إذْ – اختلاف أوجه إعرابها
سألتني صديقة متابعة:
هل تأتي (إذ) فجائية؟
أجبتها أن (إذا) هي التي قد تقع فجائية، وسأفحص أمر (إذْ) إن كانت ترد فجائية.
بعد مراجعة المصادر المختلفة في (إذ) وحكمها تبين لي أن (إذْ) تأتي فجائية بعد الظرف (بينما) أو الظرف (بينا).
والفجائية حرف لا محل له من الإعراب، نحو: بينما كنت في العمل إذْ بضيف يطرق الباب.
وفي الشعر:
استقدرِ اللهَ خيرًا وارضيَنَّ به
فبينما العسرُ إذ دارت مياسيرُ
إعرابات مختلفة لكلمة (إذ):
1- ظرف للزمان بمعنى (حين) - وهذا أغلب ما نجده في إعرابها- مبني على السكون في محل نصب، وهو مضاف إلى الجملة بعده، نحو: فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا- التوبة، 40.
ونقول:
قلت كلمة الحق إذ تبينتها.
ورد في كتب النحو أن (إذ) ظرف للزمان الماضي، ولا أرى ضرورة التقيد بالزمن الماضي، ففي مثل هذه الجملة "أحيي صديقي إذ يبتسم" نرى أن الجملة الفعلية بعد الظرف هي مضارعية، وقد تكون (إذ) مضافة للجملة الاسمية بعدها، نحو: زرت الكاتب إذ هو في منزله.
قد يحذف المضاف إليه- أي الجملة بعد (إذ)- ويُعوَّض عنه بتنوين العِوض، نحو قوله تعالى:
فلولا إذ بلغتِ الحُلقوم * وأنتم حينئذٍ تنظرون- الواقعة، 83-84. والتقدير (وأنتم حين إذ بلغت تنظرون) فحُذفت جملة (بلغت) وعُوض عنها بتنوين الكسر.
ونحوها الآية ويومئذٍ يفرح المؤمنون- الروم، 4.
تعرب (إذ) المنونة بالكسر ظرف زمان مبنيًا على السكون المقدر لاشتغال المحل بتنوين العوض، وهو في محل جر مضاف إليه.
أما في الجملة التي تقع (إذ) فيها بمعنى التعليل، نحو: عوقب المجرم إذ قتل شقيقه، فمن النحويين من اعتبرها ظرفًا، ومنهم من اعتبرها حرف تعليل لا محل لها في الإعراب.
ومثلها: ضبط الشرطي اللص إذ سرق، فالإعرابان واردان.
2- مفعول به، بعد فعل لم يستوفِ مفعوله، نحو قوله تعالى: واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثّركم- الأعراف، 86. فمفعول (اذكروا) هو الظرف (إذ) بمعنى "وقتَ".
ونجد (إذ) في أوائل آيات كثيرة تكون مفعولاً به لفعل محذوف تقديره (اذكر)، نحو:
إذ قالوا لَيوسفُ وأخوه أحبُّ إلى أبينا منا- يوسف، 8، وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة- البقرة، 30.
3- بدل من المفعول به في محل نصب، نحو واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت- مريم، 16 (إذ- ظرف مبني على السكون في محل نصب بدل، وقد حُرّك بالكسر منعًا لالتقاء الساكنين.
لم نعرب (إذ) مفعولاً به لأن الفعل (اذكر) استوفى مفعوله وهو (مريم).
4- مضاف إليه، وذلك بعد مضاف من أسماء الزمان، نحو: يومئذٍ، حينئذٍ، ساعتئذ، بعدئذٍ...
(لاحظ أن الهمزة تكتب على نبرة- أي كرسي)، فالقسم الأول يقع ظرفًا منصوبًا وعلامة نصبه الفتحة. أما القسم الثاني (إذ) فهو مضاف إليه في محل جر. وقد ذكرنا سبب تنوين الكسر بأنه جاء تعويضًا عن جملة استغني عنها بعدها- أي قُطعت عن الإضافة.
علينا أن ننتبه إلى عدم ضرورة التنوين إذا ذكرنا الجملة بعد (إذ)، نحو : ربنا لا تُزِغ قلوبنا بعدَ إذْ هديتنا- آل عمران، 8.