® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2014-04-13, 1:31 pm | | فى وصف القهوة لمحمود درويش القهوة مفتاح نهاره وقصائده هى قهوتنا الصباحية
القهوة هي هذا الصمت الصباحي الباكر المتأني" والوحيد الذي تقف فيه وحدك مع ماء تختاره بكسل و عزلة في سلام مبتكر مع النفس والأشياء وتسكبه على مهل في إناء نحاسي صغير و داكن و سري اللمعان ، أصفر مائل إلى البني ثم تضعه على نار خفيفة ، آه لو كانت نار الحطب.......... والقهوة هي مفتاح النهار: هي أن تصنعها بيديك لا أن تأتيك على طبق لأن حامل الطبق هو حامل الكلام والقهوة الأولى يفسدها الكلام الأول لأنها عذراء الصباح الصامت، الفجر نقيض الكلام ورائحة القهوة تتشرب الأصوات ولو كانت تحية رقيقة مثل صباح الخير وتفسد.... لأن القهوة فنجان القهوة الأول هي مرآة اليد واليد التي تصنع القهوة تشيع نوعية النفس التي تحركها وهكذا فالقهوة هي القراءة العلنية لكتاب النفس المفتوح والساحرة الكاشفة لما يحمله النهار من أسرار. أعرف قهوتي وقهوة أمي وقهوة أصدقائي أعرفها من بعيد وأعرف الفوارق بينها .. لا قهوة تشبه قهوة أخرى ليس هناك مذاق اسمه مذاق القهوة فالقهوة ليست مفهوما وليست مادة واحدة وليست مطلقا لكل شخص قهوتهالخاصة الخاصة إلى حد أقيس معه درجة ذوق الشخص وأناقته النفسية بمذاق قهوته، ثمة قهوة لها مذاق الكزبرة وذلك يعني أن مطبخ السيدة ليس مرتبا ، وثمة قهوة لها مذاق الخروب ذلك يعني أن صاحب البيت بخيل وثمة قهوة لها رائحة العطر ذلك يعني أن السيدة شديدة الاهتمام بمظاهر الأشياء وثمة قهوة لها ملمس الطحلب في الفم ذلك يعني أن صاحبها يساري طفولي وثمة قهوة لها مذاق القدم من فرط ما تألب البن في الماء الساخن ذلك يعني أن صاحبها يميني متطرف وثمة قهوة لها مذاق الهال الطاغي ذلك يعني أن السيدة محدثة النعمة.
لا قهوة تشبه قهوة أخرى لكل بيت قهوته ولكل يد قهوتها لأنه لا نفس تشبه نفسا أخرى ، وأنا أعرف القهوة من بعيد تسير في خط مستقيم في البداية ثم تتعرج وتتلوى وتتأود وتتلوى وتتأوه وتلتف على سفوح ومنحدرات تتشبث بسنديانة أو بلوطة وتتغلب لتهبط الوادي وتلتفت إلى ما وراء وتتفتت حنينا إلى صعود الجبل وتصعد حين تتشتت في خيوط الناي الراحل إلى بيتها الأول.
رائحة القهوة عودة وإعادة إلى الشيء الأول لأنها تتحدر من سلالة المكان الأول، هي رحلة بدأت من آلاف السنين وما زالت تعود ، القهوة مكان القهوة مسام تسرب الداخل إلى الخارج وانفصال يوحد ما لا يتوحد إلا فيها هي رائحة القهوة هي ضد الفطام ، ثدي يرضع الرجال بعيدا ، صباح مولود من مذاق مر حليب الرجولة والقهوة جغرافيا
القهوة لا تُشرب على عجل، القهوةٌ أخت الوقت تُحْتَسى على مهل، القهوة صوت المذاق، صوت الرائحة، القهوة تأمّل وتغلغل في النفس وفي الذكريا
أريد رائحة القهوة ..
أريد خمس دقائق من أجل القهوة….
والقهوة لمن أدمنها مثلي هي مفتاح النهار.
والقهوة، لمن يعرفها مثلي،
هي أن تصنعها بيديك، لا أن تأتيك على طبق،
لأن حامل الطبق هو حامل الكلام،
والقهوة الأولى يفسدها الكلام الأول لأنها عذراء الصباح الصامت.
الفجر، أعني فجري، نقيض الكلام. ورائحة القهوة تتشرّب الأصوات، ولو كانت تحية مثل “صباح الخير” وتفسد…
لذا، فإن القهوة في هذا الصمت الصباحي،
الباكر، المتأني، والوحيد الذي تقف فيه وحدك، مع ماء تختاره بكسل وعزلة في سلام مبتكر مع النفس والأشياء،
وتكسبه على مهل وعلى مهل في إناء نحاسي صغير داكن وسرّي اللمعان، أصفر مائل إلى البني، ثم تضعه على نار خفيفة.. آه لو كانت نار الحطب…
…….
راقب بمودة وتؤدة علاقة العنصرين:
النار التي تتلون بالأخضر والأزرق، والماء
الذي يتجعد ويتنفس حبيبات صغيرة بيضاء تتحول إلى جلد ناعم، ثم تكبر .. تكبر على مهل لتنتفخ فقاعاتٍ تتسع وتتسع بوتيرة أسرع وتنكسر، تنتفخ وتنكسر عطشى لالتهام ملعقتين من السكر الخشن الذي ما إن يداخلها حتى تهدأ بعد فحيح شحيح، لتعود بعد هنيهة إلى صراخ الدوائر المشرئبة إلى مادة أخرى، هي البّن الصارخ، ديكاً من الرائحة والذكورة الشرقية…
أبعد الإناء عن النار الخفيفة لتجري حوار اليد الطاهرة من رائحة التبغ والحبر مع أولى ابداعاتها، مع إبداع أول سيحدد لك، منذ هذه الهنيهة، مذاق نهارك وقوس حظك. سيحدد لك إن كان عليك أن تعمل أم تتجنب العلاقة مع أحد طيلة هذا اليوم. فإن ما سينتج من هذه الحركة الأولى ومن إيقاعها ومما يحركها من عالم النوم الناهض من اليوم السابق، ومما يكشف من غموض نفسك، سيكون هوية يومك الجديد.
لأن القهوة، فنجان القهوة الأول، هي مرآة اليد. واليد التي تصنع القهوة تُشيع نوعية النفس التي تحركها. وهكذا، فالقهوة هي القراءة العلنية لكتاب النفس المفتوح.. والساحرة الكاشفة لما يحمله النهار من أسرار.
……….
صبها بحنان وافتنان في فنجان أبيض، فالفناجين داكنة اللون تفسد حرية القهوة. راقب خطوط البخار وخيمة الرائحة المتصاعدة. أشعل سيجارتك الآن، السيجارة الأولى المصنوعة من أجل هذا الفنجان.
………
لا قهوة تشبه قهوة أخرى.
لكل بيت قهوته،
ولكل يد قهوتها، لأنه لا نفس تشبه نفساً أخرى.
وأنا أعرف القهوة من بعيد: تسير في خط مستقيم، في البداية، ثم تتعرج وتتلوى وتتأود وتتأوه وتلتف على سفوح ومنحدرات، نتتشبث بسنديانة أو بلوطة، وتتلفت لتهبط الوادي وتتلفت إلى وراء،
وتتفتت حنيناً الى صعود الجبل وتصعد حين تتشتت في خيوط الناي الراحل إلى بيتها الأول…
رائحة القهوة عودة وإعادة إلى الشيء الأول، لأنها تنحدر من سلالة المكان الأول، هي رحلة بدأت من آلاف السنين وما زالت تعود. القهوة مكان. القهوة مسام تُسرِّب الداخل إلى الخارج، وانفصال يوحد ما لا يتوحد الا فيها هي رائحة القهوة
_________________ حسن بلم | |
| |