® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2012-12-22, 11:35 am | | الحنين العاري - عبد المنعم رمضان ***
عن "الحنين"، ولماذا هو عاري ؟ أما عن "الحنين"، فهو وجدان أو شعور عارم بلحظات وذكريات وتجارب وحوادث مضت وانقضت، وبإحساسات وعواطف وأفكار لم تعد موجودة. وهو شعور يركز كل ما يملك من طاقة وجهد على هدف واحد هو المسك بالماضي كما هو، لا ليمكث فيه، ولكن ليستطيل ويمتد به إلى "الآن" والحاضر. بهذه الطريقة يتحول الماضي إلى "عيان" أو "وجدان"، ويحافظ ما كان قد انقضى في الزمان، ولم يعد موجودا، على استمراره فيما هو موجود، ولما ينقضي بعد. وهذه هي نفس فكرتي عن الشعر والموسيقا. فالنغمة التي تنقضي لتحل محلها نغمة أخرى، لا تزول أو تنعدم، بل تظل موجودة بشكل أو بآخر وتواصل الحضور في الجملة الموسيقية ككل بأكثر من شكل أو طريقة. الزمان الحقيقي هو إذن "خلق" بالمعنى الذي نجده عند بروست مثلا. والموسيقا هي أيضا "خلق". وعنوان هذا "الخلق" هو "الحنين". وهذا بالمناسبة هو سر شغفي بالموسيقا. وسر النشوة والفرحة العارمة التي تعصف بكياني كله كلما استمعت إلى الموسيقا. كأنما الموسيقا تمنحني "عاطفة" عليا تتجاوز جميع العواطف. أو كأنها تمنحني "فرحة" خالدة لا تموت أبدا حتى ولو كانت الموسيقا، حزينة. وسر هذه "الفرحة" الخالدة أبسط مما نتصور. إنه "الحنين"؛ هذا التداخل المتبادل سواء بين الماضي والحاضر، بين ما قد حدث وما لم يحدث قط، في الزمان، أو بين النغمات اللامتجانسة في الموسيقا. "الحنين" هو إذن تلك العاطفة التي تمتد بنا "من الوراء هكذا إلى الأمام"، فنتمكن من إدراك "شمول" أعلى وأسبق من جميع العناصر التي تتألف منها تجربتنا. هذا عن الحنين. أما لماذا هو عاري، فلأنه "حنين" خالص، صرف، لا يتدثر إلا بنفسه، ولا يعتمد في وجوده، إلا على نفسه. فمثل الكتابة التي تكتب نفسها بنفسها، والموسيقا التي تعزف نفسها بنفسها، حنيني لا يمتاح إلا من "الحنين". وهناك بالإضافة لذلك "حنين" عارم للخلاص من دعاوى الحداثة وما بعدها. أصبحت أقلق وأخاف من أغلب الشعر المكتوب وخلفه بيان يحميه. البيانات التي تحمي الشعر ربما تعيش أكثر من الشعر التابع لها. حنيني العاري إلى إنتاج شعر بغير بيان يشبه حنيني العاري الآن إلى امرأة أحبها وأقول لها "أحبك" من دون زوائد لغوية. الاهرام صدر للشاعر الكبير بحق «عبدالمنعم رمضان» عن الهيئة المصرية العامة للكتاب أحدث دواوينه بعنوان «الحنين العاري»، وكان علينا أن نذبح الذبائح منذ صدوره وحتى هذه اللحظة، لكن بعيدًا عن شجون المشهد الثقافى والأدبى وبعيدًا عن تبرير الصمت المواكب لصدور الديوان والذى قد يعزّى إلى صعوبة الكتابة عن ديوانٍ لشاعرٍ كبيرٍ ومحاصرة المفردات الجمالية لقصيده، بعيدًا عن هذا كله وأكثر سأحاول الاحتفاء هنا بـ»الحنين العاري»، والحنين العارى ينساب فى هذا الديوان مترقرقًا حاملاً ذروات زبَدَه مثل شلالات كبرى لا نعرف لها منبعًا ولا نهتم أن نراها وهى ترتاح فى مصبَّاتها، سيبدو الحنين كأنه عارٍ بالفعل أحيانًا: كأنكِ الأرضُ التى يسيرُ فوقها الحمام كأنكِ الظلام كأنكِ الرياح من الوراء هكذا إلى الأمام. لكننا سرعان ما سنكتشف أننا قد خُدعنا وأن الحنين كان طوال الوقت متدثرًا بلآلئ شديدة الندرة والتفرد لم تُر من قبل، وبرؤى الشاعر المتفجرة تمردًا وثورةً وعلمًا وثقافةً ونضجًا فى محاصرة المجاز ونزع تقليديته وإعادة وضع تعريفٍ جديدٍ له يخصُّ «عبدالمنعم رمضان» وحده: سوف أسحبُ الموسيقى إلى الإسطبل وأعلِّقها من أقدامها الخلفية وبمشقةٍ أحبسها. «الحنين العرى» ــ والذى بلغت صفحاته مائة وسبع وثمانين صفحة من القطع الكبير وبخط يد الشاعر نفسه ــ ليس عاريًا أبدًا وإنما يتدثر طوال صفحات الديوان بقاموسٍ لغوى ثرى وشديد العذوبة وجديد على آثار «عبدالمنعم رمضان» الشعرية السابقة، وتكاد مفردات الديوان من فرط رقتها وشفافيتها تقترب ليس فقط إلى محاصرة العالم وكتابته بل إلى وضع هذا العالم فى راحة كفِّ الشاعر، وأنا هنا أستند إلى عنوان روية «جيوكندا بيلى» «الكون فى راحة الكفّ»، فيصبح العالم فى راحة كفّ الشاعر كرةً كريستالية تُسرُّ له بأسرارها فيهدهدها تارةً ويعنفها تارة أخرى ويستنطقها أطوارًا: لم يكن كافيًّا أن أرى حافَّة الأرضِ ترتجُّ ثمَّ تفورُ وتخرجُ منها المدينةُ عاريةً وأصابعها العشرُ مشبوكةٌ فى السماء. لا أدرى لماذا باغتتنى قصيدة من قصائد الديوان بعنوان الديوان نفسه «الحنين العاري»! هل لأننى تمنيت أن يظلَّ العنوان واحدًا على الغلاف ليقترب من واقعه فيصير عنوانًا لقصيدٍ شعرى جديدٍ وفادح الجمال كأنه إحدى معلقِّات القدامى؟! خصوصًا والشاعر الكبير نفسه مدركٌ هذا بالطبع إدراكًا لا يقبل التأويل، ففى أولى قصائده بعنوان «بعد السقوط» يستهل حنينه هكذا: أتبعُ الحنينَ الذى يوقفني قربَ الهاوية الحنين الذى مثل كلِّ ليلةٍ يمتدُّ وهو بالفعل يمتدُّ أيها الشاعرُ الكبيرُ طوال صفحات ديوانكَ الآسر الفاتن، يمتدُّ عاريًّا ومتدثرًا فى الوقت نفسه بكلِّ ما خبرنا من جمال الشعر حتى هذه اللحظة، هذا الحنينُ ممتدٌّ وأنتَ تتبعه ونحن نتبعك بالطبع لأننا غاوون. *** الدستور أحمد نبيل خضر صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ديوان الحنين العاري، للشاعر عبد المنعم رمضان، في طبعة مكتوبة بخط اليد، والغلاف من تصميم نجاح طاهر. "الحنين العاري"، يحتوي على 12 قصيدة شعرية بالعربية الفصحى، منها: "بعد السقوط، اغسليني في فمك، أقل من أغنية، لا تخبر أحدًا بمكاني، غرفة للراهب". والجدير بالذكر أن "رمضان" أحد الرافضين للإعلان المكمل للدستور، حيث دعا الشعب المصري إلى النزول إلى الميادين لفرض الإعلان، حيث رأى أن المجلس العسكري بهذا الإعلان يريد البقاء فوق رءوسنا، مؤكداً أن رفض الدكتور محمد مرسي بمفرده، لهذا الإعلان، بدون تأييد شعبي لن يجدي. ويقول "رمضان" في قصيدة الحنين العاري: ما الذي يحدث في الليل البنات المستعدات لنيل الحب يمشين بعيدًا والحذاء الأبيض المقلوب يذوي مثل تفاحة آدم وقليلون من الحمقى يجيئون فرادى.
للتحميل المباشر أضف ردّا وأعد تحميل الصفحة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] | |
| |
® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2013-01-02, 9:36 am | | | |
| |