كتاب النصوص المحرمة لمالكوم اكس ترجمة حمد عيسى pdf
لتحميل الكتاب اضف ردّا
المشكلة التي يواجهها المثقفون في هذا البلد خطيرة جدّاً. لقد استطاع السياسيون الرجعيون غرس الشك في أذهان عامة الناس حول كل ما يقوم به المثقفون من مجهودات، وذلك بواسطة تحذيرهم من خطر وهمي. لقد نجحوا، حتى الآن، وها هم يواصلون المسيرة، وذلك بإعاقة حرية التدريس، وتجريد المدرسين الذين لا يذعنون لهم من وظائفهم، أي بتجويعهم. ماذا يجب على أقلية المثقفين عمله ضد هذا الشر؟، بصراحة: الطريقة المبتكرة الوحيدة لمواجهة هذه الحملة عدم التعاون، كما فعل غاندي. يجب على كل مثقف يتم استدعاؤه للمثول أمام هذه اللجان أن يرفض الشهادة، أي، بعبارة أخرى، يجب أن يكون مستعدّاً للسجن والمعاناة الاقتصادية. باختصار، عليه أن يضحي بمصلحته الشخصية، من أجل مصلحة الحرية الفكرية في بلاده. رفض الشهادة هذا يجب أن يكون مبنيّاً على اليقين بأنه من المخزي لشخص بريء أن يخضع لاستجواب كهذا، وأن هذا النوع من الاستجوابات يخالف روح الدستور. إذا كان هناك عدد كاف من الناس الجاهزين للقيام بهذه الخطوة الخطيرة، فإنهم سينجحون، وإلا فإن المثقفين في هذا البلد لا يستحقون شيئاً أفضل من العبودية التي تراد لهم"
أينشتين من رسالة له نُشرت في "نيويورك تايمز" بتاريخ 12 يوليو 1953 في عز سطوة المكارثية التي تعقبت كل أصحاب الآراء المختلفة، واتهمتهم بالعمالة والخيانة. الرسالة نشرت مع رسائل أخرى لأينشتين وخطب لمالكولم إكس وحوارات مع تشومسكي وهوارد زن، في كتاب (النصوص المحرمة)، ترجمة حمد عبد العزيز العيسى. -
عند قراءة عنوان الكتاب الذي وصفه الدكتور جلال امين بانه "كتاب جميل تترك قراءته في النفس اثرا طيبا" قد يتوهم القارىء انه يتناول موضوعات جنسية فاضحة اوجبت التحريم أو يشكل اساءة إلى معتقدات دينية أو رموز يجب أن تحاط بإجلال لا يقبل الطعن.
الا ان العنوان وهو "النصوص المحرمة ونصوص اخرى" ربما كان "خداعا" الى حد ما. فما وصف هنا بانه تحريم انما هو اجمال "سياسي" الى حد ما وربما حملت " سياسيته" مخاطر عرقية او اقتصادية اكثر مما يمكن ان تشكله في مجالات اخرى.
والواقع ان اسم الشخصية الرئيسية في الكتاب والذي كتب عموديا بخط كبير امتد على طول دفة الغلاف هو"مالكولم اكس" فاذا قرأنا الاسم ثم اتبعناه بالعنوان استقام المعنى المقصود.
انها نصوص الزعيم الزنجي المتمرد الذي اتخذ له هذا الاسم "العائلي" الرمزي وقضى في عمل من أعمال العنف الذي لم يكن يتورع عن الدعوة اليه شرط ان يوجه الى البيض والامريكيين منهم بشكل خاص الذين اتهمهم بالتسبب بآلام رهيبة وتاريخية للامريكيين الافارقة السود.
اما الكتاب الذي صدر في العربية عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في 323صفجة متوسطة القطع فهو من "ترجمة وتعليق حمد العيسى"وبمقدمة كتبها الدكتور جلال امين. والعيسى كاتب وقاص ومترجم ومهندس سعودي.
بعد مقدمة الدكتور امين نجد كلمة للمترجم يعرض فيها للقارىء مواد كتابه وسبب ترجمتها الى العربية. قال العيسى "هذه مجموعة مختارة من بعض النصوص التي ترجمتها في السنوات القليلة الماضية من اللغة الانجليزية بالاضافة الى مقالات كتبتها لترافقها. وهذه النصوص عبارة عن مواد ثقافية متنوعة في السياسة ،التاريخ، الاجتماع ،الادب ،العلم ،الفن، الطب النفسي".
يبدأ الكتاب وفقا لكلمات المترجم "بموضوع عن مالكولم اكس" بما في ذلك سيرة موجزة لحياته وبصفحات عديدة من اقواله. والمواد التي اوردها المترجم وصفها بانها نصوص مهمة "تنشر لاول مرة في العالم العربي ... وهي تقدم صورة واضحة وحقيقية لهذه الشخصية الفذة التي دافعت بصلابة ورجولة عن حقوق الشعب الامريكي الاسود ضد الاضطهاد العنصري في الولايات المتحدة الامريكية ودفعت حياتها ثمنا لذلك..".
وكان اكس قد قتل سنة 1965برصاص افراد من جماعة "امة الاسلام" التي انتسب اليها ثم تركها لخلاف مع زعيمها اليجا محمد. بعد ذلك حمل الكتاب موضوعا هو "نعوم تشومسكي.. ضمير امريكا". وتلاه موضوع بعنوان "رالف نادر..اعنف زبون امريكي" في اشارة الى اشهر المدافعين عن حقوق المستهلك الامريكي في وجه الشركات الكبرى. تبع ذلك عنوان هو" هوارد زن .. والحدود القصوى للامبراطورية" وزن كما وصفه الكتاب "يعتبر اهم مؤرخ يساري امريكي على الاطلاق. يعد مع نعوم تشومسكي من ابرزمفكري اليسار ونشطاء حركة مناهضة الحرب في الولايات المتحدة الامريكية".
اعقب ذلك موضوع هو "فاتسلاف هافيل .. يودع السياسة ويعود الى الثقافة "وهافيل هو الكاتب المسرحي المعارض للنظام الشيوعي والذي انتخب رئيسا لتشيكوسلوفاكيا سنة 1989بعد انهيار ذلك النظام. تلا ذلك "البرت اينشتاين من خلال رسائله".
ويقدم الكاتب للموضوع بكلمة من رسالة وجهها اينشتاين العالم اليهودي الشهير الى حاييم وايزمان اول رئيس لاسرائيل جاء فيها "اذا لم ننجح في الوصول الى طريق للتعاون الصادق والاتفاق مع العرب فكأننا لم نتعلم شيئا من محنتنا التي استمرت الفي سنة وسوف نستحق المصير الذي سنصل اليه".
عنوان الفصل التالي كان " ايزابيل الليندي ..المتمردة " عن الروائية البنمية الشهيرة. بعد ذلك نصل الى " فيليب بورجويرز .. والاكتئاب الانتحاري " وهو عن بورجويز الذي "كان في احدى السنوات اصغر رئيس شركة ضمن قائمة اكبر 500شركة التي تنشرها مجلة " فورتشن " الامريكية كل عام "وقد جعل من شركة "وذرفورد " شركة عملاقة في مجال خدمات الطاقة لكنه "عندما بلغ الثالثة والخمسين في 1996استقال فجأة من عمله رئيسا للشركة وتوجه لقضاء ثلاثة اشهر في مصحة نفسية.
لقد كان فيليب يعتقد "انه على يقين مئة في المئة بان العالم سيكون افضل من دونه". الموضوع الذي تلاه كان عن العالم البريطاني الشهير تشارلز داروين.
في الختام فصل بعنوان "بت مينوسك بينجر.. وجيرانها السعوديون" وهي مثقفة وكاتبة ومصورة وشاعرة امريكية اقامت بضع سنوات في السعودية وكتبت عنها بمحبة واعجاب واستنكرت المعاملة التي لقيهاالمسلمون عامة والسعوديون خاصة في امريكا بعد تفجيرات سبتمبر ايلول.
اورد الكتاب لها قصيدة بعنوان " في حب السعودية وشعبها" وفيها تقول " احببت الارض/احببت الجو /احببت ان اطفالي في أمن/ احببت نداء الصلاة خمس مرات في اليوم ...".
المترجم قال في كلمة عن مالكولم اكس "يمكن اختصار المبدأ الاخلاقي لمالكوم اكس في ثلاث كلمات هي " فضح الظلم ومقاومته "وهذا مبدأ صالح لكل زمان ومكان".
جلال امين قال في المقدمة "هذا كتاب جميل تترك قراءته في النفس اثرا طيبا" واضاف أن استغراب القارىء لجمع مواد لمؤلفين ينتمون الى ميادين مختلفة "لن يطول اذ بمجرد ان يقرأ فصلين او ثلاثة سيدرك ان شيئا مهماً يجمع بين اغلب فصول الكتاب وان هذا الشيء هو الذي يجعل الكتاب جميلا ويجعله يترك اثرا في النفس. من الممكن ان اعبر عن هذا الشيءالمهم المشترك بين اغلب فصول الكتاب بتعبيرات مختلفة ولكني سأختار منها هذا التعبير... وهو" النظر الى السياسة كاخلاق".
لنصوص المحرمة ونصوص أخرى
by Malcolm X, حمد العيسى (Translator)
هذا كتاب جميل تترك قراءته في النفس أثراً طيباً للغاية. قد يستغرب القارئ في البداية أن يجد المؤلفين الذين ترجمت بعض أعمالهم في هذا الكتاب ينتمون إلى ميادين مختلفة جدا الاختلاف، فمنهم المناضل السياسي، وعالم اللغويات الشهير، والمصلح الاجتماعي، والمؤرخ، ورئيس جمهورية سابق، وعلماء أفذاذ، وروائية، ومغن شعبي، وشاعرة. فما الذي يمكن أن يجمع بين هؤلاء جميعاً؟َ! وهل هناك من القضايا ما يمكن أن يكون هماً مشتركاً لهم؟ ثم ما الذي يدفع كاتباً عربياً أن يترجم كتابات لهؤلاء جميعاً ويجمعها في كتاب واحد؟!
على أن استغراب القارئ لن يطول، إذ بمجرد أن يقرأ فصلين أو ثلاثة سيدرك أن شيئاً مهماً يجمع بين أغلب فصول الكتاب، وأن هذا الشيء هو الذي يجعل الكتاب جميلاً، ويجعله يترك هذا الأثر الطيب في النفس.
من الممكن التعبير عن هذا الشيء المهم والمشترك بين أغلب فصول الكتاب بتعبيرات مختلفة، ولكن مقدم هذا الكتاب "جلال أمين" اختار تعبير "النظرة إلى السياسة كأخلاق". وهو يقول "لقد تعودنا أن ننظر إلى السياسة على أنها وسيلة الوصول إلى هدف، بصرف النظر عن الطبيعة الأخلاقية لهذا الهدف. والسياسة كثيراً ما تعرف بأنها "فن الممكن"، ووصف عمل ما بأنه "ممكن" أو "غير ممكن" لا يفترض شيئاً يتعلق بأخلاقيته أو عدم أخلاقيته. والسياسة كثيراً ما تفهم أيضاً على أنها ممارسة القوة، والقوة بدورها قد تستخدم لتحقيق هدف أخلاقي أو غير أخلاقي. لهذا السبب نجد أننا عندما نصادف شخصاً أو مؤسسة أو حكومة تتعامل مع قضية سياسية وكأنها قضية أخلاقية، فتخضع العمل السياسي لمعايير أخلاقية، نستغرب هذا عادة أشد الاستغراب، وإن كنا على الأرجح نشعر أيضاً بالإعجاب والتقدير، ونتمنى لهذا الشخص أو لهذه المؤسسة أو الحكومة النجاح في هذه المهمة الصعبة، وهذا العمل البطولي وغير المألوف، وأقصد بهذا العمل البطولي وغير المألوف "ممارسة السياسة كأخلاق".
إن ممارسة السياسة كأخلاق ليست فقط عملاً غير مألوف، بل ما أكثر ما نصادف عكسه بالضبط، أي "ممارسة الأخلاق كسياسة". فما أكثر ما يستعمل السياسيون شعارات أخلاقية لتبرير أعمال سياسية هي أبعد ما تكون عن المبادئ الأخلاقية المستقرة، فيتكلمون مثلاً عن حقوق الإنسان لتبرير انتهاكها، وعن السلام لتبرير الحرب، وعن العدل لتبرير الظلم، وعن المساواة لتبرير القهر. فإذا كان الأمر كذلك، فكيف لا نشعر بالتقدير والإعجاب العميقين، بل والرهبة والخشوع أحياناً، إزاء رجال ونساء تصدوا للقضايا السياسية وكأنها قضايا أخلاقية، تصلح لأحكام الضمير الإنساني، وحكموا على الأعمال والإجراءات السياسية وفقاً لاتفاقها أو اختلافها وما يقضي به الحس الأخلاقي السليم".
هكذا يطلع القارئ الفصل بعد الآخر من هذا الكتاب، فيصادف -المرة تلو المرة- التعامل مع السياسة كأخلاق. يصادفه عند مالكوم إكس عندما يكرس عمله السياسي لمكافحة التمييز العنصري، وعند نعوم تشومسكي عندما يكرس نشاطه لفضح أكاذيب السياسة الخارجية الأمريكية، وعند رالف نادر عندما يجعل قضيته السياسية تحرير المستهلك من خداع الشركات الكبرى، وعند هوارد زن عندما يكشف حقيقة الحرب، وعند فاتسلاف هافيل (وهو الأديب والكاتب المسرحي) عندما يجرب حظه كرئيس جمهورية ولكنه يحذرنا في النهاية من الظن بأنه من الممكن للعالم "عندما يحكمه الشعراء أن يتحول إلى قصيدة!"، وعندما يرفض آينشتين العرض المقدم إليه في 1952 بأن يصبح رئيساً لجمهورية إسرائيل، وكان قبل ذلك قد أرسل رسالة إلى حاييم وإيزمان الذي كان رئيساً للمنظمة الصهيونية العالمية قال فيها: "إذا لم ننجح في الوصول إلى طريق للتعاون الصادق والاتفاق مع العرب، فكأننا لم نتعلم شيئاً من محنتنا التي استمرت ألفي سنة، وسوف نستحق المصير الذي سنصل إليه".
وهذا كلام في الأخلاق قبل أن يكون كلاماً في السياسة، أو كلام يحاول به آينشتين أن يحول السياسة إلى أخلاق.
عندما تقرأ بعد هذا كله، في الفصل الأخير من الكتاب، قصيدة /مقالة بالغة الجمال، ومترجمة ترجمة جميلة، لكاتبة أمريكية قضت في المملكة العربية السعودية خمس سنوات، فوقعت في حبها، وكتبت هذه القصيدة /المقالة لتصف بعض ما أحبته في نمط الحياة في السعودية: "أحببت الأمان، خاصة بالنسبة لأطفالي.. الذين لم أكن بحاجة إلى تعليمهم عدم الحديث مع الغرباء ورفض الحلوى والهدايا منهم. أحببت أن أخرج من غير إغلاق منزلي بالقفل، وترك محفظتي في عربة التسوق والذهاب إلى آخر السوبر ماركت لإحضار الحليب الذي نسيته (...) أحببت الصبر اللامتناهي لأصحاب محلات الذهب، حين تقوم ابنتي ذات الثلاثة عشر عاماً بإضاعة أوقاتهم وهي تساومهم لشراء حيلة بمبلغ من مدخراتها. رأيتهم يقدرون جرأتها حين تشتري منهم بسعر أقل من سعر الذهب في الأسواق العالمية!".
عندما تقرأ هذه القصيدة/ المقالة في نهاية الكتاب يخالجك الشعور بأن الكتاب قد أدى مهمته، إذ تتسق هذه القصيدة/المقالة وما انطوت عليه معظم الفصول من مشاعر: امرأة أمريكية نبيلة المشاعر، تتجاوز كل أكاذيب السياسة وادعاءاتها وتصل إلى لب القصيدة، وهو أن المشاعر الإنسانية الحقيقية هي في نهاية الأمر واحدة، وأن ما يجمع بين الناس من تعاطف يستند إلى حاجتنا جميعاً إلى التواد والتراحم، وهو أثمن بكثير من مغنم التسلط وفرض الإرادة على الآخرين قهراً وظلماً، وهو أيضاً أبقى في الزمن.