ـ "لم أكتب عن الانتخابات التي تجري حاليا، لأنني لست متخصصاً في النقد المسرحي"، عبارة كتبتها عام 2010 في صحيفة (المصري اليوم)، إجابة على سؤال قارئ استغرب أنني لم أكتب تعليقاً على الانتخابات البرلمانية التي أجريت وقتها. وأعيد نشر العبارة اليوم، إجابة على سؤال من قارئ يسألني عن تجاهلي المسرحية الانتخابية الأخيرة، ولا أجد جديداً أحب أن أضيفه، أو قديماً أحب أن أعيد نشره بشأن هذه الانتخابات، سوى عبارة نشرتها في صحيفة (الدستور) عام 2005، تثبت الأيام مدى صحتها، قلت فيها "الذي يعرف ما يجري في يوم الانتخابات، من تزوير وقمع وكذب وشراء للذمم، ثم يصفه بأنه عُرس هو راجل عُرس".
ـ للأسف، ضاعت، في الأسبوعين الماضيين، عدة فرص سانحة ومهمة، لزيادة مرتبات القضاة وزيادة المعاشات العسكرية، وأخشى أن لا تأتي هذه الفرص قبل أسبوع على الأقل.
ـ قالوها من قبل في الأمثال "كل شيلّلو يشبه إلّلو، حتى الحمار وقانيه، والبرلمان وراعيه".
ـ كل شيء في الدنيا يهون، إلا العبث بالمقدسات، لا يهم اختطاف البشر وتعذيبهم وإخفاؤهم قسرياً، وتدمير مستقبل أبنائهم. لا يهم أن يتم قتل الناس في الشوارع في وضح النهار، ليس مهماً أن تُسرق البلاد وتُنهب ثرواتها، لا يهم أن يعيش الناس في بلادهم كالسوائم، لا يجرؤون على تقرير مصيرهم، ولا حتى التساؤل عنه. ما يهم كل مصري شريف ألا يتم المس بالدين ومقدساته، لأن مصر مذكورة في القرآن، ومحروسة بأولياء الله الصالحين، فضلاً عن أنها كنانة الله في أرضه، وبما أن أهلها خسروا الدنيا، فلا يعقل ولا يصح أن يخسروا الآخرة، وهي خير وأبقى. لذلك، ولذلك كله، لا ينبغي أن يتم التعامل ببساطة مع الممثل الأميركي، المدعو مورجان فريمان، والبرنامج الذي يقدمه عن الذات الإلهية، والذي يصور بعض أجزائه في شوارع مصر، كيف يمكن السماح لشخصٍ يرتدي حلقاً في أذنه، أن يتحدث في الدين، من دون الحصول على تصريح من الأزهر، أو دار الإفتاء، أو الجمعية الشرعية، أو الدعوة السلفية، أو جمعية الشبان المسلمين، وغيرها من الهيئات الدينية المرموقة التي يحفظ الله مصر ببركاتها، من سينفعنا لو قال هذا الممثل المارق كلاماً يغضب الله تعالى، فتحل على مصر اللعنة، وتصبح من أكثر الدول فساداً ومحسوبية وظلماً وتلوثاً وتخلفاً، وأسوئها تعليماً وصحة، وأمناً واقتصاداً.
أرجوكم، لا تسمحوا لهذا الهوليودي المارق أن يخرج من مصر، قبل أن تراجعوا ما قاله في حق الله تعالى، كلمة كلمة، وتحذفوا منه كل ما يتعارض مع إسلامنا الوسطي الجميل. ليس هذا فحسب، ضعوه قيد الإقامة الجبرية، ولا تسمحوا له بالخروج من مصر، قبل أن يسجل (أسماء الله الحسنى) بصوته المؤثر، لعل الله يجعله سبباً في نصرة دينه، وإن رفض ذلك، فاعقدوا له جلسة نصح وإرشاد، يحييها الشيخ عبد المنعم الشحات والدكتور أحمد كريمة والشيخ علي جمعة والشيخ ياسر برهامي والشيخ مظهر شاهين، وغيرهم من الرموز الإسلامية المشرقة. ويمكن أن ينضم إليها عبر (سكايب) الشيخ وجدي غنيم والشيخ عاصم عبد الماجد. وعبر التليفون الأرضي، الشيخ محمد عبد الرحمن البر والشيخ عبد الله بدر، بالتنسيق مع لجنة يشكلها بطريرك الإسكندرية ولفيف من آباء الكنائس المختلفة الذين لا يرضيهم أيضا الكلام عن الرب، أو التدخل في الدين، من دون نيل التصاريح اللازمة، وإن رفض المدعو مورجان توصيات تلك الجلسة، أو رفض خلع الحلق في أثناء حضورها، فعذبوه بإشراف لجنة من مشايخ الأزهر الشريف، حتى يتوب وينيب، فإن أبى فاقتلوه دهساً بالمدرعات، في ميدان رابعة العدوية، ثم أحرقوا جثته التعيسة في ميدان النهضة، وانثروا رمادها أمام كل المحاكم والنيابات ومعسكرات الجيش واستراحات ضباط أمن الدولة، ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه المساس بدين مصر، ودين حكام مصر، ودين ضباط مصر، ودين وعاظ مصر، ودين قضاة مصر، ودين ساسة مصر، ودين رجال أعمال مصر، ودين إعلاميي مصر، ودين آبائهم ودين أمهاتهم إلى يوم الدين.
ـ ظل يشرح لأصدقائه على القهوة بحماس بالغ، الفرق بين مفهومي (الجانج بانج) و(الأورجي)، بعد أن لاحظ اختلاطهما في ذهن أصدقائه. وحين عاد إلى البيت، كان أول ما فعله ضغط لايك على بوست يطالب بمحاكمة فنانةٍ، لا تجد حرجاً في مشاهدة الأفلام الجنسية.
"يظل الكلب أفضل صديق للإنسان، ليس فقط لأنه لا يغدر بك أبداً، بل لأنه لا يبادر إلى نصحك كلما رآك"
ـ أسأله عن أحواله، فيهز كتفيه ويمط شفتيه، ويقول لي، والكلام يطلع من فمه بالعافية "أهوه عايشين"، فأفكر لحظات في أن أصفعه، قبل أن أقول له "ده في حد ذاته إنجاز في اليومين دول"، لكني أفكر في أن أدعه في غيّه، لأن تنبيه إنسان ظلوم كفار إلى إنجاز عظيم مثل هذا لن يغيّر تفكيره أبداً.
ـ للأسف، لو توقفنا عن الادعاء والكلام المجاني وقتل المعنى، وكان كل إنسان قدّ كلمته، ومات من الضحك فعلاً، بدلا من أن يكتفي بكتابة تعليقات على بوستات أصدقائه من نوعية: "حرام عليك هموت من الضحك.. إنت قتلتني ضحك.. أنا مفشوخة ضحك وهاموت خلاص"، لما كنا نشكو الآن من الزيادة السكانية.
ـ يظل الكلب أفضل صديق للإنسان، ليس فقط لأنه لا يغدر بك أبداً، بل لأنه لا يبادر إلى نصحك كلما رآك.
ـ حتى الآن، كل عسكري مر على هذه البلاد أخذ حقه تالت ومتلت، إلا المطرب الشعبي أنور العسكري.
ـ يا عزيزي أنت لست موهوبا كشاعر، أنت موهوب كغاضب، وهذا شيء آخر تماما.
ـ يظل المواطن في بلادنا راضياً ومتصالحاً مع إقامته في قعر بلاعة سياسية واقتصادية واجتماعية، لكن يركبه مائة عفريت، لو أنك قلت له إن القطع البنية التي تغطي وجهه وجسده، اسمها العلمي: خراء.
ـ لعلك لا تحتاج إشارة إلى مدى قبح الحياة، أكثر وضوحاً من منظر الأطفال فور خروجهم من بطون أمهاتهم. ومع ذلك، لا يرى أهلهم ذلك القبح الذي يخرج أطفالهم به إلى الدنيا، ويتبارون في الحديث عن جمال ملامح أطفالهم، ويتنافسون في تقرير ما إذا كان الأطفال طالعين للأب الوسيم أو للأم الحسناء أو للخالة الجذابة أو للعم اللطيف. وبالطبع، لا يجرؤ أحد على أن يصارحهم بقبح أطفالهم، على أمل أن تتحسن الأحوال، حين يكبرون، ويكتسبون مظهراً حسناً، يخفي قبح نفوسهم.
ـ قال المفكر اللبناني اليساري مهدي عامل: "لست مهزوماً ما دمت تقاوم"، وأقول رغبة في تطوير كلامه إلى شكل أكثر واقعية: "لست مهزوماً ما دمت تقاوح أنك مهزوم"، فقد كانت المقاوحة، ولا تزال، نسخة مصرية لطيفة وقليلة التكلفة عن المقاومة.
ـ تستطيع أن تدرك الكثير عن أحوالي المزاجية، واهتمامي بتطورات الأحداث، لو قلت لك إن أهم حدث محلي وإقليمي، طوال الفترة الماضية، كان عثوري على مسلسلي (وكسبنا القضية) و(أهلا بالسكان)، على موقع يوتيوب بعد طول انتظار. بعد أن استمتعت بمشاهدة المسلسلين، قلت لنفسي في لحظة تنوير: كان ينبغي أن ندرك أن الشعب الذي يصدق أن عبد المنعم مدبولي يمكن أن يلعب دور والد عمر الحريري، وأن بدر نوفل يمكن أن يلعب دور حسن عابدين، يمكن، بالتالي، أن يصدق أن عبد الفتاح السيسي سينقذ العالم.
_________________
حسن بلم