كنت أراها سادة، ثم قررت أن أغير رأيى وأراها سكر زيادة.
كنت أنظر إلى الـ90 % الفارغ من الكوب، ثم قررت أن أركب نظارة كعب كوباية لأرى الـ10% الجميلة المترسبة فى القاع.
مصر جميلة وعظيمة، إذا نحينا الحزب الوطنى من الصورة، وتجاهلنا رجال الأعمال الفاسدين، ومعتادى الإجرام ومسجلى الخطر فى سجلات الداخلية، واعتبرنا الداخلية نفسها غير موجودة.
مصر جميلة وكبيرة إذا تجاوزنا عن أعضاء مجلسى الشعب والشورى الحاصلين على العضوية بالتزوير، وإذا تغاضينا عن الوزراء الفاسدين والفاشلين والمتكسبين بمناصبهم، وإذا لم نتساءل عن رأى الشعب فيمن يحكمونه، ولا عن مصروف أبناء من يحكمونه، ولا بوستراتهم، ولا رغبتهم الحثيثة فى وراثة التورتة.
مصر عظيمة جداً، إذا لم نقرأ صفحات الحوادث التى لا تخلو من جرائم من نوعية: عاطل يقتل أمه لرفضها إعطاءه 20 جنيهاً لشراء المخدر. وأبوضحية بولاق يعترف: لست أنا الذى ضاجعت ابنتى وأنجبت منها بل شقيقها. وإذا لم نقرأ الجرائد القومية التى تصدر صفحتها الأولى بمانشيتات من عينة: النمو الاقتصادى بلغ معدلات غير مسبوقة متفوقاً على أمريكا واليابان وساحل العاج.
مصر كبيرة، بغض النظر عن القمامة فى الشوارع، بغض النظر عن أدراج الموظفين المفتوحة استعداداً لتلقى الرشوة، بغض النظر عن التحرش الجماعى فى وسط البلد وشارع جامعة الدول العربية، والتحرش الفردى فى المواصلات وأماكن العمل، بغض النظر عن أطفال الشوارع تحت الكبارى وفوق الكبارى وداخل الكبارى، بغض النظر عن الأمثال الشعبية المحبطة من نوعية: اصبر على جار السو، والحرامى الشبعان أحسن من الحرامى الجعان، فيما يتعلق بحكم البلد.
مصر بديعة طوال العام إذا تجاهلنا أوقات الشد العصبى، مثل فصل الصيف بسبب الحر، وفصل الشتاء بسبب البرد، ورمضان بسبب الصيام، والأعياد بسبب المصاريف، ودخول المدارس بسبب الطلبات والامتحانات بسبب التركيز، والنتيجة بسبب أحمد زكى بدر.
والله العظيم مصر رائعة إذا لم نقف عند الأرقام والنسب المئوية مثل 7 ملايين عاطل، و9 ملايين عانس، و3 ملايين طفل عامل، و48 مليونا يعيشون فى العشوائيات، و3 ملايين مطلقة، و39 مليونا تحت خط الفقر، و40 مليون مصاب بفيروسات الكبد المختلفة، و6 ملايين مصاب بالسرطان.
أنس كل ما سبق، فربما تكون سادة، وربما يكون 99 % من الكوب فارغاً، لكن الـ1 % المتبقية كافية لنغترف منها معاً، لحد ما تخلص.