1- لَعْنَةٌ مُتوارثَة
أَرْضٌ عجوزٌ
مُضَرَّجَةٌ بالخيباتِ
تَهْذِي
كَصريرِ ريحٍ
تائهةٍ
عَبْرَ تاريخٍ طويلٍ للضياعِ
وهي تَعْقِدُ بالأمواجِ
جَدائِلَها
المتساقطةِ كالعهودِ
التاليةِ قَبْلَ الأولَى :
لَقَد تَرَمَّدَ
تَحْتَ أَخْمَصِ الدَّهْرِ
عُمْرُكَ المنْهوبُ
بَين شطآنٍ تَحْتَضِرُ
ورُموُز جَهْلٍ مَقيتٍ
تَذْروهَا
كُثْبانٌ مُتَحَرِّكَةٌ من الجشعِ
مِثْلَ أَوْرامٍ سَرَطانِيَّةٍ
مُسْتَفْحِلَةٍ
بِسَعْيِها الخَبيثِ.
إن لم ترضَ بالذُّلِّ
لَنْ تَشْفَعَ لَكَ
آلهةُ الخرابِ!
لهذا سَتَغْمُرُكَ اللَّعنةُ
التي صَلَبَتْ جُثَثَنا
حينَ شَنَقُوا رحمةَ الهَواءِ
وَسْط عَويلِ الحُرِّيَّة
وَهِيَ تُغْتَصَبُ
بَيْن أَحْداقِ مُصَلِّينَ
تَحْتَ رَمادِ العدالَةِ
وبُرادَةِ الصَّبْرِ.
..........
لَقْد سَمَّمُوا قَلَقَنا
بِزْرنِيخِ عَهْدٍ لَقيطٍ
عَبْرَ تَصْفِيةٍ عَمياءَ
بِثورَةِ العَفَن.
.........
لَعْنَةٌ
مُتوارثَةٌ
غائِرَةٌ في أنفاسِكَ
المُتَكَسِّرَة
لَمْ تَتْرُك سوى
تَرَسُّباتٍ قاسيةٍ
مُتَحَجِّرةٍ
في قَعْرِ نَفْسٍ قاحِلَةٍ
وأشواكٍ فولاذِيَّةٍ
تُطارِدُ رَوحَكَ
المُتَعَرِّيَةَ
مِنْ جَسَدٍ تُرابِيٍّ
خاضِعٍ للخديعةِ دوماً
يَمْتَصُّهُ قَبْرٌ مُعْتِمٌ
بالمَوْتِ والطُّغيان
.....
لَنْ تُبْصِرَ شَيْئاً
إلا
صَواعِقَ شُؤْمٍ ساخِطٍ
تُمَزِّقُ أَسْرابَ الظَّلامِ
وَلْن تَحْمِلَكَ
ذَرّاتُ غبارِ أَرْضٍ
مباعَةٍ
كَدِمائِكُمُ الَّرخيصَةُ.
.........
تِيهِ
أيُّها التائِهُ
عَبْرَ الضّياعِ
فَلَنْ
تَبْحَثَ عَنْكَ رُوحُكَ
والمْوتُ بارقٌ
في عَيْنَيْكَ
كَسَيفِ بُهْتانٍ
يَتَراقَصُ
عَلَى مِنَصَّةِ إعدامٍ
بِاسْمِ سَماءٍ
مُحتكرةٍ.
لَقَد
أَهلَكْتْنا الخَديعَةُ
وَزيفٌ يَتَجَلَّى
بَيْنَ أرِوقَةِ وجودِنا.
أَيُّها العالَمُ المُغَفَّلُ
الغارقُ في قَطْرَةِ بلاءٍ
لن يَحْمِيك قانونٌ
يَمْضَغُ أحلامَكَ
اللَّينة!
خُذْ هَذا، عُوْدُ ثِقَابٍ
أُغْرُبْ عَنْ ضَريحِي
وامْسَحْ عَنْ عَينيْك َالمثقوبتينِ بالفَراغِ
طريقكَ الموحِشَ
المُعَبّدُ بالأوهامِ.
ارْحَلْ بعيداً
عَنْ مساقِطِ دِمائِي
وانْظُر
لمخاضِ فَجْرِكَ
يَنْقَشِعُ بَعيداً
في اللامَكَان.
..........
2- مَسْخُ الخَيَال
مُخَيِّلَةٌ مَمْسوخَةٌ
يَنْخُرُها جَرَبُ أَزْمانٍ
خَارِجَةٍ مِنْ تَحْتِ التِّلالِ
بِحَيْثُ تَنْبُتُ حَوْلَهَا
أَسَاطِيرُ خَرَفٍ شامِخٍ
تَرَعْرَعَ في الجُنونِ
وسَقَطَ في بَحْرِ
إِسْمِنْت.
مُخَيِّلَةٌ مَمسوخَةٌ
يُطْرِبُنا فَحيحُها بِأَغانٍ كابوسِيَّةٍ
يُطْرِبُنا وهِيَ
تَلْعَقُ نُجومَ أَكْتافٍ وَعِرَةٍ
فَيَلْمَعُ مَعْدَنٌ أَكْثَرُ بَخْساً
مِنْ تَنْصيبِ جَراثِيمٍ
تَشْفُطُ بِخَراطيمِهَا
دِماءَ شَعْبٍ جَديدْ.
بَيْنَما
جَهْلٌ يَنْزَلِقُ
خَلْفَنا
كَلُعابِ ضَبْعٍ غادِرٍ
يَلْهَثُ
خَلْفَ آثارِ قُلوبِنَا
ويُسَيِّجُ حَناجِرَنَا بالسَّعيرْ.
بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضاً
كَيْفَ لَنَا
أَنْ نَعْتَرِفَ بِنُطْفَةِ زَمَنٍ
يُنْصِتُ كَأَطْرشٍ أَعْمَى
لِنشيدِ ظِلالِنا
ظِلالُنا المُتَسَرْمِدَةِ في الخلُود ؟
ثُمَّ كَيْفَ وهُوَ يَنْهَقُ
نَهيقاً مَسْعوراً
حَيْثُ يَتَلاطَمُ صَداهُ
بيْنَ المنابِرِ
حَتَّى تَعْلِكُهُ جَيِّداً
بَهائِمُ مُسْتَحْدَثَةٌ تَسْحَبُ أذَنابَها
الميتافِيزيقِيَّةِ
نَحْوَ صَوْلَجانٍ مَوْبوء.
لَقَدْ غَرْبَلُوا كُلَّ مكَانٍ
و جَهِلُوا اللامكان
لِهَذا
لَنْ يَعْثُروا عَلَيْنَا
أَبَداً
لِأَنَّ
القَلْبَ كَوكَبُ الجَسَدِ
والرُّوحُ الطَّريدَةُ
تَعْبُرُ أَكْواناً
تَتَخَطَّى سَماواتٍ
بِلا أَثَر.
3- منطق المنطق
بأَيِّ مَنْطِقٍ
عَباقِرَةُ اللَّيْلِ
بَهائِمُ النَّهارِ
وما سَبَق حوافِرُها
مِن أَيَّام؟
بِأَيِّ مَنْطِقٍ
لِعْقل أَيِّ مَخْلوقٍ
أوْ مَنْ لَمْ يُخْلَقْ:
لُعْبَةُ طِفْلٍ مُصادَرَة
تُزَلْزِلُ ثلاثَةَ مُدُنٍ
بَعْدَما
تَنْفُثُ حَديداً وزُجاجَاً
و تَدْلُقُ حَماقاتٍ رُكَامِيَّةٍ
عَلى طَبَقِ فَناءٍ مَحْسومٍ؟
بِأَيِّ مَنْطِقٍ
أَنْ يَكونَ لِلمنْطِقِ مَنْطِقٌ
مَادامَ الحاضِرُ لا وَجودَ لَهُ
وغَثيثُ الماضِي
جاثِمٌ
لَمْ يَمْضِ بَعَدْ.
4- صحراء
بِحُجَّةِ
أوراقٍ مُتَسلِّطَةٍ
اعَتَقلُوا
أَشْلاءَ ضَحاياهُم
تَرَكُوا ظِلالَهُمُ
القاتِمَة بِكُفْرِها
وفسوقِها المُخلِصِ
تَلْعَقُ عِظامَنَا
المُتَفَحَّمَةَ
وَقَدْ
دَفَنتْها الكلابُ.
على صحراءَ
مجردةٍ
من أيِّ رغبةٍ
في الوجودِ
نُثِرت
بذور الفِتْنَةِ
بين أرواحٍ
تَحْضِنُ قلوباً
محتقنةً. -