الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: "إن المرء ليكذُب حتى يُكتَب عند الله كذَّاباً", في ذم صريح وواضح للكذب, الذي أعتبره أكبر نقيصة أخلاقية يمكن أن تكون في إنسان! فمهما كانت عيوب المرء أو سلبياته أو نقائصه؛ فهي لا تعادل الكذب؛ خاصة لو لم يكن كذبه في الهزل بل في الأمور الجدية المعتمدة على المصارحة والأمانة المتبادلة؛ فهو حين يمارس كذبه، فكأنما يمارس معه عدة نقائص بشعة هي خيانة الأمانة وسرقة إحساس من يواجهه بالأمان, وزرع الشك في المعايير الأخلاقية لدى من يتعرّضون لنار كذبه, إلى آخر كل تلك الأفعال الإجرامية في حق من حوله.
وعليكِ أن تحمدي الله ليلاً ونهاراً أن قصّتك مع ذلك الكذاب قد انتهت؛ فلا عذاب أقصى من الحياة مع مثله, وإني لمندهش بشدة كيف بقيَت لديكِ أية مشاعر إيجابية تجاه هذا الرجل -مع الاعتذار للرجال- بعد أن تَكَشّف لكِ احترافه للكذب وممارسته العبث بمشاعرك.. عفواً لسؤالي ؛ ولكن: ما موقع كرامتك من الإعراب في هذه القصة؟
إن خطأكِ -في رأيي- لم يكن في تعرّفك إياه؛ برغم تحفّظي على العلاقات العاطفية عبر الوسائط غير الآمنة كالإنترنت؛ فأنتِ تعرفتيه معرفة بريئة قائمة على أنه سيتقدم لكِ رسمياً, أي أنكِ كنتِ تحسنين النية للحلال؛ ولكن الخطأ بدأ حين بدأتِ تعرفين عنه ما يكشف كذبه، ثم بقي بابكِ مفتوحاً له؛ فوافقتِ على أن تكوني زوجة ثانية له بدون مراعاة أية اعتبارات اجتماعية تُنَفّر من وضع الزوجة الثانية التي يتحجج من يتزوجها بأنه يمارس"شرع الله"؛ فيفعل كما يفعل من يقولون "ولا تقربوا الصلاة" ولا يكملون؛ فحتى "شرع الله" له ضوابط وروابط, وليس كما يفكّر هؤلاء الذين يستسهلّون اتخاذ زوجة ثانية من قبيل "فراغة العين" لا أكثر.
كيف أعماكِ حبه عن تلك النقائص الواضحة فيه حتى لم تفكري في وضع زوجته الأولى من تلك القصة؟ رباه! أإلى هذا الحد يمكن أن يؤثر الاختلاط بمحترف الكذب ولو عبر شاشة كمبيوتر؟
إن نصيبك من الخطأ في تلك القصة ليس بالبسيط؛ فأنتِ مَن سمح لهذا الشخص بالاستمرار في كذبه, وأنتِ من تعامل مع ذلك الكذب بتساهل غير عادي, وأنتِ من قَبِل فكرة الارتباط بشخص كذاب هانت عليه عِشرة 10 سنوات مع زوجته الأولى، واستباح الكذب على بنات الناس.. فبحق الله أيّ سحر سحَركِ به لتقبلي كل هذا؟! وأية حياة كنتِ تتطلعين إليها معه؛ بل قولي أي عذاب هذا الذي كان ينتظرك إلى جوار مثله؟ ألهذا الحد تهون على المرء نفسه حين تُعميه مشاعره عن العقل والمنطق؟
إن عليكِ بالفعل أن تقسي على نفسك باللوم، وأن تُراجعي موقفك ومبادئك وأفكارك؛ فما حدث منكِ يقول إن ثمة خللاً ما لديكِ، عليكِ الإسراع بإصلاحه بأسرع ما يكون، حتى لا يتكرر هذا الموقف أو أسوأ منه, لا قدر الله.
صديقتنا الكريمة, عفواً لو كانت في كلامي قسوة عليكِ؛ لكنها قسوة من يريد أن يكون أميناً في نصحك.. وعليكِ أن تكوني أكثر قسوة على نفسك مني عليكِ, لو أنكِ تريدين حقاً أن لا يقع منكِ ذلك الخطأ مجدداً.
فكّري في كلامي, واحمدي الله تعالى أن خلّصكِ من هذا الكاذب الدنيء, وليكن فيما جرى درس لكِ يُفيدك بعد ذلك بإذن الله تعالى.
هداكِ الله ووفّقكِ
تحياتي