بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وبعد : فسيكون هذا اللقاء للحديث عن مسائل العقيدة فأقول مستعيناً بالله :
العقيدة في اللغة مأخوذة من العقد والإحكام والتوثيق وهي معان تدل على القوة والإتقان
يقال عقد الشيء إذا أوثقه وأحكمه.
والعقيدة هي ما يعقد عليه المسلم قلبه من مسائل الإيمان .
والعقيدة الإسلامية أصل سعادة الإنسان وهي آكد الواجبات لأنها الأساس الذي تنبني عليه صحة الأعمال وقبولها .فسعادة الإنسان في صحة عقيدته وتدينه لربه تعالى وقد امتن الله على المؤمنين بذلك فقال تعالى { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }الجمعة2.
وقال تعالى {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }
الحجرات17
وقد أخبر الحق سبحانه بأنه خلق الخلائق كلها للعبادة المبنية على الاعتقاد الصحيح قال تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56 قال بن عباس : إلا ليوحدون.
فأصل العبادة تحقيق التوحيد وتصفية الاعتقاد من أدران الشرك والوثنية. وقد عني القرآن الكريم بأمر العقيدة بل كل آياته في ذلك كما قال بن القيم رحمه الله تعالى .
وكذا حظيت العقيدة بالنصيب الأوفر من دعوة الأنبياء والمرسلين وخير شاهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد مكث في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى التوحيد وإخلاص العبادة لله تعالى ولما استقر في المدينة عظم شأن العقيدة ورسخها قولاً وفعلاً وكان يكرر ذلك في كل مناسبة حتى قال الصحابة يارسول علمنا دعاء نتقي به هذا البلاء (إي الشرك) فقال صلى الله عليه وسلم (ليقل أحدكم اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم ) حسنه الألباني.
ولما فتح الله عليه مكة حطم الأصنام وأعلن التوحيد وهكذا حتى حضرت المنية وهو على فراش الموت يوصي أمته بالعقيدة الصحيحة وعدم تعظيم القبور والمقبورين فقال(لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
وعلى هذا السبيل درج الأئمة الأعلام وحماة الدين من علماء الأمة فجعلوا أمر العقيدة مبدأ جهودهم وجهادهم وتعليمهم وتأليفهم ودعوتهم اقتداءً بالكتاب العزيز وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وحماية لدين الناس من الخلل. ـ وهذه تصانيفهم شاهدة بذلك ـ فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيراًـ ومن المؤسف جداً في هذا الزمن قلة العناية من طلبة العلم والدعاة بشأن العقيدة والتوحيد فتجد الواحد منهم يشار إليه بالبنان وله جهد ظاهر في الدعوة إلى الله تعالى ومع ذلك عنايته بالتوحيد تكاد لاتذكر وترتب على هذا انصراف الشباب إلى أشرطة الوعظ والأناشيد وإهمال أشرطة العقيدة الصحيحة .وهذا من الأمور التي ينبغي التنبه لها والتأكيد عليها عوداً للموروث الأصيل والكنز الذي به يدرك الإنسان السعادتين العاجلة والآجلة. فبالعقيدة الصحيحة يدخل الإنسان الجنة ويكفر الله عنه الخطايا.وبالعقيدة الفاسدة يحرم الإنسان الجنة ويحبط عمله قال الله تعالى { ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأنعام88 .
وللعقيدة الإسلامية عقيدة الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة أصول مرجعها الكتاب والسنة اتفق عليها علماء السلف ودونوها في كتبهم وأصلها حديث عمر بن الخطاب في سؤال جبريل للنبي صلى الله عليه عن أركان الإيمان وهي ( الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره )
وهذه الأصول دلت عليها نصوص كثيرة من الكتاب والسنة وأجمعت عليها الأمة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،