جمال كافر
عماد أبو صالح
(مصر)
طلعتُ شاعراً
عماد أبو صالحعلبة سلمون.. كوبي
ولحافي شِوال قديم.
دوبارة رباط جزمتي
وحبيبتي كلبة الجيران.
الناموس فراشات دارنا
نجفة السقف عنكبوتة
حفلة السواريه صوت صرصار.
شجرة الصفصاف شمسية
شاطئ الترعة البلاج
وسحابة آيس كريم.
عمي بنْته البلهارسيا
أمي ملكة شعب الدجاج
أبي
، آه من أبي،
ربّاني
بكل خبرته
في تربية البهائم.
صباح الخير
صباح الخير
على ذبول عينيكِ
صباح الخير
على عريشة شعرك.
على نقطة العسل
السائلة فوق المخدة
من فمك.
على الدبدوب الكسلان في حضنك.
على الحمامتين المحبوستين
اللتين تنقران شبابيك الدانتيلا
في حمالة صدرك.
على الملك المستبد
الذي فشلت طعنات ليلة أمس
في زحزحته
عن عرش جسدك.
صباح الخير
على الملابس المتسخة
في سلة غسيلك.
على بقايا طعام العشاء
في صحون مطبخك.
على الفنجان
الذي يحبس أنفاس القهوة
لتبقى ساخنة
في انتظار قبلتك.
على التراب العالق بنعل جزمتك.
صباح الخير
، كرامة لخاطرك،
على كحة أبيكِ
وروماتيزم ركبتي أمك.
صباح الخير
على العصافير المختبئة
من أصوات الرصاص
في شرفتك.
على ذبابة وجه
ابن بواب عمارتك.
على كلب جيرانك
وزبّال شارعك.
أحبك
ضد الصفيح.
ضد البلاستيك.
ضد السندويتشات.
ضد الدمعة، والكمبيوتر, وضد نقطة الدم.
ضد الأنفلونزا.
ضد حصص الكيميا.
ضد الإسفلت.
ضد شكمانات العربات.
ضد رغبة أمك.
ضد العالم والزمن.
ضدك أنتِ نفسك.
أنا خجلان من أن أقول:
"ضد إرادة الله
الذي شاء أن تكوني
لواحد غيري".
أول قبلة
وقفت ويداي جانبي
مثل تلميذ مذنب
جندي أمام قائده
شيخ في صلاة.
أنت التي وضعت شفتيك
فوق شفتيّ
أنت التي انتزعتيهما
قبل أن تتشبث بهما شفتاي
وأنت التي أضاء وجهك
بالنور كله.
لم أرتعش
ولم أبتسم
كميت.
مع أنه حتى الموتى
تضئ وجوههم
بابتسامات خفيفة.
عيد ميلادك
في يوم مثل هذا
جلست الحياة وحيدة.
وضعت يدها علي خدها
وبكت بحرقة:
"آه يا ربي
الناس كلهم يكرهونني
آه يا ربي
لماذا تركتني مظلمة بهذا الشكل
آه يا ربي
أنا نفسي لم أعد أرى الفرق
بين الخير والشر
آه يار..."
ربّنا لما سمعها من سمائه
قال لها:
"إخرسي
كفى ولولة
أنت التي خرّبت نفسك بيدك
ورغم أنني لم أعد أثق فيكِ
سأرسل لك اليوم
بنتاً جميلة
تنير الطريق أمامك
لكن إياكِ إياكِ
أن تنام ليلة واحدة
وعلى مخدتها دمعة".
"هاتها يا رب هاتها
، قالت له الحياة،
سأضعها في عينيّ
توصيني على بنتي؟!".
الحياة
الفاجرة
كانت تكذب على الله
وهو الذي يعرف
متى شرب العصفور
وماذا أكلت النملة
كان يعلم ذلك
لكنه
أراد أن يرسل لها رسولة أخيرة
لئلا يكون لها أي حجة
حين يقذفها
،يوم القيامة،
في الجحيم.
عيد ميلاد أمي
هل قال أبي لأمي
، ولو مرة واحدة،
"كل سنة وأنت طيبة؟".
إطلاقاً.
ولا هي نفسها
كانت تعرف يوم مولدها.
كأنها لم تكن
، في أي يوم،
طفلة.
كأنها مخلوقة هكذا:
حافية
بملابس سوداء
وبين وقت وآخر
تهرش شعرها الأبيض
بيديها الملطختين بالطين
كأنها تصبغه.
الشيء الذي ظل يذكره
هو يوم موتها.
كأن الموت
هو الدليل الوحيد
على أنها كانت حية
، في يوم ما،
في الحياة.
لن أنسى منظره
وهو يمد أصابعه المشققة
ويغلق عينيها
بغلظة
كأنه يفقأهما.
عيد ميلاد
و Happy birth day to you
ووردة؟
إنه حتى لم يفكر
أن يهديها حزمة عشب
من التي يحملها
، كل صباح،
لبقرته.
مع أنه كان يقيم حفلة
، كل ربيع،
للطيور.
يحرث الأرض
يغطيها بالماء
ويبذر البذور
، من حِجر جلبابه،
مثل شِيف محترف
يرش المكسرات
على تورتة كبيرة.
يدكِ
أحب يدك.
صديقة الأواني والأكواب والملاعق
الناعمة
من دهان السمن في الطاسات
الدافئة
من لسعات الطواجن
الراقصة البارعة مع السكين.
ملكة المطبخ.
أحب يدك.
يدك التي لا تكتب
ولا تعزف
ولا ترسم
يدك التي بلا قبلة ولا وردة
بلا مانيكير
ولا خواتم.
أحبها تحديداً
لهذا الوسخ الخفيف
تحت الأظافر.
شِرش الجزر
مغرفة الأرز
صحن القطة
منفضة المخدات
فرشاة البلاط
لوفة ظهري
بطة طشت الغسيل.
وأنا أمشي معك
أمسك بها بقوة
أعرف أنك ستطعمينها
، دون تردد،
لطفل جائع.
شَعرك
لماذا تحبسين شعرك
في هذا القيد
أيتها السجانة الجميلة؟
من أين شربت يداكِ
كل هذا الحنان القاسي؟
أمك؟
سامح الله أمك.
أنا حزين لهذه الأرملة الصغيرة
التي كانت تربط كل شيء بإحكام
حتى لايخطفه الموت منها
مرة ثانية.
كانت فاهمة خطأ
أمك هذه.
على العكس.
بأي شيء يمكن أن نقتل الموت
سوى بطلقة من رشّاش ضحكاتك
بأي شيء سنهزمه
سوى أن نترك شعرك
، هذه الخيول السوداء،
تفر منه على راحتها؟
في يوم
وأمك نائمة تخنق الأحلام
سأصعد شجرة إلى شرفة بيتك
وأفكّه لكِ
بأصابعي النحيلة.
سنبتسم
،أنا وأنتِ،
لوردة
تلفظ أنفاسها في المزهرية
سنرد إليها الحياة
ونزرعها فيه.
لنجمة
ستصنع منه ليلاً صغيراً
بعد أن طردتها أخواتها من السماء
لأنها تضيء بطريقة مختلفة.
لمشط
يكز على أسنانه
، على الكوميدينو،
لئلا يصرخ من الفرح
ويفضحنا.
للهواء
الذي دفع الباب
ودخل دون استئذان
ليرقص معه
، على مسرح كتفيك،
رقصة
الحرية.
عيناكِ
كلام مضحك جداً
هذا الذي يقوله الشعراء
في العيون.
لو كانتا طبقي عسل
سيعيش الذباب فيهما.
لو نافذتان من الليل
سترشحان دموع الأطفال
المرعوبين من الأشباح
في الظلام.
لو بحيرتان زرقاوان
ستعوم فيهما جثث الغرقى
ويفقؤهما الصيادون بصنانيرهم.
لو شجيرتان خضراوان
سيتعشى بهما خروف صغير.
هكذا يمكن لأي شاعر مبتدئ
، اليوم،
مسخرة هذه الرومانسية الزاعقة.
أنتِ عيناك قاذفتا قنابل
ورموشهما متاريس.
حاربي لأجلنا
اصطادي بهما اللصوص والقتلة
وأقيمي العدل في العالم.
ما عاد يجب أن نخجل
، نحن الرجال،
من أن نختبئ خلف امرأة.
حفلة
سنمد أيدينا
، أنا وأنتِ،
ونقطف تورتة القمر
وبنبون النجوم
ونصنع للفقراء حفلة صغيرة.
خائفة من الله؟
أنا سأكلمه:
"يا رب
نسرق من سمائك
لنطعم خلقك الجوعى
ليشبعوا ويشكروا اسمك
لئلا يكسب الشيطان
ما تبقى هنا
، من مشروعك،
على الأرض".
لقمة وراء لقمة
يتحول الصراخ إلى ضحكات
الشتائم إلى أغاني
وكل بصقة لقُبلة.
بلعوا النجوم سليمة
من شدة الجوع
أضاءت في أمعائهم
وأصبحوا كائنات من نور.
نقول لهم:
"لا تتزاحموا
الليل طويل أمامنا
والسماء مرصعة بالنجوم
كُلوا مع بعضكم".
القطط المشردة
نامت
في حضن الكلاب الضالة
بطونها الممتلئة
مخدات طرية
أراح عليها العجائز
رؤوسهم
بعد الليالي الطويلة
على بلاط الأرصفة.
نضحك من طفل يقول لنا:
"ملابسي ممزقة
اغزلا لي قميصاً
من خيوط الشمس".
هذا العسكري هناك
هل أتى ليصرفهم
هل سيطلق الرصاص؟
لا.
لا.
ما عادوا يخافونه
صفّقوا فأجبروا جسده
، رغماً عنه،
على الرقص معهم.
كلما يرفع سلاحه
، وهو يكاد يبكي،
ليسترد هيبته
يتحرك في يده
، كعصا مايسترو،
ويضبط الإيقاع.
معركة
لم أيأس
إنها مسألة وقت.
أدرس نقط الضعف
في حصونك
وأعد خطتي.
في يوم قريب
سأفتحك
مثل فارس قديم
يفتح مدينة مهزومة.
سأرشق فيك رايتي
وسط هتاف الجماهير
في صالة ديسكو
من كاسيت
جنب سريري.
آن لها أن تفرح
كل الشعوب المقهورة
التي اشتاقت طويلاً
إلى النصر.
جزمتي
ها أنا أتحرك
، بكل حريتي،
في قلبك
وأنا لابس جزمتي.
أشرب فيه القهوة
وأدخن سجائري
لا
حرام
لن أطفئها في جدرانه.
أف ف ف ف
ما كل هذا البرد
هذه العتمة
هذا الخلاء الواسع
كل هذه الكراكيب؟
جزمتك
آه
لو انك قلت لي
أنك تتحركين في قلبي
تفركين لحمه
بكعبي جزمتك
وتغرزين دبابيس شعرك
في جدرانه
كنت أولّع في ملابسي
من الفرح.
كنت أجري حافياً في الشوراع
وآخذ العربات بالحضن.
كنت أقطع شرياني
وأكتب اسمك
، بدمي،
على الحيطان.
كنت أقتحم قسم شرطة
وأصفع العساكر على قفاهم
وأطيّر كل فلوسي
في الهواء.
يوم الغسيل
ستكونين لابسةً
قميصاً فوق ركبتيكِ
حمّالته واقعة، طبعا،
على كتفك الأيسر
ومنحنية تغسلين البلاط.
أما أنا فستنزلق قدمي
على عتبة الشقة
وينفرط كيس الرمان
من يديّ.
لابد أن مسماراً في الباب
سيخلع قميصي
ولابد أنك ستسقطين فوقي
وأنت تمدين يدك لترفعيني.
وحين أقوم بعد فترة
دائخاً قليلاً
ووجهي موسخ بالماء والصابون
ستكونين نائمة فوق ظهرك
شعرك عائم في الماء
وعيناك مغمضتان
وقميصك
، وردة برائحتك،
مكوّر جوارك.
سأحذر أن أفقأ القبلات الطافية
بقدميّ
وسأبتسم لكِ
وأنت ترمين نهديكِ
في صفيحة الماء
وتضعين مكانهما رمانتين
للمرة القادمة.
عارية
أريدك عارية.
عارية
تماماً.
لا كما ولدتكِ أمك
أنا أكره منظر الدم.
أريدك مثل حواء
وهي تتنزه
على نهر العسل
في الجنة
والورود الحمراء تلون بشرتها.
عارية
أمام آدم
والملائكة
والشيطان.
لا أحب الملابس
التي تحرم مسام جلدك
من أن ترضع النور.
التي تشرب
، وحدها،
عَرقك.
سجون القماش
التي تذل الأصابع
حين نفك الأزرار.
تحركي في الليل
بين الصالة والمطبخ
وفزّعي العتمة.
اصنعي لنا صباحاً خاصاً
واجلسي أمامي
إلى المائدة
لنتناول الفطور.
لا تنهري نهديك
حين يفطران معكِ
من طبق المربّي
أنا سألحسهما لكِ
مثل كلب صغير.
سأشربك قبل النوم
يا رطل حليب حي.
سأمص دمك
يا رمانة دون بذرة واحدة.
سآكل منك بالملعقة
يا تورتة بزبيبتين اثنتين.
سأقطّع لحمك بأسناني
أخرط عليك البصل
أتبّلك بالفلفل
وأطبخك في لعابي
وألتهمك على العشاء.
سأحبسك في دولاب الملابس.
سأعلقك
، من شعرك،
مكان النجفة.
سأكسّر ضلوعك بحضني.
سأكتم أنفاسك بقبلاتي.
سأخنق رقبتك بيديّ
لئلا تضيعي مني
ثم أنهنه جوارك
كدراكولا مسكين.
أنا كلبك
أنا كلبك.
أهز ذيلي لو تدللينني
أدلّي أذنيّ
حين تغضبين مني
آكل البقايا
من طبقك
وألحس جزمتك بلساني.
أنا كلبك.
حين أدخلك
لا يمكن لأحد أن يفصلنا
سوى بضربات العصيّ
والأحجار.
كلبك.
أرقد على البلاط
وأحرس سريرك
لئلا يقلق نومك
حلم
أو قطة
ملاك
أو شيطان.
كلبك
لأمزق لصوص حبنا بأنيابي.
أنت مجرمة حرب
دم
دم
دم دم دم.
أخاف الأحمر
الشمس في المغيب
الصلصة في طبقي
روج شفتيكِ
وحمرة خدود الأطفال.
أنا مجرم حرب
، يا حبيبتي،
وأنت مجرمة حرب.
لأننا فشلنا أن نعلم القتلة
الفرق بين القبلة
والقنبلة
بين جناح الطائر
وجناح الطائرة
بين كمنجة على كتف عازف
ومدفع على كتف جندي
نجمة تضيء السماء
ونجمة على صدر جنرال.
لأننا خفنا
أن نضع كفوفنا
فوق فم دبابة
لنصد الطلقات.
حب جبان
حبنا ضعيف يا حبيبتي.
جبان
ومهزوز
وهش.
يمكن ليد طفل أن تكسره.
أنا فشلت أن ألضم لكِ النجوم
في خيط الفجر
وأعلّقها حول رقبتك
وأنت لم تقدمي لي القمر
فطيرة
على العشاء.
كنت أريد أن أقبّلك
فتتوقف الطلقات
في حلوق البنادق.
أن تحضنيني
فيتعرقل جنزير دبابة
في وردة.
حب عظيم
نسخر من مشاكل العشاق.
خلافاتهم تافهة
ينفصلون بعدها إلى الأبد
أو يتصالحون
بوردة
أو تورتة.
لسنا كأي عاشقين
، يا كلبة روحي،
وحبنا لا يشبه أي حب.
نكون
، أنا وأنتِ،
عاريين تحت الماء
في الحمام.
فجأة
، دون أي مقدمات،
تشرّحين وجهي بموس الحلاقة
وأنا
، دون غضب أو ألم،
ألوي شعرك على يدي
وأخبط أسنانك
في حافة الحوض.
بعدها
نحضن بعضنا بحنان
ونمص دم شفاهنا
في قبلة طويلة.
مجرم، ومدمر، وعنيد
هكذا نربي حبنا
، كل صباح،
يا صرصار وحدتي.
وحش بمخالب وأنياب
يأكل كوارث العالم
ويُحلّي بمرارة الزمن.
شكراً للحرب
حين تخاصمينني
تخرج الحرب من الشاشة
وتصلح بيننا.
تملأ صحوننا الفارغة
بطعام العشاء:
كوارع ساخنة بجِزمها
سُجق أصابع طازجة
شفاه عشاق مقصوصة بالقبلات
للتحلية.
تزحف قذيفة سليمة
تعرف شوقك للأمومة
وتنام
، كطفل وديع،
في سريرنا.
النار تمد ألسنتها
تأكل ملابسك
وترميك عارية في حضني.
شكراً للحرب.
للعبوات الناسفة لخلافاتنا.
لكونشرتو الانفجارات.
لورد الدم.
لفازات الجماجم.
لبارفان لحم البشر المشويّ.
أكثر
أكثر
التصقي بحضني أكثر.
أنا عشت عمري كله
في انتظار هذا الحضن.
دم الحرب عسل
تقول خوذة:
"أنا إصيص زهور".
تقول دبابة:
"أنا إوزة
لي عنق طويل
وعجلاتي بيضي".
تقول رصاصة:
"لي سن مدببة
لو غمسني الجندي
في بقعة دم
سيرسم لوحة
ويصبح فناناً".
تقول طائرة:
"آه
حين أمر فوق شجرة
أريد أن أكسّر الأوامر
وأنام في عش
مع العصافير".
تقول بندقية:
"لو تقلبونني علي فمي
أصلح عكازاً للعجائز".
يقول خندق:
"أمطري يا سماء
لأتحول نهراً".
تقول أكياس الرمل:
"أنا مشروع بيت صغير".
نقول لجثة:
"لاتحزني يا أختي
لن نتركك للدود
طلبة الطب سيشرّحونك
ويعالجون آلام المرضى
أنت أيضاً لك دور
في رد الروح
للحياة".
تقول عربة مصفّحة:
"لا تكونوا عنصريين
ألأن لونها أبيض
تفضّلون عربات الإسعاف
في نقل الجرحى؟".
تخجل الحرب من نفسها وتقول:
أنا
، أصلاً،
كنت الحب
دققوا جيداً في حروفي.
الكراهية
قطعت
جسمي.
اكتبوني بدون راء".
أنا بلطجي جمالك
كيف تجرأ العالم وأفزعكِ
مع أنك كنت جالسة
لابكِ ولا عليكِ
تفكرين في طريقة تحول الجبال
إلى آيس كريم للأطفال.
السكّير.
القواد.
الجثة.
أنا أكتم أنفي وأنا أتكلم عليه
الذي يتجشأ لصوصاً وقتلة
وهو يفطر كُفْتة
من قلوب أبنائه
ويبلّع ببراميل الدم.
سأنتف له شاربه.
سأعلّقه من مؤخرته.
سأخرق جلده بشنيور كهربائي
وأعطيه لأمي
لتغربل فيه.
سألعب معك بنج بونج
بإحدى عينيه.
ناوليني
، بسرعة،
سكّينة المطبخ
وأنا أقلّم لك أظافره
ثم أجرّه ليقبل قدميكِ.
اركليه
، بكل قوتك،
في فمه
إنه يوسخ جزمتكِ بلعابه.
تُفزع حبيبتي يابن العاهرة؟
رُحْ فزّعْ مومساتك اللاتي تسرّحهن.
لو سمحت يا حبيبتي
لا تترجيني لأجله
إنه يمثل عليك بدموعه.
أنا أعرف كيف أتصرف مع أمثاله
اتركي يدي
وخبئي أنت عينيكِ
لابد أن أمرر رصاصة
بين أذنيه.
آه لو كان
تعالي معي.
سنودع هذا الماخور الكبير
الذي اسمه العالم
ونعيش وسط الغيطان
في دارنا.
يشرب الحمام من فمك
وينعس كلب صغير
في حجرك
ولاتفرق معزة رضيعة
بين صدر أمها وصدرك.
أعنف ضجيج هناك
صوت قبقاب أبي
وهو يتوضأ في الفجر.
أكبر فشل
أن تحرقي رغيفاً في فرن أمي.
أخطر جريمة
أن يسرق طفل
بيض الدجاج
من سطوح الجيران.
آه.
لكن لا الضحكة ضحكة، ولا البرتقالة برتقالة،
ولا العصافير العصافير.
النجوم وسخة، والشجرة ليست شجرة, والسماء غير السماء.
الزمن لم يعد الزمن
وأنا نفسي لم أعد أنا.
أنتِ بنتي
أنا واثق أنني سأقابلكِ
في آخر عمري.
سيكون ذلك صدفة
في أحد الشوارع.
سأكون أنا بلحية طويلة بيضاء
وعكّازي يرتعش في يدي.
أما أنتِ فستكونين
كما أنتِ الآن:
فمك صغير
لدرجة أن ملعقتك
تدخل فيه بصعوبة.
عيناكِ طبقا عسل
يفطر الأطفال الفقراء نظراتهما.
شعرك ليل من فحم
لا تضيئه نجمة
ولا شعرة شائبة
ولا شمعة.
لابد أنك ستقتربين مني
تسندينني من ذراعي وتقولين:
"إلى أين أنت ذاهب يا جدي؟"
ثم تساعدينني على المرور
بين العربات.
وقتها
سأضغط
، بخفة،
على يدك.
أنظر لك بعينيّ المضعضعتين
وأقول:
"آه يا بنتي
أنت تشبهين
، بالضبط،
بنتاً
كنت أحبها بجنون
في الماضي".
آدم وحواء
ستكونين معي وسط العشاق في حديقة.
يدك في يدي، ورأسك على كتفي.
ننعس قليلاً ونصحو، فلا نجد أحداً حولنا.
أين العصافير والورد، العربات، اللصوص والجوعي؟
أين الكلاب والقطط، البيوت والشوراع، القتلة؟
أين راحت الحياة؟
لا شيء سوى الفراغ، وصدى صوتنا.
نتعب من المشي.فجأة تنبت شجرة نستريح تحتها.
تتفجر عين ماء،أسقيكِ بكفي منها.
شيئاً فشيئاً نفهم أن الناس صعدوا، ليحاسبهم الله في السماء.
أنا وأنت، يا حبيبتي, وحيدان هنا علي الأرض.
لابد أن الملائكة ستبتسم لنا من الأعالي وتقول:
"والنبي يا رب
امنح البشرية
فرصة ثانية".
***