٍّ من الفاعل ونائب الفاعل، واسم (كان) وأخواتها المضمر، وأنه قد يكون ضميرًا متصلًا من الضمائر المتصلة الستة التي ذكرناها في الصفحة الماضية - أن هذه الضمائر المتصلة الستة قد ترفع على أنها:

1- فاعل، وذلك إذا بُني الفعل المتصل به ضمير من هذه الضمائر الستة للمعلوم؛ نحو قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]، فالضمير المتصل (نا) الفاعلين في الفعلين: (نسينا أو أخطأنا)[39] هو في محلِّ رفع فاعل.



2- أو على أنها نائب فاعل، وذلك إذا بني الفعل المتصل به ضمير من هذه الضمائر الستة لما لم يسم فاعله؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾ [مريم: 33]، فقد اتصل الفعلُ (وُلِدت) بالضمير تاء الفاعل، وهو مبني لِما لم يُسمَّ فاعله، ولذلك يعرب هذا الضمير في محل رفع، نائب فاعل.



3- أو على أنها اسم لـ(كان) أو إحدى أخواتها، وذلك إذا اتصل ضمير من هذه الضمائر الستة بفعل من الأفعال (كان) وأخواتها؛ نحو قوله تعالى: ﴿ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾ [آل عمران: 103]، فقد اتصل الفعلُ (أصبح)[40] بالضمير المتصل تاء (الفاعل)، ولذلك كان هذا الضمير في محل رفع، اسم (أصبح).




المبحث السادس: أنواع خبر (كان) وأخواتها:

اعلم - رحمك الله - أن كلَّ ما سبق لخبرِ المبتدأ من الأحكام والأقسام يُعطَى لخبر (كان) وأخواتها؛ لأن له حكمَه، غير أنه يجب نصبه؛ لأنه شبيهٌ بالمفعول به.



وبِناءً على ذلك، فإن خبر (كان) وأخواتها ينقسم إلى نفس القسمين اللذينِ كان ينقسم إليهما خبر المبتدأ، فقد يكون خبر (كان) وأخواتها:

مفردًا[41]؛ نحو الكلمتين: (أمة، قوامين) في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً ﴾ [النحل: 120]، وقوله عز وجل: ﴿ كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ﴾ [النساء: 135].



وغير مفرد، وهو ينقسم إلى:

جملة، وهي قد تكون:

جملة اسمية؛ نحو: صارت الحديقة أشجارها طويلة[42].

وقد تكون جملة فعلية؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ [البقرة: 33][43].



وشبه جملة، وهو يشمل:

الجار والمجرور؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 193][44].



والظرف، وهو قد يكون:

ظرف زمان؛ نحو: أصبح السفرُ يوم الخميس[45].

أو ظرف مكان؛ نحو قوله تعالى: ﴿ لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا ﴾ [آل عمران: 156][46].



وبهذا ينتهي الحديثُ عن المبحثِ السادس والأخير مِن مباحث (كان) وأخواتها، وتلك هي بعض الفوائد التي تتعلق بهذا المبحث:

الفائدة الأولى: ينتبه إلى أن خبر (كان) وأخواتها المفرد يكون منصوبًا بعلامة النصب:

الأصلية؛ نحو الخبر (غفورًا) في قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 96]، فكلمة (غفورًا) في هذه الآية منصوبة بالفتحة، وهي - كما هو معلوم - العلامة الأصلية للنصب.



والفرعية؛ نحو الخبر (مختلفين) في قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ [هود: 118]، فإن (مختلفين) خبر الفعل (يزال) الذي هو من أخوات (كان)، وهو منصوب بعلامة فرعية هي الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم.



الفائدة الثانية: يشترط في خبر (كان) وأخواتها أن يطابق اسمها في:

1- النوع (التذكير والتأنيث)؛ نحو قوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا ﴾ [آل عمران: 67].

2- وفي العدد (الإفراد والتثنية والجمع)([47])؛ نحو قوله عز وجل: ﴿ وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ ﴾ [الحجر: 78].



الفائدة الثالثة: إذا وقع بعد (كان) وأخواتها مباشرة جارٌّ ومجرور، أو ظرف[48]، كان ما بعد المخفوض (الاسم المجرور بعد حرف الجر، والمضاف إليه بعد الظرف) مرفوعًا، اسمًا مؤخرًا لـ(كان) وأخواتها، وكان الجار والمجرور والظرف في محل نصب خبرًا مقدمًا لها؛ كقولك: كان في الدار زيد - كان عندك عمرو، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ ﴾ [النمل: 48]، وقوله سبحانه: ﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ ﴾ [النور: 61]، وقوله سبحانه: ﴿ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا ﴾ [الكهف: 82].



الفائدة الرابعة: قولنا: ظل المطر ينزلُ، هو برفع الفعل المضارع (ينزل)؛ لأنه لم يسبقه ناصب أو جازم؛ ولكن ومع رفع هذا الفعل نقول في الجملة الفعلية المكوَّنة منه، ومن فاعله الضمير المستتر (هو): إنها في محل نصب خبر (ظل)؛ لأن خبر (كان) وأخواتها - على ما بيَّناه - من منصوبات الأسماء.

وبهذا ينتهي باب (كان) وأخواتها، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.


[1] هذا هو بداية ذِكْر تفصيل القول في العوامل اللفظية الداخلة على المبتدأ والخبر، والتي سبق ذكرها إجمالًا.

وقول ابن آجروم: وأخواتها؛ يعني به - كما تقدَّم - نظائرها في العمل، فعلماء النحوِ يُطلقون لفظ أخوات العامل على العوامل التي تعمل عمله، وعليه فقد سُمِّيت الأفعال الآتي ذكرها بعد قليل - إن شاء الله - أخوات (كان)؛ لأنها تعمل عمل (كان) مِن رفع الاسم ونصب الخبر، ولقد كثُر ذِكْرُ (كان) وأخواتها في القرآن حتى بلغتْ قرابة خمسمائة وألف موضع.

[2] ولذلك كانت (كان) وأخواتها تعمل في جزأَيِ الجملة كليهما (المبتدأ والخبر).

[3] ومثال ذلك في كتاب الله: قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 218]، برفع لفظ الجلالة على الابتداء، ورفع (غفور) على الخبرية، فلما دخلَتْ (كان) على هذه الجملة الاسمية، كما في قوله سبحانه: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 96]، أصبحَتْ كلمة (غفور) منصوبةً، على أنها خبر (كان)؛ لأن (كان) - كما هو معلوم - تنصب خبرها.

تنبيه: (كان) هنا ليستْ للماضي فقط، بل هي للاستمرار؛ لأن الفعل (كان) إذا أضيف إلى الله تعالى تجرَّد من الزمان، وصار معناه الدوام.

[4] سبق ذكر السبب في كون العوامل الداخلة على جملة المبتدأ والخبر - ومنها (كان) وأخواتها - تسمى نواسخ، وسيأتي إشارة لذلك أيضًا إن شاء الله تعالى.

[5] ضمائر الرفع المتحركة - كما تقدم مرارًا - ثلاثة؛ وهي: تاء الفاعل بأشكالها الستة، ونون النسوة، ونا الفاعلين، وسميتْ ضمائر الرفع؛ لأنها دائمًا تكون في محل رفع، وسميت المتحركة؛ لأنها إما أن تُبنَى على الفتح؛ كنونِ النسوة ونا الفاعلين، وإما أن تبنَى على الضم أو الفتح أو الكسر - حسب المخاطب الذي تدل عليه - وهو الضمير تاء الفاعل بأشكاله الستة.

[6] ولا نقول: مرفوع بالابتداء - كما كنا نقول قبل دخول (كان) - لأن الذي عمِل الرفعَ الآن هو (كان)، فأصبح عامل الرفع لفظيًّا بعد أن كان معنويًّا.

[7] وكذا تقول: كان أخوك قائمًا، ولا يصح أن تقول: كان أخاك قائمًا، أو: كان أخوك قائم، أو: كان أخاك قائم، وكذلك تقول: كان المسلمون أتقياء، ولا يصح أن تقول: كان المسلمين أتقياء، أو: كان المسلمون أتقياءُ، أو: كان المسلمين أتقياءُ.

[8] كما أن (كان) وأخواتها كذلك تسمى أفعالًا ناقصة؛ وذلك لأنها لا تكتفي بمرفوعها، وتطلب منصوبًا، وهو خبرها.

[9] ففي هذه الآية المباركة عملت (كان) الرفع في المبتدأ (الناس)، وسمي اسمًا لها، والنصب في الخبر (أمة)، وسمي خبرًا لها.

[10] ففي هذا المثال: عمل الفعل (أمسى) الذي هو من أخوات (كان) الرفع في المبتدأ (الجو)، وسمي اسمًا له، وعمل النصب في الخبر الذي هو (باردًا)، وسمى خبرًا له.

[11] ففي هذه الآية: عمل الفعل (أصبح) الرفع في المبتدأ (فؤاد)، وسمي اسمًا له، والنصب في الخبر (فارغًا)، وسمي خبرًا له.

[12] ففي هذا البيت من الشعر رفع الفعل (أضحى) المبتدأ (التنائي)، وعلامة رفعه الضمة المقدرة، منع من ظهورها الثقل، وسمي اسمًا له، ونصب الخبر (بديلًا)، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره، وسمي خبرًا له.

[13] وهذا بخلاف الفعل (ضل) بالضاد، الذي هو من الضلال، فإن مرفوعه لا يسمى مبتدأ، وإنما يسمى فاعلًا، وكذلك منصوبه لا يسمى خبرًا، وإنما يسمى مفعولًا به، كسائر الأفعال الأخرى، سوى (كان) وأخواتها.

تقول على سبيل المثال: ضل الرجل سبيل الحق، برفع كلمة (الرجل) على الفاعلية، لا على أنها اسم (ضل)، ونصب كلمة (سبيل) على المفعولية، لا على أنها خبر (ضل).

[14] وإعراب هذه الآية هكذا:

يبيتون: فعل مضارع ناسخ، يرفع المبتدأ، ويسمى اسمه، وينصب الخبر، ويسمى خبره، وهو مرفوع لتجرُّده من الناصب والجازم، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وواو الجماعة ضمير مبني على السكون، في محل رفع، اسم (يبيت).

سجدًا: خبر (يبيت) منصوب بها، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره.

[15] وإعراب هذا الحديث هكذا:

صاروا: فعلٌ ماضٍ ناسخ، يرفع المبتدأ ويسمى اسمه، وينصب الخبر ويسمى خبره، وهو مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، وواو الجماعة ضمير مبني على السكون، في محل رفع، اسم (صار).

فحمًا: خبر (صار) منصوب بها، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره.

[16] وإعراب قوله سبحانه: (لست مرسلًا) هكذا.

لست: (ليس): فعلٌ ماضٍ ناسخ، يرفع المبتدأ، ويسمى اسمًا له، وينصب الخبر، ويسمى خبرًا له، وهو مبني على السكون؛ لاتصاله بتاء الفاعل، وتاء الفاعل ضمير مبني على الفتح، في محل رفع، اسم (ليس).

مرسلًا: خبر (ليس) منصوب بها، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره.

ولمزيد من التدريب على الإعراب في باب (كان) وأخواتها، وغيره من أبواب الآجرومية: انظر كتابنا: (س، ج على شرح الآجرومية)؛ فإنه مملوء بالأمثلة الإعرابية التي قد تصل إلى سبعمائة مثال إعرابي، والله يمن عليك بالفَهم.

[17] وسبب دلالة هذه الأفعال على الاستمرار: أنها بمعنى النفي، فإذا دخل عليها النفي صار معناها نفي النفي، ونفي النفي استمرار الثبوت.

[18] فهذه ثمانية أمثلة عملت فيها الأفعال: (زال، برح، فتئ، انفك) الرفع في المبتدأ، ويسمى اسمها، والنصب في الخبر، ويسمى خبرها، واسمها الذي رفعته في هذه الأمثلة الثمانية هو على الترتيب: الله - قوته - حلمه - قرآنه - المجاهد - عينه - سلاحه - استعداده.

وخبرها الذي نصبته في هذه الأمثلة الثمانية هو على الترتيب:

غفورًا - باهرة - سابقًا - معجزًا - واقفًا - يقظة - مشرعًا - تامًّا.

ويلاحظ أن هذه الأفعال الأربعة في كل هذه الأمثلة الثمانية المذكورة كان لها معنى واحد، هو معنى (لا يزال)، ومن هنا تعلم لماذا جمعتها كلها في سياق واحد.

[19] فهي تفيد استمرار المعنى الذي قبلها مدة محدودة، هي مدة ثبوت معنى خبرها لاسمها، فعلى سبيل المثال قولك: لا أصحبك ما دمت منحرفًا - نفي الصحبة هنا يدوم بدوام وقت معين محدود، هو مدة الانحراف.

[20] فقد قبلت (ليس) في هذه الآيات المباركات المذكورات، إما تاء التأنيث الساكنة، وذلك في الآية الأولى والحديث، وإما تاء الفاعل؛ كما في باقي الآيات، وقد تقدم بنا أن ذكرنا أن هاتين التاءين هما من العلامات الخاصة بالفعل الماضي، وأنهما إذا اتصلتا بكلمة، فهي فعل ماضٍ، وبذلك يتبين لنا جليًّا أن (ليس) فعلٌ ماضٍ، وليست حرفًا، كما ادعى ذلك أبو علي الفارسي وابن السراج رحمهما الله.

[21] سيأتي في الصفحة القادمة إن شاء الله تعالى بيان معنى (شبه النفي).

[22] وإنما قام النهي مقام النفي؛ لأن المطلوب به ترك الفعل، وتركه نفي، وإنما كان الدعاء شبيهًا بالنفي؛ لأن دعاءك بحصولِ الشيء دليلٌ على أنه غير حاصل في وقت الدعاء، وهذا معنى النفي.

[23] قال ابن مالك رحمه الله في ألفيته، في بيان اشتراط تقدم النفي وشبهه على هذه الأفعال الأربعة لكي تعمل عمل (كان):

............... وهذى الأربعه ♦♦♦ لشبه نفي أو لنفي متبعه

[24] ففي هاتين الآيتين عمل الفعلان: (يزالون، ونبرح) عمل (كان)، فرفعا المبتدأ اسمًا لهما - وهو على الترتيب: واو الجماعة في (يزالون)، والضمير المستتر (نحن) في (نبرح) - ونصبا الخبر خبرًا لهما، وهو على الترتيب: (مختلفين، عاكفين)، وإنما عمِلَا هذا العمل؛ لتوفر شرط تقدم نفي عليهما، وهو هنا: حرفا النفي: (لا، ولن).

[25] فالفعل (تزل) في هذا البيت قد رفع المبتدأ، وهو الضمير المستتر فيه، الذي تقديره (أنت)، ونصب الخبر، وهو قوله: (ذاكر)، وإنما علم الفعل (تزل) هذا العمل؛ لتقدم أداة النهي (لا) عليه.

[26] فهذه الجمل الثلاث المقصود بها الدعاء، وقد عملت الأفعال: (انفك، وزلت، ويبرح) الرفع في المبتدأ، وهو على الترتيب: (بيتكم - تاء الفاعل - الله)، والنصب في الخبر، وهو على الترتيب: (عامرًا - الجار والمجرور - محسنًا)، والسبب في عمل هذه الأفعال هذا العمل هو أنها قد تقدَّم عليها حرف الدعاء (لا)، ولينتبه إلى أن هذه الأمثلة الثلاثة كلها بدأت بحرف (لا)، ولا يكون الدعاء إلا به، وعند إعرابه تقول فيه: حرف دعاء مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، ولينتبه كذلك إلى أنه متى خلَت هذه الأفعال الأربعة عن نفي، أو نهي، أو دعاء؛ فإنها لا تعمل العمل المذكور.

[27] فإن لم تتقدم عليه لم يعمل هذا العمل، وإنما يكون مرفوعه فاعلًا، كغيره من الأفعال، تقول: دام المطر، برفع (المطر) على أنها فاعل للفعل (دام)، لا اسم له؛ لأنه لم يتقدم عليه (ما) المصدرية الظرفية، فإذا أردت جعلها من أخوات (كان) فأدخِل عليها (ما) المصدرية الظرفية، فتقول: لا أخرج من البيت ما دام المطر نازلًا، برفع (المطر) على أنه اسم (دام)، ونصب (نازلًا) على أنه خبرها، وإنما عملت (دام) هنا عمل (كان)؛ لأنها قد تقدم عليها (ما) المصدرية الظرفية، كما هو واضح.

[28] فـ(ما) هذه تسمى مصدرية؛ لأنها تؤول مع الفعل (دام) بمصدر، هو (دوام)، وتسمى ظرفية؛ لأنها تقدر بمدة؛ فهي نائبة عن الظرف المحذوف، الذي هو المدة.

[29] التصرف معناه: مجيء هذه الأفعال ماضية، ومضارعة، وأمرًا، وليُعلَم أن كل ما تصرف من هذه الأفعال - سواء كان مضارعًا أم أمرًا - فإنه يعمل عمل ماضيها، من كونه يرفع الاسم، وينصب الخبر، وسيتضح لك ذلك جليًّا من الأمثلة التي سنذكرها، إن شاء الله، وهذا هو الذي عناه ابنُ آجرُّوم بقوله في (متن الآجرومية): وما تصرَّف منها.

[30] فالفعل (كان) في هذه الآيات الثلاث على اختلاف تصاريفه: قد عمل الرفع في المبتدأ - وهو على الترتيب: (الله، الدين، واو الجماعة) - ويسمى اسمًا له.

كما أنه قد عمل النصب في الخبر، وهو على الترتيب: (غفورًا، لله، حجارة)، ويسمى خبرًا له.

[31] فلا يأتي منه المضارع، ولا الأمر.

[32] فـ(ليس)؛ فعل ماضٍ، وقد رفع المبتدأ (تاء الفاعل) اسمًا له، ونصب (مرسلًا) خبرًا له.

[33] وجه ذلك: أن الفاعل لا بد أن يذكر قبله فعله، وكذلك الحال في اسم (كان) وأخواتها، فإنه لا بد أن يتقدم عليه الفعل (كان) أو إحدى أخواتها، وهي كلها أفعال، كما تقدم.

ومن هنا تعلم لماذا قلنا في اسم (كان): إنه يرفع تشبيهًا له بالفاعل، فانتبه.

[34] فكما أن الفاعل كنا قد قسمناه إلى اسم ظاهر وضمير، فكذلك نقول هنا أيضًا في أقسام اسم (كان) وأخواتها.

[35] فيكون تقديره واحدًا من الضمائر المستترة الخمسة: (هو، هي، أنا، أنت، نحن)، وسيأتي التمثيل - إن شاء الله تعالى - على كل واحد من هذه الخمسة.

[36] ففي هذه الآيات المباركات المذكورات وقع اسم (كان، وتفتأ) ضميرًا مستترًا، وكان تقديرُه في الآية الأولى: (هو)، وفي الآية الثانية: (هي)، وفي الآية الثالثة كان تقديره في الأفعال: (تفتأ، تكون، تكون)؛ (أنت)، وفي الآية الرابعة كان تقديره: (أنا)، وفي الآية الخامسة كان تقديره: (نحن)، وهذا الضمير المستتر يعرب دائمًا هكذا: واسم (كان) أو إحدى أخواتها ضمير مستتر، تقديره: ..... في محل رفع.

[37] وهي - كما تقدم - تاء الفاعل بأشكالها الستة، ونا الفاعلين، ونون النسوة، وتسمى ضمائر الرفع المتحركة، وألف الاثنين أو الاثنتين، وياء المخاطبة المؤنثة، وواو الجماعة، وتسمى ضمائر الرفع الساكنة.

[38] فهذه آيات ثلاث، في الآية الأولى منها وقع اسم (يزال) ضميرًا متصلًا من الضمائر الستة، هو واو الجماعة، وفي الآية الثانية: وقع كذلك اسم (ليس) ضميرًا متصلًا من الضمائر الستة هو تاء الفاعل لجماعة المذكور، وفي الآية الثالثة: وقع أيضًا اسم (كان) ضميرًا متصلًا من الضمائر الستة، هو ألف الاثنتين، وفي كل هذه المواضع الثلاثة - وفي غيرها مما يكون اسم (كان) أو إحدى أخواتها ضميرًا متصلًا من الضمائر الستة - يُعرَب هذا الضمير في محل رفع اسمًا لهذا الفعل الناسخ.

[39] أما الضمير (نا) المتصل بالفعل المضارع (تؤاخذنا) فهو في محل نصب مفعول به، وليس في محل رفع فاعلًا؛ لأن القاعدة - كما تقدم - أن (نا) الفاعلين إذا اتصلت بالفعل المضارع أو الأمر لم تكن في محل رفع فاعلًا، وإنما تكون في محل نصب مفعولًا به دائمًا.

[40] الذي هو من أخوات (كان).

[41] والمراد بالمفرد هنا هو نفس المراد به في باب المبتدأ والخبر؛ يعني أن المراد ما ليس جملة ولا شبه جملة، حتى وإن كان مثنًى أو مجموعًا، وذلك واضح في المثال الثاني الذي سنذكره الآن، إن شاء الله تعالى.

[42] ففي هذا المثال: (الحديقة): اسم (صار)، والجملة الاسمية المكونة من المبتدأ (أشجارها)، والخبر (طويلة)، في محل نصب خبر (صار).

[43] ففي هذه الآية وقع الضمير تاء الفاعل اسمًا لـ(كان)، أما الخبر فهو الجملة الفعلية المكوَّنة من الفعل المضارع (تكتمون)، والفاعل (واو الجماعة)، والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب خبر (كان).

ومن أمثلة وقوع خبر (كان) جملةً فعلية كذلك: قول عائشة رضي الله عنها فيما رواه البخاري: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعجِبه التيمُّن في تنعُّله وترجُّله وطهوره، وفي شأنه كله).

[44] فـ(الدين) هنا هو اسم (يكون)، وأما الجار والمجرور (لله)، فهو خبر (يكون) شبه جملة، وهو في محل نصب؛ لأن خبر (كان) منصوب.

[45] فـ(السفر) اسم (أصبح)، و(يوم): ظرف زمان في محل نصب، خبر (أصبح).

[46] فاسم (كان) في هذه الآية هو الضمير (واو الجماعة)، أما خبرها، فهو ظرف المكان (عند)، وهو في محل نصب، ومن أمثلة وقوع خبر (كان) كذلك ظرف مكان، قولُه تعالى: ﴿ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ ﴾ [التحريم: 10]، ويلاحظ أنه في هذه الأمثلة الخمسة الأخيرة - يعني: فيما عدا الأمثلة على كون خبر (كان) اسمًا مفردًا - كان خبرُ (كان) وأخواتها في محل نصب؛ وذلك لأن خبرها من منصوبات الأسماء، بينما خبر المبتدأ كنا نقول فيه؛ في محل رفع؛ لأنه من مرفوعات الأسماء.

[47] وهذا هو نفس ما ذكرناه عند الحديث على خبر المبتدأ، فلينتبه إلى ذلك.

[48] سواء كان هذا الظرف ظرف زمان، أم ظرف مكان.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11575
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : شرح كامل لكان وأخواتها وظنّ وأخواتها 15781612
شرح كامل لكان وأخواتها وظنّ وأخواتها Icon_minitime 2020-08-14, 2:14 pm
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
شرح ظن وأخواتها [1]



(ظن) وأخواتها هي القسم الثالث مِن نواسخ المبتدأ والخبر، وهي كلها أفعال كـ(كان) وأخواتها، وليست أحرفًا كـ(إن) وأخواتها[2].



و(ظن) وأخواتها من النواسخ التي تدخل على جملة المبتدأ والخبر، بعد استيفاء فاعلها، فتنصبهما على أنهما مفعولان لها، وعليه فإن الأفعال (ظن) وأخواتها مع ما تدخل عليه تشتمل على أمور ثلاثة؛ هي:

1 - الفاعل، فمرفوعها يسمى فاعلًا لها، لا اسمًا لها، كما قلنا في (كان) وأخواتها.

2 - والمبتدأ، وهي تنصبه، ويسمى مفعولَها الأول.

3 - والخبر، وهي تنصبه أيضًا، ويُسمَّى مفعولَها الثاني[3].



ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ﴾ [هود: 27]، فالفعل (نظنُّ) هنا قد رفع فاعلًا، هو الضمير المستتر فيه (نحن)، ونصب المبتدأ الذي هو كاف المخاطب على أنه مفعولٌ به أول له، ونصب الخبر الذي هو (كاذبين) على أنه مفعول به ثانٍ له.



وإنما قلنا: إن الكاف مبتدأٌ، و(كاذبين) خبر، قلنا ذلك باعتبار أصلهما؛ لأن أصل هذه الجملة قبل دخول الفعل (نظن) عليها هو: أنتم كاذبون؛ فـ(أنتم) مبتدأ، و(كاذبون) خبر؛ ولذلك يقولون: إن الأفعال (ظن) وأخواتها تنصب مفعولينِ أصلُهما المبتدأ والخبر.



وبالنظر إلى عمل (ظنَّ) وأخواتها في المبتدأ والخبر، وإلى ما مضى من عمل (كان) وأخواتها، و(إن) وأخواتها فيهما، وبالنظر كذلك إلى تجرُّد جملة المبتدأ والخبر عن النواسخ مطلقًا، نجد أن للمبتدأ والخبر من حيث إعرابهما أحوالًا إعرابية أربعة[4]؛ هي:

1 - أن يكون كلٌّ من المبتدأ والخبر مرفوعًا، وذلك إذا لم يدخل عليهما ناسخٌ من هذه النواسخ الثلاثة المذكورة؛ نحو قوله تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﴾ [الفتح: 29].



2 - أن يكون كل من المبتدأ والخبر منصوبًا، وذلك إذا دَخَلَ عليهما الناسخ (ظن) وأخواتها؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ﴾ [الكهف: 36].



3 - أن يكون المبتدأ مرفوعًا والخبر منصوبًا، وذلك إذا دخل عليهما (كان) وأخواتها؛ نحو قوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾ [الأحزاب: 40].



4 - أن يكون المبتدأ منصوبًا والخبر مرفوعًا، وذلك إذا دخل عليهما (إن) وأخواتها؛ نحو قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 220].



والأفعال (ظن) وأخواتها تنقسم من حيث معناها إلى:

1 - أفعال القلوب، وسميت بذلك؛ لأنها إما أفعال يقين، وإما أفعال ظن، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وكلٌّ من اليقين والظن إنما يُدركان بالحس الباطن، فمعاني هذه الأفعال قائمة بالقلب متصلة به؛ كالعلم، والظن، والزعم، ونحوها، وهذه الأفعال تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أفعال الرجحان، وهي التي تفيد ترجيح وقوع الخبر (المفعول الثاني)، وقد ذكر ابن آجروم منها هنا أربعة أفعال؛ وهي: (ظن، حسِب، خال، زعم).



والقسم الثاني؛ أفعال اليقين، وهي التي تفيد اليقين وتحقيق وقوع الخبر (المفعول الثاني)، وقد ذكر ابن آجروم منها ثلاثة أفعال؛ هي: (رأَى، علِم، وجَد).



2 - أفعال التحويل والتصيير، وهي التي تدل على تحول الشيء وانتقاله من حالة إلى حالة أخرى، وقد ذكر ابن آجروم هنا منها فعلين؛ هما: (اتخذ، وجعل).



3 - ما يفيد حصول النسبة في السمع، وهو فعل واحد؛ هو: (سمع).



وإليك الكلام على هذه الأفعال العشرة بالتفصيل:

أولًا: أفعال القلوب:

1 - أفعال الرجحان:

ذكرنا في الصفحة الماضية أن أفعال الرجحان التي ذكرها ابن آجروم رحمه الله؛ هي:

1 - ظن، ومثال رفعها فاعلًا، ونصبها لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ﴾ [الكهف: 36]، فالفعل (أظن) هنا رفع فاعلًا، هو الضمير المستتر (أنا)، ونصب مفعولينِ، أصلهما المبتدأ والخبر، هما: (الساعة)، وهي المفعول الأول، و(قائمة)، وهي المفعول الثاني.



وكان أصل هذين المفعولين المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام هو: الساعة قائمة.



2 - (حسب)، وهي أيضًا بنفس معنى (ظن)، ومثال رفعها فاعلًا ونصبها لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر قوله تعالى: ﴿ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ ﴾ [النور: 11]، فالفعل (تحسب) هنا رفع فاعلًا، هو واو الجماعة، ونصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، هما: (الهاء)، وهي المفعول الأول، و(شرًّا) وهي المفعول الثاني.



وكان أصل هذين المفعولين المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام هو: هو شر لكم[5].



3 - (خال)، وهي أيضًا بمعنى (ظن)، ولم يَرِدْ هذا الفعل في القرآن الكريم، ومثال رفع (خال) فاعلًا ونصبه مفعولين، أصلهما المبتدأ والخبر: قول الشاعر:

إخالُك[6] إِنْ لم تغضُضِ الطرفَ ذا هوًى *** يسومُكَ ما لا يستطاعُ مِن الوجدِ



فالفعل (إخال) هنا فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره (أنا)، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول، والمفعول الثاني هو قوله: (ذا)، منصوب بالألف؛ لأنه مِن الأسماء الخمسة، وهو مضافٌ، و(هوى) مضاف إليه.



وكان أصل هذين المفعولينِ المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام؛ أنت ذو هوًى.



4 - (زعم)، وهي أيضًا بمعنى (ظن)[7]، ومثال رفعها فاعلًا ونصبها لمفعولين، أصلهما المبتدأ والخبر، قول الشاعر:

زعمَتْني شيخًا ولستُ بشيخٍ *** إنما الشيخُ مَن يدبُّ دبيبَا



فالفعل (زعم) هنا قد رفع فاعلًا، هو الضمير المستتر (هي)، ونصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، أولهما: ياء المتكلم من (زعمتني)، والثاني كلمة (شيخًا).



وكان أصل هذين المفعولين المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام: أنا شيخ.



2 - أفعال اليقين:

ذكرنا فيما تقدم أن أفعال اليقين التي ذكرها ابن آجروم؛ هي:

1 - (علم)، ومثال رفعه فاعلًا، ونصبه لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، قولك: علمتُ الغِيبةَ محرَّمةً، فالفعل (علم) هنا رفع فاعلًا، هو الضمير (تاء الفاعل)، ونصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر؛ هما: (الغِيبة) وهي المفعول الأول، و(محرمة) وهي المفعول الثاني.



وكان أصل هذين المفعولين المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام قبل دخول الفعل والفاعل (علمت): الغيبة محرمة[8].



2 - (وجد)، وهو بمعنى (علم واعتقد)، ومثال رفعه فاعلًا، ونصبه لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، قوله تعالى:﴿ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ﴾ [الأعراف: 102]، فالفعل (وجد) هنا رفع فاعلًا، هو الضمير (نا)، ونصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، هما: (أكثرهم)، وهي المفعول به الأول، و(لَفاسقين)[9]، وهي المفعول به الثاني[10].



3 - (رأى)، وهو أيضًا بمعنى (علم)، وليس المراد هنا (رأى) التي بمعنى (أبصر بعينيه)، فالمراد هنا رؤية القلب التي تفيد العلم، لا رؤية العين الباصرة التي تفيد المشاهدة، فالذي ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر هو الفعل (رأى)، الذي بمعنى (علم)، وتسمى (رأى) هذه (رأى) العلمية.



ومثال عملها الرفع في الفاعل، والنصب في المفعولين، قوله تعالى: {﴿ وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴾ [المعارج: 7]، فإن المعنى: ونعلَمُه قريبًا، وليس المعنى أننا نُبصِره بأعيننا قريبًا، فإن هذا ليس مرادًا بلا شك، ولذلك فقد تعدَّى الفعل (نرى) هنا إلى مفعولين، هما الهاء، وهي المفعول الأول، و(قريبًا)، وهي المفعول الثاني، وكان أصلهما المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام قبل دخول الفعل (نرى): هو قريب[11].




ثانيًا: أفعال التحويل والتصيير:

ذكرنا فيما تقدَّم أن أفعال التحويل والتصيير التي ذكرها ابن آجروم رحمه الله؛ هي:

1 - (اتخذ)، ومثال رفعه فاعلًا ونصبه مفعولين: أصلهما المبتدأ والخبر، قوله تعالى: ﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النساء: 125]، فإن الفعل (اتخذ) هنا قد رفع فاعلًا هو لفظ الجلالة (الله)، وقد نصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، هما (إبراهيم) وهو المفعول به الأول، و(خليلًا) وهو المفعول به الثاني.



وكان أصل هذين المفعولين المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام: إبراهيم خليل.



2 - (جعل)، ومثال رفعه فاعلًا ونصبه مفعولين، أصلهما المبتدأ والخبر، قوله تعالى: ﴿ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الفرقان: 23]، فإن الفعل (جعل) هنا قد رفع فاعلًا هو الضمير (نا)، وقد نصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، هما الضمير الهاء، وهو المفعول به الأول، و(هباء)، وهو المفعول به الثاني، وكان أصل هذين المفعولين المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام: هو هباء منثور.




ثالثًا: ما يفيد حصول النسبة في السمع:

ذكرنا فيما تقدم أن الذي يفيد حصول النسبة في السمع فعل واحد، هو: (سمع)، وهذا الفعل إما أن يدخل على:

ما يُسمَع، وفي هذه الحالة لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد فقط باتفاق النحاة؛ نحو قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ ﴾ [ق: 42]، فـ(الصيحة) مفعول به، ولا نقول: إنها مفعول به أول؛ لأن الفعل (يسمعون) هنا إنما دخل على ما يسمع، وهو (الصيحة)، فلا يتعدى إلا إلى مفعول به واحد، وهذا بالاتفاق، كما ذكرت آنفًا.



ومثال ذلك أيضًا؛ أن تقول: سمعت كلام زيد.



وإما أن يدخل على ما لا يُسمع؛ نحو: سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول، فإنه إلى الآن لم يذكر الشيء المسموع.



فإذا كان الفعل (سمع) داخلًا على ما لا يسمع، فإنه قد اختلف فيه النحاة: هل يتعدى إلى مفعولين أو إلى مفعول واحد؟



على قولين:

القول الأول: قول أبي علي الفارسي، وتبعه عليه ابن آجروم، وهو أن الفعل (سمع) إذا دخل على ما لا يسمع، فإنه يتعدى إلى مفعولين، ولكن هذا القول ضعيف، بل قد نسبه بعض النحويين إلى الشذوذ.



والقول الثاني: قول جمهور النحاة، وهو أن (سمع) لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد فقط، سواء دخل على ما يسمع، أم على ما لا يسمع، وذلك لأنه من أفعال الحواس، وأفعال الحواس لا تتعدى إلا إلى مفعول واحد.



وبِناءً على هذين القولين، فإن لك في هذا المثال المذكور - سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول - إعرابين:

الإعراب الأول: أن تكون كلمة (النبي) مفعولًا به أول، وتكون جملة (يقول) المكونة من الفعل (يقول) والفاعل الضمير المستتر (هو) في محل نصب: مفعولًا به ثانيًا، وهذا قد ذكرت أنه قول ضعيف.



والإعراب الثاني: أن تكون كلمة (النبي) مفعولًا به، بينما تكون جملة (يقول) في محل نصب، حالًا من المفعول به (النبي)، وهذا هو الذي عليه جمهور النحاة، وهو الصحيح.



وإنما قلنا في الإعراب الثاني: إن جملة (يقول) في محل نصب حال؛ لأن القاعدة عند النحاة أن الجمل بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات صفات، وجملة (يقول) هنا قد أتت بعد معرفة، وهي كلمة (النبي)[12] صلى الله عليه وسلم، فأعربت حالًا.



وبِناءً على ذلك، فإنه إذا كان مكان جملة (يقول) اسمٌ، فإنه يكون منصوبًا، ولكن لا يكون نصبه على أنه مفعول به ثانٍ، وإنما يكون نصبه على الحالية، فيما إذا كان قد أتى بعد معرفة، ومثال ذلك أن تقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا.



ويكون نصبه على الوصفية فيما إذا أتى بعد نكرة؛ كأن تقول مثلًا: سمعت رجلًا قائلًا، فـ(قائلًا) هنا صفة لـ(رجلًا)، وليست حالًا منه؛ لأن (رجلًا) نكرة.



وإنما قلنا في الإعراب الثاني: إن جملة (يقول) في محل نصب حال؛ لأن القاعدة عند النحاة أن الجمل بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات صفات، وجملة (يقول) هنا قد أتت بعد معرفة، وهي كلمة (النبي)[13] صلى الله عليه وسلم، فأعربت حالًا.



وبِناءً على ذلك فإنه إذا كان مكان جملة (يقول) اسم فإنه يكون منصوبًا، ولكن لا يكون نصبه على أنه مفعول به ثان، وإنما يكون نصبه على الحالية فيما إذا كان قد أتى بعد معرفة، ومثال ذلك أن تقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا.



ويكون نصبه على الوصفية، فيما إذا أتى بعد نكرة؛ كأن تقول مثلًا: سمعت رجلًا قائلًا، فـ(قائلًا) هنا صفة لـ(رجلًا)، وليست حالًا منه؛ لأن (رجلًا) نكرة.



[1] لا يزال ابن آجروم رحمه الله يذكر العوامل والنواسخ الداخلة على المبتدأ والخبر، ويذكر عملها فيهما، فقد انتهى من (كان) وأخواتها، التي ترفع المبتدأ وتنصب الخبر، ومن (إن) وأخواتها التي تنصب المبتدأ وترفع الخبر، والآن في هذا الباب (باب ظن وأخواتها) سيبين إن شاء الله تعالى أن هذه الأفعال (ظن وأخواتها) تنصب المبتدأ والخبر جميعًا، ويصير المبتدأ مفعولًا به أول، والخبر مفعولًا به ثانيًا.

[2] فهي كلها أفعال، وليس بينها حروفٌ أبدًا، وهذا بالاتفاق، وهي تعمل مطلقًا؛ أي: سواء كانت مضارعة أم ماضية أم أمرًا، كما سيتضح ذلك بالأمثلة، إن شاء الله تعالى.

[3] ولَمَّا كانت (ظنَّ) وأخواتها تنصبُ المبتدأ والخبر على أنهما مفعولانِ لها، كان حقُّها أن تذكر في باب النواصب، ولكن ابن آجروم رحمه الله ذكرها هنا استطرادًا لتتميم بقية النواسخ.

[4] وليس هناك حالة خامسة، فهذه القسمة حاصرة.

[5] ومِن رفع الفعل (حسب) أيضًا لفاعل ونصبه لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر - قوله تعالى: ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ﴾ [البقرة: 273]، وقوله عز وجل: ﴿ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ﴾ [الإنسان: 19].

[6] كذا بكسر الهمزة، قال عباس بن حسن في (النحو الوافي) 1 /48: "الفعل المضارع (إخال) الأفصح فيه كسر همزتِه لا فتحها؛ لأن الكسر هو المسموع الكثير، والفتحُ لغةٌ قليلة مسموعة أيضًا"؛ اهـ.

[7] والغالب في (زعم) أن تستعمل للظن الفاسد، وهو حكاية قول يكون مظنَّة للكذب، فيقال فما يشك فيه، أو فيما يعتقد كذبه، ولذلك يقولون: (زعموا) مطيةُ الكذب؛ أي إن هذه الكلمة مركبٌ للكذب، ومِن عادة العرب أن مَن قال كلامًا وكان عندهم كاذبًا، قالوا: زعم فلانٌ، ولهذا جاء في القرآن الكريم في كل موضع، ذُمَّ القائلون به؛ نحو قوله تعالى: ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا ﴾ [التغابن: 7]، وقوله تعالى:﴿ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا ﴾ [الكهف: 48]، وقوله عز وجل: ﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ [القصص: 62].

[8] ومثال رفع (علم) كذلك فاعلًا، ونصبه مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، قول الشاعر:

علمتُكَ منَّانًا، فلستُ بآملٍ *** نداك، ولو ظمآنَ، غرثانَ، عاريَا

[9] وليُنتَبه هنا إلى أن اللام في (لَفاسقين) مفتوحة، فهي لام التوكيد، وليست لام الجر؛ لأن لام الجر إذا دخلَتْ على اسم ظاهر كانت حركتها الكسر، كما في قوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [آل عمران: 189].

[10] ومن رفع (وجد) أيضا فاعلًا، ونصبه مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، قوله تعالى: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ [المزمل: 20]، فالفعل (تجدوه) فعل مضارع مجزوم؛ لكونه جوابًا لاسم الشرط (ما)، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وواو الجماعة ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل، والمفعول به الأول هو الهاء في (تجدوه)، و(خيرًا) هي المفعول به الثاني.

[11] فإذا كانت (رأى) بمعنى (أبصر بعينه)، فإنها لا تنصب إلا مفعولًا واحدًا فقط، وتسمى (رأى) البصرية، ومثالها قوله تعالى: ﴿ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ ﴾ [الكهف: 53]، فإن الفعل (رأى) هنا بمعنى (أبصر بعينِه)، وليس بمعنى (علم)، ولذلك لم ينصب إلا مفعولًا واحدًا فقط، وهو (النار).

[12] وأداة التعريف فيها (أل).

[13] وأداة التعريف فيها (أل).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

شرح كامل لكان وأخواتها وظنّ وأخواتها

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» إلا وأخواتها شرح كامل للاستثناء وأدواته وأنواعه
» تحميل كتاب كان وأخواتها - عبد القادر الشاوي
» لكم كيفية الكتابة على الفيديو كليب و شرح كامل + البرنامج كامل
» حكم إعراب كم الاستفهاميةوالخبرية ,شرح كامل
» تحميل المصحف المرتل كامل بصوت أحمد نعينع,القرىن الكريم كامل mp3 للشيخ أحمد نعينع

صفحة 1 من اصل 1
نوسا البحر :: منتديات تعليمية :: المرحلة الثانوية

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا