عشــيقي
جمانة حدّاد
(لبنان)
أسمر شاهق النظرات. عيناه تلمعان كحبّ مؤجّل. يحتقر ربطات العنق والخطب الرنانة والحملات الانتخابية وكلّ أشكال النفاق الاجتماعي. صيّاد وقتيل وما بينهما. لا يؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة. قوانينه يسنّها وحيداً وينتهكها جماعات. لم يكتشف بعد أن الأرض برتقالة مسطّحة، لكنّه يعلم جيّدا أنها تدور حوله. مغناجٌ يفضّل ألا يبوح بعمره الحقيقي. يحبّ اللون الأزرق وأوّل الليل وآخر البحر. يسير ضدّ المنطق، ضدّ الشمس، ضد الشعراء. هو أهمّ من نابوليون ومارلين مونرو والناسا والهاتف الخلوي، أهمّ من قمة ايفرست والإيميل وحبّة الكرز وبرج إيفل ليلاً، وأهمّ من نفسه أيضا وخصوصا.
أجمل خاسر وأقوى مهزوم. مغرور كغيمة متواضع كغيمة. لا يطيع، لا يكتفي، لا يُدجَّن، لا يصدّق. أثخن شهقة في الصيف وأطول دمعة خريفية. ليس مأهولا لكنه مكتظ كقفير كثير كسروة. قدماه مغموستان في الريح ورأسه يتلاعب بالنور في أرض النجوم. يشدّ نساءه من شعرهنّ ثم يبكي على صدرهنّ كطفل. لا يشاهد التلفزيون ولا يسمّي الأشياء بأسمائها. غضوب وكاسر وسريع الضجر. يحلم ماضيه ويتذكّر الغد. لا ينحني أمام ملك، ولا أمام موت، ولا حتى أمام وردة بيضاء، لكنّه قد يركع أمام سموّ نهد. رقيق في فحولته، وفحل في أنوثته. لا يخاف أن يكره الله والوطن والعائلة. لا يخاف أن يحبّ الله والوطن والعائلة.
يرفض الزواج لأنه يعرف. حرون كنشوة لا تريد أن تأتي حارقٌ كنهر. يشرب القمر في صحن الحليب ويأكل السماء من راحة يديّ. يلوح في الأفق ولا يُـقبض عليه. يقول للجبال انتقلي فتنتقل، وللوقت ضع فيضيعان معاً. يرتدي الضوء الخافت وعريه لمن لا يرى بالعين. هو الرصاصة في رأس لوركا والغاز في رئة بلاث ومياه السين التي احتضنت جسم سيلان الأخير، وهو شعر الرسولة الطويل حتى الينابيع. الرحم والمنفى، المنجل وضربة المنجل، الشهوة وشهوتها. شجرة تفّاح مثقلة بشبق المجيء، برق متناثر على كتف هاوية، بخور يعبق من جسد الخيال. المجهولة مواعيده، الصاعقة دهشاته، المترنّحة آهاته. أنتظره بأوجاع الفريسة وغواية الفرحانة بأسرها. أنتظره لتكتمل اللذة. لأكون أو لا أكون.
عشيقي، هل عرفتموه؟
الشـعر هو، لأنه أسدي وأنا لبوءته.
الشـعر، لأني لا أصلح لسكّين سواه.
الشاعرة الجامحة في وهج الشعر، المبدعة جمانة حدّاد
تحيّة عابقة بالمودّة والإحترام العميق
منذ فترة طيّبة أتابعكِ عبر مواقع الإنترنت، وكنتُ أودّ أن أرسلَ إليك بطاقة شكر، بطاقة فرح ، بطاقة عشق، بطاقة مودّة، بطاقة مكتنزة بشهقة لا تقاوم، بطاقة من لون صباحات فيروز، بطاقة تليق بعينيكِ المكتنزتين بالشعر الشفيف، ترجمات في منتهى الروعة والبهاء، هل إندلقتِ من شهقة الشمس في ليلة قمراء قبل أن تعبر الشمس فضاء الحياة؟ أفرح عندما ألملمُ حبقكِ المتناثر فوق جموح الخيال، أنتِ شاعرة من لون الياسمين الدمشقي، هل تحبّين الياسمين الدمشقي أم أنّكِ تواّقة إلى الزهور البريّة المتناثرة فوق جبال لبنان وهضاب الشعر المترجرجة فوق قبّة الشعر؟!
صباح الفرح أيّتها الفرح المتناثر فوق شهيقِ الحروف
قرأتُ، نصّكِ: "عشيقي"، المنشور في جهة الشعر ، جهة ولا كلّ الجهات، لا أخفي عليكِ، شعرت بالغيرة من هذا العشيق، لكن حالما عرفت عشيقكِ، أيضاً شعرت بالغيرة لأنّه عشيقتي الأبدية يا صديقتي المتوّجة ببهاء الروح وبهجة الإشتعال، تحوّل هذا العشيق إلى عشيقة من لون الندى؟ هل قرأتِ يا جميلتي الرائعة، إندلاقات لونيّة في تواصلي مع عوالم الشعر وفضاءاته الدافئة في موقع إيلاف تحت عنوان: الشعر رحلةُ عناقٍ مع النرجس البرّي، المنشور كتعريف للشعر في انطولوجيا إيلاف الشعريّة؟ عندما كنت أقرأ نصّكِ: "عشيقي"، كنتُ أشعر وكأنّكِ متوغّلة في أعماقي وما كتبتينه إنبعث في ليلةٍ قمراء من أعماقي الخفيّة، كما كنتُ أشعر أيضاً أن: رحلة عناقي مع النرجس البرّي أشبه ما تكون بنصّ: "عشيقي"، ما هذا العشق الشفيف الذي يغلّف قلوب الشعراء والشاعرات في عوالم الشعر، هل تتعانق أرواحنا بعيداً عن صخب موجات البحر؟ أحييكِ يا أيّتها المبرعمة بشهقة الشعر ووهج جموح الخيال، أشعر بنوع من الإرتباك والحياء الشفيف في عبور عوالم محيّاكِ المبعثر فوق قبّة الليل، الململم بعذوبة نداوة الشعر، لكنّي مع هذا دافعٌ غريب ولذيذ يدفعني أن أقدّم لكِ هذه الباقة من الشوق العميق والحنان الدافئ لعلّه يخفِّف قليلاً أو كثيراً من إشتعالات شواطئ الروح وهي تعبر دكنة الليل كي تستريح تحت ينابيع الشعر، مندلقة برغبة لا تقاوم من شهوة الجبال!
صبري يوسف ـ ستوكهولم
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
تنويه! .. كتبتُ هذا الردّ، هذا التعقيب الذي حمل إيقاع الفرح من وحي قراءتي لنصّ بعنوان: "عشيقي" للشاعرة اللبنانية المبدعة جمانة حدّاد، المنشور في جهة الشعر، وعندما قرأتُ التعقيب قبل أن أرسله لها، شعرت بنوع من الغيرة منها كيف سيصلها هذا التعقيب ولا يصلني نسخة منه إليّ، فأرسلتُ نسخة لها على إيميلها ونسخة لي على إيميلي معاً، لأنني كتبت الردّ مباشرة عبر الإيميل، وقد حوّلت النصّ من إيملي إلى مواقع مفتوحة علة وجنة الحياة، كي أقدّم نسختي إلى الأحبّة القرّاء والقارئات تأكيداً منّي على جماليّة التواصل مع عوالم عناقات الحرف!
........................................................................................