يدان إلى هاوية
جمانة حداد
(لبنان)
رغم النهارات المكتظة
وكيف لحزنكِ أن يرتدي الجفون
ولمساءآتكِ الشديدة الإنحدار
أن تنتشل الوجه من الهاوية؟
2
من تكونين يا غربة الذكرى عن الملمس
وغربة الجذور عن الفرار
أيها الإنحلال الغامض ككثافة الغيم
والإندثار الشبيه بالذات؟
العطشانُ جسدُكِ ترويه شهوته
كصحراء تنتشي من ظمأ رمالها
أرضكِ الضيقة أرحب من صدر العاشق
ونقطةٌ من عريكِ فينهمر القمر.
3
لم تلدكِ شجرة
ولا اكتمل نضجكِ في الفصول
أبوابكِ موصدة
لكنّك طريّة كلذّة تتـفتّح
تخرجين من بستان الحياة لتحتمي بخيالاتكِ
تؤثرين التنزّه بين النجوم
وهناك تهرقين ماءكِ لتأثمي
رأسكِ
عميقاً
عميقاً
يعـبق بالصور.
4
سماؤكِ التي تظلّ عالية
تليّن الضجر
وتسبغ عليه نكهةً غامقة
كالأفق المغلوب
قولي كيف يؤتمن خيالكِ على الجوهر
كيف تلتئم رغباتكِ عند الفجر
وتلهب توقك إلى التعرّي؟
كيف يكون لكل شروقٍ سكّينه أيتها الغريبة
كيف تستطيعين!
5
تتيهين في ليلكِ
وفي مطارح العبور
أما ظلّكِ فيتلمّس يديك الكثيرتين
ويترنّح معكِ تحت قوس اللذة.
غريبةٌ أنتِ
وتعرفين
تنكسرين على ظلّكِ هذا
وعلى بعض جدار
ثم تنتظرين اكتمال الذهاب.
6
بلادكِ هذا الليل الحارق
ولا شموس تخمده
أغصانكِ الثملة تتمايل على حافة الحضور
كلّما
يدٌ
همّت
بالغياب.
لا إسم لبلادكِ أيتها الغريبة ولا آخر
روحُك كلّما دنت لحظة الوصول
تجعلها بعيدة.
7
غريبةٌ أنتِ أيتها الغريبة
تتأبطين وحدتكِ
التي تركض في السهول
باحثةً عن عصافير للغابة
وحدتك الخفيفة
كنهدٍ لم يجتز عتبة الخيال.
ترى أين تسندين نجمتك عندما تمسّكِ العتمة؟
أين تلمعين أيتها النجمة الغريبة؟
8
يحرسكِ شحوبكِ
وفي الظلمة تنتظركِ الوجوه المغلقة
مزاجكِ يتناثر على الدرب المحجوبة
وروحكِ تذرف في الليل كمال جنوحها.
ليست الأحزان نبعك أيتها الغريبة ولا المصبّ
بل الرحلة التي تصنع ذهب الروح.
9
من تكونين أيتها الغريبةُ يا نفسي
يحسبونكِ المتمردة
وما أنتِ إلاّ شبقٌ يخترق ذاته
وذاك الذي يحسبونه رفضاً
ما هو إلاّ دوار التيه.
ومن فرط الأقنعة يمّحي وجهك.
***
إرهاب الهاوية
اخترتُ لعريي جسد امرأة
لأنه من إرهاب الهاوية تولد الجبال
اكتشفت أني نساء أخريات
وأني عدوتهنّ
لم أنتم يوماً إلى نفسي
ولا حجبني عنها غياب.
ما فائدة الغرق
إذا كانت المياه طيّعة؟
وما فائدة الأعماق
إذا كانت لا تنهب الأنفاس؟
كنت أحسب العشق مركباً
لكننا لم نلتقِ
لأن أحلامي استنزفت وجوهكم سلفاً
ولأن طريقكم إلى الليل ليست طريقي.
تصعدون إلى حبي وقممي مقفلة
كنوزكم بيّنة ولا ذهول يحميكم منّي
أجسادكم تؤثث فضائي فيشتد الفراغ
تعرفون لحظة واحدة منّي
لكنكم تجهلون أني لا أريد سوى عصفور.
***
عادات سيئة
قالت إن الحب يشبه القمار
وإنها تخسر دائماً
قالت إنه عادةٌ سيئة
لا تجرؤ على الشفاء منها.
قالت إنها تخاف الضوء
رغم أن الليل الذي بذلته ليس قليلاً
تكتفي بوحدتها
ولا تبالي بالصحبة
لكنها تسقط من غيمتها
كلما دلّها مطرٌ إلى أرضها.
قالت إنها فتيّة عبثاً
ورقيقة رغماً عنها
لكنها تتظاهر بالقسوة
لأن الحنان كالحب
عادةٌ سيئة
ومثله ذلك الصمت
ولن تقلع عنه أبداً.
قالت إنها امرأة ضجرة
إنها أيضاً لا تصلح للنوم
لكنها تنام كي تظل شبيهةً بالجنين
وتغمرها مياه الهاوية.
قالت إنها امرأة متعبة
تنزف من نزقها كلّ يوم
ولا تريد أن تبرأ.
قالت إنها خاسرةٌ بالفطرة
خاسرة كي تستحق فوزها
قالت أخيراً إن الحياة عادةٌ سيئة
ربما لن تشفى منها يوما
بشيء من العزم
وبنسيان كثير.
***
لم أرتكب ما يكفي
علقتُ سهواً في الحياة
ورغماً عني
ولكي لا أقع من حافة الضجر
نذرت يديّ لأغلاطٍ حميمة
ولم أكن يوماً واهمة
أحببتُ وأغلقت أبواباً كثيرة
لئلا أهب أحداً غيابي
تعمدّتُ أن آثم
لتكون لي ذنوبٌ مستحقة
سرتُ طويلاً في صحبة الظل
وطويلاً أغويتُ الملذات
ما رأيتُ سراباً إلا تبعته
ما صادفتُ ناراً إلا أخذتني
لكنّي لم أرتكب ما يكفي من الأخطاء
وسيمضي وقتٌ طويل
قبل أن أبكي كما يجب
سيمضي وقتٌ طويل
قبل أن أعرف كيف أفسد حياتي.
***
وجه بليلٍ مزمن
كان عليه ان يحرّك غيمها بيديه
أن ينقل الجبل على متن نظراتٍ مبللة
أن يصنع عاصفة وليلاً
أن يبعثرها حتى الفجر
وأن يشرب ألمها.
كان عليه أن يسدّد طعنةً إلى موتها
أن يوقظها بمزاج أوقاته
أن يموت سدى
لكنه خاف العودة بفراغ يديه
وخاف وجهها المصاب بليلٍ مزمن.
كان ينبغي له أن يأخذها بلا حذر
ان يمنحها أسباباً للطيش
كان يكفيه أن يسابق ندمها
أن يطلّ ليحاصرها
أن يناديها ليصل
أن يجتاحها ليحمي ضحكتها من جروح النافذة.
كان يكفيه أن يفتح سجن سمائه قليلاً
كي ترشح مياه جنونها
أن يطلق عصفور حزنها
ليحلّقا
كان يكفيه فقط أن ينتبه إلى حفيف غيابها
كي يعثر على حبّها في أعماق عينيه.
***
محض ظلال
أتظاهر بأنني نفسي
لكنّ كائنات مجهولة تعيشني
عينان ليستا عينيّ تريان العالم
وأجساد أخرى تمشي بحياتي.
أتظاهر بأنني نفسي
لكني المعلومة الخفية
لا مناجمي اكتشفت ولا صٌقلت معادني
ما يلوح مني
محض ظلال ألقيتموها عليّ
وتنوب عني
محض أفكار اخترعتموها لي
قد يخيّل إليكم أني أقيم هنا
لكني لم أصل بعد ولا هممت
فلا مسافة أجتازها غليكم
لا قمر أواعده
ولا ليل أنزل منه إلى النهار.
أتظاهر بأنني نفسي
لكني في عدمي أجول
هناك الكسل لا يزال دعوة
والفوضى راعية الفصول
هناك الوقت لم يصر وقتاً
ولا الأشكال صارت أشكالا
الشفاه شفاه بالفطرة
والغيوم لا تتعقّب أمطارها.
حرّةً أغيب في سرابي
لا هوية أحجم عنها ولا انتماء يهددني
أتكاثر حتى تتعب الأرقام
وأجهلها مثلما يجهل البحر أسماءه
لا أحد يناديني
ولا أحد يعرفني
الكلمات
وحدها
على مهل تصنعني.
أتظاهر بأنني معكم
لكن كائنات أخرى تعيشني
وإذا كنتُ لم أولد بعد
وسبقني الوهم إليكم
فلأني فضّلت أن أتأخر قليلا
حتى تأتي لحظتي
فيختفي الذين كنتهم
وأصير أنا نفسي.
***
تفكيك
أبحث عنكِ أيتها الأجساد الدافئة
يا أجزائي المتناثرة في شظايا الضياع
يا انشقاق أبواب الذات على الهاوية
ويا أقمار عينيّ الباردتين
أبحث عنكِ في عراء الليل
لأسهر كثيرةً
في مجون وحدتي.
رافقيني عندما أعثر عليكِ في القاع
أسعفيني بشوق المرايا إلى توائمها
وانبضي مهلوسة على إيقاعات شهوتي
كأنين مرساةٍ في الأمواج المصعوقة.
كفّي أيتها الأجساد عن الموت
اجمحي كسماءٍ تغادر منتصف الحزن
كحبّ يعدو وراء حطامه
واقفزي
من
أعالي
دعكك
إلى عشب النوم.
أبحث عنكِ أيتها الأجساد
كي أؤنس غربتي
من أجل ترويض الخوف
أبحث عنكِ
ومن أجل تفكيك الأقنعة.
***
حتفي
وهجكِ الفضيّ يذوب في حلكة الرأس
هائمةً ترتاحين على أغصان القمر
في الليل تنتظرين منتحريكِ
وفي الضوء
أجتاز بك سهول الصباح الفادح
تعبرين بصعق الرعشة الفاتنة
كساقية تلبّين نهم البحر
نازفةً ولا تراقين كهلوسة الشبق
فانية وخاطئة ولا يخلّدك الندم
تقتلين خفية وعلناً
لكنك تسابقين الأبرياء إلى السماء
وحيدُكِ الوهم وكثيركِ
غداً
تبيعينني النار وهواء النار
أقيم فيكِ غداً
لأتبدّد بين غيمة وغيمة
غداً أيها المكان المثالي للاختباء
غداً
تأخذينني
إلى
حتفي
أيتها
الأحلام.
***
من يسلبني الغابة
أشعل أوراقي الناضجة
وأتدفأ بها
أشهق
وأنزلق
بنشوة من يرتمي في أحضان العدو
بعذوبة من يحتكم إلى حبل الجلاد
أو بنهم من ينتمي إلى هوية القاتل.
أهرع
من الضعف البريء إلى الضعف المطلق
ومن الجنس إلى شهوة لا يقتلها الجنس.
من حكمتي
من ثلج الهرب
أوبتي إلى أرض ملاك ماجن
إلى جمر ينمو داخل أسراره
ومن شقائي الذكي
إلى صعقة التعذيب المنزّه من كل رجاء
كرجوع الابنة الضالة إلى ضلالها الأخير
إلى العرس الذي يلي الشمس
حيث لا أحيا تماما ولا أغيب.
وتناديني نفسي بالجنون العاقل والأحمق
قد كان جزر في حياتي وكان مدّ
فصرت أدفق من التمرد إلى الشغف
ومن النشوة إلى الذوبان على غفلة مني.
وها انا أعود
إلى الحب أعود
كعودة اللبوءة إلى زوجها الأسد
فمن يسلبني الغابة؟
***
هفوات
المشهد هفوات ناقصة
طيشٌ للغرائز لا يحتمل الندم.
هفواتٌ فوق جسر المشهد
هي تراكم الكسور الأليمة
وعلى غفلةٍ من الوقت
تصنع للدمع عينيه.
تحت جسر المشهد كآبة الوجه
كالغدر
كضوءٍ خافت يطعن الليل من الخلف
كضوء الفجر الخافت
كالنهر المغلوب حين تسبقه الظلمة إلى المنحدر.
هفواتُ هفوات
وتحت مياه الوجه كآبتي
محروسة بضباب الحواس والتفاصيل
بنوافذ الروح المغلقة على الرجاء.
***
في أحد الأيام
عندما يحين موعدي
سوف ألتقي الليل
وسيكون أكثر من ليل.
سوف أمشي في أوجاع الغابة
ولن تجدني الغابة.
سوف أظن أحلامي هي أحلامي
وهزائمي ليست هزائمي
ولن أتذكّرها.
سوف أنظر إلى مجوس السماء
ولن تعرفني السماء.
سوف تفهمني كل الكلمات
ولن أوضح ظلمة الكلمات.
سوف يتنبأ بمجيئي العرّافون
وسأظل ما لن يتحقق.
عندما يحين موعدي
سوف أقع في النهر
ولن يضيّعني النهر
لأني في أحد الأيام
سوف أكون شِعر النهر.
***
إمرأة
جروحٌ على السطح
جروحٌ في القاع
جروحٌ فوق غيم الكلام
جروحٌ تحت جنح الصمت
جروحٌ جروح
كل هذه الجروح لتتعلم الحياة
كل هذه الجروح ولا جدوى.
***
أحلامها يدان إلى هاوية.
***
ساطعةٌ وفاضحة كشهوة منتصف الليل
ولهى بأقنعتها كي تدهش المرآة
ولهى بأقنعتها
كي ينصرف وجهها إلى مسيرة انتحار.
***
لا تريدهم أبطالاً
تريدهم رجالاً كي تربح.
***
أنهكها البحث عن الشعراء
اكتـفت بهم قصائد في ثنايا الكتب.
***
تكتب لئلا تراق عبثاً
تكتب لتعثر على أسباب.
***
هي من كائنات الليل
أما هو فمن أهل النهار
دورة اللاحق الهارب الهارب اللاحق.
***
كان يمكن ان تحبّهم لو لم يتحققوا.
***
تفتّت خوفها وراءها كالحصى
وتحرّك به وجه البحيرة.
***
خفرُها الذي يهرب في غيمة بيضاء
كلما أسرها احمرارها في أخضر الصمت.
***
تختار الحبّ
كي تموت أقلّ حين تموت.
***
تنام كي لا تتذكّر الضوء.
***
تنام
كي يبحر رأسها في مياه الهواجس.
***
كلما خرج قمرها من العرين
أطلق أسودها
الليلُ، إذاً،
كي ترسل شياطينها وتحصي فرائسها.
***
لا تنقص
ظلالها تنمّيها
تهرق نفسها
لا تضنّ.
***
بين الطفولة والألم
بين الرقاد والذكرى
تبعثر ذاكرتها
كي تكون جديرةً بالنسيان.
***
تكتم
كي تلتئم على حروف نفسها
تكتم كي لا تصدّقها الكلمات.
***
تنحني لتلامس ظلّها
لتتذكر أنها على قيد الوهم.
***
هو يد الخريف على العالم
هي كفضيحة تتلألأ تحت ثوب خفيف.
***
إمرأة هائلة في رجل قليل
امرأة هائلة ويتسّع.
***
على ملعب رأسي
طويلاً
كنتُ لهم الرمح
ومرمى الرمح
إلى ان ملأ صراخ الجنس فضاء وحدتي.
طويلاً
ولم يعرفوا
عندما أشرقتُ بأنوثتي الباكرة
على سرير طفولتي
وتعلّمتُ
أن أنهب كنوزي لأغتني
طويلاً
عندما نضح جسدي ببرقه العسليّ
واهتدى إلى دربه الضيقة.
طويلاً
كنتُ أخترع فنوناً وغرائز تصلح لي
عندما لعبتُ بصحبتهم على ملعب رأسي
وتغنجتُ
وتدللتُ
وعزفتُ
وارتميتُ
ولم يعرفوا
وطويلاً
طويلاً
جلسوا في مخيّلتي
والتهمتهم
ولم يعرفوا.
***
تعال
تعال
نصنع قمراً جديداً يهرع إلينا من النافذة
فنعرّيه من فضة الخجل
ونُلبسه دغشة المساء وسيولة الشبق.
تعال
نعجنه وننضجه
ليصير كعكةً
أو جنوناً
فنأكل ونعطي العصافير ما يجمع شملها.
تعال
نضحك على الغيوم السكرى
ونسرقه من خرومها
لنزيّن الهواء بالطيش
ونضيّع الأفق بالدوار
ثم تقصد هاويتي وتفنى في فناء عينيّ.
تعال
نمِّش صدري برغبات عينيك
تعال
لا نقتل البرد بل ندفِّئه
لا نخنق الطمأنينة بل نطرّيها
تعال
لا نُحدث نوماً ولا ضجراً
بل جنحةً وعذاباً.
***
شيطان
عندما أجلس أمامكَ أيها الغريب
أعرف كم تحتاج إلى الزمن
كي تردم المسافة إليّ
أنتَ في أوج الذكاء
وأنا في أوج المأدبة
أنت تفكّر كيف ستبدأ حديث المغازلة
وأنا تحت ستار وقاري
أكون قد فرغتُ من التهامكَ.
حياتان مختلفتان وفعل اختلاس
ولن يبقى من تقاطع اللقاء إلا شيطان غوايتي.
***
فاصلة بين شهوتين
أسرق نفسي
ويزداد ثرائي فحشاً.
***
وقتي فاصلةٌ بين شهوتين.
***
يدوخ طوال يديّ
لأنّ لذتي شاهقة جداً.
***
أتلوّى في شهوتي
كشجرة سكرى بهوائها.
***
أجسادكم
لا تطفئ جمرتي
لا تتسع لتوبتي
لا تصلح لأكفّر
ذنوبي أكثر من عطاياكم.
***
يستحضركم خيالي كلما انفردتُ
فأكتظّ بمن لا تستوعب يداي.
***
براءتي فوق الشبهات
هبني ذنوباً تليق بها.
***
لستُ أقاوم لتمتنع
أصدّ كي لا تطيع
عصيانكَ مفتاح لذّتي.
***
الغلّة ترف العارفين
أطيب من كل لذة
لا تشفها
أجّجها.
***
تواطأ مع صور رأسي
لا تمحُ عبورها
هي شريكتك على صعوبتي
هي سلّمي إليك.
***
أنتَ صخرتي
وأنا مياهك
أزبد كلّما تكسّرتُ عليك
حركة الكون تجمعنا.
***
نحن دائماً على الوشك من كل شيء
هكذا نحن أكثر دائماً حبّاً.
***
أعيد ابتكار الخطيئة الأصلية
كي يستحق عريي غفرانه.
***
كل جرحٍ في ظهركَ شهقة عميقة
كل سكوتٍ منك نشوة مغلوبة.
***
أغرز نشوتي فيك
صرخاتٍ متحققة
هكذا أمنحك لذتي وذاكرتها.
***
ليحرق لسانكَ أمواجي
ناركَ صيف أنوثتي.
***
أن يظلّ في البداية الذين نحبّهم
وتتكرّر لحظتهم إلى الأبد!
***
غابة
في الغابة
أحلامٌ تنزل من أقمار رأسي الوفية
إخوة مجهولون يحظون بتمام النعمة
قدري يفرّقهم ويجمعهم.
في الغابة
حريقٌ يحفظني كالحارس
حوارٌ مخدّر طرفاه لا يتعارفان
حكاية إثم وتوبة
من جحيم الخيال
إلى مطهر الأصابع.
في الغابة
شبقٌ يسلّم اللذة وشبق يتلقاها
يدٌ تعطي ويدٌ تأخذ
حتى لا يتكّل ملاك على ملاك.
***
هويّـة
هكذا أنا
لا وقتَ للندم
لهوٌ بالأقدار وضجرٌ سريع
وعودٌ تتذمّر من خيانة الإهمال.
عبثاً تغييري
اليقين غريبي
لأن إرباك الحبّ
لأن الخيال
لأنّي لا أصلح
إلا
للكسـل.
في الوقت الأخير مواعيدي
في الانسحاب قبل الأوان
في شمسٍ لا تكفي
في ليل لا يُنقذ
في نزواتٍ قيد العطش والارتواء.
هكذا أنا
صمتٌ لأجمع شملي
إرهابٌ بطيء لأتبدد
صمتٌ وإرهاب لأشفى من ذاكرة لئيمة
عبثا الضوء كي أهتدي
لا أملك سوى أغلاطي.
***
وصايـا
لا تبخلْ على إعصار أهده شجرة.
لا تغرْ من نسرٍ إنزل مثله.
لا تهملْ عصفوراً كن صيّاده.
لا تشهر غلمتك فوق هاوية أغمدها.
لا تخزن ماءك أهرقه.
لا تجمع أمزجتك أنثرها.
لا تعش الوقت مته.
ته لا تهتد.
لا تسافر وحيداً اصطحب شيطاني.
*** *** ***
دار النهار للنشر- 2000