® عضو مميّز ® رسالة sms : عدد المساهمات : 267 نوسا البحر : 2016-03-13, 7:23 pm | | لموضوع ده بيتمثل في شخص مميز جدااا وهو أوزير أو أوزيريس
" أوزير " هو سيد الأبدية ورب الموتى والعالم الآخر أو العالم السفلي في مصر القديمة الديانة المصرية القديمة كان ليها عقيدتين أوزير بقى كان أحد العقائد دي لأن العقائد بتتكون من : (العقيدة الأوزيرية) ودي صاحبها أوزير أو أوزيريس (العقيدة الشمسية) ودي كان صاحبها رع والمعبود " أوزير " أحد أهم المعبودات المصرية في مصر القديمة سواء فيما يتعلق بالديانة الرسمية للدولة أو الديانة الشعبية بالرغم من أنه مكنش ضمن الأرباب الرئيسيين فى الكون وقد إرتبط " أوزير " بتاسوع " هليوبوليس أو عين شمس" لأنه كان إبن لرب الأرض " جب " وربة السماء "نوت"، وكأخ للمعبود "ست" معبود الشر ، والمعبودتين "نفتيس أو نبت حوت " و" إيزة أو إيزيس " تزوج " أوزير " من أخته " إيـزة " (إيزيس) وكان ملك بيحكم الأرض ويعلّم البشر فنون الزراعة وأصولها ومختلف الفنون الأخرى ( فلاح أصيل وفنان كمان ) هههههههههههههه grin رمز تعبيري وبعد ما أخوه "ست" قتله أصبح " أوزير " رب الموتى وأشهرهم لأنه أصبح رئيس (محكمة العالم الآخر) واللي بيمثُل أمامها كل متوفى وأصبح كل ملك بيحكم بصفته الوريث الشرعى لإبنه "حـور" (حورس) على الأرض وطبقاً للمصادر الآثرية المصرية "أوزير" بيرجع للجيل الرابع من الأرباب وفقاً لمذهب الخلق الخاص بمدينة "إيونو" (عين شمس) لأن الجيل الأول عبارة عن : أتوم الجيل التاني عبارة عن : شو معبود الهواء وتفنوت معبودة الرطوبة الجيل التالت عبارة عن : جب معبود الأرض ونوت معبودة السماء الجيل الرابع عبارة عن : إيزيس وأوزيريس وست ونفتيس وطبعا كلهم كانوا إخوات وبردية تورين ذكرت المعبود " أوزير " ضمن الأرباب اللي حكموا البلاد من قبل حكم الملوك البشر فى العصور التاريخية حيث إنتقل الحكم بين "رع" و"جب" و"أوزير" وإنتهى بحكم المعبود "حـور" اللي إعتُبر الملوكُ أنهم ورثة لعرشه على الأرض بعد كدة وإختلفت الآراء حول تحديد معنى اسم ( أوزير ) ولعل من أقرب التفسيرات التى أُعطيت له (عرش العين، مقعد العين)، فضلاً عن (الذى اتخذ عرشه). ورغم إن إسم المعبود " أوزير " متذكرش صراحة على آثار عصر ما قبل الأسرات إلا أن عبادته كانت معروفة آنذاك خاصة وأنه قد عثر على تميمتين لعمود ( ﭽـد ) رمز الثبات والدوام والإستقرار والرمز المقدس لأوزير وذلك فى إحدى مقابر الأسرة الأولى من " حلوان " وأقدم تمثل لأوزير بنشوفه ضمن أرباب تاسوع "هليوبوليس"على مقصورة " شيدت " فى "هليوبوليس" من عصر الملك "جسر نثرغت" (زوسر) من الأسرة الثالثة. وتم تصويره لأول مرة ضمن نقوش معبد الملك " ﭽد كا رع ، إسيسى " أحد ملوك الأسرة الخامسة فى " أبو صير " والعقيدة الأوزيرية إنتشرت مع بداية الأسرة السادسة لأنها إتذكرت في فقرات "نصوص الأهرام" وصيغ القرابين والملك المتوفى كان بيتحد معاه فى العالم الآخر ويصبح أوزير وبنلاقي أن عقيدة أوزير إنتشرت جااامد أووووي خلال عصر الانتقال الأول لأن كل متوفى عادى أصبح يُلقب بـ( أوزير: فلان )، بمعنى (المتوفى: فلان) ومبقتش زي الأول قاصرة على الملوك بس وقد إتخذ "أوزير" العديد من الألقاب، منها : "ون نفـر" بمعنى : (الكائن الجميل) و "كـا إمنتت" بمعنى : (ثور الغرب) و "خنتـي إمنتيـو" بمعنى : (سيد الغربيين أو إمام الغربيين اللي هما الموتى) و " نب أبـجو " بمعنى : ( رب أبيدوس ) و" نب ﭽـدو " بمعنى (رب " أبو صير " ) وقد إرتبط " أوزير " بالعديد من الإحتفالات والأعياد الدينية ، ومن بينها عيد ( برت عات ) بمعنى (عيد الطلعة الكبرى أو الخروج الكبير ) أو عيد "أوزير" الكبير فى "أبيدوس" وهو إحتفال كان بيتم فى الشهر الأول للفيضان فى بداية العام وكان اليوم الكبير للعيد هو يوم (22) من نفس الشهر حيث كان الحجاج يتوجهون إلى "أبيدوس" خلال هذا العيد وكانت بتتم إحتفالات أخرى فى بعض العواصم الدينية الكبرى فى الدلتا، مثل "بـه" فى "بوتـو" (تل إبطـو و تل الفراعين بمركز دسوق حالياً ) و"سـايس" (صـا الحجر، بمركز "بسيون" حالياً ) وقد تم عبادة "أوزير" فى كل أقاليم مصر لأن طبقا لأسطورة إيزيس وأوزيريس لما ست قتل أوزير قطع جسمع حتت ووزعها على أقاليم مصر كلها فبالتالي كل إقليم كان بيفتخر أن في عضو مقدس من أعضاء " أوزير " بعد أن قتله أخوه "ست"، وذلك وفقاً لأسطورة "أوزير". لكن في مدينتين رئيسيتين كانوا المراكز الرئيسية لعبادة " أوزير " فى الدلتا والصعيد وهما : "بوزيرس" ( أبو صير بَنـا ) فى الدلتا و"أبيـدوس" فى الصعيد و"بوزيرس" في اللغة المصرية القديمة هي "ﭽـدو" أو " أبو صير بَنَـا " واللي كانت عاصمة للإقليم التاسع لمصر السفلى وتقع جنوب غرب "سمنود" الحالية بمحافظة الغربية حيث حل محل ربها المحلى القديم " عنـﭽتى " واللي بيُعتقد أنه كان رباً ملكاً إستعار منه "أوزير" شاراته (المَذبَّة نخخ ، والعصا المعقوفة حكا )، وبيعتقد أنها كانت الموطن الأصلى لعبادة "أوزير"، وهي المركز اللي إنتشرت منه العبادة في جميع أنحاء البلاد أما المدينة الثانية فهى "أبيدوس" أو كما تعرف الآن بـ (العرَّابة المدفونة، مركز البلينا، محافظة سوهاج) وقد ظهر ارتباط "أوزير" بها منذ أواخر عصر الأسرة الخامسة وبداية الأسرة السادسة حيث استحوذ " أوزير " على صفات ربها المحلى القديم "خنتـى-إمنتيـو" بمعنى إمام الغربيين كناية عن الموتى فى الجبانة) وإرتبط هناك بمنطقةإسمها منطقة "بِكر" واللي بتعرف الآن بإسم " أم الجعاب " وهى المنطقة التى عُثر فيها على مقابر ملوك الأسرتين الأولى والثانية فى " أبيدوس " وقد عُرفت مقبرة الملك "ﭽـر" منذ عصر الدولة الوسطى بالمعبود "أوزير" كمقبرة له وبعد كدة إنتشرت رحلات الحج إلى هذه المنطقة والحجاج الزائرون كانوا بيتقربوا بتقديم لوحات نذرية صغيرة عرفت إصطلاحاً بإسم ( لوحات أبيدوس ) واللي عثر على الكثير منها فى هذه المنطقة وعلى الطريق المؤدى إلى المقبرة والذى عُرف بطريق الاحتفالات وبنلاقي أن ملوك الدولتين الوسطى والحديثة إنتهجوا نفس نهج ملوك بداية الأسرات فى تأسيس أضرحة رمزية ليهم فى " أبيدوس "، كان أشهرها الضريح الرمزى الذى شيده الملك "سيتى الأول " تاني ملوك الأسرة 19 واللي عُرف بإسم (الأوزيريون) وذلك بجوار معبده الجنائزى فى " أبيدوس " وبالإضافة إلى أن "أوزير" كان بيعبد فى "عين شمس" كأحد أعضاء تاسوعها بنلاقييه إندمج فى مدينة "منف" مع رب الجبانة "سوكر" فى صورة "أوزير-سوكر" - سوكر ده كان رب للموتى واللي تم تحريف إسمه وجه منه كلمة سقارة grin رمز تعبيري وقد إرتبط "أوزير" كرب للموتى والبعث فى العالم الآخر ببعض الظواهر الطبيعية اللي بترمز للتجدد والبعث والإحياء من جديد فقد رمز "أوزير" إلى خصوبة النيل والتربة وكان للونه الأسود علاقة مباشرة بالتربة وخصوبتها وبنلاحظ أن مصر كان إسمها كمت يعني الأرض السوداء إشارة إلى خصوبة الأرض وكان إرتباط "أوزير" بالنيل مصدر تخصيب التربة فى أرض مصر والفيضان وكان بمثابة القوة الدافعة لقدوم الفيضان وما ينتج عنها من نمو النباتات وازدهار الحياة على الأرض من جديد وهو بذلك واهب الحياة لكافة المخلوقات ومن هنا فإن الفيضان وقدومه قد إرتبط بإعادة الحياة والبعث وإعادة بعث " أوزير " وتشير إحدى فقرات " نصوص التوابيت " إلى إعادة بعث " أوزير " وظهوره عندما يفيض ماء النيل وبذلك فإن "أوزير" قد ارتبط بالنيل والفيضان وموسم الحصاد لأن قدوم الفيضان مقدمة وعلامة إزدهار الحياة ونمو المحاصيل وهو بذلك يرمز إلى بعث "أوزير" من جديد بينما موسم الجفاف يرمز إلى موت هذا المعبود | |
| |
® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2016-03-14, 5:02 pm | | بين المسيح و"أوزيريس" المصري @يارا لايف الأسطورة تروي الأسطورة المصرية أن "نوت" ربة السماء و"جب" رب الأرض أنجبا أربعة أبناء هم : "أوزيريس" و"إيزيس" وست" و"نفتيس". ويقال أن "أوزيريس" قد ولد في اليوم الثاني عشر من أول شهر في السنة المصرية [القديمة] . وعندما وُلد "أوزيريس" إذا بصوت يعلو من معبد (طيبة) مبشراً بميلاد الملك العظيم الطيب، وكان أن ورّث "جب" ابنه البكر "أوزيريس" سلطان الأرض : "فأعطاه ملك الأرضين، وأسند إليه قيادة البلاد لإسعادها، وسلمه هذه الأرض في يده : ماءها وهواءها ونباتها وقطاعاتها، وكل ما يطير وكل ما يسبح في الفضاء أُعطي لابن "نوت"، وسعدت مصر بذلك، وكان "أوزيريس" ملكاً عظيماً وسطع على عرش أبيه، كالشمس عندما تشرق بأشعتها لكل من يعيش في الظلام ". وكان "أوزيريس" ملكاً قوياً شجاعاً، يهابه أعداؤه، وكان عادلاً، فعمل على تثبيت " أقدام الحقيقة في مصر"، وكانت كل أعمال هذا الملك طيبة، عادت بالنفع على كل البشر، الذين علمهم الزراعة، وأرسى بينهم الناموس، ونشر بينهم الدين، وارتفع بالناس إلى مستوى حضاري راق. ولم يكن "أوزيريس" فظاً، بل كان يتقرب إلى الناس بعزف الموسيقى، فكان مبشراً مرغباً، لا منفراً مرهباً، فأحب الناس مليكهم الطيب "ون نفر". غير أن ذلك كله أثار حسد شقيقه "ست" فحقد على أخيه، وتمنى الخلاص منه واحتلال مكانه. ثم كان أن عقد "ست" العزم على ذلك فتآمر مع اثنين وسبعين من رجاله، فأعدوا خطة للتخلص من "الملك الطيب"، وبعد أن توصلوا إلى معرفة طول قامة "أوزيريس"، التي كانت تبلغ حوالي ثماني أذرع وستة أشبار وثلاثة أصابع [حوالي : أربعة أمتار وستة وستين سنتيمتراً] ، عمدوا إلى صنع تابوت بنفس الحجم، وأقام "ست" وليمة دعا إليها أخاه، وأثناء الحفل عُرض التابوت النفيس أمام الجميع، ووعد بإهدائه لمن يناسبه حجماً، فأخذ المتآمرون يرقدون في التابوت، الواحد تلو الأخر، فلم يوافق حجم أحدٍِ منهم، إلا "أوزيريس" الذي ما أن رقد في التابوت حتى تم إغلاقه إغلاقاً محكماً، ثم أُلقي به في النهر، وأسلمه النهر إلى البحر، فوصل "أوزيريس" إلى شواطيء (فينيقية)، وتحديداً ميناء (جبيل) (ببلوس)، وهناك استقر التابوت تحت شجرة، سرعان ما تضخم ساقها وسمقت فروعها، ولا عجب، فهي تضم رب النماء والخضرة "أوزيريس". وكان أن أُعجب ملك البلاد بالشجرة الضخمة العجيبة، فاتخذ جذعها عموداً يدعم به سقف بلاطه الملكي. أما "إيزيس"، زوجة "أوزيريس" وأخته، فقد كانت تبحث عن شقيقها وزوحها، حتى وصلت إلى (جبيل)، وهناك بجوار نبع أخذت تبكي وتنوح، ولا تكلم أحداً إلا وصيفات الملكة وخادمات القصر، فقد تعمدت أن تصفف لهن شعورهن وتدهنها بعطر نادر لا مثيل له. وما أن فاح عطر "إيزيس" بأرجاء القصر ؛ حتى أمرت الملكة بإحضار "إيزيس" بين يديها، ثم كان أن اتخذتها صاحبة لها وأوكلت لها مهمة رعاية وليدها وإرضاعه. وهكذا تم لـ"إيزيس" ما سعت إليه، فصارت على مقربة من زوجها، وما أن حانت لها الفرصة حتى انتزعت تابوته ورجعت به. ثم استطاعت "إيزيس"، الساحرة العظيمة، أن تحمل من "أوزيريس"، وتنجب منه ابناً هو "حورس". ولكن "ست" البغيض استطاع الاستيلاء على جثمان أخيه الطيب "ون نفر"، فقطعه إرباً. وجلست "إيزيس" تنوح نادبة : " عد إلى دارك، عد إلى دارك أيها الرب "ون"، عد إلى دارك يا من بلا أعداء، أيها الفتى الجميل عد إلى دارك فتراني، إني أختك، التي تحبها، ولا تود أن تفقدك، أيها الصبي الجميل، عد إلى دارك، وإن كنت لا أراك فقلبي يفيض بحبك، عيناي تتحرقان إلى رؤياك فعد إلى من تحبك، أنا حبيبتك يا "ون نفر" الصديق، فعد إلى أختك، زوجتك، فإنا من أم واحدة، فلا تهجرني، ها هي الأرباب والناس يقصدونك، يبكونك، وأنا أناديك وأبكيك، سُمع صوتي في السماء، أفلا تسمعني أنت، وأنا أختك التي أحببتها على الأرض، ولم تحب غيرها، يا أخي، يا أخي ". وسمع الله "إيزيس" فأرسل إليها "أنوبيس" فجمع أشلاء "أوزيريس"، وقام بتحنيط جثمانه ودفنه. ولما كان "أوزيريس" ملكاً على الأرض، فإنه صار ملكاً على العالم الأخر، عالم الموتى. وجمع بين يديه مقاليد السلطان على هذا العالم وصار متحكماً في كل أموره، فأمامه يقف الموتى ليفصل بينهم، يثيب الخير ويدين المجرم. وهكذا رسخت العقيدة الأوزيرية في أذهان المصريين منذ أقدم العصور، وامتدت بطول التاريخ المصري في كل أرض مصر. كان "أوزيريس" المثل الأول والأعلى لدى المصريين في مسألة الموت والقيامة، فكان هو أول من مات، وكذلك هو أول من بُعث، وهو أول أهل الغرب، أي الموتى، الذين كانوا يدفنون في غرب النيل، أو حيث تغرب الشمس. وكان "أوزيريس" كذلك أول من تم تحنيطه، فكان ذلك بمثابة أول تجربة للحفاظ على الجسد البشري بعد الموت ليبعث بعد ذلك. لقد كان الموت مسألة هامة في العقيدة الأوزيرية، إذ كان لابد من موت (أوزيريس) أولاً حتى يبعث، فكان موته حتمياً، وكان الرب الوحيد الذي مات... ليحيا. وكان المصريون [القدامى] يفهمون الموت بأنه النهاية التي لا مفر منها لكل حياة، ولذا كانوا يبغضونه ويقولون عنه : " الموت أمر بغيض يجلب الدموع والأحزان، ويخطف الرجل من بيته، ويلقي به على كثيب رملي في الصحراء، ولن تعود إلى الأرض أو ترى الشمس ". والموت هو أمر بيد الله، خالق الحياة، وهو أيضاً الذي ينهيها كذلك في أي وقت هو يشاء، فالموت أمر مفاجيء، لابد أن يتوقعه المرء صغيراً كان أو كبيراً : " لا تقل إني لا أزال شاباً، ذلك لأنك لا تعرف متى يحين أجلك، فالموت يحضر ويأخذ طفلاً من حجر أمه كما يأخذ رجلاً مسناً ". ونقرأ في نص مصري آخر : " كنت طفلاً عندما خُطفت بالعنف، اختصرت سنوات حياتي وأنا وسط زملائي في اللعب، انتُزعت فجأة في شبابي كرجل يروح في سبات عميق، كنت شاباً عندما أخذني الموت إلى المدينة الأبدية، وذهبت إلى سيد الآلهة دون أن أحظى بوقتي على الأرض، لي كثير من الأصدقاء ولكن لم يستطع أحد منهم أن يدافع عني ". الموت إذن لحظة اختطاف عنيف وانتزاع مفاجيء. وقد صور المصريون [القدامى] الموت أيضاً على أنه "لص بغيض" يتسلل مستتراً بالظلام ليخطف الأطفال : " اختف يا من تأتي في الظلام، يا من تأتي سراً.. هل أتيت لتلقي تعويذة الموت على هذا الطفل، لن أسمح لك بذلك، هل أتيت لتخطفه، لن أسمح لك بأن تخطفه". إنه لص يأتي ليلاً، هكذا نظرت المسيحية إلى اليوم الذي سيزول فيه السموات، أي نهاية الحياة كلها : " ولكن سيأتي كلص في الليل يوم الرب في الليل يوم الرب الذي تزول فيه السموات ". والموت في العقيدة المسيحية هو فراق الروح للجسد، وهو نفس ما آمن به المصريون من قبل، فقد قالوا إن الموت هو لحظة فراق للجسد، وهو فراق لا يدوم، لأن الروح تعود لجسدها ليحيا الإنسان ثانية. وما بين فراق الروح وعودتها تظل الروح حية، أو بمعنى أصح تملك القدرة على الحياة كما أنها أيضاً تملك القدرة على مساعدة من يلوذ بها، كما أنها باستطاعتها إلحاق الأذى بمن تريد. وهو نفس ما آمن به المسيحيون الكاثوليك فيما بعد، فهم يعتقدون أن لروح المتوفي القدرة على مساعدة من يلجأ إليها. وهم يقيمون احتفالاً سنوياً يسمى "عيد كل الأرواح"، ومازالوا يؤمنون بأن أرواح الموتى تستطيع زيارة الأحياء، بل وتناول الطعام أيضاً، ومازال البعض يضع طعاماً خصيصاً لهذه الأرواح. والموتى.. عند [قدماء] المصريين، وخاصة الأبرار منهم، يستطيعون الحصول على زادهم من ربات السماء، كما ساد لديهم الإعتقاد بوجود "شجرة جميز" في شرق السماء يعيش عليها الأرباب، وهي "شجرة الحياة" التي يتغذى الأبرار من ثمارها. وهو ما نص عليه الإنجيل أيضاً في الآية التالية : " من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله". وعلى الأرض أيضاً كان لهذه الشجرة أهمية عظيمة، ففي معبد "بتاح" في مدينة (منف) [ميت رهينة الآن]، كانت "شجرة الجميز" هذه تلقى كل آيات الاحترام والتبجيل، إذ كان المصريون يؤمنون أن الربة "حتحور" تسكن هذه الشجرة، كما عرفت "حتحور" نفسها بلقب سيدة الجميز. ومن أعظم المهام التي اضطلعت بها "حتحور" كانت توفير الزاد للموتى. وفي صور عديدة نرى الربة "حتحور" وهي تخرج من الشجرة المقدسة ؛ لتقدم الماء والطعام للموتى الذين يركعون أمامها. يقول (إريك هورنونج) عن هذه الشجرة : " الشجرة تدل على "نوت" أو "حتحور"، تظهر في شكل إنثوي، يبرز من شجرة وهي تقدم للمتوفي وروحه (البا) الماء البارد والطعام ". ويضيف (هورنونج) أن هذه الشجرة أيضاً : " توفر الظل والرطوبة والطعام، وفيها تجد الروح كل ما تتطلبه، وعلى ذلك فإن الشجرة تقدم جدولاً من الحياة لا ينقطع في العالم الأخر". وقد كان الإيمان بالبعث بعد الموت من أهم الأسس التي نهض عليها الدين المصري. وكانت عقيدة "أوزيريس"، التي توهجت من خلالها هذه المسألة، من أقدم العقائد المصرية وأكثرها استمراراً، منذ أن نشأت قبل عصر الأسرات، ودامت حتى عصر البطالمة الإغريق. وقد انطلقت هذه العقيدة [الأوزيرية] من شمال البلاد في الدلتا، وتحديداً من مدينة كانت تسمى (ددو)، وهي تعرف الآن باسم (أبو صير)، وكان الإغريق يسمونها (بوزيريس)، أي بيت "أوزيريس". ثم انتشرت عقيدة "أوزيريس" في مصر كلها، فامتدت إلى المدينة العظيمة (منف)، حيث اتحد "أوزيريس" مع رب الموتى هناك : "صقر" أو "سقر"، وفي أبيدوس [البلينا – سوهاج]، في جنوب البلاد، احتل "أوزيريس" مكان رب الموتى : "خنتي أمنتيو"، فصار أول أهل الغرب، وصارت (أبيدوس) أهم مراكز عقيدة "أوزيريس"، كما صارت كعبة للحجاج المصريين، ويرجع ذلك إلى أسطورة تقول أن رأس "أوزيريس" قد دفنت في هذا المكان. ويرجع العلماء احتلال "أوزيريس" لمكان "خنتي أمنتيو" إلى العام قبل الميلاد. وفي الدولة القديمة يشير نص من نصوص الأهرام إلى موت "أوزيريس" العنيف على يد أخيه "ست"، إذ يقول : " لقد طرحه "ست" أرضاً وهما في نديت". وكان الملك حتى هذا الحين هو وحده صاحب الحق في أن يكون "أوزيريساً" بعد الموت. فحتى نهاية الأسرة الخامسة كان الملك الميت يتحول إلى "أوزيريس"، وهو ما تغير فيما بعد.. ثورة "أوزيريس" يروي لنا التاريخ المصري [القديم] أنه في نهاية الدولة القديمة، وتحديداً في نهاية الأسرة السادسة، أن ملكاً يعرف باسم (ببي الثاني)، تولى حكم مصر وهو مازال طفلاً [في الرابعة أو السادسة من عمره]، وسجل هذا الملك أطول مدة حكم عرفها التاريخ الإنساني، إذ توفي وعمره مائة عام. وفي خلال هذه الفترة الطويلة بدأت الشيخوخة التي عانى منها الملك تدب في أوصال السلطة نفسها، مما شجع أمراء الأقاليم على العمل على زيادة نفوذهم، وفي نهاية الأمر غرقت البلاد في مستنقع الفوضى والإنقسام، وتعرضت لعدة غارات خارجية. وقد صور الشاعر المصري (أيبوور) حالة البلاد حينذاك فقال : " انظر، لقد حدثت أشياء لم تحدث منذ زمن طويل، خطف اللصوص الملك. انظر، لقد جاء أناس عديمو الإيمان، ولا يحترمون القانون ؛ لينهبوا أرض مليكهم. انظر، يتمرد الناس ضد الفرعون.. نُهب القصر في مدة ساعة.. أفشيت أسرار ملوك مصر العليا والسفلى.. والرجل الذي لم يكن بوسعه شراء تابوت يملك الآن قبراً.. ومن لم يستطع أن يبني لنفسه كوخاً صار الآن مالك بيت.. لقد تشتت القضاة وتفرقوا.. انظر، هاهم مالكو صواوين الثياب يلبسون الآن الأسمال، والرجل الذي لم ينسج قط شيئاً لنفسه يملك الآن ثياب التيل الفاخرة. انظر، الرجل الذي لم يستطع بناء طوف لنفسه يملك الآن عدة قوارب، بينما يتطلع إليه مالكها السابق، فما عادت ملكه. انظر، الرجل الذي لم يستطع أن يعزف على الربابة، يملك الآن قيثارة ". كان (أيبوور) قد سجل هذه الأحوال المضطربة حوالي عام قبل الميلاد. وانتهى الأمر إلى تعثر النهضة التي كانت شهدتها الدولة القديمة، وكان الانحطاط قد ساد جميع المجالات، إلا أن الشعب المصري استطاع أن يسجل إنجازاً تاريخياً، وهو انتزاع أفراد الشعب لحق البعث، مثلهم في ذلك مثل الملوك. لقد صار لكل فرد من أفراد الشعب الحق في أن يكون "أوزيريساً"، هكذا تساوى الناس جميعاً– على الأقل – في الأخرة، وهو ما يعتبر إنجازاً مصرياً لم يسجله التاريخ لغيرهم. وكان أن هبط الملوك من عليائهم، فصاروا بشراً، وتحولت ألقابهم من "الملوك الآلهة" إلى "الملوك الطيبين"، وهكذا توطدت "عقيدة أوزيريس" في البلاد وفي نفس كل مصري، فقد منحهم "أوزيريس" (جميعاً) الأمل والحق في البعث والخلود. كان "أوزيريس" – الرب الذي مات ليحيا – صورة يراها المصري في أرضه وفي سمائه، فربط بين عودة "أوزيريس" للحياة بعودة الفيضان إلى أرض مصر، لتحيا مرة أخرى بعد موتها. فقد كان "أوزيريس" هو نفسه هذا الماء العائد من جديد ليخصب الأرض، فتكتسي حقول المصريين بالخضرة، وهكذا كانوا يطلون وجه "أوزيريس" في نقوشهم باللون الأخضر.. لون الحياة، فإذا ما تراجع الماء وانحسر وجفت الأرض وماتت، يكون "أوزيريس" قد مات، ثم يعود للحياة مرة أخرى في العام التالي، وهكذا لا ينفرط عقد الحياة الخالدة، ولا يموت "أوزيريس" إلا ليحيا. مثله في ذلك مثل القمر في السماء، الذي لا يأفل إلا ليعود للسطوع ثانية، هكذا كان "أوزيريس" رباً للقمر أيضاً، بل إنه اعتبر الشمس الغاربة التي تعود ثانية للإشراق. كان البعث بعد الموت، وخلود الروح، فكرة مصرية عريقة، وما نشاهده الآن بطول البلاد وعرضها من آثار ضخمة، ليس سوى انعكاس لهذه الفكرة العظيمة، التي نشأت على أرض مصر. كانت أصالة فكرة البعث، وتشبث المصريين بها، دافعاً لهم للإقبال على الدين الجديد بعد أفول دينهم القديم، أو كما يقول (والاس بدج) : " حتى عندما اختفت في النهاية ديانته [يقصد ديانة "أوزيريس"]، أمام ديانة المسيح الإنسان، نجد المصريين لم يرحبوا بهذه الديانة إلا لأنهم وجدوا النظام الفكري للعبادتين القديمة والحديثة متماثلاً، وأن بكل منهما وعداً بالبعث والخلود". وهكذا وبعد عدة آلاف من السنين من نشأة فكرة الخلود والبعث على أرض مصر، يجيء (عيسى) [عليه السلام] ليؤكدها، فكان هو نفسه مثل "أوزيريس"، الذي مات ليحيا. ومن بعد المسيح جاء القديس (بولس) ليؤكد على مكانة وأهمية هذا المبدأ الإيماني العظيم، فقال : " وإن لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل أيضاً إيمانكم ". البعث [القيامة] والخلود إذن جزء لا يتجزأ من العقيدة المسيحية، وهو ما قر في قلوب الناس وظل ماثلاً في أذهانهم حتى اليوم. يقول د. (سيد عويس) : " بدراسة تاريخ الثقافات الغربية نجد أن "فكرة خلود الروح" قد لعبت دوراً أكبر من فكرة "وجود الله"." وقد لاحظ (ويليام جيمس) ذلك عندما قال : " إن الدين في الواقع عند الأغلبية من الناس يعني خلود الروح ليس إلا، وأن الله مُوجد هذا الخلود ". ويقول الكاتب الأسباني (ميجيل دي أنامنوا) : " كنت أتحدث إلى فلاح ذات يوم، وقد اقترحت عليه فرض عدم وجود الروح، وأنه لن يكون بعث ولا نشور بالمعنى التقليدي المعروف. فأجابني الفلاح قائلاً : وما فائدة وجود الله إذن ". وكان (لوثر) يؤكد نفس المعنى حين قال : " إذا لم تعتقد في اليوم الأخر ما ساوى إلهك عندي شيئاً ". تبلورت عقيدة الخلود وتوهجت في الفكر الديني الأوزيري، وكما كان "أوزيريس" هذا الرب الذي مات ليحيا، كان المسيح مثله فيما بعد، وهو ما جاء في نصوص الإنجيل عن المسيح : " هذا يقوله الأول والأخر الذي كان ميتاً فعاش "، وكذلك : " إنك حي وأنت ميت ". أما "أوزيريس" المصري فيقول : " سواءً عشت أم مت أنا "أوزيريس" ألج فيك، فأظهر بك من جديد أفنى فيك، وأخر على جنبي وبي تحيا الأرباب لأنني أحيا في القمح وأنمو فيه وعليه يعيش المبجلون أكسو الأرض سواءً عشت أم مت، أنا الشعير لا أبيد ولجت في النظام وأركن على النظام وبت رب النظام وانبثقت في النظام ". وقد رسخت فكرة البعث في العقيدة المسيحية، وبلورها المسيح في مقولة له ثم صارت تتجسد طقساً كنسياً. يقول السيد المسيح : " من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخر، لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق، من يأكل جسدي ويشرب دمي في وأنا فيه ". وفكرة أكل الإله أو الرب أو أجزاء منهما فكرة تعود إلى أزمان موغلة في القدم، وهي تقوم على امتلاك الإله لقوة لا يمتلكها البشر، فإذا أكله هؤلاء الآلهة، أو جزءاً منه، حلت فيهم هذه القوة الإلهية. وقد آمن المصريون بمثل هذه الأفكار قبل التاريخ، ووصلت أصداء هذه العقيدة إلى عصر الأسرات، وهو ما يتضح في نصوص خاصة بالملك (يوناس)، أحد ملوك الأسرة الخامسة [ ق. م]، وقد ورد بهذه النصوص أن الملك (المتوفي) قد أكل كلمات القدرة وابتلع أرواحها، فصارت له قوة الآلهة فصار في مقدوره أن يتحرك في السماء. ويعلق (والاس بدج) على ذلك فيقول : " الكلمات المذكورة في نص (يوناس) لم تحدد بشكل قاطع أن الملك أكل أكباد الآلهة التي ذُبحت من أجله، ولكن هناك أدلة من إجمالي النص تشير إلى أنها من المفترض أن تشكل جزءاً من طعامه ". الرمز المقدس ربط البعض بين رمز الحياة المصرية "عنخ" وبين الصليب، واعتبروا الأول أصلاً للثاني. كما يحتوي المتحف القبطي بالقاهرة على شاهد قبر يحمل الرمزين معاً "عنخ المصرية" وصليب المسيح. أما فيما يخص "أوزيريس"، فقد كان له رمزه الخاص به، وهو عبارة عن عامود قمته مقسمة إلى أجزاء، ويعتبر هذا العامود المعروف بـ "جد" أو "دد" من أقدس الرموز المصرية. ويمكن ترجمته من اللغة المصرية بمعنى "البقاء" أو "الثبات" أو "الاستقرار". ولما كان هذا العمود رمزاً أوزيرياً محضاً ؛ فيمكن اعتباره دليلاً على بقاء "أوزيريس" واستمراره في الحياة رغم موته. وكان المصريون يقيمون في (منف) حفلاً يقيمون فيه هذا العمود حتى يستوي منتصباً. وفي (بوزيريس) كان إقامة العمود المقدس "جد" أحد الطقوس الجنائزية الهامة، وهو هنا أيضاً يعبر عن البعث : " أنه يوم دفن "أوزيريس".. في المقبرة الواقعة تحت أشجار اللبخ، ففي هذا اليوم أحضر جثمان "أوزيريس" المقدس، وبعد دفنه يقام الجد المقدس ". فإقامة العمود تعني الحياة أو القيامة من الموت. يقول (رندل كلارك) : " كان أعظم ما حققه المصري في ديانته من إنجاز هو تحويل هذا الإله [يعني "أوزيريس"] الذي يرعى الخصوبة بصفة عامة إلى مخلص للموتى، أو بمعنى أدق منقذهم من الموت ". لقد آمن المصريون بأنهم سيواصلون الحياة في روح "أوزيريس"، لذا كانت قيامته لب الحياة العاطفي، والحقيقة التي ترتكز حولها بنية الكون، وللتعبير عن هذا الكائن الهائل استخدموا رمزاً مستمداً من ماضيهم شبه المنسي، وهو عمود خشبي سموه "جد" أو "عمود الجد". وقد توحي لنا الإنشودة التالية بهذا المعنى : " أواه أيها العاجز الناعس أواه أيها العاجز في هذا الموضع الذي تجهله رغم علمي به ها أنا ذا قد وجدتك (راقداً) على جنبك أيها الغافي العظيم قالت "إيزيس" لـ"نفتيس" : أختاه هاك أخونا هلمي نرفع رأسه (...) لتحيا يا "أوزيريس" ولتجعل الناعس العظيم ينهض ". وفي موقع آخر : " أنا "إيزيس" التي تلبي نداء (الغوث) أنا "نفتيس" قم وانهض ولتستلق على جنبك، أيها الناعس العظيم ولتسكب ماءك ولتحرك دماءك (...) لتنهض يا "أوزيريس" ليقم الناعس العظيم على جنبه ". ويؤمن المسيحيون بأن الناس يبعثون بعد موتهم ليمثلوا بين يدي الله : " ورأيت الأموات صغاراً وكباراً واقفين أمام الله ". هذا ما جاء في نصوص الإنجيل، وهو ما جاء أيضاً في نصوص العقيدة المصرية القديمة عن "أوزيريس"، وهو أيضاً ما نراه على جدران المقابر ولفائف البردي. فـ"أوزيريس" هو "ملك يوم الدين المصري" ورئيس محكمة الأخرة، الذي يصدر حكمه بالشقاء أو بالسعادة على جميع الموتى.. وهو ما جاء عن المسيح أيضاً في الإنجيل : "لأنه كما أن الأب له حياة في ذاته، كذلك أعطي الابن أيضاً أن تكون له حياة في ذاته، وأعطاه سلطاناً أن يدين أيضاً لأنه ابن الإنسان". وكذلك: "لأن الأب لا يدين أحداً بل أعطى كل الدينونة للابن". وفي محكمة الأخرة يُنصب الميزان أمام "أوزيريس"، ليوزن فيه قلب المتوفي، وهو ما جاء أيضاً عن المسيح الذي يفحص القلوب : ".. فستعرف جميع الكنائس أني أنا هو الفاحص الكلى والقلوب وسأعطي كل منكم بحسب أعماله ". بين رؤيا (يوحنا) اللاهوتي ورؤيا (سي أوزير) المصري رأينا مما تقدم مدى التماثل بين العقيدتين المصرية والمسيحية في مسألة "الموت والبعث"، وهي الركيزة الأساسية التي ينهض عليها دين المسيح ودين "أوزيريس"، فلولا موت "أوزيريس" وبعثه ما كانت أهميته، وهي نفس الحالة بالنسبة للمسيح. وفي فصل سابق أوردنا فقرات عديدة من أسطورة (سي أوزير) المصرية. ومن نفس الأسطورة نقتطع المشهد التالي : "في يوم من الأيام دخل (رمسيس الثاني) بلاط القصر في (منف)، فوقف حوله في البلاط مجلس الأمراء والقواد ورجالات مصر، كل حسب رتبته، وكان أن دخل من يبلغ جلالته: "ثمة خبر جاء به أمير حبشي، عبارة عن رسالة مختومة بالشمع وضعها على جسده". فلما أُبلغ الفرعون بذلك تم اقتياد (الأمير) إلى البلاط فقدم فروض الطاعة، وقال : هل يوجد هنا من يستطيع قراءة هذه الرسالة التي حملتها إلى مصر، على ألا يفض الختم، أي يتلو الرسالة دون أن يفتحها، فإذا تبين أنه لا يوجد كاتب جيد أو رجل عالم في مصر يستطيع قراءتها دون فتحها فإنني سوف أفضح مصر في وطني بلاد الزنج ". "إن شئت أريتك – من له أذن فليسمع" وفي الإصحاح الخامس من رؤيا (يوحنا) اللاهوتي نقرأ التالي: "رأيت على يمين الجالس على العرش سفراً مكتوبا من داخل، ومن وراء مختوم بسبعة ختوم، ورأيت ملاكاً قوياً ينادي بصوت عظيم من هو مستحق أن يفتح السفر ويفك ختومه، فلم يستطع أحد في السماء ولا تحت الأرض أن يفتح السفر ولا ينظر إليه ". وتمضي الأسطورة المصرية فتروي أن ولي العهد حضر هذا المشهد في بلاط أبيه ملك مصر، فمضى إلى داره حزيناً مهموماً، فلم يكن في مصر حينذاك من بوسعه أن يقرأ الرسالة مغلقة ومختومة بالشمع. فلما رآه ابنه (سي أوزير) على هذه الحال سأله عما به، فلما أخبره أبوه طمأنه الابن بأنه يستطيع قراءة الرسالة.. وهي مختومة. وهكذا كان الذي يستطيع قراءة الرسالة المختومة بالشمع هو حفيد الملك نفسه، أي واحد من صلبه، وهو ما نصت عليه أيضاً رؤيا (يوحنا) إذ يستطرد فيقول : " فصرت أنا أبكي كثيراً لأنه لم يوجد أحد مستحقاً أن يفتح السفر ويقرأه ولا أن ينظر إليه، فقال لي واحد من الشيوخ لا تبك هو ذا قد غلب الأسد الذي من سبط (يهوذا) أصل (داود) ليفتح السفر ويفك ختومه السبعة ". لم يكن ذلك الحدث هو بداية القصة المصرية، بل نستطيع أن نقول أنه كان بداية الجزء الثاني منها، وعنوان القصة يدل على ذلك " (سي أوزير) يقود أباه إلى العالم الأخر وينتصر على السحرة الأحباش ". وكان (سي أوزير) طفلاً أعجوبة، ولد بعد معاناة والديه من عدم الإنجاب فترة طويلة، فلما أتم عامه الثاني عشر كان قد ألم بكل العلوم، بل وتفوق على أساتذته فيها. وذات يوم، إذ كان (سي أوزير) جالساً مع أبيه، فإذا بهما يسمعان نحيباً عالياً، فنظر الأب (سي توم) من نافذة بيته فرأى رجلاً يشيع إلى المدافن في الصحراء، مصحوباً بعويلٍ عالٍ وتكريمٍ كبير ومتعلقات فخمة، وذات مرة حدث أنه نظر فرأى رجلاً فقيراً محمولاً من (منف) إلى الصحراء، وقد لف جثمانه بحصير فقط ولم تصحبه أية متعلقات ". فظن الأب أن الأغنياء أوفر حظاً فقال له ابنه : " فليكن حظك في العالم الأخر مثل هذا الفقير، ولا يكن نصيبك مثل نصيب الغني عندما تنتقل في المستقبل إلى عالم الموتى ". فلما لم يفهم الأب ما ذهب إليه الابن، أجابه الصبي : " إن شئت أريتك.... ". ثم كان أن أخذ (سي أوزير) أباه من يده واصطحبه إلى مكان لا يعرفه الأخير، وهناك وجد بناءً به سبعة أروقة غاصة بالناس ". هنا في "الأسطورة المصرية" إذن بناء يتكون من سبعة أروقة، وهناك في "رؤيا (يوحنا) اللاهوتي" سبعة ختوم سوف تفتح فيما بعد، ليقودنا (يوحنا) إلى داخل كل منها ويطلعنا على ما فيها. وفي العالم الأخر، عالم "أوزيريس"، توجد سبع ساحات لها سبعة أبواب يقوم على كل منها حارس ومناد، كما تؤكد النصوص المصرية [القديمة] على وجود هذه الأبواب السبعة، التي يتحتم على المتوفي اجتيازها حتى يستطيع الدخول إلى عالم "أوزيريس". ولنذهب إلى نهاية المطاف، فبعد أن تجول (سي أوزير) وأبوه (سي توم) بستة أروقة، دخل الاثنان الرواق السابع : " وفيه رأى (سي توم) (طيف) "أوزيريس"، الإله العظيم، مستوياً على عرشه المصنوع من الذهب الخالص، متحلياً بتاجه الأبيض ". أما (يوحنا) اللاهوتي فيروي : " ولما التفت رأيت سبع مناير من ذهب، وفي وسط السبع المناير شبه ابن إنسان ". إن من رآه (يوحنا) ووصفه بـ "شبه إنسان" لم يكن سوى المسيح نفسه، كما رأى (سي أوزير) ووالده الإله العظيم "أوزيريس". ووصف (يوحنا) للمسيح بأنه "شبه إنسان" قد يوحي إلينا بمفهوم وعقيدة المسيحيين عموماً عن طبيعة السيد المسيح، والتي اختلف عليها اختلافاً عظيماً، فهل هو إنسان أم إله أم إنسان وإله في وقت واحد ؟. أما القول بإلوهية المسيح فيرجعه (هـ. ج. ويلز) إلى (بولس)، الذي ذهب إلى أن المسيح هو ابن الله، نزل إلى الأرض ليقدم نفسه قرباناً ويصلب تكفيراً عن خطيئة البشر، ويضيف (ويلز) : " وراح القديس (بولس) يقرب إلى عقول تلاميذه الفكرة الذاهبة إلى أن شأن المسيح كشأن "أوزيريس" : كان رباً مات ليُبعث حياً وليمنح الناس الخلود ". وقد كان من نتيجة فترة الاضطهاد والاضطراب، التي تعرض لها المسيحيون على أيدي اليهود والرومان ؛ أن نشأت خلافات مذهبية بين المسيحيين أنفسهم، وكان أعظم ما اختلفوا عليه هو طبيعة المسيح، وهنا جمع (قسطنطين) إمبراطور الروم البطاركة والأساقفة فيما يسمى بمجمع نيقية سنة م. وشجر الخلاف بينم مصريين كان أحدهما رجلاً يدعى (أريوس) نادى بأن : "الأب وحده الله والابن مخلوق مصنوع، وقد كان الأب إذ لم يكن الابن". أما الطرف الثاني في هذا الصراع الديني فكانت الكنيسة المصرية ذاتها، أي كنيسة (الإسكندرية) التي آمنت بالثالوث، ويبدو أن انضمام كنيسة (روما) إلى كنيسة (الإسكندرية) هو الذي حسم الأمر، الذي انتهى بقتل (أريوس) وبعض مؤيديه، وتقلص عدد أعضاء هذا المجمع الشهير من إلى عضواً، هم الذين آمنوا بالثالوث وإلوهية المسيح، وأصدروا قرارهم بذلك، فهل كانت لطبيعة المسيح هذه علاقة بطبيعة "أوزيريس" كما ألمح (ويلز) إلى ذلك ؟. لقد كان "أوزيريس" الوحيد بين الأرباب المصريين الذي اتخذ هيئة إنسانية فقط. وقد رسمته الأساطير المصرية على شكل رجل طيب، نبيل، جميل، وهو ما التزم به الفنان المصري في تصويره لـ"أوزيريس" على جدران المعابد والمقابر. ومن ناحية أخرى يقول سير (والاس بدج) : " من مئات النصوص الجنازية نعلم أن "أوزيريس" كان بشكل جزئي إله وجزئياً إنسان، بمعنى أنه كان يمتلك طبيعتين بعكس جميع الآلهة المصرية الأخرى، كذلك كان له جسدان، أحدهما لإله والأخر بشري، وله روحان إحداهما روح إلهية والأخرى بشرية. والجسد البشري طبقاً للتراث المدون بواسطة (بلوتارخ) عاش في يوم ما على الأرض، ومات بطريقة متوحشة بعد أن شوهه أخوه، ولكن قرينته الأنثى (يقصد "إيزيس") نجحت في أن تستخلص معرفة كلمات وطقوس محددة من الإله "تحوت"، وتعلمت الطريقة المثلى لتلاوة هذه الكلمات وإقامة الطقوس، وبواسطتها استطاعت أن توقظ الحياة في الجسد الميت لـ"أوزيريس". " فإذا عدنا إلى "رؤيا (يوحنا)"، وجدناها تصف المسيح – الجالس على العرش، كما جلس "أوزيريس" المصري أيضاً على عرشه- فتقول : " وكان الجالس في المنظر شبه حجر اليشب والعقيق". أما المصريون [القدامى]، فكانوا يعتقدون أن الأرباب من معدن ثمين: "فلحمها كان من ذهب وعظامها من فضة وشعيراتها الدقيقة من اللازورد". وترتبط هذه الفكرة عن مادة الأرباب بإيمان المصريين بالخلود، فهذه المادة الثمينة لا تتلف ولا تبلى، وهو ما ينطبق أيضاً على جسد "أوزيريس". أما اليشب والعقيق اللذان ذكرهما (يوحنا) فكانا حجرين كريمين، يدخلان ضمن مكونات تمثال يصنع للإله المصري "سقر"، الذي اتحد مع "أوزيريس". أما عن المظهر الخارجي فيصف (يوحنا) المسيح بأنه كان : "متسربلاً بثوب إلى الرجلين، ومتمنطقاً عند ثدييه بمنطقة من ذهب. وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج". أما "أوزيريس" المصري فإنه يلبس تاجاً أبيض – كالثلج – ويتسربل أيضاً بثوب أبيض إلى الرجلين، كما تغطى صدره منطقة نعرف من خلال نص مصري (قديم) أنها كانت أيضاً من الذهب، فقد كلف الملك (سنوسرت الثالث) أحد موظفيه المقربين إليه، يدعى (أقر نفرت)، بالإشراف على حفل سنوي كان يقام لـ"أوزيريس"، وكان هذا التكليف يقوم أساساً على تزيين : "صورته "أوزيريس" السرية الخاصة بالذهب الخالص، الذي "الإله" سمح لجلالتي بإحضاره من النوبة بكل شجاعة وانتصار، ولا شك إنك سوف تؤدي ذلك على أكمل وجه من أجل أبي أوزيريس ". وفيما يبدو أن الرجل نفذ أمر الملك وهو ما تضمنته وثيقة خلفها ورائه يقول فيها : " وزينت صدر إله (أبيدوس) باللازورد والفيروز والذهب الخالص ". ويصرح (يوحنا) بأن من رآه ووصفه لم يكن سوى الله نفسه، الذي هوى (يوحنا) عند قدميه، فطمأنه الله وقال له : " لا تخف أنا هو الأول والأخر والحي وكنت ميتاً وها أنا حي إلى أبد الآبدين، آمين، ولي مفاتيح الهاوية والموت ".
منقوول
_________________ حسن بلم | |
| |