كيف أنني أكره هذا العالم ... و كم أكرهه !
الشعور بالغربة و الإغتراب و التقوقع حول الذات .. ذلك الشعور الذي يمزقني من الداخل تمزيقا .. العالم الذي يباعد بيني و بين ربي ، و يضع الدين في خانة الأفكار القديمة .. ذلك العالم الذي يبعدني عن أمي و أبي ، و يفرق بيني و بين من أحب ، و يخلق فجوات بيني و بين أصدقائي .. ذلك الذي بغربني عن نفسي ، و يقطّع روحي اربا .. يستمتع بأن يصيبني بالذهان و العصاب من جراء إعمال عقلي بشكل دائم ، و يتهمني بالجنون و يحرمني الأمان و يهددني بالحرمان.
ذلك العالم ، الذي أنكره ، يجعل نفيي في الإمكان ، فيشكك في لغتي و انتمائي و هويتي و قضيتي و وطني و كتابي و قلمي و أوراقي. هو من سلب منا البدائية و البراءه ، و أعلى المصالح على الإنسان ، ألغى الرحمة على حساب القوة ، و إطمأن إلى صمتنا -الذي هو كصمت الحملان- و استأنسنا جميعا كوننا من أصحاب الكهف.
ذلك الذي يجعلني أفضل الموت على الحياة مخافة أفتن ، ثم أقرر الحياة على الموت إبتغاء إنسانيتي ، ثم أقرر أن أضحي بنفسي و كلي لأجل ثورتي ، ثم يخذلني لأخمد ، لأقرر أن الموت أفضل من بيع روحي للشيطان .. و تستمر الدورة بلا توقف ، حتى يصيبنا الإرهاق بين لحظات الإرهاق الأخرى ، و حتى نصبح كبراده ناعمة في صحراء كالاهاري البعيدة تأخذنا الرياح بلا رجعة.
حرب في الخارج و حرب في الداخل و حرب في داخلك و خارجك و بينك و حولك ... صراع دائم لا يتوقف بينما تزداد سرعة كل شيء فلا تبطء أبدا. أنا من أنا ، و كل شيء حولي له علاقة بي - يقيم بيني و بينه معادلات ناجحة و أخرى فاشلة - المهم أن تستمر و يستمر معها بغض النظر عن وجودي. (أنا و ضميري و هو)
عقلي محدود بوسع قدرته .. فكيف يريد مني أن اوجد حل جميع الألغاز ؟
لقد أصبت أيها العالم بالعمى ، و ستقابل الجدار "العازل" قريبا لترتطم به و تنفجر لتبدأ من جديد -ربما- أو من نفس نقطة الإنتهاء لكن على الخط الآخر.
مما راق