® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2016-02-08, 4:22 pm | | إسراء سيف تكتب: لكوني مُحجبة
عانيت من هؤلاء مُدعي الفضيلة لفترة من حياتي، من يألهون أنفسهم للحكم على الآخر، من يعتقدون أن الجنة والنار بأيديهم، من يتوهمون بأنهم يفهمون الدين بطريقة صحيحة ويعيشون حياتهم بلا ذنوب، ومن يختلف معهم، فهو بالتأكيد إما أقل إيمانا، أو ضال إن لم يكن كافراً! لن أنسى هذه الفتاة التي قابلتها بإحدى دور تحفيظ القرآن المُرخصة للأسف من دار الأزهر! التي كانت تحتقرني هي وصديقاتها لمجرد كوني مُحجبة! لأنها تعتقد بأن النقاب فرض، ومن ثم فأنا فاسقة لا أقيم فريضة الله وأقل إيماناً، ولا أنسى تعبيرات وجهها عندما ذكرت في إحدى الدروس “جيفارا” لتلتفت لصديقتها المُثقفة قائلة بمنتهى السخف والازدراء: إبقي عرفيني مين الأخ ده!! فررت من هذا المكان لدار أخرى مُعتدلة، لولا وجودها، الله فقط يعلم كيف كانت ستكون نظرتي لجميع دور العبادة! كانت تتكرر مثل تلك المواقف بالجامعة التي كان يسيطر على مساجدها الجماعة السلفية، المُحجبة دائما نظراتهم لها مُختلفة، بها شىء من الاحتقار، والتي ترتدي البنطال لا تصلح لها صلاة، ويجب توبيخها على الفور، والمُحجبة التي ترتدي ملابس فضفاضة وخمارا نقبل بصداقتها ولو أننا نراها أقل إيمانا لعل الله يهديها ببركة صداقتنا! أما غير المُحجبة فربنا يتولاها برحمته الواسعة! ولكن أن تُقام الحلقات بالمسجد في الجامعة بصوتٍ عالٍ لا يجعلني في الخشوع المطلوب للصلاة -وهو هدف المسجد الأساسي- فلا مشاكل فيه! ولا يحتاج توبيخا ولا توجيها من أحد، خاصة وإن كانوا فُسَّاقاَ من خارج الجماعة! المواقف التي قابلتها وآذتني لكوني مُحجبة بالجامعة وبالدروس الدينية من المتعصبين تحتاج لسلسلة من الحكايات والمقالات لا مجال لها هنا، قررت في النهاية أن ابتعد عن هذه الفئة من الأقارب والزملاء قدر الإمكان، كي أشتري راحة بالي، وصادقت من هم أكثر تفتحا وتحرراً، الذين يتقبلونني كما أنا، حتى تفاجئت بفئة منهم تزداد اتساعا بالوقت، تنظر لي نفس نظرة مُدعي الفضيلة التي تثير قشعرتي وتجعلني أسترجع ذكرياتي معهم، وخمن لم؟ لنفس السبب: لكوني مُحجبة! أحد كتاب الفيس بوك المشهورين، كتب مرة على صفحته بمنتهى الفجاجة أنه يرى أن كل مُحجبة متخلفة! هكذا قالها وأعلنها، ولم يستطع حجبها بداخله كآخرين.. نهلل بأننا مع الحريات ونستطيع تقبل الآخر، نختذل حرية المرأة في الحجاب؛ فإذا قررت خلعه ووضع صورتها على بروفايلها بدونه، باركنا لها على هذه الخطوة الجريئة، وازداد احترامنا لها على أنها أصبحت أكثر تحضراً، حتى تقع في مشكلة حقيقية ما، كأن تُعتقل مثلا فُنعطي لها قفانا ولا نحاول الوقوف بجانبها! أقف أمام أفعال هؤلاء متساءلة: ما هو الشىء الذي يربط قراري الشخصي بارتداء الحجاب وقناعاتي في كونه فرضا أم لا، باحترام الناس لي وتصنيفي كأكثر ثقافة وتفتحا؟! وما علاقة ارتدائي الحجاب أو خلعه بالألف مبروك! فلا أجد إجابة تشفيني! من يوهمون أنفسهم بأن القرآن حكر لتفسيرهم وحدهم ويبغضون الآخر، يريدونك أن تصبح مثلهم، ولا يرضون عنك حتى تتبع مذهبهم، هكذا مُدعو التحرر الذين تراهم في أبهى صورهم مع المُتفقين معهم في الرأي وأسلوب الحياة، أما إن اختلفتِ معهم في قضية الحجاب وكنتِ محجبة، فستجدين هذه الشخصيات المرحة تتحول لشخصيات متغطرسة تغيب عنها حتى الابتسامة تحاول دفعك دفعا لأن تتحول أفكارك جميعها كما يتمنون كمدعي الفضيلة بالضبط وبدعوى الحرام أيضا! فحرام بنت مثقفة مثلِك لا تكون أكثر تحررا ولديها بقايا تخلف عقلي كالحجاب مثلا وأشياء أخرى! حان الوقت لنعترف أن مجتمعنا جميعه -إلا من رحم ربي- لا يعرف كيف يتقبل الآخر أيا كانت أيدولوجياته وأفكاره، لا يعرف كيف يختلف دون أن يبني حواجز بينه وبين من يختلف معه، فكلنا حين نتعصب لأفكارنا نظن أنها منهجا من السماء لا يجب أن يختلف معنا فيه أحد، وإلا غيرنا معاملاتنا معه، وضغطنا عليه بشتى الطرق لكي يصبح مثلنا، كي يكتمل حبنا له! أتذكر صديقة قديمة سلفية، وهي تدعوني لارتداء النقاب مُقتنعة أن كل رجل ينظر لوجهي يُشيًّلني ذنباً، وتارة أُخرى تسخر مني لارتدائي الألوان الفاتحة! وصديقة أُخرى رأتني مُصادفة، فمدت يدها محاولة فك أزرار معطفا كنت أرتديه ناظرة لحجابي مُستنكرة قائلة: يا بنتي فكيها شوية.. فكيها شوية مش كدة! أقف بين الموقفين حائرة.. أسأل نفسي: هل يمكن أن يأتي علينا الوقت الذي سندع فيه الخلق فعلا للخالق! | |
| |