هناك عدة حقائق تعلمها قيادات جماعة الإخوان ولكنها تمارس رذيلة الاستعباط السياسى والعبث التكتيكى والوهم الاستراتيجى، من هذه الحقائق أولا: أن مرسى لن يعود للحكم بأى حال من الأحوال،ثانيا: فشل الإخوان فى إدارة البلاد واستيعاب المعارضين وإصلاح المؤسسات ونجحوا فى توحيد أطياف مختلفة من المصريين ضدهم ليتم لفظهم خارج السلطة فى وقت وجيز، ثالثا: فارق الإخوان مسار ثورة يناير عقب التنحى وصنعوا مواءمات وتوافقات مع المجلس العسكرى واستعدوا الثوار ضدهم لذا فلن يصدق أحد أحاديث الإخوان الآن عن الثورة لأنه يعلم أن المعركة لصالح تنظيم الإخوان ومشروعه والثورة قميص يتم ارتداؤه عند الحاجة إليه ثم يلقى به فى سلة المهملات عقب الوصول للهدف.
راهن الإخوان على الخارج وتدخله وخذلهم، راهن الإخوان على ورقة الشارع ولكنها تحتضر كل يوم وتتآكل، راهن الإخوان على غباء الأجهزة الأمنية وقمعها ولكن الواقع أن ثمة قطاعات واسعة من عوام المصريين تؤيد كل الإجراءات الأمنية ضد الإخوان وتعتبرهم تنظيما إرهابيا متورطا فى العنف ويجب سحقه بلا رحمة بل إن الدماء التى سالت عقب فض الاعتصامات وما بعدها لم تشفع للإخوان عند هؤلاء فى جذب أى تعاطف.
رفض الإخوان كل مباد رات الخروج من الأزمة سواء قبل ٣٠ يونيو وبعدها وحتى الآن وتحلو بعناد غريب لا يعتمد على أى منطق وجعلوا أنصارهم يعيشون فى حالة خزعبلية عن انتصار الحق القادم وعن عودتهم للحكم، لم تهز الدماء التى سالت شعرة فى رؤوس قيادات الجماعة التى لا ترى حتى الآن أنها شريك أساسى فى سفوافك دماء هؤلاء بقراراتها العشوائية وسوء تقديرها اللامتناهى، فصناعة الملاحم على أشلاء الدماء أهون من الاعتراف بالخطأ وتحمل المسؤولية وإصلاح المسار.
كل يوم يقضيه الإخوان الآن فى الشارع يزيد من رصيد وقوة تيار الاستئصال داخل النظام الحاكم ويعطى له المبرر لإخراس الأصوات المعتدلة داخل السلطة وخارجها والمزايدة عليها اعتمادا على صناعة الخوف وتبرير كل تجاوز به.
حين تصبح حركة الاحتجاج بلا هدف منطقى فإنها تتحول إلى معول هدم ذاتى لمن يمارس الاحتجاج وهذا ما فعله الإخوان بجدارة، كل العقلاء المنتمين لمعسكر ثورة يناير يمارسون التفكير دوما فى إمكانية تحقيق مصالحة يلتئم بها جرح الوطن وتتيقظ فيها الثورة للمحاولات الحثيثة لإعادة إنتاج نظام مبارك وأجهزته القمعية ولكن جماعة الإخوان تقف حجر عثرة أمام أى تقدم، فلا هى تنصر الثورة ولا تترك الفرصة لآخرين للدفاع عنها عبر تسميم المجال العام بغبائها وسوء تقديرها.
لا أحد من الإخوان يريد أن يسمع سوى نفسه وكل من يتحدث يقولون له أنت تلوم الضحية وتترك الجانى والحقيقة أن الجماعة شريكة فى الجرم، ولن تعترف أبدا بذلك بل رأت أن وصم الشعب بأنه عبيد للبيادة- وهى التى سجدت للبيادة من دون الله خلال الفترة الانتقالية، وعقب تولى الرئاسة- أفضل من مواجهة نفسها بخطاياها ولم تتساءل ما الذى جعل الشعب يصطف ضدها أيا كان مكان ورفيق الاصطفاف.
فلنترك عواطفنا جانبا ولننح مثاليتنا فلا دواء للغباء وعلى من قرر الانتحار أن يكمل طريقه، أما الثوار فمعركتهم اليوم أصعب بكثير فليكونوا قدرها ولو كانوا وحدهم، لن تعود دولة الخوف مهما كلفنا الثمن، لن ننشغل بمعارك أحد، الوطن وحده يستحق أن نقاتل من أجله ويسقط الأغبياء!
_________________
حسن بلم