الرضا بما قسم الله جل وعلا، فإن الرضا بما قسم الله كنز ثمين يجعل من بيت الزوجية جنة ولو كان فقيراً، ويجعل من بيت الزوجية سعة ورخاء ولو كان ضيقاً، فقد يكون الزوج المسلم من متوسطي الحال في المال.. في الجمال.. في الشهادات العلمية.. في الحسب والنسب والجاه.. إلى غير ذلك من حظوظ الدنيا، ولا يتمكن الزوج المسلم من أن يحقق لزوجته كل ما تصبو إليه نفسها، فإن رأى الزوج زوجته راضية بما قسم الله لها لا تتضجر ولا تتسخط على قدر الله، ولا تشكو زوجها لأهلها بل تستر عليه عيبه، وتعيش في أمن وأمان، ورضاً واطمئنان. إن رأى الزوج زوجته على هذه الحال وعلى هذه الصفة يسعد قلبه، وينشرح صدره، ويعيش في غاية السعادة والطمأنينة مع هذه الزوجة الطيبة التقية التي ترضى بما قسم الله جل وعلا لها، وهذا والله يا أختاه! هو الغنى الحقيقي، ففي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي قال: (ليس الغنى عن كثرة العرض -أي عن كثرة المال- ولكن الغنى غنى النفس). وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر أن النبي قال: (قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً، وقنّعه الله بما آتاه)، فالزوجة المسلمة الربانية هي التي ترضى بما قسم لها رب البرية، ولا تنظر إلى من فاقها من الأخوات في أمر الدنيا، بل تنظر إلى من فاقها من الأخوات في أمر الدين.. تنظر إلى أهل الطاعة.. تنظر إلى أهل السبق في الالتزام.. تنظر إلى أخواتها من أهل القرآن، تمتثل الزوجة المسلمة الربانية الراضية بما قسم لها رب البرية أمر سيد البشرية، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه قال: (انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله جل وعلا). فيا أختاه! لا تنظري إلى أختك التي من الله على زوجها بالثراء.. التي من الله عليها بسيارة فارهة، وبأثاث فاخر، وإنما انظري إلى أهل العاهات، انظري إلى أصحاب الأمراض والأعذار، انظري إلى الفقراء والمساكين والمشردين، والمطرودين والمحرومين! انظري إلى من أقعدهم المرض في الفراش، فاحمدي الله على التوحيد، واحمدي الله على الإسلام، واحمدي الله على العافية، احمدي الله أن من عليك بزوج صالح، واحمدي الله على أن من عليك بأولاد طيبين، وجعل الله لك بيتاً يأويك، وطعاماً يكفيك، ولباساً وثياباً تسترك، فاحمدي الله. اعلمي أختي المسلمة أن المال إلى زوال، وأن متاع الدنيا إلى فناء: النفـس تجـزع أن تكون فقيـرة والفقـر خير من غنى يطغيهـا وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبت فجميع ما في الأرض لا يكفيهـا هي القناعـة فالزمها تكن ملكـاً لو لم تكن لك إلا راحـة البـدن وانظر لمـن ملك الدنيا بأجمعهـا هل راح منها بغير الطيب والكفـن إن نظرتك -أختي المسلمة- إلى أختك ممن من الله عليها بالدنيا سيملأ قلبك بالأحزان، وسيملأ بيتك بالمشكلات والأزمات، فاحمدي الله وارضي بما قسم الله عز وجل لك، ولا تنظري إلى أهل الدنيا، واعلمي أن من أعظم مفاتيح الزوج أن ترضى الزوجة بما قسم الله لها، وألا تشتكي وتتسخط، وألا تنتقص من قدر زوجها فيحرم عليها ثم يحرم عليها ثم يحرم عليها أن تعير زوجها لفقره أو لنسبه، أو لقلة جاهه، أو لقلة علمه، أو لقلة شهاداته، يحرم عليها ذلك، بل إنها بذلك تتسخط على قدر الله، ولا ترضى بما قسم الله لها. فلا ينبغي ألبتة لزوجة مسلمة تتقي الله جل وعلا أن تقول لزوجها من آن لآخر: إن فلانة تعيش في رخاء وتعيش في سعادة.. إن زوجها قد أتى لها بثلاجة كذا.. وبفيديو كذا.. وبذهب كذا وكذا.. وإنني أعيش فقيرة، ما أشقاني! ما أتعسني! أسأل الله أن يخرب بيوت من زوجوني عليك. لقد كان يوماً تعيساً يوم أن دخلت بيتي، يوم أن نظرت إلى وجهك.. إلى آخر هذه الكلمات الخطيرة التي تتسخط فيها المرأة على قدر الله جل وعلا، ولا ترضى من خلالها عن قدر الله وقضائه سبحانه وتعالى. واعلمي يقيناً -أيتها الزوجة المسلمة- أن هذه الكلمات تمزق أواصر المودة والرحمة بين الزوج وزوجه. إذاً: من أعظم مفاتيح قلب الزوج: أن ترضى الزوجة بما قدر الله لها، وهو اللطيف الخبير، فإن الله قد قسم الأرزاق بين عباده بحكمته ورحمته، قال جل وعلا: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14].