آخر المساهمات
2024-10-12, 12:21 am
2024-10-12, 12:19 am
2024-10-12, 12:14 am
2024-10-12, 12:14 am
2024-10-12, 12:13 am
2024-09-21, 5:25 pm
2024-07-21, 2:12 am
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

مقالات بلال فضل عن محمد حسنين هيكل

hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11575
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : مقالات بلال فضل عن محمد حسنين هيكل 15781612
مقالات بلال فضل عن محمد حسنين هيكل Icon_minitime 2016-02-23, 2:09 pm
مقالات بلال فضل عن الصحفى محمد حسنين هيكل
@hassanbalam
#رحيل_المستولى_على_الرؤوس
مقالات بلال فضل عن محمد حسنين هيكل 780077561

لعل من أعجب ما تقرأ في رثاء الكاتب الصحفي الكبير، الأستاذ محمد حسنين هيكل، هو دعوة بعض مريديه إلى ضرورة أن يتم الفصل بين قيمته الصحفية ودوره السياسي وارتباطه بالسلطة، وهو ما يجعلك تشك إذا كان هؤلاء يفهمون طبيعة مشوار الرجل جيداً، وحقيقة مسيرته، لأن هيكل لو ظل صحفيا فقط، مكتفياً بأسلوبه البليغ وعمله الدؤوب، من دون أن يكون له دور سياسي، لكان قد وصل، في نهاية المطاف، إلى أقصى درجات الترقي المهني التي وصل إليها رؤساء تحرير من جيله، مثل حلمي سلام أو مصطفى بهجت بدوي، أو في أحسن الأحوال أحمد بهاء الدين. لكن ما جعل محمد حسنين هيكل ما هو عليه كان، بالأساس، ارتباطه الوثيق بسلطة جمال عبد الناصر، وهو الارتباط الذي ظل هيكل مستفيداً منه بعد رحيل عبد الناصر، بوصفه حائز وثائق العهد الناصري وكاتم أسراره، ولو نزعت عنه ذلك، لنزعت عنه الكثير من أسباب هالته وهيلمانه.


مثل أغلب أبناء جيله من الصحفيين الذين ساندوا/ باركوا/استسلموا لسيطرة سلطة يوليو الحاكمة على الصحافة، كان الأستاذ هيكل يدرك أن نجاحه المهني لن يتحقق إلا من خلال وجود علاقات وثيقة له بسلطة يوليو ورجالها، لكن هيكل كان وحده من بين أبناء جيله الذي نجح، في وقت قياسي، في التحول من كاتب سلطة، إلى كاتب صاحب سلطة، وذلك بفضل قدرته على قراءة مفاتيح جمال عبد الناصر، بشكلٍ سرعان ما جعله يصبح صوتاً مشاركا لعبد الناصر، بدلا من أن يكون فقط ناقلاً لصوت عبد الناصر، لكن الأستاذ هيكل لم يكن ليتوقع أن تلك العلاقة الخاصة التي أفادته، طوال سنوات عمره، لن تكون مفيدة له أبداً في ختام عمره، وبعد رحيله، لأن الأجيال الجديدة التي نشأت، والتي ستنشأ، متحرّرة من سطوة حضوره، ومن صخب مريديه، ستحاسبه بالضرورة على كونه مسؤولا عن خطايا كثيرة، حدثت في وقتٍ كان باعترافه مؤثراً على صانع القرار، بل ومشاركاً في صنع القرار، خصوصاً أن تلك الخطايا التي شارك في صنعها هيكل لم تصبح جزءا من الماضي، بل لا زالت حاضرة في حياة الأجيال الجديدة، وكابسة على أنفاسها، وقاتلة لأحلامها.

ربما كان تعامل الأجيال الجديدة مع هيكل سيختلف، بعض الشيء، في ظني، لو كان قد التزم فعلا بقراره الجريء الذي اتخذه في عام 2003 مع بلوغه سن الثمانين، حين أعلن فجأة “استئذانه في الانصراف”، فقد كان من شأن ذلك الانسحاب، لو تحقق فعلا، أن يثبِّت في أذهان الأجيال الجديدة صورة ختامية لهيكل، ككاتب تغير موقفه من السلطة العسكرية الحاكمة، فأصبح أبرز معارضي أنور السادات وخليفته حسني مبارك، وكان سيظل محسوباً له أنه أبرز من قام بتشخيص أزمة نظام مبارك، وفي وقت مبكر هو عام 1995، حين صكّ في رسالته إلى الصحفيين المحتجين على مشروع قانون لتقييد حرية الصحافة، تعبيره الشهير “سلطة شاخت على مواقعها”، ثم قام في محاضرته الشهيرة في الجامعة الأميركية في القاهرة، وفي وقت مبكر أيضاً، هو خريف 2002، بإثارة ما كان يتحدث عنه الناس همسا، عن مشروع توريث السلطة لجمال نجل حسني مبارك، وكان من شأن تلك المشاهد المهمة أن تكون مؤثرة للغاية، في لحظة الحساب الختامي التي يجريها الناس لأي كاتب مهم ومؤثر وإشكالي.

لكن “انصراف” الأستاذ هيكل لم يكن في الأصل حقيقياً، بل كان خطوة مسرحية متقنة الصنع

“لو ظل هيكل صحفياً فقط، مكتفياً بأسلوبه البليغ وعمله الدؤوب، من دون أن يكون له دور سياسي، لكان قد وصل، في نهاية المطاف، إلى أقصى درجات الترقي المهني التي وصل إليها رؤساء تحرير من جيله”
من شخصٍ شديد الذكاء، بدأ حياته المهنية محرراً مسرحيا، بناء على نصيحة أستاذه محمد التابعي، خصمه اللدود فيما بعد، فسرعان ما اتضح أنه كان انصرافاً عن أعباء الكتابة التي لم تعد تحتملها سنه المتقدمة، وليس انصرافاً عن ملء المجال العام حضوراً وحديثا ومشاركة، وهو ما يطرح تساؤلاتٍ حول ما إذا كان لذلك القرار علاقة بانحسار الصحافة، مهنته الأثيرة، لمصلحة وسيط التلفزيون الأكثر انتشاراً وتأثيراً، وهو ما يؤكده قرار هيكل أن يبدأ، بعد فترة، ليست بعيدة ظهورا أسبوعيا من خلال قناة الجزيرة، عبر برنامج “مع هيكل ـ تجربة حياة” الذي كان شريكا في إنتاجه أيضاً، ليدمن هيكل، منذ تلك اللحظة، الظهور التلفزيوني حتى آخر أيام حياته، لتنشأ أجيال لم تعرف هيكل، كما عرفه جيلي والأجيال السابقة له، في صورة الكاتب المبهر بمعلوماته المتفردة، ووثائقه المفاجئة وأسلوبه الساحر، فقد عرفته هذه الأجيال في دورٍ جديدٍ، لم يبهر إلا بعض عشاقه القدامى، دور الجد الذي تمتلئ جعبته بحكاياتٍ لا أول لها ولا آخر، والذي يعبر أحياناً الحد الفاصل بين الحكي والثرثرة، خصوصاً حين يدخل مستطرداً من حكايةٍ إلى أخرى، من دون أن يقاطعه أحد، أو يوجه له أحد محاوريه أسئلة حقيقية، ليس فيها مجاملات ولا انبهار مسبق بحكمته وذاكرته ومشواره.

لذلك كله، لم يكن غريبا أن يتعامل مع هيكل بقسوة كثيرون من أبناء الجيل الذي شهد هيكل التلفزيونجي دائم الاستطرادات، ولم يعرف هيكل الجورنالجي والكاتب المحكم والمقتدر مهما اختلفت معه. وبالنسبة لجيل كهذا، عايش مصر، وهي في أسوأ أحوالها وأحط ظروفها، لم يجد شيئاً مبهراً في فكرة أن يظهر هيكل كمشارك في كل أحداث مصر المهمة منذ الخمسينات وحتى منتصف السبعينات من القرن العشرين، فقد كان ذلك بالنسبة لهم اعترافاً علنياً ومتكرراً بدور هيكل في صناعة دولة اللواءات التي كبست على أنفاسهم، وحطمت أحلامهم. ولذلك، لم يصدقوا محاولاته لعزل نفسه عن نتائج سياسات دولة يوليو، ثم دارت الأيام، ليفقد الرجل تأثير معارضته القوية مبارك، مع كل ما نشر عقب ثورة يناير من أخبار ومعلومات عن شراكة بعض أبنائه التجارية مع نجلي مبارك، ثم تبدّد رصيده نهائياً، حين رأته الأجيال الجديدة قبل ومع صعود عبد الفتاح السيسي إلى السلطة، وهو يعيد لعب دور العقل المفكر للجنرال الحاكم الملهم “الضرورة”، فاستحق أن يصبّوا عليه جام غضبهم على مجمل أدواره في خدمة الدولة المستبدة، معبرين عن ذلك بكل ما استطاعوا عليه، حتى لو كان سخريةً لا ترحم من عمره المديد، وذاكرته الحاضرة بشكل دائم يثير الريبة، وإصراره الدائم على عدم الانصراف.

“يسكن داخل عقلي”

كان جمال عبد الناصر واضحاً في تحديد علاقته بمحمد حسنين هيكل، حين قال في حوار صحفي أن هناك فرقا شاسعاً بين هيكل وباقي الصحفيين، “فهم دائماً يسألونني عن الأخبار الجديدة والمشروعات الجديدة، أما هيكل فهو الوحيد الذي كتب ما لم أبح به، وكان مجرد خواطر داخل رأسي، وقبل أن أتحدث عنه.. هيكل وحده الذي يستطيع أن يوصل رسالتي إلى الناس، لأنه يسكن داخل عقلي”.

بالطبع، لم يصل هيكل إلى هذه المنزلة من فراغ، أو فقط لأن الكيمياء البشرية جمعت بينه وبين عبد الناصر، بل عبر مجهود بدأه، كما يروي في كتابه “بين الصحافة والسياسة”، منذ عرف عبد الناصر في 2 يونيو/حزيران 1948، وهي معلومة يطرح الكاتب رشاد كامل في كتابه “ثورة يوليو والصحافة” حولها ملاحظات متشككة، مهما وجدتها مثيرة للاهتمام، وعلى الرغم من أن أنور السادات، في أول تأريخ له لتطورات الثورة نشره عقب قيامها بفترة قصيرة، لا يأتي أبداً على أي ذكر لهيكل وعلاقته بعبد الناصر، فإن ذلك لن ينفي حقيقة أن هيكل استطاع أن يكون أقرب صحفي إلى عبد الناصر، بعد أن بدأ نجم عبد الناصر يلمع، بعد أسابيع من قيام الثورة، ومنذ أن بدأ المقربون من الكواليس يدركون أنه القائد الحقيقي للثورة.

ومع أن عبد الناصر ظل على علاقة طيبة وقوية بعدد من كبار الصحفيين، إلا أن كفة الميزان
“عبد الناصر ظل على علاقة طيبة وقوية بعدد من كبار الصحفيين، إلا أن كفة الميزان مالت تماماً ونهائياً لصالح هيكل، بالتحديد في مؤتمر باندونج عام 1955”
مالت تماماً ونهائياً لصالح هيكل، بالتحديد في مؤتمر باندونج عام 1955، حيث لم ينتظر هيكل كباقي زملائه أن يعطيه عبد الناصر ما يرسله إلى قراء صحيفته، بل بذل كل ما في وسعه لكي يوصل إلى الرئيس الناشئ كل ما يمكن من معلومات وأسرار، أفادت عبد الناصر كثيراً في رسم شكل تعاملاته مع زعماء العالم، وهو ما ساهم في صنع صورته على الساحة الدولية، منذ أول ظهور مهم له فيها، لتصبح المعلومات ركيزة العلاقة بين هيكل وعبد الناصر، منذ البداية وحتى النهاية، وهو ما يتفق عليه أحد تلاميذ هيكل، صلاح منتصر، في مقالته “هيكل شاهد أم شريك؟”، المنشورة في “الأهرام” بتاريخ 1 مايو/أيار 1983، وأيضا أحد أبرز ناقديه المفكر الدكتور فؤاد زكريا في كتابه المهم (كم عمر الغضب)، حيث يرى الاثنان أن هيكل لم يصل إلى ما وصل إليه لولا المعلومات التي بدأ باعطائها لعبد الناصر، قبل أن يسدّد له عبد الناصر تلك الديون المعلوماتية أضعافاً مضاعفة، عن طريق فتح خزائن أسرار الدولة كلها له، ومنحه ما لا يستطيع غيره من الصحفيين أن يحصل عليه من وثائق الدولة، وهو ما أطلق عليه فؤاد زكريا تعبير “سلاح الأرشيف” الذي وصفه بأنه “سلاح ذو حدين، يعطي أولا ثم يأخذ بعد ذلك بلا حدود”.

تجدر الإشارة إلى أن معلومات هيكل التي كان ينقلها إلى عبد الناصر، لم تكن فقط معلومات مهمة مستمدة من علاقاته الدولية، التي تكونت من خلال عمله المبكر في صحيفة “الإيجيبشيان جازيت”، ومن رحلاته الخارجية إلى مناطق الصراعات في العالم، والتي زامل فيها صحفيين أجانب أصبحوا مثله صحفيين مهمين في بلادهم، بل كانت، في بعض الأحيان، معلومات بسيطة أقرب إلى النميمة كان يحرص على أن يرويها بشكل عادي، وهو يدرك أنها ستتحول إلى قرارات، يمكن أن تسبب له حرجاً بالغا مع معارفه وأصدقائه، لكن هيكل الرجل الطموح، والذي عمل، طوال عمره في خدمة مشروع مهم اسمه محمد حسنين هيكل، كان قد حدد، منذ البداية، مجال اهتمامه، وقرّر أن يتقبل كل الخسائر الإنسانية التي قد تضطره تقلبات الزمن إليها. خذ عندك الواقعة الدالة التي يرويها مصطفى وعلي أمين (صديقا هيكل الحميمان اللذان تحولا فيما بعد إلى عدوين لدودين، في علاقةٍ مدهشةٍ لم تقدرها الدراما المصرية بعد حق قدرها) عن أن هيكل حكى لعبد الناصر في أحد جلساتهما اليومية، أنه حضر عشاء وصفه متعمدا بأنه “ملوكي” عند صديقه القيادي الوفدي، سعد فخري عبد النور، قائلا له: “ده الأكل جه من مطعم مكسيم في باريس، وأكلنا في أطباق ذهب وسكاكين ذهب وشوك ذهب”، لينتفض عبد الناصر غاضباً، ويذهب إلى التليفون سائلا هيكل “إسمه إيه اللي كلت عنده ده؟”، ليصدر في اليوم التالي مباشرة أمراً بالقبض على سعد فخري عبد النور، ووضعه هو وأخويه موريس ومنير تحت الحراسة.

“أنا يا ناس هيكلي”

في حوار لهيكل مع الصحفي اللبناني الكبير سليم اللوزي أجري سنة 1971، يسأله اللوزي: “هل كنت ستحقق كل هذا النجاح، لو لم يكن لك ذلك المركز الممتاز عند عبد الناصر”، فيجيب هيكل قائلا بثقة: “الذي صنع لي مركزي عند عبد الناصر شيء واحد هو قدرتي على خدمة الهدف العام الذي كان يسعى إلى تحقيقه. ليس هناك أي سبب آخر، فلم نكن أصدقاء قبل الثورة ولم أكن أقرب الناس إليه”. ولعل إجابة هيكل الواضحة هذه هي التي تعطي الكثير من الوجاهة والمصداقية لأسئلة صديق وزميل سابق لهيكل، هو الصحفي الفلسطيني الكبير والمثير للجدل ناصر الدين النشاشيبي، الذي سنغض البصر عن اتهامات شخصية كثيرة، وجهها لهيكل، لنركز على أسئلته التالية: “من كان أكثر الناس أثراً وتأثيراً على عبد الناصر؟ من كان يستهين بالمواقف ويهزأ بالإنذارات، ويضحك من التهديدات لكي يبقي على مكانة لدى عبد الناصر؟ من الذي كان يؤكد أن إسرائيل لن تحارب، وأن العملية مجرد لعبة بوكر، سلاحها قوة الأعصاب، لا قوة الحرب؟ من الذي قرّر ونصح؟ من الذي سمى الهزيمة نكسة، وأضاع البلد في غمرة قرار مرتجل، أمر بإغلاق المضايق، وطلب سحب القوات الدولية؟ ألم يكن هيكل هو الذي لا ينام في الثالثة صباحاً إلا بعد مكالمة تليفونية من عبد الناصر؟ ألم يكن سفير بريطانيا ينتظر في مكتب هيكل لمدة ساعة دون شكوى؟ ألم يكن هيكل هو صاحب النفوذ الذي جعل أحمد عبود باشا، أغنى رجل في مصر، يتمايل أمام هيكل ليقول له: “أنا يا ناس هيكلي”، وجعل السادات ينصح أحمد يونس: “هيكل ماحدش يقدر يصطدم بيه”، وجعل الزعيم السوري فخري البارودي يقول لهيكل: إحنا خدامينك سيدي هات إيدك أبوسها، وجعل عبد الناصر لا يتحرّج أن يسأله أمام الصحفيين بعد خطاباته التي كان يكتبها له مثلما كتب له (فلسفة الثورة): هه.. إيه رأيك يا هيكل” ليقول له هيكل: تمام يا فندم”.

لم يجب الأستاذ هيكل، للأسف، على هذه الأسئلة، ولم يعلن أبداً عن استعداده لتحمل “نصيبه من المسؤولية”، طبقا لتعبيره الشهير الذي صكّه في خطاب التنحي، أشهر الخطابات التي كتبها لهيكل، بل وربما كان أشهر الخطابات الرئاسية في التاريخ العربي. بالعكس ستجده على الدوام مبرراً ومبرئا لنفسه من مغبة كل ما أخذه عبد الناصر من قرارات، وبخاصة في كتابه “الانفجار” الذي قدم فيه روايته لهزيمة 1967، التي أشاع بين المصريين وصفها بالنكسة بعد ذلك، وهو ما يعلق عليه الدكتور فؤاد زكريا الذي يتعجب من أن هيكل “يستثني نفسه من اللوم دائماً، ويصب اتهاماته على الغير، وكأنه كان، طوال الوقت، مشاهداً محايداً، أو ناصحاً أميناً لا يستمع إليه أحد دون أن ينقد ذاته أبدا”.

في الغد نتحدث عن تعبير (المستولي على الرؤوس) الذي أطلقه إحسان عبد القدوس على هيكل، فإلى الغد بإذن الله.


لولا رهان الأستاذ محمد حسنين هيكل الدائم على ضعف ذاكرة المصريين، وإيمانه بما قرّره قديما أمير الشعراء، أحمد شوقي، بأن “كل شيء في مصر يُنسى بعد حين”، وما ترجمه نجيب محفوظ، بعد ذلك، نثراً حين قال إن “آفة حارتنا النسيان”، لما كان قد كُتب لهيكل الاستمرار متربعا على قمة الصحافة ستة عقود، وهو رهان هيكلي ستجده لدى كثيرين من تلاميذه القدامى والجدد، الذين لا يعبأون، على الإطلاق، بتبديل مواقفهم طبقاً لاتجاه الرياح السلطوية أو الجماهيرية، لأنهم يعلمون أن ضعف الذاكرة الجمعية سيجعلهم يمرّون بمواقفهم ونقائضها، من دون رقيب ولا حسيب.


حين يروي هيكل، في كتابه الأكثر إثارة للجدل “خريف الغضب”، وقائع مجيء أنور السادات نائباً لعبد الناصر، يحرص على التأكيد أن اختيار السادات كان مجرد مصادفة وقعت في غفلة من الزمان، وأن سجل السادات كان حافلا بالشبهات، من دون أن يرى في ذلك أي تناقض مع ما سبق أن رواه في الكتاب نفسه عن كونه صاحب الدور الأكبر في تثبيت صاحب السجل الحافل بالشبهات على عرش مصر. في حوار لهيكل مع الكاتب صلاح عيسى، يقول إنه “كان يعلم أسباب القصور في السادات، لكنه تصور أنه سوف يتطور، قبل أن يخيّب السادات ظنه”، وهو ما يعلق عليه الدكتور فؤاد زكريا في كتابه “كم عمر الغضب؟” قائلا بحدة: “ما الذي أرغمك على هذا التصور، يا سيد هيكل، ألم يخطر ببالك أن الحكم والقوة ستزيد السادات فساداً”، مضيفا أن هيكل يهين عقل القارئ، حين يتصور أن القارئ سيتغافل عما سبق أن رواه له هيكل عن مؤازرته السادات، وأن القارئ لن يلتفت إلى أن هيكل يقدّم لوقائع حياة السادات وجهين: وجها ساطعا وبراقا في عامي 71/72 ووجهاً قاتماً تماما في عام 83 عندما أصدر كتاب “خريف الغضب”، والمؤسف الذي ربما أدركه فؤاد زكريا، مع مرور الوقت، أن رهان هيكل على ضعف ذاكرة القارئ كان صائباً، وأنه نجح في استغفال عموم القراء الذين صدّقوا أن غضبه على السادات كان أصيلاً وصادقاً، ولم يكن مرتبطاً بغرض ومصلحة.

“في حواره مع صلاح عيسى، يحلل هيكل أسباب خلافه مع السادات، قائلا إن السادات “كان يشعر بالفارق بين علاقتي به وعلاقتي بعبد الناصر، وربما كان إحساسه بأنني لعبت دوراً في توليه السلطة لم يكن يعطيه سعادة، فالإنسان عادة لا يسعد بأن يكون مديناً لأحد””
في حواره مع صلاح عيسى، يحلل هيكل أسباب خلافه مع السادات، قائلا إن السادات “كان يشعر بالفارق بين علاقتي به وعلاقتي بعبد الناصر، وربما كان إحساسه بأنني لعبت دوراً في توليه السلطة لم يكن يعطيه سعادة، فالإنسان عادة لا يسعد بأن يكون مديناً لأحد”، ثم يروي هيكل كيف أن السادات طلب منه أن يكتب عن ثورة السودان، فقال له هيكل: “أخشى أن تفهم أن عبد الناصر كان يحدد لي ما أكتب فيه، وهذا غير صحيح، وأنا أعترض على أن تحدد لي ما أكتب فيه”. لكن هيكل لم ينكر أنه، بعد فترة من القطيعة بين السادات، وافق على طلب السادات بأن يكتب له أحد خطاباته، ولم يمانع، ما يعني رغبته في أن تظل إشارته الخضراء مضيئة في وجه السادات، لتظل كذلك، حتى رجحت كفة موسى صبري الذي قرّر السادات أن يجعله كاتبه المقرب، ويستبعد هيكل من الصورة تماما.

المستولي على الرؤوس

قبل أن يصبح موسى صبري كاتب السلطة الأول في عهد السادات، كان قد استمع إلى رأي ثاقب في سلفه محمد حسنين هيكل، قاله له الكاتب والروائي، إحسان عبد القدوس الذي تربطه علاقة مركّبة بهيكل، جعلته يكتب عنه من دون تسميته طبعا، في روايته “وغابت الشمس ولم يظهر القمر”، وهو ما فعله روائي آخر من مدرسة روز اليوسف نفسها، هو فتحي غانم الذي استلهم علاقة هيكل بالتابعي في روايته الشهيرة والجميلة “زينب والعرش”.

قال إحسان لموسى صبري: “طريقة هيكل هي أن يستولي على الرأس، استولى على رأس والدتي روز اليوسف، ثم استولى على رأس محمد التابعي، ثم استولى على رأس التوأمين مصطفى وعلي أمين، ثم على عبد الناصر”. وبالطبع، لم يكن إحسان يقصد أن هيكل استولى على هؤلاء جميعا بالسحر والأعمال السفلية أو بحديثه المعسول وشخصيته اللطيفة، بل كان يقصد أن هيكل استولى على كل هؤلاء، بسلاحه الأهم والأمضى: المعلومات والوثائق، وهو نفس السلاح الذي استولى به، بعد أن فقد موقعه في السلطة، على عقول تلامذته ومريديه، وعلى عقول قرائه ومشاهديه أيضا، واستطاع بفضله أن يمرّر كثيراً من تناقضات مواقفه وأحكامه الخاطئة، لأن للمعلومة والوثيقة سحراً فريداً، في بلد يصعب الحصول فيه على أي معلومة موثقة.

على مدى سنوات طويلة، كان هيكل يبهر الكثيرين من متابعيه، حين يعرض معلومات تم نشرها في كتب أجنبية، أو أتيح الاطلاع عليها للباحثين، بعد انتهاء فترة حظرها، وكان يعمل في مساعدته طاقم متكامل من المساعدين، يحرص على أن يكون على مكتبه كل صباح، أبرز ما نشرته الصحف العالمية المهمة بمختلف اللغات، وملخصات دورية لأهم الكتب التي تتعرض لشؤون مصر والمنطقة العربية، وكان يضيف إلى هذا الكم من المعلومات ما يمتلكه من وثائق وحكايات وأسرار، يطلعها عليه مريدو مكتبه الذي تحول إلى مزار قاهري، لا يأتي سياسي عربي أو أجنبي إلى مصر وزاره، ليحظى بشرف المثول في حضرة هيكل، مقدماً قرابين الولاء، بحكايات أو أسرار أو وثائق جديدة. لذلك، ظل لدى هيكل دائماً ما يقوله ويفاجئ به مستمعيه.

ومع ذلك، تراجع تأثير المعلومات الهيكلية، إلى حد ما، لدى الأجيال الجديدة، بعد أن تضاعف تأثير الإنترنت الذي جعل كثيرا من المعلومات المترجمة عن الكتب والصحف الأجنبية متاحة لكثير من الشباب، في حين أن ذلك كان، حتى منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أمراً صعبا للغاية. يحضرني هنا مثل للتدليل على ذلك، حدث حين شاهدت الأستاذ هيكل في حوار مع لميس الحديدي، قبل عامين، وهو يتحدث عن وثيقة سرية، تمكّن من الحصول عليها، وبدأ يروي ما جاء بها بحكيه الماهر الذي يؤكد علمه الدائم ببواطن الأمور، وهو ما جعل لميس الحديدي تجلس متسمرة في كرسيها فاغرة فمها، وهي تستمع إليه، بينما كانت الوثيقة التي يتحدث عنها هيكل منشورة قبل شهرين من حديثه في موقع صحيفة الأخبار اللبنانية التي ترجمتها بدورها عن موقع ويكليكس. ولعلنا في هذا السياق نفسه، نفهم لماذا كان هيكل يشطح، حين لا يعتمد تحليله على الوثائق والمعلومات، وهو ما ظهر قبل ثورة يناير في سلسلة أحاديثه المتشائمة مع المذيع محمد كريشان، والتي تحدث فيها طويلاً عن الموت العربي، مستبعدا قدرة أي حراك سياسي على تحريك الشارع العربي، ومستخدماً تعبيرات من نوعية أن الأمة العربية تقفز في مسبح خالٍ من الماء، وهو ما نسيه تماما بعد اندلاع الثورات العربية، ليتكرّر الموقف نفسه في 2013، حين تورط في أكبر رهان خاطئ في تاريخه، حين أطلق على عبد الفتاح السيسي لقب “المرشح الضرورة”، وأخذ يكرّر وقائع لقاءاته به وانبهاره بحماسه وإخلاصه ومهاراته، ليبذل مجهوداً بعد ذلك بسنة في نفي ارتباطه الوثيق بالسيسي، بعد أن أظهر خواءه وتخبطه، ولعل عدالة السماء شاءت أن يكون ذلك الرهان الخاسر آخر رهانات هيكل السلطوية، ليدفع ثمنه غالياً من صورته التي كان يريد لها أن تظل أيقونية، حتى اللحظة الأخيرة.

هيكل والسادات


يبقى السؤال: لماذا لم يستولِ هيكل على رأس السادات، برغم ما كل فعله من أجله؟، حين يطرح الكاتب محمود فوزي هذا السؤال على الكاتب الشهير، أنيس منصور، يقول له إجابة مباشرة ونافذة، من شخص عرف السادات، كما لم يعرفه الكثيرون، حيث يقول أنيس منصور: “السادات كان يرى في هيكل أنه لا يمكن أن يكون صديقا له، أو مخلصاً، لأنه ببساطة شاف السادات وهو صغير، بينما هيكل كان كبيراً وقتها.. لقد كان السادات يعتقد أن هيكل لا يمكن أن يخلص له مثلما أخلص لعبد الناصر الذي اصطفاه وفضله على العالمين”. وهو معنى يؤكده السادات بنفسه في حوار له مع موسى صبري، نقله في كتابه “السادات الحقيقة والأسطورة”، حين قال: “كان هيكل أخطر مركز قوى في عهد عبد الناصر، لأنه كان يتولى الدعاية للنظام، كان المخرج الفني.. لذا أشركه عبد الناصر في كل تفصيلات الأمور، لدرجة أن هيكل اقتنع فعلاً أنه شريك في الحكم”. وبالطبع، لم يبدُ على السادات في حديثه هذا أنه ممتن لهيكل الذي ساعده في التخلص من بقية مراكز القوى التي كادت تطيحه من على عرش مصر.

في كتابه “السادات وهيكل وموسى”، ينقل حنفي المحلاوي رواية درامية مهمة، من دون تأكيد على مصدرها، تقول إن السادات قال لهيكل، في الفترة التي شهدت تصاعد خلافهما: “تفتكر إن الناس في مصر هيفضلوا لفترة طويلة يقرأوا لصحفي واحد فقط ـ يقصد هيكل ـ المفروض إن ده وضع لازم يتغير فوراً”، ليرد عليه هيكل: “إذا كان كلامك ده حقيقي، يا ريس، فهذا وضع أحسن مما هو حادث الآن، وهو إن كل الصحفيين في مصر الآن يكتبون لقارئ واحد”. وهي إجابة شديدة الذكاء والقوة، إن صح توجيهها للسادات، بهذا الشكل، لكنها أيضا تطرح سؤالاً مهماً على هيكل نفسه هو: “وهل كان الصحفيون في عهد عبد الناصر يكتبون لقارئ غير عبد الناصر؟”.

“يصف هيكل صداقته مع عبد الناصر بأنها كانت “صداقة الحظ والشرف”، لكنه يتناسى، وهو يطلق تعبيره الدرامي هذا، أنها لم تكن مجرد علاقة شخصية بين كاتب وقارئ، بل كانت علاقة شراكة بين رجل دولة وكاتب موهوب”
باستخدام تعبير إحسان عبد القدوس، لن نستطيع إغفال أن هيكل حاول أن يستولي بعد رحيل السادات على عقل مبارك، من خلال مبادرته بنصحه وجهاً لوجه في لقاءاته معه التي روى تفاصيلها في كتبه التي صدرت بعد خلع مبارك، أو من خلال نصحه مبارك على الملأ في رسائله التي وجهها له عبر صحيفة “أخبار اليوم”، قبل أن يمنع نشرها لسنين طويلة، وتنشر بعد ذلك في صحيفة “المصري اليوم”، لكن كل تلك النصائح لم تكن مجدية، لأن مبارك كان قد تشرب كراهية هيكل من سلفه وولي نعمته السادات، فأغلق الباب في وجه هيكل الذي أدرك سريعاً أن الزمن قد تغير، فقرّر أن يستولي هذه المرة على عقل القارئ، لتكون فترة مبارك بكل مراحلها، أهم فترات تشكيل هيكل ككاتب داخل مصر وخارجها، حيث انتقل من كونه كاتباً بارعاً في فن المقال إلى الكاتب الأبرع في فن صناعة الكتب السياسية، ليستغل أرشيفه من الوثائق خير استغلال، ويؤدي نجاح كتبه الساحق إلى تعميم الرواية الهيكلية للأحداث، مع سد السلطة الحاكمة كل منافذ الوصول إلى المعلومات، حول ما جرى في مصر، منذ بدأ في حكمها ضباط يوليو، وهو أمر حين يتغير، وحتما سيتغير، لن يدع لرواية هيكل الأهمية نفسها التي نالتها، في الوقت الذي مكنته فيه وثائقه من أن يكون “المؤرخ الأوحد”.

الحظ والشرف؟

يصف هيكل صداقته مع عبد الناصر بأنها كانت “صداقة الحظ والشرف”، لكنه يتناسى، وهو يطلق تعبيره الدرامي هذا، أنها لم تكن مجرد علاقة شخصية بين كاتب وقارئ، بل كانت علاقة شراكة بين رجل دولة وكاتب موهوب، صحيح أنها كانت، في بعض الأحيان، سبباً في إصلاح مسار قرارات خاطئة، كما يشهد بذلك محمد أحمد فرغلي، رجل الأعمال البارز الشهير، بملك القطن، في كتابه “عشت مع هؤلاء”، وهي شهادة تلقاها هيكل بامتنان شديد، وصحيح أن تلك الصداقة كانت، في بعض الأحيان، سببا في تحسين أوضاع الصحافة، وفي نجاة بعض الكتاب من بطش أجهزة الأمن، بعد أن نجح هيكل في تحويل (الأهرام) إلى محمية صحفية، تتمتع بأعلى سقف في النقد المدجن والأدب الرمزي، مثلما حدث لنجيب محفوظ، بعد أن نشر رواية “أولاد حارتنا”، وما حدث مع توفيق الحكيم حين نشر مسرحيتي “السلطان الحائر” و”بنك القلق”، لكن ذلك لن ينفي عن هيكل أنه كان شريكاً لعبد الناصر، في كل خطاياه السياسية، مهما حاول أن يتبرأ من ذلك، ولن ينفي عنه أنه اختار، بعد رحيل عبد الناصر، دور المجمّل السياسي، بدلا من دور الشاهد المتحمل للمسؤولية، على كل ما جرى في مصر من كبتٍ للحريات، وعسكرة للدولة والمجتمع، وتغليب لأهل الثقة على أهل الخبرة، وإدخال البلاد في مغامراتٍ عسكرية مفزعة النتائج، لا زالت مصر تدفع ثمنها حتى الآن، بشهادة الجنرال الذي رآه هيكل ضرورة، حين اعترف أن تحول الدولة المصرية إلى أشلاء بدأ عقب هزيمة 1967.

لكي لا يبدو حديثي هذا متأخرا، لأنه جاء بعد رحيل هيكل، أحب أن أنقل لك ما سبق أن كتبته في عام 1997، في صحيفة الدستور، وقد قلت يومها أن كون الأستاذ هيكل أهم كاتب سياسي في مصر، وصاحب مواقف مناهضة للصهيونية والهيمنة الأميركية، لن يغفر له، في نظر جيلي، “أنه كان صانع قرار في يوم من الأيام، وكاتب سلطة تحول إلى سلطة مستقلة بذاتها، ولم يجن الوطن من وراء ذلك إلا الهزيمة وغياب الحرية والخيبة في كل المجالات. ليس هيكل بالطبع سبب كل ذلك، لكنه كان مشاركا فيه، ويا ليته يحدثنا (بصراحة) محدداً مسئولياته ودوره وأخطاءه بالضبط، علنا ندعو له بالمغفرة والرحمة، أطال الله في عمره”.

“تورط في أكبر رهان خاطئ في تاريخه، حين أطلق على عبد الفتاح السيسي لقب “المرشح الضرورة””
بعد أن كتبت هذا الكلام بعام، كان لقائي الأول بالأستاذ هيكل في حفل إفطار نظمته دار الشروق، وكان الأستاذ لطيفا للغاية في معاملته معي، وكان رحب الصدر بشكل مدهش، فيما بعد، في تقبله كل انتقاداتي التي لم أتوقف عن كتابتها في مناسباتٍ عديدة، ولم تكن معاملته تتغير معي بعدها أبدا، لكنه كان يتجاوز محاولاتي لمناقشة تلك الانتقادات، كلما جمعنا لقاء شخصي أو عام أو مكالمة تليفونية، مكرراً أنه ليس لديه ما يقدمه لي، ولأبناء جيلي من إجابات عن زمنه، باستثناء ما سبق أن كتبه بالفعل، وأنه يريد أن يعرف إجاباتٍ عن زمني وزمن جيلي، وزمن الأجيال التالية له.

كتبت عن بعض هذه اللقاءات من قبل، وثمّة ما لم أكتبه بعد، وعلى الرغم من أنني استفدت كثيرا من مقابلاتي معه، خصوصا لقاءنا المطول الأخير الذي جرى في مطلع عام 2013، وكان مخصصا للحديث عن علاقته بساسة ما قبل ثورة يوليو، وعلى رأسهم الزعيم الوفدي مصطفى النحاس الذي كنت أكتب مسلسلا تلفزيونيا عنه، إلا أنني فخور بأنني قاومت إغراء التحول إلى مريد أو درويش، في حضرة هيكل الذي إن لم يستولِ عليك بلطفه، سيستولي عليك بفكرة أنك تجلس في حضرة حقبة من التاريخ، وهو إغراء وقع في غوايته صحفيون وكتاب كثيرون، عاش بعضهم سنوات طويلة، من دون أن يحقق إنجازاً صحفياً يذكر، سوى أنه كان على علاقة منتظمة بهيكل، وربما ساعدني في النجاة من ذلك أنني، في مواقف كثيرة، كانت مغرية بالانسحاق أمامه، كنت أستحضر مقولة إحسان عبد القدوس، وأقول لنفسي: “تعلم منه، اختلف معه، راقب وتأمل تصرفاته وطريقة تفكيره، قابل مودته بمودة وتقدير. لكن، إياك أن تدع هذا الرجل يستولي على رأسك”.

رحم الله الأستاذ محمد حسنين هيكل الذي لا يمكن أن ينسينا الحديث عن شخصه ودوره حديثا آخر بالغ الأهمية عن وثائقه وأوراقه، سنعود إليه ذات يوم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مقالات بلال فضل عن محمد حسنين هيكل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

صفحة 1 من اصل 1
نوسا البحر :: منتديات عامة :: قهوة المنتدى

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا