هي زينب بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمها خديجة بنت خويلد أم المؤمنين، وُلدت وللنبي صلى الله عليه وسلم ثلاثون سنة.
وقد تزوجت من ابن خالتها هالة بنت خويلد أبي العاص ابن الربيع، فولدت له ولدا اسمه عليّ وبنتا اسمها أمامة، وكان ذلك قبل الوحي، فلما نزل الوحي وأسلمت زينب ظل أبو العاص على شركه ولم يسلم ولكنه كان وفيا لزوجته يحبها ومتمسكا بها، وهاجر النبي وحدثت موقعة بدر وشارك فيها أبو العاص مع المشركين ولكنه أسر، وكان أبو العاص من رجال مكة المعدودين مالا وأمانة وتجارة.
ولما بعث أهل مكة فداء أسراهم، وبعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تفدي زوجها، وكانت فيما أرسلت لفدائه قلادة لها كانت أعطتها إياها أمها خديجة رضي الله عنها ليلة زفافها، فلما رأى النبي القلادة عرفها ورقّ لخديجة ولابنته رقة شديدة، وقال لأصحابه: "إن رأيتم أن تُطلقوا لها أسيرها وتردّوا عليها الذي لها فافعلوا"، قالوا: نعم يا رسول الله، فأطلقوه وردّوا لها ما أرسلته، واشترط عليه النبي أن يرسل إليه ابنته، فقبل أبو العاص.
ولما عاد أبو العاص أمر زوجته أن تتجهز وتلحق بأبيها، وخرج بها من مكة أخو زوجها كنانة بن الربيع، وأثناء خروجها تعرّض لها رجال قريش، وكان منهم رجل يُدعى هبّار بن الأسود بن عبد المطلب بن أسد بن العزى الفهري؛ فروّعَها وهي في الهودج وكانت حاملا فسقطت من فوق البعير ومات جنينها، وبلغ النبي ما حدث من هبار فأهدر دمه، وأصبح هبار مهددا.
وفي فتح مكة توارى هبار عن أعين المسلمين حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس مع الصحابة فقالوا: يا رسول الله إنه هبار بن الأسود، فأراد رجل منهم أن يقتله، فأشار إليه النبي أن اجلس فوقف هبار وقال: السلام عليك يا نبي الله، أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، ولقد هربت منك ثم ذكرت فضلك عمن جهل عليك، وكنا يا نبي الله أهل شرك وجهل فاصفح عن جهلي، وعما كان يبلغك عني، وإني مقرّ بسوء فعلي ومعترف بذنبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد عفوت عنك، وقد أحسن الله إليك حيث هداك إلى الإسلام، والإسلام يجبّ ما قبله.
وأقامت زينب بعد هجرتها مع النبي وأقام أبو العاص في مكة، ولكن كان حنينه إلى زوجته لا ينقطع حتى إنه في يوم خرج أبو العاص في تجارة قريش إلى الشام قبل الفتح، فلقيته هنالك سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيادة زيد بن حارثة، ولاقوا عير أبي العاص وفرّ هو منهم هاربا، ثم أقبل تحت جنح الليل حتى دخل على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستجار بها فأجارته، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح سمع زينب تصرخ من حجرتها: أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع، فلما سلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة أقبل على الناس، فقال: "أيها الناس هل سمعتم ما سمعت؟ قالوا: نعم، قال: أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء من ذلك حتى سمعت ما سمعتم، وإنه يجير على المسلمين أدناهم"، فدخل على ابنته فقال: أي بنية أكرمي مثواه، ولا يخلص إليك؛ فإنك لا تحلين له.
وبعث النبي إلى رجال السرية الذين أصابوا مال أبي العاص وخيّرهم بين أن يردّوا عليه ماله، وإن أبوا فهو في سبيل الله، ولم يكرههم النبي على شيء، واختاروا أن يردّوا عليه ماله، ولما رجع أبو العاص إلى مكة أدى إلى كل ذي مال ماله، ثم قال: يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه؟ قالوا: لا فجزاك الله خيرا؛ فقد وجدناك وفيا كريما، قال: فأنا أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوّف أن تظنوا أني أردت أن آكل أموالكم، فلما أدّاها الله إليكم وفرغت منها أسلمت.
وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة في المحرم سنة سبع، وردّ النبي زوجه إليه، ولم يمض على إسلامه عام واحد حتى توفيت السيدة زينب سنة ثمان، ثم توفي بعدها زوجها أبو العاص بن الربيع سنة اثنتي عشرة، تاركين وراءهما عليا وأمامة، وكان عليّ مع جده حين دخل مكة فاتحا، وكان رديف النبي وتوفي في حياته، وأما أمامة فكان الرسول يحبها كثيرا، ولما كبرت أمامة تزوجها الإمام علي بن أبي طالب بعد موت فاطمة الزهراء، وكانت قد أوصت عليا أن يتزوجها، وتوفيت أمامة بعد مقتل الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعا.
دونا
® عضو مميّز ®
رسالة sms :
عدد المساهمات : 259
نوسا البحر :
2011-08-16, 4:32 pm
جزاك الله خيرا
يارا لايف
® عضو مميّز ®
رسالة sms :
عدد المساهمات : 267
نوسا البحر :
2011-12-17, 11:32 am
اللهمّ صلّ على سيدنا محمد على آل سيدنا محمد جزاك الله خيرا