hassanbalam ® مدير المنتدى ®
رسالة sms :
عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر :
| | مقالات مختارة من جريدة الشروق المصرية | |
من سلَّط داعش علينا؟ فهمي هويدي
من سلط «داعش» على الإسلام والمسلمين؟ هذا السؤال أصبح يلح علىّ كل صباح كلما وقعت على شىء مما تتناقله الصحف ووكالات الأنباء عما ينسب إلى ممارساتها وبلاويها، التى تجاوزت حدود سوريا والعراق ووصلت إلى أوروبا، ولم تستثنِ أستراليا. حصيلة يوم أمس الأول كانت شاهدا على ذلك. إذ تناقلت وسائل الإعلام أخبار احتجاز شخص رفع رايتهم لرواد أحد المقاهى فى سيدنى بأستراليا، وحين احتجز أربعة أشخاص آخرون رهينة فى بلجيكا فإن الأصابع أشارت على الفور إلى داعش بعدما أصبحت المرشح الأول لأى ترويع يحدث فى أى مكان بالكرة الأرضية. بل إن جريدة الأهرام حين نشرت على صفحتها الأولى أمس عنوانا ذكر أن: 50 ألفا يشيعون ضحايا بدر الإسلام بالدقهلية. فإن أذهان البعض كانت مهيأة لإضافة الجريمة إلى سجل داعش الملطخ بالدماء أو الإخوان عند الحد الأدنى (وهو ما نبهتنى إليه قارئة حصيفة انتابها القلق حين قرأت العنوان). لكن الخبر تحدث عن شىء مختلف تماما أساء العنوان التعبير عنه. لأن «بدر الإسلام» لم يكن سوى اسم مركب صيد صدمتها سفينة نقل بضائع عملاقة فى البحر الأحمر وأغرقت ركابها!
صحيح أن البعض يدعى أن بعض ما ينسب إلى داعش مبالغ فيه أو مغلوط، إلا أن ذلك لا ينبغى أن يقبل كتبرير لسوء سمعتها، ذلك أنه لا يوجد دخان بغير نار وراءه، كما يقول المثل العامى. لذلك فما كانت سمعة داعش لتسوء إلى تلك الدرجة المزرية والمنفرة لولا أن ممارساتها على أرض الواقع هى التى أوحت بذلك. وهى الممارسات التى لطخت سمعة الدولة الإسلامية وأهانت الخلافة وابتذلت شعار «لا إله إلا الله» حتى حولته إلى راية تثير الخوف والرعب وتمهد لقطع الرءوس وسبى النساء وسحق المخالفين. وبسبب داعش فقد شوهت صورة المقاومة، وأصبح الطرف الإسلامى موصوما بكل ما يشينه وينفر الناس منه. ليس ذلك فحسب، وإنما تسببت ممارسات داعش فى رفع منسوب كراهية المسلمين فى العالم الخارجى. كما أنها أهدت الاتجاهات اليمينية والفاشية فى أوروبا حججا قوية عززت مطلبها الداعى إلى طرد المسلمين وإعادتهم إلى أقطارهم الأصلية باعتبارهم أنهم أصبحوا خطرا يهدد أمن واستقرار المجتمعات الغربية. حتى قرأت شتائم لداعش من جانب بعض المسلمين خلال مواقع التواصل الاجتماعى، حيث كالوا لهم السباب بسبب العملية التى تمت فى سيدنى، معتبرين أن ذلك يمكن أن يغلق الأبواب أمام هجرة شبابهم إلى أستراليا.
هذه الشواهد وغيرها أثارت لدى شكوكا قوية فى مشروع داعش وحكاية الخلافة والدولة الإسلامية. ذلك أن المفاسد التى حققها ذلك المشروع تتجاوز بكثير أية مصالح يبدو أنها حققتها. وقد لا أعترض على مقولة إن ذلك التنظيم يعبر عن غضب أهل السنة وثورتهم على ما حاق بهم من ظُلم فى ظل الحكم الطائفى المهيمن فى العراق. وإذ اعتبر ذلك أمرا مفهوما، إلا أن ذلك لا يبرر ولا يغفر كم الجرائم التى ارتكبت أو الدماء التى أريقت أو الممارسات البشعة التى تمت بحق الأقليات فى سوريا والعراق.
منذ وقت مبكر أشرت فى كتابات منشورة إلى احتمال أن يكون لأبالسة النظام السورى يد فى انطلاق داعش والنفخ فيها لإخافة الجميع من البديل الذى يمكن أن يحكم سوريا لو قدر للثورة الراهنة على نظام الأسد أن تنجح. وكان تقديرى أن الرسالة التى أريد توصيلها من وراء ذلك تعلن على الملأ أنه إذا كانت للنظام السورى سوءاته، فإن الطرف الذى يرشح نفسه بديلا له أسوأ وأضل سبيلا.
كان ما قلته مجرد استنتاج لا دليل عندى عليه. إلا أننى وجدت فى التقرير الذى نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية يوم الجمعة الماضى (12/12) قرينة تؤيد ما ذهبت إليه. ذلك أن التقرير الذى كتبه مارتن جولوف أحد الخبراء المعنين بالشرق الأوسط، اعتمد على معلومات من مصدر فى داخل قيادة داعش، كانت تربطه به علاقة وثيقة منذ وقت مبكر. مما ذكره الكاتب نقلا عن مصدره العراقى أن المخابرات السورية لم تكن بعيدة عن أنشطة داعش. وأن الذى توسط فى العلاقة بين الطرفين كان الضباط البعثيون فى جيش صدام حسين الذين تعرفوا عليهم وتفاعلوا معهم حين جمعتهم الزمالة أثناء الاعتقال فى سجن «بوكا» جنوبى العراق. وهؤلاء الضباط هم الذين رتبوا للجماعة لقاءاتهم مع أقرانهم من الضباط البعثيين فى سوريا.
تحدث القيادى فى داعش الذى انتحل له اسم أبوأحمد عن اجتماعين سريين عقدا فى منطقة الزبدانى قرب دمشق فى ربيع عام 2009، حضره قادة بعثيون عراقيون سابقون لجأوا إلى سوريا وممثلون عن المخابرات السورية، إلى جانب شخصيات مهمة من عناصر القاعدة فى العراق (التى تطورت بعد ذلك وأصبحت تحمل اسم داعش). وكان هذان الاجتماعان من بين حلقات التعاون بين المخابرات السورية وبين التنظيم داخل العراق، الذى كان ينشط ضد الاحتلال وضد حكومة نورى المالكى، لكنه أدى إلى جانب ذلك، وبمضى الوقت إلى ممارسة ضغط قوى على حكومة المالكى. والأهم من ذلك أنه أسهم فى تضخيم صورة تنظيم القاعدة وتوسيع نطاق عملياتها، ومن ثم صرف الانتباه عن حكومة بشار الأسد فى سوريا. وهو مسلسل تتابعت حلقاته على النحو الذى نعرف، وانتهى بنجاح مخطط أبالسة النظام البعثى فى سوريا، الذين استطاعوا الإبقاء عليه. ولم يبالوا بالكوارث والخرائب التى حلت بالمنطقة جراء ذلك
قبل الإحالة إلى المستقبل عمرو حمزاوي
ها نحن نحيل إلى المستقبل الأمل فى إقرار حقوق وحريات المواطن واستعادة المجتمع لتسامحه واكتساب مؤسسات وأجهزة الدولة لصفات العدل والتزام سيادة القانون. ها نحن نحيل إلى المستقبل أيضا حين نلقى بمهام الانتصار للحقيقة وكشف وتوثيق المظالم والانتهاكات وجرائم الفساد التى يتعرض لها الوطن وإثبات عدالة المطالبة بالديمقراطية على عتبات تدوين وقائع الحاضر وكتابة تواريخه الراهنة بأقلام الغد، ونحمل أقلام المستقبل هذه ما لا يطيق الكثير منا اليوم من جهر صادق بالحق ودفاع نزيه عنه فى وجه حسابات القوة والحكم والسلطة.
فهل لنا أن نتمسك الآن بقيمة المعرفة والعلم والعقل فى وجه الظلامية التى تتكالب على الترويج لها بعض مؤسسات وأجهزة الدولة وبعض المصالح الاقتصادية والمالية وبعض النخب المجتمعية الباحثة فقط عن حماية امتيازاتها، وفى وجه الجهل الذى تمكن من المجال العام على وقع ضجيج إعلامى متصاعد وبسبب تغليب نخب الطقوس السياسية والاحتفاليات الانتخابية لمصالحها الضيقة على صالح المواطن والمجتمع والدولة، وفى وجه التطرف الذى ينشر كراهية الحياة وازدراء الإنسانية والعبث بحقنا فى الاختيار الحر وفى الاختلاف دون إلغاء ويعتاش على غياب العدل وتراكم المظالم والانتهاكات وتختزل منظومة الحكم/السلطة سبل القضاء عليه فى معالجات أمنية ليست بكافية وإن كانت ضرورية وفى مقولات خطاب دينى تتعدد تناقضاته وتتردى مصداقيته ويفتقد الاستقلالية اللازمة لتحديد موقعه إزاء مواطن يعترف له بالحق فى الاختيار ومجتمع يريد له السلم الأهلى والتسامح.
هل لنا أن نتحصن الآن بالمعرفة والعلم والعقل وحب القيم الإنسانية والحق فى الاختيار الحر لكى لا نستسلم للهجمة السلطوية الراهنة التى تمتهن حياة بعضنا الشخصية ومساحاتنا الخاصة بادعاءات زائفة بشأن الدفاع عن الخير/الفضيلة إزاء شيوع الشر/الرذيلة وبممارسات تورط فى رداءتها بعض مؤسسات وأجهزة الدولة وبعض المؤسسات الدينية وبعض وسائل الإعلام، ولكى لا نستسلم لذات الهجمة السلطوية وهى تعصف باستقلالية وفاعلية تنظيماتنا الوسيطة، التى نودع بها كمواطنات ومواطنين اهتمامنا بالشأن العام ورغبتنا فى شراكة مع مؤسسات وأجهزة الدولة والمصالح الكبرى والنخب المجتمعية تستند إلى الشفافية والنزاهة والتوافق وتستهدف الصالح العام وبحثنا عن منظمات مجتمع مدنى وجمعيات أهلية تطالب دوما بحقوقنا وحرياتنا وتجتهد لحمايتها فى كل الظروف والأحوال، ولكى لا نستسلم لاستعلاء مؤسسات وأجهزة ومصالح ونخب هذه الهجمة السلطوية حين تمنع عنا المعلومات والحقائق ويطلب منا التأييد الأحادى للحكم/ السلطة باسم أخطار ومؤامرات لا قبل لنا بإدراك مضامينها ولا بالإسهام فى التغلب عليها.
هل لنا أن نغرس المعرفة والعلم والعقل وحب القيم الإنسانية والحق فى الاختيار الحر ونمكن بعض المصريات والمصريين من التعرف على طاقات كل ذلك التنويرية والتقدمية عبر العمل الدؤوب والجهود الفردية والجماعية للارتقاء بخدمات التعليم المدرسى والجامعى المجانية (وشبه المجانية) الموجهة إلى القطاعات الشعبية الفقيرة ومحدودة الدخل، وعبر المبادرات التنموية لمنظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية للقضاء على الأمية ومواجهة الفقر والبطالة ومكافحة الفساد (خاصة فى السياقات المحلية وفى الخبرات اليومية المباشرة) وحماية الفئات المستضعفة مجتمعيا كالأطفال والنساء وكبار السن وذوى القدرات/الاحتياجات الخاصة، وعبر نشر الوعى بين الناس بأن السبيل الوحيد للتنوير والتقدم والتغلب على الظلامية والجهل والتطرف وأزمات اليوم يمر بمحطات الارتقاء بالتعليم وتنشيط التنظيمات الوسيطة وإدراك حتمية تفعيل دور المواطن والشراكة مع المجتمع ونحن نحلم بالمستقبل الذى سيأتى بالحقوق والحريات كاملة وينتصر للحقيقة ولعدالة المطالبة بالديمقراطية؟
هل لنا أن نضطلع بذلك لدفع اليأس ولمقاومة الاستسلام ولإنقاذ إنسانيتنا؟
_________________ حسن بلم | |
|