آخر المساهمات
2024-11-06, 9:59 pm
2024-10-12, 12:21 am
2024-10-12, 12:19 am
2024-10-12, 12:14 am
2024-10-12, 12:14 am
2024-10-12, 12:13 am
2024-09-21, 5:25 pm
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

الاستثناء المنقطع فى اللغة العربية,الاستثناء المنقطع فى القرآن الكريم

hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11575
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : الاستثناء المنقطع فى اللغة العربية,الاستثناء المنقطع فى القرآن الكريم 15781612
الاستثناء المنقطع فى اللغة العربية,الاستثناء المنقطع فى القرآن الكريم Icon_minitime 2021-01-19, 9:21 pm
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

الاستثناء المنقطع فى القرآن الكريم


فى الاستثناء المنقطع


الانقطاع فى الاستثناء هو ألا يكون المستثنى بعض المستثنى منه حقيقة أو مجازا ، ويتحقق ذلك بطرق :

إحداها : ألا يكون المستثنى من جنس المستثنى منه ، نحو : جاء القوم إلا حمارا.

ثانيتها : ألا يدخل المستثنى تحت أفراد المستثنى منه ، نحو : جاء أبناؤك إلا ابن أخيك.

ثالثتها : ألا يناقض ما بعد (إلا) حكم ما قبلها ، نحو : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) [الدخان : ٥٦].

ويمكن أن يكون على قسمين عند النحاة (١) :

أولهما : استثناء منقطع يمكن أن يتسلط فيه العامل على المستثنى ، أى : يتوجّه إليه ، وذلك إذا جاز أن ينطلق فيه لفظ المستثنى منه على المستثنى عن طريق المجاز ، ويجوز أن يحلّ محلّه فى التركيب. كأن تقول : ما جاءنى أحد إلا حمارا ، ما فى الدار أحد إلا ثورا. ذلك أن الحمار والثور مما يتصل بالآدميين ، ومما يكون موجودا معهم ، مختلطا بهم ، فالمستثنى ـ وإن لم يكن من جنس المستثنى منه ـ فهو داخل تحته مجازا بالاختلاط واحتمالية الدخول تحت الحكم الأول ، حيث إن الدار تجمع الآدميين والدوابّ وما يخالطهم ، وكأن المتحدث نفى فى الدار الوجود الخاص بمن يعقل فى ظلّ التعبير بأحد على من يعقل وما لا يعقل مما يتصل بالآدميين ، وذلك عن طريق المجاز ، ثم استثنى شيئا مما لا يعقل. كما أنه يمكن القول : ما جاءنى إلا حمار ، فأمكن إطلاق المستثنى موضع المستثنى منه فى التركيب ؛ وهذا يقسم إلى قسمين : استثناء منقطع مجازى موجب. استثناء منقطع مجازى منفى.

والآخر : استثناء منقطع لا يمكن فيه أن يتسلط العامل على المستثنى ، وذلك إذا لم يجز أن ينطلق فيه لفظ المستثنى منه على المستثنى على سبيل المجاز ، إلى جانب
الحقيقة. كأن تقول : ما جاء المسلمون إلا الكافرين ، وما جاء المضروبون إلا الضاربين ، وما حضر الراسبون إلا الناجحين ....

وحقيقة ذلك أن ما بعد (إلّا) لا يجوز أن يندرج تحت ما قبلها ، لا ذاتا ولا حكما ، ولا مجازا ولا حقيقة. ويمثلون له بالقول : ما نفع خالد إلا ما ضرّ ، إذ لا يقال : نفع الضر ، فالضرّ لا يدخل تحت النفع لا حقيقة ولا مجازا ، و (ما) فيه مصدرية.

ومثله : ما زاد إلا ما نقص ، والتقدير : ما زاد إلا النقص ، فالنقص لا يدخل تحت الزيادة. وهناك آراء أخرى للنحاة فى (ما) :حيث يزعم أبو سعيد السيرافى أن المصدر المنسبك من (ما) والفعل فى موضع رفع على الابتداء ، وخبره محذوف. وزعم أبو على أن المصدر مفعول به حقيقة ، لكن ابن الطراوة يرى أن (ما) زائدة.

والبصريون يقدرون الاستثناء المنقطع بـ (لكنّ) (١) ، فإذا كان كذلك فهى تقدر ثقيلة أو خفيفة ، وعلى التثقيل يكون ما بعدها اسمها وخبرها ، وعلى التخفيف يكون ما بعدها مبتدأ وخبرا ، فإن قال قائل : ما فى الدار أحد إلا حمارا ، فإن التقدير على لغة من يثقل : ولكنّ فيها حمارا ، وعلى لغة من يخفف : ولكن فيها حمار ، ولذلك فإنه لا يمكن القول : استثنيت الحمار منهم.

أما الكوفيّون فإنهم يرون أن الاستثناء المنقطع يكون على سبيل تقدير (سوى) ، ويكون التقدير : .... سوى حمار.

يذكر ابن الحاجب : «وتأويل البصريين أولى ؛ لأن المستثنى المنقطع يلزم مخالفته لما قبله نفيا وإثباتا كما فى (لكن) ، وفى (سوى) لا يلزم ذلك ؛ لأنك تقول : لى عليك ديناران سوى الدينار الفلانى ، وذلك إذا كان صفة ، وأيضا معنى (لكن) الاستدراك ، والمراد بالاستدراك فيها رفع توهم المخاطب دخول ما بعدها فى حكم ما قبلها ؛ مع أنه ليس بداخل فيه ، وهذا هو معنى الاستثناء المنقطع بعينه»
وحاصل ما سبق من توضيح للاستثناء المنقطع أنه يمكن لنا أن نتلمس ثلاثة تراكيب :

١ ـ أن يكون الاستثناء منقطعا مجازيا موجبا وقد تأخر المستثنى عن المستثنى منه ، ويمكن فيه تسلط العامل على المستثنى ، أى : يمكن أن يوضع المستثنى موضع المستثنى منه ، أى : يجوز أن تطلق لفظ المستثنى منه على المستثنى مجازا ، وهذا يجب فيه نصب المستثنى ، نحو : جاء أولادك إلا أولاد أخيك. فأولاد أخيك مستثنى بإلا ، وهو غير داخل فى المستثنى منه ، لكنه يمكن أن يوضع مكان المستثنى ، ففيه إمكانية تسلط العامل عليه ، فوجب نصبه ، وتلحظ أن الاستثناء موجب.

أما قول الأخطل :

وبالصّريمة منهم منزل خلق

عاف تغيّر إلّا النّؤى والوتد (١)

حيث رفع (النؤى والوتد) وهما مستثنيان بـ (إلا) من الضمير المستتر الفاعل فى (تغير) على سبيل الإبدال ، والاستثناء منقطع موجب ، لكنه يوجه على حمل (تغير) على معنى (لم يبق على حاله) ، ففيه النفى ، فجاز الرفع على البدلية على مذهب بنى تميم ، كما يذكر فى التركيب الآتى.

٢ ـ أن يكون الاستثناء منقطعا مجازيّا منفيّا وقد تأخر فيه المستثنى ، ويمكن أن يسلط العامل فيه على المستثنى ، نحو قوله تعالى : (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ) [النساء : ١٥٧]. حيث يمكن أن يوضع المستثنى موضع المستثنى منه ، فيجوز أن ينطلق لفظ المستثنى منه على المستثنى مجازا.
وللعرب فى التركيبين السابقين مذهبان :

الحجازيون يوجبون نصب المستثنى ، أما بنو تميم فإنهم يرجحون النصب ، ويجيزون الإتباع ، يذكر سيبويه : وأما بنو تميم فيرفعون هذا كله فيجعلون اتباع الظن علمهم (١). ومنه قول جران العود :

وبلدة ليس بها أنيس

إلا اليعافير وإلا العيس

حيث رفع (اليعافير) على البدلية من اسم (ليس) (أنيس) ، وذلك على مذهب بنى تميم ، لكن الحجازيين يوجبون النصب ، على أنه استثناء منقطع.

ومنه قول ضرار بن الأزور :

عشيّة لا تغنى الرماح مكانها

ولا النبل إلا المشرفىّ المصمّم

(إلا المشرفى) استثناء منقطع فى كلام منفى ، ورفع على الإبدال من المستثنى منه (الرماح والنبل) على لغة بنى تميم ، وإن كان واجب النصب عند أهل الحجاز.

وكذلك قول الفرزدق :

وبنت كرام قد نكحنا ولم يكن

لنا خاطب إلا السنان وعامله (١)

(إلا السنان) استثناء منقطع وما قبله منفى ، وقد رفع على البدلية من المستثنى منه (خاطب) على مذهب بنى تميم.

ومنه ما ذكره سيبويه من القول : ما له عليه سلطان إلا التكلف.

وفى قول النابغة :

وقفت فيها أصيلانا أسائلها

عيّت جوابا وما بالرّبع من أحد

إلا أوارىّ لأيا ما أبينها

والنّؤى كالحوض بالمظلومة الجلد

(وما بالرّبع من أحد إلا أوارىّ) استثناء منقطع ؛ لأن (الأوارى) وهو جمع آرى وهو المعلف ليست من جنس (أحد) ، وهو كلام منفى تام ، يمكن أن يتسلط فيه العامل على المستثنى ، فتعرب (أوارى) على وجهين :

أولهما : النصب على الاستثناء من (أحد).

ثانيهما : الرفع على البدلية من موضع (أحد) وهو الرفع ، وإن كان الاستثناء منقطعا فإن الأوارىّ تتصل بالأحدين ، حيث ينتفع بها دوابّهم ، وفى (أوارى) روايتا الرفع والنصب.

٣ ـ أن يكون الاستثناء منقطعا لا يمكن تسلط العامل فيه على المستثنى ، وذلك بأنه لا يمكن وضع المستثنى موضع المستثنى منه ، حتى لا يفسد المعنى ، أى : لا يمكن أن ينطلق لفظ المستثنى منه على المستثنى ، لا حقيقة ولا مجازا. ويستشهد لذلك بقولهم : ما نفع خالد إلا ما ضرّ ، إذ لا يقال : نفع الضرّ ، (ما) مصدرية فى موضع نصب على الاستثناء ، وفى مثل هذا التركيب يجب أن ينصب المستثنى مطلقا.

ومنه قوله تعالى : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) [هود : ٤٣]. أي :إلا المرحوم ، فلا يصح أن يوضع المستثنى موضع المستثنى منه ، وهنا يجب نصب الاسم الموصول المستثنى (من) ، وفى هذا الموضع آراء أخرى تذكر فيما بعد.

ـ فى قوله تعالى : (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) [النساء : ٩٢](١). (إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) استثناء منقطع ، فالمصدر المؤول المستثنى فى محلّ نصب على الاستثناء.

ـ قوله تعالى : (فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (٩٧) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) [النساء : ٩٧ ، ٩٨](٢). فيه (إلا المستضعفين) استثناء منقطع ، حيث المتوفّون ظالمى أنفسهم من الكفار فى قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) هم المستثنون منهم ، فلا يدخل هؤلاء المستثنون فيهم ، فيجب نصب المستثنى (المستضعفين).

ومنه قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ)
[النساء : ٢٢](١). فـ (ما قد سلف) مستثنى منقطع مخرج مما يفهم ممّا قبله ، فيكون منصوبا على الاستثناء. أو مبتدأ خبره محذوف ، والجملة مستثناة فى محل نصب ، وفيه وجه آخر يذكر فى موضعه.

أما قوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) [الحجر : ٤٢](٢). فإن فيه (من اتبعك) مستثنى منقطع ، حيث لا يدخل فى العباد الذين أضافهم الله ـ تعالى ـ إليه ، والتقدير : إن عبادى ليس لك عليهم سلطان ، ولا على غيرهم إلا من اتبعك ...

ومن الاستثناء المنقطع أن يقال (٣) : له علىّ ألف إلا ألفين. إن لفلان مالا إلا أنه شقىّ. ما زاد إلا ما نقص. ما نفع إلا ما ضرّ. جاء الصالحون إلا الطالحين. ما فى الأرض أحببت منه إلا إياه.

قوله تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (١٤٥) إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) [النساء : ١٤٥ ، ١٤٦](١).

من أوجه إعراب الاسم الموصول المذكور بعد أداة الاستثناء أن يكون مبتدأ خبره الجملة الاسمية (فأولئك مع المؤمنين) ، وحسن دخول الفاء على الخبر لأن المبتدأ اسم عام ، أو فيه معنى الشرط ، ويكون استثناء منقطعا.

(الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ) [الحج : ٤٠]. (إلا أن يقولوا) استثناء منقطع ، لا يمكن توجه العامل فيه إلى ما بعد (إلا) ، فوجب نصب المستثنى ، فالمصدر المؤول (أن يقولوا) فى محلّ نصب على الاستثناء.

تأول الاتصال والانقطاع :

إن الاتصال والانقطاع فى الاستثناء إنما هما يدوران مع تأول المعنى السياقى للتركيب الاستثنائى ؛ لذلك فإنك تجد فى كثير من مواضع الاستثناء جواز التأول بين الاستثناء المنقطع والاستثناء المتصل. من هذه المواضع :قوله ـ تعالى : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَّا إِبْلِيسَ ...) [ص :٧٣ ، ٧٤ ، الحجر : ٣٠ ، ٣١](٢). حيث ينصب المستثنى (إبليس) ؛ لأن الكلام تام مثبت متصل ، فهو استثناء غير مفرغ. وقد يكون استثناء منقطعا ، وهو واجب النصب كذلك ، حيث لا يراد أن يكون إبليس من الملائكة.

ومثل ذلك قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) [البقرة ٣٤]. فاستثنى (إبليس) من واو الجماعة الفاعل فى (سجدوا) ، فوجب نصبه.

ومثله قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ ...) [الكهف ٥٠].

ـ قوله تعالى : (فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) [البقرة ٢٤٩]. الاستثناء تامّ موجب متصل غير مفرّغ ، فوجب نصب المستثنى (قليلا) على الاستثناء ، لكن قراءة عبد الله وأبى إلا قليل بالرفع تحتاج إلى تعليل معنوى ، وليس ذلك إلا أن الكلام وإن كان موجبا فى اللفظ فهو منفى فى المعنى ، حيث إنه يقدر : (لم يطيعوه إلا قليل منهم) ؛ لذلك كانت قراءة الرفع ؛ على أن ما بعد (إلا) يجوز فيه أن يكون تابعا للمستثنى منه لتأوّل معنى النفى. ومنهم من قدّر أن الرفع فى (قليل) لابتدائيته ، أما خبره فمحذوف تقديره : لم يشرب ، ويكون التقدير العام : إلا قليل منهم لم يشرب ، وتكون الجملة فى محل نصب على الاستثناء ، ويكون استثناء منقطعا.

ـ قوله تعالى : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) [النساء :١٤٨]. (من ظلم) استثناء من (أحد) الفاعل المقدر للمصدر (الجهر) ، فيكون استثناء متصلا تاما منفيا ، فيعرب (من) فى محلّ رفع على البدل من (أحد) ، أو فى محل نصب على الاستثناء. ويجوز أن يكون الاستثناء مفرغا ، فتكون (من) فى محل رفع على الفاعلية للمصدر (الجهر). وقد يكون استثناء منقطعا ، والتقدير :لكن من ظلم ، فينصب (من) وجوبا على الاستثناء.

ـ قوله تعالى : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) [النساء : ١١٤]. يتوقف نوع الاستثناء على التوجيه المعنوىّ للنجوى :إذا أريد بها المصدر فإنه يكون استثناء منقطعا ، وينصب المستثنى (من).

إذا أريد بالنجوى المتناجون فإنه يكون متصلا ، ويعرب (من) على الإتباع ، أو منصوبا على الاستثناء.

وإذا قدر محذوف قبل (من) ، يكون التقدير : إلا نجوى من أمر ؛ فإنه يكون استثناء متصلا.

ـ قوله تعالى : (وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [الزخرف : ٨٦]. استثناء (من شهد) بإلّا استثناء متصل تامّ منفى ، فالمقصود بمن شهد بالحق الملائكة ، فيكون (من) فى محل رفع على البدلية ، أو فى محل نصب على الاستثناء. ويجوز أن يستثنى (من شهد) من مفعول محذوف تقديره : ولا يملكون الشفاعة فى أحد إلا من شهد ... ، وعليه فإنه يحتمل الوجهين الإعرابيّين السابقين.

ويجوز فيه الانقطاع على أن (إلا) بمعنى (لكن) ، والتقدير : لكن من شهد بالحق يشفع فيه هؤلاء ... ، ويكون (من) واجب النصب على الاستثناء.

ـ فى قوله تعالى : (وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [يونس : ٩٨](١). الاستثناء منقطع ، حيث إن المستثنى (قوم) لا يدخل فى المستثنى منه (قرية) ، فوجب نصب قوم. ومنهم من يرى أنه استثناء متصل باعتبار المحذوف ، والتقدير : إلا قرية قوم يونس ، أو باعتبار المجاز ، على تقدير : أن المراد بالقرى أهاليها. والانقطاع يبدو فى صحة وضع (لكن) موضع (إلا).

ـ في قوله تعالى : (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ) بمسيطر (٢٢) (إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) [الغاشية : ٢١ ـ ٢٤](٢). المستثنى (من) ، والمستثنى منه مفعول (فذكر) ، ولذلك فإنه استثناء متصل مثبت غير مفرغ ، فيجوز إتباع المستثنى للمستثنى منه فينصب على البدلية ، ويجوز أن ينصب على الاستثناء.
وقد يجعل بعضهم هذا الاستثناء منقطعا ، فمن مستثنى من ضمير (عليهم) ، فحكم ما بعد (إلا) غير حكم ما قبلها فكان منقطعا ، فوجب نصب الجملة المستثناة على الاستثناء ، وهى : (من تولى فيعذبه) ، ويصح تقدير (لكن) موضع (إلا).

ـ قوله تعالى : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) [الدخان : ٥٦].

استثناء منقطع ، مع أن الموتة الأولى بعض الموت ، ذلك لأن (الموت) جمعا لا وجود له فيما يعود إليه الضمير فى (فيها) ، وهى الجنة ، فهو غير موجود ، وغير مذاق. وقد يكون استثناء متصلا فيما إذا جعلنا الذوق بمعنى العلم ، ويكون المعنى :«لا يتعلق علمهم بشىء من مسمّى الموت لعدمه فيها ؛ لأنها دار البقاء ، إلا الذى سبق علمهم به فى الدنيا» (١).

ـ ومثله قوله تعالى : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً) [مريم : ٦٢].

ـ ومن ذلك قوله تعالى : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ) [هود : ٨١](٢). قرئت (امرأتك) بالرفع والنصب (٣) :

يوجه النصب على : أن (امرأة) مستثنى من (أهلك) ، أو من أحد ، أو أنه استثناء منقطع.

أما الرفع فإنه يوجه على : أن (امرأة) بدل من (أحد) ، فهو استثناء متصل ، أو :مبتدأ خبره محذوف ، تقديره : إلا امرأتك يجرى لها ما أصابهم ، فهو استثناء منقطع.

ـ قوله تعالى : (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ)(١). [النساء : ١٩]. فى الاستثناء (إلا أن يأتين) تقديران :

أولهما : أن يكون استثناء منقطعا ، فيكون فى محل نصب.

والآخر : أن يكون استثناء متصلا من وقت مقدر ، أو حال مقدر ، أو علة مقدرة ، فيكون التقدير : ولا تعضلوهن فى وقت من الأوقات ، أو فى حال من الأحوال ، أو لعلة من العلل ، إلا وقت أو حال أو علة إتيانهن بفاحشة ، وعليه فإنه يكون فى محلّ نصب ؛ لأنه يكون استثناء منفيا متصلا فى حكم التام لكن المستثنى منه ترك ، وهو مقدر ، فيجب نصب المستثنى.

ـ قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) [النساء : ٢٢]. فى هذا الاستثناء وجهان ، تقديرهما فى إيجاز :

أنه استثناء منقطع ، إذ الماضى لا يجامع المستقبل ، فيكون المستثنى فى محلّ نصب.

أنه استثناء متصل : إما على حمل النكاح على الوطء ، وإما على معنى : ولا تنكحوا مثل نكاح آبائكم فى الجاهلية. وفى كل منهما يكون المستثنى فى محل نصب ، وبين المفسرين واللغويين آراء وتحليلات كثيرة فى هذا الموضع.

ولكننى أرى ـ والله أعلم ـ من سياق الآيات السابقة واللاحقة بهذه الآية الكريمة أن (ما) مصدرية فى الموضعين ، ويكون التقدير : ولا تنكحوا نكاحا كنكاح آبائكم من النساء فى الجاهلية إلا نكاحا قد سلف ، أى : هو قائم قبل نزول الآية الكريمة. وعليه فإنه استثناء تام منفى متصل غير مفرغ ، وما بعد (إلا) يكون بدلا ، أو مستثنى منصوبا.

ومثله قوله تعالى : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) [النساء : ٢٣].

ـ قوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) [الحجر : ٤٢]. يجوز أن يكون هذا الاستثناء على وجهين :

أولهما : أن يكون استثناء متصلا ، حيث إن المراد بالعباد عاصيهم وطائعهم ، وعليه فإن (من) المستثنى يجوز أن يكون فى محل جرّ على البدلية من ضمير الغائبين فى (عليهم) ، أو فى محل نصب على البدل اسم إن (عبادى) ، وهو عند الكوفيين فى الحالين عطف نسق ، حيث إنهم يجعلون (إلا) حرف عطف ؛ بمثابة (لا) النافية ، أو أن يكون منصوبا على الاستثناء.

ثانيهما : أن يكون استثناء منقطعا ، حيث إن الغاوين لم يندرجوا تحت (عباد) المنسوبة إلى الله تعالى ، فالمراد بهم العباد الخلّص ، وعليه فإن (من) يجب فيها النصب على الاستثناء عند الحجازيين ، ويجوز فيها النصب على الاستثناء والإعراب على الإتباع عند التميميين.

ـ قوله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي) [البقرة : ١٥٠]. الاسم الموصول (الذين) مستثنى بإلّا ، والاستثناء فى هذا الموضع يمكن أن يفسر على وجهين :

أولهما : استثناء متصل ، حيث استثنى (الذين ظلموا) من المستثنى منه (الناس) ، والمقصود بهم اليهود ، وعليه فإن الكلام يكون تاما منفيا متصلا غير مفرغ ، فيكون الاسم الموصول المستثنى تابعا للناس ، أو منصوبا على الاستثناء.

ثانيهما : استثناء منقطع ؛ على أن الحجة هى الدليل الصحيح ، فيكون استثناء منقطعا حيث إن حجة الذين ظلموا شبهة ، فتكون من غير جنس الحجة التى تعنى الدليل الصحيح ، وعليه فإن المستثنى الاسم الموصول يكون منصوبا على الاستثناء عند الحجازيين ، ويجوز أن يكون تابعا للمستثنى عند التميميين ؛ لأنه يمكن تسلط العامل على المستثنى.

ـ قال تعالى : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) [التين : ٥ ، ٦](١). الاستثناء (إلا الذين) استثناء تامّ مثبت غير مفرغ ، قد يكون متصلا ، وقد يكون منقطعا ، وفى الحالين يكون الاسم الموصول وخبره فى محل نصب.

ـ قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ). [الإسراء : ٦٧] المستثنى (إياه) ضمير منفصل مبنى فى محل نصب على الاستثناء ، سواء احتسب الاستثناء متصلا ، أم منقطعا ، والتقدير على الاتصال : أنهم كانوا يلجأون إلى الله ـ تعالى ـ مع آلهتهم ، وعلى الانقطاع المراد آلهتهم دون الله تعالى.

ـ قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى) [يونس : ٣٥]. تقدير الكلام : أم من لا يهدى غيره لكنه يحتاج إلى أن يهدى ، فيكون استثناء منقطعا ، ويكون المصدر المؤول (أن يهدى) فى محل نصب على الاستثناء. ويجوز أن تقدر الكلام بأن فيهم قابلية الهداية فيكون متصلا ، فيكون المصدر المؤول المستثنى منصوبا على الاستثناء ، أو على نزع الخافض ، والتقدير ـ والله أعلم ـ : يهدى غيره بهداية نفسه.
فى قوله تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣) إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ) [التوبة : ٣ ، ٤]. (إلا الذين عاهدتم من المشركين) استثناء فيه ثلاثة أوجه :

ـ أن يكون استثناء منقطعا ، فيكون الاسم الموصول فى محلّ نصب على الاستثناء.

ـ أو أنه استثناء جملة اسمية ، والتقدير : إلا الذين عاهدتم ... فأتموا ، فيكون الاسم الموصول مبتدأ ، خبره الجملة الفعلية المقرونة بالفاء : (فأتموا).

ـ قد يحتسب استثناء متصلا ، ومنهم من يرى ـ حينئذ ـ تقدير جملة محذوفة :اقتلوا المشركين المعاهدين إلا الذين عاهدتم ...

ـ وقوله تعالى : (وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً) [لأنعام : ٨٠](١).

الاستثناء (إلا أن يشاء) جعلوه على وجهين :

أولهما : استثناء متصل ، والمستثنى منه محذوف يقدر بالزمان ، أو بالحال.

ثانيهما : استثناء منقطع ؛ لأنه إما ليس من الأول السابق عليه ، وإما لأنه يقدر بـ (لكن) ، أى : لا أخاف شيئا لكننى أخاف مشيئة الله بضر.

ـ فى قوله تعالى : (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) [التوبة : ٧]. الاستثناء (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ) فيه تأويلان :

أولهما : أن يكون منقطعا ، والتقدير : لكن الذين عاهدتهم ...

والآخر : أن يكون متصلا ، ـ وحينئذ ـ يكون الاسم الموصول منصوبا على الاستثناء من المشركين ، أو مجرورا على البدلية منه ، على أن الاستفهام (كيف ...؟) يخرج إلى معنى النفى ، والتقدير : لا يكون للمشركين ...
ـ قوله تعالى : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللهُ) [يونس : ٤٩].

فى الاستثناء وجهان :

أولهما : أنه متصل ، والتقدير : إلا ما شاء الله أن أملكه.

والآخر : أنه منقطع ، والتقدير : ولكن ما شاء الله منه كائن.

وفى الوجهين : (ما) مستثنى مبنى فى محل نصب ، فى تحليلين ، وبدل من (ضر ونفع) فى محل نصب.

ـ قوله تعالى : (وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ) [الحجر : ١٧ ، ١٨]. فى إعراب الاسم الموصول (من) بعد (إلّا) أوجه تختلف باختلاف نوع الاستثناء :

فقد يكون الاستثناء متصلا ، فيكون (من) فى محلّ نصب على الاستثناء.

وقد يكون الاستثناء منقطعا ، فيكون (من) فى محل نصب على الاستثناء ، أو فى محل رفع ، مبتدأ ، خبره الجملة الفعلية (فأتبعه) ، وهو استثناء جملة.

ـ قوله تعالى : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) [إبراهيم : ٢٢]. فى هذا الاستثناء وجهان :

أولهما : أنه استثناء منقطع ، حيث دعوة الشيطان ليست من جنس السلطان ، فما الدعوة إلّا عرض دون فرض.

والآخر : إذا اعتبرنا أن وسوسة الشيطان تسلط ، فهى أقوى أثرا من الدعوة فإنه يكون استثناء متصلا. لكن الوجه الأول أوضح وأظهر.

الفرق بين الاستثناء المتصل والاستثناء المنقطع


الأول: اعلم أن تحقيق الفرق بين الاستثناء المتصل والمنقطع يحصل بأمرين يتحقق بوجودهما أن الاستثناء متصل. وإن اختل واحد منهما فهو منقطع: الأول: أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه، نحو: جاء القوم إلا زيداً. فإن كان من غير جنسه فهو منقطع، نحو: جاء القوم إلا حماراً. والثاني: أن يكون الحكم على المستثنى بنقيض الحكم على المستثنى منه. ومعلوم أن نقيض الإثبات النفي كالعكس. ومن هنا كان الاستثناء من النفي إثباتاً، ومن الإثبات نفياً. فإن كان الحكم على المستثنى ليس نقيض الحكم على المستثنى منه فهو منقطع ولو كان المستثنى من جنس المستثنى منه. فقوله تعالى: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [44/56]، استثناء منقطع على التحقيق، مع أن المستثنى من جنس المستثنى منه. وكذلك قوله: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [4/29]، وإنما كان منقطعاً في الآيتين لأنه لم يحكم على المستثنى بنقيض الحكم على المستثنى منه. فنقيض: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ}، هو: يذوقون فيها الموت، وهذا النقيض الذي هو ذوق الموت في الآخرة لم يحكم به على المستثنى بل حكم بالذوق في الدنيا. ونقيض {لا تَأْكُلُوا

أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [4/29]، كلوها بالباطل ولم يحكم به في المستثنى.
فتحصل أن انقطاع الاستثناء قسمان: أحدهما بالحكم على غير جنس المستثنى منه. كقولك: رأيت أخويك إلا ثوباً. الثاني: بالحكم بغير النقيض. نحو: رأيت أخويك إلا زيداً لم يسافر.
التنبيه الثاني
اعلم أنه يبنى على الخلاف في صحة الاستثناء المنقطع بعض الفروع الفقهية. فلو أقر رجل لآخر فقال له: علي ألف دينار إلا ثوباً. فعلى القول بعدم صحة الاستثناء المنقطع يكون قوله: «إلا ثوباً» لغواً وتلزمه الألف كاملة. وعلى القول بصحة الاستثناء المنقطع لا يلغى قوله: «إلا ثوباً» وتسقط قيمة الثوب من الألف. والذين قالوا تسقط قيمته اختلفوا في توجيهه على قولين: أحدهما: أنه مجاز، وأنه أطلق الثوب وأراد قيمته. والثاني: أن فيه إضماراً. أي حذف مضاف، يعني: إلا قيمة ثوب. فمن قال يقدم المجاز على الإضمار قال «إلا ثوباً» مجاز، أطلق الثوب وأراد القيمة. كإطلاق الدم على الدية. ومن قال يقدم الإضمار على المجاز قال «إلا ثوباً» أي إلا قيمة ثوب. واعتمد صاحب مراقي السعود تقديم المجاز على الإضمار في قوله:
وبعد تخصيص مجاز قبلي الإضمار فالنقل على المعول
ومعنى البيت: أن المقدم عندهم التخصيص، ثم المجاز، ثم الإضمار، ثم النقل. مثال تقديم التخصيص على المجاز إذا احتمل اللفظ كل واحد منهما: قوله تعالى: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} [9/5]، يحتمل التخصيص؛ لأن بعض المشركين كالذميين والمعاهدين أخرجهم دليل مخصص لعموم المشركين. ويحتمل عند القائلين بالمجاز أنه مجاز مرسل، أطلق فيه الكل وأراد البعض؛ فيقدم التخصيص لأمرين: أحدهما: أن اللفظ يبقى حقيقة فيما لم يخرجه المخصص، والحقيقة مقدمة على المجاز الثاني: أن اللفظ يبقى مستصحباً في الأفراد الباقية بعد التخصيص من غير احتياج إلى قرينة. ومثال تقديم المجاز على الإضمار عند احتمال اللفظ لكل واحد منهما: قول السيد لعبده الذي هو أكبر منه سناً: أنت أبي، يحتمل أنه مجاز مرسل، من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم. أي أنت عتيق. لأن الأبوة يلزمها العتق. ويحتمل الإضمار، أي أنت مثل أبي في الشفقة والتعظيم. فعلى الأول يعتق، وعلى الثاني: لا يعتق. ومن أمثلته المسألة التي نحن بصددها. ومثال تقديم الإضمار على النقل عند احتمال اللفظ لكل واحد منهما قوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبا} [2/275]، يحتمل الإضمار، أي: أخذ الربا وهو الزيادة في بيع درهم بدرهمين مثلاً، وعلى هذا لو حذف الدرهم الزائد لصح البيع في الدرهم بالدرهم. ويحتمل نقل الربا إلى معنى العقد. فيمتنع عقد بيع الدرهم بالدرهمين. ولو حذف الزائد فلا بد من عقد جديد مطلقاً.
قال مقيده - عفا الله عنه -: وعلى هذين الوجهين اللذين ذكروهما في «له علي ألف دينارٍ إلا ثوباً» وهما الإضمار والنقل يرجع الاستثناء إلى كونه متصلاً، لأن قيمة الثوب من جنس الألف التي أقر بها. سواء قلنا إن القيمة مضمرة، أو قلنا إنها مُعبر عنها بلفظ الثوب.
التنبيه الثالث
اعلم أن الخلاف في صحة الاستثناء المنقطع هو في الحقيقة خلاف لفظي. لأن الذين منعوه لم يمنعوه بالكلية، وإنما قالوا: إنه ليس من الاستثناء الحقيقي، لأن أداة الاستثناء فيه بمعنى لكن، فهو إلى الاستدراك أقرب منه إلى الاسثناء. وبعض القائلين بالاستثناء المنقطع يقول: إن الثوب في المثال المتقدم لغو، ويعد ندماً من المقر بالألف. والنسبة بين الاستثناء المتصل والمنقطع عند القائلين به قيل إنها نسبة تواطؤ. وقيل: إنها من قبيل الاشتراك. وإلى مسألة الاستثناء المنقطع والفرق بينه وبين المتصل أشار في مراقي السعود بقوله:
والحكم بالنقيض للحكم حصل لما عليه الحكم قبل متصل
وغيره منقطع ورجحا جوازه وهو مجاز أوضحا
فلتنم ثوباً بعد ألف درهم الحذف والمجاز أو للندم
وقيل بالحذف لدى الإقرار والعقد معنى الواو فيه جار
بشركة وبالتواطي قالا بعض وأوجب فيه الاتصالا
وما ذكرنا من أن الاستثناء في قوله تعالى: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلاماً} [19/62]، منقطع هو الظاهر. وقيل: هو من قبيل تأكيد المدح بما يشبه الذم، كقول نابغة ذبيان:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب وقول الآخر:
فما يك في من عيب فإني جبان الكلب مهزول الفصيل
وعلى هذا القول فالآية كقوله: {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنَا...}الآية[7/126]، وقوله: {وَمَا نَقَمُوا إِلّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} [9/74]، ونحو ذلك من الآيات كما تقدم مستوفى في سورة «براءة».
وقوله: في هذه الآية الكريمة: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً}، فيه سؤال معروف، وهو أن يقال: ما وجه ذكر البكرة والعشي، مع أن الجنة ضياء دائم ولا دليل فيها. وللعلماء عن هذا السؤال أجوبة:
الأول: أن المراد بالبكرة والعشي قدر ذلك من الزمن، كقوله: {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [34/12]، أي قدر شهر. وروي معنى هذا عن ابن عباس، وابن جريج وغيرهما.
الجواب الثاني: أن العرب كانت في زمنها ترى أن من وجد غداءً وعشاءً فذلك الناعم، فنزلت الآية مرغبة لهم وإن كان في الجنة أكثر من ذلك. ويروى هذا عن قتادة، والحسن، ويحيى بن أبي كثير.
الجواب الثالث: أن العرب تعبر عن الدوام بالبكرة والعشي، والمساء والصباح، كما يقول الرجل:
أنا عند فلان صباحاً ومساءً، وبكرة وعشياً. يريد الديمومة ولا يقصد الوقتين المعلومين.
الجواب الرابع: أن تكون البكرة هي الوقت الذي قبل اشتغالهم بلذاتهم. والعشي: هو الوقت الذي بعد فراغهم من لذاتهم، لأنه يتخللها فترات انتقال من حال إلى حال. وهذا يرجع معناه إلى الجواب الأول.
الجواب الخامس: هو ما رواه الترمذي الحكيم في "نوادر الأصول" من حديث أبان عن الحسن وأبي قلابة قالا: "قال رجل: يا رسول الله، هل في الجنة من ليل؟ قال: "وما يهيجك على هذا"؟ قال: سمعت الله تعالى يذكر:{وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً}، فقلت: الليل بين البكرة والعشي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس هناك ليل، إنما هو ضوء ونور، يرد الغدو على الرواح والرواح على الغدو، تأتيهم طرف الهدايا من الله تعالى لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلون فيها في الدنيا، وتسلم عليهم الملائكة"

hassanbalam يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الاستثناء المنقطع فى اللغة العربية,الاستثناء المنقطع فى القرآن الكريم

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» كتاب اشراقات الرقم سبعة فى القرآن الكريم & كتاب طريقة إبداعية لحفظ القرآن
» ˜”*°غربة اللغة العربية °*”˜
» القرآن الكريم
» لام الجحود فى القرآن الكريم
» لام العاقبة فى القرآن الكريم

صفحة 1 من اصل 1
نوسا البحر :: منتديات تعليمية :: المنتدى التعليمى

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا