® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2012-11-12, 11:43 am | | أورخان ولي "سرير الجثمان ما زال دافئا" ترجمة محمد حلمي الريشة
أُورْخَان وِلِي
سَرِيرُ الجُثْمَانِ مَا زَالَ دَافِئًا
تَرْجَمَةُ: مُحَمَّد حِلْمِي الرِّيشَة
أَنَا، أُورْخَان وِلِي
أَنَا أُورْخَان وِلِي. الكَاتِبُ الشَّهِيرُ صَاحِبُ قَصِيدَةِ "سُلَيْمَان أَفَنْدِي، لَعَلَّهُ يَسْتَرِيحُ بِسَلاَمٍ"، سَمِعْتُ أَنَّكَ كُنْتَ فُضُولِيًّا بِشَأْنِ حَيَاتِي الخَاصَّةِ. دَعْنِي أَقُولُ لَكَ: أَوَّلاً أَنَا رَجَلٌ، وَهذَا هُوَ، وَلَسْتُ حَيَوَانَ سِيرْكٍ، أَوْ أَيَّ شَيْءٍ مِنْ هذَا القَبِيلِ. لَدَيَّ أَنْفٌ، وَأُذُنٌ، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّهُمَا لَيْسَا جَمِيلَيْنِ. أَعِيشُ فِي بَيْتٍ، وَلَدَيَّ وَظِيفَةٌ. لاَ يُمْكِنُنِي أَنْ أَحْمِلَ سَحَابَةً عَلَى رَأْسِي، وَلاَ خِتْمَ النُّبُوَّةِ عَلَى ظَهْرِي. لَسْتُ مُتَوَاضِعًا مِثْلَ "جُورْج" مَلِكِ إِنْجِلْترَا، وَلاَ أَرِسْتُقْرَاطِيًّا مِثْلَ حَارِسِ الإِسْطَبْلِ الأَخِيرِ "سِلاَل بَايَار". أُحِبُّ السَّبَانِخَ. مَهْوُوسٌ بِمُعَجَّنَاتِ الجِبْنِ المُنْتَفِخَةِ. لَيْسَ لَدَيَّ عَيْنَانِ لأَشْيَاءَ مَادِيَّةٍ، وَحَقًّا لاَ. أُوكْتَاي رِفْعَت وَمَلِيح سِفْدِت أَعَزُّ أَصْدِقَائِي، وَلَدَيَّ حَبِيبَةٌ، مُحْتَرَمَةٌ جِدًّا. لاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ اسْمَهَا. دَعْ نُقَّادَ الأَدَبِ يَعْثُرُونَ عَلَيْهِ. أَظَلُّ أَيْضًا مَشْغُولاً بِأَشْيَاءَ غَيْرِ مُهِمَّةٍ، بَيْنَ التَّصَوُّرَاتِ فَقَطْ، فَكَيْفَ يُمْكِنُنِي أَنْ أَقُولَ، رُبَّمَا لَدَيَّ أَلْفُ عَادَةٍ أُخْرَى، لكِنْ مَا الهَدَفُ مِنْ إِدْرَاجِهَا كُلِّهَا. إِنَّهَا تَشَابُهُ هؤُلاَءِ تَمَامًا.
قَصِيدَةٌ مَعَ البَرَاغِيثِ
كَمْ هُوَ لُغْزٌ هذَا! لَمْ يَعُدِ العَالَمُ كَمَا تُرِيدُ؛ نَحْكِي مَشَاكِلَنَا لِلْجَمِيعِ؛
يَسْتَمِعُونَ لِلْبُنْدُقِيَّةِ فَقَطْ.
بَعْضُ النَّاسِ لَدَيْهِمْ أَشْيَاءُ لِلْقِيَامِ بِهَا، وَبَعْضُهُمْ لَيْسَ لَدَيْهِمْ مَلاَبِسُ دَاخِلِيَّةٌ أَوْ أَحْذِيَةٌ، وَلَدَيْهِمِ أَفْوَاهٌ وَأُنُوفٌ وَآذَانٌ لكِنَّ مُعْظَمَهُمْ يُعَانُونَ مِنَ المَخَاوِفِ.
بَعْضُ النَّاسِ يَعْتَقِدُ بِالنَّبِيِّ، وَبَعْضُهُمْ يَرْتَدِي سَلاَسِلَ ذَهَبِيَّةً وَقَلاَئِدَ، وَبَعْضُهُمْ يُصْبِحُونَ كَتَبَةً، فَيَكْتُبُونَ كُتُبًا، وَبَعْضُهُمْ يَخْدَعُونَ طُهَاتِهِمْ.
بَعْضُ النَّاسِ يَحْمِلُونَ سُيُوفًا، وَبَعْضُهُمْ يَرْعُونَ الكَلِمَةَ، وَبَعْضُهُمْ يُطَارِدُونَ النِّسَاءَ لَيْلاً بِدُونِ مُخَلَّفَاتٍ بَغِيضَةٍ فِي وَضْحِ النَّهَارِ.
أَهكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّخْطِيطُ، فِيلٌ يَبْتَلِعُ بَرْغُوثًا؟ فِي حِينِ أَنَّ سَبْعَةَ أَشْخَاصٍ فِي مَنْزِلٍ يَكْتَفُونَ بِحِصَّةٍ مِنْ فَأْرٍ.
لِكَيْ تَكُونَ مُوجَزَةً، فَإِنَّهَا مُرْبِكَةٌ. الأَغْنِيَاءُ يَسْتَخْدِمُونَ الفُقَرَاءَ. أَرْسَلْنَا رِسَالَةً إِلَى الرَّبِّ، فُقِدَتْ فِي التَّمْزَِيقِ.
أُغْنِيَةُ إِسْطَنْبُول
فِي إِسْطَنْبُول، وَعَلَى البُوسْفُور، أَنَا الفَقِيرُ أُورْخَان وِلِي؛ أَنَا ابْنُ وِلِي بِحُزْنٍ لاَ يُوصَفُ. أَجْلِسُ عَلَى شَاطِئِ "رُومِلِي"، أَجْلِسُ وَأُغَنِّي أُغْنِيَةً:
"تِلاَلُ رُخَامِ إِسْطَنْبُول، تَهْبِطُ عَلَى رَأْسِي، أُوهْ، وَتَهْبِطُ نَوَارِسُ البَحْرِ؛ سَاخِنَةً، تَمْلأُ دُمُوعُ الحَنِينِ إِلَى الوَطَنِ عَيْنَيَّ، وَ"إِيدَا"يَ، مَلِيئَةٌ أَوْ فَارِغَةٌ، وَ"كَارْمَا"يَ،
مِلْحُ يَنْبُوعِ
كُلِّ دُمُوعِي.
دُورُ السِّينِمَا فِي وَسَطِ إِسْطَنْبُول، وَوَالِدَتِي لَمْ تَسْمَعْ عَنْ مَنْفَايَ؛ أُخْرَيَاتٌ يُقَبِّلْنَ وَيَتَحَدَّثْنَ ويُمَارِسْنَ الحُبَّ،
لكِنْ مَا هذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيَّ؟ حَبِيبَتِي، حُمَّايَ، أُوهْ، يَا نَهْرِي الطَّاعُونِيِّ الدَّبْلِي".
فِي إِسْطَنْبُول، وَعَلَى البُوسْفُور، أَنَا الغَرِيبُ أُورْخَان وِلِي، نَجْلُ وِلِي أَنَا الغَرِيبُ بِحُزْنٍ لاَ يُوصَفُ.
الحَيَاةُ
1.
أَعْلَمُ، الحَيَاةُ لَيْسَتْ سَهْلَةً؛ الوُقُوعُ فِي الحُبِّ، وَالغِنَاءُ عَنْ حَبِيبَتِكَ، وَالمَشْيُ تَحْتَ النُّجُومِ فِي اللَّيْلِ، وَالشُّعُورُ بِدِفْءِ الشَّمْسِ خِلاَلَ اليَوْمِ، وَالعُثُورُ عَلَى فُرْصَةٍ لِلذَّهَابِ إِلَى تِلاَلِ "كَامْلِيكَا" لِسَاعَتَيْنِ، وَمُشَاهَدَةِ "البُوسْفُور" يَجْرِي بِآلاَفَ الأَنْوَاعِ مِنَ الأَزْرَقِ، وَأَنْ أَكُونَ قَادِرًا عَلَى نِسْيَانِ كُلِّ شَيْءٍ بِالأَزْرَقِ.
2.
أَعْلَمُ، لَيْسَ مِنَ السَّهْلِ لِتَعِيشَ، صَحِيحٌ؛ لكِنَّ سَرِيرَ الجُثْمَانِ مَا زَالَ دَافِئًا، وَمُشَاهَدَةَ شَخْصٍ مَا زَالَ يَدُقُّ عَلَى مِعْصَمِهِ؛ الحَيَاةُ لَيْسَتْ سَهْلَةً، أَنَا أَعْلَمُ؛ لكِنَّ المَوْتَ لَيْسَ سَهْلاً عَلَى السَّوَاءِ، أَيُّهَا الفِتْيَانُ.
لَيْسَ سَهْلاً مُغَادَرَةُ هذَا العَالَمِ.
أَسْتَمِعُ إِلَى إِسْطَنْبُولَ
أَسْتَمِعُ إِلَى إِسْطَنْبُولَ وَعَيْنَايَ مُغْمَضَتَانِ يَهُبُّ أَوَّلُ نَسِيمٍ، وَتَتَمَايَلُ الأَوْرَاقُ بِبُطْءٍ عَلَى الأَشْجَارِ؛ بَعِيدًا، بَعِيدًا أَجْرَاسُ السَّوَاقِي تَرِنُّ، وَأَنَا أَسْتَمِعُ إِلَى إِسْطَنْبُولَ وَعَيْنَايَ مُغْمَضَتَانِ.
أَسْتَمِعُ إِلَى إِسْطَنْبُولَ وَعَيْنَايَ مُغْمَضَتَانِ
يَعْبُرُ طَائِرٌ، وَتَعْبُرُ طُيُورٌ، تَصْرُخُ وَتَصْرُخُ، شَبَكَاتُ صَيْدِ الأَسْمَاكِ يَجْرِي سَحْبُهَا إِلَى دَاخِلِ سِيَاجِ صَيْدِ الأَسْمَاكِ، وَإِصْبَعُ قَدَمِ امْرَأَةٍ يَلْعَبُ بِالمَاءِ، وَأَنَا أَسْتَمِعُ إِلَى إِسْطَنْبُولَ وَعَيْنَايَ مُغْمَضَتَانِ.
أَسْتَمِعُ، الـ"غْرَانْد بَازَار" بَارِدٌ، وَتَغْرِيدُ "مَحْمُود بَاشَا" مَلِيءٌ بِالحَمَامِ، وَلَهُ فَنَاءٌ قَدِيمٌ، وَأَصْوَاتُ الدَّقِّ تَأْتِي مِنَ الأَحْوَاضِ، فِي نَسِيمِ الصَّيْفِ البَعِيدِ، البَعِيدِ عَنْ رَائِحَةِ العَرَقِ، وَأَنَا أَسْتَمِعُ.
أَسْتَمِعُ إِلَى إِسْطَنْبُولَ وَعَيْنَايَ مُغْمَضَتَانِ
السُّكْرُ فِي الأَوْقَاتِ المَاضِيَةِ فِي فِيلاَّ خَشَبِيَّةٍ عَلَى شَاطِئِ البَحْرِ لَهَا بَيْتُ قَارِبٍ مَهْجُورٍ مُحَاصَرٌ هَدِيرُ الرِّيحِ الجَنُوبِيَّةِ الغَرْبِيَّةِ، وَأَفْكَارِي مُحَاصَرَةٌ وَأَنَا أَسْتَمِعُ إِلَى إِسْطَنْبُولَ وَعَيْنَايَ مُغْمَضَتَانِ.
أَسْتَمِعُ إِلَى إِسْطَنْبُولَ وَعَيْنَايَ مُغْمَضَتَانِ
تَعْبُرُ مِغْنَاجٌ عَلَى الرَّصِيفِ، تَلْعَنُ، وَتُغَنِّي، وَتُغَنِّي، وَتَمُرُّ؛ شَيْءٌ مَا يَسْقُطُ مِنْ يَدِكَ عَلَى الأَرْضِ، ضَرُورِيٌّ أَنْ تَكُونَ وَرْدَةً. أَسْتَمِعُ إِلَى إِسْطَنْبُولَ وَعَيْنَايَ مُغْمَضَتَانِ.
أَسْتَمِعُ إِلَى إِسْطَنْبُولَ وَعَيْنَايَ مُغْمَضَتَانِ
طَائِرٌ يَطِيرُ حَوْلَ تَنُّورَتِكِ؛ أَعْرِفُ إِذَا كَانَ جَبِينُكِ سَاخِنًا أَوْ بَارِدًا، أَوْ شَفَتَاكِ رَطْبَتَيْنِ وَجَافَّتَيْنِ؛ أَوْ إِذَا كَانَ القَمَرُ الأَبْيَضُ يَبْزُغُ فَوْقَ شَجَرَةِ الفُسْتُقِ رَفْرَفَةُ قَلْبِي تَقُولُ لِي... أَسْتَمِعُ إِلَى إِسْطَنْبُولَ وَعَيْنَايَ مُغْمَضَتَانِ.
ذَهَبَ كُلُّ شَبَابِي
أَيْنَ كَانَتْ هذِهِ الكَآبَةُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ؟
أَهذِهِ تَبْكِي فِي الدَّاخِلِ، وَتُغَنِّي الأَشْيَاءَ البَعِيدَةَ؟ لَقَدْ أَثَرْتُ الجَحِيمَ بَعْدَ ذلِكَ كُلَّ يَوْمٍ؛ إِلَى رَقْصَةِ اليَوْمِ، وَإِلَى السِّينِمَا غَدًا، وَإِذَا لَمْ أَكُنْ أُحِبُّ ذلِكَ، فَإِلَى المَقْهَى؛ وَإِذَا لَمْ أَكُنْ أُحِبُّ ذلِكَ أَيْضًا، فَإِلَى الحَدِيقَةِ؛ زَيِّنْتُ حَبِيبَتِي بِالقَصَائِدِ، وَأَخَذْتُهَا إِلَى نُزْهَاتٍ، وَكِتَابٌ مِنَ القَصَائِدِ عَلَى حِجْرَيْنَا؛ أَيْنَ، أَيْنَ، أَيْنَ كَانَتْ هذِهِ الكَآبَةُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ؟
الشَّائِعَاتُ
مَنْ يَقُولُ سَقَطْتُ مِنْ أَجْلِ "سُهَيْلَة"؟ مَنْ رَآنِي، مَنْ يُقَبِّلُ "إِلِينِي" عَلَى الرَّصِيفِ فِي مُنْتَصَفِ النَّهَارِ؟ وَيَقُولُونَ أَخَذْتُ "مِلاَحَات" إِلَى "الأَمْدَار"، هَلْ ذلِكَ هكَذَا؟ سَأُخْبِرُكَ عَنْهُ لاَحِقًا، لكِنْ رُكبَةُ مَنْ ضَغَطْتُ عَلَيْهَا فِي التِّرَامِ؟ يُفْتَرَضُ أَنَّنِي طَوَّرْتُ مَذَاقًا لأَمَاكِنِ التَّرَفِ لِـ"غَالاَطَة". أَشْرَبُ، وَأَسْكَرُ، ثُمَّ آخُذُ نَفْسِي إِلَى هُنَاكَ. نَنْسَى كُلَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ، الفِتْيَانِ، نَنْسَى، نَنْسَاهُمْ. أَعْرِفُ مَا أَفْعَلُهُ.
وَمَاذَا عَنِّي أَيُفْتَرَضُ أَنْ أَضَعَ "مُعَلاًّ" فِي زَوْرَقٍ، وَأَجْعَلَ غِنَاءَهَا عَالِيًا "رُوحِي تَتُوقُ إِلَيْكَ..." فِي مُنْتَصَفِ المِينَاءِ؟
حُورِيَّةُ البَحْرِ
يَجِبُ عَلَيْهَا مُغَادَرَةَ البَحْرِ فَقَطْ. شَعْرُهَا وَالشَّفَتَانِ تَفُوحُ مِنْهَا رَائِحَةُ البَحْرِ حَتَّى الصَّبَاحِ. ارْتِفَاعُ وَهُبُوطُ ثَدْيِهَا كَانَ مِثْلَ البَحْرِ.
أَعْرِفُ أَنَّهَا كَانَتْ فَقِيرَةً- لكِنْ لاَ يُمْكِنُكَ أَنْ تَتَحَدَّثَ عَنِ الفَقْرِ كُلَّ الوَقْتِ. بِلُطْفٍ، بِجَانِبِ أُذُنِي غَنَّتْ أَغَانِيَ حُبٍّ.
مَنْ يَدْرِي مَا الَّذِي تَعَلَّمَتْهُ وَخَبِرَتْهُ فِي حَيَاتِهَا مِنْ قِتَالِ البَحْرِ. تَرْمِيمُ شِبَاكِ الأَسْمَاكِ، وَرَمْيُ الشِّبَاكِ، وَجَمْعُ الشِّبَاكِ، وَلِتَذْكِيرِي بِالأَسْمَاكِ الشَّوْكِيَّةِ لَمَسَتْ يَدَاهَا يَدَيَّ.
رَأَيْتُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، رَأَيْتُ فِي عَيْنَيْهَا؛ كَيْفَ ارْتَفَعَ البَحْرُ بِشَكْلٍ جَمِيلٍ فِي البَحْرِ المَفْتُوحِ. عَلَّمَنِي شَعْرُهَا عَنِ المَوْجَاتِ؛ تَقَلَّبْتُ وَتَقَلَّبْتُ فِي سَرِيرِي حَوْلَ الأَحْلاَمِ.
أُغْنِيَةُ حَمَّالِ المَاءِ
أَحْمِلُ المَاءَ مَعَ حِمَارٍ وَرَائِي. بَوَّابَةٌ، يَا قِرْدِي، بَوَّابَةٌ. أُضِيفُ حَيَاةً إِلَى حَيَاةِ أَلْفِ شَخْصٍ كُلَّ يَوْمٍ. بَوَّابَةٌ، يَا قِرْدِي، بَوَّابَةٌ.
صَفِيحَتَانِ عَلَى جَانِبٍ وَاحِدٍ صَفِيحَتَانِ عَلَى الجِهَةِ الأُخْرَى، تَتَمَايَلاَنِ، وَتَتَمَايَلاَنِ. أُضِيفُ حَيَاةً إِلَى حَيَاةِ أَلْفٍ كُلَّ يَوْمٍ. بَوَّابَةٌ، يَا قِرْدِي، بَوَّابَةٌ.
مُمْتَلَكَاتِي فِي هذَا العَالَمِ فَقَطْ: زَوْجَتِي، وَحِمَارِي، وَابْنِي. بَوَّابَةٌ، يَا قِرْدِي، بَوَّابَةٌ. يُعْطِيكَ رَبِّي حَيَاةً طَوِيلَةً. مَاذَا يُمْكِنُنِي أَنْ أَفْعَلَ بِدُونِكَ؟ بَوَّابَةٌ، يَا قِرْدِي، بَوَّابَةٌ.
إِنَّهُ يَحْمِلُ المَاءَ؛ يَصِيرُ زُبْدَةً وَعَسَلاً، لِحَلِيبِ زَوْجَتِي، المِيَاهُ المُوحِلَةُ- تُجَدِّدُ الكُلَّ. مَائَةُ مَنْزِلٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَأَلْفُ رَأْسٍ. بَوَّابَةٌ، يَا قِرْدِي، بَوَّابَةٌ. إِنَّهُ يَجِدُ الحَيَاةَ يَجِدُ الصِّحَةَ يَجِدُهَا وَفْرَةً.
المَوْجُ
1.
لأَعْتَقِدَ أَنَّ نَفْسِي سَعِيدَةٌ لاَ أَحْتَاجُ قِطْعَةً مِنَ الوَرَقِ، أَوْ قَلَمَ حِبْرٍ؛ لُفَافَةُ تَبْغٍ تَتَدَلَّى مِنْ بَيْنِ إِصْبَعَيَّ أَدْخُلُ أَزْرَقَ اللَّوْحَةِ الَّتِي عَلَى الجِدَارِ.
أَدْخُلُهَا، فَيَسْحَبُنِي البَحْرُ، وَتَسْحَبُنِي هِيَ، فَالعَالَمُ يَنْصِبُ لِي كَمِينًا؛ هَلْ هُنَاكَ شَيْءٌ مِثْلَ الكُحُولِ، وَالكُحُولُ فِي الهَوَاءِ، تَجْعَلُنِي مَجْنُونًا، وَتَجْعَلُنِي حَزِينًا؟
يُمْكِنُنِي أَنْ أَعْتَرِفَ بِكِذْبَةٍ عِنْدَمَا أَرَاهَا؛ إِنَّهَا كِذْبَةُ أَنَّنِي صِرْتُ قَارِبًا؛ بُرُودَةُ المَاءِ فِي أَضْلُعِي كِذْبَةٌ، وَكِذْبَةُ الرِّيحِ عَلَى بُرْجِ المَرَاقَبَةِ، وَمُحَرِّكُ القَارِبِ الَّذِي يُحْدِثُ ضَجَّةً بِقُرْبِهِ لأَسَابِيعَ...
مَعَ ذلِكَ، لاَ يَزَالُ يُمْكِنُنِي أَنْ أَقْضِيَ، وَلاَ أَزَالُ أَقْضِي أَيَّامًا جَمِيلَةً فِي هذَا الأَزْرَقِ، مِثْلَ سِبَاحَةِ قِشْرَةِ البَطِّيخِ فِي البَحْرِ، وَمِثْلَ انْعِكَاسِ الشَّجَرَةِ فِي السَّمَاءِ، وَمِثْلَ الضَّبَابِ الَّذِي يَلُفُّ أَشْجَارَ الخَوْخِ فِي الصَّبَاحِ، الضَّبَابُ، وَالغِشَاوَةُ، وَالحُبُّ، وَالرَّوَائِحُ...
2.
لاَ وَرَقَةٌ، وَلاَ قَلَمُ رَصَاصٍ يُمْكِنُهُمَا أَنْ يَجْعَلاَنِي أَعْتَقِدُ أَنَّ نَفْسِي سَعِيدَةٌ. سَأَقُولُهَا مَرَّةً أُخْرَى، هذَا هُرَاءٌ أَنَا لَسْتُ سَفِينَةً. لاَ بُدَّ لِي أَنْ أَكُونَ فِي وَضْعٍ مُحَدَّدٍ، وَمَكَانٍ وَاضِحٍ خِلاَفًا لِقِشْرَةِ البَطِّيخِ، أَوِ الضَّوْءِ، أَوِ الضَّبَابِ، أَوِ الغِشَاوَةِ... مِثْلَ كَائِنٍ بَشَرِيٍّ.
كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ
لَكُمْ، يَا أَصْدِقَائِي، كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ؛ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ لَكُمْ، وَنُورُ الشَّمْسِ وَضَوْءُ القَمَرِ، وَأَوْرَاقُ الشَّجَرِ فِي ضَوْءِ القَمَرِ، مَخَاوِفُ فِي أَوْرَاقِ الشَّجَرِ، وَأَفْكَارٌ فِي أَوْرَاقِ الشَّجَرِ؛ الآلاَفُ الخَضْرَاءُ فِي ضَوْءِ الشَّمْسِ؛ الصَّفْرَاءُ فِي حَالَةِ السُّقُوطِ، وَكَذلِكَ الوَرْدِيَّةُ، لَـمْسَةُ اليَدِ عَلَى الجِلْدِ، وَالدِّفْءُ، وَالنُّعُومَةُ، وَسُهُولَةُ الاسْتِلْقَاءِ؛ هُتَافَاتُ التَّرْحِيبِ لَكُمْ، وَتَمَايُلُ الصَّوَارِي فِي المِينَاءِ لَكُمْ، وَأَسْمَاءُ الأَيَّامِ، وَأَسْمَاءُ الأَشْهُرِ، وَالطِّلاَءُ عَلَى زَوَارِقِ التَّجْذِيفِ لَكُمْ،
وَسَاقَا سَاعِي البَرِيدِ لَكُمْ،
وَيَدُ رَجُلِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِ، وَالعَرَقُ عَلَى الجَبِينِ، وَطَلَقَاتُ الرَّصَاصِ التَّي أُنْفِقَتْ فِي الجَبْهَةِ؛ وَالمَقَابِرُ لَكُمْ، وَشَوَاهِدُ القُبُورِ، وَالسُّجُونُ، وَالأَصْفَادُ، وَالمَوْتُ شَنْقًا، كُلُّهَا لَكُمْ؛
كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ.
جِسْرُ "غَالاَطَة"
مُعَلَّقًا عَلَى الجِسْرِ أُرَاقِبُكِ كُلَّكَ بِسُرُورٍ. يَسْحَبُ بَعْضُكَ المَجَاذِيفَ، وَيَهْمِسُ، وَيَلْتَقِطُ بَعْضُكَ المَحَارَ مِنَ العَوَّامَاتِ، وَيَعْقِدُ بَعْضُكَ الدَّفَّةَ بِصَنْدَلِهِ، وَبَعْضُكَ رَجُلُ الحَبْلِ فِي الحِبَالِ الضَّخْمَةِ؛ وَبَعْضُكَ طُيُورٌ، تُحَلِّقُ مِثْلَ شُعَرَاءَ؛ وَبَعْضُكَ سَمَكٌ يُومِضُ، وَيُومِضُ؛ وَبَعْضُكَ قَوَارِبُ، وَبَعْضُكَ يَطْفُو، وَبَعْضُكَ غُيُومٌ فِي الهَوَاءِ، وَبَعْضٌ مِنْكَ بَوَاخِرُ، تَسْقُطُ مَدَاخِنَهَا، مِثْلَ أَوْغَادٍ يَذْهَبُونَ تَحْتَ الجِسْرِ؛ وَبَعْضُكَ صَفَّارَاتٌ تَهُبُّ؛ وَبَعْضُكَ دُخَانٌ، يَهُبُّ أَيْضًا؛ لكِنَّ كُلَّكَ، كُلَّكَ كُلَّكَ قَلِقٌ بِخُصُوصِ لُقْمَةِ العَيْشِ. أَأَنَا اللَّذَّةُ بَيْنَكُمْ فَقَطْ؟ لاَ تَقْلَقْ، فَرُبَّمَا يَوْمًا مَا سَأَكْتُبُ قَصِيدَةً عَنْكَ أَيْضًا؛ سَأَجْمَعُ بِضْعَةَ دُولاَرَاتٍ،
وَسَأَشْتَرِي لِنَفْسِي بَعْضَ الطَّعَامِ.
مَوْكِبُ الحُبِّ
هذِهِ القَصِيدَةُ عُثِرَ عَلَيْهَا مَلْفُوفَةً حَوْلَ فُرْشَاةِ أَسْنَانِ الشَّاعِرِ
بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَلَمْ تَنْتَهِ.
كَانَتِ الأُولَى تِلْكَ النَّحِيلَةُ، الفَتَاةُ الهَيْفَاءُ، أَعْتَقِدُ أَنَّهَا زَوْجَةُ تَاجِرٍ الآنَ. أَتَعَجَّبُ كَيْفَ أَنَّهَا نَضَجَتْ بَدِينَةً. لكِنِّي لاَ أَزَالُ أَوَدُّ أَنْ أَرَاهَا كَثِيرًا. الحُبُّ الأَوَّلُ، لَيْسَ سَهْلاً.
........................... تَرْتَفِعُ ......................... وَقَفْنَا فِي الشَّارِعِ ......................... رَغْمَ أَنَّ ........... أَسْمَاءَنَا مَكْتُوبَةٌ جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ عَلَى الجُدْرَانِ ........................... فِي النَّارِ.
كَانَتِ الثَّالِثَةُ، مَلِكَةُ جَمَالِ "مُونِيفِّر"، أَكْبَرَ مِنِّي سِنًّا، وَكَمَا كَتَبْتُ وَكَتَبْتُ وَأَلْقَيْتُ الرَّسَائِلَ فِي حَدِيقَتِهَا كَانَتْ تَضْحَكُ بِتَشَنُّجٍ أَثْنَاءَ قِرَاءَتِهَا. تَذَكُّرُ تِلْكَ الرَّسَائِلِ، أَشْعَرَنِي بِالخَجَلِ، كَمَا لَوْ أَنَّهَا اليَوْمَ.
كانَتِ الرَّابِعَةُ جَامِحَةً.
تَعَوَّدَتْ أَنْ تَقُولَ لِي قِصَصًا قَذِرَةً.
كَانَتْ عَارِيةً أَمَامِي ذَاتَ يَوْمٍ.
مَرَّتْ سَنَوَاتٌ، وَمَا زِلْتُ لاَ أَسْتَطِيعُ نِسْيَانَهَا. لِذلِكَ دَخَلَتِ السَّنَوَاتُ أَحْلاَمِي مَرَّاتٍ عِدَّةٍ.
دَعُونَا نَتَخَطَّى الخَامِسَةَ، وَنَأْتِي إِلَى السَّادِسَةِ. كَانَ اسْمُهَا "نُورُونِّيسَا". أُوهْ، جَمِيلَتِي، أُوهْ، امْرَأَتِي السَّمْرَاءُ، أُوهْ، مَحْبُوبَتِي، مَحْبُوبَتِي
"نُورُونِّيسَا"!
كَانَتِ السَّابِعَةُ، "عَالِيَةُ"، امْرَأَةَ مُجْتَمَعٍ، لكِنِّي لَمْ أَكُنْ أُقَدِّرُهَا كَثِيرًا؛ فَمِثْلُ جَمِيعِ نِسَاءِ المُجْتَمَعِ فَإِنَّ كُلَّ شَيءٍ تَعَلَّقَ بِالأَقْرَاطِ وَمَعَاطِفِ الفَرْوِ.
كَانَتِ الثَّامِنَةُ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ مِنَ البَذَاءَةِ نَفْسِهَا؛ أَبْحَثُ عَنِ الشَّرِفِ فِي زَوْجَةِ شَخْصٍ مَا آخَرَ، لكِنْ إِذَا طُلِبَ مِنْهَا إِلْقَاءَ نَوْبَةِ غَضَبٍ، وَنَوْبَاتِ أَكَاذِيبٍ؛ كَانَ الكَذِبُ طَبِيعَتَهَا الثَّانِيَةَ.
كَانَ اسْمُ التَّاسِعَةِ "آيْتِنْ". كَانَتْ رَاقِصَةَ بَطْنٍ فِي حَانَةٍ؛ خِلاَلَ العَمَلِ كَانَتْ مُسْتَعْبَدَةً لأَيِّ رَجَلٍ، لكِنْ بَعْدَ العَمَلِ كَانَتْ تَنَامُ مَعَ مَنْ يُسْعِدُهَا.
نَضَجَتِ العَاشِرَةُ ذَكِيَّةً، وَتَرَكَتْنِي. لَمْ تَكُنْ خَاطِئَةً؛ مُمَارَسَةُ الحُبِّ هُوَ عَمَلُ الأَغْنِيَاءِ، أَوِ الكُسَالَى، أَوِ العَاطِلِينَ عَنِ العَمَلِ؛
إِذَا قَلْبَانِ مَعًا، فَالعَالَمُ جَمِيلٌ، وَهذَا صَحِيحٌ، لكِنَّ جَسَدَيْنِ عَارِيَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَنْتَمِيَانِ إِلَى حَوْضِ اسْتِحْمَامٍ.
كَانَتِ الحَاديةُ عَشْرَةُ عَامِلَةً جِدِّيَّةً. مَاذَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَفْعَلَ أَيْضًا؟ كَانَتْ خَادِمَةً لِسَادِيٍّ؛ كَانَ اسْمُهَا "لُوكْسَانْدْرَا"؛ أَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى غُرْفَتِي، وَبَقِيَتْ حَتَّى الصَّبَاحِ. شَرِبَتِ "الكُونْيَاكَ"، وَسَكِرَتْ. وَقَبْلَ الفَجْرِ، عَادَتْ إِلَى العَمَلِ.
دَعُونَا نَأْتِي إِلَى آخِرِ وَاحِدَةٍ. تَعَلَّقْتُ بِهَا أَحْبَبْتُ بِطَرِيقَةٍ لَمْ تَكُنْ لأَحَدٍ آخَرَ. لَمْ تَكُنْ امْرَأَةً فَقَطْ، بَلْ إِنْسَانًا. لَيْسَتْ حَمْقَاءَ بَعْدَ عَادَاتٍ وَهْمِيَّةٍ، أَوْ جَشِعَةً لِلسِّلَعِ وَالمُجَوْهَرَاتِ. قَالَتْ: "إِذَا نَحْنُ أَحْرَار"؛ "إِذَا عَلَى قَدَمِ المُسَاوَاةِ". لَقَدْ عَرَفَتْ أَيْضًا كَيْفَ تُحِبُّ النَّاسَ بِالأُسْلُوبِ الَّذِي أَحَبَّتْ أَنْ تَعِيشَ.
_________________ حسن بلم | |
| |