عايزين البلد تقف على رجليها
عايزين أمن
عايزين استقرار
عايزين تطهير للداخلية
أنا مصرى ودى أرضى واموت علشانها
عايزين نحس ان البلد بقت بتاعتنا بجد..
خمن يا صديقى من قائل هذه العبارات؟
تصلح لأن تكون نابعة من قلب التحرير
وهى أيضا نابعة من قلب العباسية.
الكلام واحد أمامى على شاشتين مختلفتين، كل واحدة فى ميدان.
الأساس واحد.. كلمات حماسية ملتهبة خارجة من أقصى أعماق مواطنين مصريين، لكن كل واحد له طريقة فى تطبيق هذه الأساسيات.
تعود إلى التحرير فتجد أن الطريقة تقوم على فكرة أن المجلس الأعلى لازم ياخد جنب، بعيدا عن الإدارة السياسية، وتذهب إلى العباسية فتجد أن الطريقة تقوم على فكرة ضرورة أن يظل المجلس فى قلب الصورة.
كل شيخ له طريقة فى حب هذا البلد، ويظل الحكم على الطريقة مرتبطا بالأشهر العشرة السابقة التى عشناها وبالنقطة التى نقف عندها الآن.
كل الاحترام لمن يؤمن بأن يظل المجلس يدير العملية السياسية، لكننى من أنصار الطريقة الأخرى، ولى أسباب يمكن مراجعتها على مدى مقالات الشهور الماضية، كما أننى منحاز بالفطرة لأرض الميدان التى تشبعت بالدم والغاز، منحاز لميدان رواده يفضلون الموت حتى يعيش غيرهم أكثر من انحيازى لميدان رواده يريدون أن يعيشوا، ويؤمنون أن من يقف فى طريقهم أولئك الذين يموتون هناك.
المجلس يتخبط منذ اللحظة الأولى، واختتم تخبطه باختيار الدكتور الجنزورى رئيسا للحكومة فى هذا الظرف التاريخى، مع كامل احترامى له، إلا أنه قادم من خارج الحدث تماما، ولا تساعده صحته وكبر سنه على أن يطول مؤتمره الصحفى فى هذا الوقت الحساس على عشر دقائق، ويطلب وقتا طويلا لتشكيل الحكومة، لأنه لا يعرف الأسماء والوجوه المطروحة على الساحة، على حد تعبيره وبلسانه فى المؤتمر الصحفى، هو لا يعرف أصلا أيا من الوزراء السابقين فى حكومة شرف، فكيف له أن يختار من هم أبعد عن هذه الدائرة؟ ولماذا يتعمد المجلس باختياره أن يحيى عصر مبارك من جديد، ويرفض أن يمنح الثورة فرصة كاملة لتحكم بأفكارها ورموزها التى نعرفها جميعا، ونكن لها جميعا كل احترام، حتى إن اختلفنا معها سياسيا أحيانا.
أكرر، الأسئلة لها علاقة بطريقة تفكير المجلس العسكرى وليس لها علاقة بالدكتور الجنزورى الذى لا خلاف على حسمه الذى كنا نتحاكى به منذ أكثر من عشر سنوات، ولكن الأمر مختلف تماما الآن، وهى مغامرة أن تسند الأمور فى هذه الظروف إلى رجل حاصره النظام السابق فى منزله وعزله عن المجتمع خلال السنوات العشر الماضية بخلاف أنك تسند الأمر إلى رجل ليس سياسيا، فى وقت الصراع فيه سياسى بالأساس، بخلاف أن الثورة لم تقم بشباب متوسط أعمارهم 28 عاما، وقدموا أرواحهم حتى يقود البلد رئيس حكومة عمره 78 عاما، بكل ما يحتمله هذا الرقم من عصبية وخلق ضيق ونفس قصير وديكتاتورية المسنين، بخلاف أنه اختيار يزيد الأمر التهابا ويزيد الانقسام، ويجعلنا نؤمن أن المجلس يتفنن فى عدم بل ريق ميدان التحرير، فى صورة من حمى الثورة كأنها دجاجة مذبوحة يجب أن يتم وضعها فى الفريزر، فى صورة من لا يزال يعمل خاطرا لمبارك، فيرفض الاستعانة بأسماء محسوبة على الثورة التى قامت ضده، حتى لا يجرحه الأمر، فى صورة العنيد المراوغ الذى يريد أن يوصل لمظاهرات العباسية أنه بيستجيب أهوه لإرادة الثوار، فيكسب العباسيين فى صفه، وفى الوقت نفسه يخرج لسانه للثوار.
أكرر كل الاحترام لكل مصرى صاحب وجهة نظر فى حبه الصادق لهذا البلد، أيا كانت الأرض التى يقف عليها، وكل الاحترام للدكتور الجنزورى.. لكن الكلمة فى النهاية لميادين التحرير فى كل مصر.
مقال لعمر طاهر