أنا مشكلتي تكمن في إني معقدة نفسياً
تقريباً؛ بس إيه السبب مش عارفة.. أنا مشكلتي إني كتومة جداً زيادة عن
اللزوم، وده وصّلني لدرجة من العزلة بس العزلة في بيتنا، يعني بعدت أوي عن
أبويا، وعلاقتي بيه تقريباً فيها نوع من الجمود.
هو اتغير كتير عن
زمان؛ بس أنا مش قادرة أنسى أيام زمان ومشاكلها.. أنا عارفة إن كل بيت
مليان مشاكل وده الطبيعي؛ بس ده اتخزّن جوايا، وبعدت عن أبويا، وما كانش
يعرف عن حياتي حاجة ولا إحنا اتربينا إزاي.. أمي هي اللي ربتنا بأعصابها؛
لدرجة وصّلتها إنها بقت دلوقتي عصبية جداً، وأنا كمان بقيت عصبية؛ بس في
بيتنا بس.. بره البيت باضحك وباهزّر ومرحة وبيضربوا بيّ المثل.
المشكلة
إن فيه شخص أنا مرتاحة له؛ بس أنا من كتر الضغط والوحدة اللي أنا باحس
بيها مش قادرة أحس حتى بالحب، ده برغم إن عندي أصحاب كتير؛ بس مش باقدر
أثق إني أحكي لحد عن مشاكلي.
مش عارفة ليه أنا متلخبطة جداً
وتعبانة أوي.. خايفة من عقاب ربنا أولاً إن يكون ده فيه عقوق للوالدين؛ بس
أنا باتعامل مع أبويا عادي؛ يعني بانفّذ كل طلباته؛ بس مش قادرة أحسّ
بالأبوّة دي.
والمشكلة إن أمي مرتبطة بيّ زيادة عن اللزوم؛ فمش
قادرة أعيش حياة طبيعية.. بجد مش عارفة.. فكّرت أروح لدكتور نفسي.. يا ريت
بجد، ما عنديش مانع إني أروح؛ بس هاروح أقول له إيه.
k.dأُدرك ما أنت فيه يا صديقتنا من صراع نفسي وألم معنوي؛ فأنت
تحملين مشاعر سلبية لأقرب الناس إليك (أبوك)، وكم من المرار نعيشه ونحياه
لو قضينا طفولة خالية من الحنان والحب.
وقد أعجبني قول فضيلة الشيخ
النابلسي حول معنى الأبوة إن هناك قاعدة ذهبية في التعامل وهي "درهم وقاية
خير من قنطار علاج"؛ فكلما كان الأب أعلى وعياً وفهماً وإدراكاً
للمسئولية، كان عالماً برسالته تجاه أولاده، وكلما كان الأب متمثّلاً
المسئولية التي حمّله الله إياها، سلك الوقاية قبل العلاج، درهم وقاية خير
من قنطار علاج.
ولكن يا صديقتى يقول تعالى: {ولتعفوا ولتصفحوا ألا
تحبون أن يغفر الله لكم}.. إن مشكلتك يا صديقتى في قلبك الذي عجز عن
مسامحة أعزّ الناس.. إنك ارتضيت أن تعيشي سجينة ذكرياتك الأليمة معه، وأن
تحافظي على اتهامك له بالقسوة لتحمّليه -دون وعي منك- مسئولية أي إخفاق
وكبوة تمرّين بها في حياتك.
سامحيه، واقبلي التوبة عنه؛ فالله يقبل
التوبة عن عباده ويعفو عن كثير، ونحن علينا أن نهذّب أنفسنا لنتخلق بلمحة
من لمحات خلق الله معنا.
أنت تضحكين خارج المنزل؛ ولكنك تتجهمين داخله لما يمرّ في ذهنك من شريط الذكريات، وهي لعبة الشيطان ليحزن الذين آمنوا.
ليس للكراهية علاج إلا الحب.. وليس للشعور بالظلم -إذا اعتذر الظالم- علاج إلا التسامح والعفو.
أغلقي
باب الماضي، وانظري لضعف أبيك وكبر سنه.. تخيّليه مريضاً.. تخيّليه وهو
بين يدي الله يسأله عنك.. هل تحبّين له أن يُعذّب بسببك؟ لا أظن يا
صديقتى.. فاجعلي الصفح والنسيان بابك للطُهر من الكراهية ونجاة من الألم
الذي تشعرين به.
وحاولي أن تتقربي إليه.. صارحيه بما تشعرين إن
استطعت.. اعملي على أن تتقاربي معه لأنه سندُك وعزّك وجاهك، ولن تجدي في
النهاية من يخشى عليك مثله.
أرضي الله فيه.. أحسني إليه كما أحسن
الله إليك.. فإن طاب قلبك فأعطِه في كبره من الحنان ما لم يستطع أن يعطيك
إياه وأنت صغيرة.. وتذكّري أنه كما تدين تدان.. فإن أحسنت إليه أحسن
أبناؤك -إن شاء الله- إليك.. وعوّضك الله بأفضل مما تتمنين لنفسك.
العمر
يا صديقتنا صغير على أن نضيّعه في الالتفات للماضي.. أو نسجنه بين قضبان
الكراهية.. عالجي قلبك بالحب والعفو {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها
لكبيرة إلا على الخاشعين}.. جعلك الله منهم وشرح صدرك لحياة طيّبة.
لو عايز تفضفض لنا دوس هنا