® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2015-01-30, 8:53 am | | اللاما ليست حيوانات بل كائنات ترفض الخسة
لعل «الخِسة» هى أدنى مهاوى الانحطاط البشرى، وتعبر عنها لغتنا بتصويب سديد، فخسَّ سلوك المرء وفعله ورأيه تعنى: تفه، ورذل وحقر وهان، فصار رذيلاً وخسيساً. والمدهش أن الفعل خسَّ بتشابهه مع أفعال خَلَس، وخَنَس، ووَلَس، يكاد يكمل دائرة الإشارة إلى الخسة ويكشف عن بنيتها النفسية، السيكوباتية الإجرامية، فخَلَس أى سلب بالمكر الردىء والحيلة، وخَنَس آذى وهو مُستخفٍ، ووَلَس خدع وخان. وكلها تصب فى معانى الغدر والغيلة التى تُذرى بأهم مقومات الأخلاق الثلاثة: التقمص العاطفى فى الشعور بالغير، والتراحم والتواد، ثم التعامل مع الآخرين بإنصاف، والمدهش أن هذا الإنصاف المفتقد فى كل ما يحيط بنا من خسة بشرية، يحرص عليه «حيوان» أحب أن أحكى حكايته بتوسع، لعلها تُخجِل بعض من تخلوا عن فضيلة الحياء، وتفضح من تأخذهم العزة بالإثم!
البغال والحميرلا تتمرد مثل اللاما على حمل ما ترفضه رغم أنها تحمل أكثر
لا شك أنه فى كل تكوين عنصرى أو عدوانى أو متعصب، فردى أو جمعى، ثمة نوع من الخيلاء يعبِّر فى حقيقته عن شعور عميق بنقصٍ ما، يستتبعه سعى إلى التعويض، ولكن بشكل جائر ومُبالغ فيه دائماً، وهذا ما يمكن استشفافه من زهو «جيش الدفاع الإسرائيلى» بقوته وأسلحته ومنها «سلاح الحيوانات»، حيث حشد هذا الجيش أنواعاً مختلفة من الحيوانات ضمن مكوناته، منها كلاب بشعة التدريب لنهش الفلسطينيين المحتجّين سلمياً على جور وبطش الاحتلال، ومثلها كلاب للكشف عن المفرقعات، وكلاب للتضحية بها فى العمليات عالية الخطورة، أما الجديد الذى كان منصةً عالية للتفاخر الزاعق، فهو استخدام حيوانات اللَّاما (LLAMA) كأداة نقل للمعدات والمؤن فى الطرق الوعرة و«المهمات الخاصة» ضمن سيناريوهات العدوان الإسرائيلى المختلفة المُعدَّة للهجوم على محيطها العربى بمجرد تلقف الذريعة، أو اختلاقها!
فتاة من قبائل الكوشوا مع لاما صغير ولا تطيل مصاحبته حتى لا يعاملها كأقاربه
لقد بلغ الزهو بتجنيد اللاما فى الجيش الإسرائيلى إلى حد إطعامها وجبات يُراعى فيها تطبيق قواعد الـ«كشروت» أو الكوشير، أى الطعام الذى تقبله الشريعة اليهودية، وإن ضِمن ما اعتادت اللاما على التغذِّى به، خاصة فى الأعياد! وهذا ما صرح به الجنرال «آشر لانداو» مسؤول الشؤون الدينية فى الجيش الإسرائيلى ليومية «تايمز أوف إسرائيل» فى وقت متأخر. وقبل ذلك نُشِر فى موقع جريدة «وورلد تريبيون» من مراسلها فى تل أبيب يوم الجمعة 17 فبراير 2006 تقرير منقول عن مصادر فى الجيش الإسرائيلى عنوانه «العسكرية الإسرائيلية تعثر على أداة نقل مثالية لقوات المهمات الخاصة: إنها اللاما»، وقد تضمن هذا التقرير فخراً بهذا الإنجاز لأن هذا الحيوان «هادئ ومنضبط ويمكنه حمل أوزان ضخمة تصل إلى 50 كيلوجراماً للفرد الواحد، ويجرى تدريبه فى الطرق الوعرة بهضبة الجولان للوصول بهذا الحِمل إلى 100 كيلوجرام، كما أن اللاما مختلف عن الحمير المُجنَّدة أيضاً فى هذا (السلاح) والتى لا تصلح للمهمات الخاصة، فالحمير تُحدِث ضوضاء تكشف عن وجودها، كما أنها تطلب الطعام كثيراً، بينما اللاما يمكنها أن تكتفى بوجبة واحدة فقط كل يومين».
اللاما ساعياً للبريد بين قرى جبال الإنديز وحارساً للقطعان فى المراعى المرتفعة
كان ذلك التقرير للوورلد تريبيون يستبق بأشهر قليلة عدوان إسرائيل على لبنان فى يوليو 2006 مما يوضح أن ذلك العدوان كانت إسرائيل تُعِدُّ له سلفاً وتنتظر الذريعة، بدلائل مختلفة منها سيناريو إعداد اللاما كأداة نقل فى الطرق الجبلية الوعرة التى لا توجد بداهة فى المحيط الإسرائيلى سوى فى لبنان، أما بعد ذلك العدوان الذى دام 33 يوماً دامية وحارقة على الناس العزل والبيوت أكثر من أى شىء آخر، فقد قالت الجريدة نفسهاـ نقلاً عن المصادر العسكرية الإسرائيليةــ كلاماً مختلفاً تماماً ويُشكِّل مفارقة مذهلة تشين الغرور الإسرائلى وتكشف عن تهافته. ولتقدير افتراق ما نشرته الوورلد تريبيون بعد العدوان الإسرائيلى على لبنان مقارنة بما سبق قوله على لسان عسكريين إسرائيليين عن حيوانات اللاما المُجنَّدة فى جيش «الدفاع»، وكذلك لتقدير تسامى حيوانات اللاما عن خسة الإرهاب المتقنِّع بقناع الدين هاهنا وحيثما يكون، يحسن بنا أن نعرف ما تيسر من حقائق عن هذه الكائنات...
تعيش حيوانات اللاما تاريخياً فى مرتفعات جبال الإنديز، خاصة فى بوليفيا والبيرو، على ارتفاع أربعة آلاف متر فوق سطح البحر فى أرض وعرة ومناخ شديد البرودة. وهى تتشابه مع الجمال كثيراً وإن كانت أصغر حجماً وصوفها أطول وأغزر وأنعم، ولا سنام لها، لهذا يُطلق عليها «جِمال الجبال» افتراقاً عن «جمال الصحراء». يصل طول الواحد منها إلى 1.8 متر حتى قمة الرأس ويبلغ وزنها ما يقارب 130 كيلوجراماً. ويستطيع الحيوان البالغ منها أن يحمل 30% من وزنه ويقطع به ما يقارب 15 كيلومتراً دون كلل. وهى حيوانات اجتماعية تعيش فى قطيع تحكمه تراتبية محددة وتقاليد صارمة- إن صح القول، وهو من وجهة نظر الدراسات الحديثة فى علم سلوك الحيوان أو «الإيثولوجى»: صحيح.
بصقة اللاما العجيبة احتجاجاً على ما لا يرضاه تتنوع كثافتها تبعاً لحجم احتجاجه
تم تدجين اللاما منذ عهود بعيدة بعمق الحضارات التى ازدهرت فى منطقة الإنديز والتى قضى عليها الغزو الأوروبى للقارة الأمريكية تحت مُسمَّى الكشوف الجغرافية، ولا تزال هناك بقايا تقاليد من آثار هذه الحضارات أبرزها حضارة الإنكا التى يرتبط أحفادها بعلاقات وثيقة مع حيوان اللاما المُدجَّن، فالنوع البرى يكاد يكون منقرضاً كُلياً الآن، بينما هناك شواهد على أن قطعانها كانت ترعى حرة بالآلاف فى منطقة الإنديز الوسطى، وثمة من يؤرخ أن الغزاة الإسبان استخدموها بكثافة بلغت 300 ألف لاما لنقل الخام من مناجم الفضة أيام نهبهم لفضة هذه الأرض. وقد ظل ما تبقى من سكان وسط الإنديز الأصليين يدربون هذه الحيوانات على نقل بضائعهم وحاجياتهم عبر الجبال حيث يبدأ التدريب بتدرُّج حكيم ورحيم بينما الحيوان فى سن الثالثة، ويستمر التدريب حتى التاسعة، بعدها يدخل فى مُعترك العمل، يحمل الملح واللحم المجفف وحبوب الكينو ودقيق الشينو المصنوع من مسحوق البطاطس المجففة من مواطنها الجبلية المرتفعة ويهبط بها إلى أسواق الوديان المنخفضة، ثم يعود من هذه الأسواق بحبوب الذُرة والفاصوليا الجافة والفاكهة والسُكّر لأصحابها وأصحابه فى أعالى الجبال.
محاولة الجيش الإسرائيلى فشلت فى تسخير اللاما لنقل العتاد والمؤن عبر الجبال
كائنات لها تقاليد عيشها الخاصة وطباع كامنة تظهرعند الضرورة، فهى برغم تدجينها لا تزال على فطرتها الأولى، حيية، لا تتزاوج على مرأى من الناس كما بقية ما تم تدجينه من حيوانات كالحمير والغنم والخنازير والكلاب، وتتعانق قعوداً وعلى مهل، ولا يحدث التبويض فى الأنثى إلا أثناء الجماع فتكون البويضة مخصبة من فورها لهذا لا تحيض إناث اللاما. وبعد حمل يطول حتى 350 يوماً تلد الأم واقفة، وفى الصباح فقط، فتضع وليداً لا يزيد وزنه على 14 كيلوجراماً لكنه يقف على أقدامه فوراً، فتُمسِّد جسمه الصغير بلمسات حنون من خطمها الندى عِوضاً عن لعقه بلسانها لأن لسانها مُقيَّد فهو ملتصق بقاع فمها ولا تستطيع إبراز أكثر من نصف بوصة خارجه، وبينما تقوم بهذا التمسيد الحنون لوليدها الخارج لتوه إلى نور الدنيا، تغمغم بإيقاع يشبه الهدهدة كأنها تقول له «أنا معك.. أنا معك». ثم إن كل إناث القطيع متى ما عرفن أن هناك وليداً جديداً خرج إلى النور سارعن للإحاطة به لتدفئته وحمايته من خشونة كبار الذكور إن حضروا وشر المفترسين إن اشتمُّوا رائحة لحمه الطرى الغض!
حيوانات اللاما، وأنا أشعر بالأسف لتسميتها «حيوانات» لفرط ما تم ابتذال هذه الكلمة، لهذا من الآن فصاعداً سأسميها «كائنات»، هذه الكائنات، فى مراعيها الشاسعة وعند اقتراب الخطر يحذر بعضها بعضاً بهمهمات مميزة، وعند الغضب أو الخوف تتحول هذه الهمهمات إلى ضوضاء قد تشكل نوعاً من الردع الاستباقى لمصدر الخطر. أما المدهش فهو استخدامها البصقَ تعبيراً عن اعتراضها أو احتجاجها أو غضبها. ولأنها كائنات مجترة وبرغم أن معدتها صغيرة إلا أن هذه المعدة تتكون من ثلاث غُرف، وهى تستدعى بصقاتها من كل غرفة بما يناسب ما تبصق عليه، فالإناث عادة لا يبصقن إلا على الصغار الذين يُظهرون حماقات تعرضهم وتعرض القطيع للخطر، لهذا تكون البصقة خفيفة ومقبولة القوام والرائحة لأن الأم أو الأنثى تستدعيها من غرفة المعدة الأقرب التى يكون فيها الطعام طازجاً بعدُ ومقبول الرائحة والقوام، أما البصقات المُستدعاة من غرف المعدة الأبعد والأعمق فيقوم بها الذكور فى العادة، أثناء العراك مع بعضهم البعض أو مع رعاتهم أو من يُسىء إليهم أو يرفض لهم طلباً مما لوَّح بإعطائه لهم ولم يفِ بما وعد، وقد سجل سياح كثيرون أن من يلوِّح بطعام لذكور اللاما ولا يعطيهم إياه متى ما اقتربوا لأخذه، على سبيل المزاح أو الخداع أو الإغاظة، سرعان ما ينال بصقة مجلوبة من أعماق غرفة المعدة الثالثة فتكون شديدة اللزوجة وكريهة الرائحة نظراً لفرط تخمرها.
الديلانتيرو لا يخشى الذئاب ولا النسور ويقود قافلة من بنى جنسه تطمئنهم شجاعته
بصقة كائنات اللاما إذن أداة استنكار وردع تتخلل العراك الذى يدخل فيه الذكور تحديداً ضمن منافساتهم على الطعام والتزاوج، ويكون رمزياً كما معظم قتال «الحيوانات» التى لا يقتل بعضها بعضاً على الأغلب الأعم، فهم يتعاركون بالرفسات وتصادم الأجسام والمصارعة بالأعناق الطويلة، لكنهم لا يقتلون بعضهم بعضاً أبداً مهما كانت ضراوة العراك، ويستخدمون فى ذلك البصقات من النوع الثالث تعبيراً عن شديد احتقارهم للخصم، وهو ما يحدث مع الرعاة الذين أخطأوا عند تنشئة اللاما فأفرطوا فى ملازمتهم حتى شبَّ بعض اللاما يحسبهم أفراداً من نوعه، فهو يتعارك معهم إن أغضبوه كما يتعارك مع بنى جنسه، بالرفسات وضربات الأعناق والبصق الشنيع، لهذا ينصح المربون المحنكون الأجيال الجديدة من المربين بألا يلازموا اللاما طويلاً فى صغر، حتى لا يدفعوا ثمن هذه الملازمة رفسات ودفعات أعناق ثقيلة كلها، وأثقل منها بصقات الاحتقار، التى لم يأت الإسرائيليون على ذكرها فيما صدر عنهم ويمثل انقلاباً على سابق زهوهم بقدراتهم «العسكرية» فى ترويض هذه الكائنات فى «سلاح النقل» الخاص بـ«المهمات الخاصة»، التى هى بالضرورة مُتكتمة ومُتسللة وخفية وغادرة كما عمليات الإرهاب والخسة معظمها.
دعونا لا ننسى ما تفاخر به العسكريون الإسرائيليون بشأن استخدامهم اللاما، وسبق أن عرضه تقرير الوورلد تريبيون قبل الحرب على لبنان، نتذكره بينما نقرأ ما نشرته الجريدة نفسها أخيراً بخصوص الموضوع ذاته، ففى 6 ديسمبر 2012 نشرت الوورلد تريبيون تقريراً خاصاً من تل أبيب عنوانه «الجيش الإسرائيلى يُعلِّق فى هدوء استخدام اللاما لنقل الإمدادات خلف خطوط العدو»، وقد ورد فى نص هذا التقرير: «لقد كانت هناك مهمات عديدة ومحاولات استُخدمت فيها اللاما وكان معظمها فاشلاً. وأفادت المصادر العسكرية الإسرائيلية بأن الجيش قرر أن اللاما لا تمثل حلاً لعمليات النقل السرية، وأضافت هذه المصادر أن اللاما لا تستطيع حمل كميات كافية من الماء والطعام للفرق المقاتلة خلف خطوط العدو. لقد دُرِّبت اللاما على نقل الإمدادات العملياتية مع احتدام حرب الثلاثة وثلاثين يوماً عام 2006 لكنها لم تنجح، فتقطعت السبل بفرقنا المقاتلة خلف خطوط العدو فى لبنان دون طعام وإمدادات أساسية بسبب تلغيم الطرق فى الجنوب اللبنانى. وصار الجيش يستخدم وسائل بديلة تشمل مظلات موجهة بنظام (جى بى إس) لتحديد المواقع لإمداد القوات المقاتلة خلف خطوط العدو بما تحتاجه. كما طوَّرت شركة (إلبت) طائرات شراعية لهذا الغرض إضافة لاستخدام أنظمة محمولة لتنقية المياه». كان ذلك محتوى التقرير الذى اختُتم بتصريح للبريجيدير جنرال «إيزاك كوهين» بإدارة تقنيات الإمدادات اللوجيستية بالجيش الإسرائيلى قال فيه: «الآن نحن لدينا خيارات متعددة لتوصيل الإمدادات عبر الجو والبر والخطوط البحرية».
هكذا انقلب الإسرائيليون على اللاما الذى تغنُّوا بترويضه من قبل، وأتذكر مما رشح إبان تلك الحرب ولم يأت على ذكره التقرير، أن الإسرائيليين لم يستخدموا لاما عادية، بل اختاروا نوعاً محدداً منها يوصف بأنه «ديلانتيرو» وهى كلمة إسبانية تُستخدم لوصف ما هو قائد أو قلب هجوم أو فى المقدمة، وقد وظف سكان وسط الإنديز فى أمريكا الجنوبية هذه الكلمة لوصف النوع الفاخر والقوىّ والعنيد من ذكور اللاما التى تقود قوافل هذه الكائنات أثناء نقل البضائع عبر الطرق الجبلية الوعرة، أو تُستخدم فى حراسة قطعان الماشية التى ترعى فى البرارى المفتوحة، فهذا اللاما الديلانتيرو يتسم بالشجاعة وعدم الخوف من وحوش الجبال والجو مثل الذئاب والنسور التى تخيف كائنات اللاما العادية، فالديلانتيرو برباطة جأشه أمام الأخطار والمصاعب يبث الطمأنينة فى السرب الذى يقوده، فلا يهرب السرب أو يتشتت بل يجتاز الصعاب ويُكمل طريقه، وغالباً ما يجعل المفترس يتردد أمام تماسك الحشد فيتراجع أو يهرب. لهذا لا يعنى ما وصف به الإسرائيليون كائنات مثل ديلانتيرو اللاما بأنها فشلت فى أداء مهامها «الخاصة» إلا تمردها ورفضها لهذه المهمات وعدم الاكتراث بأوامر مدربيها احتقاراً لهم وغضباً عليهم، وقد صرنا نعرف ما هو الشكل الذى تُعبِّر به هذه الكائنات عن غضبها واحتقارها، والأرجح أن ما كان الإسرائيليون يريدون نقله على ظهور اللاما لم يكن ماءً ولا طعاماً بل أسلحة قتل وتدمير، وقد استشعر الديلانتيرو خبث ما تنطوى عليه الحمولة وخِسة أصحابها، ميّزوها من رائحتها، أو الذبذبات الصادرة عن بعضها، أو بأى سبيل مما تدركه حواس هذه الكائنات المرهفة، فرفضت الامتثال لإرادة الخسة والدموية وتدمير الحياة والأحياء، وليس مُستبعداً إطلاقاً أنها جابهت كل محاولة لإرغامها على ما لا ترضاه بالبصق على من حاولوا إرغامها، بصقاتٍ من أعمق أعماق غرفة المعدة الثالثة الأكثر تعبيراً عن الرفض والاحتقار.
لقد كتبت ما سبق دون إسقاط سياسى أو اجتماعى، تاركاً للأبصار والبصائر أن تلمح الخسة فى مسلسل حرب استنزاف آثمة يشنها علينا من خارج ومن داخل أخساء كثر، يستهدفون إسقاط حائط الصد عنا وعن هذه الدولة لتجتاحنا «لا دولة» الهمجية بغلّها وحقدها ودمويتها. ولا شك أن الجيش والشرطة، مهما كانت مآخذنا على أدائهما فى هذه الحرب، هما صُلب حائط الصد هذا. ومن ثم كان فاجعاً وخطيراً قتل شيماء الصبّاغ بالطريقة التى قتلت بها، وهى عزلاء وسلمية، أيّاً كان اتفاقنا أو اختلافنا مع الإطار والتوقيت اللذين وُضعت فيهما للاحتفال بذكرى ثورة 25 يناير المجيدة. فقتلها واقع بين شبهتين لا ثالثة لهما: الخسّة من خبيث خانس أو الغباوة من أرعن مُندفع. ومن مصلحتنا كأمة مُستهدفة، ومصلحة جهاز الشرطة الذى لا نغفل تضحياته التى تكاد تكون يومية، أن يُكشف عن الجانى، ويُحاسب عن جُرمه، أيّاً كان موقعه أو دافعه، دون أن ننزلق أبداً إلى تصديع حائط الصد الذى بتهديمه نكون كمن يرتكب حماقة إسقاط جدار فى بيته على رأس نفسه ورؤوس أهله.
والآن، لعله لم يعد أمامنا وقد رأينا الحيوان يفوق بعض بنى الإنسان كرامة وعزة وتعفُفاً عن الدنايا، إلا أن ندين الخسة بكل ألوانها الغبراء، ونواجهها بقوة الإحساس بالعدل والإنصاف، مُحاذرين دوماً من التورُّط فى وُحُولها، أفراداً، ودولة، موقنين أنه لن يصح إلا الصحيح، وأن البقاء للأنبل، لا للأخس. مع كل التحية والإكبار لكبرياء الديلانتيرو، قائد اللاما الأبىِّ النبيل! _________________ حسن بلم | |
| |
® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2015-01-30, 8:54 am | | _________________ حسن بلم | |
| |