الوضوء والاستغفار طريق المسلم للتخلص من وسوسة الشيطان
الوسوسة هي الصوت الخفي الذي يسمعه الإنسان ويصل إلى القلب، وهي في الغالب لا تأتى بالخير والأغلب هي من الشيطان الرجيم، وتجعل المصاب بها عبدا لطقوسه وعاداته اليومية.
هكذا عرف الشيخ فرحات المنجي أحد كبار علماء الأزهر الشريف في حلقته من برنامج "الدين والحياة" الذي يذاع على قناة الحياة الفضائية، والذي تناول كيفية علاج الوسوسة والفرق بينها وبين الوهم.
وأوضح الشيخ المنجي أن الوسوسة هي الخناس الذي عرفها الله سبحانه وتعالى من خلال سورة الناس .. والخناس يعنى أخرس أو ابتعد، ويقصد بذلك أن الشيطان يخنس ويتوقف عن وسوسته إذا وجد الإنسان قريبا من الله ودائما الذكر، الأمر الذي يجبر الشيطان أن يبتعد.
وحذر الله سبحانه وتعالي من وسوسة الشيطان بقوله "إن الشيطان عدوكم فاتخذوه عدو" ، ولا يوسوس الشيطان للشخص البعيد عن الله وعن ذكره لأنه يعتبره من أعوانه، إنما يقصد الشخص القريب من ربه ويوسوس له حتى يغويه، ولكن الإنسان الصامد والمؤمن التقي يقف أمام كل إغواء.
الوسوسة من أعمال الشيطان التي يحاول بها إبعاد الناس عن طاعة الله، بل قد يصل الأمر بالوسوسة إلى البعد عن الإسلام، وعلى المسلم أن يتحصن بذكر الله، والالتجاء إليه، وإظهار الفقر له، والتوكل عليه، في أن يصرف عنه ذلك الوسواس، وأن يتوجه على يساره ثلاثًا مستعيذًا بالله منه، وأن يكثر من الدعاء، وألا يرخي لنفسه العنان في هذا الأمر، وألا يكثر من الخلوة بنفسه. قال الله عز وجل: (وإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَليمُ).
علاج الوسوسة
وأكد الشيخ المنجى أن أفضل علاج للوسوسة أن يستمر الإنسان في عبادته والاستعانة بالله عز وجل، وعندما يبدأ الشيطان بالوسوسة فيقوم الشخص بالوضوء وتغيير مكانه والصلاة وقراءة القرآن الكريم والتسابيح وكثرة الأذكار والصلاة على النبي كثيرا.وقال الله سبحانه وتعالي " ولا تتبعوا خطوات الشيطان" .
ومن أساليب علاج الوسوسة صلاة ركعتي قضاء الحاجة، وبعدها قراءة آيات تفريج الهم 100 مرة ومنها "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث فأصلح لي شأني كله ولا تكلني إلي نفسي طرفة عين ولا أقل من هذا يا أرحم الراحمين".
وأيضا الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم 100 مرة مع صحة النية والعزم في الاستعاذة من شر الوسواس الخناس، فضلا عن كثرة ذكر الله تعالى في اليوم الواحد آلاف المرات بصيغة قوية مثل "بسم الله القدوس المهيمن بسم الله الواحد الأحد الصمد" .
كما يجب أن يحرص الشخص على صيغة للاستغفار يوميا والإكثار من قول لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وكذلك أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده , ومن همزات الشياطين وأن يحضرون.
الوهم والوسوسة
الوسوسة تكون من الأنس والجن، فوسوسة الأنس هي أن يقوم شخص بإلقاء كلام خفي على أذن أخر، أما وسوسة الجن فأنها ليست في الأذن أو تمنعها جدران، حيث ألقى إبليس وسوسته على سيدنا آدم وهو في الجنة ولم تمنعه جدران لأنه له أعوانه والمشترك بين الوسوستين هو الشر.
أما الوهم فهو الظن الفاسد أو السيئ عندما يتوهم الشخص شيء غير موجود، وأن شخص أخر فعل له شيئا أو يتوهم أن لبسه عفريت، الوهم أقل درجة من الظن والشك.
وتجتمع الوسوسة مع الوهم في أن كلا منهما لا يعتد به فالوهم لا يبني عليه شيء وكلا من الوهم والوسوسة لا يكونان سببا لتكوين الاشتباه المؤدي إلى الأخذ بالاحتياط لأن كلا منهما لا ينشأ عن سبب معتبر. والمعارضة بين الوهم والعقل إنما تنشأ من انجذاب النفس إلى استعمال الوهم دون العقل أو العكس.
وتفترق الوسوسة عن الوهم أن الوسوسة يكون فيها تردد بين الفعل والترك، ولا يستطيع الموسوس حسم الأمر باتخاذ القرار الحاسم فيعيش في حيرة واضطراب، أما الوهم فلا تردُد فيه بل يحكم المرء بالشيء مع احتمال نقيضه احتمالا راجحا .
الوسوسة والشك
واعتبر الشيخ المنجي أن الشك والظن هما تساوى بين نقيضين، فلان أم فلان أى أن شخصا يشك في شخصين آخرين، أما الظن هو الرأي الراجح قرب أن يكون يقينا، أما الإحساس بشيء في النفس مكروها فيسمى إيجاس "فأوجس في نفسه".
ورأي إن كلا من الوسوسة والشك تؤدي بالإنسان إلى حالة عجيبة من الحيرة والاضطراب بحيث تصبح الرؤية غير واضحة فينتاب المرء التردد وعدم الجزم في اتخاذ القرار الحازم في الأمر الذي يقع تحت ظلال الوسوسة. والوسوسة والشك يتفقان في أنهما لا يقويان على إزالة الأصل المعلوم أي الأمر الذي ثبت قبل حصول شك ويطلق عليه اسم اليقين.
ويفترق الشك عن الوسوسة في أن الشك ينشأ عن سبب معتبر، أي أن الشاك عنده أصل يبني عليه شكه، وهذا بخلاف الموسوس، فهو يبني وسوسته من غير وجود أصل معتبر، فالوسوسة تنشأ عن أوهام لا اعتبار لها وليست تبني على سبب معتبر.
وأوضح الشيخ المنجي أن الفرق بين الوسوسة والشك، هو أن الشك يزول بزوال سببه أما الوسوسة فلا تزول إلا بجهد بالغ، ومشقة متناهية وعزيمة قوية.
وقد يصبح الشك وسوسة في حالات هي، إذا كثر الشك وتكرر يكون وسوسا، وإذ لم يستند الشك إلى سبب معتبر ، فهو وسوسة، وإذا كان الشك بعد انتهاء العبادة يكون وسواسا.