® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2011-01-08, 10:04 am | | موعدنا في هذه السلسلة الطيبة مع أمهات المؤمنين، زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم..
نتعرف عليهنّ، نصل أرواحنا بهنّ..
ونعرف كيف ولماذا تزوجهن النبي، وما الحكمة من كل زيجة..
وأثناء مرورنا على ديار أمهاتنا، نتعلم كيف تكون الزوجة الصالحة مع زوجها، وكيف يقتدي الزوج الصالح برسول الله
.
إنها دراسة لسيرة أهل البيت، نخرج منها بودّنا لهم وتعلّمنا منهم.. ولهذا ستجدنا مع كل سيرة عطرة نستلهم العبرة ونستلهم العظة.. فهيا بنا معا نجلس في ظلال أطهر نساء الأرض.. أمهات المؤمنين. ما زلنا في رحاب أمهات المؤمنين، وموعدنا هذه الحلقة مع زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم الثانية، التي كانت بعد خديجة وقبل عائشة، مع أم المؤمنين سودة بنت زُمعة، هذه الزوجة التي تزوَّجها النبي عليه الصلاة والسلام لحكمةٍ سوف نقف عليها من خلال سيرتها..
الإسلام والهجرة هذه الزوجة الطاهرة أسلمت بمكة قديماً، وهاجرت هي وزوجها إلى الحبشة، وينبغي أن نتصور ما معنى أن يترك الإنسان بلده الذي وُلد فيه؟ ما معنى أن يدع الإنسان مسقط رأسه؛ أيكون هذا لسببٍ بسيط، أو مضايقةٍ يسيرة، أم لشيءٍ لا يحتمل، شيءٍ لا يطاق؟
إن الذين أسلموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ذكوراً وإناثاً، في أول الدعوة الإسلامية, لهم عند الله مقامٌ كبير؛ لأنهم تحمَّلوا، وتحملوا الشيء الكثير، حتى إن الهجرة إلى الحبشة, كانت متنفَّساً لهم, من شدة الضغط الذي تحمَّلوه.
لقد هاجرت سودة هي وزوجها إلى الحبشة، لكن زوجها مات هناك فتذوقت مرارة الترمل ومرارة الغربة، وقد ورد أنه "ما عُبد الله في الأرض بأفضل من جبر الخاطر"، الإنسان أحياناً يتزوج امرأةً لجمالها، وقد يتزوّجها لمالها، وقد يتزوجها لدينها، وقد يتزوجها جبراً لخاطرها. وهكذا فعل النبي.
هذه الزوجة الطاهرة روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أحاديث كثيرة، وروى عنها ابن عباس، وتوفيت رضي الله عنها في آخر زمان عمر بن الخطاب.
قصة زواجها من رسول الله عليه الصلاة والسلام:
هل تدرون من التي خطبتها لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم؟ خطبتها خولة بنت حكيم، المرأة نفسُها التي خطبت السيدة خديجة لرسول الله.
يروي الإمام الطبري في تاريخه أنّ النبي عليه الصلاة والسلام يقول: "من أفضل الشفاعة أن تشفع بين اثنين في نكاح"، ومن هنا قالت خولة:
يا رسول الله ألا تتزوج؟ قالت هذا الكلام بعد وفاة السيدة خديجة بثلاث سنوات، معنى ذلك أن النبي عاش وحيداً، والأزواج يعرفون؛ المرأة سكنٌ لزوجها، ومن أصعب الحالات أن يفقد الرجل زوجته، والنبي عليه الصلاة والسلام بموت السيدة خديجة فقد الدَعم الداخلي، وبموت عمِّه أبي طالب فَقَدَ الدَعم الخارجي، إذن ذاق النبي الوحدة، ذاق الوحشة، ذاق موت النصير، ذاق موت القريب، ذاق موت أحب الناس إليه. فقال عليه الصلاة والسلام: للسيدة خولة: ومن؟ قالت: إن شئت بكراً, وإن شئت ثيِّباً، قال: فمن البكر؟ قالت: ابنة أحب خلق الله إليك، عائشة بنت أبي بكر. قال: ومن الثيِّب؟ قالت: سودة بنت زُمعة, قد آمنت بك، واتبعتك على ما أنت عليه.
فرد النبي عليها قائلا: فاذهبي فاذكريهما علي, (أي اخطبيهما لي)، فجاءت فدخلت بيت أبي بكر. قالت: ثم خرجتُ, فدخلت على سودة, فقالت: أي سودة, ماذا أدخل الله عليكِ من الخير والبركة؟
قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يخطبكِ عليه، فقالت: وددت، (أي تمنيت)، أرأيت هذا الأدب أيضاً؟ هناك إنسان تعرض عليه شيئا يتأبَّى، ومن الداخل يذوب شوقاً إليه، لكنه يتأبَّى لكبرٍ فيه) قالت: وددت, ادخلي على أبي, فاذكري له ذلك. قالت: وهو شيخٌ كبير، فدخلت عليه، فحيّيته بتحية الجاهلية، ثم قلت: إن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسلني أخطب عليه سودة، قال: كفؤٌ كريم.
ما ذكره ابن كثير والإمام أحمد بشأن موضوع زواج السيدة سودة من رسول الله : يروي الحافظ ابن كثير, والإمام أحمد في المسند, محاورةً جرت في هذا الموضوع، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ:
"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِهِ, يُقَالُ لَهَا: سَوْدَةُ, وَكَانَتْ مُصْبِيَةً -أي لها صِبْيان- كَانَ لَهَا خَمْسَةُ صِبْيَةٍ أَوْ سِتَّةٌ مِنْ بَعْلٍ لَهَا مَاتَ, -هناك من يدَّعي، ومن يتّهم النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان مغرماً بالنساء، هذه امرأةٌ متقدمةٌ في السن، مُصْبِيَة- فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَمْنَعُكِ مِنِّي؟ قَالَتْ: وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ, مَا يَمْنَعُنِي مِنْكَ أَنْ لَا تَكُونَ أَحَبَّ الْبَرِيَّةِ إِلَيَّ, وَلَكِنِّي أُكْرِمُكَ أَنْ يَضْغُوَ هَؤُلَاءِ الصِّبْيَةَ عِنْدَ رَأْسِكَ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً -أي أن يمنعوا راحتك، خمسة أولاد.. كان قدوةً عليه الصلاة والسلام، امرأةٌ مسنَّة يتزوجها، وعندها خمسة أولاد، هي نفسها خافت أن تزعج النبي عليه الصلاة والسلام، هي نفسها خافت أن يكون أولادها عبئاً على النبي عليه الصلاة والسلام- قَالَ: فَهَلْ مَنَعَكِ مِنِّي شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ, قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَرْحَمُكِ اللَّهُ, إِنَّ خَيْرَ نِسَاءٍ رَكِبْنَ أَعْجَازَ الْإِبِلِ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرٍ, وَأَرْعَاهُ عَلَى بَعْلٍ بِذَاتِ يَدٍ".
فالإنسان إذا تقدَّم في السنّ تكثُر حاجاته، لذلك الزوجات الطاهرات المخلصات هنَّ اللواتي يضاعفن من خدمة أزواجهن إذا تقدَّم بهم العمر، طبعاً حينما يكون شاباً يخدمنه خدمةً عالية، أما إذا تقدَّمت به السن ضعفت الخدمة، فقال عليه الصلاة والسلام: "إِنَّ خَيْرَ نِسَاءٍ رَكِبْنَ أَعْجَازَ الْإِبِلِ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرٍ, وَأَرْعَاهُ عَلَى بَعْلٍ بِذَاتِ يَدٍ"؛ أي خير النساء من جمعت بين رعاية أولادها ورعاية زوجها.
وهكذا تم الزواج على أساس من التقوى والبر. ونكمل في حلقتنا القادمة بإذن الله ما قاله كتاب السيرة عنها، وعن حياتها مع رسول الله؛ فاللهم وفقنا لذلك، وألهمنا سبيل الرشاد، واتباع سنة خير خلقك أجمعين..
_________________ حسن بلم | |
| |