أعلن العلماء في مصادم الهدرونات الكبير المقام على الحدود السويسرية الفرنسية والتابع للمجلس الأوروبي للأبحاث النووية (سيرن) اليوم الأربعاء، أنهم رصدوا جزيئًا له خصائص مشابهة لما يعرف بالجسيم «بوزون هيغز» المسؤول نظريًا عن اكتساب المادة لكتلتها، وبالتالي عن نشأة الكون.
ويصف العلماء «بوزون هيغز» بالحلقة المفقودة في نموذج نشأة الكون، وهو يفسر الطريقة التي تعمل بها بقية مكونات ومركبات الكون، إذ إنه الجزيء الوحيد من بين الجزيئات العاملة في الطبيعة الذي لم يكتشف حتى الآن، مما منحه صفة الحلقة المفقودة.
وذكر علماء سرن في جنيف صباح الأربعاء، أن البيانات الحالية تؤكد بدرجة كبيرة أن جزيئًا موجودًا في مجال الطاقة 125 جيجا إلكترون فولت، هو بوزون هيغز، رغم تأكيدهم أن النتائج أولية ولا تزال بحاجة إلى المزيد من البيانات.
وقال المدير العام لسيرن- رولف هيور، "توصلنا إلى معلم أساس في فهمنا للطبيعة. إن اكتشاف جزيء له خاصيات مشابهة لبوزون هيغز يفتح الطريق أمام دراسات مفصّلة.. من شأنها أن تضيء ألغازًا في الكون".
وأوضح بيان صادر عن سيرن أن الاختبارين أطلس وسي أم أس قادا إلى نتائج أولية في البحث عن الجسيم المنشود «بوزون هيغز»، الذي سمّي نسبة إلى عالم الفيزياء الأسكتلندي بيتر هيغز.
وكان العالم هيغز -البالغ من العمر الآن أكثر من ثمانين عامًا- قد طور نظرية عام 1964 تقول إن هذا الجزيء يساعد على التحام المكونات الأولية للمادة، ويعطيها تماسكها وكتلتها، وتعد هذه النظرية بالنسبة لعلماء الفيزياء الفلكية بمثابة نظرية التطور بالنسبة لعلماء الأحياء.
ووصف مدير مركز ديسي الألماني للأبحاث الفيزيائية البروفيسور يواخيم منيش، ما حدث بأنه "بمثابة اكتشاف القرن..، وأكثر ما يقنعني هو أن هناك مجموعتين من البيانات المنفصلة عن بعضها البعض قد توصلت إلى نفس الإشارة والتناسق في تجربتيْ أطلس وسي أم أس".
ويعتبر جزيء هيغز آخر جزء من فسيسفاء النموذج المعياري المعتمد حاليًا في فيزياء الجزيئات، ولا يمكن بدونه توضيح كتلة الجسيمات الأساسية للمادة. ورغم أن الجزيء هيجز حيوي لفهم كيفية تشكل الكون فإن وجوده ما زال نظريًا.
وقد هنأت وزيرة البحث العلمي في ألمانيا أنيته شافان، العلماء في جنيف على اكتشاف جزيء جديد، وقالت إن البحث عن «بوزون هيغز» استمر حتى الآن نحو خمسين عامًا، ولكن ربما كان الكشف الذي أعلنه العلماء اليوم بمثابة تتويج لهذا البحث "لقد كوفئ العلماء على دأبهم وفضولهم العلمي".
يشار إلى أن مصادم الهدرونات الكبير يقع تحت جبال الألب على الحدود الفرنسية السويسرية، ويعمل فيه آلاف من علماء الفيزياء من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي وروسيا.
ويسعى العلماء -من خلال هذا الجهاز الضخم- إلى إعادة تمثيل ما يسمى علميًا "الانفجار الكبير"، من خلال مصادمة جسيمات تحت ذرية واكتشاف الحلقة المفقودة التي يعتقدون أنها تحمل سر نشأة الكون.