hassanbalam ® مدير المنتدى ®
رسالة sms :
عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر :
| | السعودية دولة مواجهة ونحن لا ندري مقال لأمجد ناصر فى العربى الجديد | |
السعودية دولة مواجهة ونحن لا ندري
.. بل ندري. على الأقل، نحن الذين عشنا جانباً من الحروب العربية مع إسرائيل، ووقفنا على بعض أسباب حرب يونيو/ حزيران 67. فمن ينتمي إلى جيلي، وكان له اهتمام بسيط بالشأن العام العربي، يعرف أن إغلاق جمال عبد الناصر مضائق تيران في وجه الملاحة والبضائع الذاهبة إلى إسرائيل، كان الصاعق الذي فجَّر حرب حزيران/يونيو، فقد اعتبرت تل أبيب قرار عبد الناصر إعلان حربٍ عليها، خصوصاً وأنه سحب القوات الدولية المتمركزة هناك، ما يشي بالتخطيط لأعمال حربية. تلك خطوةٌ في دفتر التاريخ الآن، وبوسعنا، بعدما ابتعدنا عن سخونتها، تقييمها، غير أن هذا ليس قصدي. كلامي اليوم ليس عن قرار عبد الناصر ذاك، بل عن جزيرتي صنافير وتيران اللتين تتحكّمان بالملاحة في شريانٍ حيوي، وتحتلان عناوين النقاش في مصر اليوم بعد قرار الرئيس، عبد الفتاح السيسي، "إعادتهما" إلى السعودية، "صاحبتهما" الأصلية. يمكن النظر إلى تينك الجزيرتين من زاويتين: الاستراتيجيا العسكرية، وما تضمان من ثروات. فهما "تقعان عند مدخل خليج العقبة، بين الجهة المصرية والسعودية، وتصنع الجزر ثلاثة ممرات من خليج العقبة وإليه، كما تعطي الممرات الثلاثة أهمية استراتيجية للجزيرتين، بحيث يمكن، من خلالهما، غلق الملاحة في اتجاه خليج العقبة. وفوق كل ذلك ثروات الغاز والنفط التي تتوافران عليها". هناك جانب قانوني، ونقاش حقوقي مصري - سعودي لا دخل لي فيه، ولا أعرف إلى ماذا سينتهي. أترك الكلام في الوثائق والمراسلات التي جرت بين البلدين والقانون الدولي وترسيم الحدود إلى من يعنيهم الشأن من المصريين والسعوديين، وأهتم، كعربي، بدلالات "إعادة" النظام المصري أو "تنازله" عن تينك الجزيرتين، على قضية الصراع العربي الإسرائيلي. ولكن، ليس قبل أن أبدي استغرابي الشديد لفكرة إعارة بلد جزيرتين استراتيجيتين يملكهما إلى بلد آخر، مهما كانت درجة القرابة الإثنية والدينية بين البلدين. إنه لأمرٌ مستغربٌ من حيث المبدأ، فلم أسمع، شخصياً، عن "إعارةٍ" من هذا النوع. البلدان تعير بعضها خبراتٍ، معداتٍ، ودائع، ولكن لا تعير أرضاً. وكيف إذا كانت في أهمية "صنافير" و"تيران" في جيوسياسية المنطقة؟ هذا استغراب تملَّكني، قبل أن أنطلق إلى النقطة التي أودُّ إثارتها، على هامش قضية صنافير وتيران. كلنا نعلم أنَّ علاقات مصر الناصرية بالسعودية لم تكن جيّدة. بل العكس: سيئة. يكفي ذكر الحرب بين البلدين في اليمن، التي أنهكت عبد الناصر، وكانت سبباً مباشراً في هزيمة جيشه أمام إسرائيل، فكيف "تعير" السعودية جزيرتين استراتيجيتين، تشكِّلان خطراً داهماً على إسرائيل، لغريمها عبد الناصر، إنْ لم يكن من أجل تفادي المواجهة، أصلاً، مع إسرائيل وترك مصر تنهض بعبئها؟ تفسيري التآمري هذا يجد له أسباباً وجيهة في زمني "الإعارة" و"الاستعادة". فالأولى كانت في أيام الحروب مع إسرائيل، والثانية في زمن السلام (المصري) معها. ثم أجد في الموافقة الإسرائيلية على "الإعادة"، على الرغم من أهمية هاتين الجزيرتين في عُرفها الأمني، ما يثير ريبتي أكثر، ويعزّز "نزعتي التآمرية". وهنا، علينا أن نستعين بالمؤرخ والمفكر المصري، جمال حمدان، صاحب كتاب "شخصية مصر"، حيث تتبدّى فلسطين، في سفره العظيم، باعتبارها خط دفاع أول عن مصر، فمن يسيطر على فلسطين يهدِّد أمن مصر، فمن هناك عبرت الأقوام والجيوش التي غزت مصر، بما فيها الجيش الإسرائيلي. الرأي عندي أن إسرائيل لا تطمئن إلى مصر، مهما كبَّلتها بالاتفاقيات. لمصر شخصيتها التي ستفرضها على جوارها. لمصر موقعها الذي يؤثر، في قوة، بمحيطه. قد يكون السيسي اليوم جيداً جداً لإسرائيل. ولكن، من يضمن القادم بعده؟ مصر غير مضمونة. مصر، بطبيعتها، خطيرة على إسرائيل، وببشرها الذين رفضوا التطبيع معها حتى الآن، غير مأمونة الجانب. إذن، فلتذهب الجزر والممرّات المائية إلى مَنْ لم يحاربها، ولن يُحاربها لأسباب لا تخفى على أحد. ثم إنَّ "عودة" الجزيرتين إلى السعودية يُدخل الأخيرة طرفاً في الصلح الإسرائيلي والمصري الرسمي، بمعرفة واشنطن وعنايتها. أحياناً، الأعداء يأتون من الشرق، وليس من الشمال الغربي.
_________________ حسن بلم | |
|