من بضعة أيام أمسكت تليفونى واتصلت بمصر، فردت علىّ الشغالة وقالت: «النمرة غلط»، فزعقت فيها وقلت إننى أتصل دائما على هذا الرقم، فقالت: معلش يا سيدى، أصل مفيش حد هنا، وأغلقت الخط فى وجهى، وحين حاولت إعادة الاتصال ردت علىّ الرسالة الآلية: البلد المطلوب قد يكون مغلقا أو خارج نطاق الخدمة.
ولأننى من أبناء مصر المخلصين لم أسكت، وأرسلت صورة مصر للقناة السادسة، برنامج تنويه عن المفقودين، على شكل ورك دجاجة منزوع الدبوس، وكتبت فى الإعلان: سيدة شابة حسناء تعانى من فقدان النطق والسمع والبصر والذاكرة بفعل فاعل، من يجدها يرسلها على الإيميل وله مكافأة مجزية.
مصر خرجت تشترى ورقة بوسطة منذ 30 سنة ولم ترجع حتى الآن، والمصريون تركوها وخرجوا فى رحلة طويلة للبحث عن بقال يبيع كيلو السكر بـ«7 جنيه و75 قرش» بدل «8 جنيه»، لأن مرشحى مجلس الشعب سوّدوا البطاقات، فتحول الصندوق الشفاف إلى صندوق أسود، وأعلنت الجهات المسؤولة أنه يجرى البحث عنه حاليا فى قاع البحر الأحمر، وصرّح شيخ الصيادين بأن أسماك القرش التهمت الصندوق، وتم توجيه تهمة إغراق مركب الوطن لجماعة الإخوان المسلمين، لأنهم لم يصلوا ركعتين قضاء حاجة لرفع البلاء عن إسرائيل، ولم يرسلوا طائرات إغاثة لإطفاء حرائق الغابات.
هىّ مصر غيرت رقمها؟ ولا اشترت تليفون صينى من أبو خطين وبطارية مضروبة ففصل شحن؟ ولا الموضوع عيب شبكة؟ ولا قطعولها الخط عشان عدت فترة السماح؟ ولا الموبايل اتسرق منها ؟ ولا فى عيلين صيع ثبتوها وخدوه منها ؟ ولا عملته سايلنت وهى بتصلى ونسيت تفتحه؟ ولا خدوه منها وهى داخلة على باب القسم تبلغ عن التحرش الجماعى عشان لما يتحرشوا بيها جوه متصورهمش وتنزل الفيديو على اليوتيوب؟
زوّر المزورون، واحتكر المحتكرون، وتحرش المتحرشون، ونهب الناهبون، وسرق السارقون، وحلب الحالبون، وشرب الشاربون، كأننا نعيش فى قطعة أرض فضاء استولت عليها مجموعة من قطاع الطرق بوضع اليد، ولسنا فى دولها يعيش فيها 82 مليونا.
مصر محبوسة فى صندوق انتخابات مزور، وفى مصنع حديد مُحتكر، وفى مخزن سكر مُخبّأ، وفى قاعة مؤامرات مكيفة، السؤال المهم: لما أحب أخاطب شعب مصر أكلم مين؟
هو مفيش حد هنا؟