® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2015-02-11, 6:27 pm | | عبده وازن
الأيام ليست لنودّعها
قصيدة النائمة
(إلى ليليان. سوسنة الصباح التي سقطت في مهوى الأربعين)
الجميلة التي نسيت نفسها نائمة
التي لم يوقظها ملاك
التي لم يطرق عصفور زجاج غفوتها
التي لم تسمع سقوط الليل على وجهها
التي لم تبصر طيفها ينكسر بخفّة
التي لم تضمّها ذراعان عندما هوت
التي لم تشفع لها الأيقونة
عندما كورقة سقطت
التي لم تسمع السماء صرختها
التي تهاوت مثل شالٍ من حرير
التي غربت قبل أن تشيع حمرة في مقلتيها.
الجميلة النائمة
التي خطفها النوم لحينه
التي لم يتسنّ لها أن تشعل نجمة
التي لم يتسنّ لها أن تفتح باباً
ولا نافذة
التي لم يتسنّ لها أن تعطّر نهديها
كعادتها قبل أن تنام.
الجميلة النائمة
التي لم تلوّح جلدها شمس
التي ترك البحر كثيراً
من الزرقة بين جفنيها
التي غسل النهر يديها بالملح
التي مرّ بها الفجر بعينين مغمضتين
التي لم يتفتح الزنبق على مرمى نظرتها.
الجميلة التي سبقها الظلال إلى كتابها
الجميلة التي سيظل الأطفال
يبحثون عنها في الغابة
على شاطئ النهر
بين السنابل
وراء الأكمة.
الجميلة التي نسيت أن تستيقظ
الجميلة التي سقطت دمعة من راحتها
التي هبّ من فمها عطر نعناع
التي سقطت من شعرها زنبقة.
الجميلة النائمة
النائمة التي ستظل جميلة
الجميلة التي نامت
الجميلة التي لم تستيقظ
الجميلة التي استيقظت
ثم نامت
الجميلة النائمة
التي تستيقظ ثم تنام
الجميلة التي ستظل تستيقظ ثم تنام
ولو لم ينتظرها أحد
ولو لم يُضأ لها سراج
ولو كان ليلها بلا قمر.
الجميلة النائمة
كيف تنساها يد مرّت على وجهها
كيف تنساها عين جابت نواحيها
كيف تنساها شفتان بللّهما دمعها
كيف ينساها سرير عانق نارها
كيف شرفة ضمّتها بحنان الأب
كيف نافذة ارتسمت كجرح على زجاجها
كيف كرسيّ لم يغادره طيفها
كيف كتاب وشمته بعرق أصابعها
كيف بطاقة لوّنتها بحروف ناقصة؟
كيف تنساها صورة لم تعلّق على جدار
صورة لم تنم في برواز
صورة ترقد في دفتر قديم
كيف تنساها عينان تنظران إلى صورتها
عينان تبصرانها حيثما نظرتا؟
الجميلة النائمة
بابتسامة لم تفارقها
بدمعتين خبّأتهما سُدى
بقلب يتّسع بلا نبض
بعينين ترنوان إلى شمس
بنقاء يلوح به صمتها
ببراءة بيضاء تهفّ من شفتيها.
الجميلة النائمة
التي شاءت ألاّ تكبر يوماً
المجروحة في أسفل الروح
المألومة بشوك غير مرئي
المنكسرة مثل ضوء في مرآة
المائلة ببهجة سنبلة
المطلّة دوماً على واد
الواقفة أبداً على حافة الأمس.
الجميلة النائمة
الحالمة بنهار يطلع من عينين
العاشقة التي لم تنتظر رسالة
المعشوقة التي اختطفها الهواء
الجميلة النائمة
بجسد لا يغمض له جرح
الساهرة ليلاً تلو ليل
القارئة كتاب الألم
الجالسة ملء بياضها
المستترة بغيمة
الصامتة التي كسرت آنية الحروف
التي برفّة جفن تأسر قصيدة
التي بضحكة بارقة تختصر عمراً.
الجميلة النائمة
المبهورة بوجه أبصرته خلسة
المغسولة بماء مقدّس
المأسورة بصوت تناهى إليها
المنحنية على ينبوع
المجروحة بورد
النازفة رحيق نشوة الموت
نشوة الحبّ ممزوجاً بالموت.
الجميلة النائمة
التي ألقت برأسها على العتبة
التي لم تطرق الباب لئلا يفتح لها أحد
التي لم توقد سراجاً على نافذة
التي لم تفتح شفتيها لتصرخ أو تستغيث
التي شاهدت نفسها تسقط من أعلى.
الجميلة النائمة
الجميلة الساهرة
مَن سيترك لها كلمة على ورقة
زهرة في شعرها
قبلةً في عينيها؟
من سيرسم فراشة على كتفها؟
من إذا ضجرت يسامرها في ضوء القمر؟
من إذا نهضت من نومها
يقطف ابتسامتها؟
الجميلة النائمة
لن يعدّ أيامها أحد
لن تحمل القهوة إليها يدان
لن تبصر وجهها في مرآة
لن تبرق كأس بين يديها في الليل
لن تستمع إلى أغنيات في منتصف وحدتها
الجميلة النائمة
القديسة بجسدها العذب
الصارخة بشوق
العذراء التي لم تغادر برجها
الساحرة التي تفاجئ الهواء بنهديها
بنهدين يلتمعان عذوبة
العروس الأشدّ بياضاً من العتمة
التي لم تنضج تفاحتها.
الجميلة النائمة
التي لا تبالي بما يمرّ من أيام
التي كسرت ساعة الجدار
التي ترى بعينٍ من فضة
التي لا تنتبه إلى ما يتناهى اليها
التي لا تحسّ إلاّ نارها.
الجميلة النائمة
التي رماها الهواء على السفح
التي لم يحنْ لها أن تدمع
بعينين مبهورتين
التي لم يتسنّ لها أن ترفع يديها
لتقول وداعاً
التي أحنت وجهها
كالأم الحزينة
على حياة كانت لها.
الجميلة النائمة
التي تصادق الآن عصافير الثلج
التي تلاعب نحلات الحقول
التي تصغي إلى هبوب النسائم
التي تسبقها الشمس كلّ يوم
التي تسبق الليل إلى التلّة
التي لا تعطش إلى كوب ماء
التي تميل عليها السنابل
التي تضمّخ جسمها بأريج التراب
التي تورق تحت المطر
التي تعانق الظلال في أوج الظهيرة.
الجميلة النائمة
التي تجاوزت الأربعين نجمة
التي تحلّق الآن
في فضاء ماضٍ كان
في فضاء غدها الذي تبصره
التي مثل يمامة تتنقّل
من غصن إلى غصن.
الجميلة النائمة
الملاكة التي تذوب رقّة
الملاكة بجسد من نور ورغبات
الملاكة ببياض السماء الأعمق
الجميلة النائمة وحيدة
التي لن تطرق بابها يدٌ
التي لن يفتح نافذتها عصفور
التي لن توقظها أغنية
الجميلة النائمة
الجميلة المستيقظة
التي تنهض من نومها كلّ صباح
التي تنهض من نومها عند الغسق
التي مملكتها من نور
التي يتساوى عند بابها نهارٌ وليل
التي عند نافذتها
يتناغم شتاء وصيف.
الجميلة النائمة
التي لم تترك ثوباً
يفوح بعطر جسمها
التي رمت خاتمها على الطريق
التي اختفت وردتها
التي لم تبقَ لها إسوارة
ولا حلقةٌ من ريحان.
الجميلة النائمة
التي غادرت من غير التفاتة
التي لم تعِد نفسها بجنة
التي صارت هي الجنة
التي لم تحلم بحديقة
التي أضحت هي الحديقة
وشجرتها الصامتة.
الجميلة النائمة
التي لم تحتجْ إلى عمر آخر
التي كانت تظنّ الحياة
حكاية تصلح للنوم
التي كانت تظنّ العالم سراباً في صحراء
التي لم تبالِ بأيامٍ أبصرتها وراءها
باردةً ومهجورة.
الجميلة النائمة
التي لم تنتظر السارق طويلاً
التي لم تخشَ الموتَ صديقها
التي سقطت بلا ضوضاء
التي علمت بالسرّ أنّ باباً سيُفتح لها
أنها سترتمي على سرير من غيم.
الجميلة النائمة
التي أخذتها الرعدة حين هوت
التي شهقت بلا صوت
التي بكت بلا دمع
التي فتحت عينيها لئلا تبصر
التي لم يتسنّ لها أن تبتسم بوداعة
التي تعفّرت بدمها والغمام.
الجميلة النائمة
التي هي هناك
التي وحدها تعرف أين هي
التي وحدها لا تعرف أين
التي كلّما سئمت نهضت من نومها
لتبصرَ أنها في حلم
لا تدري إن كانت تحلمه
إن كان هو يحلمها
التي كلّما سئمت أشعلت سيكارة
على عجلٍ كعادتها
التي كلها سئمت نظرت إلى مرآة
لتشاهدَ حياتها
التي كلّما سئمت فتحت كتاباً
لتشمّ فيه أصابعها
التي كلّما سئمت ارتمت على العشب
ليسقطَ ذهب الشمس على وجهها
التي كلّما سئمت فتحت باباً وخرجت
مترنّحةً كنجمة ضالّة.
الجميلة النائمة
التي تسيقظ في أحلام الغريب
في عينيه الأرقتين
في قلبه الساهر
في أشواقه التي تفيض
الجميلة النائمة
التي تنهض من روحها
من جسدٍ كان لها
لتطوفَ قليلاً كفراشة
حول نافذة كانت لها
تنظر من خلف الزجاج
إلى سرير كان سريرها في ماضٍ مبهم
إلى مرآة ما برحت تحفظ قبَساً من وجهها
إلى خزانة لم يبقَ لها فيها قميص نوم
إلى طاولة لا ترتفع عليها شمعة
إلى كرسيّ لا يجلس عليه أحد
إلى كتبٍ لم تمتدّ إليها يد
إلى صورة لها حلّ بها حداد.
الجميلة النائمة
التي لا يضيق بها عالم هناك
التي تسرح مثل غيمة عمياء
التي تحلّق بجناحين من أسى
التي تهطل مثل شعاع
التي ترشد أطيافاً ضالّة
التي تسامر غرباء لا أهلَ لهم
التي بابتسامة تطرد ذئاب الأرق
التي بنظرة تُخضع الليل المستبدّ
وبابتسامة تردّ البرد عن يديها.
الجميلة النائمة
التي غادرت في لحظة سهوٍ
التي لم يحتملِ العالم نقاء ضوئها
التي ضاقت حياتها بأحلامٍ مكسورة
التي ضجرت قبل الأوان
التي أسرعت إلى عزلة عاشتها سراً
التي لم تروِها دمعة
التي فاض قلبها
المجروح قلبها
بملح العذوبة
التي أحبّت ملء ما أمكنتها الخيبة
التي خابت وسعَ ما رقّت براءتها
التي كم عظيمةً كانت وحدتها
التي اعتادت ألاّ تنتظر
التي سخرت من مارد يسمى الزمن
التي كسرت عقارب الساعة
التي وقفت طويلاً أمام أيقونتها
لا تتوقع قدوم أحد
ولا رحيلَ أحد
التي أقامت في صميم اليأس
التي من إناء اليأس قطفت زهرة أمل
التي رجتِ السماء أن تظلّ بعيدة
لتظلّ على اطمئنانها.
الجميلة النائمة
التي لم تنتبه يوماً إلى حياة
لم تكنْ لها
التي لم تحلم بامتلاك ولو زهرة
التي كانت على عجلةٍ
من أعوامها
على عجلة من حزنها
على عجلة من فرح تأخّر كثيراً
على عجلة من موت أزهر في قلبها
على عجلة من ظلّ لها
انحنى قبلها.
الجميلة النائمة
التي يطيب لها الآنَ أن ترقد
في ظلّ شجرة
في هواء من رذاذ فجرٍ
تحت شمس تسطع بألفة
في ضوء قمر ينسكب على شفتيها
لا مخدّة لها ولا سرير
لا قميص نوم يشفّ كالصبح.
الجميلة النائمة
التي يحلو لها أن تقفَ على غيمة
أن ترتميَ بين النجمات شقيقاتها
أن ترسل شعرها في الريح
أن تحلّق في حقول طفولتها
أن تقف فوق جفون أحباء لها
أن تبصر وجوهاً لا تعرفها
أن تتنسّم عطور فردوس
أن تدخل منامات أصدقاء تجهلهم
تحمل إليهم باقةً من بخور مريم
أن تحطّ على غصن من ياقوت
أن تصغيَ إلى طواحين تدور عند منحدرات
أن تقفَ على تلة لتنظرَ وتبتسمَ بأسى.
الجميلة النائمة
التي ستظلّ جميلة نائمة
مهما سقط المطر على عينيها
مهما أحرقت الشمس وجهها
مهما سال ذهب النجوم على يديها
مهما غنّى لها عصفور على حافة
مهما نادتها شجرة بملء بهجتها
مهما حلّ بها البرد في الشتاء
مهما أرسلت لها الحديقة من زنابق
مهما هبّ عليها بخور صلوات
مهما انتظرها أحد
مهما لم ينتظرها أحد.
الجميلة النائمة
بوجهٍ لا تتناهى عذوبته
بجديلةٍ لا تفكّها يد
بابتسامة تتخمّر كالعنب
بيدين ساكنتين كموجتين
بنهدين من أنين القصب
بساقين من نبيذ الجنة
برغباتٍ أنقى من الفجر.
الجميلة النائمة
التي ستظلّ جميلة نائمة
التي ستظلّ جميلة
التي ستظلّ نائمة. _________________ حسن بلم | |
| |