الإهداء
فِي زَمَنِ الحُبِّ وَالحَرْبِ
ثَمَّةَ زَمَنٌ آخَرُ لِلكِتَابَةِ وَالأَمَل ..
إلِي الْحَاضِرِ الغَائِبِ دَائِمًا
وَإلِي ثَلاثِينَ عَامًا مَضَتْ
محمود
السُّؤاَلُ الَّذِي يَجْرحُ وَجْهِي !
مَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَىّ
وَجْهِي ؟
ثَمَّةَ أَوْجُهٌ كَثِيرَةٌ فِي شَوَارِعِ الله ..
إِذَنْ رُبَّمَا الْقَلْبُ
فَمَا الَّذِي يَجْرَحُ الْقَلْبَ
حِينَ أَسْألُ عَنْ طَرِيقٍ إِلَىّ ؟
أَنَا الَّذِي هَامَ ...
وَذَاتَ مَرَّةٍ مَضَي
فِي شَـوَارِعِ الله
مِثْلَ فَرَاشَـةٍ
عَلَي بَابِ رُوحٍ صَدِئة ..
مِثْلَ رُوحِي التي تَضِجُّ
فَالسُّؤالُ الَّذِي يَجْرَحُ القَلْبَ
هُوَ السُّؤالُ الَّذِي يَجْرحُ وَجْهِي
إِذَنْ هُوَ اسْمِي
لَكِنَّهُ لاَ يَأْبَهُ كُلَّمَا نَادَيْت.
ثَمَّةَ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ
تَدُلُّ عَلَى الرُوحِ لَكِنَّهَا
لاَ تَدُلُّ عَلَىّ
مِثْلَ مُسَافِرٍ نَسِيَ
نِصْفَ حَقَائبِهِ
آهٍ
حِينَ نَفْقِدُ نِصْفَ الْحَقِيقَةِ
عَلَى رَصِيفٍ مَا ..
لَيْسَ أَمَامِي سِوَي الرُّوحِ
لَكِنَّ الرُّوحَ نَسِيَتْنِي
حِينَ عَبَرَتْ إِلَى شَوَارِعِ الله
تَسْأَلُ عَني .
عَرَفْتُنِي بِاسْمِي
عِنْدَ بَابِ البَحْرِ
لاَ بَحْرَ ..
تَحْتَ أَيِّ سَمَاءٍ
لاَ سَمَاء ..
غَيْرَ أنَّنِي تِلْكَ الرُّوحُ الَّتِي
يَتَخَبَّطُهَا الشَّيْطَانُ ..
عَرَفْتُنِي بِاسْمِي
كُنْتُ أَخْلَعُ جِلْبَابَ صَبْرِي
وَكُنْتُ
هُـنَا
بَيْنَ بَابِ البَحْرِ
وَتَحْتَ السَّمَاءِ ..
كُنْتُ أَحْزَنُ لأَجْلِ لُعْبَةٍ
الآَنَ
أَحْزَنُ لأَجْلِ أَشْيَاءَ كَثِيْرَةٍ
وَمُهْمَلَةٍ ..
وُلِدْتُ عَلَى أَمَلٍ
وَسَأمُوتُ كَغَيْرِي عَلَى أَمَلٍ
هَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ
وَرَقَةً ....
عَلِّقُوهَا
بَيْنَ أَشْيَائِكُمْ الثَّمِينَةِ
وَلاَ تَنْسَوْا
أَنْ تُطَيِّرُوهَا لأَسْفَل ..
طَيِّرُوهَا
لَيْسَ سِوَي الصَّبْرِ
وَالرُّوحِ
وَالسَّمَاء ..
لَيْسَ سِوَايَ / سِوَاكُمْ
خَلْفَ هَذَا التَّعَب .
أَدْمَتْنـَـا الشَـــوَارِعُ
كَبِرْنَا
صِرْنَا نَجُرُّ الأَيّامَ كَعَرَبَةٍ
مُتَّسِخَةٍ بِالغُبَارِ وَالأَلَم ..
نَنَامُ وَالأَشْيَاءُ عَلَى سَجِيَّتِهَا
تَتَخَطَّى الفُزَّاعَةَ وَالْصَّبْرَ
أَحْلاَمِي وَاسِعَةٌ
وَالْخَدِيعَةُ تَعْرِفُ الطَّرِيقَ إِلَىّ ..
نَسِيرُ
أَدْمَتْنَا الشَوَارِعُ
كُلُّ شَارِعٍ لَهُ عَلاَمَةٌ
وَكُلُّ عَلاَمَةٍ سَقَطَتْ مِنْ حِذَائِي
مَرَّتَيْن ..
لاَ أَمَلَ يُصَاحِبُنِي
إِلَى نِهَايَةِ العَالَمِ
وَلاَ حَقِيقَةَ تَهْبِطُ فِي الَّليْلِ ..
أَدُورُ بِعُكَّازٍ
لِتَقُودَنِي المَرَايَا إِلَى البَحْرِ
كَمْ أَكْرَهُ أَنا البَحْـرَ
وَكَمْ أُحِبُّهُ !
أَسْحَلُ الأَصْدِقَاءَ بِالمَقْهَى
فَيَسْبِقُنَا النَرْدُ
آَهٍ ..... أَيُّهَا العَالَمُ
كَبِرْنَا
صِرْنَا نَجُرُّ الأَيّاَمَ كَعَرَبَةٍ ..
لَقدْ بَاعَنِي الشِعْرُ
وَلاَ حِيلَةَ لِي
لاَ يَأْسَ وَلاَ أَمَل ..
أَعْرِفُ أَنَّنِي لَنْ أَمُوتَ مَرَّتَيْنِ
وَالسَتَائِرُ بِالْكَادِ تَكْفِى
غِطَـاءَ جَبْهَتِي
***
العَنَاكِبُ تُفَتِّشُنِي أَيُّهَا العَالَمُ
وَلاَ أَمْلِكُ الآَنَ
سِوَىَ فَضِيْحَةِ قَلْبِي
وَرُوحِيَ المُكْتَظَّةِ بِالعَثَرَاتِ
وَالأَلَـم
***
الْشِعْرُ خَسِرْنَاهُ
مَاذَا نَصْنَعُ بِالأَمَلْ !
أَشْيَائِي تُبَاغِتُنِي بِالذَّهَابِ إِلَي الدُكَّانِ
وَوَحْدِي ....
أَهُشُّ ثَلاَثِينَ خَيِبَةً كَامِلَةْ .
الْوَلَد ...
يُعَلِّقُ وَرْدَةً فِي فَضَاءٍ مَشْغُوُل
الْوَلَدُ الَّذِي لَمْ يُؤَنِّبْنِي يَوْمـًا
عَلَي فِعْلٍ مَا
الآَنَ يَطْلُبُ مِنِّي
وَبِهدُوءٍ شَدِيدٍ
أَنْ أَعْتَذِرَ لِلزَّمَن ..
لَيْسَ لأَنَّ السَنَوَاتِ الَّتِي تَسْقُطُ
مِنْ بَيْنِ الأَصَابِعِ
تُشْبِهُ خَيْطَ طَائِرَةٍ وَرَقِيَّةٍ
لاَ ........
وَلَيْسَ لأَنَّنِي لاَعِبُ النَرْدِ الوَحِيِد
وَلَكِنْ
ثَمَّةَ غُصَّةٌ فِي الرُّوحِ
تُجْبِرُ الْوَلَدَ
لِيُطَالِبَنِي بِاعْتِذَارٍ مَا ..
الْوَلَـد
كَانَ يمْنَحُنِي دَهْشَتَهُ وَيَطِيرُ
كَانَ كَلِمَةً لاَ تُفْضِي لِشَيءٍ
إِلاَّ
لِغَابَاتٍ مِنْ الحَبَقِ وَالعَوَاطِفِ
الَّتِي تُشْبِهُ الفَرَاشَاتِ
الْوَلَـد
كَانَ خَجُولاً بِقَدْرٍ كَافٍ
لِيَجْعَلَ طَائِرَتَهُ الوَرَقِيَّةَ
بِمَعْزِلٍ عَنِ الأَرْضِ
لِيَقْتَنِصَ وَحْدَهُ وَدُونَ غَيْرهِ
نُجُومـًا
لَمْ تَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ
سِــوَي
وَرَقٍ مُعَلَّقٍ
فِي شُبَّاكٍ قَدِيــم ..
وَرَغْمَ ذَلِكَ
كَانَ يُشْبِهُنِي، بِانْحِنَاءَةِ قَلْبِهِ
وَرُوحِهِ الَّتِي تَضْجُرُ
بِمُجَرَّدِ أَنْ تَنْتَبِهَ لِلعَالَمِ الَّذِي أَبْكَاهَا
ا
لـ
و
لـ
د
أَقْلَعَ عَن الدُّخَانِ ؛
لأَنَّ الدُّخَانَ صَارَ بِلاَ طَعْمٍ
وَلاَ عَمَلَ لَـهُ ..
اِنْتَحَي
كَيْ يَبُوحَ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً
عَلَي وَرَقٍ
لاَ يَصْلُحُ لِصُنْعِ الْطَائِراتِ الوَرَقِيَّةِ ..
أَدْمَنَ الْضَحِكَ
لأنَّ البُكَاءَ صَارَ أَصْعَب ..
مَضَي
لاَ يُعَلِّقُ وَرْدَةً فِي فَضَاءٍ مَشْغُولٍ
وَلاَ ينْتَظِرُ وَصَايَا مِنْ أَحَـد ..
أَصْبَحَ أَكْثَرَ إِدْرَاكـًا
بِكَوْنـِهِ
لاَ شَيءَ عَلَي الإطْلاقِ
وَأنَّ كَافَّةَ الفَرَاشَاتِ لاَ تُشْبِهُ
عَوَاطِفَهُ
وَأنَّهُ الْوَحِيد
الَّذِي صَارَ فَوْقَ دَرَّاجَةٍ نِصْفِ
بُخَارِيَّةٍ
مِثْلَ تَذْكَرَةِ سِينما مُهْمَلَة ٍ
وَرَغْمَ ذَلِكَ
...................
يُؤَنِّبُنِي الآنَ
يَسْألُنِي عَنْ مِعْطَفٍ بَارِدٍ
وَأَصَابعَ تَبْدُو لِلْوَهْلَةِ الأُولَي
أَصَابِعَهُ ......
وَجسَدٍ
الْوَلَـد
لاَ يُحِبُّ المَسْرَحَ
لَكِنَّهُ مُقْتَنِعٌ تَمَامًا بصموئيل بِكِيت
وَدَائِمًا فِي اْنتِظَارِ جودو.
لأَنَّ فِي النِسْيَانِ دَائِمًا.. لاَ شَيْءَ
إِلَى النِّسْيَانِ نَمْضِي
كَأَنَّمَا نَنْحَدِرُ بِبِطْءٍ إِلَى الفَرَاغِ
المُـرَاوِغِ
- وَبِهُدُوءٍ - نُمْسِكُ بِضَحِكَاتِنَا
المُتَلَبِّسَةِ بِالحَيَاةِ وَالأَمَل
نَقِفُ عَلَى عَتَبَاتِ الذَاكِرَةِ
كَضَرِير ٍ
يَخْمِشُ الأُفْقَ بِأَصَابِعِهِ
نَتَرَبَّصُ بِأَنْفُسِنَا
تَمَامًا مِثْلَمَا يَتَرَبَّصُ الذِّئْبُ
بِفَرِيسَتِهِ ..
وَفِى النِّهَايَةِ
لاَ أَحَد
لأنَّ فِي النِسْيَانِ - دَائِمًا – لاَ شَيْء
الزَّمَنُ
المَحَبَّةُ وَالتَّجْرِبَة ..
إِجَابَاتٌ تَتَهَاوَى
مِثْلَ ضَفَائِرَ مُبْتَلَّّةٍ بِالنَّدَم ..
الحُبُّ
الْحَقِيقَةُ وَالوَهْم ..
أَشْيَاءُ غَامِضَةٌ
مِثْلَ ضَحِكَاتِنَا الَّتِي تَسِيْرُ
فِي الشَّوَارِعِ وَالْحَانَاتِ
النِّسْيانُ..
هِيَ الكَلِمَةُ
الَّتِي نَصْطَادُ عَلَيْهَا الغِيَابَ
بِلا طُعْـم ..
وَلأنَّنا نَنْسَى حَتَّى رَغبَاتِنَا
المَجْرُوحَةَ
وَنَقِفُ وَحِيدِينَ
بَيْنَ هَوَاءٍ شَاغِرٍ
وَبَيَاضٍ
يَبْدُو كَالدَّمَامِلِ عَلَى أَسْطُحِ البَيْتِ
ثَمَّةَ فَرَاغٌ يَمْلأُ العَالَمَ
وَصِغَارٌ يَشْبِكُونَ الحَيَاةَ
بِخَيـِطْ .
نِصْفُ مِقْعَدٍ لاصْطِيَادِ لَحَظَاتٍ جَمِيلَةْ
أَكْتُبُ
مِثْلَمَا كَتَبَ بَابليو نيرودا
عَنْ مُتَعِ الحَيَاةِ وَالعَيْشِ
أَسْتَسْلِمُ لِدَمْعَةٍ عَابِرَةٍ
تَحْتَ لِسَانِي ..
أَرَى الغَيْمَ نَافِذَةً
بَعْدَمَا أَغْلَقَ الصَّبْرُ دُكَّانَهُ ..
فَمَنْ يُعِيِدُ لِي
حِذَائِي الَّذِي يُشْبِهُنِي ؟
ثُمَّ يَنَسَلُّ
مِثْلَ رَايَةِ الحِدَادِ هَذِهِ ..
كُلُّ دَمْعَةٍ يَا أَبِى
لَمْ تَكُنْ لِي
كُلُّ بُكَاءٍ صَادِقٍ
رُبَّما
لَمْ يَكُنْ مِنَ القَلْبِ ذَاتِهِ ..
رَأَيْتُ وَاحِدًا وَثَلاَثِينَ كَوْكَبًا
وَلَمْ أَرَنِي ..
مُمَدَّدًا
مِثْلَ شِرَاعٍ فَقِير ..
لَكِنَّ الصَّبْرَ نَفِد
وَسَقَطَتْ كَوَاكِبِي فِي الجُبّ ..
الحَيَاةُ لاَ تَعْنِي بِالضَّرُورَةِ
شَيْئًا
وَالدَّمْعُ الخَالِصُ
مِثْلُ طَائِرَةٍ وَرَقِيَّةٍ
هَـرَب
وَحِذَائِي ضَاع ..
ثَمَّةَ لَحْظَةٌ تَأتِي
وَمَعَ ذَلِكَ لاَ تَمْسَحُ الفَرَحَ جَيِّدًا
كُلُّ مَرَّةٍ تَمْنَحُنِي الفَرَاغَاتُ
ظِلِّي ..
أَيَا ظِلِّي
كَيْفَ تَبْدُو مُضِيئًا
وَأَنَا خَافِتٌ
وَكَيْفَ لَمْ أَفْهَمْ
أَنَّكَ لِي ..
سُورٌ لِلْحَدِيقَـةِ
وَبَابٌ لِقَلْبِي
صُوَرٌ عَائِلِيَّةٌ
وَرِفَاق ..
حَصَىً فِي جَبِينِي
زَمَنٌ آهِلٌ بِالخُسَارَاتِ
نِصْفُ مِقْعَدٍ
لاصْطِيَادِ لَحَظَاتٍ جَمِيلَة ..
كَيْ أَسْتَطِيعَ الكِتَابَةَ
عَنْ مُتَعِ الحَيَاةِ وَالعَيْشِ
لَمْ تَخُنِّي الطِيْبَةُ
وَلَمْ يَمْنَعْني الأَلَـم ..
أَكْتُبُ
لاَ لأُطْلِقَ دَمْعَةً عَابِرَةً
أَوْ لأُقْصِصَ رُؤْيَايَ
بَلْ لأَنْسَى ..
فَلَيْسَتِ الحَيَاةُ بِالضَّرُورَةِ
رِهَانًا أَنِيِقا.
لَيْسَ ثَمَّـةَ بَحْر
ذَاتَ مَرَّةٍ
سَوْفَ نَرْمِى بِأَنْفُسِنَا إِلَى الْبَحْرِ
لاَ لِنَغْرَقَ
وَلَكِنْ
لِنَغْتَرِفَ بِأَيْدِينَا
وَجْهَ الْعَالَمِ وَمِلْحَهُ ..
نَفْتَحُ صُدُورَنَا لِلْهَوَاءِ
كَيْ يَسْتَظِلَّ الْعَالَمُ بُرْهَةً
مِنْ وَعْثَاءِ الأَرْضِ ..
كَيْ نَرْمِىَ بِأَنْفُسِنَا إِلَى الْبَحْرِ
ثُمَّ نُنَادِى :
أَيَا صَيَّادِي الْعَالَمِ وَغَوَّاصِيهِ
مِنْ أَيْنَ يَقْبُعُ الألَمُ
وَكَيْفَ تَسْتَظِلُّ الأراجِيحُ
فِي هَذِهِ الْبُقْعَةِ مِنَ الزَّمَن ..
حِينَ نَتْرُكُ بَعْضَ الْوَسَاخَاتِ
عَلَى حَبْلِ أَيَّامِنِا
حِينَ يَتَوَسَّدُ الْحُزْنُ أَشْيَاءَنَا
كَالْغَرِيقِ تَمَامًا
وَيَقْبُعُ تَحْتَ نَافِذَةٍ
مِنْ بُكَاءٍ وَفَرَاغَات ..
حِينَ نَفْتَرِضُ الْطُّرقَ
لَكِنَّنَا لاَ نُجِيدُ السَّيرّ فِيهَا ..
حِينَ تَبْدُو الْبِلاَدُ
بَحـْرًا
لَيْسَ بِهِ سَمَكٌ
أَوْ صَدَفٌ أَوْ مَاء ..
حِينَ يُطَالِبُنَا الْصَّيَّادُونَ
بِبَعْضِ التَّأَهُّبِ لاَ الصَّبْرِ
لَيْسَ ثَمَّةَ بَحْرٌ
بَلْ فَضَاءٌ رَتِيبٌ يَسْكُنُنَا
أَيَّامٌ تَمْضِى بِلاَ عَوْدَةٍ
وَصَحْبٌ
يَتْرُكُوْنَ خُسَاراتٍ وَمُدُنًا
وَحُرُوبًا عَظِيمَةً
وَثآلِيـل .
كَانَ زَمَنًا لَكِنَّهُ مَرّ !
كَانَ عِنَادًا مُمَلَّحًا
ذَلِكَ الَّذِي تَرَكْنَاهُ
يَرْكُلُ الْكُرَةَ أَمَامَنَا كَطِفْلٍ
وَيَهْرُب..
كَانَ عِنَادًا لَكِنَّهُ
أَبْيَضُ
كَبَيَاضِ قُلُوبِنَا
وَنَحْنُ نَضْحَكُ لِلزَّمَن
***
كَانَ ضَحِكًا سَخِيفًا
حِينَ تَرَكْنَاهُ يَكْبُرُ
عَلَى مَلامِحِنِا
دُونَ أَنْ نَعِىَ أَنَّ لِلزَّمَنِ
مَخَالِبَهُ
وَعَلامَاتِهِ الَّتِي تُشْبِه ُ
قَوْسَ قُزَح
***
كَانَ زَمَنًا لَكِنَّهُ مَرَّ
مِثْلَمَا تَمُرُّ سَيَّارَةٌ حَرْبِيَّةٌ
فَدَهَسَتْنَا
عَلَى طَرِيقٍ خَالٍ
الآنَ لَيْسَ سَهْلاً
أَنْ نَبْتَاعَ عِنَادًا مُمَلَّحًا
( فَهَلْ يُصْلِحُ العَطَّارُ مَا أَفْسَدَ الدَّهْرُ )
كَانَ زَمَنًا لَكِنَّهِ ... مَرّ .
ذَهَبَتِ الأيَّامُ يَا عَمَّتِي
إِلَي عَمَّتِي سِتّ بِنْتْ عَنِيْنِي تِلْكَ الْمَرأَةُ الَّتِي تُشْبِهُ النَسْيَّانِ تماماً
إِيهِ يَا عَمَّةُ سِتّ
وَأَنْتِ تَجْلِسِينَ عَلَي حَافَةِ النِّسْيَان ِ
كَمِسَلَّةِ حَمُورابي
بَيْدَ أَنَّ الزَّمَنَ سَرَقَ نُورَ عَيْنِكِ
وَتَرَكَكِ - بِالكَادِ - تَجْتَثِّينَ الذِّكْرَيَاتِ
بِدُونِ عِيَالٍ
أَوْ زَوْج ..
لاَ زِلْتِ تِلْكَ الْعَمَّةَ
الَّتِي تَقْذِفُ الأطْفَالَ
بِنَعَالِ آبائهِـم
وَتَشْتَكِي للهِ فِي الَّليْلَةِ
مِائَةَ مَرَّةٍ
وَتَنَامُ فِي الْقَشِّ
مِثْلَ دورامار
تِلْكَ الْمَرْأَةُ المُكْتَئِبَةُ الْحَزِينَةُ
عِلَي حَدِ تَعْبِيرِ بيكاسُّو ..
ذَهبَتِ الأيـَّامُ يَا عَمَّتِي
وَالسُّلَّمُ المُوسِيقِيُّ
لَمْ يَعُدْ يَكْفِي
وَالطِّيبَةُ
مِثْلُ خَفَافِيشِ الَّليْل ..
إِيهِ يَا عَمَّةُ سِتّ
وَأَنْتِ تَحْصُدِينَ قَمْحَكِ
فِي عُلَبِ الَّليْلِ ..
وَفِي النَّهَارِ تَغْسِلِينَ الشَّمْسَ
بِسَنَواتِكِ السَبْعِينَ.
لَمْ نَكُنْ لِنَعْرِفَ يَا عَمَّتِي
أَنَّ الحَيَاةَ عَلَي قَدِّ طُولِهَا
تُشْبِهُ دَانتيلا صَغِيرَةً
فِي شَالِكِ المُهْتَرِئ وَالْمُعَبَّأ
بِالفُتُوقِ وَالْكَـلام ..
بِمِكْنَسَتِكِ الْجَرِيدِ
الَّتِي تَكْنُسُ الْيَأْسَ
فَتَنَامُ العَفَارِيتُ كَأَرْمَلَةٍ
فِي لَيْلِكِ
الَّذِي لاَ يُشْبِهُ الَّليْلَ ..
ذَهَبَتِ الأيَّامُ يَا عَمَّتِي
مِثْلَ امْرَأةٍ
تَذْهَبُ لِلسُوقِ وَلاَ تَعُودُ
لأنَّ الطَّرِيقَ إِلَي السُوقِ
صَعْبٌ وَمُهْلِك ..
لأنَّ الزَّمَنَ
لاَ يَنْحَنِي سَاعَةَ الأَلَم ..
وَأَنْتِ فِي غُرْفَةٍ تُشْبِهُ الْقَبْوَ
لَكِنَّهَا
تَخْدِشُ الأَمَل ..
وَأَنْتِ تُقَبِّلِينَنِي كَيْ لاَ أَصِيرَ
وَرْدَةً ..
وَرْدَةُ الرُّوحِ يَا عَمَّتِي
لاَ فَراشَاتٍ تَحُومُ حَوْلَهَا
وَلاَ قَمْحَ فِي الْجَبِين ..
وَلاَ خِرْقَةً
تَمْسَحُ بَعْضَ الصُوَرِ
وَالذِّكْرَيَات ..
وَأَنْتِ تَطْلُبِينَ مِنَ الله
أَنْ يَرُدَّ بَصَرَكِ
فِيمَا الْعِيَالُ يَقْذِفُونَكِ
بِحِجَارَةِ دَهْشَتِهِم
وَيَفِـرُّون .
مَا تَبَقَّى مِنْ خُطًا تَلُوحُ بِالْوَدَاعِ
إِلَى لاَ أَحَد
مِثْلُ سَنَواتٍ مُمَزَّقَةٍ وَهَارِبَةٍ
مِثْلُ فِكْرَةٍ
يُشَكِّلُهَا الْغَيْمُ أَحْيَانًا ..
مِثْلَ ضَرْبَةٍ لِهَدَفٍ خَاطِئٍ
ثَمَّةَ حَنِيْنٌ غَامِضٌ يَأَتِي مِنَ الْقَلِبِ
- أَنَا الْحَاضِرُ الْغَائِبُ
بَيْنَ الَعَتَمَةِ وَالضَّوْء -
دَخَلْتُ كَافَّةَ الشَّوَارِعِ وَلَمْ أَعْثُرْ
عَلَى أَمَلٍ وَاحِدٍ
أَوْ مُبَرِّرٍ وَحِيْدٍ لِلْفَرَح ..
وَأُدْرِكُ تَمَامًاً مَعْنَى السَّيْرِ
فِي شَّوَارِعَ بِلاَ قَلْب..
سَتَنْتَهِي الشَّوَارِعُ
مِثلَمَا يَنْتَهِي الْعُمْرُ فِي لَحْظَةٍ
حَاسِمَةٍ ..
هُوَ الْطَّرِيْقُ
عُلْبَةَ تَبَغٍ يُشْعِلُهَا الأصَدِقَاءُ
وَالأيَّامُ تَرْفَعَ يَاقَتَهَا
أَنَا ( مَحْمُود سُليمان ) ولِدْتُ بِتَاريخِ
6 نُوفمبر76
لَمْ يَتْرُكِ الْدَهْرُ مِنْ قَلْبِي وَلاَ كَبِدِي
شَيئًا تُتيِّمهُ عَيْنٌ وَلاَ جِيِدُ
يَا سَاقِييَّ أَخَمْرٌ فِي كُئُوسِكما
أَمْ فِي كُئُوسكما هَمٌّ وَتَسْهِيدُ
أَصَخْرةٌ أَنَا، مَالِي لاَ تُحَرِّكُنِي
هَذِى الْمُدَامُ وَلاَ هَذِى الأَغَارِيْدُ *
ياااااااه
تَعِبْتُ إِذنْ
لَيْسَ لِي مِنْ غِيَابٍ لأتَشَبَّثَ بِهِ
أَوْ حُضُورٍ يُكَافِئُنِي
كُلَّمَا هَدَّنِي السَّيرُ ..
مَكَانٌ مَا مِنَ الْعَالَمِ
رُبَّمَا يُقَابِلُكَ ذَاتَ مَرَّةٍ
وَبِلاَ مَوْعِدٍ سَابِقٍ
هُوَ أَيْضًا سَيَنْتَهِي
لِتَتَوزَّعَكَ الْمَحَطَّاتُ
وَالْحَنينُ الْغَامِضُ
- لَكَ الْنَّوَافِذُ الَّتِي لاَ يُدْرِكُهَا الْوَقْتُ
وَمَا تَبَقَّى مِنْ خُطًا
تَلُوحُ بِالوَدَاعِ إِلَى لاَ أَحَد ..
تَمُوْتُ حِكَايَاتُنَا عَلَى الأَرْصِفَةِ
دُوْنَ حَقيقَةٍ
وَفِى شَوَارِعَ بِلا قَلْب .
الأبيات : من شعر المتنبي
سَأُهَيِّئُ الْحَقَائِبَ .. لِلْسَّفَر
فِي الْطَّرِيقِ إِلَيكَ
سَوْفَ أُعْلِنُ الْحَرْبَ
مِنْ جِهَةٍ وَاحِدةٍ
لأنَّنِي لاَ أَمْـِكُ
غَيْرَ ضِحْكَة
وَاحِـدةَ ...
سَوْفَ أُفْرِغُ الثَّلاثِيْنَ عَامًا
وَأَسْأَلُ الْعِيَالَ
وَالْشَّوارِعَ وَالْمَحَطَّاتِ
وَبَائِعِي الْصُّحُف
عَنْ دَمٍ لَيْسَ لِي
وَأَصْدِقَاءَ
تَرَكُوا نَحِيْبَهُم وَمَضَوا ..
سَوْفَ أُعِيْدُ تَرْتِيْبَ أَحْلاَمِي
وَحِذَائِي الْوَحِيْد المُتَّسِخ
بِتَارِيخِ الْحَرْبِ وَالْسِّلْمِ
وَأَهْذِيِ
رُبَّمَا بِأَشْيَاءَ
تَبْدُو عَادِيَّةً جِدًّا
- النَّخلةُ الَّتِي لاَ تُثْمِرُ -
أَبَدَاً ..
الْكَلَبُ الَّذِي مَلَّ نُبَاحَهُ
فَمَاتَ وَحِيْدًا
وَذَلِكَ الْحَلاجُ الْقَدِيْم ..
فِي الْطَّرِيقِ إِلَيْكَ
أَنْسَى خَيْبَاتِ يَدَيّ
وَعِرَاكَ عِيَالِي
وَحَاجَتِي الْمُلِحَّةَ لِلبُكَاءِ
وَأَسْأَلُ
كَمْ وَرْدَةً فِي الْطَّرِيقِ
........................
........................؟
لأنَّنِي لاَ أَملِكُ مِنَ الْحَرْبِ
سِوَى غُبَارِ فُتُوْحَاتٍ وَاهِمَةٍ
سَأُهَيِّئُ الْحَقَائِبَ لِلسَّفَـر
وَالْخُوْذَةَ لِلنُّزهَـةِ
وَالْعَصَـافِيرَ
لِلْبُنْدُقِيَّةِ ..
........................
.......................
آهِ لَوْ يُدْرِكُنِي الْغَيْمُ
وَأَنَا أُخَبِّئُ الْعَاصِفَةَ
بِنِصْفِ قَمِيْصِي
وَأَمْنَحُ الْمَيَادِينَ قَهْوَتِي
وَأَنْحَنِي
لِلهَوَاءِ الَّذِي بَعْثَرَ
لَمَّةَ الأحْبَاب ..
آهِ لَوْ تُدْرِكُ الْحَرْبُ أَنِّى
أَعُدُّ الْحَصَى
فِي غَلْيونِ طِفْلَتِي القَصِيْرِ
لَيْسَ فِي الْحَافِلاتِ سِوَى
الْحَرْبِ
وَلَيْسَ فِي الْحَرْبِ
سِوَى طَّرِيقٍ
لاَ يُؤَدْى إِلَي أَيِّ شَيءٍ
جَدِيْد .
كُلُّ شَيْءٍ عَلَى الأرْض
كُلُّ شَيْءٍ عَلَى الأرْضِ يَبْدَأُ بِفِكْرةٍ
وَيَنْتَهِي بِخَدِيْعَةٍ ..
آهٍ
يَا دَائِرةَ الْوَقَتِ
وَآلَةَ الزَّمَن ..
أَيُّ حَصىً سَوْفَ تَصْطَّادُ
أَروَاحَنَا الْمَنْسِيَّةَ
وَتَتْرُكُنَا كَسَبَّابَةِ الإصْبِعِ
فِي وَجْهِ الْعَالَمِ الْمُنْحَطِّ
كَجْيُوشٍ تُجَرْجِرُ السَّاعَاتِ – بِهِدُوءٍ-
وَتَسْحَلُ قَتْلاهَا
بِلا ذِكْرَيَاتٍ وَلا نَدَم ..
ربُّمَا يُدْرِكُ الأصْدِقَاءُ أَنَّنَا
عَابِرُو سَبِيلٍ
نَصْنَعُ التَّعَاسَاتِ مِثلَمَا
نَصْنَعُ الأمَلَ تَمَامـًا
نَنَامُ بَيْنَ أَحْلامٍ كَرْتُونِيَةٍ
وَصَبَاحٍ جَاف ..
وَكَبَقِيَةِ الشُّعَرَاءِ ربَّمَا
يَنْتَهِي بِنَا الْحَالُ إِلَى حَانَةٍ صَغِيرَةٍ
وَلَيْسَ هُنَاكَ مِنْ مَمْلَكَةٍ
دُونَّمَا مَلِكْ
وَلاَ دِفءُ طَّرِيقٍ
دُونَّمَا أَصْدِقَاء
يُبَرِّرُونَ أَخْطَاءنَا المُتَكَرِّرَة
تَحْتَ أَحْزَانٍ كَثِيْرَةٍ
لأنَّنَا
نَصْنَعُ كُلَّ ذَلِكَ عَلَى الْوَرَقِ
وَعَلَى الْوَرَقِ أَيْضًا
أَسْمَاؤنَا الَّتِي تَبْدُو كَالضَّغِيْنَةِ
كَمَشْرُوعٍ دَائِمٍ لِلهَزِيمَةِ
وَالاعْتِرَافِ بِالْذَنْب ..
الْحُرْيَّةُ -
لَيسَتْ سِوَى تَنَاقُضَاتِ الْعَالَمِ
بِأَكْمَلِهِ ..
وَالْحَرْبُ -
فِكْرَةُ هَذَا الزَّمَن..
الْحَرْبُ فِكْرَةٌ خَاطِئَة ٌ
وَربَّمَا فِكْرَةٌ عَلَى صَوَاب ..
كُلُّ شَيءٍ عَلَى الأرْضِ
يَبْدَأُ بِفِكْرَةٍ
.....................
.....................
وَيَنْتَهِي بِخَدِيعَـةٍ
هَا أَنَا أَتَكَّلَمُ وَبِعُنْفٍ
كَالخَائِبِ
أَقْطفُ الْدَهْشَةَ بِسَلامٍ
وَبِضَرَاعَةٍ أَبْحَثُ
عَنْ عُشْبِ الْحَقِيقَةِ وَآلَةِ الزَّمَن ..
آهٍ يَا دَائِرَةَ الْوَقْتِ
وَآلَـةَ الزَّمَن ..
آهٍ لَوْ تَلْمَسِينَ رُوحِي
لانْفَجَرَ الْجُـنُونُ
كَمِشْكَاةٍ فِيهَا
قَصِيدَتاَن
1- مَنْ دَقَّ بَابَ الْبَحْـرِ ..؟
كَانَت أَشْيَاءُ عَلَى الْبَحْرِ
ذِكْرَيَاتٌ عَلَى الْبَحْرِ ..
الْمَوجُ هُنَا
وَالْحَبِيبَةُ هُنَا
وَالأصْدِقَاءُ عَلَى الْبَحْر ..
فَمَنْ دقَّ بابَ البحر ؟
.........................
.........................
الْبَحْرُ
الَّذِي خَبَّأَتْهُ الْبَنَاتُ
فتَخَلَّيْنَ عَنْ أَحِبَّتِهِنَّ
الْبَحْرُ
الَّذِي خَبَّأَهُ الْجُنْدُ
فَلَمْ يَعُدْ مِنْ سِلاحٍ
سِوَى الصَّبرِ..
وَالْبَحْـرُ
الَّذِي خَبَّأْتُهُ أَنَا
وَأَنَا
لاَ أَملِكُ مَنْ تُحِبُّنِي
وَلاَ أَمْلِكُ الصَّبرَ ..
الْبَحْرُ الَّذِي يَتَّسِعُ
وَيَتَّسِعُ
وَيتَّسـعْ
لَكِنَّهُ يَضِيقُ بِي
2- بِمَلامِحَ كَالَّتِي ( لِخَيَالِ الْمَآتَةِ *)
أَذْكُرُ مَلامِحَ جَـدَّتِي
خَشِنَةً ...
ربَّمَا كَانَت كَذَلِك
الْعَصَا الَّتِي فِي يَدِ خَيَالِ المَآتَةِ
عَلَى سَطْحِ دَارِنَا الْقَدِيْم ..
أَذْكُرُ اللُّصُوصَ حِينَ مَرُّوا
غَيْرَ عَابِئِينَ
بِمَلامِحَ جَدَّتِي
وَبِالعَصَا الَّتِي فِي يَدِ
خَيَالِ المَآتَةِ ..
أَذْكُرُ حِذَائِي
بِشْكْلِهِ الْبَهْلَوَانِيّ
بِرَائِحَتِهِ الْعَطِنَةِ
أَذْكُرُهُ جَيِّدًا
بِكُلِّ أَحْلامِهِ الْكَبِيْرَةِ
وَالْوَاسِعَة ..
أَذْكُرُ الْمَوتَ
لَيْسَ لِلمَوتِ مَلامِحُ
إِلا فِي بِرْوَازِ أُخْتِي
الْمَرْحُومَةِ - آمـَال ..
أَذْكُرُ اللَّحْظَةَ
الَّتِي تَفِرُّ فِيهَا الْعَصَافِيرُ
عَالِيةً
عَالِـيةً
عَالِيـةْ
وَلاَ تَعُودُ أَبَدًا ..
أَذْكُرُ الْصَّبَاحَ الَّذِي يَكْسِرُنِي
وَالْصَبَاحَ الَّذِي يَغْسِلُنِي
أَذْكُرُ
اللُّعْبَةَ وَالْصُّحبَةَ
لَكِنَّنِي لاَ أَذْكُرُ الْعُمْرَ الَّذِي
حَوَي كُلَّ ذَلِكَ
أَذْكُرُنِي بِجَسَدٍ نَحِيلٍ
وَقَلْبٍ أَبْيَضَ نَاصِعٍ
وَمَلامِحَ كَالَّتِي
لِخَيَالِ المَـآتَـةِ
*خَيَالُ الْمَآتَةِ ... هُو مَا يُطْلَقُ عَليهِ خَيَالَ الظِل
الْحَـبـِيـبـَةُ
يُقـَال
الْحَبِيبَةُ اِنْحَنَتْ
تَحْتَ ظِلِّ اليَاسَمِينِ
تَصْنَعُ جَبِيرَةً لِلْقَلْبِ
الْقَلْبُ الَّذِي لِمْ يَخْضَعْ
لِلأُطِرِ الْقَدِيمَةِ فِي الْغَرَام ..
وَأنَّهَا تَمَدَّدَتْ
وَحَطَّ الْغُزَاةُ عُيونَهُم فِيهَا
يُقـَال
إنَّهَا فِي الْحَلِيبِ
وَالْحَلِيبُ فِيهَا
غَازَلَتْهَا زُهُورُ الْبَنَفْسِجِ
الَّتِي تُذَكِّرُ الأحْيَاءَ بِمَوتَاهُم
فَهَل تَذَكَّرَتَنِي الْحَبِيبَةُ
أَمْ أَنَّهَا
لاَ تَمْلِكُ تَمِيمَةً لِلتَذَكُّـرِ
تَمِيمَةً لِلمُؤَانَسَة ..
حَتى تُفَلْسِفَ فَوضاى
بِالْمَنْفَى
وَهَجَرهَا بِالْحَلِيب ..
- اِنْتَبِه-
الأكْفَانُ مَرْصُوصَةٌ هُنَا بِنِظَام
حَتى لاَ يُخدَشَ حَيَاؤهَا
فَيَفِرَّ الْمَوتَى
وَتَضِيعَ الأغُنِية ..
الْحَبِيبَةُ
رَاحَتْ تُقلِّبُ غُنْجَ الْشَوَارِعِ
فِي غُنْوَةِ الاصْطِفَاء
وَتَحُطُّنِي تَمِيمَةً عَلَى صَدْرِهَا
سَاعَتَهَا سَأَعْرفُ
أَنَّ الَّذِينَ يَسِيرُونَ وَرَائِيّ
يَهْتِفُون
وَالَّذِينَ يَقِفُونَ عَلَى كَتِفَىّ
يَرْسِمُونَ عَلَى الْفُؤَادِ
عَتَمَةً
وَقَنَادِيلَ لاَ تَشْتَعِل .
الحَبِيبـَةُ
مُوَزَّعٌ أَنَا فِيهَا
وَفِى فَمِهَا بَقَايَا الْهَمِّ وَالْحَزَّون
هِي فِي كُلِّ شَيءٍ
وَأَنَا كُلَّ مَسَاءٍ ..
أَضِعُ عَلَى صَدْرِهَا
" طه "
وَتَحْتَ الْوِسَادَةِ " يـس "
أُلَقِّنُهَا الْشَّهَادَةَ
وَأُغْمِضُ عَينَيهَا لِلأَبَد .
أَيُّهَا الْجَسَدُ يَا حَمَّالَ الْحَطَب
أَيُّهَا الْجَسَدُ يَا حَمّالَ الْحَطَبِ
وَيَا صَانِعَ الْرَّغَبَاتِ
كَيفَ تَصْنَعُ بِيَدَيكَ – هَاتَينِ
الْعَرِيضَتَينِ
مَعْنىً آخَرَ لِلحَيَاةِ وَالْمَوتِ ؟
أَيُّهَا الْوَسْواسُ الْكَبِيرُ
وَالَوَاقِفُ مِثْلَ شَجَرَةِ كَافُورٍ
عَلَى حَافَةِ الزَّمَنِ ..
يَا مُمْسِكَ الْوَقْتِ بِرُغَاءٍ
وَأَسَاطِيرَ
وَالْزَّمَنِ بِبُقعٍ مِنَ الرَّغبَةِ
وَالْيَقِينِ الْمَحْضِ
أَيُّهَا الْجَسَدُ
يَا مَنْ يَتَسَاقَطُ
مِثْلَ بِلَّـوْرٍ
وَيَتَدَحْرَجُ بِلاَ زَفَرَاتٍ
عَلَى عَتَبَاتِ التَّعَب ..
وَأَنَا الْمُتَأَمِّلُ فَوضَى الْيَقِينِ
وَالشَّكِ
فَوضَى الْعَالَمِ الَّذِي يَقْذِفُنِي
بِالابْتِسَامَاتِ وَالْشَجَرِ الضَّائِعِ
الْحَقِيقَةِ الَّتِي
تُشَاكِسُنِي
بِالْحَرَكَةِ وَالْسُّكُونِ مَعًا ..
الْعُمْرِ ذَلِكَ الَّذِي يَتَّكِئُ
عَلَى فَرَاغٍ مَا ..
وَالْجَسَدِ
حَمَّـالِ الْحَطَب.
هَلْ ثَمَّةَ مَا أَقُولُهُ بَعْدَ الثَلاثِين
1-
مَا الَّذِي يُبْكِينِي
حِينَ تَمُرُّ حَبِيبَتِي
وَلا تُسَلِّمُ عَلَىّ
وَقَدْ كُنْتُ أَقُولُ لَهَا
انْتَظِري.......
وَلَوُ بَعْدَ ثَلاثِينَ عَامًا
.........................
.........................
بَعْدَ عَامٍ وَنِصْفٍ فَقَطْ
مَاتَتْ حَبِيبَتِي
فَمَا الَّذِي يُبْكِينِي ؟
2-
كُلُّ يَومٍ يَمُرُّ
أَضعُ أَمَلاً فِي جَيبِي
وَكُلُّ أَمَلٍ
أَضَعُهُ عَلَى بَابِ قَلَبِي
..................................
..................................
بَعْدَ ثَلاثِينَ عَامًا أَيضًا
هَلْ ثَمَّةَ مَنْ يَهْذِيِ
بِلا أَمَلٍ وَاحِـدٍ
وَبِلا قَلْبٍ
وَبِلا الثَّلاثِينَ عَامـًا .
3-
مَنْ يُفتِّشُ جَسَدِي غَيرِي
وَلاَ يَتَحَسَّسُ جَسَدَ الْعَالَمِ ..
ربَّمَا لاَ يَظْلِمُ الْـوَرْدَة
إِلا الْمُحِبُّونَ
غَيْرَ أَنَّ حَمَاقَتِي
تَجْعَلُ مِنِّى وَرْدَةً
وَمِنَ الْعَالَمِ ......
آلا فَ الْمُحِـبِّين .
بنِصْفِ رَغْبَةٍ
لِلأصْدِقَاءِ
يُوزِّعُونَ ضَحِكَاتِهِم
عَلَى أَيِّ مَقْهَىً فِي الْعَالَمِ ..
لِلرَّصِيفِ الْمُعَبَّأ
بِالصَّبرِ وَالابْتِسَامَاتِ ..
لِلعِالَمِ
حِينَ يَتْرُكُنَا كَالمَصَابِيحِ
فِي الْشَّارِعِ ..
لِلوَطَنِ الَّذِي فَقَدَ كِلْتَا يَدْيَهِ
خِلْسَةً
وَدُونَ مُبَرِّرٍ وَاحِدٍ
لِلوَلدِ الَّذِي يَجْلِسُ
فِي مَكَانٍ قَصِيٍّ
وَفِى يَدِهِ الْعِالَمُ كَأُرْجُوحَةٍ ..
لِلقَمَرِ الَّذِي
يَصْنَعُ الأسَاطِيرَ كُلَّ لَيْلَةٍ ..
لِلحَبِيبَةِ
حِينَ أَلْمَسُ شَفَتَيهَا الْمُعَتَّقَتَيْنِ
بِنَبِيذِ الْرَّغْبَةِ ..
وَلِصَدَفَةٍ عَلَى شَاطِئ النَّهرِ
تَعْرِفُنِي ...
لَكِنَّهَا
لا تُومِئ لِي بِاليَقِينِ
أَنْتَظِرُ اليَقِينَ يَا حَبِيبَتِي
بِنِصْفِ رَغْبَةٍ
وَبِجَرِيمَتِي الكَامِلَـة.
الَّذِي لَمْ يَكُن
الْطَّرِيقُ تُفَاحَّةٌ
وَالْصِّغَارُ المَلِيئُونَ بِالصَّبرِ
أَوْ بِالْبَرْدِ
يُعَلِّقُونَ
أَحَلامَهمْ فِي يَدَيّ
وَالْعَالَمُ يُظَلِّلُهُ الْجُنْدُ
وَالْعُلَبُ الأجْنَبِيَّةُ
خُطًا مَشَيْنَا
أَمْ خُطًا سَوفَ نَمْشى ..
هَكَذَا يَكْبُرُ الْشَّارِعُ
يَصِيرُ بِحَجْمِ كَفَّيْنِ
فَتَهَرُبُ المَواعِيدُ وَالأسَمَاءُ
وَعَنَاوينُ أَصْدِقَائِنَا الْطَّيِّبِينَ
نَسْأَلُ :
تِلْكَ الْعُرُوبَةُ تُفَّاحَةٌ
أَمْ قَصِيدَة ؟
خُطًا سَوفَ نَمْشِى
وَأُخْرَى
نَغْسِلُ فِيهَا مَواعِيدَنَا
وَأَسْمَاءنَا ..
سَوفَ نَمْضِي تُجَاهَ الْحَنِينِ
بِقَلَبَينِ خَائِبِينِ ..
وَهَا قَدَ كَبِرْنَا
وَأَوْصَدْنَا تُجَاه الرِّيحِ
بـَابـًا
كَيْ يَمُرَّ الْصَيفُ وَحِيدَاً
بِنَجْمَتَينِ
عَلَى نَافِذَةِ النَّهَارِ ..
يَغْسِلُنَا مِنْ حَنِينِ الْبِلادِ
بِالْبَرْدِ
أَوْ بِالَّذِي لَمْ يَكُن .
وَأُدْرِكُ أَنَّ الْحَيَاةَ مِثْلُ بَيضَةِ رُخٍّ
عَابِثَةٌ رُوحِي
عَابِثَةٌ لِدَرَجَةِ أَنَّهَا تَضْحَكُ عَلَى ّ
وَبِلا حِكْمَةٍ
أُدْرِكُ خَرَابَ نَفْسِي
أَنَا الْتَّائِهُ
وَلاَ أَحَدَ مَعِي ..
عَابِثَةٌ
وَهِى تُمَزِّقُ الْبَيَاضَ بِأَسْئِلَةِ
الْمِيتافيزيقا
وَمُنَمْنَمَاتِ السُهرَ وردي
وَخِطَابِاتِ جُورج دبلليو بوش
وَهِى تُلَوِّنُ أَنْفَ البلياتشو
الَّذِي يَجُولُ فِي صَدْرِي
وَيَرْفَعُ الْحِذَاءَ لِلْعَالَمِ كُلِّهِ
وَدُونَ اسْتِثْنَاء ..
عَابِثَـةٌ
وَهِى تَنْقُشُ عَلَى حَائِطِ الأبَدِيَّةِ
مَتَاهَةَ الْحَرْبِ
وَضَلالَةَ الْسَلام ..
أَيُّ مَعْنىً لِهَذَا الْعَالَمِ الَّذِي
يَتَمَرَّغُ فِي الْوَحْلِ
بَيْنَ الْحِينِ وَالآَخَر ..
أَيُّ مَعْنىً لِهَذِهِ الأرْضِ الَّتِي تَنْشَدُّ
بِالْفِتَنِ الْطَائِفِيَّةِ
وَبَيَانَاتِ الْدُيمُقْرَاطيِّينَ فِي
الْكُونجرس ...
رُوحِي عَابِثةٌ رَغَمَ أَنْفِى
أَنَا الْعَابِرُ مِنَ الأرْضِ .. لِلأرْضِ
وَدُونَ قَصْدٍ
أُدْرِكُ أَنَّ الْحَيَاةَ مِثْلُ بَيْضَةِ رُخٍّ
وَأَنَّ الْعَالَمَ
سؤالٌ طَويل .
لاَ غَـايَةَ لِي
أَجْلِسُ عَلَى الْمَقْهَى
........................
........................
وَفِى السَادِسَةِ مَسَاءً
أَرَى عَيْنَيْكِ الواسِعَتيْنِ
كَمَدِينَةٍ خَالِيةٍ مِنَ الْنَاس ..
أَرَى الأحْلامَ الَّتِي تَتَسَكَّعُ
وَأَنْتِ تَمُرِّينَ
كَمَطَرِ الأصَابِعِ
وَلا غَايَةَ لِي
أَجْلِسُ بِلا أَصْدِقَاءٍ وَلا ضَوْءٍ
بِلا سُكَّرٍ وَلا صَّبْر
بِلا حَقِيقَةٍ وَاحِدةٍ
وَبِلا سَرَابٍ خَدَّاعٍ
هَكَذَا فِي الْسَادِسَةِ مَسَاءً
وَأَنْتِ تَمُرِّينَ
كَمَطَرِ الأصَابِعِ
وَلا غَايَةَ لِي
لا غَايِةَ
لِي.