سيدى الرئيس، بطل الضربة الجوية، لماذا أمرت بالضربة البرية التى سقط فيها أبناء شعبك قتلى وجرحى فى شوارع مصر طيلة الأيام الماضية. إذا لم تكن أنت الذى أمرت فمن الذى أمر بذلك إذن؟، كانوا دائما يقولون إنك لست مسؤولا عن أى كارثة تحدث لأبناء شعبك، لست مسؤولا عن غرق ألف ومائة مصرى فى عبارة الفساد، لست مسؤولا عن احتراق الأبرياء فى قطار الصعيد ومسرح بنى سويف، لست مسؤولا عن نزيف الدماء فى حوادث الطرق، لست مسؤولا عن الفساد وخراب التعليم وانتشار التطرف والمرض والفقر، أنت فقط مسؤول عن الإنجازات والسعادة والفرحة والبهجة، أنت لا تخطئ، فنحن لم نرك ولو لمرة تعتذر لشعبك كما يفعل كل الزعماء فى العالم المتقدم الذين يعلمون أنهم ليسوا آلهة ولا أنصاف آلهة، بل بشر يخطئون ويصيبون.
هذه المرة، أنت تعلم بأن شعبك كان يُقتل ويُهان ويُقمع ويُسحل فى شوارع مصر، إذا لم تكن قد أمرت بذلك فلابد أنهم نقلوا لك ما حدث فى التقارير، وإذا كانوا لم ينقلوه لك فلابد أنك شاهدته فى الفضائيات والصحف المصرية العربية والأجنبية التى قاومت قمع أجهزتك ونجحت فى تسريب بعض الصور بعيدا عن أيدى رجالك، إذا كنت تعلم فتلك مصيبة، لأنك خالفت ما أقسمت عليه بالحفاظ على أمن وسلامة المواطن، وإذا كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم، لأنك عندها لا تستحق أن تكون رئيساً لنا.
نحن لسنا شعباً من الخراف ياسيادة الرئيس لكى تدهس شبابنا عربات الأمن المركزى ويضربهم الضباط بالرصاص الحى والمطاطى والقنابل المسيلة للدموع، بعد أن زهقوا من ركلهم بالبيادات وهم يلقون بهم إلى سيارات تأخذهم إلى معسكرات اعتقال نجا منها الفاسدون والظلمة والفشلة، هل رأيت فى يوم ٢٥ يناير كيف سحل رجالك صديقى الأعزل ؟، هل شاهدت كل هذا وارتاح ضميرك لمجرد أنهم قالوا لك إن الذين خرجوا فى الشوارع «إخوان مسلمين»، هل تأملت سيادتك فى وجوه ملايين المتظاهرين ولاحظت أن ملامحهم لا يجمعها أى انتماء سوى الهتاف ضد عهدك وسياساتك ونظامك؟، كيف رضيت بإطلاق الرصاص على مواطنين أقسمت على حمايتهم؟، هل قالوا لك، وهم يأخذون الأوامر، إن المتظاهرين قتلوا جندى شرطة ولابد من قمعهم، هل طلبت قبلها تقريراً عاجلاً من الطب الشرعى لتكتشف أن الجندى استشهد بسبب هبوط حاد فى الدورة الدموية كما تقول المنظمات الحقوقية؟، هل تعرف أصلا كم كان يقبض هذا الجندى وزملاؤه، وما هى أوضاعهم الصحية والنفسية والاجتماعية، وفى أى صف كانوا سيقفون لو أتيحت لهم فرصة الاختيار.. هل سألت رجالك: هل كان غضب السوايسة العارم مجانيا أم أنه كان غضبا تلا سقوط شبابهم شهداء برصاص الشرطة؟
هل قالوا لك ليلة جمعة الشهداء إن كل شىء تحت السيطرة فذهبت لتنام مطمئناً، لأنهم سيطروا على الأقلية المندسة المدفوعة، وأنت ربما تفكر فى إبداع جملة مليئة بالعنجهية من نوعية «سيبوهم يتسلوا»، ثم فوجئت بعد صلاة الجمعة بملايين الرافضين للتسلية وهم يخرجون ليهتفوا ضدك فى شوارع مصر فى مشهد لم يحدث منذ انتفاضة عام ١٩٣٥ ضد عدو الشعب إسماعيل صدقى، وحتى بعد أن رأيتهم بعينيك واصلت على مدى أيام عنادك وتعاليك على شعبك، وحتى عندما أجبرك الشعب على ألا تظل رئيسا حتى آخر نفس كما كنت تقول، حتى وأنت تراهن على ضعف ذاكرة شعبك وأنه سينسى كم مرة وعدته وأخلفت، لماذا لم تفكر ولو من باب المصلحة فى أن تقول للناس إنك لست إلهاً، وإنك بشر يمكن أن يعتذر ويعترف بالخطأ، لماذا لم تتحدث بكلمة عن المئات الذين قتلهم وأصابهم رجالك، لم تعلن حتى عن إحالة القتلة إلى محاكمة عاجلة لكى تبرئ نفسك من دمائهم، للأسف لم تفعل يا سيادة الرئيس ولذلك ستظل دماؤهم فى رقبتك إلى أن تعتذر وتحاكم من سفكوا دماء الأبرياء.
تحيا مصر، ومبروك لأحرار المصريين أنهم استعادوا وطنهم من جديد.