هل يمكن أن تتحول الحركة في مواقع الإنترنت من حركة مجانية إلى حركة مدفوعة الثمن؟ وهل سيؤثر تحويل التحرك في المواقع إلى تحرك مشروط بالاشتراك على عدد المستخدمين لتلك المواقع؟
هذا ما يتم طرحه حالياً ولعل آخر من طرحه وروج له "دانييل لوينز" وهو كاتب مختص بالتكنولوجيا في مقال عنوانه:"حان الوقت لكي ندفع الثمن" فهو رأى أن أغلبية المواقع الشهيرة التي لا تعتمد على "الاشتراك" إما خاسرة، أو غير رابحة، متسائلاً عن سبب عدم تحويلها إلى مواقع مدفوعة الثمن.
يقول مثلاً: "هناك خطأ ترتكبه الكثير من شركات الإنترنت الكبرى هل يمكن أن تتخلى الشركات عن مليارات الدولارات من الأرباح الممكنة؟ موقع فيسبوك على سبيل المثال لديه 250 مليون مشترك وهو ما يجعله واحداً من أكبر المواقع على الإنترنت، فيسبوك يحقق عائدات ما بين 300 إلى 500 مليون دولار سنوياً من الإعلانات التجارية، ولكنه لا يحقق أي أرباح، موقع تويتر وهو أحد مواقع الإنترنت ذات الشعبية كذلك لديه 40 مليون مشترك وهو حتى الآن لا يحاول تحقيق أي عائدات مالية فضلاً عن الأرباح. يوتيوب الذي تملكه شركة جوجل يقوم ببيع الإعلانات التجارية ولكنه يعاني الخسائر المالية حتى الآن".
الكاتب يراهن على أن ربط زيارة المواقع الكبيرة صحيح أنه سيسقط بعض من لا يأبهون للموقع وسينحيهم من العضوية، لكن بقاء النصف مع دفعهم لاشتراك حتى ولو كان بما يعادل خمسة دولارات شهرياً هو بحد ذاته من أسباب تحقيق الأرباح، مستدلاً بموقع "البالتوك" الذي يديره "كاتز" والذي كان عبارة عن نسخة فاخرة من برمجيات الرسائل الفورية، وفي عام 2001 أضيفت سمة الفيديو حيث صار بإمكانك- فور اشتراكك بما يعادل 14.95 دولاراً شهرياً أو 60 دولار سنوياً- أن تكون عضواً بهذا الموقع غير المجاني الذي ما زال مضرب الأمثال بالربح في عالم شبكة المعلومات.
طرح المواقع الإنترنتية الكبرى بالاشتراك فيه تعقيد كبير على الزوّار من العالم العربي بالذات، كما أنه سيحوّل طبيعة الإنترنت المفسوحة والمتاحة والمتسمة بالسهولة خاصةً وأن المواقع ليست مجلات محكمة أو مواقع متخصصة وإنما مواقع كبيرة ضرورية كالفيسبوك واليوتيوب بالذات، لكننا يجب أن نهيئ أنفسنا له في العالم العربي، كأشخاص أو كمجموعات، حتى لا يحدث ما يتكرر دائماً، وهو أننا نجد أنفسنا نلج الأشياء في وقت متأخر، وندفع أكثر لأننا نأتي أخيراً، فيما كان من الممكن أن نقلل من الخسائر لو بدأنا مبكراً.
من حق المواقع أن تربح لكن ما قيمة الربح إذا كان الاشتراك يمكن أن يستغل لتشويه المحتوى، ها هي غرف البالتوك العربية بالذات أضحت في غالبها –أعزكم الله- "مزابل" تعبر عن هشاشة الأخلاق وضعف السلوك، هناك غرف تؤجج الطائفية، وأخرى تتاجر بالأجساد والجنس، وثالثة مخصصة للشتائم وترويج الشائعات والانتقام المعنوي من الآخرين وما أقل غرف الدردشة الهادفة. وهنا نكرر نظرية الكأس بالنسبة للإنترنت فأنت تملؤه بما شئت سواء شراباً مفيداً أو سماً زعافاً.
دانييل يرى أن البالتوك استثمر لديهم في "اجتماعات رجال الأعمال" بالصوت والصورة وليته يعرف أن البالتوك لدينا معاشر العرب بات منفذاً لبث أسوأ الألفاظ والسلوكيات في الغالب الأعم، ومن جديد نرى أننا نستثمر التقنية لتعزيز التخلف، وزيادة الفرقة، إلا من رحم ربي!