كانت فى الأصل أدبًا وليست هز أكتاف، لكن حين أصبح الهزُّ سمة أساسية يولد المرء بها، صارت الرجولة من المستحيلات الثلاثة، لدرجة أن سائق توك توك حصيف كتب على مؤخرته: التوك توك طبعا وليس الرجل، يا بخت اللى يصاحب راجل، وآخر كتب على مؤخرة سيارته نصف النقل: اللى يقابل راجل يتصل بيا على الرقم ده.. وكتب رقم تليفونه.
ولّى زمان عنترة بن شداد الذى كان شايلا سيفه، وأبوزيد الهلالى سلامة محمد رستم عبد المعبود، ولبلب الذى سكع عنتر سبعة أقلام بلوازمهم، وحتى عبد الفتاح القصرى الذى كانت كلمته لا ممكن تنزل الأرض أبدا إلا فى ظروف خاصة، وأصبحنا فى زمن الوحوش، وحوش يارب حوش، كما جاء فى إحدى الأغنيات الشعبية.
ستسألنى وما هى الرجولة إذن؟ وستستفيض فى سؤالك وتقول: هناك من يرون الرجولة فى شعر الصدر، أو فى تخن الصوت، أو فى تقل الجيب، وقبل أن تترك لى المجال لأرد عليك، ستخطف الكلام من على طرف لسانى، وتقول: رغم أنه يا أستاذ لو دقق هؤلاء لوجدوا أن القرد لديه شعر أغزر، والحمار لديه صوت أنكر، والبنك المركزى ملىء بالنقود. طب الحمد لله، ماشاء الله عليك، ما تيجى بقى تكتب انت.
الرجولة يا صديقى، كما هو واضح من اسمها، هى ان الواحد يبقى راجل، آه والله، يعنى لما تبقى راكب الأتوبيس، والناس فوق بعض، وحضرتك قاعد وتشوف راجل كبير أو واحدة أيا كان سنها، تفز وتقوم تهز طولك وتقعدها، ده مثلا، ومثلا إنك تبطل تعاكس وتتحرش، ومثلا إنك ماتمدش إيدك على مراتك، ومثلا إنك تحترم كلمتك، على الأقل يا أخى ماتبقاش ندل ولا رخيص، قديم قوى أنا، صح؟.. مش ناوى أشتغل مصلح اجتماعى، لكن هناك شائعة ماشية فى البلد بتقول إن الرجالة ماتوا فى الحرب. إيه رأيك؟
زمان كان الراجل بيتربط من لسانه، دلوقتى بقى اللسان بيتربط من لغلوغه، أما الرجل فاختفى فى ظروف غامضة.
ارفع بنطلونك أبو وسط ساقط، وخبى بوكسرك، وفكك من نظام: اغريه يا سكيننة. انتف سكسوتك القديمة، وسيبك من شغل الحفلطة والزفلطة، البلد دلوقتى بتمر بمرحلة حرجة ولو بنطلونك وقع ماحدش فاضى يرفعهولك.
هتسألنى: وانت يعنى اسم النبى حارسك وصاينك بتطبق الحاجات دى كلها على نفسك؟
وعملا بمبدأ الشفافية لن أهز لك كتفى، وسأتماسك وأنا أجيبك: والله بحاول، بس مفيش حاجة مضمونة اليومين دول