hassanbalam
® مدير المنتدى ®
رسالة sms :
عدد المساهمات : 11556
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : 
 | |  قصص قصيرة جدا يكتبها بلال فضل | |
لو اطلعتم على الغيب! غرابة أطوارها معه دفعته إلى الشك فيها مؤخراً، ولأنه لم يحسب لمفاجآت الأقدار حسابا، فقد ترك شكوكه تسوقه، واشترى كاميرا مراقبة حديثة من صديق يتردد على الصين، ويستورد منها سلعاً تجتذب المصابين بشتى أنواع الهوس. الآن، عندما يجلس في شقته، بعد أن خلت منها، لا ينكر شعوره بالرضا، لأنه اكتشف أنها لم تكن تخونه، لكن الأسى يستبد به، كلما تذكر كيف أدار تسجيل الكاميرا، والفضول يكاد يقتله، ليراها تنتزع صورة زفافهما المعلقة على الحائط، وتنهال عليها ضرباً بشبشب البيت، ثم تبصق عليها بحرقة، لم يكن يتوقع أنها تخبئ له كل هذه الكراهية، بدأ يتخيل بعدائية سيناريوهات مواجهتهما، لكنه ارتبك عندما رآها تمسح البصاق من على الصورة، وتعيدها إلى مكانها، ثم تجلس منخرطة في بكاء طويل، قبل أن تنهض لتحضير الغداء. .... معانٍ ملتبسة كانت تتحدث عن أيامهما العابثة، بشجن ذكّرني بشجن أنغام، حين غنّت قديما "أعمل إيه في الوحدة وانت مش هنا"، ثم أخذت نفساً عميقاً بدرجة ملغزة، وقالت لي، وهي تمد أصابعها في الهواء: كان كل شيء فيه موهوباً، حتى أصابعه، وأنا فكرت عندها، كم كان البني آدم منا ساذجاً عاطفياً وفقيراً معرفياً، حين كان يفكر بشكل عاطفي بحت، كلما سمع امرأة تغني لحبيب غائب "أعمل إيه في الوحدة وانت مش هنا". ...... ولديها المزيد! عندما وجدها ميالة إليه في صخب الملهى الليلي، ظن أنه امتلك كل شيء، كان فيها كل ما تمناه في نساء تلك البلد الغريبة: شقراء، فارعة الطول، نهداها ممتلئان، بياضها حليبي، صوتها به بحّة غير مستهجنة تزيدها إثارة، عيناها ترسلان إشارات مثيرة للغريزة والفضول، وعندما اصطحبها إلى شقته في آخر الليل، اكتشف أن لديها المزيد، فقد كانت تمتلك فوق كل تلك المفاتن، موضعاً للذكورة. ..... تنمية ذاتية كان مرعوباً طيلة الوقت من أن يداهمه الموت فجأة، فتموت معه أحلامه التي لم يحققها، حاول على الدوام أن يجعل من ذلك الرعب حافزاً له على الإنجاز ومواصلة العمل، لكنه، مؤخراً، اكتشف أن ذلك الرعب الذي لم يفارقه أبداً، قد أفسد عليه الاستمتاع بحياته. لذلك، قرر أن يكون مستعداً للموت في أي لحظة من دون أدنى قلق، بعد أن نسي كل أحلامه، كأنها لم تكن. ..... يا رايحين لحلب! لعلك لا تذكرين ذلك الجنون الذي انتابنا يومها، ونحن نعيد مراراً وتكرارا تشغيل "منير"، وهو يغني: "دول عايروني وقالوا أسمر اللون يا لاللي"، كنت ترقصين بعفرتة معجونة بشجن لم أكن أفهمه، وكنت أحتضنك من الخلف بشغف. كنت تشككين في براءته، وتقولين ضاحكة إنني سأحتاج سنين لأتخلص من أعراض متلازمة أتوبيس "924 عباسية ـ كفر الجبل"، وتتهمينني بأنني لن أفهم، أبداً، شجن الغنوة الذي يحكي عن عياط الياسمين وشكوى السيسبان، لأنني قمحي، ولست أسمر اللون بحق وحقيق. تعرفين؟ لم تعد تلك الغنوة تثير جنوني، أصبحت لا أطيقها، ليس فقط لأن ذكر حلب بات يثير الأسى، بعد كل ما جرى، وإنما لأنني، منذ رأيت صورة زفافك في مجلة "ليالينا" عند ذلك الحلاق اللعين، وأنا كلما سمعتها أتخيلك ترقصين على أنغامها، بذاك الجنون المعجون بالشجن، لزوجك أسمر اللون.. بحق وحقيق. ..... مواريث من الغرفة المجاورة، جاءنا صوتها: "بابا ماما أنا شفت كابوس فظيع"، ضحكنا معجبين بقدرتها على تجديد حيلها لاحتلال سريرنا، كنا ظننا أننا أفلتنا هذه المرة، لأنها راحت، فعلاً، في نوم بدا عميقاً، وقبل أن أكمل جملة "تعالي يا روحي"، كانت ترقد وسطنا. على الضوء السهاري، بدت خائفة بشكل استبعد احتمالية التمثيل، واستوجب سؤالها عن تفاصيل الكابوس، فقالت، وعيناها تروحان نحو النوم: "شفت إني لما صحيت من النوم، لقيت كل القصص بتاعتي محروقة، بابا ممكن تجيبهم لي يناموا جنبي". من موقع نومي الجديد على الكنبة التي تحيطها كتبي من كل اتجاه، أخذت أتأملها وهي تنام محتضنة كتبها، متعجباً كيف ورثت مني أبرز كوابيسي، قلت فخوراً "بنت حلال مصفي"، لكنني قبل أن أروح في النوم، دعوت لها الله ألا ترث مني أبداً أحلامي. _________________  حسن بلم | |
|
