انطلق التِتر المميز للبرنامج الإذاعي الشهير "كل مشكلة ولها حل"، وبعده جاء صوت بطلة هذه الحلقة تشكو: "أنا فتاة في العشرينات، باتنفس حرية، وكنت عايشة حياتي بالطول والعرض والاحترام في نفس الوقت، يعني عمري ما كانت بيني وبين أي ولد علاقة مريبة، وكان لي صحاب كتير بنات وولاد، باخرج وبادخل براحتي، وأهلي واثقين فيّ، وأي موقف في الحياة ليّ فيه رأي، يعني زي ما بيقولوا كده صوتي من دماغي.
لحد ما اتخطبت..! ومن ساعتها وحياتي اتقلبت 180 درجة، خطيبي غيور بشكل غبي، خلاني أقطع علاقتي بكل صحابي الأولاد، لدرجة إنه منعني أردّ سلامهم لو قابلت حد منهم في الشارع! وعلى طول بيشكّ في تصرفاتي ويقعد يقلّب في صوري ومذكراتي، ويسألني مين ده؟ ومين دي؟ وعرفتيهم إمتى وإزاي؟ وعايزني أسيب شغلي، ومش عايزني أدخل ولا أخرج غير معاه، ودايما يسفّه من آرائي، وشايف إن رأيه هو الأصحّ عشان هو الراجل، وأنا لازم أسمع كلامه في كل حاجة وألغي دماغي معاه.
دلوقتي أنا بحبه، وهو شخص كويس بعيدًا عن النقطة دي، وهو كمان بيحبني بجنون، وبيدلعني ويجيب لي هدايا ويصالحني لما أزعل، بس أنا مش عارفة أنا هاقدر أستحمل إني أعيش زي عصفور محبوس في قفص ولو كان دهب، ولا قضبان القفص ده هتخنقني وتخنق حبنا في الآخر".
وغصّ صوت الفتاة بالبكاء وهي تتساءل في وجع: "مش عارفة أختار حبي ولا حريتي؟".
دلوقتي بعد ما سمعنا مشكلة صديقة البرنامج، وفيه زيّها مئات البنات -إن لم يكن آلاف- تعالوا نفكر كده سوا..
البنت زمان كانت قاعدة في البيت، معزّزة مكرّمة ولا بتشوف حدّ ولا مفروض عليها تشارك في البيت وحمل المصاريف، ولا تخرج وتتبهدل في المواصلات وتعاني الزحمة والتحرشات..
وكان للراجل قوامة حقيقية بمعنى الكلمة، يعني كان الراجل راجل كده يتحمل مسئولية عيلته كاملة مكملة، وكان مالي مركزه، ويمنع عن أهل بيته البهدلة، وكان فعلا ضلّ الراجل بيحمي الست..
نفوق بقى شوية.. ده كان زمان.. أما دلوقتي، البنت بتنزل وتشتغل وتعاني نفس اللي بيعانيه الراجل وأكتر شوية؛ عشان جنب ده هي كمان مسئولة عن البيت والمساعدة في توفير كل احتياجات أسرتها، سواء كانت بنت أو متجوّزة، وبتصرف في البيت زي جوزها وساعات أكتر.. معلش، الحقيقة دايما بتوجع، بس إحنا لازم نكون واقعيين وإحنا بنفكر في مشكلاتنا.
لكن يا ترى، هل كون البنت مضطرة إنها تتعامل مع المجتمع يعني إنها لازم تتحطّ ما بين خيارين، يا الجواز.. يا الحرية؟ تعالوا نشوف آراء الناس كانت إيه..
زمن الجواري ولّى الرجالة في مجتمعنا الشرقي ما زالوا معتبرين إن الست عندهم جارية في ملكهم، يتصرفوا في حياتها زي ما هم عايزين، وهي مش لازم يبقى لها رأي ولا لها حق تعترض. وسي السيد متخيل إنه كتّر خيره ارتبط ببنت وأنقذها من العنوسة، وعشان كده ليه مطلق الحق حتى من قبل ما يعلنوا الارتباط رسمي إنه يتحكم في الهوا اللي بتتفسه، يعني لو يطول يقول لها تتنفسي كم ذرة أكسجين في الدقيقة هيقول!
وبمجرد ما يحطّ قيده حوالين صباعها يبدأ: "ماتدخليش.. ماتخرجيش.. ماتتكلميش مع فلان.. إنتي بتشوفي فلانة كتير ليه؟ إنتي بتسمعي كلام صاحباتك ومامتك.. إنتي بتهتمي بشغلك زيادة.. سيبيه"! وده طبعا لا يمكن.. أنا حريتي فوق كل شيء، وعندي أعيش من غير جواز طول عمري، ولا إن حد يتحكم فيّ لمجرد إن ربنا خلقه راجل وخلقني بنت
جوزي في دراعي.. وحريتي في جيبي الزواج ده شركة بين اتنين، يعني كل واحد لازم يفوّت للتاني شوية عشان المركب تمشي، يعني أنا كبنت أكيد هاتنازل عن شيء من حريتي بعد الجواز لكن بالمعقول، يعني لا حبسة عن الناس والمجتمع، ولا على البحري في نفس الوقت. ما هو برضه خطيبي ده راجلي وليه خاطر عندي، ولازم أحترمه وأدّيله برستيجه قدام نفسه وقدام الناس.. ولا إيه؟ لكن في المقابل هو كمان لازم يراعي خاطري ومشاعري، يعني مش يمنعني مثلا أكلم أي زملاء ولاد، وهو طول النهار شغال تليفونات وشات مع البنات، بحجة إنه واثق من نفسه وأخلاقه، بس مش واثق في أخلاق الرجالة التانيين!
يعني ببساطة المعادلة سهلة.. هاتنازل أنا؛ هتتنازل إنت كمان، هابطّل حاجة عشانك، هتبطّل حاجة عشاني، وخلي المركب تمشي.
ضلّ راجل ولا ضلّ حيطة! طبعا لازم أسمع كلام خطيبي، هو أنا ليّ غيره؟ الراجل راجل برضه، ولازم كلمته تُحترم ولازم يؤمر وينهي ويشخط، وبعدين هو اللي فاهم الدنيا والناس كويس، وأنا عمري ما هابقى بافهم زيه، فلازم أسمع كلامه في كل اللي بيقوله.
ما هو أصله شيء مش غريب، يعني أنا هاطلع أحسن من أمي؟ دي عاشت طول عمرها ما كسّرتش لبابا كلمة، ولا جدتي اللي لحد دلوقتي كل ما بتسمع صوت جدي بتترعش، ثم خلينا صُرحا.. هو حد لاقي جواز دلوقتي؟ يتحكّم براحته، حرية إيه وكلام فاضي إيه، مافيش حاجة من دي هتنفعني لما أقعد جنب أمي، ده برضه ضل راجل ولا ضل حيطة.
بعد ما شفنا مع بعض الآراء المختلفة لبنات الجيل ده..
تعالوا قولوا لنا..
لو إنتِ بنت.. شايفة حرّيتك مافيش أغلى منها، ولا طمعانة في ضل الحيطة، ولا شايفة إن المركب ممكن تمشي؟
لو إنتَ ولد.. هتبقى مَرِن وتدي خطيبتك الحرية والثقة؟ ولا هتحبسها في قفص من دهب (ممكن يبقى صفيح على فكرة) ولا هتخلي شوية عليك وشوية عليها؟
يلّا بسرعة قول لنا رأيك، وقولي لنا رأيك، عشان نوصل لحل قبل ما نُصّك التاني يخبّط على بابك دلوقتي!