طيّار ايرلندي يتنبأ بموته
وليم بتلر ييتس / W. B. Yeats
أعرف تماماً أنني سأموت
هناك في بقعة ما في الغيوم
لأني لا أكره من أحارب
ولا أحب الذين أدافع عنهم
بلادي كيلترتن كروس,
وشعب بلادي فقير
مهما حصل لن يخسر شيئاً
ولن يربح أيضاً أي شيء
لذا لست أقاتل للحق أو الواجب
أو السياسيين أو تصفيق الجمهور,
بل للمتعة وحدها
للضوضاء في قلب الغيوم.
بهذا فكرت وقارنت
فسنواتي الآتية ضياع
تماماً كسنواتي الفائتة
وهكذا الحياة والموت سواسية.
*
قرب الحدائق العامة
وليم بتلر ييتس / W. B. Yeats
واعدتُ حبيبتي في الحدائق العامة
عابراً في خطوات ثلجية ناصعة ضئيلة,
فنصحتني أن آخذ الحب برفق, كما تنمو أوراق الشجر
ولكنني, كأي فتى غبيّ, لم أقتنع.
وفي الحقل, قرب النهر, وقفت مع حبيبتي
وألقت يدها الثلجية البيضاء على كتفي,
تنصحني أن آخذ الحياة برفق, كما تنمو الأعشاب على السدود
ولكنني, كأي فتى غبيّ, كنت...
وها أنا اليوم ممتلئ بالدموع.
*
زوال
وليم بتلر ييتس / W. B. Yeats
"ما كانت عيناك تشبعان من عينيّ
وها تنطويان بأسى تحت أجفان ثقيلة
لأن حبنا يحتضر".
قالت
"مع أن حبنا يحتضر دعنا مرّة بعد
نقف سوية على الضفة الموحشة للبحيرة
في هذا الوقت الكئيب
حين ينام الوله, كطفل فقير منهك
وتبدو النجوم هائلة البعد, وقبلتنا الأولى
قصيّة, وآه, كم هرم قلبي".
ومشيا فوق الأوراق الذابلة ساهمين
ثم أجابها بهدوء, ويده في يدها:
"طالما أنهك العشق قلبينا الهائمين".
كانت الأشجار تتخلى عن أوراقها الصفراء
من حولهما,
والأوراق تتساقط كالشهب في الحلكة, وإذا
بأرنب سمين أعرج يجتاز الطريق
يطارده الخريف: فوقفا مرّة بعد
على الضفة الموحشة للبحيرة
والتفت إليها فلاحظ
أنها شكلت صدرها وشعرها
بأوراق ذاوية, بليلة مثل عينيها
لعلها لملمتها بهدوء.
قال: "آه لا تكتئبي لأننا منهكان,
ثمة حب آخر وأكثر بانتظارنا
لا تتوقفي عن الحب, والكراهية حين تيأسين
أمامنا الأبد, وأرواحنا
حب وفراق, أبداً".
العودة الثانية
وليم بتلر ييتس / W. B. Yeats
الصقر يحوقل, يحوقل في الدائرة الواسعة
ولا يصغي لسيّده.
الأشياء تتداعى" المركز لا يصمد"
لا شيء عدا الفوضى تروم العالم,
وهيبة البراءة غريقة في كل مكان.
أفضل البشر بحاجة إلى الإيمان, والأشرار يستمرون
بالحماسة اللاهية.
حقاً, أنها رؤيا الكسوف تقترب
حقاً, انها العودة الثانية تقترب
العودة الثانية! ما أن أقول ذلك
تبهرني رؤيا عظيمة تصعد من الروح الأعلى
وفي القفر فوق رمال الصحارى
يتبدى رأس إنسان على جسم أسد,
يحملق زائفاً, بلا شفقة كالشمس
يحرك أردافه ببطيء بينما تحلّق حوله
ظلال العصافير الموتورة في الصحراء.
مرّة أخرى يعمّ الظلام, فأفهم
أن عشرين قرناً من الهجوع الصلد
باتت كابوساً في مهدها الحجر
وأي وحش كاسر سيولد أخيراً
ويزحف إلى بيت لحم.
*
ترجمة: جاد الحاج
**
ترجمة ثانية:
**
الظهور الثاني
إذ يلتف الصقر ويلتف بدولاب الأكوان
بحركات متباعدة في الدوران ، لا يقدر أن يسمع صقاره
تتداعى الأشياء، والمركز لا يقدر أن يمسك بزمام الأجزاء
فوضى صرف تنفلت على العالم
ينفلت المد الدموي، وفي كل الأنحاء
يغرق طهر الإنسان
فأخيار الناس يعوزهم الإيمان
وأراذلهم يتملكهم شغف الأهواء.
ثمة وحي بالتأكيد وشيك.
مجيء ثان بالتأكيد وشيك.
مجيء ثان! ما أن أنطق هذي الكلمات
حتى يعشي بصري شكل يخرج من روح الأكوان
بمكان ما وسط رمال الصحراء
شكل بجسم السبع ورأس الإنسان
يحدق من عين فارغة لا رحمة فيها كالشمس
يحرك ساقيه ببطء وحواليه
تترنح ساخطة أشباح طيور الصحراء
وتحل الظلمة ثانية. لكني الآن
اعرف أن قرونا عشرين من النوم الحجري
عكرها مهد هزاز فحولها كابوسا
فما هذا الوحش الهائج قد حلت ساعته
جاء أخيرا يتهادى كي يولد ثانية في أرض الميلاد ؟
____________
يمزج العنوان بين تنبؤ عيسى المسيح بظهوره الثاني كما يرد في الإنجيل (متي، 24) وبين رؤيا يوحنا عن ظهور وحش على النقيض من المسيح(يوحنا،2:18). وفي إحدى رسائل الشاعر ثمة إشارة إلى علاقة القصيدة بظهور الحركة الفاشية.
يتخيل ييتس إن حركة الصقر تشبه ، أو هي جزء من ، حركة دولاب أو لولب أو مخروط ابتدعه الشاعر ليرمز إلى صراع القوى في العالم. في حال دوران هذه الآلة بشكل متسع تأخذ فيه الأطراف بالتباعد التدريجي عن المركز، يبدأ المركز بفقدان السيطرة عليها. وصورة الصقر في علاقته
عبارة اخترعها الشاعر للتعبير عن الهام أو إيحاء من نوع ما يتسلمه الشاعر.
ربما يشير الشاعر هنا إلى أبي الهول.
أي عمر الديانة المسيحية.
بيت لحم في الأصل وقد ارتأينا ترجمتها هكذا بشيء من التصرف
*
ترجمة : د. عادل صالح الزبيدي
**
The Second Coming
W. B. Yeats
*
Turning and turning in the widening gyre
The falcon cannot hear the falconer;
Things fall apart; the centre cannot hold;
Mere anarchy is loosed upon the world,
The blood-dimmed tide is loosed, and everywhere
The ceremony of innocence is drowned;
The best lack all conviction, while the worst
Are full of passionate intensity.
.
Surely some revelation is at hand;
Surely the Second Coming is at hand.
The Second Coming! Hardly are those words out
When a vast image out of spritus Mundi
Troubles my sight: somewhere in the sands of the desert
A shape with lion body and the head of a man,
A gaze blank and pitiless as the sun,
Is moving its slow thighs, while all about it
Reel shadows of the indignant desert birds.
The darkness drops again; but now I know
That twenty centuries of stony sleep
were vexed to nightmare by a rocking cradle,
And what rough beast, its hour come round at last,
Slouches towards Bethlehem to be born