المحبة خادعة الحياد كاذب التورط في الأمر حتمي وصراخنا معلق كنباح كلاب ضالة يرتد صداه وسط الأبنية الفارغة لضواحي الصحراء ديوان كيف يقضى ولد وحيد الويك إند pdf
.نردد خلفها نحن العابرون من جنة العائلة لجحيم الشوارع- ،نردد في خشوع -بطيبة القادمين من المدن الصغيرة- تعويذتها .لدخول المدينة.. ،نحن الممسوسون بها ،العابرون في فضاءاتها ،الواقفون خلف أسوارها المتفرق دمنا بين المقاهي ،ومحطات السفر نستنجد بأوليائها
12 مايو
ثلاث دقائق فقط وسط ممرات ضيقة كمواسير الصرف الصحي خلف الباب الزجاجي ؛ عادل أدهم ، يتسلي بخنق سمكتي السوداء الصغيرة
زميلي صاحب الرموش الثقيلة ، يبتسم لأنه يعلم أنني أريد قتله
الطبيب الشاب ، يبتلع حبوبا بيضاء صغيرة ليُبقي علي ابتسامته في مكانها
صديقتي "الفيمينيست" تمارس تدريبات الجري في المكان
يبحث مندوب المبيعات ب ذقنه الحليقة عن زبون يشتري دبابات مستعملة .
أمي صامتة كإله
ثلاث دقائق فقط
أصحو من نومي ممسكاً بجناح طائرة ورقية رديئة الصنع .
«هذا الجوع إلى أي امرأة/ هو ما يجعلني أكثر حذراً/ عندما أحلق ذقني كل صباح/ أخاف جرحاً صغيراً/ تنفلت منه رغباتي المحبوسة».
السادسة صباحا
تائه ُ كأرض محايدة ، وسط إشارات مرور الطريق ، الطريق المتجه إلي السماء .
أترك خلفي القطارات ، سُعاة البريد ، قاعات السينما الخاوية ،القبلات المسروقة،المقاهي الصغيرة؛ أخرج إلي العالم لأطارد الملائكة التي تملأ ذاكرتي .
في محطة المترو القريبة ؛
الأرق كان يمنع الأرصفة من استقبال الموتي
الموتى الذين أرادوا فقط : أن يرتاحوا قليلا من اللغة . أن ينسوا من لم يمر بجنازاتهم ؛ لكي يجدوا متسعا من الوقت للنوم ، تذكر الغناء القديم و الأصدقاء الذين ظلوا أحياء .
عامل التذاكر الذي يخاف من قيامة مبكرة يحملق في الفراغ يخرج الأحلام من جيوبه يستعد للعرض اليومي وراء الشباك
العاشق الذي قطعوا رأسه قبل ثلاث سنوات ما زال ينزف
السكارى الذين شاركتهم أمس زجاجة بيرة يتساءلون هل أحلامنا بالأبيض و الأسود أم هي حياتنا غير ملونة ؟
أحدهم كان يبكي لأن حذائه أفسده الدم و الآخر الذي بكي كثيرا الليلة الفائتة قرر أن يتبول وسط الرصيف ليتخلص من رائحة الدم المتخثر التي تملأ أنفه
الشحاذ الذي ملّ وجوه الناس الشاحبة قرر أن يغير مهنته بعد أن يجمع ما يكفي لشراء هاتف محمول
أسحب العاشق مقطوع الرأس من يده ، يتبعنا السكارى . نترك الموتى و الشحاذ و عامل قطع التذاكر خلفنا . نبحث عن مخرج آخر ، يصلنا بالحياة .
31 أكتوبر
كل خريف أحضر أعياد ميلاد كثيرة ما يجعلني مطالبا طوال الشتاء بنسيان أن العمر يمر ، و أن شاربي لم يزل خفيفا .
اغسل أسناني ثلاث مرات في يوم ،
أبدأ في تحديد ملامح لعلاقاتي الغائمة ب السجائر / المقاهي / الأصدقاء .
أبدأ بنشاط مصطنع في ملء ولاعاتي القديمة و تدوين الأحلام .
كل مرة احلم بشتاء مختلف ، و شارب أكثر كثافة .
في الخريف القادم : لن أسخر من فتيات الثانوية الفنية بالماكياج الرخيص فوق الوجوه / سأصاحب الدراويش الذين يفترشون أرض الميدان / سأطلي جدران غرفتي بالأخضر / سأشرب حتى انسي كل أعياد الميلاد / سأشتري حوض سمك / و سلحفاة .
سأزور كل أصدقائي / أستمع لهم جيدا / أربت علي ظهورهم / اشتري لهم هدايا - فقط لمن لا عيد ميلاد لهم - .
- II -
بينما تكتشف أعمدة الشوارع وحدتها .
أبدأ في تدوين أحلامي المتكررة
حيث أجلس علي كرسي في آخر الزقاق ،
لأقطع الطريق علي الهاربين .
منتظرا من يملك قلبا صغيرا
له أربع نوافذ
ليستطيع رؤيتي .
بروفة
كأنك ممثل هزلي علي خشبة مسرح، أمامه كراسي فارغة
لا تحتاج أحدا سوي أن تبدأ بالكلام .
تنساب الكلمات ؛
حكاية
و يمتليء المسرح بالناس .
حكاية أخري
يبدأ التصفيق .
حكاية أخري
يرتفع صوت الضحكات .
حكاية أخري
و أخري
خليط من
قهقهات
و آهات
و دموع .
تعرف الآن
أنك لا تحتاج أحدا غيرك .
للموت المبكر رائحة نيئة صباح غائم / مطبخ صغير ضيق / طاولة متسخة / ستائر بيضاء / ملائكة متعبة ترتاح من الكتابة / كلاب تنبح في آخر الشارع . من يفتح النافذة . النافذة التي تطل علي : جراج اتوبيسات النقل العام . الزمن يسيل مع الشبورة ، علي زجاج الأتوبيسات التي تئن من الوحدة .
العجوز الذي يقلد صوت القطار القطار ذاته الذي ينتظرَه منذ سنين .
الجار الذي شنق نفسه العام الفائت ، ترك خلفه نباتات منزلية ميتة ، ذهب الي الجنة .
الأعرج ، الذي تسيل الحياة من قدمه المقطوعة .
من يفتح النافذة الشارع طويل بلا اشارة مرور واحدة .
لماذا يجئ العام الجديد في الشتاء ؟
لماذا نخاف الصور ؟
لماذا لا تكف التليفونات عن الرنين داخل رأسي ؟
لماذا لا نحب النهايات ؟
لماذا ننتظر النهايات ؟
لماذا لا تتشابه الأحلام ؟
لماذا - دائما - الطريق طويل , بلا إشارة مرور واحدة ؟
لماذا ليس كمثله شيء ؟
ل
م
ذ
ا
؟
شارع طويل
أسير في الشارع ؛
البنت التي تقف في النافذة المفتوحة
تكذبُ
صبغت شعرها " بنّي فاتح " ،
لأنها لا تحب الأطفال . تبكي في صمت
تنتظر نبيا
ينقذ عالمها . **
العجوز الذي يغني في الشارع
" أنا قلبي برج حمام "
يقلد صوت القطار .
القطار ذاته الذي ينتظرَه منذ سنين .
**
الجارالذي شنق نفسه العام الفائت ،
ترك خلفه نباتات منزلية ميتة
ذهب الي الجنة .
** هكذاأسير في الشارع
الشارع طويل
بلا اشارة مرور واحدة ."
ظهيرة صيفية
" مررت
بحديقة
معتمة قليلا
- حتي في الظهيرة -
لا تتسع لقلبي .
تشبه حياتنا
مقاعد خشبية ،
فارغة
تخاف الطيور .
تموت ،
و تبقي الاعلانات القديمة
معلقة
علي
حوائطها "
انتظار
مشغولا بعد جثث الموتي في ذاكرته .
تنبعث رائحة البن من دمه .
دمه الذي يسيل علي ذراعه . لم يلحظ ْ أحد
رائحة الكحول الذي تطاير سريعا مع حزنه .
بار ستلا
أجلس ، خلف ظهري سنين من الكلام القليل و المشي .
أنظف رئتي بالدخان من بقايا الهواء الفاسد .
أبحث في دفاتري القديمة عن أصدقاء سفلة خدعوني و صعدوا الي السماء .
كان علي أن أبكى قليلا ، كساحر متقاعد ، فقد يديه . جلس ليكتب عن ؛ النوافذ المفتوحة ، الأبواب التي فقدنا مفاتيحها ، الأبواب التي تيبست مفاصلها من الوحدة ، الأشجار التي قتلناها ، السلالم التي لا تنتهي لمحطة مترو الأوبرا ، الروائح التي لا أميزها لأصدقائي الافتراضيين ، الساعات التي فقدت عقاربها .
آخر الليل وجدت يدي ، ملقاة بجوار الحائط مهملة بلا أصابع . تركت كل من كانوا هناك ، خلفي . ألقيت التحية علي النافذة المفتوحة بكيت .
بالمرآة
وجهي / وجهك
جسدك ،
القميص الأسود ،
الشامة السوداء ،
"صباح الخير " المعلقة بين الشفاه .
الحزن يسيل بين القميص و جسدك
و قلبي ممزق بينك و بين المرآة .
نوستالجيا
في اللحظات الأخيرة من الليل
نفقد مفاتيحنا .
لا نحتاج شيئا
سوي ،
أن نُعود أصابعنا علي الغياب .
أشباح طيبة
سرت قليلا ، شعرت بدوخة و صداع ،جلست علي الرصيف.تسللت برودته الي جسدي . كما يعاد المشهد السينمائي بشكل بطيء تذكرت كل ما مر بي .تذكرت البنت التي كانت تشبه قصائد كفافيس ، ناعمة و غامضة .كان الرصيف بارد و شفاهها شاحبة .أتذكر كيف تعودت أن أراك وأنا نائم كل صباح، كنت أنت تسيرين في حواري ضيقة وأزقة عتيقة سألتك، وأجبتني بأنك تحبين شراء الفاكهة من أسواق القدس القديمة وأنك تحبين التين وعنب الخليل .
- أحضري لي برتقالاً من يافا. - هل يتجاور العنب والبرتقال؟ - أو لسنا في الجنة؟! - لا أنت نائم في سريرك تقرأ الجرائد وتشرب القهوة،
وأنا أساوم الباعة في أسواق القدس العربية.
-2-
تعودت أن أراك ، و نحن نسير سوياً في شوارع الإسكندرية.
" سرنا في شارع النبي دانيال ،الضيق المزدحم دائماً بباعة الكتب القديمة والملابس الرخيصة
و اللانجري، كان خالياً كما يليق بصباح يوم أحد من يونيو.
ألقينا التحية على عساكر الشرطة الجالسين في نوبتجية حراسة أبدية أمام المعبد اليهودي. نظرنا طويلا ل " البن البرازيلي " بعد التجديد القبيح ، أعطينا ظهورنا لعمر أفندي و كافيتيريا " ديليس " حتى وصلنا إلى الميدان. لم نجد تمثال " سعد زغلول " وجدنا كراسٍ كثيرة مرصوصة في صفوف منتظمة،
أمامها كان هناك شاشة عملاقة، جلسنا لنرتاح . أخرجت أنت عنقود عنب من عنب الخليل، وانشغلت أنا بالبحث عن التمثال المفقود،و ابتدأ عرض الفيلم .
" ظهرت غرفة مظلمة، بانت ملامحها تدريجيا بضوء الشموع كانت هي غرفتي، على الرغم من ذلك الإحساس بأني أرى كل شئ للمرة الأولى ، الكتب الملقاة على السرير ، لوحات بيكار المعلقة على الحائط ، الجاكت الجلد المعلق بإهمال في إحدى الزوايا ، الجوارب، بقايا الأكل، الأوراق المتناثرة في كل مكان . نعم؛ هي غرفتي . ألمح وجوهاً مألوفة لأناس لا أعرفهم – ربما عرفتهم في أزمنة أخرى- وهم يعبثون في أوراقي
وأحدهم ، ذلك الذي يشبه عادل أدهم ، كان يلهو بخنق السمكات السود الصغيرة في حوض السمك المرسوم على الحائط . "
كنت تأكلين العنب وتنظرين بتركيزٍ شديد على الشاشة .
بكيت أنا؛ وضعت رأسي فوق ركبتيك وبكيت
وأنت منشغلة بالفيلم . أمطرت السماء، اختلطت دموعي بماء المطر مكونة بركة صغيرة تصب في قلوبنا ثم تبخر الماء من حرارة أنفاسنا.
أتى عمال كثيرون ، أزالوا شاشة العرض والكراسي وأعادوا التمثال.
تركونا نجلس وحيدين في وسط الميدان وأنا مازلت أضع رأسي على ركبتك .
- هل لو جلبتِ معك "برتقال يافا" ما حدث كل ذلك؟
- أنت مجنون
- أراك كل صباح عندما يختلط صوت حنان ماضي ببخار الشاي بالنعناع ، تحكمين وضع الإيشارب
خلف نظارة شمسية ،
وحقيبة مليئة بأدوات التجميل؛ ومصحف صغير.
- أنا لست كذلك! - هكذا أراكِ - أنت مجنون؟! - أنا عاشق - وما العشق؟ - أن أنام كل مساءٍ محتمياً بصوتك -ذلك الذي يأتي عبر خطوط الهاتف- من أحلامي السيئة . أن أصحو من نومي متخذاً من رسائلك القصيرة تميمة ضد الحظ السيئ.
أعلم أنك غاضبة لأنني لم أكن جيداً كفاية هذا الصباح و نسيت أن أضع قليلاً من روحي كملحٍ لطعامك.
كنت وحيدا ، و مازال مارسيل خليفة يغني ل " ريتا " وعيونها العسلية والبندقية.
سأغنى أنا أيضاً :
للهواتف المحمولة،
للرسائل القصيرة ،
لرائحة القهوة التي تنبعث من ثنايا صوتك.
جالساً على المقهى، أعطي ظهري للبحر ، أقرأ الجرائد، اكتفي بتعليقات فوق جدران غرفتي/ عالمي .
سرت قليلا ، شعرت بدوخة و صداع ،جلست علي الرصيف.تسللت برودة الرصيف الي جسدي . كما يعاد المشهد السينمائي بشكل بطيء تذكرت كل ما مر بي . تذكرت البنت التي كانت تشبه قصائد كفافيس ، ناعمة و غامضة .كان الرصيف بارد و شفاهها شاحبة . لنخلص اللغة من لعنة التشبيهات . هي مجرد بنت شاحبة ، ترتدي بلوزة زرقاء . نظرت إلي الشجرة المتربة بجانب الطريق ، الي السيارات المركونة ، الي كل شيء و تجاهلتني . لم تعلق البنت بأي كلمة . خمنت أنها لا تراني و أنا جالس ، فوقفت ، تقدمت نحوها لم تبد أي إشارة علي رؤيتي . قلت ربما هي شبح ؟ ارتحت لتفسير الأمر بهذا الشكل . إذن البنت الشاحبة ذات البلوزة الزرقاء شبح . الأشباح كثر بهذه المدينة . تركتها واقفة في انتظار شيء ما ، مشيت في اتجاه المقهي ، خف الصداع قليلا ، أحسست بآلام في جسدي كله ، ربما من تأثير الخمر ، أفرطت قليلا بالأمس . مررت بمحل للعب الأطفال ، ماذا لو أشتريت دمية ، أرنب صغير لحبيبتي ، لكن لا حبيبة لي ، لا أعرف أحدا يستحق دمية . سأعطيه للبنت الشبح ، بالتأكيد الأشباح تعرف أكثر ان دمية علي شكل أرنب صغير لا تعني أكثر من دمية علي شكل أرنب صغير .
أسير حاملا الأرنب الصغير ، متجها للبنت / الشبح ، التي ترتدي بلوزة زرقاء و شفاهها شاحبة . لن أغازلها فنحن لا نغازل الأشباح ، ربما نصبح أصدقاء و تحكي لي كيف تقضي يومها . الليل يبدو طويلا و أنت بلا احد يسير معك ، لا أحد سوي الأرنب الصغير . من أين يجئ صوت فيروز : " «صباح ومسا، شي ما بينتسى/تركت الحب، أخدت الأسى» " مختلطا بصوت الموسيقي اليوناني البعيدة . ألم أقل لكم البنت تشبه قصيدة ل كفافيس .
يرفرفون بأجنحتهم فوق رأس أمي - علّ الصداع يهدأ - يعرفون ؛ أن حبيبتي حين تتململ في جلستها ، تسُب الشمس . أنها حين تمشط شعرها ترتعش شمعة .
II
الثانية عشر ظهراً
لا ينقصنا شيئ لنصبح ملائكة فقط: جناحان من ورق مقوي، أجساد متخففة من الرغبة ، و صمغ .
الإحتفاء بالأرق!
هل كوني مصاب بالأرق ، يعني إنني مبدع؟
فحتي سائقوا التاكسي يعانون أيضاً من الأرق .
إذن ما يجمع طبيب من طنطا مع سائق تاكسي في الاسكندرية ، و بنت تنتظر في القاهرة ؟
سوي أنهم جميعا يعانون من الأرق .
و ما هو تعريفنا للأرق؟
فما أظنه أنا نوبة من نوبات الارتياح الغير مبررة التي تصيبني ، فأشعر بسعادة غير معلومة المصدر ، و أندم لو سرقني النوم .
تماما هو ما تعتبره والدتي عذابا ليليا كونها لا تستطيع النوم و تجدها فرصة مواتية لتصفح صور عائلية قديمة ،
و ربما يلعن سائق التاكسي الحكومة و الجو و كل الناس الذين يطالبونه بديون يشك هو نفسه أنّه أخذها .
الزمان واحد و الأرق موجود بشكل أو بأخر . ربما هي طريقة نظرنا للأمور هي التي تختلف . و كالعادة سينتهي الموقف بالطبيب الشاب ، يبعث برسالة قصيرة للبنت التي تنتظره في القاهرة و هو يركب مع سائق التاكسي الي العجمي .
بينما لا تكف السماء عن المطر .
قطار الحادية عشر يلعب أمناء الشرطة الورق ، يتبادلون النميمة .
يعودون لبيوتهم يفرغون جيوبهم من : الرشاوي الصغيرة ، و مناديل متسخة بالإهانة .
يلبسون جلاليب واسعة ، يحلمون ب : ضباط أقل قسوة ، زوجات مطيعات ، حقول اكثر براحاً ، وحيوانات تُدر لبناً .
في الصباح يعودون .... أمناء شرطة .
أريد أن أكتب قصيدة أريد أن أكتب قصيدة : نقية ، كالمياه المعدنية . ملتزمة ، كلاعبي خط الوسط . حداثية كالسبعينيين . ما بعد حداثية ، كالمعرّي . كلٌ في آن .
أريد أن أكتب قصيدة لن أحكي لكم فيها عن : ذباب المستشفيات ، و لا عن الزغب الناعم الذي يغطي وجه حبيبتي .
سأكذب قليلاً :
الممرضات ملائكة بلا أجنحة . الجرائد صادقة تماماً . و الشعراء أيضاً يصلحون للحب .
أريد فقط أن أكتب قصيدة
عن : سائقي الميكروباص ، قاطعي الأشجار ، صانعي السينما الرديئة ، و عن الله الذي كان كريماً معنا فنسينا في بطن الحوت .
متاهة داخل الذاكرة صوت " ليلي مراد " قادم في خلفية المشهد من جرامافون قديم في إحدى فيلات المعادي القديمة ... بداية جيدة تليق بكتابة عن حي لم أجب شوارعه ليلاً بحثا عن مقهى صغير يفتح أبوابه للغرباء .
المعادي ...... أيس كريم مع " لوزة "
ذاكرتي - و أي ذاكرة – مسامية و هشة ؛ لها أبواب و نوافذ ..... ، أفتح نافذة ، يطل" سيف " الهارب من الإسكندرية إلي أرصفة المعادي ، صانعا من غرفته نيويورك أخري . " سيف " الذي رافقني و أنا أحتفل بعيد ميلادي العشرين و كنت ، حينها ، مثله أحتمي بجاكيت جلد أسود من برد قديم . و هربنا معا إلى حلمه، إلى نيويورك
و لكن طنطا ليست روما و نيويورك لا تشبه المعادي في الخريف.
أفتح نافذة أخري لأطل علي " لوزة " ، و أضحك معها لأن الألغاز كانت حينها سهلة ... أعلم أني سأبدو ساذجا إذا قلت أني ما زلت أبحث عنكِ .... أعرف أنك ركضت يوما تحت المطر من باب المدرسة وصولا الي بائع الأيس كريم و كنت تعودين سعيدة ، عيونك تلمع ........... هل ما زالت عيونك تلمع بعد أن صعبت علينا الألغاز .؟
و هل ما زلت هناك يا " سيف" تجوب شوارع المعادي ، تحلم بفتاة الأيس كريم و تغني للبنات و للمطر ؟
و لكن أين أنا من كل هذا ؟ لماذا تبدو الأمور أصعب كثيرا مما هي عليه و كيف تصبح الكتابة عن حي هادئ ، بعيد يليق برواية جاسوسية أو فيلم ما الي متاهة داخل الذاكرة . ربما هرب سيف و انطفأت لمعة عيون لوزة و لكنني سأظل أحلم و أبحث عنهم . -2-
" في الصباحات الوحيدة ، لا يبدد وحدتك شئ ................ ................ و عندما يتكاثف بخار الشاي علي قلبك تتذكر لمعة عينيها بالدموع متي تزورها النشوة . لم تستطع أن تتخلص من آثارها علي روحك .......... إلى متي ؟! سبتمبر 2005 "
و هاأنذا بعد عام كامل أتصفح أوراق قديمة في " العجمي " و أضحك لأني وحيدا ً – كما هي عادتي - لا أستطيع أن أتذكر أي حبيبة تلك التي كتبت عنها !؟ أي حبيبة كانت ؟ كل حبيبة هي لغز لم أنجح أبداً في فك رموزه ..... حبيبة تركتني لأنني كنت طفلا و أخري تركتني لأنني لم أكن عفوياً و طفلاً كفاية . و أخري ..... و أخري .... و أخري . و هكذا دوائر متداخلة بين نساء هن بالتأكيد أكثر ذكاء مني ليعرفن أنني لم أكن الشخص المناسب ( مع إضافة كل العلاقات الأخرى التي فشلت بدون إبداء أسباب أو لأسباب لا يمكن ذكرها ) و لكن استعادة ذكريات بعضها مؤلم و البعض الآخر ليس سعيداً بالمرة، ليس بداية جيدة لإجازة خريفية متأخرة ... ربما لم أتأخر بعد لكي أتخلص من كل ما يعوق روحي عن التحرر ... و اتخذت قرارا سريعا .
ارتديت قميص مشجراً ( لكي أوجه تحية للبحر و للخريف ) و ذهبت إلى البحر البحر ذاكرتي و مخزن أسراري .... حاولت أثناء سيري أن أتذكر أي أغنية أدندن بها ، و لكنني فشلت ، اختلطت الكلمات في رأسي كنت مشغولا بمحاولة اصطياد جملة ما كانت تحوم في رأسي حتى وصلت للبحر جلست طويلا ، علي الرمل مباشرة في مواجهة الموج ثم هبت رياح خفيفة و لكن باردة و كأنها هاربة من شتاء قادم ثم أمطرت السماء فرحت ربما كما لم افرح من قبل ....، قفزت في الماء ( فقط حتي منتصف ساقي ) و أستقبلت المطر فاتحا ذراعي للريح و للمطر . بعد أقل من ربع ساعة عاد كل شيء لطبيعته ، أنتهي المطر ،و هدأ البحر .... و حدي كنت سعيدا و مبتلاً تماما .... كلمت البنت التي زارتني في الحلم أيقظتها من نوم عميق و أمليتها . : " إلى البنت التي تحب الشاي باللبن عندما أمسكت بيدي في الحلم .... ضحكنا عندها أمطرت السماء هل كان قلبي غيمة مبتلة ؟ أم شاركتنا السماء المحبة ؟!"
و هكذا عدت إلى بيتي و أنا عالق في متاهة أخري، و لغز آخر جديد .... و لكنني علي الأقل نجحت في اصطياد تلك الجملة .
سماء مرتبكة
( حتي السماء تبدو الان مرتبكة الاحلام لا تستطيع ان تدعي انها رؤي و لا مساحة من النوم تصلح الان لاضغاث أحلام , فحين ترتبك السماء هكذا نصبح في حيرة من امرنا , يلتبس الليل و النهار ، تتساقط الدعوات فوق رؤوسنا .,
نغدو وحيدين. )
لا جديد في الحرب
حصار و قتل .
لا جديد في الحب
خصام و شوق .
ماذا يفعل الشاعر إذن في يوم كهذا ؟ سوي أن يكتب رسالة لحبيبة بعيدة ، و ينام.
يحكي لها عن عاملي المصاعد ؛ هؤلاء الطيبون الذين يدربون أرواحهم علي الصعود للسماء كل صباح !
و عن عاملي السنترال القريب الذين يبدأون يومهم بمعاكسة الجامعيات اللائي يبحثن عن حبيب - أي حبيب - .
يكتب رثاءً لزينب بائعة الورد البلدي التي ماتت وحيدة بعد أن أدمي كبدها الشوق .
و رثاء اخر للحسين لأن جرحه / جرحنا في كربلاء ما زال طرياً.
ماذا يفعل الشاعر في يوم كهذا و حبيبته بعيدة ؟
حبيبته امرأة لها سرير ضيق و ملاءات بيضاء ، قسّمت حياتها بالعدل بين القطارات و محطات السفر و مثله ، أجلت أحلامها ليوم اخر ،نظرت من النافذة ، مسحت دمعة و ضحكت لأن ساعي البريد ضل الطريق الي بيتها ، فأكل الرسائل و نام . ......... ........ .......... و تركها مبتلة بالحنين .
*** ما بين الأقواس للصديقة المبدعة " مروة أبو ضيف " مع التعديل
شكر جزيل و أسف لهذا الخطأ
بين اليقظة والنوم طعم السماء في فمه ، و يده منشغلة بحرث حديقتها.
يوميات ذاكرة متعبة
لا يجب أن ننسي شيئا و نحن نستعد لبدء صباحاتنا، أن ما يجعل منا بشر ، - هو أن نتعلم الفرق بين الدمع و المطر - ففي صباحاتنا يجيء الماء أزرقا و حزينا كعيونك ... يجئ هادئا ... يتسلل حتي الحنجرة ... ليمنعنا من الصراخ .
يمنعنا من الصراخ و نحن نراهم يبنون مزيدا من الجدران حولنا ، هم كانوا يوما مثلنا لكنهم يخافون البراح ... فبنوا جدارا ثم اخر و اخر .... حتي أختنقوا، و جلسوا يحضرون أكفان بيضاء طويلة - تكفي للف العالم كله- وحده الماء الأزرق الحزين يتسلل ، يهدم جدرانهم ، جدارا تلو الاخر حتي يصل الينا و يغرقنا في العدم ....... صدقوني لكي نحافظ علي هشاشتنا ؛ لا تثقوا في الدمع/المطر .
كيف يقضي ولد وحيد الويك إند عزيزتي ، - بداية محايدة تليق بعشاق سابقين - كنت وحيداً أول الليل .. ظللت وحيداً آخر الليل . وحيداً و مزدحماً تماماً ، بثورة القرامطة ، و موت الرموز ، بإخوان الصفا ، و جلطة حلمي سالم . وحيداً و خائباً تماماً كما يليق بولد أدمن الجلوس علي المقاهي ، و يكفيه قليل من الخمر ليصبح أكثر صفاءاً كإله صغير تحت التمرين . وحيداً في انتظار صباح آخر واحدا من تلك الصباحات التي تعرف طعم البن ، و صوت فيروز وتعرف أن أثار الملح فوق خديكِ تفتقد كفي . صباح آخر يفتقد الدهشة ، و ما زلت وحيدا ً كولد خائب يجلس كدولفين عجوز مصاب بالزكام ، أمام شاشة التليفزيون . ينقصه لمسة من أصابعك تجعله شقياً ، و ماجنا تماماً. لمسة واحدة فقط ؛ ليطلق من جسده عصافير ملونة و ببغاوات خرساء لمسة واحدة فقط ؛ و يحط علي صدرك سرب حمام . II عزيزتي ، لم أكن أحلم كنتِ هنا عندما بللتني غيمة عابرة و مشيتِ حافية ... فوق ظلي .. خطوة .. خطوة كان لصوتِك رائحة الفانيليا و قلبي كان هشاً و قلقاً تماما كفرخ يمام تائه. لم أكن أحلم العابرين مروا ، لم ينتبهوا أن بقلبي ثقب بحجم المحبة ألم أوشوش نفسي في أذنيكِ " البحر ليس لنا .." قولي لي .. ما الذي يأتى بك كل ليلة!؟ و كيف يمر العابرون .... كيف؟! عزيزتي، لا تخافي لن أبكي تلك المرة .. فالحنين ك الملح قاتل خفي، سأتخلص منه هنا كتابةً و ليس دمعا يوليو 2006
سبعة أساطير و نبوءة قالت له قبل عبور الشارع:أتخاف الموت؟ فقال لها: .. أخاف من الوحدة، والفراق، وغضب البحر ، واختفاء القمر في غبار المدينة فقالت له لا تخف هم تماما مثلك- عابرون- و سترجع لنا - يوما - المدينة - نحن عشاقها/ مريدوها بلا وحدة أو فراق . إهداء ... دائمة الحضور أنتِ ، رغم الغياب . -I- فتاة موعودة بسبعة أساطير و نبوءة؛ تشاركين الفارين* .... عبورهم ترددين لهم . . تعويذتك لدخول المدينة ليصبحوا جزءاً منها / جزءاً منهم . فتاة موعودة بسبعة أساطير و نبوءة؛ خريفية بامتياز ؛ لكِ : نهارات الجمعة ، رائحة ما بعد المطر ، حريق الحلق بعد كأس الفودكا الأول ، شخشخة الصدر بعد حجر (المعسل) السابع . لكِ: انعكاسات ضوء الشموع في أيدي الواقفين/الواقفات في قلب المدينة . ينشدون سوياً - و أنت في القلب تماما - للحب ، للحرية. فتاة موعودة بسبعة أساطير و نبوءة؛ قلبك أبيض - تماماً أبيض - منقوش بالحناء ، معطر برائحة المسك . -II- لستِ نبيّة !! - ما ستعتبرينه تمييزاً ضد المرأة - رسالتك المحبة ، حوارييّك - خليط من أطفال الشوارع** ،- ثوار سابقون ، - مناضلون ( هكذا يسمون أنفسهم) ، - شعراء متقاعدون ، - عمال المقاهي ، - منادوا السيارات ......... لستِ نبيّة .. و لكنك سيدة المعجزات الصغيرة لا تشبهين أحداً في النهار ، و تشبهين ( إيزيس ) في الليل . أتنظرين من نافذتك الآن ؟ أم تركضين حافية – بلا قدمين – تبحثين عن فردة حذاء وردية اللون لبنت صغيرة تعشق الرقص ؟ ربما ....! أنت الآن تنامين ، متكورة علي ذاتك ، تتلقين الوحي . فتاة موعودة بسبعة أساطير و نبوءة؛ تماماً تشبهين خط الرقعة - ليس لأنه الأكثر سلاسة ، و لكنني لا أجيد غيره - صديقة ؟؟ ......... ربما ! حبيبة ؟؟ ........ ربما فقط هي أنتِ فتاة المعجزات الصغيرة موعودة بسبعة أساطير ، و نبوءة ! هوامش * نردد خلفها .... - نحن الفارون من جنة العائلة ل جحيم الشوارع - نردد في خشوع ، - و بطيبة القادمين من المدن الصغيرة - تعويذتها ... لدخول المدينة . نحن الممسوسون بها، العابرون في فضاءات المدينة ، الواقفون خلف أسوارها، المتفرق دمنا بين المقاهي و محطات السفر ، نستنجد بأوليائها .... و نردد تعويذتها . ** نصطف في دائرة حولها ( نحن = أطفال الشوارع ) نأخذ عنها الحكمة و مودة – ليست سابقة التجهيز – ............. -III- متي يحيطون بكِ الممسوسون ؛ ( أنظر أعلاه ) تزهو بك المدينة ؛ تردد معك أرصفة الشوارع كلمات أغانيكِ ، تشتعل أرصفة المقاهي بالرقص ؛ تندمج الملائكة في شرب ( المعسل ) ......... و تقفين أنت ، - كما أنت دائما - بربع ذاكرة ، و عيون مجهدة و قلبك تماماً أبيض ......... تنتظرين النبوءة
البرتقال وحده البرتقال سيد الفاكهة ! لكننا نهينه ..... نهين البرتقال عندما نزور هويته في"يافا " ، نقتل صاحبه في "غزه".... أو نعيد هندسة جيناته في "كاليفورنيا"!
نهينه متي تعاملنا معه كوحدة واحدة :كعصير ، كلون ،أو كركن مهمل في لوحه "still life “ أو نضعه في أكياس ورقيه أثناء زيارة المرضي . نهين البرتقال متي سقط سهواً- أو عمداً- من تضاريس جسد حبيبتي – أعطوها الكرز ،التفاح،الرمان ،الفل و الياسمين – وحدي أنا أشم عبير البرتقال في خصلات شعرها .
يحتاج البرتقال لأنامل ماهرة لتفك شفرة مسامه و تحرر فصوصه من أسر القيود التي تكبلها لتلألأ كمئات الشموس الصغيرة .
أنامل رقيقة لأن من يجرح البرتقالة، لا يستحق أن تمنحه أسرارها .....
كابوس !
" كان الشارع خالياً تماما إلا من ضوء الشمس التي كانت تتوضأ لصلاة الفجر! و كانت خيوطها .... كمثل أطفال ينامون في أحضان الغبار " أدونيس " أسير وسط الشارع تماما ،الصمت يحيط بالمكان ، أحسست بتنميل خفيف في كتفي الأيسر .اكتشفت غياب يدي اليسرى ، لم أفزع ! تحسست باقي أعضائي حتى وصلت للميدان. أحد عشر طريقا ، هكذا يتفرع الميدان ، اخترت الطريق السادس بلا تردد. – ليس لأنه الأكثر ظلمه و لكن لأنه تماما في المنتصف – أحسست بغربه شديدة في هذا الجزء من المدينة ، و كأن أهلها \ أهلي قد هاجروا و تركوني !، قطعت أذني اليمني و وضعتها كدليل بجانب إحدى كابينات التليفون - المنتشرة كالسرطان في جسد المدينة- تماما تحت تلك اللوحة الإعلانية الضخمة التي تحيط بسماء الميدان كله حاجبة عني ضوء القمر. سمعت رنين إحدى كابينات التليفون و أنا أخطو الخطوة الأولي في طريقي بحثاً عن الذراع اليسرى المختفية ، قبل أن أحسم أمري بالعودة رن تليفون آخر و آخر..... هدرت أصوات التليفونات في أذني و كأن كل أهل المدينة يتصلون بي أنا الباقي الوحيد ! ركضت لأرفع سماعة التليفون ، جريت، و جريت ، بعدت عني المسافات ......، مددت يدي ..........." طراااااااااااااااااااااااااخ ، وقعت من السرير ! انه مجرد كابوس ، مجرد كابوس! هكذا طمأنت نفسي ، تفلت يسرة و تمتمت بالمعوذتين و تأكدت من وجود ذراعي اليسرى و أذني في مكانهما. تتوالد الأحلام – الكوابيس أيضا- في رأسي تماماً كالمناديل الملونة في جراب حاوي عجوز ، مهترئة و لكنها بلا نهاية.!.
مقعد راكب غادر الباص
وديع سعادة 1987
حياة
تمتدُّ إليَّ يدها باحثةً في أحشائي عن مدينة وأنا ولدٌ أرعن، راكبٌ درَّاجة يهرِّب زنزاناته في الليل يمشي مخمورًا حاملاً رجلاً مجنونًا منذ الصباح على ذراعه ذاهبًا نحو مصحّ محتفظًا من كل ماضيه بـ: أحشاء ومفتاح لا يجد له بيتًا، الرحلةُ وضعتْه هنا لينظر إلى الشجر ولتسقطَ منها ورقتان على كتفه.
22 مايو
أَصفُر كقطار
بينما أتلصص على ملابس جارتي الداخلية
يقفز أرنبٌ أبيض صغير فوق القضبان
صديقتي غريبة الأطوار
هشّمت رأسي وأنا نائم
قطّعت ورق الحائط
الذي لصقته أمي قبل خمسة وعشرين عاماً
مسحت وجهي المهشّم
باسفنجة مبتلة
رأيت قطارات مفخخة
وزهوراً صفراء صغيرة
وغريبة الأطوارتمسك اسفنجة مبتلة
تنز دماً فوق كتفي
فيما رأسي الخفيفة
صاخبة كساحة سيرك
صديقتي غريبة الأطوار
ستقرأ في كتاب فارغ،
متجاهلةً الولد الذي يدخن سيجارة ويغمز لها
قررت أن تموت صغيرة
فالشوارع ملك لأشجار دائمة الخضرة بينما الكبار لايأكلون الحلوى
ليبدو العالم أقل قسوة
أضع رأسي المهشم في الحقيبة
أجهز نفسي لحياةأخرى
.
مقطع من نص شعري طويل بعنوان
" روزنامة"
آيس كريم في جليم *
أنسى النوم لأن قدمي اليمنى واهنة
أقود دراجتي البخارية
موسيقي " الجاز" ترن في أذني
علب مليئة بأحلام ملونة تتكسر علي الأسفلت
المعادي لا تشبه نيويورك في يناير .
لا مكان هنا لليأس
الرادار على الطريق
سيلتقط اى بادرة
للتوقف
لا أثق كثيرا بالمرآة
أحدق في أحلامي التي تشبه قلقِك
تُلوحين بشال أزرق
وانا لا أريد أن أتوقف
الطرق مفتوحة
ولا تؤدي إلي شيء .
* آيس كريم في جليم
30 مارس
أكتب رواية عن عازف متقاعد مصاب بالسرطان يحلم بأن يسافر حول العالم لم يكن " كاداريه " موجودا في المكتبة لكنني سمحت لفيتنامية نحيلة أن تقود دراجتها داخل رأسي وأنا أنزع كمامتها البيضاء كان صوت جرس الباب يغطي علي صوت المطر فوق الملاجئ الإسمنتية وسط حقول ألبانيا .
لا يليق بعازف أن يقاوم السرطان بأفلام البورنو - التي خدعتني طويلا ببساطة منطقها –
الفيتنامية تتلوي فوقي بينما يبدو الحنين للتسعينيات مبتذلا كدراجة صينية تؤلم المؤخرة .
الجرس يرن الفيتنامية سعيدة بالمطر الدراجة بجوار الباب العازف في الغرفة المجاورة يكتب رواية عن فيتنامية نحيلة و شاب مهووس بالبورنو .
الحاجة أم مني
الحاجة أم مني وياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااانا
الحاجة أم مني وياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااانا
منورة يا حاجة
الحاجة أم مني وياااانا
ايوه ايوه ايوه الحاجة أم مني
...
الحاج أبو سميرة ويانا
الحاج أبو سميرة ويانا
يصرخ الشاويش في أحد الأفراح ، أجلس أمامي فنجان قهوة ، أستمتع بمحاولة ايجاد المنطق في الاحتفاء المبالغ به بأم مني
لا أعرف شيئا عن مني أو عن سميرة ،هل هما أصدقاء طفولة ؟
أم تتنافسان في لبس الدهب في أفراح العائلة ؟ هل هما أسماء وهمية أم حقيقية ؟ لماذا هو أبو سميرة ؟ و ليس أبو محمد أو أبو حسين؟
هل سميرة بنت وحيدة أم مجرد كنية لها علاقة بأيام الفقر الذي تخلص منه و بقي فقط الاسم شاهدا .
لا استطيع أن أجزم بشيء
فقط أعرف شيء واحد ؛ أنه يوم الجمعة 21 مارس وقف الشاويش ، يصرخ في الميكروفون هاتفا باسم الحاجة أم مني
لا يوجد ذكر لمبلغ النقوط و لكنه كبير كفاية لكل هذه الهستيريا ربما ما دفع للحاج أبو سميرة أن يخرج نقوط موازي
ليزاحم هنا مجال أم مني في إبراز سلطتها المدعومة بقوتها الناعمة .. الفلوس و كونها سيدة تعمل في مجال للرجال ... ست بميت راجل زي ما بيقولوا .
جيراني أصحاب الفرح يعملون في تجارة الخضروات و المقاولات و الجيل الأصغر - أصغر مني علي الأقل - افتتحوا محلات لصيانة المحمول و سنترالات و كوفي شوب الزمن الجميل و ترجموها بالانجليزية هكذا
hapy time cofeshop
تبقت سيجارة واحدة فقط
يعود صوت الشاويش ثانية بينما أفكر في طريقة للحصول علي سجائر
الحاجة أم مني ويانا
الحاجة أم مني
الحاجة
الحاجة
....
...........
ممرات آمنة
* عام كامل ملئ بالأوقات الضائعة و التي أعتقد أنها مجرد قربان لحياتي الجديدة بايقاعها السريع اللامبالي بالواجبات و الحدود في فجر يوم الجمعة الماضي ، أجلس علي مقهي صغير يتوسط المسافة بين بيتي و بين "عرفة" موزع الجرائد الرئيسي بطنطا بجوار محطة القطار . قررت أن أتخفف قليلا مما يجب علي فعله ، علي الرغم مني أحس بخليط من الدهشة و الحزن لأنني لم أنجح في المرور من الثقب الضيق لامتحاناتي في بكالوريوس الطب كل المقدمات كانت توحي بكبوة مثل هذه و لكنني كنت أتوقع " الملاك الحارس " الذي أنقذني من مطبات مماثلة علي مدي عمر طويل . توقعت معجزة صغيرة تخبرني بأنني لم أنجرف بعيدا عما يجب أن أفعله و لكن لسبب أو لآخر فقد فشلت في النجاح .
" - الفشل : كلمة ملتبسة و مائعة فما أعتبره فشلا قد يصبح مجرد عطب بسيط يمكن تداركه أو مجرد وسيلة لإبطاء سرعتي قليلا في الحياة
المقاهي تربة صالحة لنمو الأكاذيب الأصدقاء في المنافي السجائر رديئة
الهواء بيننا أكثر لزوجة من الدم الذي يسيل من الجريدة . صوت " إبراهيم عبد الرازق " يأتي كحشرجة ثور يتم ذبحه من مقهي آخر قريب . عشرات من الرجال يجلسون في نشوة لمشاهدة ماتشات قديمة للمصارعة الحرة النسائية . صفافير و أبواق كما في أي مدرج درجة تالتة بلا حدود مرئية للزحام . سيدة ذات شعر اصفر فاقع يغطي النمش وجهها تسأل جارتها عن أفضل علاج لألام الظهر ، تهمس أن السرطان في ثديها الأيسر يمنعها من الصراخ . تجيبها الأخري بهزة من رأسها و تمتمة خافتة لا أدركها . الضوضاء تتصاعد خلفي ، أردت أن أربت علي كتفها كصديق قديم و أتركها تبكي قليلا . إنشغلت بقراءة لافتات الترحيب بزوار شيخ العرب و آل البيت كانت المروحة تدور داخل رأسي و مئات الطراطير تسد الرؤية تماما .
مكالمة صباحية الخيط الممتد بين آلام الأسنان و الحشيش المضروب ، الواصل بين الصوت المشروخ من الدخان و الزكام .
تكلمني زميلة سابقة تم " كتب كتابها " منذ شهرين ، و أنت أصلا لا تعرف عنها أي شيء منذ أكثر من سنتين سوي أنها قد استجابت طائعة لنداء الطبيعة و ارتدت إسدالا ثم عباءة و تفكر جديا في ارتداء النقاب . تخبرني أنها ستتزوج بعد شهرين و تسافر ل " زوجها " في السعودية .
أتذكر أنني كلمتها لأول مرة منذ سبعة أعوام كاملة لأنني أحترم ذوات الشعر القصير الأشقر .
أخبرها عن معاناتي من صداع مزعج بسبب الحشيش المضروب و ألم الأسنان الذي لا يتركني في حالي رغم كل المسكنات التي أتعاطاها . أتكلم بشكل سريالي عن ديوان شعر و لقاءات صحفية و أحلام مزعجة و عن القرف الذي ينتابني أثناء المذاكرة أتحجج ب ميعاد صلاة الجمعة و أنهي المكالمة .
أعود إلي غرفتي ، الفوضى التي تشبه مسودة لقصيدة لم أكتبها صوت " صباح فخري " يملأ المكان علي الجدران أكتب :
" ممنوع الانتظار "
" التدخين يدمر الصحة و يسبب الوفاة "
تبدو الامتحانات قريبة جدا - أقرب مما ينبغي - الناس الذين مروا في حياتي بدءا من جامعي القمامة وصولا إلي صديقتي التي" كتبت كتابها " كانوا يهزون رؤوسهم ؛
تجشأت يبدو أن أحدنا قد مات .
ارتباك صباحي
عيوننا لا تستطيع رؤية سوي الجزء الواقع بين الأحمر والبنفسجي، أما الأجزاء الباقية من النسبة التي تصل إلى 95% من العالم فإننا لا نستطيع أن نراها .ربما أكتب لأحاول أن أري هذا العالم الخفي من حولنا ما تحت الأحمر و ما فوق البنفسجي عندما أكتب لا أملك في رأسي شيء محدد سوي صور ، صور لا تكف عن التتابع داخل رأسي .
-1-
في عتمة صالة سينما " مصر " في حفلة العاشرة صباحا يوم جمعة في شتاء 95 ، أنتظر بدأ الفيلم ، الذي لا أتذكر اسمه الآن . أجلس وحيدا في قاعة سينما قديمة ، شهدت أيام عز غابر و أصبحت بيتا لعابري السبيل، المدمنين ، الشواذ ، طلبة المدارس الفنية ، طلبة الجامعة العمالية القريبة ، و طلبة مدرسة الأحمدية الثانوية العسكرية بنين ، صبية الميكانيكية يوم الأحد ، و في البلكون تجد طلبة كلية الأداب في وضع طبقي أحسن قليلا . أجلس منتظرا لمدة ساعة ثم يدخل شخص لا تشك لوهلة إنه قد يخرج مطواه قرن غزال و يقتلك بلا شفقة لمجرد أن يجرب سرعته في إخراج النصل الحاد من مكمنه . يعتذر بأدب لأن عامل السينما لم يجئ بعد و لن يحضر قبل الثانية ظهرا فتقول بصوت عالي مرتبك قليلا محاولا مداراة خوفك " مفيش مشكلة حمشي و أجي بعدين " .
-2-
جالس مع أصدقاء في بار رخيص بوسط البلد مشغولا بمتابعة زبون آخر جالس هناك بجوارنا ، في منتصف الأربعينيات ربما ، هيئته هيئة موظف في هيئة النقل العام تاركا لحيته ، حليق الشارب ، وجه مصري عادي ، بقميص و بنطلون قادمين من فاترينات " التوحيد و النور " يبدو وجوده في المكان عبثيا يمسك كأس البيرة في يد و بيد أخري يأكل زيتون ك مزة و بجواره علي الطاولة جريدة الجمهورية (كان يوم السبت و غالبا كان يقرأ ملحق دموع الندم ) فجأة في وسط نقاش بلا هدف ينكسر كأس البيرة في يدي ، هكذا بلا مقدمات يسيل خيط الدم علي يدي ، أضحك ، أداري خجلي بضحك هستيري متقطع كنت سعيدا بمنظر الدم و هو يسيل مختلطا بالبيرة ، أكاد أشعر بنفس النشوة الآن و أنا اتذكر المشهد .
-3-
يكتب سولو في نهاية تدوينته عن " بار نفرتيتي "
" ....الكحول , النميمة , التذكر , الحنين , الأصدقاء , الأنثى , الموسيقى , الصفاء , الرومانسية رغم أنف الآخرين , الحنق على أكاذيب التليفزيون , الصمت , الجنس , المشاريع السينمائية , لغة العيون , الدفء , كل هذا لا معنى له سوى أن وجودى عابر , طارئ , بلا نتيجة و بدون سبب فالوقت يمر و البيرة تسيل و تفاصيلى تنزف من وريد ممتلئ ..... "
لتكتمل الصورة ارتباكا أقرأ لأدونيس في ( مفرد بصيغة الجمع )
" أنا الطريق و العابر ، المرأي و الرائي و لست أحظي بنفسي " ......................................
* في خلفية الكتابة يأتي صوت سيد الملاح ملئ بالبهجة و السعادة
" أنا أنا أبريق الشاي .. أنا أنا أبريق الشاي ........... كان في واحد اتنين تلاتة ، عند اربعة ، خمسة
تاتاتااااا راحوا لعم علي الحلواني عاوزين بسكوت بالشكولاتة
بسكوت بالشكولاتة مفيش يمكن عند البقال البقال قال اشتروا سكر خدوا بفلوسكم كلها سكر أحلي شيئ في الدنيا السكر حتي اسألوا أبريق الشاي "
" أحب صوت ليلي مراد . أحب سعاد حسني . أحب خجل البنت في الثالثة عشرة و هي تمر امام باعة الملابس الداخلية في النبي دانيال . رائحة الملابس الجديدة . رائحة الكتب المستعملة . أحب صوت المطر على اسفلت الكورنيش . رائحة الصوف بعد تخزينه . بخار الماء الخارج من أفواهنا في الشتاء . رائحة النعناع المجفف في شمس البلكونة . صوت الشيخ "عبد الباسط عبد الصمد" يرتل سورة " يوسف " صباح الجمعة الشيخ " محمد رفعت " يرتل سورة (الرحمن )، عندما ينتهى من تلاوته اعرف انها السادسة و النصف تماما ."
ليلة شتوية
خليط من أجود الأدخنة العالمية 5 زجاجات ستلا 100 مجم تريمادول سيجارة حشيش أصدقاء قدامي يثرثرون عن مستقبل الهند في الألفية القادمة . أجلس خلف ظهري سنين من الكلام القليل و المشي . أبكي قليلا ؛ و أنام .
أنا خائف " الموت لعنة من يعيش "
من يعيش ليحكي هزيمة جسد عفّي ، لا أذكر " عبد السلام " كثيرا و ربما كانت لتمر أعواما كثيرة قبل أن أراه . أذكره تماما يوم زفاف أخي الأكبر ، بدلة بيضاء ، جسد عفي ، شارب معتني به .... ابتسامة كاريزمية تخفي أنه عاني دائما من مشاكل مادية . عندما هرب من الجيش الي ليبيا ، عاد مهزوما ..بحكايات عديدة و لكن لا أموال .
سامحوني ، ربما أكذب قليلا. لست حزينا عليه بقدر خوفي من الموت ، فماذا يبقي لنا اذا خذلتنا أجسادنا .
انا خائف . مات أبي ، ماتت عمتي و لحق بها ابنها ، مات شاعري المفضل .... أخاف الموت الذي يحوم حولي ....... أنا خائف .
سيدة حرة وصديقا وفيا
سيدة حرة وصديقا وفيا
لنذهب معا في طريقين مختلفين
لنذهب كما نحن متحدين،
ومنفصلين.
ولا شيء يوجعنا
لا طلاق الحمام ولا البرد بين اليدين
ولا الريح حول الكنيسة توجعنا
لم يكن كافيا ما تفتح من شجر اللوز
فأبتسمي يزهر اللوز أكثر
بين فراشات غمازتين ***
وعما قليل يكون لنا حاضر أخر
ان نظرت وراءك لن تبصري
غير منفى ورائك
غرفة نومك
صفصافة الساحة
النهر خلف مباني الزجاج
ومقهى مواعيدنا كلها، كلها
تستعد لتصبح منفى، اذا
فلنكن طيبين!
لنذهب كما نحن
أنسانة حرة
وصديقا وفيا لناياتها
لم يكن عمرنا كافيا لنشيخ معا
ولنسير الى السينما متعبين
ونشهد خاتمة الحرب بين أثينا وجاراتها
ونرى حفلة السلم ما بين روما وقرطاج
عما قليل.
فعما قليل ستنتقل الطير من زمن نحو اخر
هل كان هذا الطريق هباء
على شكل معنى، وسار بنا
سفرا عابرا بين اسطورتين
فلا بد منه، ولا بد منا غريبا يرى نفسه في مرايا غريبته؟