فوزية السندي
لها
لطفلة تتعثر بعتبات البيت
لصبية تغار من شعرها
لامراة تظلل قلبها بالحب
لأم تلعب مع عيالها
لشاعرة ترحم الحرف
لفوزية
تلك التي أحبها
دموع طفلة تتجاورعلى شرائط البلور
وهي تلملم حاجياتها من رصيف يصغي
لصق الحائط تدحرج ظلها الممدود حتى عتبات البيت المنكسرة لغيابها
ثمة صبية يتعاركون ونزيف الغبار يثلم رئتيها بحرير رعب آت
تنتعل نبضات قلب يهلع لخلاياها
وكأنها تمشي
حقيبة الدرس تومىء لعظامها الصغيرة :
لا تقلقي من ثقلي..سنصل
وهي زائغة الذاكرة، مشغولة بالوهم تدرك:
ان في الطريق بين بيت الدرس وبيت الام
ثمة مسافات من الصعب مدارات وجعها
هاهي تحلق في بياض العمر
لم تلون شعرها بسواد مضى تتفهم سره
هاهي تنظر لطفلتها الرحيمة التي تناجيها بوجيع الحب
تمسد على ماضيها وتبتسم لذاك الطريق الذي بدا للوهلة يحن ويأبه
غسلت صحونهم ووضعتها قرب منشفة مبتلة
ومضت لكتاب قديم تمتحنه على فراش نسيت ان توقظه من البارحة
حالم واسير لشغافها الطرية
قبل أن تنام، يسقط الكتاب بين عينيها
أراها الان
بثوبها الازرق القطنى وشعرها المسدول كنهيرات تتعارك بهدوء
فمها المضموم من هول ما تشهد في كوابيسها الغجرية
ودفء يديها التى تتوسد قلبها
حبيبتى الصغيرة
تلك التى احبها
جارة الفراغ
لصق الجدار
ثمة عناكب طفيفة في خفتها تؤنسن الفراغ
عذرية لا تطاق
خيط خفي وآخر يلهو بقربه
منظر الهواء وهو يحدق بجدية عبثه
يجعلني اقهقه وانا امتثل لجديته.
كأنه يحاول أن يفسر
ليست دوائر ولا منحنيات ولا
كمين مثير
أؤجل تنظيف الزوايا
وصدى أمي كعادته يهدد وحدتي
لا استطيع الغاء المذهل وهو يتخفىى امامي
لأنجو من جثة كئيبة لذبابة تتهشم في حرير مرير
ارقب التفاصيل الاكيدة
مشمولة بموهبة النظر الابدي لشغل الله
حتى..
بدا صمت أكيد يتكسر
أوامر تقترب بجدية أشد
وأنا أزحزح المشهد لمكان ما ..لا اسميه
بثوبي الازرق الصغير
بضفيرتي المشدودتين دوماً
بطاعتي العمياء كعباد شمس اعمى
بخوفي الاول
اشد على قلبي لئلا يتمزق
وانا اشهد يدا امي تبددا جارة الفراغ مني
أول الشعر
فراشة عليمة بحال اللون
صديقة أبهرتني بكتاب صغير لكلام لم اعهده
لم يكن متراصفا ليحكى
ولا معلنا ليهدي
ولا كثيرا لأمل منه، كان نادرا ما يوصف
امسكته بيقين طفلة انه الحب
انتظرته طيلة امي وهى ترضعني روحها
لما ابتعدت عنها
توعدت روحي بما يشبه الحليب سيقترب مني
انه الآتي ..
فعلا ، كان ناصعا، لذيذا، حبيبا، مترفا، جشعا، طريا
كقلبي
لذا احببته
مذ رأيته
اخبرتني صديقتى انه الشعر وهو للثورة ضد الظلم ولتغيير العالم
وللفقراء والعمال والاطفال الجوعى وللعشاق احيانا حين ينكسر القلب
اخذت الكتاب منها وانزويت
الانزواء حيلتى المفضلة لمراوغة الفراغ
شبرا..شبرا اتهجاه حتى اصول
وابدو كمن تترجى الحروف
فعلا كان شعرا..
ليس للحرب كما انخدعت به
بل للحب
كما تهت به
صدقته، لثقتي بمن حولي لا بي
ليس لصغر حجمي بل لبداهة عقلي
بالرغم من نصح مخيلتي
لم آبه بي
دموعي
تتعثر الان على وجنتي
وانا اتذكر ذلك العنف المؤسس ضدي
غفرت لكل حرف داهمني
سامحت كل كتابة اغوتني
لأنى من داهمنى واغواني
عرفت الشعر
عندما بدا يجثو على بياض جديد اشتريته
كان لامعا بصهد معرفتي الاولية
يطالعنى وانا اكتبه واطالعه يطالعني
كنا نترفق بهوانا
جديدين معنا نرتقى الحصوات الصغيرة
نتعثر ونترشرش بالماء على تعابيرنا المنذهله من خفتنا
كثيرا ما استرقنا النظر لملاعب الآخرين وهي تتأهب
كنا معا قرب نهر العمر ونشهر انخابنا الخفية
احببته وصارحنى بحبره
بلا خبرة ولا مشقة
اعتدت ان اراه كالهواء
الجائل بجسدي
هل اقول لم احببته ام لم واكبته
ممر اداخني
عرفت الحب فيما بعد القلب، لم يكن كمثله
ونادمت الفقد ايضا، لم يصر بي ما صايرته
كان الشعر بمهابة القليل النادر الذي يعتريني
وانا اجايله
الطفلة غامت بالشعر
اراها الأن والاوراق
تطفو
كفراشة عليمة بحال اللون
عهدة الراوي
الرواية ملهى يؤدي بي الى نهايات محتملة كل سطر
لأقرأ لابد ان اتكوم في منتصف السرير
واستند على هواء الله
اثق بشخوص ومداهمات وشقاوة تتناسخ امامي
ببطء اتذوق حساء الحروف
كالاميرة التائهة في غابات الصعاليك
تتفقد خطوها لتنجو
يختفي الماحول وانزلق في البعد الادهى
لا ارى الفاصلة
والنقطة لزوم الحبر المتبقي
متحف مؤثث بالحاصل بين كثر من الحالات
لا اتعاطف مع احد
عودت روحي مذ تهالكت في "البؤساء"
ان اقرا بحذر
فللراوي عهدة خطيرة ينوى بها استلاب سلامي
الرحلة مضنية
العائلة تتجذر باصوات وأوامر وضحكات
تهشم المسافة بينى وما اتفهم
رحيلى مشروط بجفائي
اتعاقد مع الراوي لينتظرني قليلاً
ريثما اغسل ماتبقى من عشاء
معه طيلة فقاعات الغسل وقرقعة الملاعق
معهم طيلة مسح الطاولة وانهاء المساء
قبل ان ارتخي لحروفي التائهة
اعتذر للرواي الذي غفى على ساعديه
وانهل ما فاتنى منه
"الأم" بدايتي وتلاها ما لا احصي من تكهنات الخلق
تشيخوف وكافكا ونيكوس كازانتزاكيس
كانوا القوارب التى عبرت بها نهر عمري
لألتقي امين صالح وسليم بركات وفريد رمضان
حتى بدا وليد ينتش جراحاتي
حكاة كثر
داوا ما تقدر لهم من خدوش ألمت بطفلة تغفو
حين افترقنا
تيقنت من حبه
نظرا لسماحة التفاصيل القتيلة في قميصه
اقل من الصبر
وادهى من خيال مريض
عطر تهشم في هواء الريح
لوصفه ابقي اصابعي بعيدة عن الحروف
لتبتكر ما يليق
لمراهقتي فعل التحدي
لم يكن شعري شريدا بما يكفي لاغلق جرأته
ولا جسدي مأمورا لي
ولا ثيابي ضيقة او عطري أهوج
كنت السكينة مهداة الى الخجل القليل
نافذة العينين، ضاحكة القلب، ضئيلة العظم الكافي لاسناد ظلي
كان
عالي الحب، بشعر ينتحر على جبين ينبىء بالقتل
يتقدم مسربلا بنظرات تشيع الفجور
ليس قميصا بل شراعا يرض العواصف
بنبض يتقن كل قلب
معلمي الاول
لتهجي الحب الكفيف
أول النظر
ضحية العيد الاول
عندما كانوا يجرونه وسط صريخ اخوتي
شممت رائحة فروته المتعرقة بماء الهلع
لم اقدر على اغماض قلبي
عن منظر يسيل له الألم
في البدء لم اقصد أن أفر من كافة العرض
لكن تهيبت أوامر ابي وهو يدعونا لنلعب معه
كان صغيرا يثغو بصمت يتحشرج من شدته
ظمأ للماء يدعه يتهادى مفتشا عنه
لولا الحبل لما انحنى بكامل جرأته وهبط على الارض
امام صرة خضراء تذبل من هول ما تتوقع
كنا ننتظر العيد معه
نعد الوقت الذي يقترب
دون احتمال واحد للدم الذي سوف يتشرشر
ليلتها نمت على وعد العيد الحلو بكل فخامته
ثوبي معلق وحذائي ينتظر وشرائطي تتأهب
صيحة واحدة من امي كانت كفيلة بنثرنا عن الاسرة المتلاصقة
واندفاعنا لرؤية العيد
جاهزة كملاك ازرق، لامعة، معطرة، بحقيبة فارغة اتمشى في البيت
صوت عراك قادم باحذية وقرقعة اواني وشحذ ما
أجل دهشتي وجرني لأراه
كنت في طابق يعلوه انظر للحديقة
حيث يرتمي واقدام ثقيلة تسند انفاسه
يراني بعيون تموت
واراه ملونا بدمه يستجدي عطفي الطفل
ابتعدت وبكيت
كل العيد كنت اراه
قلب الساردة
تلملم حجب الله
منسلة من تعاويذ بطيئة الفهم
لها المدركات فاتحة مسلاتها الأليفة
تناوش محبتهم برفق الجليل
كلما سهت عما تراكم
حاصرها الحصى بوأد الدليل
قلت لي في عناق يغزو عطري
اندسي بقلبي لاتصوخ همسك
لأرصف حروفي مما يتقاطر من حبرك
شفيت منك
محوت الحياة كملح اذاب البحر
يا لصبر هواك
الركوع امام صعبك
ليس نسيانك
لكنه تجرعك على مهل نخب خال
غابة العقل ثكلى بالمرارات
لأكسوها بما تكسر، تشاغلت بالزئير المخيف لحزني
اتلوك كلما تصدع محراب القول
اهدر العقاب كالحاصل للنبيين
لأتناسى كالفأس دربتك على العناق القتيل
أهون على الموج ان لا يرى البحر
من ان يتعلم كتمان الهبوب
في حديقة قلبي
ينتحل دمي مع كل قطرة دمع
تتلاشي مني
ادرب الحواس على مهارة حصى الحياة
لولا جفل الباب من خبط الغريب
لما اسرعت قدمي بابتعاث الطريق
اغرقت الحكمة
وفتلت حبل القارب لانهمر
تصاعد الغبار ليس بفعل الرياح
بل تمرد الرمال
فوز طفلة صغيرة جداً
لتتهجى حرف الانتحار
هذا ما فعلناه بدميتها ودمها في آن
ايها الجليل قد قنديلك
البيت تدريس واسع لقبر يضيق
تتحلى الحرباء
بما يبهرها كانها تراها
والقمريطفىء ما تشعله الشمس
ينسى انها تطفو بما يشتعل منه
غدر الحرف في تجوالها الأعمى
نحو ذاكرة ميتة لا يحييها الحبر
الطفلة التي لا تعرفني
كبرت كثيراً حد العجز عن تصويبي
ضفائر شعري
تعويدي على النظم لا النثر
حبك
معجزة لا تغادرني
ادركني ادركني
ادركني